الثعلبي
2010-04-09, 17:00
إننا لا نبالغ إذا قلنا إن معظم المناهج الدراسية التي عرفتها الأنظمة التربوية والتعليمية
في العديد من الأقطار العربية تهيأ مثلما تهيأ ( الألبسة الجاهزة ). إذ أن واضعيها
يفترضون صلاحيتها وملاءمتها لأي كان، وفي أي مكان. فشأنهم كشأن من يهيئ
اللباس دون النظر إلى شكل وحجم ورغبات وميول المعني بالأمر، الذي هو المتعلم،
ونوع الواقع السوسيو- ثقافي والاقتصادي ومتطلبات ظروفه ونوع التحديات الحاضرة
والمستقبلية التي يواجهها مجتمعه.
وقد كانت نتيجة النظر إلى المنهاج الدراسي أن العديد من المدرسين يتعاملون مع
مفردات المقررات والبرامج بشكل حرفي، دون تغيير أو تكييف مع الظروف.
إنهم يتعاملون معها بكيفية يطغى عليها الطابع الشكلاني ، بل إن وزارات التربية
والتعليم بدورها جندت أطرا خاصة مهمتها حراسة المقررات والبرامج والسهر
على تطبيقها بشكل لا يسمح لأي مدرس بالخروج عن نظامها. ولا أدل على هذا
الحرص الشديد من الأسماء التي تطلق على هؤلاء الحراس، فهم يدعون في
المغرب ( مفتشين ) وفي تونس ( متفقدين ) وفي الآونة الأخيرة غير اسمهم في
المغرب وأصبحوا يدعون ( مشرفين تربويين).
لقد كانت نتيجة إغراق المناهج في التقنيات والشكليات الإدارية ابتعادها أكثر
فأكثر عن واقع المتعلم واحتياجات الواقع المتجدد، مما أدى على ما نجنيه اليوم
من تفاقم ظاهرة الخريجين من جهة، وازدياد ظاهرة سوء التوافق المهني وتفاقم
حالة الإهدار والتخلف المدرسي من جهة ثانية. وهذه كلها وجوه لعملة واحدة
تسمى عزوف الطلاب عن التعليم المدرسي، الذي أصبح منذ مطلع النصف
الثاني من القرن العشرين أداة فاشلة في مواجهة الواقع والتأثير عليه، فضلا
عن كونها لا تنمي شخصية المتعلمين، ولا تراعي إشباع الحد الأدنى من
حاجاتهم النفسية. تلك الحاجات التي كان ينبغي أن يتأسس عليها المنهاج
الدراسي في مختلف المراحل التعليمية.
والواقع أن ما يسمى في معظم الدول العربية ( سياسة تربوية ) ليس في
حقيقةأمرها سوى مجموعة إجراءات وأساليب لتسيير المدارس بأقل مشاكل
ممكنة. ذلك أن معظم الأنظمة التعليمية العربية تعلن أنها تربي عقول أبنائها،
ولكنها في حقيقة الأمر ( تنمط استخدامهم لعقولهم عن طريق تقنين هذا الاستخدام).
إن نظرة فاحصة إلى معظم الممارسات التعليمية في معظم مدارسنا اليوم تبين
أن طبيعتها لا تخرج عن خصائص ومميزات التربية التقليدية،. ذلك أن التقليد
ونقل المعلومات من أوضح المظاهر التي تطغى عليها. فدور المدرس مايزال
يتلخص في نقل المعارف إلى الطلاب، الذين يُقـَيَّـمون، بحسب قدراتهم على
استيعاب المعلومات وحفظها.
إن التقويم إذن لا ينصب سوى على قياس المدى بين ما قدم التلميذ، وما استرجعه
هذا الأخير.
إن التعلم المدرسي الحالي يربي الطفل على ضرورة أن يكون موضوعيا، وعلى
كون المعارف علمية صحيحة. ومعنى ذلك أنه قد سحبت منه إمكانية مناقشة تلك
المعارف وانتقادها. وسحبت منه حتى إمكانية التساؤل حولها أو رفضها. فمجرد أن
تطرح المدرسة على المتعلم ، وهي المؤسسة المكلفة رسميا بتعليم الولد العلوم
الصحيحة، فإن ذلك يعني أن على هذا المتعلم أن يبني رد فعل مناسب تـُجاه هذه المعارف.
وبناء كهذا، يتم عادة ضمن إطار ماهو معترف به في المؤسسة المدرسية كنمط ذهني
تثمنه الامتحانات، وتترجمه إلى علاقات.........
إن المناخ السائد بشكل عام في معظم مدارسنا، لا يساعد على الابتكار،لأنه مناخ غيرمتسامح
وغير ديمقراطي ولا يسوده جو المرح ولا يشعر فيه التلميذ بالأمن ولا يشجع
على السؤال والتحدي، مما يساهم في نمو المعلم والمتعلم معا.
ومن مساوئ النظام التعليمي المدرسي أيضا أنه يفترض في التلميذ أن يكون شخصا
مجزءا وأن يتصرف معه المدرس وفقا لهذه النظرة. فيعتمد على إعطائه جرعات
معرفية متقطعة عبر مراحل رسمها النظام المدرسي مسبقا. وهذا يعني أن كثيرا
ما لا ينظر إليه إلا من خلال ضوء المدرسة الخافت على أنه كائن مجزأ إلى قطع تجد لها
ما يطورها وينميها في التوزيع السنوي والشهري والأسبوعي للمواد الدراسية.....
