sousou24
2010-03-21, 20:15
قال تعالى:
(ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون)
(3):34:
قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -:
( اتقوا النار و لو بشق تمرة )
النار
مثل وقوفك يـوم الحشر عريانا
مستعطفا قلق الأحشــاء حيرانا
النار تزفر من غيــظ ومن حنق
على العصاة وتلقى الرب غضبان
اقرأ كتابك يا عـبدي على مهل
وانظرإ ليه ترى هل كان ما كان
هيا بنا أخوة الإسلام نتلمس سبيلا يبتعد بنا عن الناروما يقرب منها من قول أو عمل ، سبيلا لامناص منه يتفق مع آيات الله وسنة نبيه العظيم – صلوات الله وسلامه عليه.
يقول الله تعالي :
( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا(102)يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا(103)نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا(104)وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105)فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106)لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا(107)يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا(108) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا(109)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ( )
) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
( ) ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ()
ويقول المعصوم ـ صلي الله عليه وسلم ـ :
( إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض ، خلق الصور فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه علي فيه شاخص ببصره إلي العرش ينتظرمتي يؤمر)
قال أبوهريرة : وما الصور ؟
قال : قرن
. قال : فكيف هو ؟
قال :
قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولي نفخة الفزع . والثانية : نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولي ، فيقول: انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، ويأمره فيمدها ويطولها ولايفتر، وهي التي يقول الله تعالي :
( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق )
فتسير الجبال فتكون ترابا ، ترج الأرض بأهلها رجا وهي التي يقول الله تعالي :
( يوم ترجف الراجفة ، تتبعها الرادفة ، قلوب يومئذ واجفة )
فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها ، وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الآرواح ، فيمتد الناس علي ظلالها ، فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان ، وتطير الشياطين هاربة حتي تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع ويولى الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، وهي التي يقول الله تعالي فيها :
(يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد)
فبينما هم علي ذلك إذ انصدعت الأرض من قطر إلي قطر ورأوا أمرا عظيما ، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ، ثم خسف شمسها وقمرها وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم – قال رسول الله صلي الله عليه وسلم والأموات لايعلمون بشئ من ذلك)
ماهو القرن ؟ ومن هو صاحبه ؟
جـاء أعـرابى إلى النبـى r فقـال يا رسـول اللـه ما الصـور ؟! فقـال:
الترمذي( قـرن ينفخ فيه )
عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله صلى اللهم عليه وسلم صاحب الصور فقال:
سنن أبو داود( عن يمينه جبرائل وعن يساره ميكائل)
عن أبي هريرة رضى اللـه عنه أنه قال ، رسول اللـه r :
( ما أطرف صاحب الصور منذ أن خلقه اللـه ووكله بذلك فهو ينتظر بحذاء العرش ما أطرف ينتظر متى يؤمر كأن عينيه كوكبان دريان ) .
عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول اللـه r :
الترمذي(كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ )
قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟
قال: (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله ربنا )
متي تكون النفخة ؟
عن أبى هريرة رضى اللـه عنه أن النبى r قال :
ص.مسلم(خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة )
وعن أوس بن أوس عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
النسائي ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت أي يقولون قد بليت. قال:
( إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام )
فيأمر اللـه جل وعلا إسرافيل بالنفخ فى يوم جمعة ، ولكن متى هو ؟ اللـه أعلم .
نفخة الفزع
قال اللـه تعالى :
)( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ )
من هم المستثنون من فزع هذه النفخة ؟
اختلف أهل العلم فى من استثنى اللـه جل جلاله :
قال بعضهم : إنهم الأنبياء .
ومنهم من قال : أنهم الشهداء .
أو هم الملائكة .
ومنهم من قال هم جبريل وإسرافيل ومكائيل وعزرائيل وحملة العرش فقط ،
ومنهم من قال : هم حور العين فى جنات رب العالمين .
ومنهم من قال : نبى اللـه موسى عليه السلام هوالمستثنى فى قوله تعالى :
() فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
واحتجوا على ذلك بحديث صحيح رواه البخارى أنه r قال :
قال أبو هريرة استب رجلان رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم والذي اصطفى محمدا على العالمين فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين قال فغضب المسلم عند ذلك فلطم وجه اليهودي فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص بخاري (لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون في أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله )
يقول الله تعالى:
( اِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1)وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا )(
أى تنفك كل صلات الكون وروابطه ، تتزلزل الأرض وترتج بأهلها رجَّات عنيفة مزلزلة .
عن ابن عمررضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت )
وفي رواية أخرى :
(من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت)
ولم يذكر وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت *
يقول اللـه تعالى :
)( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ(2)وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ(4)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ(5)وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(6)وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ(7)وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(9)وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ(10)وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ(11)وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ(12)وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ )(
) إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ( قال ابن عباس : أى جمعت ووضعت تحت العرش .
) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ( أظلمت وتناثرت وذهب ضياءها .
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ( ، الجبال العملاقة الراسية فى الأرض حينذاك يدكها الملك جل جلاله فى الأرض وتتحول إلى قطع صغيرة متناثرة كالعهن المنفوش أى كالصوف المنفوش .
) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ( العشار : هى النوق وهى من أغلى ما يمتلكه العربى فى الجزيرة العربية .
إذا سمع الناس وأهل الأرض جميعا نفخة الفزع، فلا ينظر الرجل إلى هذه النوق ، ما عادت تمثل له شئ أنذاك لأنه حدث لهم ما يشغلهم عن زخارف الدنيا .
) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ( : السباع المفترسة إلى جوار الأليفة .
) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ كتل نارية.: سبحان اللـه! حتى المياه التى كانت سبباً للحياة يحولها اللـه إلى حمم وكتل بركانية .
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ( : زوجت أرواح المؤمنين بالحور العين فى جنات رب العالمين ، أو قرنت الأرواح بالأجساد أو قرن الكافرون بالشياطين.
) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ( : وإذا سئل عن قتل الموءودة أى ذنب اقترفته هذه البريئة لتقتل بهذا الظلم والعدوان .
) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ( : تنشر الصحف للقراءة .
)وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ( : أى طويت كطى السجل للكتب.
) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعرَتْ ( أى تأججت واشتعلت نيرانها.
) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ( : قربت للموحدين ، قربت للمتقين ، قربت للمؤمنين.
) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ( : علم كل واحد حقيقة أقواله وحقيقة أعماله.
هذه النفخة تمضى فترة من الزمن لايعلمها إلا الله .
فقد ثبت من حديث أبى هريرة أنه r قال :
قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( ما بين النفختين أربعون)
قال أربعون يوما قال أبيت قال أربعون شهرا قال أبيت قال أربعون سنة قال أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
قالوا ما معنى أبيت ؟ قال أبيت أن أسأل عن ذلك رسول اللـه r () .
فَعِلْم هذه الأربعين عند رب العالمين ، وبعد الأربعين يأمر اللـه جل وعلا إسرافيل أن ينفخ فى الصور النفخة الثانية.
نفخة الصعق:D
)) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
ذكرالطبري والثعلبي وابن معبد حديث أبي هريرةالذي يقول فيه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
(ثم يأمر الله عز و جل إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فيصعق من في السموات و من في الأرض إلا ما شاء الله . فإذا اجتمعوا أمواتاً جاء ملك الموت إلى الجبار فيقول : قد مات أهل السماء و الأرض إلا ما شئت . فيقول الله سبحانه ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت و بقي حملة العرش و بقي جبريل و ميكائيل و إسرافيل و بقيت أنا . فيقول الله عز و جل : ليمت جبريل و ميكائيل . فينطق الله عز و جل العرش . فيقول أي رب يموت جبريل و ميكائيل ؟ فيقول : اسكت إني كتبت الموت على كل من تحت عرشي فيموتان . قال : ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار جل جلاله . فيقول يا رب قد مات جبريل و ميكائيل قيول الله سبحانه ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت و بقي حملة عرشك و بقيت أنا . فيقول : ليمت حملة العرش . فيموتون فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل . ثم يقول : ليمت إسرافيل . فيموت . ثم يأتي ملك الموت فيقول يا رب قد مات حملة عرشك . فيقول ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت ، و بقيت أنا . فيقول الله : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت . فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولداً لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفواً أحد . فكان كما كان أولاً طوى السماء كطي السجل للكتاب . ثم قال : أنا الجبار . لمن الملك اليوم فلم يجبه أحد فيقول جل ثناؤه و تقدست أسماؤه لله الواحد القهار) .
( ) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ(15)يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( )
نفخة البعث
فإذا نفخ فيه صاحب الصورنفخة البعث ذهب كل روح الي جسده ، فالنفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور و غيرهم ، فيعيد الله الرفات من أبدان الأموات ، و يجمع ما تفرق منها في البحار و بطون السباع و غيرها ، حتى تصير كهيئاتها الأولى ، ثم يجعل فيها الأرواح فتقوم الناس كلهم أحياء حتى السقط قال الله تعالى : و إذا الموؤدة سئلت فدل على أن المؤودة تحشر و تسأل ، و من قبرها تخرج و تبعث .
عن عبد الله بن مسعود قال : ( فيقومون فيحيون تحية رجل واحد قياماً لرب العالمين ) التحية تكون علي حالين :
أحدهما : أن يضع يديه على ركبتيه و هو قائم و هذا هو المعنى حيث يقول القرآن :
( قياماً لرب العالمين )
و الآخر : أن ينكب على وجهه باركاًمصداقا لقوله تعالي:
( فيخرون سجداً لرب العالمين ) .
بعث النبي صلى الله عليه و سلم من قبره
عن نبيه بن وهب أن كعباً دخل على عائشة رضي الله عنه فذكروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال كعب :
( ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بالقبر ، يضربون بأجنحتهم و يصلون على النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا أمسوا عرجوا و هبط سبعون ألف ملك يحفون بالقبر و يضربون بأجنحتهم و يصلون عن النبي صلى الله عليه و سلم سبعون ألفاً بالليل و سبعون ألفاً بالنهار . و حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يوقرونه صلى الله عليه و سلم .
عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله عز وجل:
( إذا السماء انشقت * و أذنت لربها و حقت) قال :
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
و خرج الختلي أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم في كتاب الديباج له:( أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالساً في قبري ، فينفتح لي باب إلى السماء بحيال رأسي حتى أنظر إلى العرش ، ثم يفتح لي باب من تحتي حتى أنظر إلى الأرض السابعة ، حتى أنظر إلى الثرى ، ثم يفتح لي باب عن يميني حتى أنظر إلى الجنة و منازل أصحابي ، و إن الأرض تحركت تحتي فقلت : ما بالك أيتها الأرض ؟ قالت : إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي ، و أن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في ، فذلك قوله عز وجل :
(وألقت ما فيها و تخلت * و أذنت لربها و حقت)
أي سمعت و أطاعت و حق لها أن تسمع .
عن نافع ، عن ابن عمر قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم و يمينه على أبي بكر و شماله على عمر فقال :
( هكذا نبعث يوم القيامة )
عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و نحن في طائفة من أصحابه و ساق الحديث بطوله إلى قوله جل ثناؤه و تقدست أسماؤه(لله الواحد القهار)
عن علي بن معبد ـ قال أبو هريرة، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال:
( ثم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات فيبسطها بسطاً ثم يمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجاً و لا أمتاً ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة ، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى : من كان في بطنها و من كان على ظهرها كان على ظهرها . ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش يقال له : ماء الحياة فتمطر السماء عليكم أربعين سنة حتى يكون الماء من فوقكم اثني عشر ذراعاً . ثم يأمر الله عز وجل الأجساد فتنبت كنبات الطراثيث . و كنبات البقل حتى إذا تكلمت أجسادكم فكانت كما كانت يقول الله عز وجل : ليحى حملة العرش فيحيون . ثم يقول : ليحى جبريل و ميكائيل و إسرافيل فيأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور ، ثم يدعو الله تعالى الأرواح فيؤتى بها . تتوهج أرواح المسلمين نوراً والأخرى مظلمة فيأخذها الله فيلقيها في الصور . ثم يقول لإسرافيل انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كلها كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء و الأرض فيقول الله عز و جل : و عزتي و جلالي ليرجع كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد . . . ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم . و أنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها شباباً كلكم أبناء ثلاث و ثلاثين و اللسان يومئذ بالسريانية سراعاً إلى ربهم ينسلون مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ذلك يوم الخروج و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً فتوقفون في موقف عراة غلفاً غرلاً مقدار سبعين عاماً و يعرقون حتى تبلغ منهم الأذقان ، و يلجمهم فيضجون و يقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ؟)
بعث الأيام و الليالي و يوم الجمعة
خرج القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
( إن الله عز و جل يبعث الأيام يوم القيامة على هيأتها . و يبعث يوم الجمعة : زهراء منيرة أهلها محتفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها . ألوانهم كالثلج بياضاً ، و ريحهم يسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما;) يطرقون تعجباً . يدخلون الجنة لا يخالطهم إلا المؤذنون المحتسبون.)
قال أبو عمران الجوني : ما من ليلة تأتي إلا تنادى : اعملوا في ما استطعتم من خير ، فلن أرجع إليكم يوم القيامة .
سائق وشهيد
إذا قامت الساعة انحط على الميت ملك الحسنات و ملك السيئات فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه . ثم حضرا معه واحد سائق ، و الآخر شهيد .
عن ثابت البناني أنه قرأ:
(حم السجدة حتى إذا بلغ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة) وقف فقال :
بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف و لا تحزن و أبشر بالجنة التي كنت توعد قال : فأمن الله خوفه ، و أقر الله عينه فما عظيمة تغشى الناس يوم القيامة فالمؤمن في قرة عين لما هداه الله له ، و لما كان يعمل له في الدنيا.
الشفاعة
شفاعة النبي
تعد شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حبل النجاة الأخير يوم لا ينفع مال ولا بنون ، يوم يغوص البشر في عرقهم ، وتصليهم الشمس بنيرانها الحارقة ، ويطول بهم الانتظار ويسوء حالهم إلى الدرجة التي يتمنون معها الانصراف حتى وإن كان إلى النار.
في هذه اللحظات العصيبة يتوجه البشر ـ كل البشر ـ إلى الأنبياء والرسل بصفتهم قادة البشرية إلى طريق الصلاح والهدى ، لكن هؤلاء القادة والرسل ينصرفون عنهم تباعا، ويلقي كل نبي مسئولية البشر وتخليصهم مما هم عليه على عاتق النبي والرسول الذى جاء بعده ، فنجد آدم عليه السلام يقول نفسي نفسي ويطلب من البشر التوجه إلى نوح عليه السلام ، والذي يقول مثل مقالة أبيه آدم نفسي نفسي ويطلب من البشر التوجه إلى إبراهيم عليه السلام بصفته أبي الأنبياء، لكن خليل الله يلوذ بنفسه أيضا ويرسلهم إلى موسى عليه السلام ، الذي يرسلهم بدوره إلى عيسى عليه السلام ، وكل منهم ينفض يديه عنهم ولايرى إلا ذنبا أو خطأ في حق الله تعالى قد ارتكبه، وينتهي المطاف بالبشرية كلها عند الحبيب محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فيقول قولته المشهورة ( أنا لها أنا لها)
عند الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقط تجد البشرية ما تنشده.
ولندع الأحاديث الشريفة ترسم لنا ملامح هذه الشفاعة لصاحب المقام المحمود في هذه اللحظات الحرجة والحاسمة والمصيرية في حياة البشرية جمعاء .
ص.مسلم (أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأوّل من ينشقّ عنه القبر، وأوّل شافع وأوّل مشفّع).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في تفسير{عسى أن يبعثك ربّك مقامـًا محمودًا} سئل عنها قال:
الترمذي(هي الشّفاعة)
أبونعيم أحمـد بن عبدالله الأصبـهاني رحمه الله في "دلائل النبوة" عن أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قـال:
(أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض، وأوّل شافع، لواء الحمد معي وتحته آدم ومن دونه ومن بعده من المؤمنين).
عن ابن عبـاس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ينتظرونـه، قال: فخرج حتّى إذا دنـا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، فقال بعضهم: عجبًا إنّ الله عزّ وجلّ اتّخذ من خلقه خليلاً اتّخذ إبراهيم خليلاً. وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى كلّمه تكليمًا؟ وقال آخر: فعيـسى كلمة الله وروحه. وقـال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلّم، وقال:
الترمذي(قد سمعت كلامكم وعجبكم، إنّ إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجيّ الله وهو كذلك، وعيسى روح الله وكلمته وهو كذلك، وآدم اصطفـاه الله وهو كذلك، ألا وأنـا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أوّل شافع وأوّل مشفّع يوم القيـامة ولا فخر، وأنا أوّل من يحرّك حلق الجنّـة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأوّلـين والآخرين ولا فخر).
عن أبي الدرداء قال: قال رسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الإمام أحمد(أنا أوّل من يؤذن له بالسّجود يوم القيامة، وأنا أوّل من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يـديّ فأعرف أمّتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك)
فقـال له رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمّتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمّتك؟ قال: (هم غرّ محجّلـون من أثر الوضوء ليـس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنّهم يؤتون كتـبهم بأيمانهم، وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذرّيّتهم).
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
الحاكم(تمـدّ الأرض يوم القيامة مـدًّا لعظمة الرّحمن، ثم لا يكون لبشر من بني آدم إلاّ موضع قدميـه، ثم أدعى أوّل النّاس فأخرّ ساجدًا ثم يؤذن لي فأقـوم فأقول: يا ربّ أخبرني هـذا، لجبريل وهو عن يمين الرّحمن، والله ما رآه جبريل قبلها قطّ، إنّك أرسلتـه إليّ. قال: وجبريل ساكت لا يتكلّم حتّى يقول الله: صدق، ثمّ يؤذن لي في الشّفـاعة فأقول: يا ربّ عبادك عبدوك في أطراف الأرض فذلك المقـام المحمود).
عن سلمـان الفارسي قال: يأتون النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيقولـون: يا نبيّ الله أنت الّذي فتح الله بك وختم بك، وغفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فاشفع لنا إلى ربّك، فيقول:
ابن خزيمة(نعم، أنا صـاحبكم)
فيخرج يحوش النّار حتّى ينتهي إلى باب الجنّة، فيأخذ بحلقة في الباب من ذهب، فيقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فيقـال: محمد. قال: فيفتح له. قال: فيجيء حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السّجـود فيؤذن له، قال: فيفتح الله له من الثّناء والتّحميد والتّمجيد ما لم يفتحْه لأحد من الخلائق، فينادى: يا محمّد ارفعْ رأسك، وسلْ تعطه، وادع يجبْ. قال: فيرفع رأسه، فيقـول: (ربّ أمّتي أمّتي )
ثمّ يستأذن في السّجود فيؤذن له، فيفتح له من الثّناء والتّحميـد والتّمجيد ما لم يفتحْ لأحد من الخلائق، فينـادى: يا محمّد، ارفعْ رأسك، سلْ تعطه، واشفعْ تشفّعْ، وادع تجب، قال: يفعل ذلك مرتين أو ثلاثـًا، فيشفع لمن كان في قلبه حبّة من حنطة، أو مثقال شعيرة، أو مثقال حبّة من خرذل من إيمان.
قال سلمان: فذاك المقام المحمود.
عن أبي هريـرة رضي الله عنه عن رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:
أبو نعيم في دلائل النبوة(أنا أوّل من يدخل الجنّة ولا فخر، وأنا أوّل شـافع وأوّل مشفّع، وأنا بيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأوّل شخص يـدخل عليّ الجنّة فـاطمة بنت محمد صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم، ومثـلها في هذه الأمّة مثل مريم في بني إسرائيل)
و تنقسم شفاعة النبي – صلى الله عليه و سلم – إلى شفاعة عظمى، وشفاعة خاصة:
1 ـ شفاعة عامة(عظمى) لكل الأمم .
عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللهم عليه وسلم :
ص.بخاري(يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي فيقول ائتوا خليل الرحمن فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيقول لست هناكم ائتوا محمدا صلى اللهم عليه وسلم عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيؤذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثله ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الرابعة فأقول ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود)
من حبسه القرآن يعني قول الله تعالى ( خالدين فيها )
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسـلّم بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسةً ثم قال:
ص.بخاري(أنا سيّد النّاس يوم القيـامة، وهـل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع الله النّـاس الأوّلـين والآخرين في صعيـد واحد يسـمعهم الدّاعي وينفـذهم البصر، وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول النّاس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السّلام فيقولون له: أنت أبوالبشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر المـلائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيـقول آدم: إنّ ربّي قد غضب اليـوم غضبـًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد نهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح إنّك أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتـها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبـوا إلى غيري اذهبـوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ الله وخليـله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد كنت كذبت ثلاث كذبات- فذكرهنّ أبوحيان في الحديث- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيـأتون موسى فيـقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيـأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريـم وروح منه، وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا" اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبـله مثله، ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبًا- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبـوا إلى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسـلّم. فيـأتون محمّـدًا، فيقولون: يا محمّد أنت رسول الله وخـاتم الأنبيـاء، وقد غفر الله لك ما تقـدّم من ذنبك وما تأخّر، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع سـاجدًا لربّي عزّ وجلّ، ثمّ يفتح الله عليّ من محـامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثمّ يقـال: يا محمّد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفعْ تشـفّعْ. فأرفع رأسي فـأقول: أمّتي يا ربّ، أمّتي يا ربّ. فيقال: يا محمّـد أدخل من أمّتـك من لا حسـاب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء النّـاس فيما سوى ذلك من الأبـواب. -ثم قـال- والّذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصـاريع الجنّـة كما بين مكّة وحمير، أو كما بين مكّة وبصرى )
وقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ص. مسلم(يجمع الله تبارك وتعالى النّـاس فيقوم المؤمنون حتّى تزلف لهم الجنّة، فيـأتون آدم فيقولـون: يا أبانـا استفتح لنا الجنّة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنّـة إلاّ خطيئة أبيـكم آدم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيـم خليل الله. قال: فيقـول إبراهيـم: لست بصاحب ذلك إنّما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى صلّى الله عليه وسلّم الّذي كلّمه الله تكليـمًا. فيأتون موسى صلّى الله عليه وسلّم، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه فيقـول عيسى صلّى الله عليه وسلّم: لست بصاحب ذلك. فيأتون محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيقـوم فيؤذن له، وترسل الأمـانة والرّحم فتقومان جنبتي الصّراط يمينًا وشمالاً، فيمرّ أوّلكم كالبرق)). قال: قلت: بأبي أنت وأمّي أيّ شيء كمرّ البرق؟ قال: ((ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين؟ ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كمرّ الطّـير، وشدّ الرّجـال، تجري بهم أعمالهم، ونبيّكم قائم على الصّراط يقـول: ربّ سلّم سلّم. حتّى تـعجز أعمال العبـاد، حتّى يجيء الرّجل فلا يسـتطيع السّير إلاّ زحفًا، قال وفي حافتي الصّراط كلاليب معلّقة مأمورة بأخذ من أمرتْ به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النّـار) والذي نفس أبي هريرة بيـده إن قعر جهنّم لسبعين خريفًا.
قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد(إنّه لم يكن نبيّ إلاّ له دعوة قد تنجّزها في الدّنيا، وإنّي قد اختبأت دعوتي شفـاعةً لأمّتي، وأنا سيّد ولد آدم يوم القيـامة ولا فخر، وأنا أوّل من تـنشقّ عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونـه تحت لوائي ولا فخر، ويطول يوم القيامة على النّاس، فيقول بعضهم لبعض: انطلقـوا بنا إلى آدم أبي البشر، فليشفع لنا إلى ربّنا عزّ وجلّ، فليقض بيننا. فيأتون آدم صلّى الله عليه وسلّم فيقولون: يا آدم أنت الّذي خـلقك الله بيـده وأسكنك جنّته وأسجد لك ملائكته، اشفع لنا إلى ربّنـا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي قد أخرجْت من الجنّة بخطيئتي، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا نوحًا رأس النّبيّين. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح اشفـع لنا إلى ربّنا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض، وإنّه لا يهمّني اليـوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا إبراهيـم خليل الله. فيأتون إبراهيم عليه السّلام فيقولون: يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربّنـا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي كذبت في الإسلام ثلاث كذبـات. -[ والله إن حاول بهنّ إلاّ عن دين الله] قوله:{إنّي سقيم} وقوله:{بل فعله كبيرهم هذا فاسـألوهم إن كانوا ينـطقون} وقوله لامرأته حين أتى على الملك: أختي. - وإنّه لا يهمّـني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا موسى عليه السّلام الّذي اصطفاه الله برسالته وكلامه. فيأتونه فيقولون: يا موسى أنت الّذي اصطفاك الله برسالته وكلّمك، فاشفع لنا إلى ربّك فليقض بيننا. فيقول: لست هنـاكم إنّي قتلت نفسًا بغير نفس، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته. فيـأتون عيسى فيقولـون: يا عيسى اشفع لنـا إلى ربّك فليـقض بيننا. فيقول: إنّي لست هنـاكم إنّي اتّخذت إلهًا من دون الله، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن أرأيتـم لو كان متـاع في وعاء مختوم عليه أكان يقدر على ما في جوفه حتّى يفضّ الخاتم؟ قال: فيقولون: لا. قال: فيقول: إنّ محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم خاتم النّـبيّين، وقد حضر اليـوم وقد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: فيأتوني فيقولون: يا محمّد اشفع لنـا إلى ربّك فليقض بيننا. فأقول: أنا لها. حتّى يأذن الله عزّ وجلّ لمن شاء ويرضى، فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يصـدع بين خلقه نادى مناد: أين أحمد وأمّته؟ فنحن الآخـرون الأوّلـون، نحن آخر الأمم وأوّل من يحاسب، فتفرج لنا الأمم عن طريقنـا فنمضي غرًّا محجّلين من أثر الطّهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمّة أن تكون أنبيـاء كلّها. فنأتي باب الجنّة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب، فيقال: من أنت؟ فأقول: أنـا محمّد. فيفتح لي فآتي ربّي عزّ وجلّ على كرسيّه أو سريره -شكّ حماد- فأخرّ له ساجدًا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي وليس يحمده بها أحد بعدي، فيقال: يا محمّد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفّع. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقـول: أخرج من كان في قلبه مثقـال كذا وكذا. -لم يحفظ حمّاد- ثمّ أعيـد فأسجد فأقول ما قلت، فيقـال: ارفع رأسك وقلْ تسمعْ واشفعْ تشفّعْ. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقول: أخرجْ من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون الأوّل. ثمّ أعيد فأسجد فأقول مثل ذلك فيقال لي: ارفعْ رأسك وقلْ تسمعْ وسلْ تعطه واشفعْ تشفّعْ. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقال: أخرج من كان في قلبه مثقـال كذا وكذا دون ذلك).
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ابن خزيمة(للأنبياء منابر من ذهب فيجلسون عليها، قال: ويبقى منبري لا أجلس عليه ولا أقعد عليه، قائم بين يدي الله ربّي مخافة أنْ يبعث بي إلى الجنّة، وتبقى أمّتي بعدي، فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي. فيقول الله عزّ وجلّ: يا محمّـد ما تريـد أن نصنع بأمّتـك؟ فيقـول: يا ربّ عجّل حسابهم. فيدعى بهم فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتّى أعطى صكاكًا برجـال قد بعث بهم إلى النّار، وحتّى أنّ مالكًا خازن النّار يقول: يا محمّـد ما تركت للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة)
2 ـ شفاعة خاصة
وهي شفاعة خاصة بامة محمد ـ صلى الله عليه وسلم:
و تنقسم الشفاعة الخاصة إلى الأقسام التالية:
أ- شفاعة لعموم أمة محمد
قال أبو هريرة بالبقيع:
أنا أعـلم النّـاس بشفـاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يوم القيـامة. قال: فتداكّ النّاس عليه، فقالوا: إيه يرحمك الله؟ قال: يقول:
مسند الإمام احمد(اللّهمّ اغفر لكلّ عبد مسلم لقيك مؤمن بي لا يشرك بك).
عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ص.بخاري (لكلّ نبيّ دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي في الآخرة)
قال أبوهريرة لكعب الأحبار:
إنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ص.مسلم(لكلّ نبيّ دعوة يدعوها فأنا أريد إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة)
عن عبدالرحمن بن أبي عقيل الثقفي قـال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وفد ثقيف فعلقنا طريقًا من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب، وما في النّاس رجل أبغض إلينا من رجل يولج عليه منه، فدخلنا وسلّمنا وبايعنا فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجل أحبّ إلينا من رجل خرجنا من عنده، فقلت له: يا رسول الله، ألا سألت ربّك ملكًا كملك سليمان. فضحك وقال:
ابن خزيمة( فلعلّ لصـاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان، إنّ الله لم يبعثْ نبيًّا إلاّ أعطاه الله دعوةً، فمنهم من اتّخذ بها دنيـا فأعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه فأهلكوا بها، وإنّ الله تعـالى أعطاني دعوةً فاختبأتها عند ربّي شفـاعةً لأمّتي يوم القيامة).
عن أنس عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ أنه قـال:
ص.بخاري(لكلّ نبيّ سأل سؤلاً -أو قال:- لكلّ نبيّ دعوة قد دعـا بها فاستجيب، فجعلت دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة).
عن عوف بن مـالك الأشجعي قال: عرّس رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ذات ليلة، فافترش كلّ رجل منّا ذراع راحلته، قال: فانتهيت إلى بعض الليل، فإذا ناقة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ليس قدّامها أحـد، قال: فانطلقت أطلب رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم، فإذا معـاذ بن جبل وعبـدالله بن قيس قائمان، قلت: أين رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ قالا: مـا ندري غير أنّا سمعنـا صوتًا بأعلى الوادي. فإذا مثل هزيز الرّحل قـال: امكثوا يسيرًا. ثمّ جـاءنا رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فقال:
الإمام أحمد (إنّه أتاني اللّيلة آت من ربّي فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّـة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة)
فقلنا: ننشدك الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك.
قال:
(فإنّكم من أهل شفاعتي)
قال: فأقبلنا معانيق إلى النّاس فإذا هم قد فزعوا وفقدوا نبيّهم، وقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
(إنّه أتاني اللّيلة من ربّي آت فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، وإنّي اخترت الشّفـاعة)
قالوا: يا رسـول الله ننشدك الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك. قال: فلمّا أضبّوا عليه قال:
(فأنا أشهدكم أنّ شفاعتي لمن لا يشرك بالله شيئًا من أمّتي).
عن عوف بن مالك. فذكر نحو الحديث السـابق غير أنه قال:
ابن خزيمة(إنّ ربّي استشارني في أمّتي فقال: أتحبّ أن أعطيك مسألتك اليوم أم أشفّعك في أمّتك. قال: فقلت: بل اجعلْها شفاعةً لأمّتي)
قال عوف: فقلنا: يا رسول الله اجعلنا في أوّل من تشفع له الشّفاعة. قال: (بل أجعلها لكلّ مسلم).
عن عوف بن مالك أنّهم كانوا مع النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في بعض مغازيه، قال عوف: فسمعت خلفي هزيزًا كهزيز الرّحـا، فإذا أنا بالنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فقلت: إنّ النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إذا كان في أرض العدوّ كان عليه الحرّاس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الحاكم (أتاني آت من ربّي يخيّرني بين أن يـدخل شطر أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة)
فقال معـاذ بن جبل: يا رسول الله قد عرفت قوائي فاجعلْني منهم. قال:
(أنت منهم)
قال عوف بن مالك: يا رسول الله قد عرفْت أنّا تركنا قومنا وأموالنا راغبًا لله ورسوله فاجعلنا منهم. قال:
(أنت منهم)
فانتهينا إلى القوم وقد ثاروا، فقـال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: (اقعدوا)
فقعدوا كأنّهم لم يقم أحد منهم، قال:
(أتاني آت من ربّي فخيّـرني بين أن يدخـل شطر أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة فاخترت الشّفاعة)
فقالوا: يا رسول الله اجعلْنا منهم. فقال: (هي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا).
عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
مسند الإمام أحمد(إنّ ربّكم عزّ وجلّ خيّرني بين سبعين ألفًا يدخلون الجنّة عفـوًا بغير حساب، وبين الخبيئة عنده لأمّتي)
فقـال له بعض أصحابه: يا رسول الله أيخبّئ ذلك ربّك عزّ وجلّ؟ فدخـل رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسـلّم ثمّ خرج وهو يكبّر فقـال:
(إنّ ربّي عزّ وجلّ زادني مع كلّ ألف سبعين ألفًا والخبيئة عنده)
قال أبورهم: يا أبا أيّوب وما تظنّ خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى
آله وسلّم؟ فأكله النّاس بأفواههم فقالوا: وما أنت وخبيئة رسول الله
صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ فقال أبوأيّوب:
دعوا الرّجل عنكم،
أخبرْكم عن خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كما أظنّ بل
كالمستيقن إنّ خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أن يقول:
(ربّ من شهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدًا عبده
ورسولـه مصدّقـًا لسانه قلبه أدخله الجنّة).
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم:
البّزار رحمه الله كما في "كشف الأستار
( أعطيت خمسـًا لم يعطهنّ نبيّ قبلي، بعثت إلى النّاس كافةً الأحمر والأسود، ونصرت بالرّعب يرعب منّي عدوّي على مسيرة شهر، وأطعمت المغنم، وجعلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطيت الشّفـاعة فأخّرتها لأمّتي يوم القيامة)
ب – شفاعة لأهل الكبائر
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد
(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي).
الإمام أبوبكر محمد بن الحسين الآجري رحمه الله في "الشريعـة" عن يزيـد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قـال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
(إنّما الشّفاعة لأهل الكبائر).
عن جـابر بن عبدالله قال: قـال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الترمذي(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي)
عن ابن عمر قال :
كنّا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا نبينا محمدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقرأ {إنّ الله لا يغفر أنْ يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقـال:
البزار(أخّرت شفـاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة).
عن ابن عبـاس عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال ذات يوم:
الطبراني في المعجم الكبير(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي)
قال ابن عبـاس: السابق بالخيرات يدخل الجنّة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنّة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنّة بشفاعة محمّد.
عن أبي الـدرداء قال: قـال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الخطيب (شفـاعتي لأهل الذنوب من أمّتي)
قـال أبوالدرداء: وإن زنى وإن سرق؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(نعم وإن زنى وإن سرق على رغم أنـف أبي الدرداء)
عن أنس بن مالك عن أم حبيبة عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال:
ابن خزيمة(أريت ما تلقى أمّتي بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله كما سبق على الأمم قبلهم، فسألته أن يوليني شفاعةً يوم القيامة فيهم، ففعل).
حدثنـا محمـد بن أحمد بن زيد بعبّادان قال: ثنا عمرو بن عاصم قال: ثنا حرب بن سريج البزار قال: قلت لأبي جعفر محمد بن على بن الحسين: جعلت فداك أرأيت هذه الشّفاعة التي يتحدث بها أهل العراق أحقّ هي؟ قال: شفاعة مـاذا؟ قال: شفاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. قال: حقّ والله، إي والله لحدثني عمّي محمّد ابن علي ابن الحنفية عن علي بن أبي طـالب أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ابن خزيمة (أشفع لأمّتي حتّى يناديني ربّي، فيقول: أرضيـت يا محمّد)
عن أنس قال حدّثني نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد(إنّي لقائم أنتـظر أمّتي تعبر على الصّراط إذ جاءني عيسى فقـال: هذه الأنبياء قد جاءتـك يا محمّد يشتكون -أو قال: يجتمعون- إليك ويدعون الله عزّ وجلّ أن يفرّق جمع الأمم إلى حيث يشاء الله لغمّ مـا هم فيه، والخلق ملجمون في العرق وأمّا المؤمن فهو عليه كالزّكمة، وأمّا الكافر فيتغشّاه الموت، قال: قال: عيسى انتظر حتّى أرجع إليك. قال: فذهب نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتّى قـام تحت العرش، فلقي ما لم يلق ملك مصطفًى ولا نبيّ مرسـل فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبريل: اذهب إلى محمّد، فقل: له ارفعْ رأسـك سلْ تعط، واشفعْ تشفّع. قال: فشفّعت في أمّتي أن أخرج من كلّ تسعة وتسعين إنسانًا واحدًا. قال: فما زلت أتردّد على ربّي عزّ وجلّ فلا أقـوم مقامـًا إلاّ شفّعت، حتّى أعطاني الله عزّ وجلّ من ذلك أن قال: يا محمّد أدخل من أمّتـك من خلق الله عزّ وجلّ من شهد أنّه لا إله إلاّ الله يومـًا واحدًا مخلصًا ومات على ذلك).
عن أم سلمة قالت: قـال لي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ابن عدي في الكامل(يا أمّ سلمة اعملي ولا تتكلي فإنّ شفاعتي للهالكين من أمّتي).
ج - شفاعة لمن أمر بهم إلى النار
ع عن عبدالله بن الحارث أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قـال:
الحافظ أبوبكر بن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" كما في "النهاية" لابن كثير
(أمرّ بقوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّار، قال: فيقولون: يا محمّد ننشدك الشّفاعة، قـال: فآمر الملائكة أن يقفوا بهم، قال: فأنطلق وأستـاذن على الربّ عزّ وجـلّ فيأذن لي فأسجد وأقول: يا ربّ قوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّار. قـال: فيقول لي: انطلقْ فأخرجْ منهم. قال: فأنطلق وأخرج منهم من شاء الله أن أخرج، ثمّ ينـادي البـاقون: يا محمّد ننشدك الشّفـاعة فأرجع إلى الرّبّ فأستأذن. فيؤذن لي فأسجد، فيقـال لي: ارفع رأسك وسلْ تعطه واشفـعْ تشفّعْ. فأثني على الله بثناء لم يثن عليه أحد، أقول: ثمّ قوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّـار. فيقول: انطلق فأخرجْ منهم. قـال: فأقول: يا ربّ أخرج منهم من قال: لا إله إلاّ الله، ومن كان في قلبه حبّة من إيمان؟ قال: فيقول: يا محمّد ليستْ تلك لك، تلك لي. قال: فأنطلق وأخرج من شـاء الله أن أخرج، قال: ويبقى قوم فيدخلون النّار فيعيّرهم أهل النّار، فيقولون: أنتـم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به أدخلكم النّـار، قال: فيحزنون لذلك، قال: فيبعث الله ملكـًا بكفّ من ماء فينضح بها في النّـار، ويغبطهم أهل النّار، ثمّ يخرجون ويدخلون الجنّة فيقال: انطلقوا فتضيّفوا النّاس. فلو أنّهم جميعهم نزلوا برجل واحد كان لهم عنده سعة ويسمّون المحرّرين)
عن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
أبونعيـم رحمه الله في "الحلية" (ليوفّيـهم أجورهم ويزيدهم من فضله) قال:
(أجورهم: يدخلهم الجنّة، ويزيدهم من فضله: الشّفاعة لمن وجبتْ له النّار ممن صنع إليهم المعروف في الدّنيا)
د - شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب
عن أبي بكر الصديق قـال: قـال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الإمام أحمد (أعطيت سبعين ألفـًا يدخلون الجنّة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربّي عزّ وجلّ فزادني مع كلّ واحد سبعين ألفـًا)
قال أبوبكر رضي الله عنه: فرأيت أنّ ذلك آت على أهل القرى ومصيـب من حافّات البوادي.
عن أبي أمـامةأنه قال: سمعْت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول:
الترمذي(وعدني ربّي أنْ يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كلّ ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثياته)
عن عطاء ابن يسار عن رفاعة الجهني قال: أقبلنا مع رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتّى إذا كنّا بالكديـد -أو قـال: بقديد- فجعل رجـال منّا يستأذنون إلى أهليهم فيأذن لهم، فقام رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:
الإمام أحمد (ما بال رجال يكون شقّ الشّجرة الّتي تلي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أبغض إليهم من الشّقّ الآخر فلم نر عند ذلك من القوم إلاّ باكيًا)
فقال رجل:
إنّ الّذي يستأذنك بعد هذا لسفيه. فحمد الله وقال حينئذ:
(أشهد عند الله لا يموت عبـد يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسـول الله صدقًا من قلبه، ثمّ يسـدّد إلاّ سلك في الجنّة)
قال:
(وقد وعدني ربّي عزّ وجلّ أن يدخل من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإنّي لأرجو أن لا يـدخلوها حتّى تبوّءوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرّيّاتكم مساكن في الجنّة). وقال:
(إذا مضى نصف اللّيل -أو قال: ثلثا اللّيل- ينْزل الله عزّ وجلّ إلى السّمـاء الدّنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له؟ من الّذي يدعوني أستجيب له؟ من ذا الّذي يسألني أعطيـه؟ حتّى ينفجر الصّبح).
ه - شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله
عن بريـد بن عبدالله عن أبي بـردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لمّا فرغ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطـاس فلقي دريـد بن الصّمّة، فقتل دريـد وهزم الله أصحابه، قال أبوموسى: وبعثني مع أبي عامر فرمي أبوعامر في ركبته رماه جشميّ بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عمّ من رماك. فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الّذي رماني. فقصدت له فلحقته فلمّا رآني ولّى فاتّبعته وجعلت أقـول له: ألا تستحيي ألا تثـبت. فكفّ فاختلفنـا ضربتين بالسّيف فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزعْ هذا السّهم. فنزعته فنزا منه المـاء قال: يا ابن أخي أقرئ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم السّلام وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبوعامر على النّاس فمكث يسيرًا ثمّ مات، فرجعت فدخلـت على النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في بيتـه على سرير مرمّل، وعليـه فراش قد أثّر رمال السّرير بظهره وجنبه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له: استغفر لي. فدعا بماء فتوضّأ ثمّ رفع يديه فقال: ص.بخاري(اللّهمّ اغفر لعبيد أبي عامر)
ورأيت بياض إبطيه ثمّ قال:
(اللّهمّ اجعله يوم القيـامة فوق كثير من خـلقك من النّـاس)
فقلت: ولي فاستغفر. فقال: (اللهمّ اغفر لعبدالله بن قيـس ذنبه، وأدخله يوم القيـامة مدخـلاً كريمـًا)
عن أم سـلمة قالت: دخل رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه ثمّ قال:
ص.مسلم(إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر)
فضجّ نـاس من أهله فقـال:
(لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون)
ثمّ قال: (اللّهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه).
ابن ماجة(خيرت بين الشفاعة و بين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم و أكفى . أترونها للمتقين ؟ لا . و لكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين )
الشفاعة بسبب فضائل الأعمال
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ابن ماجة(يصف الناس يوم القيامة صفوفاً و قال ابن نمير أهل الجنة فيمر الرجل من أهل النار على الرجل من أهل الجنة فيقول يا فلان : أما تذكر يوم استسقيتني فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له ، و يمر الرجل على الرجل فيقول : أما تذكر يوم ناولتك طهوراً فيشفع له )
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
الإمام أحمد( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان )
شفاعة لعيون من الناس
قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم
الترمذي ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قيل يا رسول الله سواك قال سواي)
فلما قام قلت من هذا قالوا هذا ابن أبي الجذعاء
قال النبي صلى اللهم عليه وسلم:
الدارمي ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي سبعون ألفا )
عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول
الإمام أحمد( ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين أو مثل أحد الحيين ربيعة ومضر)
فقال رجل يا رسول الله وما ربيعة من مضر؟
(فقال إنما أقول ما أقول)
عن أبي سعيد أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال
الترمذي( إن من أمتي من يشفع للفئام من الناس ومنهم من يشفع للقبيلة ومنهم من يشفع للعصبة ومنهم من يشفع للرجل حتى يدخلوا الجنة )
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللهم عليه وسلم أنه قال:
الإمام أحمد ( قد أعطى الله كل نبي عطية فكل قد تعجلها وإني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي وإن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة وإن الرجل ليشفع للقبيلة وإن الرجل ليشفع للعصبة وإن الرجل ليشفع للثلاثة وللرجلين وللرجل)
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
الإمام أحمد (إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته وإن الرجل ليشفع للقبيلة من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته )
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ابن ماجة( إذا خلص الله المؤمنين من النار وأمنوا فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار قال يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار فيقول اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرجنا من قد أمرتنا ثم يقول أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار ثم من كان في قلبه مثقال حبة من خردل قال أبو سعيد فمن لم يصدق هذا فليقرأ " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما" )
فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، و شفع النبيون ، و شفع المؤمنون و لم يبق إلا أرحم الراحمين .
( في البخاري و بقيت شفاعتي بدل قوله و لم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط عادوا حمماً فيلقيقهم في نهر على أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل . ألا ترونها تكون إلى الحجر أو الشجر ما يكون إلى الشمس أصفر و أخضر ، و ما يكون منها إلى الظل يكون أبيض قالوا يا رسول الله : كأنك كنت ترعى بالبادية . قال : فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه و لا خير قدموه ، ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم ، فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين ، فيقول : لكم عندي أفضل من هذا . فيقولون : يا ربنا و أي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبداً .)
و خرج أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن محمد الختلي في كتاب الديباج له ، حدثنا أحمد بن أبي الحارث قال : حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن معمر راشد ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه أخرج كتاباً من تحت العرش :
"إن رحمتي سبقت غضبي فأنا أرحم الراحمين" . قال فيخرج من النار مثل أهل الجنة أو قال مثلي أهل الجنة مكتوب بين أعينهم عتقاء الله .)
عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( يكتب على جباههم عتقاء الرحمن فيسألون أن يمحوا ذلك الاسم عنهم فيمحوه و في رواية فيبعث الله ملكاً فيمحوه عن جباههم و ذكره أبو بكر البزار في مسنده ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها و لا يحيون ، و أما الذين يريد الله إخراجهم فتميتهم النار ثم يخرجون منها فيلقون على نهر الحياة فيرسل الله عليهم من مائها ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل و يدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة : الجهنميين فيدعون الله تعالى فيذهب ذلك الاسم عنهم .)
صفة النار
عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
الترمذي( ناركم هذه التي توقدون جزء واحد من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها)
عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( اشتكت النار إلى ربها وقالت أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف فأما نفسها في الشتاء فزمهرير وأما نفسها في الصيف فسموم)
عن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم أنه قال:
ص.بخاري( إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم)
قال كعب الأحبار:
(والذي نفس كعب بيده, لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كشف عنها لخروج دماغك من منخريك من شدة حرها. يا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ يا قوم طاعة الله أهون عليكم من هذا العذاب فأطيعوه)
(كَلَّا إِنَّهَا لَظَى_ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى)
أي تشوه لحم الوجه وتنزع جلده فتفقده شكله وتسلبه حسنه, إنها قعر مليئة بالخنادق المكفهرة والجبال الحامية العلية, والحيات والعقارب والمقامع والغلال والأصفاد.. طعامها مرير, وماؤها حار حميم, وكلها ذل ومهانة وخزي وندامة وحسرة .
أما أكلها وشربها وفراشها ودركاتها فهي جحيم ولظى ونيران لا تفنى أعدها الله لكل جواظ عتل مستكبر, إذا ذكر لا يذكر, وإذا وعظ لم يتعظ, وإذا سمع آيات الله اتخذها هزواً ولعباً قال رسول اللهr:
قال النبي صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ متكبر)
عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.مسلم( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
الترمذي( أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة)
.
