أبو زيد
2010-04-11, 17:33
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - :
( ... النَّاسُ إِذَا أُُرسِلَ إِلَيهِمُ الرُّسُلُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ : آمَنَّا ، وَإِمَّا أَنْ لا يَقُولَ ذلِكَ ؛ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى السَّيِّئاتِ وَالكُفْرِ ، فَمَن قَالَ : آمَنَّا امتَحَنَهُ رَبُّهُ وَابتَلاهُ وَفَتَنَهُ ، وَالفتِنَةُ : الابْتَلاءُ وَالاختِبَارُ ، لِيَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنَ الكَاذِبِ ، وَمَنْ لَم يَقُل : آمَنَّا فَلا يَحسِبُ أَنَّهُ يُعجِزُ اللهَ وَيَفُوتُهُ وَيَسبِقُهُ . فَمَن آمَنَ بِالرُّسُلِ وَأَطَاعَهُم عَادَاهُ أَعدَاؤُهُم وَآذَوْهُ وَابتُلِيَ بِمَا يُؤلِمُهُ ، وَمَن لَم يُؤمِن بِهِم ، وَلَم يُطِعهُم عُوقِبَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَحَصَلَ لَهُ مَا يُؤلِمُهُ ، وَكَانَ هذَا الأَلَمُ أَعظَمَ وأََدوَمَ مِن أَلَمِ اتِّباعِهم .
فَلا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الأَلَمِ لِكُلِّ نَفسٍ آمَنَت أَو رَغِبَت عَنِ الإِيمَانِ ، لكِنَّ المُؤمِنَ يَحصُلُ لَهُ الأَلَمُ فِي الدُّنيَا ابتِدَاءً ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العَاقِبَةُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَالمُعرِضُ عَنِ الإِيمَانِ تَحصُلُ لَهُ اللَّذَّةُ ابتِدَاءَاً ، ثُمَّ يَصِيرُ فِي الأَلَمِ الدَّائِمِ .
وَالإِنسَانُ لا بُدَّ أَن يَعِيشَ مَعَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ لَهُم إِرَادَاتٌ وَتَصَوُّرَاتٌ ، فَيَطلُبُون مِنهُ أَن يُوَافِقَهُم عَلَيهَا ، وإنْ لَمْ يُوَافِقْهُم آذَوْهُ وَعَذَّبُوهُ ، وَإنْ وَافَقَهُم حَصَلَ لَهُ العَذَابُ تَارَةً مِنهُمْ ، وَتَارَةً مِنْ غَيرِِهِم ، كَمَنْ عِندَهُ دِيْنٌ وتُقَىً حَلَّ بَينَ قَومٍ فُجَّارٍ ظَلَمَةٍ ، لا يَتَمَكَّنُونَ مِن فُجُورِِهِم وَظُلمِهِم إِلا بِمُوَافَقَتِهِ لَهُم أَوْ سُكُوتِهِ عَنهُمْ ، فَإِنْ وَافَقَهُم أَوْ سَكَتَ عَنهُمْ سَلِمَ مِنْ شَرِّهِم فِي الابتِدَاءِ ، ثُمَّ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيهِ بِالإِهَانَةِ وَالأَذَى أَضعَافَ مَا كَانَ يَخَافُهُ ابتِدَاءَاً لَوْ أَنكَرَ عَلَيهِم وَخَالَفَهُم ، وَإِنْ سَلِمَ مِنهُم فَلا بُدَّ أَنْ يُهَانَ وَيُعَاقَبَ عَلَى يَدِ غَيرِِهِمْ .
فَالْحَزْمَ كُلَّ الحَزْمِ بِمَا قَالَتْ أُمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - لِمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - : " مَنْ أَرضَى اللهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مَؤُونَةَ النَّاسِ ، وَمَنْ أَرضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ لَم يُغْنُوا مِنَ اللهِ شيئاً ".
فَمَن هَدَاهُ اللهُ وَأَلهَمَهُ رُشْدَه وَوَقَاهُ شَرَّ نَفسِهِ امتَنَعَ مِنَ المُوَافَقَةِ عَلَى فِعلِ المُحَرَّمِ ، وَصَبََرَ عَلَى عَدَاوَتِهم ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العَاقِبَةُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، كَمَا كَانَت لِلرُّسُلِ وَأَتبَاعِهِمْ .
