تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ومضى عـــــــــــــــام وأقبل عـــــام


ليتيم مراد
2008-01-09, 09:10
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ،ومن يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمد عبده و رسوله صلى الله عليه وسلم …أما بعد.....

لقد وقفت أمام يوميتي لأنزع آخر ورقة بها ، آخر يوم من عمر العام المنصرم 1428هـ ، و على غير عادتي تثاقلت يدي هذه المرة و هي تمتد إليها ، و انتابني إحساس نبه في وجداني شعوراً ، ما كنت أعيره إهتماماً على مدى أكثر من 350 يوماً قد انتهت ، لقد أحسست بإشفاق عليها ، و قد تراءت لي كأنها تحتضر ، و ترنو إلى يدي في فزع وذل ، كأنها تطلب مني أن أمهلها لحظات تودّع فيها هذه الحياة ، فعدلت عن نزعها ، و رحت أتأمل هذه الورقة الأخيرة ، و اعترتني رهبة عندما عرفت أنني في الحقيقية بنزعها قد نزعت حزمة من أيام عمري ، لأطوي بها سجلي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، وبما فيها من خير وشر .

أخي الحبيب، إن هذه اليومية المحتضرة تشبه عمر أي مخلوق ، وإنها تتناقص أيامها مثلما تتناقص أعمارنا يوماً بعد يوم ، وكما يتناقص بتراكمات الحقب والسنين عمرُ الزمان ، وكل المخلوقات في تناقص مطرد حتى تنتهي إلى الزوال (كل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ، إن كل المخلوقات تنتهي أعمارها ، و تمضي حيث شاء الله لها ، و تطوى ، إلا هذا المخلوق (الإنسان) فإنه الوحيد الذي يبقى متبوعاً بعد رحيله من هذه الدنيا ، وموقوفاً للحساب والجزاء


عدت من ذهولي ، و أخذت استحث ذاكرتي القاصرة ، علّها تسترجع بعض ما رسب وعلق بها من أحداث العام المنصرم ، قبل أن تغمرها دوائر النسيان ، و وقفت طويلاً أستعرض ذلك الشريط الطويل (العمر) ، يا سبحان الله العظيم ، إنه شريط عجيب حقاً ، فقد اكتظ اكتظاظاً ، و أفعم إفعاماً ، لقد اكتظ بالحوادث المختلفة ، و الأحداث المتابينة ، و الأعمال الحقيرة والجليلة ، عنّي و عن غيري ممن لا حصر لهم ، من الذين مرّوا أمام عدسة هذا الشريط بالصوت والصورة .
لقد تذكرت هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما كان فيها من أحداث ، وما أحوجنا - أخي الحبيب – و نحن نستقبل عاماً هجرياً جديداً أن نعيش بقلوبنا و عقولنا و مشاعرنا وواقعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة و التى حوت على الكثير من الدروس والعبر منها على سبيل المثال لا الحصر ، قيمة الزمن وأهميته .
فلقد جاهد النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل الله حق الجهاد ، منذ أنزل الله عليه قوله تعالى : (يا أيها المدثر قم فأنذر و ربك فكبر ، و ثيابك فطهر) ، فكان صلى الله عليه وسلم يواصل الليل مع النهار و السر مع الإعلان ، و ما كان يخشى في الله لومة لائم ، و لا كان يردعه عن تبليغ الدعوة تهديد قريش و وعيدها .
و استجاب له منذ البداية صدّيق الأمة أبو بكر من الرجال ، و من الصبيان علي بن أبى طالب ، و من النساء زوجته خديجة بنت خويلد . و استجاب لأبى بكر :- عثمان بن عفان ، و طلحة بن عبيد الله ، و سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم .
و تعهد صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتربية و التعليم فكان يجمعهم في دار الأرقم بن أبي الأرقم فيعلمهم ما ينز ل عليه من القران الكريم ، و يأمرهم بحسن الأخلاق و يحذرهم من الفسق و الشرك و العصيان ، وكان صلى الله عليه وسلم قدوة لهم في جميع أقواله وافعاله.
و كان للوقت قيمة كبرى عندهم ، فكانوا يستغلون أوقاتهم في طاعة الله و في التزود من علم الرسول صلى الله عليه وسلم و فضله ، وكانت العقيدة في نفوسهم أهم من المال و الأهل و الولد ، و عندما خيّروا بين الوطن و القبيلة و رغد الحياة و بين خشونة العيش و الغربة و التشرد اختاروا صحبة رسول الله والهجرة في سيل الله .
لقد صدق الصحابة رضوان الله عليهم ما عاهدوا الله عليه ، و عندما ابتلاهم الله صبروا وضربوا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية ، و عندما نادى منادي الجهاد كانوا يتسابقون على الموت في سبيل الله ولسان حالهم يقول (وعجلتُ إليك ربي لترضى) .
و بعد ثلاثة عشر عاماً من البذل و التضحية أكرم الله جل وعلا محمداً صلى الله عليه وسلم و أصحابه رضي الله عنهم ،
بالنصر وجاءهم من جهة المدينة .
13 عاماً كانت محسوبة بأيامها و لياليها و ساعاتها .
13عاماً لا يهنأ المسلمون فيها بلذيذ الطعام والشراب ، و لا يصرفهم عن ذكر الله حب الدنيا و التثاقل إلى الأرض .
13 عاماً من العمل الجاد ، و التخطيط الدقيق ، والتربية الرائعة .

فأين نحن اليوم - أخي الحبيب - من سيرة الرسول وأصحابه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
لقد انسلخ عام كامل من أعمارنا .. انسلخ بثوانيه ودقائقه وساعاته و أيامه ، فماذا قدمنا فيه من أعمال صالحة ندخرها ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد .

أخي الحبيب، أن بداية العام الهجري الجديد فرصة لكل واحد منّا لكي يفتح صفحة جديدة مع الله عز و جل ، صفحة بيضاء نقية ، يعاهد الله فيها أن يسلك طريق الالتزام و الهداية ، يعاهد الله فيها أن يكون كتاب الله عز وجل جليسه ، و ذكر الله عز و جل أنيسه ، و قيام الليل و صيام النهار سبيله ، و الأخ الصالح في الله نديمه .
صفحة يعاهد الله فيها أن يترك كل معصية تبغضه ، و كل أغنية ماجنة من القرآن تحبسه ، و كل نظرة محرمة للقلب تقتله ، وكل جليس سيئ من الله يبعده .
بهذا و هذا وحده نحيي ذكرى الهجرة الشريفة ، و نحقق مقاصدها ، و هذا هو الفلاح الذي يدعونا إليه المؤذن خمس مرات في كل يوم عندما يدعونا إلى الوقوف بين يدي الله عز و جل .


هاهي أيامٌ من أعمارنا تُطوى..
وذنوبٌ قد خلت..لها الجبينُ يندى..
حياءً من الرحمن..فيا ليتها تُمحى..
تسعى كل نفس..ثم تُجزى بما تسعى..
من خُتم له بالخير..
فقد بورك المسعى..
قال الله:
( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى..
وأن سعيه سوف يُرى..
ثم يجزاه الجزاء الأوفى..)
فأحسن السعيَّ .. بالجنان تُجزى..
وتُبْ إلى الله من قبل أن تفنى..
فيا حسرة النفس..إذ القبور تُبنى..
وما لها من توبةٍ..عن عذاب الله تُغنيها..
** عامٌ بالأمس مضى..
وعامٌ في اليوم أتى..
وإنَّا لنفرح بالأيام نقطعها..
وكل يومٍ يُدني من الأجلِ..
فهل لنا في ذلك عبرةً وذكرى؟؟
يا مُعتبر..
للآخرة والله خيرٌ من الأولى..
فكن فطناً..( لا تبخس النفس حقها)..
قد مضى ما مضى..
فجدد العزم ..وحُثَّ الخُطى..
..( كل القلوب تظمأ)..
فإياك إن ظمئت..
بالذنب ترويها..!!
واعمل لدارٍ..
رضوان حارسها..
الجارُ أحمد..والرحمن بانيها..

ولا تنسى:
( طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيرا)..



اللهم أجعل عامنا القادم أفضل من عامنا الماضي بتوفيقنا لطاعتك و ترك معصيتك يا رب العالمين ، اللهم اجعل عامنا القادم فرصة لقبولنا في قافلة العائدين إليك والمنيبين إليك يا ذا الجلال و الإكرام ، و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

ZORRO__DZ
2008-01-09, 09:55
أولا عام سعيد لكل الأمة الإسلامية و الشعب الجزائر
ثانياً بــــــــــــــــارك الله فيك على الوقفة الجميلة جزاك الله ألف خيـــــــــــــــر