عن سلمان قال : النار سوداء لا يضيء لهبها و لا جمرها ثم قرأ: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيه)
عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
ابن ماجة(إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها وإنها لتدعو الله عز وجل أن لا يعيدها فيها)
عن ابن عباس :( وهذه النار قد ضربت بماء البحر سبع مرات و لولا ذلك ما انتفع بها.)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ص.مسلم( يؤتى بأنعم أهل الدنيا يوم القيامة من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ، هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ، و يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : هل رأيت بؤساً قط ، هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ما مر بي بؤس قط ، و لا رأيت شدة قط .)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها ، و لو أن خازناً من خزنة جهنم أخرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لمات أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى )
سعة النار وضخامتها
النار واسعة ضخمة, يدل على ذلك
1 ـ ما رواه أبو هريرة عن النبيt قال:
كنا مع رسول اللهr, إذ سمع وجبة (أي سقطة) فقال النبيr:
ص.مسلم( تدرون ما هذا قال قلنا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعره)ا
عن هشام عن الحسن قال قال عتبة بن غزوان على منبرنا هذا منبر البصرة عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
الترمذي( إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما وما تفضي إلى قرارها)
قال وكان عمر يقول:
( أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد)
ومما يدل على سعة النار وعظمها
2ـ كثرة الداخلين إليها على ما هم عليه من ضخامة الجسم وعظم الهيئة.
3ـ وكذلك قذف الشمس والقمر فيها على ضخامة الشمس وسعة القمر.
قال رسول اللهr:
و ذكر ابن وهب عن عطاء بن يسار أنه تلا هذه الآية
(وجمع الشمس و القمر)
قال :( يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في النار ، فتكون نار الله الكبرى .)
و خرج أبو داود الطيالسي في مسنده ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(إن الشمس و القمر ثوران عقيران في النار)
و روي عن كعب الأحبار أنه قال : يجاء بالشمس و القمر كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في النار .
عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله r عن قوله تعالى: (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة)
قالت: فأين الناس يومئذ؟
قال:
( على جسر جهنم )
4ـ ومما يدل على سعة جهنم كثرة الملائكة الذين يأتون بها يوم القيامة
قال تعالى : ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّم)
قالr:"
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)
والضيق في جهنم إحدى وسائل العذاب التي يصبها الله على الكفار
والعصاة تنكيلاً بهم وزياد لهم في الغم والهم قال تعالى:
) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً (
فهم ملقون في أضيق الأماكن,وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور فرحين بها, فما أحوجهم يوم القيامة إلى شبر من الأرض يعبدون الله فيه فينجون من ذلك الضيق وذلك العذاب. قال تعالى:
( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ )
أي لفي حبس وضيق شديد
عظم أزمة جهنم ، وقمع النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لها يوم الموقف.
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ص.مسلم( يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها .)
و ذكر ابن وهب قال : حدثني زيد بن أسلم قال قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فناجاه ، فقام النبي صلى الله عليه و سلم منكس الطرف ، فأرسلوا إلى علي فقالوا :
يا أبا الحسن ما بال النبي صلى الله عليه و سلم محزوناً منذ خرج جبريل عنه ، فأتاه علي فوضع يده على عضديه من خلفه و قبل بين كتفيه و قال : ما هذا الذي نراه منك يا رسول الله ؟ فقال :
( يا أبا الحسن أتاني جبريل فقال لي :( إذا دكت الأرض دكاً دكا)ً الآية و جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ، كل زمام يقوده سبعون ألف ملك ، فبينما هم كذلك إذ شردت عليهم شردة انفلتت من أيديهم فلولا أنهم أدركوها لأحرقت من في الجمع فأخذوها .)
و ذكر أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة أنهم يأتون بها تمشي على أربع قوائم و تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك بيد كل واحد حلقة لو جمع حديد الدنيا كله ما عدل منها بحلقة واحدة على كل حلقة سبعون ألف زبني لو أمر زبني منهم أن يدك الجبال لدكها و أن يهد الأرض لهداها ، و أنها إذا انفلتت من أيديهم لم يقدروا على إمساكها لعظم شأنها ، فيجثو كل من في الموقف على الركب حتى المرسلون ، و يتعلق إبراهيم و موسى و عيسى بالعرش . هذا قد نسي الذبيح و هذا قد نسي هارون و هذا قد نسي مريم عليهم السلام و كل واحد منهم يقول : نفسي نفسي لا أسألك اليوم غيرها قال : و هو الأصح عندي صلى الله عليه و سلم يقول أمتي أمتي سلمها يا رب و نجها يا رب و ليس في الموقف من تحمله ركبتاه و هو قوله تعالى : و ترى كل أمة جاثية الآية و عند تفلتها تكبو من الغيظ و الحنق و هو قوله تعالى :
(إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً و زفيراً) أي تعظيماً لغيظها و حنقها يقول الله تعالى :
( تكاد تميز من الغيظ ) أي تكاد تنشق نصفين من شدة غيظها ، فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم بأمر الله تعالى و يأخذ بخطامها و يقول ارجعي مدحورة إلى خلقك حتى يأتيك أهلك أفواجاً فتقول : خلي سبيلي فإنك يا محمد حرام علي ، فينادي مناد من سرادقات العرش اسمعي منه و أطيعي له ، ثم تجذب و تجعل عن شمال العرش و يتحدث أهل الموقف بجذبها فيخف وجلهم و هو قوله تعالى :( و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)
وقود النار
قال تعالى:
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة (
) فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين (
فالناس هم الوقود وهم المعذبون.
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله-:
" وأكثر المفسرين اتفقوا على أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت توقد بها النار ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها:
سرعة الإيقاد وكثرة الدخان, وشدة الالتصاق بالأبدان, وقوة حرها إذا حميت
دركات النار، وسرادقها وبئرها ، ووديانها
إذا صعد العرب إلى أعلي خطوة يسمونها " درجة " ، وإذا نزلوا إلى أسفل يسمونها " دركة " ، ولذا فالجنة درجات ،والنار دركات
وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها, وأعمالهم في الدنيا.
عن ابن مسعود في قوله تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار قال : توابيت من حديد تصمت عليهم في أسفل النار
قال العلماء : أعلى الدركات جهنم و هي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه و سلم و هي التي تخلو من أهلها فتصفق الرياح أبوابها ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية
قال الضحاك : في الدرك الأعلى المحمديون ، و في الثاني النصارى ، و في الثالث اليهود ، و في الرابع الصائبون ، و في الخامس المجوس ، و في السادس مشركو العرب ، و في السابع المنافقون .
1 ـ الدرك الأسفل من النار
قال الله تعالى :
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا )
وهذا هو جزاؤهم ـ في الدرك الأسفل من النارـ لغلظ إيذائهم للمؤمنين وغلظ كفرهم ومكرهم.
2 ـ البئر
قال كعب الأحبار:
(إن في النار بئراً ما فتحت أبوابها بعد, مغلقة ما جاء على جهنم يوم منذ خلقها الله تعالى إلا تستعيذ بالله من شر ما في تلك البئر مخافة إذا فتحت تلك البئر أن يكون فيها من عذاب الله ما لا طاقة لها به ولا صبر لها عليه .)
3 ـ السرادق
و عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( سرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة .)
4 ـ الصعود
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي( الصعود جبل من نار يصعد فيه الكافر سبعين خريفاً و يهوي فيه كذلك أبدا)
5 ـ السكران
عن أنس : أن من مات سكران فإنه يبعث يوم القيامة سكران إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران
6 ـ الويل
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي(الويل : واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره.)
7 ـ اليحموم
جبل في جهنم يستغيث إلى ظله أهل النار . لا بارد بل حار لأنه من دخان شفير جهنم . و لا كريم أي لا عذب.
8 ـ موبق
واد في جهنم يقال له موبق . و قال عكرمة : هو نهر في جهنم يسيل ناراً على حافتيه حيات مثل البغال الدهم ، فإذا سارت إليهم لتأخذهم استغاثوا منها بالاقتحام في النار . و قال أنس بن مالك : هو واد في جهنم من قيح و دم .
9 ـ الغي
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أنها سئلت عن قول الله عز و جل فسوف يلقون غياً قالت : نهر في جهنم .
10 ـ الفلق
اختلفوا في الفلق في قوله تعالى قل أعوذ برب الفلق فروى ابن عباس أنه سجن في جهنم ، و قال كعب : هو بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره.
11 ـ هواء
قصر في جهنم، يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفاً قبل أن يبلغ أصله ، قال الله تعالى:
( و من يحلل عليه غضبي فقد هوى .)
12 ـ آثام
وادي في جهنم ، فيه حيات و عقارب ، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة من سم ، و العقرب منهن مثل البغلة المؤلفة ، تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حمة لدغتها ، فهو لما خلق له ،
و أن في جهنم سبعين داء لأهلها ، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم.
13 ـ البحر الأسود
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( إن في جهنم بحراً أسود مظلماً منتن الريح ، يغرق الله فيه من أكل رزقه و عبد غيره )
14 ـ لملم
عن أبي هريرة أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن في جهنم وادياً يقال له لملم ، و إن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره )
15 ـ المنسا
عن الحسين بن علي ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:
( كل مسكر خمر ، وثلاثة غضب الله عليهم و لا ينظر إليهم و لا يكلمهم ، و هم في المنسا . و المنسا : بئر في جهنم : للمكذب بالقدر ، و المبتدع في دين الله ، و مدمن الخمر)
16 ـ بولس
و ذكر ابن وهب من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر على صورة الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، فيساقون حتى يدخلوا سجناً في جهنم يقال له بولس ، يسقون من عصارة أهل النار من طينة الخبال) أخرجه ابن المبارك .
أخبرنا محمد بن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله الترمذي عليه و سلم قال :
الترمذي(يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس ، يغشاهم الذل من كل مكان ، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس ، تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال)
طينة الخبال عرق أهل النار أو عصارتهم شراب أيضاً لمن شرب المسكر.
و عن جابر : أن رجلاً قدم من جيشان ، و جيشان من اليمن ، فسأل النبي صلى الله عليه و سلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة ، يقال له المزر ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أمسكر هو ؟
قال : نعم .
قال : إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال . قالوا : يا رسول الله ، و ما طيتة الخبال ؟
قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار .
وروي عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (المدينة مهاجري ، و فيها مضجعي ، و منها مخرجي ، حق على أمتي حفظ جيراني فيها ، من حفظ وصيتي كنت له شهيداً يوم القيامة ، و من ضيعها أورده الله حوض الخبال ، قيل : و ما حوض الخبال ؟ قال : حوض من صديد أهل النار)
17 ـ جب الحزن
عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي( تعوذوا بالله من جب الحزن ، فقيل يا رسول الله : و ما جب الحزن ؟ قال : واد في جهنم تتعوذ منه جهنم في كل يوم سبعين مرة ، أعده الله للقراء المرائين )
18 ـ النواعير
وقيل إن في النار أقواماً يربطون بنواعير من نار تدور بهم تلك النواعير ، ما لهم فيها راحة و لا فترة .
و قال محمد بن كعب القرظي . إن لمالك مجلساً في وسط جهنم و جسوراً تمر عليها ملائكة العذاب ، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها.
19 ـ أهون العذاب
وأما أهون الناس عذاباً في النار, فعن النعمان بن بشيرt قال: سمعت النبيr يقول :
مسلم(إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه )
سلاسلها وأغلالها
وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها, فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها ، قال تعالى:
) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (
) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (
وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد, وما أثقلها على أهل النار. ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها وسط الجحيم
قال الحسن:
( إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب, ولكنهم إن طفا بهم اللب أرسبتهم)
(إن لدينا أنكالاً و جحيماً )الآية.
روي عن الحسن أنه قال : ما في جهنم واد و لا مغار و لا غل و لا سلسلة و لا قيد إلا و اسم صاحبها مكتوب عليه .
عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض هي مسيرة خمس مائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها)
و في الخبر : إن شاء الله تعالى ينشئ لأهل النار سحابة ، فإذا رأوها ذكروا سحاب الدنيا فتناديهم : يا أهل النار ما تشتهون ؟ فيقولون : نشتهي الماء البارد فتمطرهم أغلالاً تزاد في أغلالهم و سلاسل تزاد في سلاسلهم .
عن أبي بن كعب قال : إن حلقة من السلسلة التي قال الله ذرعها سبعون ذراعاً إن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا .
و يقال : إن الحلقة من غل أهل جهنم لو ألقيت على أعظم جبل في الدنيا لهدته.
شدة حرها
وأما حر الدنيا فإنه يتقى, فقد مد الله لعباده الظل بما يقيهم الحر, ورزقهم الماء يرويهم من العطش, وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة تلطف وتهون من شدة الفيح.
أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها:
فالهواء سموم.
والظل يحموم .
والماء حميم.
قال تعالى:
( وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ _فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ _ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ _لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (
(انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ _لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ _إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ _ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْر)
وقانا الله من حرها.
1 ـ فمن شدة حرها تلفح الوجوه فتتركها عظاماً لا لحم فيها, قال تعالى:
) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (
2 ـ ومن شدة حرها تصهر البطون وما في أحشائها من أمعاء قال تعالي :
) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ_يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ )
3ـ و شررها فهو قطع ضخمة على قد الحصون والقصور ويشبه الإبل السود في لونه من شدة السواد
4 ـ و دخانها فمتشعب إلى ثلاثة وهو يحموم لا ظليل ولا يغني من لهب جهنم الحارق.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين)
أما عذاب جهنم فإنه ألوان وأشكال متعددة. بحسب تنوع دركاتها وإجرام أهلها .
1ـ الإحاطة
قال تعالى :
) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون(
هذه الآية نزلت في الكفار خاصة فسيئاتهم تحيط بهم ناراً يوم القيامة كما قال تعالى:
) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ(
ففراشهم نار ولحافهم نار وقد أحيطوا بالنيران من كل مكان وكبلوا بالسلاسل والأغلال وسقوا ماء فقطع أمعاءهم .
أن الله جل وعلا لا يظلم مثقال ذرة, لذلك فالمعذبون يختلفون يوم القيامة في العذاب كل بحسب ذنبه وزلته. قالr:
قال قتادة سمعت أبا نضرة يحدث عن سمرة أنه سمع نبي الله صلى اللهم عليه وسلم يقول:
ص.مسلم( إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه )
2 ـ صب الحميم فوق الرؤؤس
ومن عذاب جهنم صب الحميم فوق رؤوس أهلها قال تعالى:
) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ_يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ(
قالr:
( إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما جوفه, حتى يمرق من قديمه, وهو الصهر, ثم يعود كما كان )
3 ـ أكل الفؤاد
ومن أهل النار من تأكله النار إلى فؤاده. قال تعالى:
(كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ _وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ _نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ _الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)
4 ـ دلق الأمعاء في النار
ومنهم من تندلق أمعاءه فيطحن فيها, وذلك الذي يعظ بما لا يتعظ وينصح الناس وينسى نفسه. فقد ثبت أن رسول اللهr
قال :
ص. بخاري( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)
5 ـ لفح الوجه
ومن أهل النار من تلفح النار وجهه, فيلقى فيها كما تلقى السمكة في الزيت الحار, قال تعالى:
) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُون ( )سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّار(
هذا هو حال وجوه أهل النار، لقد ذهب لحمها وبقي عظمها, فيالها من بشاعة, ويا له من ألم ومهانة, تتقلب وجوههم في النار وهم ينادون فلا يسمعون ويصرخون ولا يرحمون, ويطلبون الموت فل يجابون, وحينما تذوب جلودهم بالنار, يبدلهم الله جلوداً غيرها. لأنها مركز إحساسهم بالألم, وهذا فيه آية وإعجاز ،فقد ثبت في الطب الحديث أن الجلد مركز الإحساس بالألم وغيره, وقد ذكر الله جل وعلا أن أهل الجحيم حينما تذوب جلودهم وتحترق يخلق لهم جلودا,ً أخرى ليحسوا بالعذاب من جديد, قال تعالى:
(إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً(
6 ـ العذاب النفسي
وأهل النار يعذبون ظاهراً وباطناً فهم مع عذابهم الجسدي, يتعذبون بالحسرة والندامة على كفرهم وأعمالهم. قال تعالى معددا أنواع عذاب أهل النار النفسي :
( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُون)َ
وتزداد ندامتهم إذ يتبرأ منهم الشيطان الذي أغواهم. قال تعالى:
( فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم)ٌ
بل يصرحون بندامتهم واعترافهم بذنبهم وقلة عقلهم, قال تعالى :
( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِير)ِ
ويتمنون لو أن كانوا تراباً من شدة ندمهم. قال تعالى :
( يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاب)اً
وتارة يلوم بعضهم بعضاً. قال تعالى :
هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّار_( قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ_قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّار)ِ
ويزدادون حسرة إذ يلومهم المؤمنون ويوبخونهم:
( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ_الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُون)َ
وتكتمل حسرتهم إذ يوبخهم الملائكة. قال تعالى:
( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ _لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )
خزنة جهنم
قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون)
فخزنة جهنم موصوفون بالغلظة والشدة لما لمناسبة هاتين الصفتين لمكان العذاب, فهم غلاظ على الكفار شداد عليهم, فلا يغلبون ولا يقهرون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون,
عن عبد الرحمن بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في خرنة جهنم :
( ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق و المغرب )
و قال ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، و قوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمعة فيدفع بتلك الضربة بسبعين ألف إنسان في قعر جهنم .
و أما قوله تعالى :( عليها تسعة عشر) فالمراد رؤساؤهم على ما يأتي ، و أما جملتهم فالعبارة عنهم كما قال الله تعالى :( و ما يعلم جنود ربك إلا هو ).
وقد ذكر الله جل وعلا عدتهم فتنة للمنافقين والكفار فقال سبحانه :
) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ _وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ_ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ_ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر_ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ( وقد افتتن المنافقون بذلك فظنوا أنهم قادرون على هذا العدد القليل, فأعقب الله جل وعلا الآية بقوله:)وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُواََ(
هيئه أهل النار
وأما هيئة أهل النار فإنها عظيمة هائلة ، ولا تسل عن ضروسهم ورؤوسهم وجلودهم فهي من العظمة ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه, وما ذاك إلا ليذوقوا العذاب في أعلى صوره وأنكى شدائده, فإنه كلما تضخم جسمهم كلما قوي العذاب في جنباتهم, فعظم أجسادهم نوع من العذاب قال r :
ص.بخاري( ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص. مسلم ( ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعاً, وعضده مثل البيضاء, وفخذه مثل ورقان, ومقعده من النار ما بيني وبين الربذه)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وفخذه مثل البيضاء ومقعده من النار مسيرة ثلاث مثل الربذة )
ومثل الربذة كما بين المدينة والربذة ، والبيضاء جبل مثل أحد .
طعام أهل الناروشرابهم وفاكهتهم
أهل النار يصيبهم الجوع والعطش, فيطعمهم الله طعاماً يزيدهم عذاباً على عذاب, مما يجدونه من الألم والحر في بطونهم بعد أكله فلا هم يذهبون حرارة الجوع بذلك الطعام, ولا هم يهنؤون, قال تعالى:
(ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ_لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)
والضريع
نوع من الشوك المر النتن, لا ينفع آكله ولا يشبعه ويعرف عند الحجازيين بالشربق.
وكل طعام يأكله أهل النار يجمع عليهم مرارة الطعام وغصته كما قال تعالى :
) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً_وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً(
والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق فلا يسهل عليه دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه للتخلص منه.
صديد الأبدان والقيح.
فمن شدة جوعهم وفقدهم للطعام يلتفتون إلى صديدهم فيطعمون منه ولا يستسيغونه. قال تعالى:
) وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُون)
والغسلين هو الصديد.
فاكهتهم :
فإنها من شجرة الزقوم. وإنها لشجرة شنيعة المنظر فظيعة المظهر مرة المذاق,
قال تعالى وهو يصف تلك الشجرة
(إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم(64)طلعها كأنه رءوس الشياطين(65)فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون(66)ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم(67)ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم)
قال الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
الترمذي( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا, لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم, فكيف بمن يكون طعامه)
عن بن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
الإمام أحمد( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) لو أن قطرة قطرت من الزقوم في الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره)
شرابهم :
أما شراب أهل النار فإنه الحميم الشديد الحرارة, يشربونه من شدة العطش وهم يعملون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم.
قال تعالى :
( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقا)ً
) ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ
(أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون)
فما أتعس أهل النار. فراشهم من نار ولحافهم من نار وفاكهتهم من نار وطعمهم من نار, وشرابهم, الحميم وظلهم اليحموم.. وكلما استغاثوا
قيل لهم : )قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ(
واعلم أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويفرح بتوبة عبده ويفرحه بها, ويجزيه عليها خير الجزاء .
قال تعالى :
( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)
) وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(
لباس أهل النار
وليس اللباس لوقايتهم من الحر وإنما هو زيادة في العذاب وتنوع في النكال. قال تعالى :
فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيم))
(وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد(49)سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار(50) )
والقطران هو النحاس المذاب
هل من النار فداء ؟
وإن من شدة ما يجده أهل النار من الأهوال وألوان العذاب يتمنون فدية أنفسهم بكل شيء قال تعالى:
) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (
) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ_ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه ِوَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ_ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ _كَلَّا إِنَّهَا لَظَى _نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(
كيف نتقي النار
وأما كيف نتقي النار-فمن أجل هذا أنزل الله الكتب وبعث الأنبياء والرسل. فهو موضوع عظيم وجليل يتضمن لب الشريعة ومقصودها, ومن أجل ذلك فرض الله الجهاد والقنال, والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فتقوى النار ليس بالأمر الهين إنها فريق النجاة من جهنم التي سبق الكلام عنها وعن أحوالها وأحوال أهلها وما يلاقونه فيها من ألوان العذاب وحميم الشراب والثياب.
أن النجاة كل النجاة, في الاستقامة على أمر الله بمراد الله لوجه الله, ولن يأتي لك العلم بذلك إلا إذا فقهت أنك في دار ابتلاء وامتحان, وأن الله جل وعلا هو الذي يمتحنك في الدنيا والشيطان والنفس الأمارة والهوى, فقد أنزل وحيه على رسوله rوأمرك باتباعه وبالإخلاص في ذلك, وجعل اتباعك و‘خلصك علامة نجاحك ونجاتك قال تعالى
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور) )
وإحسان العمل إنما يكون بالاتباع لرسول الله r والإخلاص لله سبحانه.
ومن الأعمال التي يمكننا بها أن نتقي النار:
1 ـ الجماعة واجتناب الفرقة
قالr محذرا من الفرقة :
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي)
قال تعالى:
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبكم )
2 ـ اجتناب الشرك
وقال سبحانه مخاطباً رسول الله
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّة)َ)
فالشرك موجب لحبوط الأعمال, موجب للخلود في النار.
3 ـ اجتناب كبائر الذنوب
مثل الحسد والكذب والخيانة والظلم والفواحش والغدر وقطيعة الرحم والبخل وترك الفرائض والرياء والسمعة وعقوق الوالدين وشهادة الزور وغيرها من الكبائر .
4 ـ الصالحات من الأعمال
أداء ما افترض الله عليك فإن الله جل وعلا يحب التقرب إليه بما افترضه على عبده أولاً ثم بالنوافل .
وأهم الفرائض الصلاة فإنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة, فإن صلحت صلح سائر عمله. قال رسول الله r:
النسائي(إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)
5ـ التقوى
هي خير دليل الي الجنة ، وخير حجاب بين العبد وبين النار قال تعالى:
ًوَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه)َ)
وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه. فهو سبحانه أحق أن يُخشى وأحق أن يُهاب
قال تعالى
إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة)ِ)
واعلم بأن تقوى الله تحفظ العبد في الدنيا قبل الآخرة. كما جرى لسفينة مولى النبي r حيث كسر به المركب وخرج إلى الجزيرة, فرأى الأسد فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق, فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه ثم رجع عنه.
