المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أصول أهل السنَّة والجماعة


cherhabule
2010-04-01, 17:56
أصول أهل السنَّة والجماعة


للشيخصالح بنفوزان بن عبد الله الفوزان

إن أهل السنَّة والجماعة يسيرون على أصول ثابتةوواضحة في الاعتقاد والعمل والسلوك وهذه الأصول العظيمة مستمدة من كتاب الله وسنَّةرسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومنتبعهم بإحسان وهذه الأصول تتلخص فيما يلي‏:‏

الأصل الأول

الإيمانبالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره

1ـالإيمان بالله‏:‏ هو الإقرار بربوبيته وإلاهيته يعني الإقرار بأنواع التوحيدالثلاثة واعتقادها والعمل بها وهي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماءوالصفات فتوحيد الربوبية معناه توحيد الله بأفعاله من الخلق والرزق والإحياءوالإماتة وأنه رب كل شيء ومليكه، وتوحيد الألوهية معناه إفراده بأفعال العباد التييتقربون بها إليه إذا كان مما شرعه الله، كالدعاء والخوف والرجاء والمحبة والذبحوالنذر والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والصلاة والصوم والحج والإنفاق في سبيلالله وكل ما شرعه الله وأمر به لا يشركون مع الله غيره فيه لا ملكاً ولا نبياً ولاولياً ولا غيرهم‏.‏ وتوحيد الأسماء والصفات معناه‏:‏ إثبات ما أثبته الله لنفسه أوأثبته له رسوله من الأسماء والصفات وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه أن نزهه عنه رسولهمن العيوب والنقائص من غير تمثيل ولا تشبيه ومن غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل كماقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏}‏‏[‏الشورى/11‏]‏‏.‏ وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَىفَادْعُوهُ بِهَا‏}‏ ‏[‏الأعراف/180‏]‏‏.‏

2ـ والإيمان بالملائكة ‏:‏ معناهالتصديق بوجودهم وأنهم خلق من خلق الله خلقهم من نور، خلقهم لعبادته وتنفيذ أوامرهفي الكون كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُبِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء/26 ، 27‏]‏‏.‏ ‏{‏جَاعِلِالْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِيالْخَلْقِ مَا يَشَاءُ‏}‏ ‏[‏فاطر/1‏]‏‏.‏

3ـ والإيمان بالكتب‏:‏ يعنيالتصديق بها وبما فيها من الهدي والنور وأن الله أنزلها على رسله لهداية البشر،وأعظمها الكتب الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن، وأعظم الثلاثة القرآن الكريم وهوالمعجزة العظمى قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىأَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَبَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا‏}‏ ‏[‏الإسراء/88‏]‏‏.‏

ويؤمن أهل السنَّةوالجماعة بأن القرآن كلام الله منزَّل غير مخلوق - حروفه ومعانيه - خلافاً للجهميةوالمعتزلة القائلين بأن القرآن مخلوق كله حروفه ومعانيه، وخلافاً للأشاعرة ومنشابههم القائلين بأن كلام الله هو المعاني، وأما الحروف فهي مخلوقة - وكلا القولينباطل‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَفَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏التوبة/6‏]‏‏.‏ ‏{‏يُرِيدُونَأَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏الفتح/15‏]‏‏.‏

فهو كلام الله لاكلام غيره‏.‏

4ـ والإيمان بالرسل‏:‏ يعني التصديق بهم جميعاً من سمى اللهمنهم ومن لم يسم من أولهم إلى آخرهم‏.‏ وآخرهم وخاتمهم نبينا محمد عليه وعليهم أفضلالصلاة والسلام، والإيمان بالرسل إيمان مجمل والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليهوسلم إيمان مفصل واعتقاد أنه خاتم الرسل فلا نبي بعده، ومن لم يعتقد ذلك فهو كافروالإيمان بالرسل يعني أيضاً عدم الإفراط والتفريط في حقهم خلافاً لليهود والنصارىالذين غلوا وأفرطوا في بعض الرسل حتى جعلوهم أبناء الله كما قال تعالى‏:‏‏{‏وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُابْنُ اللَّهِ‏}‏ ‏[‏التوبة/30‏]‏‏.‏

