تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منــــــزلة العقــــــــل فــــــــي الإســـــــــلام


طاهر القلب
2010-03-22, 22:09
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



منزلة العقل في الإسلام



إن الإسلام كرم العقل أيما تكريم ، كرمه حين جعله مناط التكليف عند الإنسان ، و الذي به فضله الله على كثير ممن خلق تفضيلا ، و كرمه حين وجهه إلى النظر و التفكير في النفس ، و الكون ، و الآفاق : اتعاظاً و اعتباراً ، و تسخيراً لنعم الله و استفادة منها ، و كرمه حين وجهه إلى الإمساك من الولوج فيما لا يحسنه ، و لا يهتدي فيه إلى سبيل ما ، رحمة به و إبقاء على قوته و جهده . و تفصيل هذه الجمل في الآتي : ‏
1. خص الله أصحاب العقول بالمعرفة لمقاصد العبادة ، و الوقوف على بعض حكم التشريع ، فقال سبحانه بعد أن ذكر جملة أحكام الحج {و اتقون يا أولي الألباب} ‏[البقرة: 197] . و قال عقب ذكر أحكام القصاص: {و لكم في القصاص حياة يا أولى الألباب} ‏[البقرة: 179] . ‏
2. قصر سبحانه و تعالى الانتفاع بالذكر و الموعظة على أصحاب العقول ، فقال عز و جل : {و ما يذكر إلا أولوا الألباب} [البقرة: 269] . و قال عز و جل : {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [يوسف: 111] . و قال عز و جل : {و لقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون} [العنكبوت: 35] . ‏
3. ذكر الله أصحاب العقول ، و جمع لهم النظر في ملكوته ، و التفكير في آلائه ، مع دوام ذكره و مراقبته و عبادته ، قال تعالى : {إن في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً و قعوداً و على جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات و الأرض} إلى قـوله عـز و جل : {إنك لا تخلف الميعاد} ‏[آل عمران: 190-194] .
و هذا بخلاف ما عليه أصحاب المذاهب الضالة في العقل ، فمنهم من اعتمد العقل طريقاً إلى الحق و اليقين ، مع إعراضه عن الوحي بالكلية كما هو حال الفلاسفة ، أو إسقاط حكم الوحي عند التعارض -المفترَى- كما هو حال المتكلمين ، و منهم من جعل الحق و الصواب فيما تشرق به نفسه ، و تفيض به روحه ، و إن خالف هذا النتاج أحكام العقل الصريحة ، أو نصوص الوحي الصحيحة ، كما هو حال غلاة الصوفية .‏
أما أهل العلم و الإيمان فينظرون في ملكوت خالقهم ، نظراً يستحضر عندهم قوة التذكر و الاتعاظ ، و صدق التوجه إلى الخالق البارئ سبحانه ، من غير أن يخطر ببال أحدهم ثمة تعارض بين خلق الله و بين كلامه ، قال عز و جل : {ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54] . ‏
4. ذم الله عز و جل المقلدين لآبائهم ، و ذلك حين ألغوا عقولهم و تنكروا لأحكامها رضاً بما كان يصنع الآباء و الأجداد ، قال عز و جل : {و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنآ أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً و لا يهتدون و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء و نداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون} [البقرة: 170-171] .
5. حرم الإسلام الاعتداء على العقل بحيث يعطله عن إدراك منافعه .
- فمثلاً : حرم على المسلم شراب المسكر و المفتر و كل ما يخامر العقل و يفسده ، قال عز و جل : {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90] .
و عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَ مُفَتِّرٍ) رواه أبو داود ، و صححه الحافظ العراقي .
6. و جعل الإسلام الدية كاملة في الاعتداء على العقل و تضييع منفعته بضرب و نحوه ، قال عبد الله بن الإمام أحمد : "سمعت أبي يقول : في العقل دية ، يعني إذا ضرب فذهب عقله" قال ابن قدامة : "لا نعلم في هذا خلافاً" .
7. شدد الإسلام في النهي عن تعاطي ما تنكره العقول و تنفر منه ، كالتطير و التشاؤم بشهر صَفَر و نحوه ، و اعتقاد التأثير في العدوى و الأنواء و غيرها ، و كذا حرم إتيان الكهان و غيرهم من أدعياء علم الغيب ، و حرم تعليق التمائم و غيرها من الحروز . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (لا عدوى و لا طيرة) رواه البخاري .
الطيرة : التشاؤم بالشيء .
و في رواية عن جابر رضي الله عنه : (لا عدوى و لا غول و لا صفر) رواه مسلم .
غول : جنس من الجن و الشياطين ، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس ، و تضلهم عن الطريق ، فنفاه النبي صلى الله عليه و سلم .‏
صفر: كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها الصفر تصيب الإنسان إذا جاع و تؤذيه ، فأبطل الإسلام ذلك .‏
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَاد) رواه أبو داود و ابن ماجه ، و صححه الحافظ العراقي ، و النووي .
و المراد : النهي عن اعتقاد أن للنجوم ـ في سيرها و اجتماعها و تفرقهاـ تأثيراً على الحوادث الأرضية ، و هو ما يسمى بعلم التأثير ، أما علم التسيير و هو الاستدلال ـ عن طريق المشاهدةـ بسير النجوم على جهة القبلة و نحو ذلك فلا شيء فيه .
و قال النبي صلى الله عليه و سلم : (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) رواه مسلم . ‏
و عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الرُّقَى وَ التَّمَائِمَ وَ التِّوَلَةَ شِرْكٌ. قَالَتْ : قُلْتُ لِمَ تَقُولُ هَذَا ، وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ وَ كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي ، فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ ، كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ ، فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه أبو داود ، و صححه السيوطي و الألباني.
التولة : ضرب من السحر يحبب المرأة إلى زوجها ، جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يفعل خلاف ما قدر الله .‏
هذا مع أمر الشارع العبد أن يأخذ بالأسباب و يتوكل على خالق الأسباب ، كما قال صلى الله عليه و سلم : (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَ فِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَ لَا تَعْجَزْ ، وَ إِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَ كَذَا ، وَ لَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهِ وَ مَا شَاءَ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان) رواه مسلم .

منقــــول

sousou24
2010-03-23, 21:10
بارك الله فيك

NEWFEL..
2010-03-24, 10:34
بارك الله فيك .....................

لقاء الجنة
2010-03-25, 12:47
جزاك الله خيرا اخي طاهر القلب على الموضوع المميز.....

طاهر القلب
2010-03-25, 18:57
و فيكم يبارك الرحمان
و يدخلكم تلك الجنان
و يذهب عنكم الأحزان
.... اللهم أمين

رضا 111
2010-03-26, 09:37
بارك الله فيك