تبديل السموات والأرض
عن ثوبان مولى رسول الله ـ صلى اللهم عليه وسلم ـ أنه قال كنت قائما عند رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
(إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي)
فقال اليهودي جئت أسألك
فقال له رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
(أينفعك شيء إن حدثتك)
قال أسمع بأذني
فنكت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم بعود معه فقال:
( سل)
فقال اليهودي أين يكون الناس
( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات)
فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
مسلم(هم في الظلمة دون الجسر)
عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات)
فأين يكون الناس يومئذ ؟ قال :
مسلم( على الصراط )
قال ابن عباس و ابن مسعود :
( تبدل الأرض أرضاً بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام و لم يعمل عليها خطيئة قط .)
فزع الملائكة من النار
ذكر ابن المبارك قال ، أخبرنا معمر عن محمد بن المنكدر قال : لما خلقت النار فزعت الملائكة حتى طارت أفئدتها ، فلما خلق الله آدم سكن ذلك عنهم و ذهب ما كانوا يجدون .
و قال ميمون بن مهران : لما خلق الله جهنم أمرها فزفرت زفرة فلم يبق في السموات السبع ملك إلا خر على وجهه فقال لهم الجبار جل جلاله :
ارفعوا رؤوسكم أما عملتم أني خلقتكم لطاعتي و عبادتي و خلقت جهنم لأهل معصيتي من خلقي . فقالوا : ربنا لا نأمنها حتى نرى أهلها.
فذلك قوله تعالى :( و هم من خشيته مشفقون) فالنار عذاب الله فلا ينبغي لأحد أن يعذب بها .
عن ابن وهب عن زيد بن أسلم أنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و معه إسرافيل فسلما على النبي صلى الله عليه و سلم ، و إذا إسرافيل منكسر الطرف متغير اللون ،
فقال النبي صلى الله عليه و سلم:
(يا جبريل ما لي أرى إسرافيل منكس الطرف متغير اللون ؟)
قال : لاحت له آنفاً حين هبط لمحة من جهنم فلذلك الذي ترى من كسر طرفه.
ابن المبارك قال : أخبرنا محمد بن مطرف عن الثقة : أن فتى من الأنصار دخلته خشية من ذكر النار ، فكان يبكي عند ذكر النار حتى حبسه ذلك في البيت فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فجاءه في البيت ، فلما دخل النبي صلى الله عليه و سلم اعتنقه الفتى فخر ميتاً ، فقال صلى الله عليه و سلم :
(جهزوا صاحبكم فإن الفرق من النار قد فلذ كبده)
و روي أن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى
(و إن جهنم لموعدهم أجمعين )
فر ثلاثة أيام هارباً من الخوف لا يعقل فجيء به إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله ، فقال له يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية قوله عز و جل : إن جهنم لموعدهم أجمعين فو الذي بعثك بالحق نبياً لقد قطعت قلبي فأنزل الله تعالى( إن المتقين في جنات و عيون.)
سؤال العبد لله الجنة ، والاجارة من الله
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي(من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ، و من استجار بالله من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار)
و روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري أو عن ابن حجيرة الأكبر ، عن أبي هريرة أن أحدهما حدثه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :
(إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه و بصره إلى أهل السماء و أهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر نار جهنم ، قال الله لجهنم : إن عبداً من عبادي استجار بي منك و إني أشهدك أني أجرته ، و إذا كان يوم شديد البرد ألقى الله سمعه و بصره إلى أهل السماء و أهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم : قال الله لجهنم : إن عبداً من عبادي قد استجار بي منك و من زمهريك أشهدك أني قد أجرته ، فقالوا و ما زمهرير جهنم ؟ قال : جب يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بعضه من بعض .)
أول الناس دخولا للجنة، وأولهم دخولا للنار
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( أول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد ، و رجل عفيف متعفف ذو عيال ، و عبد أحسن عبادة ربه و أدى حق مواليه ، و أول ثلاثة يدخلون النار : أمير متسلط ، و ذو ثروة من مال لا يؤدي حقه ، و فقير فخور .)
أول من تسعر بهم جهنم
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
مسلم ( إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبك و لكنك قاتلت ليقال فلان جريء ، فقد قيل ثم أمر ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فرفعها قال : قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته و من قرآت فيك القرآن . قال : كذبت و لكنك تعلمت ليقال عالم ، و قرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر بن فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ، ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .) خرجه أبو عسيى الترمذي بمعناه و قال في آخره ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم على ركبتي ، فقال : يا أبا هريرة : أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .
خرجه أبو عسيى الترمذي بمعناه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبك و لكنك قاتلت ليقال فلان جريء ، فقد قيل ثم أمر ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فرفعها قال : قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته و من قرآت فيك القرآن . قال : كذبت و لكنك تعلمت ليقال عالم ، و قرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر بن فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ، ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)
حال الموحدين العصاة في النار
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ص. مسلم( أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قد كان بالبادية)
هذه الموتة للعصاة موتة حقيقية لأنه أكدها بالمصدر ، و ذلك تكريماً لهم حتى لا يحسوا ألم العذاب بعد الاحتراق بخلاف الحي الذي هو من أهلها و مخلد فيها( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب).
و يجوز أن تكون إماتتهم عبارة عن تغيبه إياهم عن آلامها بالنوم ، و لا يكون ذلك موتاً على الحقيقة .
ضبائر ضبائر معناه جماعات جماعات . و بثوا : فرقوا . و الحبة بكسر الحاء بزر البقول. و حميل السيل ما احتمله من غثاوطين.
جهنم و يوم الجمعة
أبو نعيم قال : حدثنا سليمان بن أحمد قال : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري قال : حدثنا علي بن بحر قال : حدثنا سوار بن عبد العزيز ، عن النعمان ابن المنذر ، عن مكحول ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إن جهنم تسعر في كل يوم و تفتح أبوابها إلا يوم الجمعة ، فإنها لا تسعر يوم الجمعة و لا تفتح أبوابها.)
أبواب جهنم السبعة وأجزاؤها المقسومة
قال الله تعالى في محكم كتابه( لها سبعة أبواب )و قال (حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها ).
و عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي ( لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي أو قال على أمة محمد .)
قال أبي بن كعب :
( لجهنم سبعة أبواب أشدهما غماً و كرباً و حراً و أنتنها ريحاً للزناة الذين ارتكبوا بعد العلم ) .
و روى سلام الطويل عن أبي سفيان ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في قول الله تعالى : لها سبعة أبواب الآية :
( جزء أشركوا بالله ، و جزء شكوا في الله ، و جزء أغفلوا عن الله ، و جزء آثروا شهواتهم على الله ، و جزء شفوا غيظهم بغضب الله ، و جزء صيروا رغبتهم بحظهم عن الله ، و جزء عتوا على الله.)
فالمشركون بالله هم الثنوية ،
و الشاكون هم الذين لا يدرون أن لهم إلهاً أو لا إله لهم أو يشكون في شريعته أنها من عنده أولاً.
و الغافلون عن الله هم الذين يجحدونه أصلاً ، ولا يثبتونه و هم الدهرية .
و المؤثرون شهواتهم على الله هم المنهمكون في المعاصي لتكذيبهم رسل الله و أمره و نهيه
والشافون غيظهم بغضب الله تعالى هم القائلون أنبياء الله و سائر الداعين له المعذبون ينصح لهم أو يذهب غير مذهبهم
و المصيرون رغبتهم بحظهم من الله تعالى هم المنكرون للبعث و الحساب ، منهم يعبدون أي شيء يرغبون فيه لهم جميع حظهم من الله تعالى
و العاتون على الله هم الذين لا يبالون بأن يكون ما هم فيه حقاً أو باطلاً فلا يتفكرون و لا يعتبرون و لا يستدلون .
قال بلال:
( كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي في مسجد المدينة وحده ، فمرت به أعرابية فصلت خلفه و لم يعلم بها فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) ، فخرت الأعرابية مغشياً عليها و سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم وجبتها فانصرف ، و دعا بماء فصب على وجهها حتى أفاقت و جلست ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم:
يا هذه ما لك ؟
فقالت : هذا شيء من كتاب الله أو شيء من تلقاء نفسك ؟
فقال يا أعرابية : بل هو من كتاب الله المنزل ،
فقالت كل عضو من أعضائي يعذب على باب منها ؟
قال يا أعرابية بل لكل باب منهم جزء مقسوم يعذب أهل كل باب على قدر أعمالهم
فقالت : و الله إني إمرأة مسكينة لا مال لي ، و لا لي إلا سبعة أعبد أشهدك يا رسول الله أن كل عبد منهم على باب من أبواب جهنم حر لوجه الله تعالى
فأتاه جبريل عليه السلام فقال:
يا رسول الله : بشر الأعرابية أن الله قد قد غفرها لها و حرم عليها أبواب جهنم و فتح لها أبواب الجنة كلها).
ذكر عن بعض أهل العلم في قول الله تعالى :
( لكل باب منهم جزء مقسوم)
قال : من الكفار و المنافقين و الشياطين و بين الباب و الباب خمسمائة عام
فالباب الأول :جهنم
يسمى جهنم لأنه يتجهم في وجوه الرجال و النساء فيأكل لحومهم و هو أهون عذاباً من غيره .
و الباب الثاني :لظى
يقال له لظى نزاعة للشوى . يقول أكله اليدان و الرجلان . تدعو من أدبر عن التوحيد و تولى عما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم .
و الباب الثالث :سقر
و إنما سمي سقر لأنه يأكل اللحم دون العظم .
الباب الرابع :الحطمة
قال الله تعالى :
( و ما أدراك ما الحطمة )
نار الله الموقدة تحطم العظام و تحرق الأفئدة ، قال الله تعالى :
التي تطلع على الأفئدة تأخذه النار من قدميه و تطلع على فؤاده و ترمي بشرر كالقصر ، كما قال تعالى : إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر الآية يعني سوداً فتطلع الشرر إلى السماء ثم تنزل فتحرق وجوههم و أيديهم و أبدانهم فيبكون الدمع حتى ينفد ، ثم يبكون الدماء ، ثم يبكون القيح حتى ينفد القيح حتى لو أن السفن أرسلت تجري فيما خرج من أعينهم لجرت .
و الباب الخامس :الجحيم
و إنما سمي جحيماً لأنه عظيم الجمرة ، الجمرة الواحدة أعظم من الدنيا .
و الباب السادس :السعير
و إنما سمي السعير لأنه يسعر بهم و لم يطف منذ خلق فيه ثلاثمائة قصر ، في كل قصر ثلاثمائة بيت ، في كل بيت ثلاثمائة لون من العذاب ، و فيه الحيات و العقارب و القيود و السلاسل و الأغلال ، و فيه جب الحزن ليس في النار عذاب أشد منه إذا فتح باب الجب حزن أهل النار حزناً شديداً .
و الباب السابع :الهاوية
يقال له الهاوية من وقع فيه لم يخرج منه أبداً ، و فيه بئر الهبهاب و ذلك قوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيراً إذا فتح الهبهاب يخرج منه نار تستعيذ منه النار ، و فيه الذين قال الله تعالى :( سأرهقه صعوداً) أو هو جبل من نار يوضع أعداء الله على وجوههم على ذلك الجبل مغلولة أيديهم إلى أعناقهم مجموعة أعناقهم إلى أقدامهم ، و الزبانية وقوف على رؤوسهم بأيديهم مقامع من حديد إذا ضرب أحدهم بالمقمعة ضربة سمع صوتها الثقلين.
أبواب النار : حديد . فرشها الشوك غشاوتها الظلمة أرضها نحاس و رصاص و زجاج . النار من فوقهم و النار من تحتهم لهم من فوقهم ظلل من النار و من تحتهم ظلل ، أوقد عليها ألف عام حتى احمرت و ألف عام حتى ابيضت و ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة مدلهمة مظلمة قد مزجت بغضب الله . ذكره القتبي في عيون الأخبار .
و ذكر ابن عباس أن جهنم سوداء مظلمة لا ضوء لها و لا لهب ، و هي كما قال الله تعالى لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم على كل باب سبعون ألف جبل ، في كل جبل سبعون ألف شعب من النار ، في كل شعب سبعون ألف شق من النار ، في كل شق سبعون ألف واد ، في كل واد سبعون ألف قصر من نار ، في كل قصر سبعون ألف بيت من نار ، في كل بيت سبعون ألف قلة من سم ، فإذا كان يوم القيامة كشف عنها الغطاء فيطير منها سرادق عن يمين الناس و آخر عن شمالهم ، و سرادق أمامهم ، و سرادق فوقهم و آخر من ورائهم ، فإذا نظر الثقلان إلى ذلك جثوا على ركبهم و كل ينادي رب سلم رب سلم
كلام جهنم وجواز العبور منها
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو هذه الآية يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(أين يكون الناس يوم القيامة يا جبريل ؟ )
قال ، يا محمد : يكونون على أرض بيضاء لم يعمل عليها خطيئة قط و تكون الجبال كالعهن المنفوش يا محمد : إنه ليجاء بجهنم يوم القيامة تزف زفاً عليها سبعون زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك حتى تقف بين يدي الله تعالى فيقول لها : يا جهنم تكلمي ، فتقول : لا إله إلا الله و عز تك و عظمتك لأنتقمن اليوم ممن أكل رزقك و عبد غيرك لا يجوزني إلا من عنده جواز ،
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا جبريل ما الجواز يوم القيامة ؟
قال أبشر و بشر ألا من شهد أن لا إله إلا الله جاز جسر جهنم ،
قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الحمد لله الذي جعل أمتي أهل لا إله إلاالله ).
و خرج الحافظ أبو محمد عبد الغني الحافظ من حديث سليمان بن عمرو يتيم أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
( إذا جمع الخلائق في صعيد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضاً و خزنتها يكفونها و هي تقول : و عزة ربي لتخلين بيني و بين أزواجي أو لأغشين الناس عنقاً واحداً فيقولون من أزواجك ؟ فتقول كل متكبر جبار .)
اشراف أهل الجنة علي أهل النار
يروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطير كما يطير الشرر ، فإذا رفعهم أشرفوا علىأهل الجنة وبينهم حجاب ، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً الآية . و ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة حين يروا الأنهار تطرد بينهم أن أفيضوا علينا من الماء الآية ، فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار
المشركون فداء المؤمنين من النار
عن أبي بردة عن أبيه قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ابن ماجة( إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أذن لأمة محمد في السجود فيسجدون له طويلا ثم يقال ارفعوا رءوسكم قد جعلنا عدتكم فداءكم من النار)
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
ابن ماجة(إن هذه الأمة مرحومة عذابها بأيديها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال هذا فداؤك من النار )
آخر من يخرج من النار وآخرمن يدخل الجنة
قال أبوهريرة إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال:
ص. بخاري(هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟
قالوا لا يا رسول الله.
قال فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟
قالوا لا.
قال:
( فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبع فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولا الجنة مقبل بوجهه قبل النار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيقول هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك فيقول لا وعزتك فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول يا رب أدخلني الجنة فيقول الله ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول تمن فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل من كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه ذلك لك وعشرة أمثاله)
و عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ص. مسلم( آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، و يكبو مرة ، و تسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين و الآخرين ، فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها و أشرب من مائها ، فيقول الله تعالى : يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول : لا يا رب ! و يعاهد أن لا يسأله غيرها ، و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها و أستظل بظلها ، لا أسألك غيرها ، فيقول : يا ابن آدم : لعلي إن أديتك منها تسألني غيرها ؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها ، و ربه يعذره ، لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها ، فإذا منها ترفع له شجرة عند باب الجنة أحسن من الأوليين ، فيقول مثله . فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة ، فيقول : أي رب أدخلينها . فيقول : يا ابن آدم ما يصريني منك ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ؟ فيقول : أي رب أتستهزئ بي ، و أنت رب العالمين ؟ فضحك ابن سمعود فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ فقالوا مم تضحك ؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ؟ قال : من ضحك رب العالمين ، فيقول : إني لا أستهزئ منك و لكني على ما أشاء قادر .)
و قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم :
ذكره الميانشي أبو حفص عمر ابن عبد المجيد القرشي في كتاب الاختيار له في الملح من الأخبار و الآثار .
( آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة ، يقال له جهينة ، تقول أهل الجنة : عند جهينة الخبر اليقين ، هل بقي من الخلائق أحد ؟)
ميراث أهل الجنة منازل الكفار
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
(إن الله تعالى جعل لكل إنسان مسكناً في الجنة و مسكناً في النار ، فأما المؤمنون فيأخذون منازلهم و يرثون منازل الكفار ، و تجعل الكفار في منازلهم من النار ).
و خرجه ابن ماجه بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما منكم من أحد إلا له منزلان : منزل في الجنة و منزل في النار ، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون.
ذبح الموت وخلود أهل الدارين
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
( إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وقد قيل أن نبي الله يحيي عليه السلام هو من سيذبح الموت ، وقيل جبريل عليه السلام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
أخوة الإسلام والإيمان
هاقد اتضحت صورة النار في الأذهان على حقيقتها كما بينتها لنا آيات القرآن ، وأحاديث المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن منا لم يشعر بآلام نار الدنيا، إما في نفسه وإما في الآخرين . تلك النارالتي تعد جزء من سبعين جزء من نار الجحيم .
ها قد علمنا أن لها أزمة ولسانا وعنقا ، وأن لها حوارا مع الملائكة ، وعلمنا أيضا أن بها بحورا وديانا وجبا للحزن ونواعير وعقارب وحيات، علمنا بأبوابها ودركاتها، وما تحويه من طعام وشراب ولباس لأصحابها.
وعلمنا أيضا أنه لافداء منهاـ في الآخرة ـ ولو بكل كنوز الأرض لمن ساقه حظه العاثر إليها، لكننا قدعلمنا أيضا من المعصوم ـ صلوات الله عليه وسلم ـ أن الإفلات والنجاة منهاـ في الدنيا ـ قد يكون بشق تمرة أو كلمة طيبة.
عن عدى بن حاتم أنه قال:
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال كنت عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة والآخر يشكو قطع السبيل فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له ألم أوتك مالا فليقولن بلى ثم ليقولن ألم أرسل إليك رسولا فليقولن بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة )
يا سبحان الله .
شق تمرة فقط يكمن فيه الخلاص من النار بكل أهوالها، فمن منا لايملك شق الفوز هذا؟
أوكلمة واحدة طيبة تصنع بيننا وبين النار حجابا وتلقي بنا في نعم الجنة . يقول المعصوم ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ في حديث آخر لسيدنا معاذ محذرا :
الترمذي(ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )
وأيضا شربة ماء رحمة بحيوان أعجمي غفرت لبغي من بني إسرائيل كل خطاياها ، قال المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم :
ص.بخاري(بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به )
شق تمرة ، أوكلمة طيبة ،أو وشربة ماء لكلب ....
عن أبي سعيد رضي اللهم عنهم عن النبي صلى اللهم عليه وسلم أنه قال :
ص.بخاري(أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا فقال لبنيه لما حضر أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال فإني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف ففعلوا فجمعه الله عز وجل فقال ما حملك قال مخافتك فتلقاه برحمته)
وليس هذا فحسب ، واسمعوا معي قول الحبيب المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو يحكي لنا عن رجل فعل كل الموبقات ،وجاء يوم القيامة وكان على يقين تام من دخوله النار ، لكنه وجد الأمر خلاف ذلك تماما ، كيف ؟ كان هذا الرجل إذا أقرض أحدا وعجز عن السداد في الموعد المحدد ، لم يكن يشق عليه ، وكان يوصي غلامه بذلك .
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال :
النسائي(إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله تعالى أن يتجاوز عنا فلما هلك قال الله عز وجل له هل عملت خيرا قط قال لا إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته ليتقاضى قلت له خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا قال الله تعالى قد تجاوزت عنك )
انظروا معي كيف وقعت رحمة العبد بأخيه في فلب الرب موقعا حسنا ومست وتر الرحمة في قلب أرحم الراحمين ، فغفر للعبد كل ماكان منه . أفيعجز أحدنا أن يفعل هذا مع أخيه المسلم أخيه إذا أقرضه ؟
عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريما له فتوارى عنه ثم وجده فقال إني معسر فقال آلله قال آلله قال فإني سمعت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول :
ص.مسلم( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه )
هكذااقتضت المقارنة التي تكاد الرأس تدور منها ومعها ، الفكاك من النار بكل أهوالها قد يكمن في شق تمرة أو كلمة طيبة أو شربة ماء لكلب يلهث من العطش أو امهال معسر أو الحط عنه .
هل يعجز أحدنا عن فعل هذا ..؟
قد يتساءل فرد كيف يغفر الله لعبد فعل كل الموبقات لرأفته بآخر في مسألة دين ؟أو كيف يلقى برحمته عبدا ثانيا لم يفعل خيرا قط في حياته وطلب من أبنائه أن يحرقوه عند مماته؟ ونفس السؤال يطرح في قصة البغي التي غفر الله لها حين سقت الكلب .
على السائل أن يعي أن الله لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ، هذا أولا ، وثانيا عليه أن يعلم أن رحمة الله قد وسعت كل شيئ ،وأن المعادلة الإيمانية غاية في البساطة والوضوح وهى على المرء أن يفعل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه عنه ، إن فعل هذا ضمن الجنة إن شاء الله ، وليكن أمره مع الله واقع بين الخوف والرجاء . الخوف من الله لأنه شديد العقاب ، والرجاء في الله لأنه الغفور الرحيم .
والمتأمل لتلك الحالات المذكورة آنفا يجد أن أصحابها ـ رغم ما كانوا عليه من فساد ـ قد عاشوا لحظة نادرة قد تأتي في العمر مرة أو أكثر ، وقد لاتأتي على الإطلاق ، وأعني بها لحظة صدق ونية خالصة مع النفس والغير وأيضا مع الله ، فما أحوجنا للحظة كتلك قبل أن نلقى الله لعله يغفر لنا برحمته ما بدر منا من سوء عمل وقول .
.واسمع معي هذا الحديث الطازج المتجدد على الدوام حتى يرث الله الأرض ومن عليها.وهذا هو الحديث الذي حذر فيه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيدنا معاذ من مغبة حصائد اللسان ، ولقد آثرت ذكره هنا كاملا لتبدو شمولته لنا كمنهاج رباني نبوي يفضي بنا ـ إن شاء الله ـ إلى دار السلام .
عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى اللهم عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال:
الترمذي( لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل قال ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ ( يعملون ) ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )
فهيا معي الآن أخوة الإسلام– ودون تسويف – نعيد حساباتنا مع أنفسنا ، ونجدد علاقتنا بالله الذي وسعت رحمته كل شئ ، والذي يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل ، هيا بنا إلي حظيرة الإيمان والطاعة ، إلي بستان القرآن ودوحة المصطفي – صلي الله عليه وسلم – وسنته المطهرة ففيهما فقط النجاة .
:34::34::34:
(ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون)
(3):34:
قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -:
( اتقوا النار و لو بشق تمرة )
النار
مثل وقوفك يـوم الحشر عريانا
مستعطفا قلق الأحشــاء حيرانا
النار تزفر من غيــظ ومن حنق
على العصاة وتلقى الرب غضبان
اقرأ كتابك يا عـبدي على مهل
وانظرإ ليه ترى هل كان ما كان
هيا بنا أخوة الإسلام نتلمس سبيلا يبتعد بنا عن الناروما يقرب منها من قول أو عمل ، سبيلا لامناص منه يتفق مع آيات الله وسنة نبيه العظيم – صلوات الله وسلامه عليه.