ثُمَّ أَخبَرَ - تَعَالَى - عَن حَالِ الدَّاخِلِ فِي الإِيمَانِ بِلا بَصِيرَةٍ ، وَأَنَّهُ إِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتنَةَ النَّاسِ لَهُ ، وَهِيَ أَذَاهُم وَنَيْلُهم إِيَّاهُ بِالمَكرُوهِ ، وَهُوَ الأَلَمُ الَّذِي لا بُدَّ أَن يَنَالَ الرُّسُلَ وَأَتبَاعَهُم مِمَّنْ خَالَفَهُم ، جَعَلَ ذلِكَ فِي فِرَارِهِ مِنهُ وَتَركِهِ السَّبَبَ الَّذِي يَنَالُهُ بِهِ : كَعَذَابِ اللهِ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ المُؤمِنُونَ بِالإِيمَانِ .
فَالمُؤمِنُونَ لِكَمَالِ بَصِيرَتِهِم فَرُّوا مِنْ أَلَمِ عَذَابِ اللهِ إِلَى الإِيمَانِ ، وَتَحَمَّلُوا مَا فِيهِ مِنَ الأَلَمِِ الزَّائِلِ المُفَارقِ عَنْ قُربٍ ، وَهذَا لِضَعفِ بَصِيرَتِهِ فَرَّ مِن أَلَمِ أَعدَاءِ الرُّسُلِ إِلَى مُوَافَقَتِهم وَمُتَابَعَتِهِم ، فَفَرَّ مِنْ أَلَمِ عَذَابِهِم إِلَى أَلَمِ عَذَابِ اللهِ ، فَجَعَلَ أَلَمَ فِتنَةِ النَّاسِ فِي الفِرَارِ مِنهُ بِمَنزِلَةِ عَذَابِ اللهِ .
وُغُبِنَ كُلَّ الغُبنِ إِذ استَجَارَ مِنَ الرَّمضَاءِ بِالنَّارِِ ، وَفَرَّ مِنْ أَلَمِ سَاعَةٍ إِلَى أَلَم ِالأَبَدِ ، وَإِذَا نَصَرَ اللهُ جُنْدَهُ وَأَولِيَاءَهُ قَالَ : إِنِّي كُنْتُ مَعَكُم ، وَاللهُ أَعلَمُ بِمَا انْطَوَى عَلَيهِ صَدْرُهُ مِنَ النِّفَاقِ ... ) انتهى .
نَقلاً مِن كِتَابِ (فَتْحِ المَجِيدِ) لِلعَلامَةِ الشَّيخِ الإِمَامِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ حَسَنٍ آلِ الشَّيخِ - رَحِمَهُ اللهُ - عِندَ قَولِهِ - تَعَالَى - : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ "
منقول
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - :
( ... النَّاسُ إِذَا أُُرسِلَ إِلَيهِمُ الرُّسُلُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ : آمَنَّا ، وَإِمَّا أَنْ لا يَقُولَ ذلِكَ ؛ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى السَّيِّئاتِ وَالكُفْرِ ، فَمَن قَالَ : آمَنَّا امتَحَنَهُ رَبُّهُ وَابتَلاهُ وَفَتَنَهُ ، وَالفتِنَةُ : الابْتَلاءُ وَالاختِبَارُ ، لِيَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنَ الكَاذِبِ ، وَمَنْ لَم يَقُل : آمَنَّا فَلا يَحسِبُ أَنَّهُ يُعجِزُ اللهَ وَيَفُوتُهُ وَيَسبِقُهُ . فَمَن آمَنَ بِالرُّسُلِ وَأَطَاعَهُم عَادَاهُ أَعدَاؤُهُم وَآذَوْهُ وَابتُلِيَ بِمَا يُؤلِمُهُ ، وَمَن لَم يُؤمِن بِهِم ، وَلَم يُطِعهُم عُوقِبَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَحَصَلَ لَهُ مَا يُؤلِمُهُ ، وَكَانَ هذَا الأَلَمُ أَعظَمَ وأََدوَمَ مِن أَلَمِ اتِّباعِهم .
فَلا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الأَلَمِ لِكُلِّ نَفسٍ آمَنَت أَو رَغِبَت عَنِ الإِيمَانِ ، لكِنَّ المُؤمِنَ يَحصُلُ لَهُ الأَلَمُ فِي الدُّنيَا ابتِدَاءً ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العَاقِبَةُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَالمُعرِضُ عَنِ الإِيمَانِ تَحصُلُ لَهُ اللَّذَّةُ ابتِدَاءَاً ، ثُمَّ يَصِيرُ فِي الأَلَمِ الدَّائِمِ .