في العديد من الأقطار العربية تهيأ مثلما تهيأ ( الألبسة الجاهزة ). إذ أن واضعيها
يفترضون صلاحيتها وملاءمتها لأي كان، وفي أي مكان. فشأنهم كشأن من يهيئ
اللباس دون النظر إلى شكل وحجم ورغبات وميول المعني بالأمر، الذي هو المتعلم،
ونوع الواقع السوسيو- ثقافي والاقتصادي ومتطلبات ظروفه ونوع التحديات الحاضرة
والمستقبلية التي يواجهها مجتمعه.
وقد كانت نتيجة النظر إلى المنهاج الدراسي أن العديد من المدرسين يتعاملون مع
مفردات المقررات والبرامج بشكل حرفي، دون تغيير أو تكييف مع الظروف.
إنهم يتعاملون معها بكيفية يطغى عليها الطابع الشكلاني ، بل إن وزارات التربية
والتعليم بدورها جندت أطرا خاصة مهمتها حراسة المقررات والبرامج والسهر
على تطبيقها بشكل لا يسمح لأي مدرس بالخروج عن نظامها. ولا أدل على هذا
الحرص الشديد من الأسماء التي تطلق على هؤلاء الحراس، فهم يدعون في
المغرب ( مفتشين ) وفي تونس ( متفقدين ) وفي الآونة الأخيرة غير اسمهم في
المغرب وأصبحوا يدعون ( مشرفين تربويين).
لقد كانت نتيجة إغراق المناهج في التقنيات والشكليات الإدارية ابتعادها أكثر
فأكثر عن واقع المتعلم واحتياجات الواقع المتجدد، مما أدى على ما نجنيه اليوم
من تفاقم ظاهرة الخريجين من جهة، وازدياد ظاهرة سوء التوافق المهني وتفاقم
حالة الإهدار والتخلف المدرسي من جهة ثانية. وهذه كلها وجوه لعملة واحدة
تسمى عزوف الطلاب عن التعليم المدرسي، الذي أصبح منذ مطلع النصف
الثاني من القرن العشرين أداة فاشلة في مواجهة الواقع والتأثير عليه، فضلا
عن كونها لا تنمي شخصية المتعلمين، ولا تراعي إشباع الحد الأدنى من
حاجاتهم النفسية. تلك الحاجات التي كان ينبغي أن يتأسس عليها المنهاج
الدراسي في مختلف المراحل التعليمية.
والواقع أن ما يسمى في معظم الدول العربية ( سياسة تربوية ) ليس في
حقيقةأمرها سوى مجموعة إجراءات وأساليب لتسيير المدارس بأقل مشاكل
ممكنة. ذلك أن معظم الأنظمة التعليمية العربية تعلن أنها تربي عقول أبنائها،
ولكنها في حقيقة الأمر ( تنمط استخدامهم لعقولهم عن طريق تقنين هذا الاستخدام).
إن نظرة فاحصة إلى معظم الممارسات التعليمية في معظم مدارسنا اليوم تبين
أن طبيعتها لا تخرج عن خصائص ومميزات التربية التقليدية،. ذلك أن التقليد
ونقل المعلومات من أوضح المظاهر التي تطغى عليها. فدور المدرس مايزال
يتلخص في نقل المعارف إلى الطلاب، الذين يُقـَيَّـمون، بحسب قدراتهم على
استيعاب المعلومات وحفظها.
إن التقويم إذن لا ينصب سوى على قياس المدى بين ما قدم التلميذ، وما استرجعه
هذا الأخير.
إن التعلم المدرسي الحالي يربي الطفل على ضرورة أن يكون موضوعيا، وعلى
كون المعارف علمية صحيحة. ومعنى ذلك أنه قد سحبت منه إمكانية مناقشة تلك
المعارف وانتقادها. وسحبت منه حتى إمكانية التساؤل حولها أو رفضها. فمجرد أن
تطرح المدرسة على المتعلم ، وهي المؤسسة المكلفة رسميا بتعليم الولد العلوم
الصحيحة، فإن ذلك يعني أن على هذا المتعلم أن يبني رد فعل مناسب تـُجاه هذه المعارف.
وبناء كهذا، يتم عادة ضمن إطار ماهو معترف به في المؤسسة المدرسية كنمط ذهني
تثمنه الامتحانات، وتترجمه إلى علاقات.........
إن المناخ السائد بشكل عام في معظم مدارسنا، لا يساعد على الابتكار،لأنه مناخ غيرمتسامح
وغير ديمقراطي ولا يسوده جو المرح ولا يشعر فيه التلميذ بالأمن ولا يشجع
على السؤال والتحدي، مما يساهم في نمو المعلم والمتعلم معا.
ومن مساوئ النظام التعليمي المدرسي أيضا أنه يفترض في التلميذ أن يكون شخصا
مجزءا وأن يتصرف معه المدرس وفقا لهذه النظرة. فيعتمد على إعطائه جرعات
معرفية متقطعة عبر مراحل رسمها النظام المدرسي مسبقا. وهذا يعني أن كثيرا
ما لا ينظر إليه إلا من خلال ضوء المدرسة الخافت على أنه كائن مجزأ إلى قطع تجد لها
ما يطورها وينميها في التوزيع السنوي والشهري والأسبوعي للمواد الدراسية.....