يقول الله تعالي :
( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا(102)يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا(103)نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا(104)وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا(105)فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا(106)لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا(107)يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا(108) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا(109)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ( )
) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
( ) ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ()
ويقول المعصوم ـ صلي الله عليه وسلم ـ :
( إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض ، خلق الصور فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه علي فيه شاخص ببصره إلي العرش ينتظرمتي يؤمر)
قال أبوهريرة : وما الصور ؟
قال : قرن
. قال : فكيف هو ؟
قال :
قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولي نفخة الفزع . والثانية : نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولي ، فيقول: انفخ نفخة الفزع ، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، ويأمره فيمدها ويطولها ولايفتر، وهي التي يقول الله تعالي :
( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق )
فتسير الجبال فتكون ترابا ، ترج الأرض بأهلها رجا وهي التي يقول الله تعالي :
( يوم ترجف الراجفة ، تتبعها الرادفة ، قلوب يومئذ واجفة )
فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها ، وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الآرواح ، فيمتد الناس علي ظلالها ، فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان ، وتطير الشياطين هاربة حتي تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع ويولى الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، وهي التي يقول الله تعالي فيها :
(يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد)
فبينما هم علي ذلك إذ انصدعت الأرض من قطر إلي قطر ورأوا أمرا عظيما ، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ، ثم خسف شمسها وقمرها وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم – قال رسول الله صلي الله عليه وسلم والأموات لايعلمون بشئ من ذلك)
ماهو القرن ؟ ومن هو صاحبه ؟
جـاء أعـرابى إلى النبـى r فقـال يا رسـول اللـه ما الصـور ؟! فقـال:
الترمذي( قـرن ينفخ فيه )
عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله صلى اللهم عليه وسلم صاحب الصور فقال:
سنن أبو داود( عن يمينه جبرائل وعن يساره ميكائل)
عن أبي هريرة رضى اللـه عنه أنه قال ، رسول اللـه r :
( ما أطرف صاحب الصور منذ أن خلقه اللـه ووكله بذلك فهو ينتظر بحذاء العرش ما أطرف ينتظر متى يؤمر كأن عينيه كوكبان دريان ) .
عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول اللـه r :
الترمذي(كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ )
قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟
قال: (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله ربنا )
متي تكون النفخة ؟
عن أبى هريرة رضى اللـه عنه أن النبى r قال :
ص.مسلم(خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة )
وعن أوس بن أوس عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
النسائي ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت أي يقولون قد بليت. قال:
( إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام )
فيأمر اللـه جل وعلا إسرافيل بالنفخ فى يوم جمعة ، ولكن متى هو ؟ اللـه أعلم .
نفخة الفزع
قال اللـه تعالى :
)( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ )
من هم المستثنون من فزع هذه النفخة ؟
اختلف أهل العلم فى من استثنى اللـه جل جلاله :
قال بعضهم : إنهم الأنبياء .
ومنهم من قال : أنهم الشهداء .
أو هم الملائكة .
ومنهم من قال هم جبريل وإسرافيل ومكائيل وعزرائيل وحملة العرش فقط ،
ومنهم من قال : هم حور العين فى جنات رب العالمين .
ومنهم من قال : نبى اللـه موسى عليه السلام هوالمستثنى فى قوله تعالى :
() فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
واحتجوا على ذلك بحديث صحيح رواه البخارى أنه r قال :
قال أبو هريرة استب رجلان رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم والذي اصطفى محمدا على العالمين فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين قال فغضب المسلم عند ذلك فلطم وجه اليهودي فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص بخاري (لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون في أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله )
يقول الله تعالى:
( اِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1)وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا )(
أى تنفك كل صلات الكون وروابطه ، تتزلزل الأرض وترتج بأهلها رجَّات عنيفة مزلزلة .
عن ابن عمررضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت )
وفي رواية أخرى :
(من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت)
ولم يذكر وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت *
يقول اللـه تعالى :
)( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ(2)وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ(3)وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ(4)وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ(5)وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(6)وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ(7)وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(9)وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ(10)وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ(11)وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ(12)وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ )(
) إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ( قال ابن عباس : أى جمعت ووضعت تحت العرش .
) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ( أظلمت وتناثرت وذهب ضياءها .
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ( ، الجبال العملاقة الراسية فى الأرض حينذاك يدكها الملك جل جلاله فى الأرض وتتحول إلى قطع صغيرة متناثرة كالعهن المنفوش أى كالصوف المنفوش .
) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ( العشار : هى النوق وهى من أغلى ما يمتلكه العربى فى الجزيرة العربية .
إذا سمع الناس وأهل الأرض جميعا نفخة الفزع، فلا ينظر الرجل إلى هذه النوق ، ما عادت تمثل له شئ أنذاك لأنه حدث لهم ما يشغلهم عن زخارف الدنيا .
) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ( : السباع المفترسة إلى جوار الأليفة .
) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ كتل نارية.: سبحان اللـه! حتى المياه التى كانت سبباً للحياة يحولها اللـه إلى حمم وكتل بركانية .
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ( : زوجت أرواح المؤمنين بالحور العين فى جنات رب العالمين ، أو قرنت الأرواح بالأجساد أو قرن الكافرون بالشياطين.
) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ(8)بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ( : وإذا سئل عن قتل الموءودة أى ذنب اقترفته هذه البريئة لتقتل بهذا الظلم والعدوان .
) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ( : تنشر الصحف للقراءة .
)وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ( : أى طويت كطى السجل للكتب.
) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعرَتْ ( أى تأججت واشتعلت نيرانها.
) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ( : قربت للموحدين ، قربت للمتقين ، قربت للمؤمنين.
) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ( : علم كل واحد حقيقة أقواله وحقيقة أعماله.
هذه النفخة تمضى فترة من الزمن لايعلمها إلا الله .
فقد ثبت من حديث أبى هريرة أنه r قال :
قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( ما بين النفختين أربعون)
قال أربعون يوما قال أبيت قال أربعون شهرا قال أبيت قال أربعون سنة قال أبيت قال ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
قالوا ما معنى أبيت ؟ قال أبيت أن أسأل عن ذلك رسول اللـه r () .
فَعِلْم هذه الأربعين عند رب العالمين ، وبعد الأربعين يأمر اللـه جل وعلا إسرافيل أن ينفخ فى الصور النفخة الثانية.
نفخة الصعق:D
)) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ()
ذكرالطبري والثعلبي وابن معبد حديث أبي هريرةالذي يقول فيه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
(ثم يأمر الله عز و جل إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فيصعق من في السموات و من في الأرض إلا ما شاء الله . فإذا اجتمعوا أمواتاً جاء ملك الموت إلى الجبار فيقول : قد مات أهل السماء و الأرض إلا ما شئت . فيقول الله سبحانه ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت و بقي حملة العرش و بقي جبريل و ميكائيل و إسرافيل و بقيت أنا . فيقول الله عز و جل : ليمت جبريل و ميكائيل . فينطق الله عز و جل العرش . فيقول أي رب يموت جبريل و ميكائيل ؟ فيقول : اسكت إني كتبت الموت على كل من تحت عرشي فيموتان . قال : ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار جل جلاله . فيقول يا رب قد مات جبريل و ميكائيل قيول الله سبحانه ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت و بقي حملة عرشك و بقيت أنا . فيقول : ليمت حملة العرش . فيموتون فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل . ثم يقول : ليمت إسرافيل . فيموت . ثم يأتي ملك الموت فيقول يا رب قد مات حملة عرشك . فيقول ـ و هو أعلم ـ من بقي ؟ فيقول بقيت أنت الحي الذي لا تموت ، و بقيت أنا . فيقول الله : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت . فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولداً لم يلد و لم يولد * و لم يكن له كفواً أحد . فكان كما كان أولاً طوى السماء كطي السجل للكتاب . ثم قال : أنا الجبار . لمن الملك اليوم فلم يجبه أحد فيقول جل ثناؤه و تقدست أسماؤه لله الواحد القهار) .
( ) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ(15)يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( )
نفخة البعث
فإذا نفخ فيه صاحب الصورنفخة البعث ذهب كل روح الي جسده ، فالنفخ في الصور إنما هو سبب لخروج أهل القبور و غيرهم ، فيعيد الله الرفات من أبدان الأموات ، و يجمع ما تفرق منها في البحار و بطون السباع و غيرها ، حتى تصير كهيئاتها الأولى ، ثم يجعل فيها الأرواح فتقوم الناس كلهم أحياء حتى السقط قال الله تعالى : و إذا الموؤدة سئلت فدل على أن المؤودة تحشر و تسأل ، و من قبرها تخرج و تبعث .
عن عبد الله بن مسعود قال : ( فيقومون فيحيون تحية رجل واحد قياماً لرب العالمين ) التحية تكون علي حالين :
أحدهما : أن يضع يديه على ركبتيه و هو قائم و هذا هو المعنى حيث يقول القرآن :
( قياماً لرب العالمين )
و الآخر : أن ينكب على وجهه باركاًمصداقا لقوله تعالي:
( فيخرون سجداً لرب العالمين ) .
بعث النبي صلى الله عليه و سلم من قبره
عن نبيه بن وهب أن كعباً دخل على عائشة رضي الله عنه فذكروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال كعب :
( ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفوا بالقبر ، يضربون بأجنحتهم و يصلون على النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا أمسوا عرجوا و هبط سبعون ألف ملك يحفون بالقبر و يضربون بأجنحتهم و يصلون عن النبي صلى الله عليه و سلم سبعون ألفاً بالليل و سبعون ألفاً بالنهار . و حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يوقرونه صلى الله عليه و سلم .
عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله عز وجل:
( إذا السماء انشقت * و أذنت لربها و حقت) قال :
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
و خرج الختلي أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم في كتاب الديباج له:( أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالساً في قبري ، فينفتح لي باب إلى السماء بحيال رأسي حتى أنظر إلى العرش ، ثم يفتح لي باب من تحتي حتى أنظر إلى الأرض السابعة ، حتى أنظر إلى الثرى ، ثم يفتح لي باب عن يميني حتى أنظر إلى الجنة و منازل أصحابي ، و إن الأرض تحركت تحتي فقلت : ما بالك أيتها الأرض ؟ قالت : إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي ، و أن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في ، فذلك قوله عز وجل :
(وألقت ما فيها و تخلت * و أذنت لربها و حقت)
أي سمعت و أطاعت و حق لها أن تسمع .
عن نافع ، عن ابن عمر قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم و يمينه على أبي بكر و شماله على عمر فقال :
( هكذا نبعث يوم القيامة )
عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و نحن في طائفة من أصحابه و ساق الحديث بطوله إلى قوله جل ثناؤه و تقدست أسماؤه(لله الواحد القهار)
عن علي بن معبد ـ قال أبو هريرة، أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال:
( ثم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات فيبسطها بسطاً ثم يمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجاً و لا أمتاً ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة ، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى : من كان في بطنها و من كان على ظهرها كان على ظهرها . ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش يقال له : ماء الحياة فتمطر السماء عليكم أربعين سنة حتى يكون الماء من فوقكم اثني عشر ذراعاً . ثم يأمر الله عز وجل الأجساد فتنبت كنبات الطراثيث . و كنبات البقل حتى إذا تكلمت أجسادكم فكانت كما كانت يقول الله عز وجل : ليحى حملة العرش فيحيون . ثم يقول : ليحى جبريل و ميكائيل و إسرافيل فيأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور ، ثم يدعو الله تعالى الأرواح فيؤتى بها . تتوهج أرواح المسلمين نوراً والأخرى مظلمة فيأخذها الله فيلقيها في الصور . ثم يقول لإسرافيل انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كلها كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء و الأرض فيقول الله عز و جل : و عزتي و جلالي ليرجع كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد . . . ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم . و أنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها شباباً كلكم أبناء ثلاث و ثلاثين و اللسان يومئذ بالسريانية سراعاً إلى ربهم ينسلون مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ذلك يوم الخروج و حشرناهم فلم نغادر منهم أحداً فتوقفون في موقف عراة غلفاً غرلاً مقدار سبعين عاماً و يعرقون حتى تبلغ منهم الأذقان ، و يلجمهم فيضجون و يقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ؟)
بعث الأيام و الليالي و يوم الجمعة
خرج القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
( إن الله عز و جل يبعث الأيام يوم القيامة على هيأتها . و يبعث يوم الجمعة : زهراء منيرة أهلها محتفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها . ألوانهم كالثلج بياضاً ، و ريحهم يسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما;) يطرقون تعجباً . يدخلون الجنة لا يخالطهم إلا المؤذنون المحتسبون.)
قال أبو عمران الجوني : ما من ليلة تأتي إلا تنادى : اعملوا في ما استطعتم من خير ، فلن أرجع إليكم يوم القيامة .
سائق وشهيد
إذا قامت الساعة انحط على الميت ملك الحسنات و ملك السيئات فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه . ثم حضرا معه واحد سائق ، و الآخر شهيد .
عن ثابت البناني أنه قرأ:
(حم السجدة حتى إذا بلغ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة) وقف فقال :
بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف و لا تحزن و أبشر بالجنة التي كنت توعد قال : فأمن الله خوفه ، و أقر الله عينه فما عظيمة تغشى الناس يوم القيامة فالمؤمن في قرة عين لما هداه الله له ، و لما كان يعمل له في الدنيا.
الشفاعة
شفاعة النبي
تعد شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حبل النجاة الأخير يوم لا ينفع مال ولا بنون ، يوم يغوص البشر في عرقهم ، وتصليهم الشمس بنيرانها الحارقة ، ويطول بهم الانتظار ويسوء حالهم إلى الدرجة التي يتمنون معها الانصراف حتى وإن كان إلى النار.
في هذه اللحظات العصيبة يتوجه البشر ـ كل البشر ـ إلى الأنبياء والرسل بصفتهم قادة البشرية إلى طريق الصلاح والهدى ، لكن هؤلاء القادة والرسل ينصرفون عنهم تباعا، ويلقي كل نبي مسئولية البشر وتخليصهم مما هم عليه على عاتق النبي والرسول الذى جاء بعده ، فنجد آدم عليه السلام يقول نفسي نفسي ويطلب من البشر التوجه إلى نوح عليه السلام ، والذي يقول مثل مقالة أبيه آدم نفسي نفسي ويطلب من البشر التوجه إلى إبراهيم عليه السلام بصفته أبي الأنبياء، لكن خليل الله يلوذ بنفسه أيضا ويرسلهم إلى موسى عليه السلام ، الذي يرسلهم بدوره إلى عيسى عليه السلام ، وكل منهم ينفض يديه عنهم ولايرى إلا ذنبا أو خطأ في حق الله تعالى قد ارتكبه، وينتهي المطاف بالبشرية كلها عند الحبيب محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فيقول قولته المشهورة ( أنا لها أنا لها)
عند الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقط تجد البشرية ما تنشده.
ولندع الأحاديث الشريفة ترسم لنا ملامح هذه الشفاعة لصاحب المقام المحمود في هذه اللحظات الحرجة والحاسمة والمصيرية في حياة البشرية جمعاء .
ص.مسلم (أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأوّل من ينشقّ عنه القبر، وأوّل شافع وأوّل مشفّع).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في تفسير{عسى أن يبعثك ربّك مقامـًا محمودًا} سئل عنها قال:
الترمذي(هي الشّفاعة)
أبونعيم أحمـد بن عبدالله الأصبـهاني رحمه الله في "دلائل النبوة" عن أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قـال:
(أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض، وأوّل شافع، لواء الحمد معي وتحته آدم ومن دونه ومن بعده من المؤمنين).
عن ابن عبـاس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ينتظرونـه، قال: فخرج حتّى إذا دنـا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، فقال بعضهم: عجبًا إنّ الله عزّ وجلّ اتّخذ من خلقه خليلاً اتّخذ إبراهيم خليلاً. وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى كلّمه تكليمًا؟ وقال آخر: فعيـسى كلمة الله وروحه. وقـال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلّم، وقال:
الترمذي(قد سمعت كلامكم وعجبكم، إنّ إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجيّ الله وهو كذلك، وعيسى روح الله وكلمته وهو كذلك، وآدم اصطفـاه الله وهو كذلك، ألا وأنـا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أوّل شافع وأوّل مشفّع يوم القيـامة ولا فخر، وأنا أوّل من يحرّك حلق الجنّـة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأوّلـين والآخرين ولا فخر).
عن أبي الدرداء قال: قال رسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الإمام أحمد(أنا أوّل من يؤذن له بالسّجود يوم القيامة، وأنا أوّل من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يـديّ فأعرف أمّتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك)
فقـال له رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمّتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمّتك؟ قال: (هم غرّ محجّلـون من أثر الوضوء ليـس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنّهم يؤتون كتـبهم بأيمانهم، وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذرّيّتهم).
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
الحاكم(تمـدّ الأرض يوم القيامة مـدًّا لعظمة الرّحمن، ثم لا يكون لبشر من بني آدم إلاّ موضع قدميـه، ثم أدعى أوّل النّاس فأخرّ ساجدًا ثم يؤذن لي فأقـوم فأقول: يا ربّ أخبرني هـذا، لجبريل وهو عن يمين الرّحمن، والله ما رآه جبريل قبلها قطّ، إنّك أرسلتـه إليّ. قال: وجبريل ساكت لا يتكلّم حتّى يقول الله: صدق، ثمّ يؤذن لي في الشّفـاعة فأقول: يا ربّ عبادك عبدوك في أطراف الأرض فذلك المقـام المحمود).
عن سلمـان الفارسي قال: يأتون النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيقولـون: يا نبيّ الله أنت الّذي فتح الله بك وختم بك، وغفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، فاشفع لنا إلى ربّك، فيقول:
ابن خزيمة(نعم، أنا صـاحبكم)
فيخرج يحوش النّار حتّى ينتهي إلى باب الجنّة، فيأخذ بحلقة في الباب من ذهب، فيقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فيقـال: محمد. قال: فيفتح له. قال: فيجيء حتى يقوم بين يدي الله فيستأذن في السّجـود فيؤذن له، قال: فيفتح الله له من الثّناء والتّحميد والتّمجيد ما لم يفتحْه لأحد من الخلائق، فينادى: يا محمّد ارفعْ رأسك، وسلْ تعطه، وادع يجبْ. قال: فيرفع رأسه، فيقـول: (ربّ أمّتي أمّتي )
ثمّ يستأذن في السّجود فيؤذن له، فيفتح له من الثّناء والتّحميـد والتّمجيد ما لم يفتحْ لأحد من الخلائق، فينـادى: يا محمّد، ارفعْ رأسك، سلْ تعطه، واشفعْ تشفّعْ، وادع تجب، قال: يفعل ذلك مرتين أو ثلاثـًا، فيشفع لمن كان في قلبه حبّة من حنطة، أو مثقال شعيرة، أو مثقال حبّة من خرذل من إيمان.
قال سلمان: فذاك المقام المحمود.
عن أبي هريـرة رضي الله عنه عن رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:
أبو نعيم في دلائل النبوة(أنا أوّل من يدخل الجنّة ولا فخر، وأنا أوّل شـافع وأوّل مشفّع، وأنا بيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأوّل شخص يـدخل عليّ الجنّة فـاطمة بنت محمد صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم، ومثـلها في هذه الأمّة مثل مريم في بني إسرائيل)
و تنقسم شفاعة النبي – صلى الله عليه و سلم – إلى شفاعة عظمى، وشفاعة خاصة:
1 ـ شفاعة عامة(عظمى) لكل الأمم .
عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللهم عليه وسلم :
ص.بخاري(يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي فيقول ائتوا خليل الرحمن فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيقول لست هناكم ائتوا محمدا صلى اللهم عليه وسلم عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيؤذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثله ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الرابعة فأقول ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود)
من حبسه القرآن يعني قول الله تعالى ( خالدين فيها )
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسـلّم بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسةً ثم قال:
ص.بخاري(أنا سيّد النّاس يوم القيـامة، وهـل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع الله النّـاس الأوّلـين والآخرين في صعيـد واحد يسـمعهم الدّاعي وينفـذهم البصر، وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول النّاس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السّلام فيقولون له: أنت أبوالبشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر المـلائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيـقول آدم: إنّ ربّي قد غضب اليـوم غضبـًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد نهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح إنّك أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتـها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبـوا إلى غيري اذهبـوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ الله وخليـله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد كنت كذبت ثلاث كذبات- فذكرهنّ أبوحيان في الحديث- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيـأتون موسى فيـقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيـأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريـم وروح منه، وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا" اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبـله مثله، ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبًا- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبـوا إلى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسـلّم. فيـأتون محمّـدًا، فيقولون: يا محمّد أنت رسول الله وخـاتم الأنبيـاء، وقد غفر الله لك ما تقـدّم من ذنبك وما تأخّر، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع سـاجدًا لربّي عزّ وجلّ، ثمّ يفتح الله عليّ من محـامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثمّ يقـال: يا محمّد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفعْ تشـفّعْ. فأرفع رأسي فـأقول: أمّتي يا ربّ، أمّتي يا ربّ. فيقال: يا محمّـد أدخل من أمّتـك من لا حسـاب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء النّـاس فيما سوى ذلك من الأبـواب. -ثم قـال- والّذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصـاريع الجنّـة كما بين مكّة وحمير، أو كما بين مكّة وبصرى )
وقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ص. مسلم(يجمع الله تبارك وتعالى النّـاس فيقوم المؤمنون حتّى تزلف لهم الجنّة، فيـأتون آدم فيقولـون: يا أبانـا استفتح لنا الجنّة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنّـة إلاّ خطيئة أبيـكم آدم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيـم خليل الله. قال: فيقـول إبراهيـم: لست بصاحب ذلك إنّما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى صلّى الله عليه وسلّم الّذي كلّمه الله تكليـمًا. فيأتون موسى صلّى الله عليه وسلّم، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه فيقـول عيسى صلّى الله عليه وسلّم: لست بصاحب ذلك. فيأتون محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فيقـوم فيؤذن له، وترسل الأمـانة والرّحم فتقومان جنبتي الصّراط يمينًا وشمالاً، فيمرّ أوّلكم كالبرق)). قال: قلت: بأبي أنت وأمّي أيّ شيء كمرّ البرق؟ قال: ((ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين؟ ثمّ كمرّ الرّيح، ثمّ كمرّ الطّـير، وشدّ الرّجـال، تجري بهم أعمالهم، ونبيّكم قائم على الصّراط يقـول: ربّ سلّم سلّم. حتّى تـعجز أعمال العبـاد، حتّى يجيء الرّجل فلا يسـتطيع السّير إلاّ زحفًا، قال وفي حافتي الصّراط كلاليب معلّقة مأمورة بأخذ من أمرتْ به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النّـار) والذي نفس أبي هريرة بيـده إن قعر جهنّم لسبعين خريفًا.
قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد(إنّه لم يكن نبيّ إلاّ له دعوة قد تنجّزها في الدّنيا، وإنّي قد اختبأت دعوتي شفـاعةً لأمّتي، وأنا سيّد ولد آدم يوم القيـامة ولا فخر، وأنا أوّل من تـنشقّ عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونـه تحت لوائي ولا فخر، ويطول يوم القيامة على النّاس، فيقول بعضهم لبعض: انطلقـوا بنا إلى آدم أبي البشر، فليشفع لنا إلى ربّنا عزّ وجلّ، فليقض بيننا. فيأتون آدم صلّى الله عليه وسلّم فيقولون: يا آدم أنت الّذي خـلقك الله بيـده وأسكنك جنّته وأسجد لك ملائكته، اشفع لنا إلى ربّنـا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي قد أخرجْت من الجنّة بخطيئتي، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا نوحًا رأس النّبيّين. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح اشفـع لنا إلى ربّنا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض، وإنّه لا يهمّني اليـوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا إبراهيـم خليل الله. فيأتون إبراهيم عليه السّلام فيقولون: يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربّنـا فليقض بيننا. فيقول: إنّي لست هناكم، إنّي كذبت في الإسلام ثلاث كذبـات. -[ والله إن حاول بهنّ إلاّ عن دين الله] قوله:{إنّي سقيم} وقوله:{بل فعله كبيرهم هذا فاسـألوهم إن كانوا ينـطقون} وقوله لامرأته حين أتى على الملك: أختي. - وإنّه لا يهمّـني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا موسى عليه السّلام الّذي اصطفاه الله برسالته وكلامه. فيأتونه فيقولون: يا موسى أنت الّذي اصطفاك الله برسالته وكلّمك، فاشفع لنا إلى ربّك فليقض بيننا. فيقول: لست هنـاكم إنّي قتلت نفسًا بغير نفس، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته. فيـأتون عيسى فيقولـون: يا عيسى اشفع لنـا إلى ربّك فليـقض بيننا. فيقول: إنّي لست هنـاكم إنّي اتّخذت إلهًا من دون الله، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن أرأيتـم لو كان متـاع في وعاء مختوم عليه أكان يقدر على ما في جوفه حتّى يفضّ الخاتم؟ قال: فيقولون: لا. قال: فيقول: إنّ محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم خاتم النّـبيّين، وقد حضر اليـوم وقد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: فيأتوني فيقولون: يا محمّد اشفع لنـا إلى ربّك فليقض بيننا. فأقول: أنا لها. حتّى يأذن الله عزّ وجلّ لمن شاء ويرضى، فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يصـدع بين خلقه نادى مناد: أين أحمد وأمّته؟ فنحن الآخـرون الأوّلـون، نحن آخر الأمم وأوّل من يحاسب، فتفرج لنا الأمم عن طريقنـا فنمضي غرًّا محجّلين من أثر الطّهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمّة أن تكون أنبيـاء كلّها. فنأتي باب الجنّة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب، فيقال: من أنت؟ فأقول: أنـا محمّد. فيفتح لي فآتي ربّي عزّ وجلّ على كرسيّه أو سريره -شكّ حماد- فأخرّ له ساجدًا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي وليس يحمده بها أحد بعدي، فيقال: يا محمّد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفّع. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقـول: أخرج من كان في قلبه مثقـال كذا وكذا. -لم يحفظ حمّاد- ثمّ أعيـد فأسجد فأقول ما قلت، فيقـال: ارفع رأسك وقلْ تسمعْ واشفعْ تشفّعْ. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقول: أخرجْ من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون الأوّل. ثمّ أعيد فأسجد فأقول مثل ذلك فيقال لي: ارفعْ رأسك وقلْ تسمعْ وسلْ تعطه واشفعْ تشفّعْ. فأقول: أي ربّ أمّتي أمّتي. فيقال: أخرج من كان في قلبه مثقـال كذا وكذا دون ذلك).
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ابن خزيمة(للأنبياء منابر من ذهب فيجلسون عليها، قال: ويبقى منبري لا أجلس عليه ولا أقعد عليه، قائم بين يدي الله ربّي مخافة أنْ يبعث بي إلى الجنّة، وتبقى أمّتي بعدي، فأقول: يا ربّ أمّتي أمّتي. فيقول الله عزّ وجلّ: يا محمّـد ما تريـد أن نصنع بأمّتـك؟ فيقـول: يا ربّ عجّل حسابهم. فيدعى بهم فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنّة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنّة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتّى أعطى صكاكًا برجـال قد بعث بهم إلى النّار، وحتّى أنّ مالكًا خازن النّار يقول: يا محمّـد ما تركت للنّار لغضب ربّك في أمّتك من نقمة)
2 ـ شفاعة خاصة
وهي شفاعة خاصة بامة محمد ـ صلى الله عليه وسلم:
و تنقسم الشفاعة الخاصة إلى الأقسام التالية:
أ- شفاعة لعموم أمة محمد
قال أبو هريرة بالبقيع:
أنا أعـلم النّـاس بشفـاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يوم القيـامة. قال: فتداكّ النّاس عليه، فقالوا: إيه يرحمك الله؟ قال: يقول:
مسند الإمام احمد(اللّهمّ اغفر لكلّ عبد مسلم لقيك مؤمن بي لا يشرك بك).
عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ص.بخاري (لكلّ نبيّ دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي في الآخرة)
قال أبوهريرة لكعب الأحبار:
إنّ نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ص.مسلم(لكلّ نبيّ دعوة يدعوها فأنا أريد إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة)
عن عبدالرحمن بن أبي عقيل الثقفي قـال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وفد ثقيف فعلقنا طريقًا من طرق المدينة حتى أنخنا بالباب، وما في النّاس رجل أبغض إلينا من رجل يولج عليه منه، فدخلنا وسلّمنا وبايعنا فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس رجل أحبّ إلينا من رجل خرجنا من عنده، فقلت له: يا رسول الله، ألا سألت ربّك ملكًا كملك سليمان. فضحك وقال:
ابن خزيمة( فلعلّ لصـاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان، إنّ الله لم يبعثْ نبيًّا إلاّ أعطاه الله دعوةً، فمنهم من اتّخذ بها دنيـا فأعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه فأهلكوا بها، وإنّ الله تعـالى أعطاني دعوةً فاختبأتها عند ربّي شفـاعةً لأمّتي يوم القيامة).
عن أنس عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ أنه قـال:
ص.بخاري(لكلّ نبيّ سأل سؤلاً -أو قال:- لكلّ نبيّ دعوة قد دعـا بها فاستجيب، فجعلت دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة).
عن عوف بن مـالك الأشجعي قال: عرّس رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ذات ليلة، فافترش كلّ رجل منّا ذراع راحلته، قال: فانتهيت إلى بعض الليل، فإذا ناقة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ليس قدّامها أحـد، قال: فانطلقت أطلب رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم، فإذا معـاذ بن جبل وعبـدالله بن قيس قائمان، قلت: أين رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ قالا: مـا ندري غير أنّا سمعنـا صوتًا بأعلى الوادي. فإذا مثل هزيز الرّحل قـال: امكثوا يسيرًا. ثمّ جـاءنا رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فقال:
الإمام أحمد (إنّه أتاني اللّيلة آت من ربّي فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّـة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة)
فقلنا: ننشدك الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك.
قال:
(فإنّكم من أهل شفاعتي)
قال: فأقبلنا معانيق إلى النّاس فإذا هم قد فزعوا وفقدوا نبيّهم، وقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
(إنّه أتاني اللّيلة من ربّي آت فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، وإنّي اخترت الشّفـاعة)
قالوا: يا رسـول الله ننشدك الله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك. قال: فلمّا أضبّوا عليه قال:
(فأنا أشهدكم أنّ شفاعتي لمن لا يشرك بالله شيئًا من أمّتي).
عن عوف بن مالك. فذكر نحو الحديث السـابق غير أنه قال:
ابن خزيمة(إنّ ربّي استشارني في أمّتي فقال: أتحبّ أن أعطيك مسألتك اليوم أم أشفّعك في أمّتك. قال: فقلت: بل اجعلْها شفاعةً لأمّتي)
قال عوف: فقلنا: يا رسول الله اجعلنا في أوّل من تشفع له الشّفاعة. قال: (بل أجعلها لكلّ مسلم).
عن عوف بن مالك أنّهم كانوا مع النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في بعض مغازيه، قال عوف: فسمعت خلفي هزيزًا كهزيز الرّحـا، فإذا أنا بالنّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فقلت: إنّ النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إذا كان في أرض العدوّ كان عليه الحرّاس. فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الحاكم (أتاني آت من ربّي يخيّرني بين أن يـدخل شطر أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة)
فقال معـاذ بن جبل: يا رسول الله قد عرفت قوائي فاجعلْني منهم. قال:
(أنت منهم)
قال عوف بن مالك: يا رسول الله قد عرفْت أنّا تركنا قومنا وأموالنا راغبًا لله ورسوله فاجعلنا منهم. قال:
(أنت منهم)
فانتهينا إلى القوم وقد ثاروا، فقـال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: (اقعدوا)
فقعدوا كأنّهم لم يقم أحد منهم، قال:
(أتاني آت من ربّي فخيّـرني بين أن يدخـل شطر أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة فاخترت الشّفاعة)
فقالوا: يا رسول الله اجعلْنا منهم. فقال: (هي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا).
عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
مسند الإمام أحمد(إنّ ربّكم عزّ وجلّ خيّرني بين سبعين ألفًا يدخلون الجنّة عفـوًا بغير حساب، وبين الخبيئة عنده لأمّتي)
فقـال له بعض أصحابه: يا رسول الله أيخبّئ ذلك ربّك عزّ وجلّ؟ فدخـل رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسـلّم ثمّ خرج وهو يكبّر فقـال:
(إنّ ربّي عزّ وجلّ زادني مع كلّ ألف سبعين ألفًا والخبيئة عنده)
قال أبورهم: يا أبا أيّوب وما تظنّ خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى
آله وسلّم؟ فأكله النّاس بأفواههم فقالوا: وما أنت وخبيئة رسول الله
صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم؟ فقال أبوأيّوب:
دعوا الرّجل عنكم،
أخبرْكم عن خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم كما أظنّ بل
كالمستيقن إنّ خبيئة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أن يقول:
(ربّ من شهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدًا عبده
ورسولـه مصدّقـًا لسانه قلبه أدخله الجنّة).
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم:
البّزار رحمه الله كما في "كشف الأستار
( أعطيت خمسـًا لم يعطهنّ نبيّ قبلي، بعثت إلى النّاس كافةً الأحمر والأسود، ونصرت بالرّعب يرعب منّي عدوّي على مسيرة شهر، وأطعمت المغنم، وجعلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطيت الشّفـاعة فأخّرتها لأمّتي يوم القيامة)
ب – شفاعة لأهل الكبائر
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد
(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي).
الإمام أبوبكر محمد بن الحسين الآجري رحمه الله في "الشريعـة" عن يزيـد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قـال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
(إنّما الشّفاعة لأهل الكبائر).
عن جـابر بن عبدالله قال: قـال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الترمذي(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي)
عن ابن عمر قال :
كنّا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا نبينا محمدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقرأ {إنّ الله لا يغفر أنْ يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقـال:
البزار(أخّرت شفـاعتي لأهل الكبائر من أمّتي يوم القيامة).
عن ابن عبـاس عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال ذات يوم:
الطبراني في المعجم الكبير(شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي)
قال ابن عبـاس: السابق بالخيرات يدخل الجنّة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنّة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنّة بشفاعة محمّد.
عن أبي الـدرداء قال: قـال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الخطيب (شفـاعتي لأهل الذنوب من أمّتي)
قـال أبوالدرداء: وإن زنى وإن سرق؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(نعم وإن زنى وإن سرق على رغم أنـف أبي الدرداء)
عن أنس بن مالك عن أم حبيبة عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أنّه قال:
ابن خزيمة(أريت ما تلقى أمّتي بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله كما سبق على الأمم قبلهم، فسألته أن يوليني شفاعةً يوم القيامة فيهم، ففعل).
حدثنـا محمـد بن أحمد بن زيد بعبّادان قال: ثنا عمرو بن عاصم قال: ثنا حرب بن سريج البزار قال: قلت لأبي جعفر محمد بن على بن الحسين: جعلت فداك أرأيت هذه الشّفاعة التي يتحدث بها أهل العراق أحقّ هي؟ قال: شفاعة مـاذا؟ قال: شفاعة محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. قال: حقّ والله، إي والله لحدثني عمّي محمّد ابن علي ابن الحنفية عن علي بن أبي طـالب أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:
ابن خزيمة (أشفع لأمّتي حتّى يناديني ربّي، فيقول: أرضيـت يا محمّد)
عن أنس قال حدّثني نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
مسند الإمام أحمد(إنّي لقائم أنتـظر أمّتي تعبر على الصّراط إذ جاءني عيسى فقـال: هذه الأنبياء قد جاءتـك يا محمّد يشتكون -أو قال: يجتمعون- إليك ويدعون الله عزّ وجلّ أن يفرّق جمع الأمم إلى حيث يشاء الله لغمّ مـا هم فيه، والخلق ملجمون في العرق وأمّا المؤمن فهو عليه كالزّكمة، وأمّا الكافر فيتغشّاه الموت، قال: قال: عيسى انتظر حتّى أرجع إليك. قال: فذهب نبيّ الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتّى قـام تحت العرش، فلقي ما لم يلق ملك مصطفًى ولا نبيّ مرسـل فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبريل: اذهب إلى محمّد، فقل: له ارفعْ رأسـك سلْ تعط، واشفعْ تشفّع. قال: فشفّعت في أمّتي أن أخرج من كلّ تسعة وتسعين إنسانًا واحدًا. قال: فما زلت أتردّد على ربّي عزّ وجلّ فلا أقـوم مقامـًا إلاّ شفّعت، حتّى أعطاني الله عزّ وجلّ من ذلك أن قال: يا محمّد أدخل من أمّتـك من خلق الله عزّ وجلّ من شهد أنّه لا إله إلاّ الله يومـًا واحدًا مخلصًا ومات على ذلك).
عن أم سلمة قالت: قـال لي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
ابن عدي في الكامل(يا أمّ سلمة اعملي ولا تتكلي فإنّ شفاعتي للهالكين من أمّتي).
ج - شفاعة لمن أمر بهم إلى النار
ع عن عبدالله بن الحارث أن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قـال:
الحافظ أبوبكر بن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" كما في "النهاية" لابن كثير
(أمرّ بقوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّار، قال: فيقولون: يا محمّد ننشدك الشّفاعة، قـال: فآمر الملائكة أن يقفوا بهم، قال: فأنطلق وأستـاذن على الربّ عزّ وجـلّ فيأذن لي فأسجد وأقول: يا ربّ قوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّار. قـال: فيقول لي: انطلقْ فأخرجْ منهم. قال: فأنطلق وأخرج منهم من شاء الله أن أخرج، ثمّ ينـادي البـاقون: يا محمّد ننشدك الشّفـاعة فأرجع إلى الرّبّ فأستأذن. فيؤذن لي فأسجد، فيقـال لي: ارفع رأسك وسلْ تعطه واشفـعْ تشفّعْ. فأثني على الله بثناء لم يثن عليه أحد، أقول: ثمّ قوم من أمّتي قد أمر بهم إلى النّـار. فيقول: انطلق فأخرجْ منهم. قـال: فأقول: يا ربّ أخرج منهم من قال: لا إله إلاّ الله، ومن كان في قلبه حبّة من إيمان؟ قال: فيقول: يا محمّد ليستْ تلك لك، تلك لي. قال: فأنطلق وأخرج من شـاء الله أن أخرج، قال: ويبقى قوم فيدخلون النّار فيعيّرهم أهل النّار، فيقولون: أنتـم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به أدخلكم النّـار، قال: فيحزنون لذلك، قال: فيبعث الله ملكـًا بكفّ من ماء فينضح بها في النّـار، ويغبطهم أهل النّار، ثمّ يخرجون ويدخلون الجنّة فيقال: انطلقوا فتضيّفوا النّاس. فلو أنّهم جميعهم نزلوا برجل واحد كان لهم عنده سعة ويسمّون المحرّرين)
عن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
أبونعيـم رحمه الله في "الحلية" (ليوفّيـهم أجورهم ويزيدهم من فضله) قال:
(أجورهم: يدخلهم الجنّة، ويزيدهم من فضله: الشّفاعة لمن وجبتْ له النّار ممن صنع إليهم المعروف في الدّنيا)
د - شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأناس يدخلون الجنة بغير حساب
عن أبي بكر الصديق قـال: قـال رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:
الإمام أحمد (أعطيت سبعين ألفـًا يدخلون الجنّة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربّي عزّ وجلّ فزادني مع كلّ واحد سبعين ألفـًا)
قال أبوبكر رضي الله عنه: فرأيت أنّ ذلك آت على أهل القرى ومصيـب من حافّات البوادي.
عن أبي أمـامةأنه قال: سمعْت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول:
الترمذي(وعدني ربّي أنْ يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كلّ ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثياته)
عن عطاء ابن يسار عن رفاعة الجهني قال: أقبلنا مع رسـول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حتّى إذا كنّا بالكديـد -أو قـال: بقديد- فجعل رجـال منّا يستأذنون إلى أهليهم فيأذن لهم، فقام رسول الله صلّى الله عليـه وعلى آله وسلّم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:
الإمام أحمد (ما بال رجال يكون شقّ الشّجرة الّتي تلي رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أبغض إليهم من الشّقّ الآخر فلم نر عند ذلك من القوم إلاّ باكيًا)
فقال رجل:
إنّ الّذي يستأذنك بعد هذا لسفيه. فحمد الله وقال حينئذ:
(أشهد عند الله لا يموت عبـد يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسـول الله صدقًا من قلبه، ثمّ يسـدّد إلاّ سلك في الجنّة)
قال:
(وقد وعدني ربّي عزّ وجلّ أن يدخل من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإنّي لأرجو أن لا يـدخلوها حتّى تبوّءوا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرّيّاتكم مساكن في الجنّة). وقال:
(إذا مضى نصف اللّيل -أو قال: ثلثا اللّيل- ينْزل الله عزّ وجلّ إلى السّمـاء الدّنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي أحدًا غيري، من ذا يستغفرني فأغفر له؟ من الّذي يدعوني أستجيب له؟ من ذا الّذي يسألني أعطيـه؟ حتّى ينفجر الصّبح).
ه - شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله
عن بريـد بن عبدالله عن أبي بـردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لمّا فرغ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطـاس فلقي دريـد بن الصّمّة، فقتل دريـد وهزم الله أصحابه، قال أبوموسى: وبعثني مع أبي عامر فرمي أبوعامر في ركبته رماه جشميّ بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عمّ من رماك. فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الّذي رماني. فقصدت له فلحقته فلمّا رآني ولّى فاتّبعته وجعلت أقـول له: ألا تستحيي ألا تثـبت. فكفّ فاختلفنـا ضربتين بالسّيف فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزعْ هذا السّهم. فنزعته فنزا منه المـاء قال: يا ابن أخي أقرئ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم السّلام وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبوعامر على النّاس فمكث يسيرًا ثمّ مات، فرجعت فدخلـت على النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في بيتـه على سرير مرمّل، وعليـه فراش قد أثّر رمال السّرير بظهره وجنبه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له: استغفر لي. فدعا بماء فتوضّأ ثمّ رفع يديه فقال: ص.بخاري(اللّهمّ اغفر لعبيد أبي عامر)
ورأيت بياض إبطيه ثمّ قال:
(اللّهمّ اجعله يوم القيـامة فوق كثير من خـلقك من النّـاس)
فقلت: ولي فاستغفر. فقال: (اللهمّ اغفر لعبدالله بن قيـس ذنبه، وأدخله يوم القيـامة مدخـلاً كريمـًا)
عن أم سـلمة قالت: دخل رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه ثمّ قال:
ص.مسلم(إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر)
فضجّ نـاس من أهله فقـال:
(لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون)
ثمّ قال: (اللّهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه).
ابن ماجة(خيرت بين الشفاعة و بين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم و أكفى . أترونها للمتقين ؟ لا . و لكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين )
الشفاعة بسبب فضائل الأعمال
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ابن ماجة(يصف الناس يوم القيامة صفوفاً و قال ابن نمير أهل الجنة فيمر الرجل من أهل النار على الرجل من أهل الجنة فيقول يا فلان : أما تذكر يوم استسقيتني فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له ، و يمر الرجل على الرجل فيقول : أما تذكر يوم ناولتك طهوراً فيشفع له )
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
الإمام أحمد( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان )
شفاعة لعيون من الناس
قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم
الترمذي ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قيل يا رسول الله سواك قال سواي)
فلما قام قلت من هذا قالوا هذا ابن أبي الجذعاء
قال النبي صلى اللهم عليه وسلم:
الدارمي ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي سبعون ألفا )
عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول
الإمام أحمد( ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين أو مثل أحد الحيين ربيعة ومضر)
فقال رجل يا رسول الله وما ربيعة من مضر؟
(فقال إنما أقول ما أقول)
عن أبي سعيد أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال
الترمذي( إن من أمتي من يشفع للفئام من الناس ومنهم من يشفع للقبيلة ومنهم من يشفع للعصبة ومنهم من يشفع للرجل حتى يدخلوا الجنة )
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللهم عليه وسلم أنه قال:
الإمام أحمد ( قد أعطى الله كل نبي عطية فكل قد تعجلها وإني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي وإن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة وإن الرجل ليشفع للقبيلة وإن الرجل ليشفع للعصبة وإن الرجل ليشفع للثلاثة وللرجلين وللرجل)
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
الإمام أحمد (إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته وإن الرجل ليشفع للقبيلة من الناس فيدخلون الجنة بشفاعته وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته )
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ابن ماجة( إذا خلص الله المؤمنين من النار وأمنوا فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا أشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار قال يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار فيقول اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرجنا من قد أمرتنا ثم يقول أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار ثم من كان في قلبه مثقال حبة من خردل قال أبو سعيد فمن لم يصدق هذا فليقرأ " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما" )
فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، و شفع النبيون ، و شفع المؤمنون و لم يبق إلا أرحم الراحمين .
( في البخاري و بقيت شفاعتي بدل قوله و لم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط عادوا حمماً فيلقيقهم في نهر على أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل . ألا ترونها تكون إلى الحجر أو الشجر ما يكون إلى الشمس أصفر و أخضر ، و ما يكون منها إلى الظل يكون أبيض قالوا يا رسول الله : كأنك كنت ترعى بالبادية . قال : فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه و لا خير قدموه ، ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم ، فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين ، فيقول : لكم عندي أفضل من هذا . فيقولون : يا ربنا و أي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول رضائي فلا أسخط عليكم بعده أبداً .)
و خرج أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن محمد الختلي في كتاب الديباج له ، حدثنا أحمد بن أبي الحارث قال : حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن معمر راشد ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه أخرج كتاباً من تحت العرش :
"إن رحمتي سبقت غضبي فأنا أرحم الراحمين" . قال فيخرج من النار مثل أهل الجنة أو قال مثلي أهل الجنة مكتوب بين أعينهم عتقاء الله .)
عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( يكتب على جباههم عتقاء الرحمن فيسألون أن يمحوا ذلك الاسم عنهم فيمحوه و في رواية فيبعث الله ملكاً فيمحوه عن جباههم و ذكره أبو بكر البزار في مسنده ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها و لا يحيون ، و أما الذين يريد الله إخراجهم فتميتهم النار ثم يخرجون منها فيلقون على نهر الحياة فيرسل الله عليهم من مائها ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل و يدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة : الجهنميين فيدعون الله تعالى فيذهب ذلك الاسم عنهم .)
صفة النار
عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
الترمذي( ناركم هذه التي توقدون جزء واحد من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها)
عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( اشتكت النار إلى ربها وقالت أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف فأما نفسها في الشتاء فزمهرير وأما نفسها في الصيف فسموم)
عن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم أنه قال:
ص.بخاري( إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم)
قال كعب الأحبار:
(والذي نفس كعب بيده, لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كشف عنها لخروج دماغك من منخريك من شدة حرها. يا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ يا قوم طاعة الله أهون عليكم من هذا العذاب فأطيعوه)
(كَلَّا إِنَّهَا لَظَى_ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى)
أي تشوه لحم الوجه وتنزع جلده فتفقده شكله وتسلبه حسنه, إنها قعر مليئة بالخنادق المكفهرة والجبال الحامية العلية, والحيات والعقارب والمقامع والغلال والأصفاد.. طعامها مرير, وماؤها حار حميم, وكلها ذل ومهانة وخزي وندامة وحسرة .
أما أكلها وشربها وفراشها ودركاتها فهي جحيم ولظى ونيران لا تفنى أعدها الله لكل جواظ عتل مستكبر, إذا ذكر لا يذكر, وإذا وعظ لم يتعظ, وإذا سمع آيات الله اتخذها هزواً ولعباً قال رسول اللهr:
قال النبي صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ متكبر)
عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.مسلم( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
الترمذي( أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة)
.
