المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الــلّـــــــــــــــــــــحْم .


الهيثم
2008-01-12, 09:20
قال الله تعالى : " وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون " [ الطور : 22 ] . وقال : " ولحم طير مما يشتهون " [ الواقعة : 21 ] .

وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيد طعام أهل الدنيا ، وأهل الجنة اللحم " . ومن حديث بريدة يرفعه : " خير الإدام في الدنيا والآخرة اللحم " .

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم : " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " . والثريد : الخبز واللحم ، قال الشاعر :

إذا ما الخبز تأدمه بلحم فذاك أمانة الله الثريد

وقال الزهري : أكل اللحم يزيد سبعين قوة . وقال محمد بن واسع : اللحم يزيد في البصر ؟ ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كلوا اللحم فإنة يصفي اللون ويخمص البطن ، ويحسن الخلق وقال نافع : كان ابن عمر إذا كان رمضان لم يفته اللحم ، وإذا سافر لم يفته اللحم ، ويذكر عن علي : من تركه أربعين ليلة ساء خلقه .

وأما حديث عائشة رضي الله عنها ، الذي رواه أبو دواد مرفوعاً : " لا تقطعوا اللحم بالسكين ، فإنه من صنيع الأعاجم ، وانهسوه ، فإنه أهنأ وأمرأ " . فرده الإمام أحمد بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قطعه بالسكين في حديثين ، وقد تقدما .

واللحم أجناس يختلف باختلاف أصوله وطبائعه ، فنذكر حكم كل جنس وطبعه ومنفعته ومضرته .

لحم الضأن : حار في الثانية ، رطب في الأولى ، جيده الحولي ، يولد الدم المحمود القوي لمن جاد هضمه ، يصلح لأصحاب الأمزجة الباردة والمعتدلة ، ولأهل الرياضات التامة في المواضع والفصول الباردة ، نافع لأصحاب المرة السوداء ، يقوي الذهن والحفظ . ولحم الهرم والعجيف رديء ، وكذلك لحم النعاج ، وأجوده : لحم الذكر الأسود منه ، فإنه أخف وألذ وأنفع ، والخصي أنفع وأجود ، والأحمر من الحيوان السمين أخف وأجود غذاء ، والجذع من المعز أقل تغذية ، ويطفو في المعدة .

وأفضل اللحم عائذه بالعظم ، والأيمن أخف وأجود من الأيسر ، المقدم أفضل من المؤخر ، وكان أحب الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمها ، وكل ما علا منه سوى الرأس كان أخف وأجود مما سفل ، وأعطى الفرزدق رجلاً يشتري له لحماً وقال له: خذ المقدم ، وإياك والرأس والبطن ، فإن الداء فيهما . ولحم العنق جيد لذيذ ، سريع الهضم خفيف ، ولحم الذراع أخف اللحم وألذه وألطفه وأبعده من الأذى ، وأسرعه انهضاماً .

وفي الصحيحين : أنه كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولحم الظهر كثير الغذاء ، يولد دماً محموداً . وفي سنن ابن ماجه مرفوعاً : " أطيب اللحم لحم الظهر " .

لحم المعز : قليل الحرارة ، يابس ، وخلطه المتولد منه ليس بفاضل وليس بجيد الهضم ، ولا محمود الغذاء . ولحم التيس رديء مطلقاً ، شديد اليبس ، عسر الإنهضام ، مولد للخلط السوداوي .

قال الجاحظ : قال لي فاضل من الأطباء : يا أبا عثمان ! إياك ولحم المعز ، فإنه يورث الغم ، ويحرك السوداء ، ويورث النسيان ، ويفسد الدم ، وهو والله يخبل الأولاد .

وقال بعض الأطباء : إنما المذموم منه المسن ، ولا سيما للمسنين ، ولا رداءة فيه لمن اعتاده . وجالينوس جعل الحولي منه من الأغذية المعتدلة المعدلة للكيموس المحمود ، وإناثه أنفع من ذكوره .

وقد روى النسائي في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أحسنوا إلى الماعز وأميطوا عنها الأذى فإنها من دواب الجنة " وفي ثبوت هذا الحديث نظر . وحكم الأطباء عليه بالمضرة حكم جزئي ليس بكلي عام ، وهو بحسب المعدة الضعيفة ، والأمزجة الضعيفة التي لم تعتده ، واعتادت المأكولات اللطيفة ، وهؤلاء أهل الرفاهية من أهل المدن ، وهم القليلون من الناس .

لحم الجدي : قريب إلى الإعتدال ، خاصة ما دام رضيعاً ، ولم يكن قريب العهد بالولادة ، وهو أسرع هضماً لما فيه من قوة اللبن ، ملين للطبع ، موافق لأكثر الناس في أكثر الأحوال ، وهو ألطف من لحم الجمل ، والدم المتولد عنه معتدل .