وَالإِنسَانُ لا بُدَّ أَن يَعِيشَ مَعَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ لَهُم إِرَادَاتٌ وَتَصَوُّرَاتٌ ، فَيَطلُبُون مِنهُ أَن يُوَافِقَهُم عَلَيهَا ، وإنْ لَمْ يُوَافِقْهُم آذَوْهُ وَعَذَّبُوهُ ، وَإنْ وَافَقَهُم حَصَلَ لَهُ العَذَابُ تَارَةً مِنهُمْ ، وَتَارَةً مِنْ غَيرِِهِم ، كَمَنْ عِندَهُ دِيْنٌ وتُقَىً حَلَّ بَينَ قَومٍ فُجَّارٍ ظَلَمَةٍ ، لا يَتَمَكَّنُونَ مِن فُجُورِِهِم وَظُلمِهِم إِلا بِمُوَافَقَتِهِ لَهُم أَوْ سُكُوتِهِ عَنهُمْ ، فَإِنْ وَافَقَهُم أَوْ سَكَتَ عَنهُمْ سَلِمَ مِنْ شَرِّهِم فِي الابتِدَاءِ ، ثُمَّ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيهِ بِالإِهَانَةِ وَالأَذَى أَضعَافَ مَا كَانَ يَخَافُهُ ابتِدَاءَاً لَوْ أَنكَرَ عَلَيهِم وَخَالَفَهُم ، وَإِنْ سَلِمَ مِنهُم فَلا بُدَّ أَنْ يُهَانَ وَيُعَاقَبَ عَلَى يَدِ غَيرِِهِمْ .
فَالْحَزْمَ كُلَّ الحَزْمِ بِمَا قَالَتْ أُمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - لِمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - : " مَنْ أَرضَى اللهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مَؤُونَةَ النَّاسِ ، وَمَنْ أَرضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ لَم يُغْنُوا مِنَ اللهِ شيئاً ".
فَمَن هَدَاهُ اللهُ وَأَلهَمَهُ رُشْدَه وَوَقَاهُ شَرَّ نَفسِهِ امتَنَعَ مِنَ المُوَافَقَةِ عَلَى فِعلِ المُحَرَّمِ ، وَصَبََرَ عَلَى عَدَاوَتِهم ، ثُمَّ تَكُونُ لَهُ العَاقِبَةُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، كَمَا كَانَت لِلرُّسُلِ وَأَتبَاعِهِمْ .
ثُمَّ أَخبَرَ - تَعَالَى - عَن حَالِ الدَّاخِلِ فِي الإِيمَانِ بِلا بَصِيرَةٍ ، وَأَنَّهُ إِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتنَةَ النَّاسِ لَهُ ، وَهِيَ أَذَاهُم وَنَيْلُهم إِيَّاهُ بِالمَكرُوهِ ، وَهُوَ الأَلَمُ الَّذِي لا بُدَّ أَن يَنَالَ الرُّسُلَ وَأَتبَاعَهُم مِمَّنْ خَالَفَهُم ، جَعَلَ ذلِكَ فِي فِرَارِهِ مِنهُ وَتَركِهِ السَّبَبَ الَّذِي يَنَالُهُ بِهِ : كَعَذَابِ اللهِ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ المُؤمِنُونَ بِالإِيمَانِ .
فَالمُؤمِنُونَ لِكَمَالِ بَصِيرَتِهِم فَرُّوا مِنْ أَلَمِ عَذَابِ اللهِ إِلَى الإِيمَانِ ، وَتَحَمَّلُوا مَا فِيهِ مِنَ الأَلَمِِ الزَّائِلِ المُفَارقِ عَنْ قُربٍ ، وَهذَا لِضَعفِ بَصِيرَتِهِ فَرَّ مِن أَلَمِ أَعدَاءِ الرُّسُلِ إِلَى مُوَافَقَتِهم وَمُتَابَعَتِهِم ، فَفَرَّ مِنْ أَلَمِ عَذَابِهِم إِلَى أَلَمِ عَذَابِ اللهِ ، فَجَعَلَ أَلَمَ فِتنَةِ النَّاسِ فِي الفِرَارِ مِنهُ بِمَنزِلَةِ عَذَابِ اللهِ .
وُغُبِنَ كُلَّ الغُبنِ إِذ استَجَارَ مِنَ الرَّمضَاءِ بِالنَّارِِ ، وَفَرَّ مِنْ أَلَمِ سَاعَةٍ إِلَى أَلَم ِالأَبَدِ ، وَإِذَا نَصَرَ اللهُ جُنْدَهُ وَأَولِيَاءَهُ قَالَ : إِنِّي كُنْتُ مَعَكُم ، وَاللهُ أَعلَمُ بِمَا انْطَوَى عَلَيهِ صَدْرُهُ مِنَ النِّفَاقِ ... ) انتهى .
نَقلاً مِن كِتَابِ (فَتْحِ المَجِيدِ) لِلعَلامَةِ الشَّيخِ الإِمَامِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ حَسَنٍ آلِ الشَّيخِ - رَحِمَهُ اللهُ - عِندَ قَولِهِ - تَعَالَى - : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ "
منقول