عن سلمان قال : النار سوداء لا يضيء لهبها و لا جمرها ثم قرأ: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيه)
عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
ابن ماجة(إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها وإنها لتدعو الله عز وجل أن لا يعيدها فيها)
عن ابن عباس :( وهذه النار قد ضربت بماء البحر سبع مرات و لولا ذلك ما انتفع بها.)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ص.مسلم( يؤتى بأنعم أهل الدنيا يوم القيامة من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ، هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ، و يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : هل رأيت بؤساً قط ، هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ما مر بي بؤس قط ، و لا رأيت شدة قط .)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها ، و لو أن خازناً من خزنة جهنم أخرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لمات أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى )
سعة النار وضخامتها
النار واسعة ضخمة, يدل على ذلك
1 ـ ما رواه أبو هريرة عن النبيt قال:
كنا مع رسول اللهr, إذ سمع وجبة (أي سقطة) فقال النبيr:
ص.مسلم( تدرون ما هذا قال قلنا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعره)ا
عن هشام عن الحسن قال قال عتبة بن غزوان على منبرنا هذا منبر البصرة عن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال:
الترمذي( إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما وما تفضي إلى قرارها)
قال وكان عمر يقول:
( أكثروا ذكر النار فإن حرها شديد وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد)
ومما يدل على سعة النار وعظمها
2ـ كثرة الداخلين إليها على ما هم عليه من ضخامة الجسم وعظم الهيئة.
3ـ وكذلك قذف الشمس والقمر فيها على ضخامة الشمس وسعة القمر.
قال رسول اللهr:
و ذكر ابن وهب عن عطاء بن يسار أنه تلا هذه الآية
(وجمع الشمس و القمر)
قال :( يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في النار ، فتكون نار الله الكبرى .)
و خرج أبو داود الطيالسي في مسنده ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(إن الشمس و القمر ثوران عقيران في النار)
و روي عن كعب الأحبار أنه قال : يجاء بالشمس و القمر كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في النار .
عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله r عن قوله تعالى: (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة)
قالت: فأين الناس يومئذ؟
قال:
( على جسر جهنم )
4ـ ومما يدل على سعة جهنم كثرة الملائكة الذين يأتون بها يوم القيامة
قال تعالى : ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّم)
قالr:"
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها)
والضيق في جهنم إحدى وسائل العذاب التي يصبها الله على الكفار
والعصاة تنكيلاً بهم وزياد لهم في الغم والهم قال تعالى:
) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً (
فهم ملقون في أضيق الأماكن,وقد كانوا في الدنيا ينحتون من الجبال القصور فرحين بها, فما أحوجهم يوم القيامة إلى شبر من الأرض يعبدون الله فيه فينجون من ذلك الضيق وذلك العذاب. قال تعالى:
( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ )
أي لفي حبس وضيق شديد
عظم أزمة جهنم ، وقمع النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لها يوم الموقف.
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ص.مسلم( يؤتى بجهنم يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها .)
و ذكر ابن وهب قال : حدثني زيد بن أسلم قال قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فناجاه ، فقام النبي صلى الله عليه و سلم منكس الطرف ، فأرسلوا إلى علي فقالوا :
يا أبا الحسن ما بال النبي صلى الله عليه و سلم محزوناً منذ خرج جبريل عنه ، فأتاه علي فوضع يده على عضديه من خلفه و قبل بين كتفيه و قال : ما هذا الذي نراه منك يا رسول الله ؟ فقال :
( يا أبا الحسن أتاني جبريل فقال لي :( إذا دكت الأرض دكاً دكا)ً الآية و جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ، كل زمام يقوده سبعون ألف ملك ، فبينما هم كذلك إذ شردت عليهم شردة انفلتت من أيديهم فلولا أنهم أدركوها لأحرقت من في الجمع فأخذوها .)
و ذكر أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة أنهم يأتون بها تمشي على أربع قوائم و تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك بيد كل واحد حلقة لو جمع حديد الدنيا كله ما عدل منها بحلقة واحدة على كل حلقة سبعون ألف زبني لو أمر زبني منهم أن يدك الجبال لدكها و أن يهد الأرض لهداها ، و أنها إذا انفلتت من أيديهم لم يقدروا على إمساكها لعظم شأنها ، فيجثو كل من في الموقف على الركب حتى المرسلون ، و يتعلق إبراهيم و موسى و عيسى بالعرش . هذا قد نسي الذبيح و هذا قد نسي هارون و هذا قد نسي مريم عليهم السلام و كل واحد منهم يقول : نفسي نفسي لا أسألك اليوم غيرها قال : و هو الأصح عندي صلى الله عليه و سلم يقول أمتي أمتي سلمها يا رب و نجها يا رب و ليس في الموقف من تحمله ركبتاه و هو قوله تعالى : و ترى كل أمة جاثية الآية و عند تفلتها تكبو من الغيظ و الحنق و هو قوله تعالى :
(إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً و زفيراً) أي تعظيماً لغيظها و حنقها يقول الله تعالى :
( تكاد تميز من الغيظ ) أي تكاد تنشق نصفين من شدة غيظها ، فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم بأمر الله تعالى و يأخذ بخطامها و يقول ارجعي مدحورة إلى خلقك حتى يأتيك أهلك أفواجاً فتقول : خلي سبيلي فإنك يا محمد حرام علي ، فينادي مناد من سرادقات العرش اسمعي منه و أطيعي له ، ثم تجذب و تجعل عن شمال العرش و يتحدث أهل الموقف بجذبها فيخف وجلهم و هو قوله تعالى :( و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)
وقود النار
قال تعالى:
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة (
) فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين (
فالناس هم الوقود وهم المعذبون.
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله-:
" وأكثر المفسرين اتفقوا على أن المراد بالحجارة حجارة الكبريت توقد بها النار ويقال: إن فيها خمسة أنواع من العذاب ليس في غيرها:
سرعة الإيقاد وكثرة الدخان, وشدة الالتصاق بالأبدان, وقوة حرها إذا حميت
دركات النار، وسرادقها وبئرها ، ووديانها
إذا صعد العرب إلى أعلي خطوة يسمونها " درجة " ، وإذا نزلوا إلى أسفل يسمونها " دركة " ، ولذا فالجنة درجات ،والنار دركات
وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها, وأعمالهم في الدنيا.
عن ابن مسعود في قوله تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار قال : توابيت من حديد تصمت عليهم في أسفل النار
قال العلماء : أعلى الدركات جهنم و هي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه و سلم و هي التي تخلو من أهلها فتصفق الرياح أبوابها ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية
قال الضحاك : في الدرك الأعلى المحمديون ، و في الثاني النصارى ، و في الثالث اليهود ، و في الرابع الصائبون ، و في الخامس المجوس ، و في السادس مشركو العرب ، و في السابع المنافقون .
1 ـ الدرك الأسفل من النار
قال الله تعالى :
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا )
وهذا هو جزاؤهم ـ في الدرك الأسفل من النارـ لغلظ إيذائهم للمؤمنين وغلظ كفرهم ومكرهم.
2 ـ البئر
قال كعب الأحبار:
(إن في النار بئراً ما فتحت أبوابها بعد, مغلقة ما جاء على جهنم يوم منذ خلقها الله تعالى إلا تستعيذ بالله من شر ما في تلك البئر مخافة إذا فتحت تلك البئر أن يكون فيها من عذاب الله ما لا طاقة لها به ولا صبر لها عليه .)
3 ـ السرادق
و عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( سرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة .)
4 ـ الصعود
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي( الصعود جبل من نار يصعد فيه الكافر سبعين خريفاً و يهوي فيه كذلك أبدا)
5 ـ السكران
عن أنس : أن من مات سكران فإنه يبعث يوم القيامة سكران إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران
6 ـ الويل
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي(الويل : واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره.)
7 ـ اليحموم
جبل في جهنم يستغيث إلى ظله أهل النار . لا بارد بل حار لأنه من دخان شفير جهنم . و لا كريم أي لا عذب.
8 ـ موبق
واد في جهنم يقال له موبق . و قال عكرمة : هو نهر في جهنم يسيل ناراً على حافتيه حيات مثل البغال الدهم ، فإذا سارت إليهم لتأخذهم استغاثوا منها بالاقتحام في النار . و قال أنس بن مالك : هو واد في جهنم من قيح و دم .
9 ـ الغي
عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أنها سئلت عن قول الله عز و جل فسوف يلقون غياً قالت : نهر في جهنم .
10 ـ الفلق
اختلفوا في الفلق في قوله تعالى قل أعوذ برب الفلق فروى ابن عباس أنه سجن في جهنم ، و قال كعب : هو بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره.
11 ـ هواء
قصر في جهنم، يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفاً قبل أن يبلغ أصله ، قال الله تعالى:
( و من يحلل عليه غضبي فقد هوى .)
12 ـ آثام
وادي في جهنم ، فيه حيات و عقارب ، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة من سم ، و العقرب منهن مثل البغلة المؤلفة ، تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حمة لدغتها ، فهو لما خلق له ،
و أن في جهنم سبعين داء لأهلها ، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم.
13 ـ البحر الأسود
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( إن في جهنم بحراً أسود مظلماً منتن الريح ، يغرق الله فيه من أكل رزقه و عبد غيره )
14 ـ لملم
عن أبي هريرة أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن في جهنم وادياً يقال له لملم ، و إن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره )
15 ـ المنسا
عن الحسين بن علي ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال:
( كل مسكر خمر ، وثلاثة غضب الله عليهم و لا ينظر إليهم و لا يكلمهم ، و هم في المنسا . و المنسا : بئر في جهنم : للمكذب بالقدر ، و المبتدع في دين الله ، و مدمن الخمر)
16 ـ بولس
و ذكر ابن وهب من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أشباه الذر على صورة الناس ، يعلوهم كل شيء من الصغار ، فيساقون حتى يدخلوا سجناً في جهنم يقال له بولس ، يسقون من عصارة أهل النار من طينة الخبال) أخرجه ابن المبارك .
أخبرنا محمد بن عجلان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله الترمذي عليه و سلم قال :
الترمذي(يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس ، يغشاهم الذل من كل مكان ، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس ، تعلوهم نار الأنيار ، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال)
طينة الخبال عرق أهل النار أو عصارتهم شراب أيضاً لمن شرب المسكر.
و عن جابر : أن رجلاً قدم من جيشان ، و جيشان من اليمن ، فسأل النبي صلى الله عليه و سلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة ، يقال له المزر ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أمسكر هو ؟
قال : نعم .
قال : إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال . قالوا : يا رسول الله ، و ما طيتة الخبال ؟
قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار .
وروي عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (المدينة مهاجري ، و فيها مضجعي ، و منها مخرجي ، حق على أمتي حفظ جيراني فيها ، من حفظ وصيتي كنت له شهيداً يوم القيامة ، و من ضيعها أورده الله حوض الخبال ، قيل : و ما حوض الخبال ؟ قال : حوض من صديد أهل النار)
17 ـ جب الحزن
عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
الترمذي( تعوذوا بالله من جب الحزن ، فقيل يا رسول الله : و ما جب الحزن ؟ قال : واد في جهنم تتعوذ منه جهنم في كل يوم سبعين مرة ، أعده الله للقراء المرائين )
18 ـ النواعير
وقيل إن في النار أقواماً يربطون بنواعير من نار تدور بهم تلك النواعير ، ما لهم فيها راحة و لا فترة .
و قال محمد بن كعب القرظي . إن لمالك مجلساً في وسط جهنم و جسوراً تمر عليها ملائكة العذاب ، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها.
19 ـ أهون العذاب
وأما أهون الناس عذاباً في النار, فعن النعمان بن بشيرt قال: سمعت النبيr يقول :
مسلم(إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه )
سلاسلها وأغلالها
وأهل النار في عذاب دائم, فقد جعل الله في أعناقهم الأغلال يسحبون منها, فتزيدهم عذاباً على عذاب وخلق لهم سلاسل يسلكون فيها ، قال تعالى:
) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (
) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (
وما أعظم تلك السلاسل والأغلال, وتلك المقامع والأصفاد, وما أثقلها على أهل النار. ويا للهوان والذل الذي يجلبه منظر حاملها وسط الجحيم
قال الحسن:
( إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب, ولكنهم إن طفا بهم اللب أرسبتهم)
(إن لدينا أنكالاً و جحيماً )الآية.
روي عن الحسن أنه قال : ما في جهنم واد و لا مغار و لا غل و لا سلسلة و لا قيد إلا و اسم صاحبها مكتوب عليه .
عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض هي مسيرة خمس مائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها)
و في الخبر : إن شاء الله تعالى ينشئ لأهل النار سحابة ، فإذا رأوها ذكروا سحاب الدنيا فتناديهم : يا أهل النار ما تشتهون ؟ فيقولون : نشتهي الماء البارد فتمطرهم أغلالاً تزاد في أغلالهم و سلاسل تزاد في سلاسلهم .
عن أبي بن كعب قال : إن حلقة من السلسلة التي قال الله ذرعها سبعون ذراعاً إن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا .
و يقال : إن الحلقة من غل أهل جهنم لو ألقيت على أعظم جبل في الدنيا لهدته.
شدة حرها
وأما حر الدنيا فإنه يتقى, فقد مد الله لعباده الظل بما يقيهم الحر, ورزقهم الماء يرويهم من العطش, وأوجد لهم الهواء والريح الكريمة تلطف وتهون من شدة الفيح.
أما في جهنم فإن هذه الثلاثة تنقلب عذاباً على أهلها:
فالهواء سموم.
والظل يحموم .
والماء حميم.
قال تعالى:
( وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ _فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ _ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ _لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (
(انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ _لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ _إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ _ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْر)
وقانا الله من حرها.
1 ـ فمن شدة حرها تلفح الوجوه فتتركها عظاماً لا لحم فيها, قال تعالى:
) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (
2 ـ ومن شدة حرها تصهر البطون وما في أحشائها من أمعاء قال تعالي :
) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ_يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ )
3ـ و شررها فهو قطع ضخمة على قد الحصون والقصور ويشبه الإبل السود في لونه من شدة السواد
4 ـ و دخانها فمتشعب إلى ثلاثة وهو يحموم لا ظليل ولا يغني من لهب جهنم الحارق.
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين)
أما عذاب جهنم فإنه ألوان وأشكال متعددة. بحسب تنوع دركاتها وإجرام أهلها .
1ـ الإحاطة
قال تعالى :
) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون(
هذه الآية نزلت في الكفار خاصة فسيئاتهم تحيط بهم ناراً يوم القيامة كما قال تعالى:
) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ(
ففراشهم نار ولحافهم نار وقد أحيطوا بالنيران من كل مكان وكبلوا بالسلاسل والأغلال وسقوا ماء فقطع أمعاءهم .
أن الله جل وعلا لا يظلم مثقال ذرة, لذلك فالمعذبون يختلفون يوم القيامة في العذاب كل بحسب ذنبه وزلته. قالr:
قال قتادة سمعت أبا نضرة يحدث عن سمرة أنه سمع نبي الله صلى اللهم عليه وسلم يقول:
ص.مسلم( إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه )
2 ـ صب الحميم فوق الرؤؤس
ومن عذاب جهنم صب الحميم فوق رؤوس أهلها قال تعالى:
) هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ_يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ(
قالr:
( إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما جوفه, حتى يمرق من قديمه, وهو الصهر, ثم يعود كما كان )
3 ـ أكل الفؤاد
ومن أهل النار من تأكله النار إلى فؤاده. قال تعالى:
(كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ _وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ _نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ _الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)
4 ـ دلق الأمعاء في النار
ومنهم من تندلق أمعاءه فيطحن فيها, وذلك الذي يعظ بما لا يتعظ وينصح الناس وينسى نفسه. فقد ثبت أن رسول اللهr
قال :
ص. بخاري( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)
5 ـ لفح الوجه
ومن أهل النار من تلفح النار وجهه, فيلقى فيها كما تلقى السمكة في الزيت الحار, قال تعالى:
) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُون ( )سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّار(
هذا هو حال وجوه أهل النار، لقد ذهب لحمها وبقي عظمها, فيالها من بشاعة, ويا له من ألم ومهانة, تتقلب وجوههم في النار وهم ينادون فلا يسمعون ويصرخون ولا يرحمون, ويطلبون الموت فل يجابون, وحينما تذوب جلودهم بالنار, يبدلهم الله جلوداً غيرها. لأنها مركز إحساسهم بالألم, وهذا فيه آية وإعجاز ،فقد ثبت في الطب الحديث أن الجلد مركز الإحساس بالألم وغيره, وقد ذكر الله جل وعلا أن أهل الجحيم حينما تذوب جلودهم وتحترق يخلق لهم جلودا,ً أخرى ليحسوا بالعذاب من جديد, قال تعالى:
(إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً(
6 ـ العذاب النفسي
وأهل النار يعذبون ظاهراً وباطناً فهم مع عذابهم الجسدي, يتعذبون بالحسرة والندامة على كفرهم وأعمالهم. قال تعالى معددا أنواع عذاب أهل النار النفسي :
( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُون)َ
وتزداد ندامتهم إذ يتبرأ منهم الشيطان الذي أغواهم. قال تعالى:
( فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم)ٌ
بل يصرحون بندامتهم واعترافهم بذنبهم وقلة عقلهم, قال تعالى :
( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِير)ِ
ويتمنون لو أن كانوا تراباً من شدة ندمهم. قال تعالى :
( يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاب)اً
وتارة يلوم بعضهم بعضاً. قال تعالى :
هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّار_( قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ_قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّار)ِ
ويزدادون حسرة إذ يلومهم المؤمنون ويوبخونهم:
( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ_الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُون)َ
وتكتمل حسرتهم إذ يوبخهم الملائكة. قال تعالى:
( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ _لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )
خزنة جهنم
قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون)
فخزنة جهنم موصوفون بالغلظة والشدة لما لمناسبة هاتين الصفتين لمكان العذاب, فهم غلاظ على الكفار شداد عليهم, فلا يغلبون ولا يقهرون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون,
عن عبد الرحمن بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في خرنة جهنم :
( ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق و المغرب )
و قال ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، و قوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمعة فيدفع بتلك الضربة بسبعين ألف إنسان في قعر جهنم .
و أما قوله تعالى :( عليها تسعة عشر) فالمراد رؤساؤهم على ما يأتي ، و أما جملتهم فالعبارة عنهم كما قال الله تعالى :( و ما يعلم جنود ربك إلا هو ).
وقد ذكر الله جل وعلا عدتهم فتنة للمنافقين والكفار فقال سبحانه :
) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ _وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ_ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ_ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَر_ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ( وقد افتتن المنافقون بذلك فظنوا أنهم قادرون على هذا العدد القليل, فأعقب الله جل وعلا الآية بقوله:)وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُواََ(
هيئه أهل النار
وأما هيئة أهل النار فإنها عظيمة هائلة ، ولا تسل عن ضروسهم ورؤوسهم وجلودهم فهي من العظمة ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه, وما ذاك إلا ليذوقوا العذاب في أعلى صوره وأنكى شدائده, فإنه كلما تضخم جسمهم كلما قوي العذاب في جنباتهم, فعظم أجسادهم نوع من العذاب قال r :
ص.بخاري( ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص. مسلم ( ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعاً, وعضده مثل البيضاء, وفخذه مثل ورقان, ومقعده من النار ما بيني وبين الربذه)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وفخذه مثل البيضاء ومقعده من النار مسيرة ثلاث مثل الربذة )
ومثل الربذة كما بين المدينة والربذة ، والبيضاء جبل مثل أحد .
طعام أهل الناروشرابهم وفاكهتهم
أهل النار يصيبهم الجوع والعطش, فيطعمهم الله طعاماً يزيدهم عذاباً على عذاب, مما يجدونه من الألم والحر في بطونهم بعد أكله فلا هم يذهبون حرارة الجوع بذلك الطعام, ولا هم يهنؤون, قال تعالى:
(ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ_لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)
والضريع
نوع من الشوك المر النتن, لا ينفع آكله ولا يشبعه ويعرف عند الحجازيين بالشربق.
وكل طعام يأكله أهل النار يجمع عليهم مرارة الطعام وغصته كما قال تعالى :
) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيماً_وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً(
والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق فلا يسهل عليه دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه للتخلص منه.
صديد الأبدان والقيح.
فمن شدة جوعهم وفقدهم للطعام يلتفتون إلى صديدهم فيطعمون منه ولا يستسيغونه. قال تعالى:
) وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُون)
والغسلين هو الصديد.
فاكهتهم :
فإنها من شجرة الزقوم. وإنها لشجرة شنيعة المنظر فظيعة المظهر مرة المذاق,
قال تعالى وهو يصف تلك الشجرة
(إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم(64)طلعها كأنه رءوس الشياطين(65)فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون(66)ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم(67)ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم)
قال الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
الترمذي( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا, لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم, فكيف بمن يكون طعامه)
عن بن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
الإمام أحمد( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) لو أن قطرة قطرت من الزقوم في الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره)
شرابهم :
أما شراب أهل النار فإنه الحميم الشديد الحرارة, يشربونه من شدة العطش وهم يعملون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم.
قال تعالى :
( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقا)ً
) ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ
(أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون)
فما أتعس أهل النار. فراشهم من نار ولحافهم من نار وفاكهتهم من نار وطعمهم من نار, وشرابهم, الحميم وظلهم اليحموم.. وكلما استغاثوا
قيل لهم : )قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ(
واعلم أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويفرح بتوبة عبده ويفرحه بها, ويجزيه عليها خير الجزاء .
قال تعالى :
( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)
) وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(
لباس أهل النار
وليس اللباس لوقايتهم من الحر وإنما هو زيادة في العذاب وتنوع في النكال. قال تعالى :
فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيم))
(وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد(49)سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار(50) )
والقطران هو النحاس المذاب
هل من النار فداء ؟
وإن من شدة ما يجده أهل النار من الأهوال وألوان العذاب يتمنون فدية أنفسهم بكل شيء قال تعالى:
) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (
) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ_ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيه ِوَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ_ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ _كَلَّا إِنَّهَا لَظَى _نَزَّاعَةً لِلشَّوَى(
كيف نتقي النار
وأما كيف نتقي النار-فمن أجل هذا أنزل الله الكتب وبعث الأنبياء والرسل. فهو موضوع عظيم وجليل يتضمن لب الشريعة ومقصودها, ومن أجل ذلك فرض الله الجهاد والقنال, والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فتقوى النار ليس بالأمر الهين إنها فريق النجاة من جهنم التي سبق الكلام عنها وعن أحوالها وأحوال أهلها وما يلاقونه فيها من ألوان العذاب وحميم الشراب والثياب.
أن النجاة كل النجاة, في الاستقامة على أمر الله بمراد الله لوجه الله, ولن يأتي لك العلم بذلك إلا إذا فقهت أنك في دار ابتلاء وامتحان, وأن الله جل وعلا هو الذي يمتحنك في الدنيا والشيطان والنفس الأمارة والهوى, فقد أنزل وحيه على رسوله rوأمرك باتباعه وبالإخلاص في ذلك, وجعل اتباعك و‘خلصك علامة نجاحك ونجاتك قال تعالى
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور) )
وإحسان العمل إنما يكون بالاتباع لرسول الله r والإخلاص لله سبحانه.
ومن الأعمال التي يمكننا بها أن نتقي النار:
1 ـ الجماعة واجتناب الفرقة
قالr محذرا من الفرقة :
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
الترمذي( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي)
قال تعالى:
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوبكم )
2 ـ اجتناب الشرك
وقال سبحانه مخاطباً رسول الله
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّة)َ)
فالشرك موجب لحبوط الأعمال, موجب للخلود في النار.
3 ـ اجتناب كبائر الذنوب
مثل الحسد والكذب والخيانة والظلم والفواحش والغدر وقطيعة الرحم والبخل وترك الفرائض والرياء والسمعة وعقوق الوالدين وشهادة الزور وغيرها من الكبائر .
4 ـ الصالحات من الأعمال
أداء ما افترض الله عليك فإن الله جل وعلا يحب التقرب إليه بما افترضه على عبده أولاً ثم بالنوافل .