والصوفية والفلاسفة فرطوا في حق الرسلوتنقصوهم وفضلوا أئمتهم عليهم، والوثنيون والملاحدة كفروا بجميع الرسل‏.‏ واليهودكفروا بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، والنصارى كفروا بمحمد‏.‏ ومن آمن ببعضهموكفر ببعضهم فهو كافر بالجميع، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَبِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِوَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْبَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً، أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا‏}‏‏[‏النساء/150-151‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍمِّن رُّسُلِهِ‏}‏ ‏[‏البقرة/ 285‏]‏‏.‏

5ـ والإيمان باليوم الآخر‏:‏ يعنيالتصديق بكل (1) مما أخبر الله به ورسوله من عذاب القبر ونعيمه والبعث من القبوروالحشر والحساب ووزن الأعمال وإعطاء الصحف باليمين أو الشمال والصراط والجنةوالنار، والاستعداد لذلك بالأعمال الصالحة وترك الأعمال السيئة والتوبة منها‏.‏

وقد كفر باليوم الآخر الدهريون والمشركون‏.‏ واليهود والنصارى لم يؤمنوا بهالإيمان الصحيح المطلوب وإن آمنوا بوقوعه ‏{‏وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَإِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى‏}‏ ‏[‏البقرة/111‏]‏‏.‏

‏{‏قَالُواْلَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ‏}‏ ‏[‏البقرة/80‏]‏‏.‏

6ـ والإيمان بالقدر‏:‏ يعني الإيمان بأن الله علم كل شيء ما كان وما يكونوقدر ذلك في اللوح المحفوظ وأن كل (2) وكفر وإيمان وطاعة ومعصية فقد شاءه اللهوقدّره وخلقه، وأنه يحب الطاعة ويكره المعصية‏.‏ وللعباد قدرة على أفعالهم واختياروإرادة لما يقع منهم من طاعة أو معصية - لكن ذلك تابع لإرادة الله ومشيئته - خلافاًللجبرية الذين يقولون إن العبد مجبر على أفعاله ليس له اختيار‏.‏ وللقدرية الذينيقولون إن العبد له إرادة مستقلة وأنه يخلق فعل نفسه دون إرادة الله ومشيئته‏.‏

وقد ردّ لله على الطائفتين في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَنيَشَاءَ اللَّهُ‏}‏ ‏[‏التكوير/29‏]‏‏.‏

فأثبت للعبد مشيئة رداً علىالجبرية الغلاة وجعلها تابعة لمشيئة الله رداً على القدرية النفاة والإيمان بالقدريكسب العبد صبراً على المصائب وابتعاداً عن الذنوب والمعائب‏.‏ كما يدفعه إلى العملويبعد عنه العجز والخوف والكسل‏.‏

الأصل الثاني

ومن أصول أهلالسنَّة والجماعة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فليسالإيمان قولاً وعملاً دون اعتقاده، لأن هذا إيمان المنافقين، وليس هو مجرد المعرفةبدون قول وعمل لأن هذا إيمان الكافرين الجاحدين‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَحَدُوابِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا‏}‏ ‏[‏النمل/14‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَبِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام/33‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏‏{‏وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَلَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوامُسْتَبْصِرِينَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت/38‏]‏‏.‏

وليس الإيمان اعتقاداً فقط أوقولاً واعتقاداً دون عمل لأن هذا إيمان المرجئة والله تعالى كثيراً ما يسمي الأعمالإيماناً قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُوَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًاوَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّارَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا‏}‏‏[‏الأنفال/2-4‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَإِيمَانَكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة/143‏]‏‏.‏

أي صلاتكم إلى بيت المقدس، سمى الصلاةإيماناً‏.‏

الأصل الثالث

ومن أصول أهل السنَّة والجماعة‏:‏ أنهم لايكفرون أحداً من المسلمين إلا إذا ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام أما ما كان منالكبائر التي هي دون الشرك ولم يدل دليل على كفر مرتكبها - كترك الصلاة تكاسلاً -فإنهم لا يحكمون على مرتكبها - أي الكبائر - بالكفر وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقصالإيمان‏.‏ وإذا لم يتب منها فإنه تحت المشيئة - إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبهلكنه لا يخلد في النار - قال تعالى ‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَبِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏النساء/48‏]‏‏.‏

ومذهب أهل السنَّة في ذلك وسط بين الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة وإنكانت دون الكفر وبين المرجئة الذين يقولون هو مؤمن كامل الإيمان ويقولون‏:‏ لا يضرمع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة‏.‏

الأصل الرابع

ومنأصول أهل السنَّة والجماعة وجوب طاعة ولاة أمور المسلمين ما لم يأمروا بمعصية فإذاأمروا بمعصية فلا تجوز طاعتهم فيها وتبقى طاعتهم بالمعروف في غيرها‏.‏

عملاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْاللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء/59‏]‏‏.‏

وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنتأمر عليكم عبد‏)‏‏[‏قطعة من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه في موعظة النبيصلى الله عليه وسلم للصحابة‏]‏‏.‏ ويرون أن معصية الأمير المسلم معصية للرسول -صلىالله عليه وسلم- عملاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏من يطع الأمير فقد أطاعنيومن عصى الأمير فقد عصاني‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري ‏(‏4/7137‏)‏، ومسلم ‏(‏4/جزء 12/ص223/نووي‏)‏‏]‏‏.‏ ويرون الصلاة خلفهم والجهاد معهم والدعاء لهم بالصلاحوالاستقامة ومناصحتهم‏.‏

الأصل الخامس

ومن أصول أهل السنَّة تحريمالخروج على ولاة أمور المسلمين إذا ارتكبوا مخالفة دون الكفر لأمره -صلى الله عليهوسلم- بطاعتهم في غير معصية ما لم يحصل منهم كفر بواحٍ، بخلاف المعتزلة الذينيوجبون الخروج على الأئمة إذا ارتكبوا شيئاً من الكبائر ولو لم يكن كفراً ويعتبرونهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والواقع أن عمل المعتزلة هذا هو أعظمالمنكر‏:‏ لما يترتب عليه من مخاطر عظيمة من الفوضى وفساد الأمر واختلاف الكلمةوتسلط الأعداء‏.‏

الأصل السادس

ومن أصول أهل السنَّة والجماعةسلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما وصفهم الله بذلكفي قوله تعالى لما ذكر المهاجرين والأنصار وأثنى عليهم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَجَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَاالَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّالِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الحشر/10‏]‏‏.‏

وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيدهلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه‏)‏ ‏[‏أخرجه البخاري‏(‏3/3673‏)‏، ومسلم ‏(‏6/جزء 16/ص92، 93/ نووي ‏)‏‏]‏‏.‏ خلافاً للمبتدعة منالرافضة والخوارج الذين يسبون الصحابة ويجحدون فضائلهم‏.‏ ويرى أهل السنَّة أنالخليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضيالله عنهم أجمعين فمن طعن في خلافة واحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله لمخالفتهالنص والإجماع على خلافة هؤلاء على هذا الترتيب‏.‏

الأصل السابع

ومن أصول أهل السنَّة والجماعة محبة أهل بيت رسول الله -صلى الله عليهوسلم- وتوليهم عملاً بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله‏:‏ ‏(‏أذكركم اللهفي أهل بيتي‏)‏ ‏[‏أخرجه مسلم ‏(‏5/جزء 15/ص180،نووي‏)‏، والإمام أحمد ‏(‏4/366، 367‏)‏، وابن أبي عاصم في ‏"‏كتابه السنَّة‏"‏ برقم ‏[‏1551‏]‏ ‏(‏ص629‏)‏‏]‏‏.‏

ومن أهل بيته أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن، فقد قال اللهتعالى - بعد ما خاطبهن بقوله‏:‏ ‏{‏يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ‏}‏ ‏[‏الأحزاب/32‏]‏‏.‏ووجه إليهن نصائح ووعدهن بالأجر العظيم -‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُلِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏‏[‏الأحزاب/33‏]‏‏.‏

والأصل في أهل البيت قرابة النبي صلى الله عليه وسلم،والمراد بهم هنا الصالحون منهم خاصة، أما قرابته غير الصالحين فليس لهم الحق كعمهأبي لهب ومن شابه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ‏}‏‏[‏المسد/1‏]‏‏.‏

فمجرد القرابة من الرسول صلى الله عليه وسلم والانتسابإليه من غير صلاح في الدين لا يغني صاحبه من الله شيئاً، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً‏.‏ يا عباس عم رسول اللهلا أغني عنك من الله شيئاً‏.‏ يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً‏.‏يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً‏)‏ ‏[‏أخرجهالبخاري ‏(‏3/برقم 4771‏)‏، ‏(‏2/2753‏)‏، ومسلم ‏(‏1/جزء 3/ص80، 81/نووي‏)‏‏]‏‏.‏

وقرابة الرسول الصالحون لهم علينا حق الإكرام والمحبة والاحترام، ولا يجوزلنا أن نغلو فيهم فنتقرب إليهم بشيء من العبادة أو نعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرونمن دون الله لأن الله سبحانه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنِّي لاأَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا‏}‏ ‏[‏الجن/21‏]‏‏.‏

‏{‏قُل لاَّأَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُأَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ‏}‏‏[‏الأعراف/188‏]‏‏.‏

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك فيكف بغيرهفما يعتقده بعض الناس بمن ينتسبون لقرابة الرسول اعتقاد باطل‏.‏

الأصلالثامن

ومن أصول أهل السنَّة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء - وهي ماقد يجريه الله على أيدي بعضهم من خوارق العادات إكراماً لهم كما دل على ذلك الكتابوالسنَّة‏.‏ وقد أنكر وقوع الكرامات المعتزلة والجهمية وهو إنكار لأمر واقع معلوم -ولكن يجب أن نعلم أن من الناس في وقتنا من ضل في موضوع الكرامات وغالى فيها حتىأدخل فيها ما ليس منها من الشعوذة وأعمال السحرة والشياطين والدجالين - والفرق واضحبين الكرامة والشعوذة - فالكرامة ما يجري على أيدي عباد الله الصالحين‏.‏ والشعوذةما يجري على يد السحرة والكفرة والملاحدة بقصد إضلال الخلق وابتزاز أموالهم،والكرامة سببها الطاعة‏.‏ والشعوذة بسببها الكفر والمعاصي‏.‏

الأصل التاسع

ومن أصول أهل السنَّة والجماعة في الاستدلال اتباع ما جاء في كتاب الله أوسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً واتباع ما كان عليه الصحابة منالمهاجرين والأنصار عموماً واتباع الخلفاء الراشدين خصوصاً حيث أوصى النبي صلى اللهعليه وسلم بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاءالراشدين‏)‏ ‏[‏تقدم تخريجه‏]‏‏.‏

ولا يقدمون على كلام الله وكلام رسولهكلام أحد من الناس‏.‏ ولهذا سموا أهل الكتاب والسنَّة‏.‏ وبعد أخذهم بكتاب اللهوسنة رسوله يأخذون بما أجمع عليه علماء الأمة وهذا هو الأصل الثالث الذي يعتمدونعليه بعد الأصلين الأولين‏:‏ الكتاب والسنَّة‏.‏ وما اختلف فيه الناس ردوه إلىالكتاب والسنَّة عملاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍفَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِوَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء/59‏]‏‏.‏

فهم لا يعتقدون العصمة لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتعصبونلرأي أحد حتى يكون موافقاً للكتاب والسنَّة ويعتقدون أن المجتهد يخطئ ويصيب، ولايسمحون بالاجتهاد إلا لمن توفرت فيه شروطه المعروفة عند أهل العلم‏.‏ ولا إنكارعندهم في مسائل الاجتهاد السائغ‏.‏ فالاختلاف عندهم في المسائل الاجتهادية لا يوجبالعداوة والتهاجر بينهم كما يفعله المتعصبة وأهل البدع‏.‏ بل يحب بعضهم بعضاًويوالي بعضهم بعضاً ويصلي بعضهم خلف بعض مع اختلافهم في بعض المسائل الفرعية بخلافأهل البدع فإنهم يعادون أو يضللون أو يكفرون من خالفهم‏.
المصدر: كتاب "من أصول أهل السنة والجماعة

ميلود الأسمر
2010-04-01, 18:14
بارك الله فيك

المحبة لرسول الله
2010-04-01, 18:19
كرا بارك الله فيك