لحم البقر : بارد يابس ، عسر الإنهضام ، بطيء الإنحدار ، يولد دماً سوداوياً ، لا يصلح إلا لأهل الكد والتعب الشديد ، ويورث إدمانه الأمراض السوداوية ، كالبهق والجرب ، والقوباء والجذام ، وداء الفيل ، والسرطان ، والوسواس ، وحمى الربع ، وكثير من الأورام، وهذا لمن لم يعتده ، أو لم يدفع ضرره بالفلفل والثوم والدارصيني ، والزنجبيل ونحوه ، وذكره أقل برودة ، وأنثاه أقل يبساً . ولحم العجل ولا سيما السمين من أعدل الأغذية وأطيبها وألذها وأحمدها ، وهو حار رطب ، وإذا انهضم غذى غذاء قوياً .

لحم الفرس : ثبت في الصحيح عن أسماء رضي الله عنها قالت : نحرنا فرساً فأكلناه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أذن في لحوم الخيل ، ونهى عن لحوم الحمر أخرجاه في الصحيحين .

ولا يثبت عنه حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - أنه نهى عنه . قاله أبو داود وغيره من أهل الحديث .

واقترانه بالبغال والحمير في القرآن لا يدل على أن حكم لحمه حكم لحومها بوجه من الوجوه ، كما لا يدل على أن حكمها في السهم في الغنيمة حكم الفرس ، والله سبحانه يقرن في الذكر بين المتماثلات تارة ، وبين المختلفات ، وبين المتضادات ، وليس في قوله : " لتركبوها " [ النحل : 8 ] ، ما يمنع من أكلها ، كما ليس فيه ما يمنع من غير الركوب من وجوه الإنتفاع ، وإنما نص على أجل منافعها ، وهو الركوب ، والحديثان في حلها صحيحان لا معارض لهما ، وبعد : فلحمها حار يابس ، غليظ سوداوي مضر لا يصلح للأبدان اللطيفة .

لحم الجمل : فرق ما بين الرافضة وأهل السنة ، كما أنه أحد الفروق بين اليهود وأهل الإسلام ، فاليهود والرافضة تذمه ولا تأكله ، وقد علم بالإضطرار من دين الإسلام حله ، وطالما أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حضراً وسفراً .

ولحم الفصيل منه من ألذ اللحوم وأطيبها وأقواها غذاء ، وهو لمن اعتاده بمنزلة لحم الضأن لا يضرهم البتة ، ولا يولد لهم داء ، وإنما ذمه بعض الأطباء بالنسبة إلى أهل الرفاهية من أهل الحضر الذين لم يعتادوه ، فإن فيه حرارة ويبساً ، وتوليداً للسوداء ، وهو عسر الإنهضام ، وفيه قوة غير محمودة ، لأجلها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء من أكله في حديثين صحيحين لا معارض لهما ، ولا يصح تأويلهما بغسل اليد ، لأنه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه صلى الله عليه وسلم ، لتفريقه بينه وبين لحم الغنم ، فخير بين الوضوء وتركه منها ، وحتم الوضوء من لحوم الإبل . ولو حمل الوضوء على غسل اليد فقط ، لحمل على ذلك في قوله : " من مس فرجه فليتوضأ " .

وأيضاً : فإن آكلها قد لا يباشر أكلها بيده بأن يوضع في فمه ، فإن كان وضؤوه غسل يده ، فهو عبث ، وحمل لكلام الشارع على غير معهوده وعرفه ، ولا يصح معارضته بحديث : " كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار " لعدة أوجه :

أحدها : أن هذا عام ، والأمر بالوضوء ، منها خاص .

الثاني : أن الجهة مختلفة ، فالأمر بالوضوء منها بجهة كونها لحم إبل سواء كان نيئاً ، أو مطبوخاً ، أو قديداً ، ولا تأثير للنار في الوضوء وأما ترك الوضوء مما مست النار ، ففيه بيان أن مس النار ليس بسبب للوضوء ، فأين أحدهما من الآخر ؟ هذا فيه إثبات سبب الوضوء ، وهو كونه لحم إبل ، وهذا فيه نفي لسبب الوضوء ، وهو كونه ممسوس النار ، فلا تعارض بينهما بوجه .

الثالث : أن هذا ليس فيه حكاية ولفظ عام عن صاحب الشرع ، وإنما هو إخبار عن واقعة فعل في أمرين ، أحدهما : متقدم على الآخر ، كما جاء ذلك مباين في نفس الحديث ، أنهم قربوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لحماً ، فأكل ، ثم حضرت الصلاة ، فتوضأ فصلى ، ثم قربوا إليه فأكل ، ثم صلى ، ولم يتوضأ ، فكان آخر الأمرين منه ترك الوضوء مما مست النار ، هكذا جاء الحديث ، فاختصره الراوي لمكان الإستدلال ، فأين في هذا ما يصلح لنسخ الأمر بالوضوء منه ، حتى لو كان لفظاً عاماً متأخراً مقاوماً ، لم يصلح للنسخ ، ووجب تقديم الخاص عليه ، وهذا في غاية الظهور .

لحم الضب : تقدم الحديث في حله ، ولحمه حار يابس ، يقوي شهوة الجماع .

لحم الغزال : الغزال أصلح الصيد وأحمده لحماً ، وهو حار يابس ، وقيل : معتدل جداً ، نافع للأبدان المعتدلة الصحيحة ، وجيده الخشف .

لحم الظبي : حار يابس في الأولى ، مجفف للبدن ، صالح للأبدان الرطبة . قال صاحب القانون : وأفضل لحوم الوحش لحم الظبي مع ميله إلى السوداوية .

لحم الأرانب : ثبت في الصحيحين : عن أنس بن مالك قال أنفجنا أرنباً فسعوا في طلبها ، فأخذوها ، فبعث أبو طلحة بوركها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله .

لحم الأرنب : معتدل إلى الحرارة واليبوسة ، وأطيبها وركها ، وأحمده أكل لحمها مشوياً ، وهو يعقل البطن ، ويدر البول ، ويفتت الحصى ، وأكل رؤوسها ينفع من الرعشة .

لحم حمار الوحش : ثبت في الصحيحين : من حديث أبي قتادة رضي الله عنه ، أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض عمره ، وأنه صاد حمار وحش ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأكله وكانوا محرمين ، ولم يكن أبو قتادة محرماً .

وفي سنن ابن ماجه : عن جابر قال : أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش .

لحمه حار يابس ، كثير التغذية ، مولد دماً غليظاً سوداوياً ، إلا أن شحمه نافع مع دهن القسط لوجع الظهر والريح الغليظة المرخية للكلى ، وشحمه جيد للكلف طلاء ، وبالجملة فلحوم الوحوش كلها تولد دماً غليظاً سوداوياً وأحمده الغزال ، وبعده الأرنب .

لحوم الأجنة : غير محمودة لاحتقان الدم فيها ، وليست بحرام ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " ذكاة الجنين ذكاة أمه " .

ومنع أهل العراق من أكله إلا أن يدركه حياً فيذكيه ، وأولوا الحديث على أن المراد به أن ذكاته كذكاة أمه . قالوا : فهو حجة على التحريم ، وهذا فاسد ، فإن أول الحديث أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ! نذبح الشاة ، فنجد في بطنها جنيناً أفنأكله ؟ فقال : " كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه " .

وأيضاً : فالقياس يقتضي حله ، فإنه ما دام حملاً فهو جزء من أجزاء الأم ، فذكاتها ذكاة لجميع أجزائها ، وهذا هو الذي أشار إليه صاحب الشرع بقوله : ذكاته ذكاة أمه كما تكون ذكاتها ذكاة سائر أجزائها ، فلو لم تأت عنه السنة الصريحة بأكله ، لكان القياس الصحيح يقتضي حله .

لحم القديد : في السنن من حديث ثوبان رضي الله عنه قال : ذبحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة ونحن مسافرون ، فقال : " أصلح لحمها " فلم أزل أطعمه منه إلى المدينة .

القديد : أنفع من النمكسود ، ويقوي الأبدان ، ويحدث حكة ، ودفع ضرره بالأبازير الباردة الرطبة ، ويصلح الأمزجة الحارة والنمكسود : حار يابس مجفف ، جيده من السمين الرطب ، يضر بالقولنج ، ودفع مضرته طبخه باللبن والدهن ، ويصلح للمزاج الحار الرطب .

s.kheiro
2008-01-12, 16:32
شكرا أخي عبدو على الموضوع,
فهو جيد من الناحية التاريخية, ولكن من الناحية العلمية , كان من الأحسن أن تعتمد على الكتب الحديثة في علوم التغذية,فالغذاء لايعرف بأنه حار أو بار د , هذه تعريفات قديمة.
ولكن علم التغذية الآن يعرف الغذاء بنسبة المواد التي يحتويها من دهون وسكريات وفيتامينات,...

واللحم الآن أصبح أكبر مسبب لما يعرف بإرتفاع الدهون في الدم // الكوليستول//.
فأرجو تسليط الضوء على هذا الجانب , وشكرا مرة أخرى.