وأهم الفرائض الصلاة فإنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة, فإن صلحت صلح سائر عمله. قال رسول الله r:
النسائي(إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)
5ـ التقوى
هي خير دليل الي الجنة ، وخير حجاب بين العبد وبين النار قال تعالى:
ًوَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه)َ)
وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه. فهو سبحانه أحق أن يُخشى وأحق أن يُهاب
قال تعالى
إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة)ِ)
واعلم بأن تقوى الله تحفظ العبد في الدنيا قبل الآخرة. كما جرى لسفينة مولى النبي r حيث كسر به المركب وخرج إلى الجزيرة, فرأى الأسد فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق, فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه ثم رجع عنه.
تبديل السموات والأرض
عن ثوبان مولى رسول الله ـ صلى اللهم عليه وسلم ـ أنه قال كنت قائما عند رسول الله صلى اللهم عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
(إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي)
فقال اليهودي جئت أسألك
فقال له رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
(أينفعك شيء إن حدثتك)
قال أسمع بأذني
فنكت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم بعود معه فقال:
( سل)
فقال اليهودي أين يكون الناس
( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات)
فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
مسلم(هم في الظلمة دون الجسر)
عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى: ( يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات)
فأين يكون الناس يومئذ ؟ قال :
مسلم( على الصراط )
قال ابن عباس و ابن مسعود :
( تبدل الأرض أرضاً بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام و لم يعمل عليها خطيئة قط .)
فزع الملائكة من النار
ذكر ابن المبارك قال ، أخبرنا معمر عن محمد بن المنكدر قال : لما خلقت النار فزعت الملائكة حتى طارت أفئدتها ، فلما خلق الله آدم سكن ذلك عنهم و ذهب ما كانوا يجدون .
و قال ميمون بن مهران : لما خلق الله جهنم أمرها فزفرت زفرة فلم يبق في السموات السبع ملك إلا خر على وجهه فقال لهم الجبار جل جلاله :
ارفعوا رؤوسكم أما عملتم أني خلقتكم لطاعتي و عبادتي و خلقت جهنم لأهل معصيتي من خلقي . فقالوا : ربنا لا نأمنها حتى نرى أهلها.
فذلك قوله تعالى :( و هم من خشيته مشفقون) فالنار عذاب الله فلا ينبغي لأحد أن يعذب بها .
عن ابن وهب عن زيد بن أسلم أنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و معه إسرافيل فسلما على النبي صلى الله عليه و سلم ، و إذا إسرافيل منكسر الطرف متغير اللون ،
فقال النبي صلى الله عليه و سلم:
(يا جبريل ما لي أرى إسرافيل منكس الطرف متغير اللون ؟)
قال : لاحت له آنفاً حين هبط لمحة من جهنم فلذلك الذي ترى من كسر طرفه.
ابن المبارك قال : أخبرنا محمد بن مطرف عن الثقة : أن فتى من الأنصار دخلته خشية من ذكر النار ، فكان يبكي عند ذكر النار حتى حبسه ذلك في البيت فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فجاءه في البيت ، فلما دخل النبي صلى الله عليه و سلم اعتنقه الفتى فخر ميتاً ، فقال صلى الله عليه و سلم :
(جهزوا صاحبكم فإن الفرق من النار قد فلذ كبده)
و روي أن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى
(و إن جهنم لموعدهم أجمعين )
فر ثلاثة أيام هارباً من الخوف لا يعقل فجيء به إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله ، فقال له يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية قوله عز و جل : إن جهنم لموعدهم أجمعين فو الذي بعثك بالحق نبياً لقد قطعت قلبي فأنزل الله تعالى( إن المتقين في جنات و عيون.)
سؤال العبد لله الجنة ، والاجارة من الله
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي(من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ، و من استجار بالله من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار)
و روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري أو عن ابن حجيرة الأكبر ، عن أبي هريرة أن أحدهما حدثه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :
(إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه و بصره إلى أهل السماء و أهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر نار جهنم ، قال الله لجهنم : إن عبداً من عبادي استجار بي منك و إني أشهدك أني أجرته ، و إذا كان يوم شديد البرد ألقى الله سمعه و بصره إلى أهل السماء و أهل الأرض ، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم : قال الله لجهنم : إن عبداً من عبادي قد استجار بي منك و من زمهريك أشهدك أني قد أجرته ، فقالوا و ما زمهرير جهنم ؟ قال : جب يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بعضه من بعض .)
أول الناس دخولا للجنة، وأولهم دخولا للنار
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( أول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد ، و رجل عفيف متعفف ذو عيال ، و عبد أحسن عبادة ربه و أدى حق مواليه ، و أول ثلاثة يدخلون النار : أمير متسلط ، و ذو ثروة من مال لا يؤدي حقه ، و فقير فخور .)
أول من تسعر بهم جهنم
عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
مسلم ( إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبك و لكنك قاتلت ليقال فلان جريء ، فقد قيل ثم أمر ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فرفعها قال : قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته و من قرآت فيك القرآن . قال : كذبت و لكنك تعلمت ليقال عالم ، و قرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر بن فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ، ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .) خرجه أبو عسيى الترمذي بمعناه و قال في آخره ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم على ركبتي ، فقال : يا أبا هريرة : أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة .
خرجه أبو عسيى الترمذي بمعناه عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبك و لكنك قاتلت ليقال فلان جريء ، فقد قيل ثم أمر ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فرفعها قال : قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم و علمته و من قرآت فيك القرآن . قال : كذبت و لكنك تعلمت ليقال عالم ، و قرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر بن فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال : كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ، ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)
حال الموحدين العصاة في النار
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ص. مسلم( أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قد كان بالبادية)
هذه الموتة للعصاة موتة حقيقية لأنه أكدها بالمصدر ، و ذلك تكريماً لهم حتى لا يحسوا ألم العذاب بعد الاحتراق بخلاف الحي الذي هو من أهلها و مخلد فيها( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب).
و يجوز أن تكون إماتتهم عبارة عن تغيبه إياهم عن آلامها بالنوم ، و لا يكون ذلك موتاً على الحقيقة .
ضبائر ضبائر معناه جماعات جماعات . و بثوا : فرقوا . و الحبة بكسر الحاء بزر البقول. و حميل السيل ما احتمله من غثاوطين.
جهنم و يوم الجمعة
أبو نعيم قال : حدثنا سليمان بن أحمد قال : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري قال : حدثنا علي بن بحر قال : حدثنا سوار بن عبد العزيز ، عن النعمان ابن المنذر ، عن مكحول ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إن جهنم تسعر في كل يوم و تفتح أبوابها إلا يوم الجمعة ، فإنها لا تسعر يوم الجمعة و لا تفتح أبوابها.)
أبواب جهنم السبعة وأجزاؤها المقسومة
قال الله تعالى في محكم كتابه( لها سبعة أبواب )و قال (حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها ).
و عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي ( لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي أو قال على أمة محمد .)
قال أبي بن كعب :
( لجهنم سبعة أبواب أشدهما غماً و كرباً و حراً و أنتنها ريحاً للزناة الذين ارتكبوا بعد العلم ) .
و روى سلام الطويل عن أبي سفيان ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في قول الله تعالى : لها سبعة أبواب الآية :
( جزء أشركوا بالله ، و جزء شكوا في الله ، و جزء أغفلوا عن الله ، و جزء آثروا شهواتهم على الله ، و جزء شفوا غيظهم بغضب الله ، و جزء صيروا رغبتهم بحظهم عن الله ، و جزء عتوا على الله.)
فالمشركون بالله هم الثنوية ،
و الشاكون هم الذين لا يدرون أن لهم إلهاً أو لا إله لهم أو يشكون في شريعته أنها من عنده أولاً.
و الغافلون عن الله هم الذين يجحدونه أصلاً ، ولا يثبتونه و هم الدهرية .
و المؤثرون شهواتهم على الله هم المنهمكون في المعاصي لتكذيبهم رسل الله و أمره و نهيه
والشافون غيظهم بغضب الله تعالى هم القائلون أنبياء الله و سائر الداعين له المعذبون ينصح لهم أو يذهب غير مذهبهم
و المصيرون رغبتهم بحظهم من الله تعالى هم المنكرون للبعث و الحساب ، منهم يعبدون أي شيء يرغبون فيه لهم جميع حظهم من الله تعالى
و العاتون على الله هم الذين لا يبالون بأن يكون ما هم فيه حقاً أو باطلاً فلا يتفكرون و لا يعتبرون و لا يستدلون .
قال بلال:
( كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي في مسجد المدينة وحده ، فمرت به أعرابية فصلت خلفه و لم يعلم بها فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) ، فخرت الأعرابية مغشياً عليها و سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم وجبتها فانصرف ، و دعا بماء فصب على وجهها حتى أفاقت و جلست ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم:
يا هذه ما لك ؟
فقالت : هذا شيء من كتاب الله أو شيء من تلقاء نفسك ؟
فقال يا أعرابية : بل هو من كتاب الله المنزل ،
فقالت كل عضو من أعضائي يعذب على باب منها ؟
قال يا أعرابية بل لكل باب منهم جزء مقسوم يعذب أهل كل باب على قدر أعمالهم
فقالت : و الله إني إمرأة مسكينة لا مال لي ، و لا لي إلا سبعة أعبد أشهدك يا رسول الله أن كل عبد منهم على باب من أبواب جهنم حر لوجه الله تعالى
فأتاه جبريل عليه السلام فقال:
يا رسول الله : بشر الأعرابية أن الله قد قد غفرها لها و حرم عليها أبواب جهنم و فتح لها أبواب الجنة كلها).
ذكر عن بعض أهل العلم في قول الله تعالى :
( لكل باب منهم جزء مقسوم)
قال : من الكفار و المنافقين و الشياطين و بين الباب و الباب خمسمائة عام
فالباب الأول :جهنم
يسمى جهنم لأنه يتجهم في وجوه الرجال و النساء فيأكل لحومهم و هو أهون عذاباً من غيره .
و الباب الثاني :لظى
يقال له لظى نزاعة للشوى . يقول أكله اليدان و الرجلان . تدعو من أدبر عن التوحيد و تولى عما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم .
و الباب الثالث :سقر
و إنما سمي سقر لأنه يأكل اللحم دون العظم .
الباب الرابع :الحطمة
قال الله تعالى :
( و ما أدراك ما الحطمة )
نار الله الموقدة تحطم العظام و تحرق الأفئدة ، قال الله تعالى :
التي تطلع على الأفئدة تأخذه النار من قدميه و تطلع على فؤاده و ترمي بشرر كالقصر ، كما قال تعالى : إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر الآية يعني سوداً فتطلع الشرر إلى السماء ثم تنزل فتحرق وجوههم و أيديهم و أبدانهم فيبكون الدمع حتى ينفد ، ثم يبكون الدماء ، ثم يبكون القيح حتى ينفد القيح حتى لو أن السفن أرسلت تجري فيما خرج من أعينهم لجرت .
و الباب الخامس :الجحيم
و إنما سمي جحيماً لأنه عظيم الجمرة ، الجمرة الواحدة أعظم من الدنيا .
و الباب السادس :السعير
و إنما سمي السعير لأنه يسعر بهم و لم يطف منذ خلق فيه ثلاثمائة قصر ، في كل قصر ثلاثمائة بيت ، في كل بيت ثلاثمائة لون من العذاب ، و فيه الحيات و العقارب و القيود و السلاسل و الأغلال ، و فيه جب الحزن ليس في النار عذاب أشد منه إذا فتح باب الجب حزن أهل النار حزناً شديداً .
و الباب السابع :الهاوية
يقال له الهاوية من وقع فيه لم يخرج منه أبداً ، و فيه بئر الهبهاب و ذلك قوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيراً إذا فتح الهبهاب يخرج منه نار تستعيذ منه النار ، و فيه الذين قال الله تعالى :( سأرهقه صعوداً) أو هو جبل من نار يوضع أعداء الله على وجوههم على ذلك الجبل مغلولة أيديهم إلى أعناقهم مجموعة أعناقهم إلى أقدامهم ، و الزبانية وقوف على رؤوسهم بأيديهم مقامع من حديد إذا ضرب أحدهم بالمقمعة ضربة سمع صوتها الثقلين.
أبواب النار : حديد . فرشها الشوك غشاوتها الظلمة أرضها نحاس و رصاص و زجاج . النار من فوقهم و النار من تحتهم لهم من فوقهم ظلل من النار و من تحتهم ظلل ، أوقد عليها ألف عام حتى احمرت و ألف عام حتى ابيضت و ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة مدلهمة مظلمة قد مزجت بغضب الله . ذكره القتبي في عيون الأخبار .
و ذكر ابن عباس أن جهنم سوداء مظلمة لا ضوء لها و لا لهب ، و هي كما قال الله تعالى لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم على كل باب سبعون ألف جبل ، في كل جبل سبعون ألف شعب من النار ، في كل شعب سبعون ألف شق من النار ، في كل شق سبعون ألف واد ، في كل واد سبعون ألف قصر من نار ، في كل قصر سبعون ألف بيت من نار ، في كل بيت سبعون ألف قلة من سم ، فإذا كان يوم القيامة كشف عنها الغطاء فيطير منها سرادق عن يمين الناس و آخر عن شمالهم ، و سرادق أمامهم ، و سرادق فوقهم و آخر من ورائهم ، فإذا نظر الثقلان إلى ذلك جثوا على ركبهم و كل ينادي رب سلم رب سلم
كلام جهنم وجواز العبور منها
روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك قال : نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو هذه الآية يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(أين يكون الناس يوم القيامة يا جبريل ؟ )
قال ، يا محمد : يكونون على أرض بيضاء لم يعمل عليها خطيئة قط و تكون الجبال كالعهن المنفوش يا محمد : إنه ليجاء بجهنم يوم القيامة تزف زفاً عليها سبعون زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك حتى تقف بين يدي الله تعالى فيقول لها : يا جهنم تكلمي ، فتقول : لا إله إلا الله و عز تك و عظمتك لأنتقمن اليوم ممن أكل رزقك و عبد غيرك لا يجوزني إلا من عنده جواز ،
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا جبريل ما الجواز يوم القيامة ؟
قال أبشر و بشر ألا من شهد أن لا إله إلا الله جاز جسر جهنم ،
قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الحمد لله الذي جعل أمتي أهل لا إله إلاالله ).
و خرج الحافظ أبو محمد عبد الغني الحافظ من حديث سليمان بن عمرو يتيم أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
( إذا جمع الخلائق في صعيد يوم القيامة أقبلت النار يركب بعضها بعضاً و خزنتها يكفونها و هي تقول : و عزة ربي لتخلين بيني و بين أزواجي أو لأغشين الناس عنقاً واحداً فيقولون من أزواجك ؟ فتقول كل متكبر جبار .)
اشراف أهل الجنة علي أهل النار
يروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطير كما يطير الشرر ، فإذا رفعهم أشرفوا علىأهل الجنة وبينهم حجاب ، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً الآية . و ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة حين يروا الأنهار تطرد بينهم أن أفيضوا علينا من الماء الآية ، فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار
المشركون فداء المؤمنين من النار
عن أبي بردة عن أبيه قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ابن ماجة( إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أذن لأمة محمد في السجود فيسجدون له طويلا ثم يقال ارفعوا رءوسكم قد جعلنا عدتكم فداءكم من النار)
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم :
ابن ماجة(إن هذه الأمة مرحومة عذابها بأيديها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال هذا فداؤك من النار )
آخر من يخرج من النار وآخرمن يدخل الجنة
قال أبوهريرة إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال:
ص. بخاري(هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟
قالوا لا يا رسول الله.
قال فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟
قالوا لا.
قال:
( فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبع فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولا الجنة مقبل بوجهه قبل النار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيقول هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك فيقول لا وعزتك فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول يا رب أدخلني الجنة فيقول الله ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول تمن فيتمنى حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل من كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه ذلك لك وعشرة أمثاله)
و عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ص. مسلم( آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، و يكبو مرة ، و تسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين و الآخرين ، فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها و أشرب من مائها ، فيقول الله تعالى : يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول : لا يا رب ! و يعاهد أن لا يسأله غيرها ، و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها . ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها و أستظل بظلها ، لا أسألك غيرها ، فيقول : يا ابن آدم : لعلي إن أديتك منها تسألني غيرها ؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها ، و ربه يعذره ، لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها ، فإذا منها ترفع له شجرة عند باب الجنة أحسن من الأوليين ، فيقول مثله . فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة ، فيقول : أي رب أدخلينها . فيقول : يا ابن آدم ما يصريني منك ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ؟ فيقول : أي رب أتستهزئ بي ، و أنت رب العالمين ؟ فضحك ابن سمعود فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ فقالوا مم تضحك ؟ قال : هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ؟ قال : من ضحك رب العالمين ، فيقول : إني لا أستهزئ منك و لكني على ما أشاء قادر .)
و قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم :
ذكره الميانشي أبو حفص عمر ابن عبد المجيد القرشي في كتاب الاختيار له في الملح من الأخبار و الآثار .
( آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة ، يقال له جهينة ، تقول أهل الجنة : عند جهينة الخبر اليقين ، هل بقي من الخلائق أحد ؟)
ميراث أهل الجنة منازل الكفار
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
(إن الله تعالى جعل لكل إنسان مسكناً في الجنة و مسكناً في النار ، فأما المؤمنون فيأخذون منازلهم و يرثون منازل الكفار ، و تجعل الكفار في منازلهم من النار ).
و خرجه ابن ماجه بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما منكم من أحد إلا له منزلان : منزل في الجنة و منزل في النار ، فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون.
ذبح الموت وخلود أهل الدارين
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
( إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم )
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال وقد قيل أن نبي الله يحيي عليه السلام هو من سيذبح الموت ، وقيل جبريل عليه السلام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
أخوة الإسلام والإيمان
هاقد اتضحت صورة النار في الأذهان على حقيقتها كما بينتها لنا آيات القرآن ، وأحاديث المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن منا لم يشعر بآلام نار الدنيا، إما في نفسه وإما في الآخرين . تلك النارالتي تعد جزء من سبعين جزء من نار الجحيم .
ها قد علمنا أن لها أزمة ولسانا وعنقا ، وأن لها حوارا مع الملائكة ، وعلمنا أيضا أن بها بحورا وديانا وجبا للحزن ونواعير وعقارب وحيات، علمنا بأبوابها ودركاتها، وما تحويه من طعام وشراب ولباس لأصحابها.
وعلمنا أيضا أنه لافداء منهاـ في الآخرة ـ ولو بكل كنوز الأرض لمن ساقه حظه العاثر إليها، لكننا قدعلمنا أيضا من المعصوم ـ صلوات الله عليه وسلم ـ أن الإفلات والنجاة منهاـ في الدنيا ـ قد يكون بشق تمرة أو كلمة طيبة.
عن عدى بن حاتم أنه قال:
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال كنت عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة والآخر يشكو قطع السبيل فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له ألم أوتك مالا فليقولن بلى ثم ليقولن ألم أرسل إليك رسولا فليقولن بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة )
يا سبحان الله .
شق تمرة فقط يكمن فيه الخلاص من النار بكل أهوالها، فمن منا لايملك شق الفوز هذا؟
أوكلمة واحدة طيبة تصنع بيننا وبين النار حجابا وتلقي بنا في نعم الجنة . يقول المعصوم ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ في حديث آخر لسيدنا معاذ محذرا :
الترمذي(ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )
وأيضا شربة ماء رحمة بحيوان أعجمي غفرت لبغي من بني إسرائيل كل خطاياها ، قال المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم :
ص.بخاري(بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به )
شق تمرة ، أوكلمة طيبة ،أو وشربة ماء لكلب ....
عن أبي سعيد رضي اللهم عنهم عن النبي صلى اللهم عليه وسلم أنه قال :
ص.بخاري(أن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا فقال لبنيه لما حضر أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال فإني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف ففعلوا فجمعه الله عز وجل فقال ما حملك قال مخافتك فتلقاه برحمته)
وليس هذا فحسب ، واسمعوا معي قول الحبيب المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو يحكي لنا عن رجل فعل كل الموبقات ،وجاء يوم القيامة وكان على يقين تام من دخوله النار ، لكنه وجد الأمر خلاف ذلك تماما ، كيف ؟ كان هذا الرجل إذا أقرض أحدا وعجز عن السداد في الموعد المحدد ، لم يكن يشق عليه ، وكان يوصي غلامه بذلك .
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال :
النسائي(إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله تعالى أن يتجاوز عنا فلما هلك قال الله عز وجل له هل عملت خيرا قط قال لا إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته ليتقاضى قلت له خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا قال الله تعالى قد تجاوزت عنك )
انظروا معي كيف وقعت رحمة العبد بأخيه في فلب الرب موقعا حسنا ومست وتر الرحمة في قلب أرحم الراحمين ، فغفر للعبد كل ماكان منه . أفيعجز أحدنا أن يفعل هذا مع أخيه المسلم أخيه إذا أقرضه ؟
عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريما له فتوارى عنه ثم وجده فقال إني معسر فقال آلله قال آلله قال فإني سمعت رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول :
ص.مسلم( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه )
هكذااقتضت المقارنة التي تكاد الرأس تدور منها ومعها ، الفكاك من النار بكل أهوالها قد يكمن في شق تمرة أو كلمة طيبة أو شربة ماء لكلب يلهث من العطش أو امهال معسر أو الحط عنه .
هل يعجز أحدنا عن فعل هذا ..؟
قد يتساءل فرد كيف يغفر الله لعبد فعل كل الموبقات لرأفته بآخر في مسألة دين ؟أو كيف يلقى برحمته عبدا ثانيا لم يفعل خيرا قط في حياته وطلب من أبنائه أن يحرقوه عند مماته؟ ونفس السؤال يطرح في قصة البغي التي غفر الله لها حين سقت الكلب .
على السائل أن يعي أن الله لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ، هذا أولا ، وثانيا عليه أن يعلم أن رحمة الله قد وسعت كل شيئ ،وأن المعادلة الإيمانية غاية في البساطة والوضوح وهى على المرء أن يفعل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه عنه ، إن فعل هذا ضمن الجنة إن شاء الله ، وليكن أمره مع الله واقع بين الخوف والرجاء . الخوف من الله لأنه شديد العقاب ، والرجاء في الله لأنه الغفور الرحيم .
والمتأمل لتلك الحالات المذكورة آنفا يجد أن أصحابها ـ رغم ما كانوا عليه من فساد ـ قد عاشوا لحظة نادرة قد تأتي في العمر مرة أو أكثر ، وقد لاتأتي على الإطلاق ، وأعني بها لحظة صدق ونية خالصة مع النفس والغير وأيضا مع الله ، فما أحوجنا للحظة كتلك قبل أن نلقى الله لعله يغفر لنا برحمته ما بدر منا من سوء عمل وقول .
.واسمع معي هذا الحديث الطازج المتجدد على الدوام حتى يرث الله الأرض ومن عليها.وهذا هو الحديث الذي حذر فيه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيدنا معاذ من مغبة حصائد اللسان ، ولقد آثرت ذكره هنا كاملا لتبدو شمولته لنا كمنهاج رباني نبوي يفضي بنا ـ إن شاء الله ـ إلى دار السلام .
عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى اللهم عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال:
الترمذي( لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل قال ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) حتى بلغ ( يعملون ) ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم )
فهيا معي الآن أخوة الإسلام– ودون تسويف – نعيد حساباتنا مع أنفسنا ، ونجدد علاقتنا بالله الذي وسعت رحمته كل شئ ، والذي يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل ، هيا بنا إلي حظيرة الإيمان والطاعة ، إلي بستان القرآن ودوحة المصطفي – صلي الله عليه وسلم – وسنته المطهرة ففيهما فقط النجاة .
:34::34::34: