تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدور الأربعة بين الضيق و السعة..القبر


sousou24
2010-03-19, 01:08
قال تعالى:
(ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)







(2)




:34::34::34:

قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -:
( إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار )





القبر:34::34:


تنبه قبل الموت إن كنت تعــقل
فعما قريب للمقابر تحمـــل
وتمسي رهيناً في القبور وتنــثني
لدى جدث تحت الثرى تتجندل
فريداً وحــيداً في التراب, وإنما
قرين الفتى في القبر ما كان يعمل

البرزخ

البرزخ هو الحاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا أوهو ما بين الموت إلى البعث

عن هانىء بن عثمان قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له : تذكر الجنة و النار و لاتبكي و تبكي من هذا ؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

ابن ماجه( إن القبر أول منزل من منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه قال وقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم ما رأيت منظرا قط إلا القبر أفظع منه )

عن البراء قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة . فجلس على شفير القبر فبكى و أبكى حتى بل الثرى ثم قال :
ابن ماجه( يا إخواني لمثل هذا فأعدوا .)


استحباب دفن الميت مع أقوام صالحين


عن علي رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ندفن موتانا وسط قوم صالحين . فإن الموتى يتأذون بالجار السوء كما يتأذى به الأحياء .
جاء في كتاب ربيع الأبرار للزمخشري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
( إذا مات لأحدكم الميت فحسنوا كفنه ، و عجلوا إنجاز وصيته ، و أعمقوا له في قبره و جنبوه جار السوء قيل : يا رسول الله : و هل ينفع الجار الصالح في الآخرة ؟ قال : هل ينفع في الدنيا قالوا : نعم . قال : كذلك ينفع في الآخرة.)
وخرج أبو نعيم الحافظ بإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(أدفنوا موتاكم وسط قوم صالحين . فإن الميت يتأذى بالجار السوء .)
يروى أن امرأة دفنت بقرطبة ـ فأتت أهلها في النوم فجعلت تعتهم و تشكوهم و تقول : ما وجدتم أن تدفنوني إلا إلى فرن الجير ؟ فلما أصبحوا نظروا فلم يروا في ذلك الموضع كله و لا بقربه فرن جير . فبحثوا و سألوا عن من كان مدفوناً بإزائها ؟ فوجدوه رجلاً سيافاً كان لابن عامر و قبره إلى قبرها . فأخرجوها من جواره .

زيارة الموتى بعضهم بعضاوسنة إحسان الكفن

عن جابر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( حسنوا أكفان موتاكم ، فإنهم يتباهون و يتزاورون في قبورهم .)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :
ص.مسلم (إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)

معرفة الموتى بمن يزورهم ويسلم عليهم


روى محمد بن الأشعث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال أبو رزين : يا رسول الله إن طريقي على الموتى فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم ؟ قال :
( قل السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين ، أنتم لنا سلف ، ونحن لكم تبع ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون قال أبو رزين : يا رسول الله يسمعون ؟ قال : يسمعون ، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا " قال : يا أبا رزين ألا ترضى أن يرد عليك من الملائكة )
عن أبي التياح قال :
كان مطرف يبدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج قال : فأقبل حتى إذا كان عند المقابر هوم على فرسه فرأى كأن أهل القبور كل صاحب قبر جالس على قبره فقالوا : هذا مطرف يأتي يوم الجمعة فقلت : تعلمون عندكم يوم الجمعة ؟ قالوا : نعم ، ونعلم ما تقول فيه الطير . قال : قلت : وما تقول فيه الطير ؟ قال : يقولون : سلام سلام يوم صالح .
قال ابن أبي الدنيا : وحدثني إبراهيم بن سيار الكوفي حدثني لفضل بن الموفق قال :
كنت آتي قبر أبي كثير قال : فشهدت جنازة فلما قبر صاحبها تعجلت لي حاجة ولم آت قبر أبي قال : فرأيته في النوم ، فقال : يا بني لم لم تأتني ؟ فقلت : يا أبت فإنك لتعلم بي . قال : إي والله ، إنك لتأتيني فما أزال أنظر إليك من حين تطلع من القنطرة حتى تقعد إلي وتقوم من عندي فما أزال أنظر إليك حتى تجوز القنطرة .
عن الفضل بن موفق ابن خال سفيان بن عيينة قال :
( لما مات أبي جزعت عليه جزعاً شديداً ، فكنت آتي قبره كل يوم ثم إني قصرت من ذلك ما شاء الله ثم إني أتيته يوماً فبينما أنا جالس عند القبر غلبتني عيناي فنمت ، فرأيت كأن قبر أبي انفجر ، وكأنه قاعد في قبره متوشح بأكفانه عليه سحنة الموتى . قال : فبكيت لما رأيته ، فقال : يا بني ما أبطأ بك عني ؟ قال : قلت : وإنك لتعلم بمجيئي ؟ قال لي : ما جئت من مرة إلا علمتها ، وقد كنت تأتيني فأسر بك ويسر من حولي بدعائك . قال : فكنت آتيه بعد كثيراً )

أين تصير الروح حين تخرج من الجسد ؟

قال أبو الحسن القابسي رحمه الله : أنها ترفعها الملائكة حتى توقفها بين يدي الله تعالى فيسألها ، فإن كانت من أهل السعادة قال لهم : سيروا بها و أروها مقعدها من الجنة . فيسيرون به في الجنة على قدر ما يغسل الميت . فإذا غسل الميت و كفن ردت و أدرجت بين كفنه و جسده ، فإذا حمل على النعش فإنه يسمع كلام الناس ، من تكلم بخير و من تكلم بشر . فإذا وصل إلى قبره و صلي عليه ، ردت فيه الروح و أقعد ذا روح و جسد ، و دخل عليه الملكان الفتانان.
و قال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة :( فإذا قبض الملك
النفس السعيدة ،
تناولها ملكان حسان الوجوه ، عليهما أثواب حسنة ، ولهما رائحة طيبة ، فيلفونها في حرير من حرير الجنة ، و هي على قدر النحلة ، شخص إنساني ما فقد من عقله و لا من علمه المكتسب له في دار الدنيا ، فيعرجون بها في الهواء ، فلا يزال يمر بالأمم السالفة و القرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر ، حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين الباب فيقال للأمين : من أنت ؟ فيقول : أنا صلصائيل ، و هذا فلان معي بأحسن أسمائه و أحبها إليه فيقول : نعم الرجل كان فلان ، و كانت عقيدته غير شاك . ثم ينتهي به إلى السماء الثانية ، فيقرع الباب . فيقال له : من أنت ؟ فيقول مقالته الأولى : فيقولون : أهلاً و سهلاً بفلان . كان محافظاً على صلاته بجميع فرائضها . ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الثالثة . فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته الأولى و الثانية فيقال : مرحباً بفلان ، كان يراعي الله في حق ماله و لا يتمسك منه بشيء ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الرابعة ، فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول : كدأبه في مقالته . فيقال : أهلاً بفلان كان يصوم فيحسن الصوم و يحفظه من أدران الرفث و حرام الطعام ، ثم ينتهي إلى السماء الخامسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول كعادته . فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، أدى حجة الله الواجبة من غير سمعاً و لا رياء ، ثم ينتهي إلى السماء السادسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته . فيقال مرحباً بالرجل الصالح و النفس الطيبة كان كثير البر بوالديه فيفتح له الباب ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقرع الباب . فيقال من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته . فيقال : مرحباً بفلان كان كثير الاستغفار بالأسحار و يتصدق في السر و يكفل الأيتام ، ثم يفتح له فيمر حتى ينتهي إلى سرادقات الجلال فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مثل قوله فيقول : أهلاً و سهلاً بالعبد الصالح و النفس الطيبة . كان كثير الاستغفار ، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و يكرم المساكين ، و يمر بملأ من الملائكة كلهم يبشرونه بالخير و يصافحونه ، حتى ينتهي إلى سدرة المنتهي فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، كان عمله عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله عز و جل ، ثم يفتح له فيمر في بحر من نار ، ثم يمر في بحر من نور ، ثم يمر في بحر من ظلمة ، ثم يمر في بحر من ماء ، ثم يمر في بحر من ثلج ، ثم يمر به في بحر من برد ، طول كل بحر منها ألف عام . ثم يخترق الحجب المضروبة على عرش الرحمن ، و هي ثمانون ألفاً من السرادقات ، لها شراريف لكل سرادق ثمانون ألف شرافة على كل شرافة ثمانون ألف قمر ، يهللون لله و يسبحونه و يقدسونه لو برز منها قمر واحد إلى سماء الدنيا ، لعبد من دون الله و لأحرقها نوراً ، فحينئذ ينادي من الحضرة القدسية من وراء أولئك السرادقات : من هذه النفس التي جئتم بها ؟ فيقال : فلان ابن فلان فيقول الجليل جل جلاله : قربوه فنعم العبد كنت يا عبدي ، فإذا أوقفه بين يديه الكريمتين أخجله ببعض اللوم و المعاتبة حتى يظن أنه قد هلك ثم يعفو عنه

و أما الكافر
فتؤخذ نفسه عنفاً ، فإذا وجهه كأكل الحنظل و الملك يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث ، فإذا له صراخ أعظم ما يكون كصراخ الحمير ، فإذا قبضها عزرائيل ناولها زبانية قباح الوجوه ، سود الثياب منتني الرائحة ، بأيديهم مسوح من شعر ، فليفونها فيستحيل شخصاً إنسانياً على قدر الجرادة ، فإن الكافر أعظم جرماً من المؤمن ، يعني في الجسم في الآخرة ، و في الصحيح أن ضرس الكافر في النار ، مثل أحد ، فيعرج به حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين باب ، فيقال : من أنت ؟ فيقول : أنا دقيائيل لأن اسم الملك الموكل على زبانية العذاب دقيائيل ، فيقال : من معك ؟ فيقول : فلان ابن فلان بأقبح أسمائه و أبغضها إليه في دار الدنيا ، لا أهلا ً و لا سهلاً ، و لا مرحباً ، لا تفتح لهم أبواب السماء ، و لا يدخلون الجنة الآية فإذا سمع الأمين هذه المقالة ، طرحه يده ، أو تهوي به الريح في مكان سحيق أي : بعيد ، و هو قوله عز و جل : و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ، فإذا انتهى إلى الأرض ابتدرته الزبانية ، و سارت به إلى سجين ، و هي صخرة عظيمة تأوي إليها أرواح الفجار .

و أما المقصورن المؤمنون
فتختلف أنواعهم ، فمنهم ترده صلاته ، لأن العبد من إذا قصر في صلاته سارقاً لها . تلف كما يلف الثوب الخلق ، و يضرب بها وجهه . ثم تعرح و تقول : ضيعك الله كما ضيعتني ، و منهم من ترده زكاته لأنه إنما يزكي ليقال : فلان متصدق ، و ربما وضعها عند النساء ، و لقد رأيناه عافانا الله مما حل به ، و من الناس من يرده صومه ، لأنه صام عن الطعام و لم يصم عن الكلام فهو رفث و خسران فيخرج الشهر و قد بهرجه ، و من الناس من يرده حجه ، لأنه إنما حج ليقال فلان حج ، أو يكون حج بمال خبيث ، و من الناس من يرده العقوق ، و سائر أحوال البر كلها )

وأما معرفة الموتى بحالهم في الدنيا قبل الدفن

روى سعيد بن عمرو بن سليم قال : سمعت رجلاً منا يقال له : معاوية بن فلان أو ابن معاوية قال : سمعت أبا سعيد الخدري يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
مسند الإمام أحمد( إن الميت يعرف من يغسله ومن يكفنه ومن يحمله ومن يدليه في قبره )
فقال ابن عمر وهو في المجلس : ممن سمعت هذا ؟ قال من أبي سعيد الخدري فقام ابن عمر إلى أبي سعيد الخدري فقال : ممن سمعت هذا ؟ قال : من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد.
روى ابن أبي الدنيا في كتاب المنامات بإسناده عن سالم بن أبي الجعد قال : قال حذيفة : الروح بيد ملك وإن الجسد ليغسل وإن الملك ليمشي معه إلى القبر .
وبإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : الروح بيد ملك يمشي مع الجنازة يقال له : اسمع ما يقال لك ، فإذا بلغ حفرته دفنه معه .
وبإسناده عن مجاهد : إذا مات الميت فملك قابض نفسه فما من شيء إلا وهو يراه عند غسله وعند حمله حتى يصل إلى قبره .
وبإسناده عن بكر المزني قال : بلغني أنه ما من ميت إلا وروحه بيد ملك الموت ، فهم يغسلونه ويكفنونه وهو يرى ما يصنع أهله فلو أنه يقدر على الكلام لنهاهم عن الرنة والعويل .
وعن ابن السماك . قال سمعت سفيان يقول : إنه ليعرف كل شيء - يعني الميت - وإنه ليناشد غاسله بالله ألا خففت غسلي .

معرفة الموتى في قبورهم بحال أهليهم وأقاربهم في الدنيا

روى ابن أبي الدنيا في أول كتاب المنامات : حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أبو بكر بن شيبة الحزامي حدثنا فليح بن إسماعيل حدثنا محمد بن جعفر عن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه وسلم :
( لا تفضحوا أقاربكم بسيئات أعمالكم فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور .
عن سفيان عمن سمع أنساً يقول : قال رسول الله عليه وسلم :
ممسند الإمام أحمد( إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم فإن كان خيراً استبشروا وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا )
قال ابن المبارك : و أخبرنا صفوان بن عمرو ، قال : حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفيلا أن أبا الدرداء كان يقول : إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون و يساؤن قال : يقول أبو الدرداء : اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملاً يخزى به عبد الله بن رواحة .
و في رواية : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني عند عبد الله بن رواحة .


العبد يدفن في الأرض التي خلق منها

أبو عيسى الترمذي ، عن مطر بن عكامش ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة أو قال : بها حاجة)
و عن أبي عزة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض ، جعل له إليها حاجة )

و روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول ، عن أبي هريرة ، قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم : يطوف ببعض نواحي المدينة ، و إذا بقبر يحفر ، فأقبل حتى وقف عليه ، فقال :
( لمن هذا ؟)
قيل لرجل من الحبشة ، فقال
( لا إله إلا الله سيق من أرضه و سمائه حتى دفن في الأرض التي خلق منها)

عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :
ابن ماجة( إذا كان العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها حتى إذابلغ أقصى أثره قبضه الله فتقول الأرض يوم القيامة : رب ، هذا ما استودعتني)

مايتبع الميت إلى قبره و بعد موته

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( يتبع الميت ثلاث . فيرجع اثنان و يبقى واحد : يتبعه أهله و ماله و عمله فيرجع أهله و ماله و يبقى عمله ).

روى أبو نعيم من حديث قتادة عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ابن ماجة( سبع يجري أجرها للعبد بعد موته و هو في قبره : من علم علماً أو أجرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته)
.

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إن مما يلحق المؤمن من عمله و حسناته بعد موته : علماً علمه و نشره ، أو ولداً صالحاً تركه أو مصحفاً ورثه ، أو مسجداً بناه ، أو بيتاً لابن السبيل بناه ، أو نهراً أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته تلحقه بعد موته ).

روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إنك لتصدق عن ميتك بصدقة فيجيء بها ملك من الملائكة في أطباق من نور ، فيقوم على رأس القبر فينادي : يا صاحب القبر الغريب : أهلك قد أهدوا إليك هذه الهدية فأقبلها)
فيدخلها إليه في قبره و يفسح له في مداخله و ينور له فيه فيقول : جزى الله أهلي عني خير الجزاء قال : فيقول لزيق ذلك القبر أنا لم أخلف لي ولداً و لا أحداً يذكرني بشيء فهو مهموم و الآخر يفرح بالصدقة .


قال بشار بن غالب : رأيت رابعة العدوية ـ يعني العابدة ـ في المنام ، و كنت كثير الدعاء له . فقالت لي : يا بشار هديتك تأتينا في أطباق من نور ، عليها مناديل الحرير ، و هكذا يا بشار دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا لإخوانهم الموتى فاستجيب .


كلام القبر كل يوم وكلامه للعبد إذا وضع فيه
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . قال : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مصلاه فرأى ناساً يكشرون ، فقال :
الترمذي( أما أنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى ـ يعني الموت ـ فأكثروا ذكر هاذم اللذات : الموت . فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه . فيقول : أنا بيت الغربة ، و أنا بيت الوحدة ، و أنا بيت التراب ، و أنا بيت الدود . فإذا دفن العبد المؤمن . قال له القبر : مرحباً و أهلاً أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إلي ، فإذا وليتك اليوم و صرت إلي فسترى صنيعي بك فيتسع له مد بصره ، و يفتح له باب الجنة . و إذا دفن العبد الفاجرأو الكافر قال له القبر : لا مرحباً و لا أهلاً . أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إلي . فإذ وليتك اليوم و صرت إلي فسترى صنيعي بك قال : فيلتئم عليه حتى يلتقي و تختلف أضلاعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بأصابعه فأدخل بعضها جوف بعض . قال : و يقيض الله له تسعين تنيناً أو تسعة و تسعين لو أن واحداً منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئاً ما بقيت الدنيا ، فتنهشه حتى يفضى به إلى الحساب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار .)
عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال :
( يجعل الله للقبر لساناً ينطق به فيقول : ابن آدمن كيف نسيتني ؟ أما علمت أني بيت الدود ، و بيت الوحدة ، و بيت الوحشة . )
و ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا داود بن ناقد قال : سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول ( بلغني أن الميت يقعد في حفرته و هو يسمع وخط مشيعيه و لا يكلمه شيء أول من حفرته فتقول : ويحك يا ابن آدم قد حذرتني و حذرت ضيقي و ظلماتي و نتني وهولي هذا ما أعددت لك فما أعددت لي ؟ )

و قال أحمد بن حرب تتعجب الأرض ممن يمهد مضجعه ، و يسوي فراشه لنوم . و تقول : يا ابن آدم ألا تذكر طول رقادك في جوفي ، و ما بيني و بينك شيء ؟ .
و قيل لبعض الزهاد : ما أبلغ العظات ؟ قال : النظر إلى محلة الأموات.
و روي عن الحسن البصري أنه قال : كنت خلف جنازة فاتبعتها ، حتى وصلوا بها إلى حفرتها ، فنادت امرأة فقالت : يا أهل القبور لو عرفتم من نقل إليكم لأعززتموه ؟ قال الحسن : فسمعت صوتاً من الحفرة و هو يقول : قد و الله نقل إلينا بأوزار كالجبال و قد أذن لي أن آكله حتى يعود رميماً . قال : فاضطربت الجنازة فوق النعش . و خر الحسن مغشياً عليه .
ضغط القبر على صاحبه و إن كان صالحاً


عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
النسائي(هذا الذي تحرك له عرش الرحمن و فتحت له أبواب السماء ، و شهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه)
قال أبو عبد الرحمن النسائي يعني سعد بن معاذ .
و من حديث شعبة بن الحجاج بإسناده إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

مسند الإمام أحمد( إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)

و قد روى عمر بن شبة في كتاب المدينة ـ على سكانها السلام ـ في ذكر وفاة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
( بينما هو صلى الله عليه و سلم في أصحابه أتاه آت . فقال : إن أم علي و جعفر و عقيل قد ماتت . فقال : قوموا بنا إلى أمي قال : فقمنا كأن على رؤوسنا الطير . فلما انتهينا إلى الباب نزع قميصه و قال : إذا كفنتموها فأشعروه إياه تحت أكفانها فلما خرجوا بها جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة يحمل ، و مرة يتقدم . و مرة يتأخر حتى انتهينا بها إلى القبر فتمعك في اللحد . ثم خرج و قال : أدخلوها بسم الله . و على اسم الله فلما دفنوها قام قائماً و قال : جزاك الله من أم و ربيبة خيراً و سألناه عن نزع قميصه ، و تمعكه في اللحد ؟ فقال : أردت أن لا تمسها النار أبداً . إن شاء الله تعالى . و أن يوسع الله عليها قبرها و قال : ما عفى أحد من ضغطة القبر ، إلا فاطمة بنت أسد قيل يا رسول الله : و لا القاسم ابنك ؟ قال : و لا إبراهيم و كان أصغرهما)

عذاب الميت ببكاء أهله عليه

روى أبو هدبة قال إبراهيم بن هدبة ، قال : حدثنا أنس بن مالك قال :
( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن العبد الميت إذا وضع في قبره ، و أقعد . قال : يقول أهله : وا سيداه وا شريفاه وا أميراه قال : يقول الملك : اسمع ما يقولون . أنت كنت سيداً ؟ أنت كنت أميراً . أنت كنت شريفاً ؟ قال : يقول الميت : يا ليتهم يسكتون قال : فيضعط ضغطة تختلف فيها أضلاعه)

ذكرعمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( الميت يعذب ببكاء الحي عليه . إذا قالت النائحة واعضده واناصراه وا كاسياه جبذ الميت و قيل له : أنت عضدها ؟أنت ناصرها ؟ أنت كاسيها .)
عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ص.بخاري( ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب . و دعا بدعوى الجاهلية)
أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن الخامشة وجهها ، و الشاقة جيبها ،


ما يقال عند وضع الميت في قبره و في اللحد في القبر

و خرج أبو عبد الله الترمذي في نوادر الأصول . عن سعيد بن المسيب قال : حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد قال : بسم الله و في سبيل الله ، فلما أخذ في تسوية اللحد . قال : اللهم أجرها من الشيطان . ومن عذاب القبر فلما سوى الكثيب عليها ، قام جانب القبر ثم قال : اللهم جاف الأرض عن جنبيها ، و صعد روحها ، و لقها منك رضواناً . فقلت لابن عمر : شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم : أم شيئاً قلته من رأيك ؟ قال : إني إذا لقادر على القول . بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم . خرجه ابن ماجه أيضاً في سننه .
و قال أبو عبد الله الترمذي رحمه الله : حدثني أبي رحمه الله . قال : حدثنا الفضل بن ذكين عن سفيان عن الأعمش عن عمرو بن مرة . قال : كانوا يستحبون إذا وضع الميت في اللحد أن يقولوا : اللهم أعذه من الشيطان الرجيم .
و روي عن سفيان الثوري أنه قال : إذا سئل الميت : من ربك ؟ تراءى له الشيطان في صورة فيشير إلى نفسه : إني أنا ربك ، قال أبو عبد الله : فهذه فتنة عظيمة . و لذلك كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بالثبات ، فيقول :
( اللهم ثبت عند أحدهما منطقه . و افتح أبواب السماء لروحه)

استحباب الوقوف عن القبر قليلاً بعد الدفن و الدعاء بالتثبيت له

مسلم عن بن شماسة المهري ، قال : حضرنا عمرو بن العاص و هو في سياقة الموت ، الحديث : و فيه : فإذا دفنتموني فشنوا على التراب شناً ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر و يقسم لحمها ، حتى أستأنس بكم ، و أنظر ماذا أرجع به رسل ربي عز و جل ؟ أبو داود عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه و قال :
سنن أبو داود( استغفروا لأخيكم و اسألوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل ).
و أخرج أبو عبد الله الترمذي الحكيم في نوادر الأصول ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دفن ميتاً وقف و سأل له التثبيت ، و كان يقول :
(ما يستقبل المؤمن من هول الآخرة إلا و القبر أفظع منه .)

تلقين الإنسان بعد موته شهادة الإخلاص في لحده

ذكر أبو محمد عبد الحق يروي عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب . فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع و لا يجيب ، ثم ليقل : يا فلان ابن فلانة الثانية فإنه يستوي قاعداً ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة الثالثة فإنه يقول : أرشدنا رحمك الله ، و لكنكم لا تسمعون . فيقول : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله ، و أن محمداً رسول الله ، و أنك رضيت بالله رباً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً ، و بالقرآن إماماً ، فإن منكراً و نكيراً يتأخر كل واحد منهما . و يقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا ، و قد لقن حجته ، و يكون الله حجيجهما دونه . فقال رجل : يا رسول الله فإن لم تعرف أمه ؟ قال : ينسبه إلى أمه حواء .)

نسيان أهل الميت ميتهم و في الأمل و الغفلة
ذكر أبوهدبة إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(إن مشيعي الجنازة قد وكل بهم ملك فهم مهتمون محزنون حتى إذا أسلموه في ذلك القبر ، و رجعوا راجعين أخذ كفاً من تراب فرمى به و هو يقول : ارجعوا إلى دياركم أنساكم الله موتاكم فينسون ميتهم و يأخذون في شرائهم و بيعهم كأنهم لم يكونوا منه و لم يكن منهم )

و يروى أن الله عز و جل لما مسح على ظهر آدم عليه السلام فاستخرج ذريته قالت الملائكة : رب لا تسعهم الأرض قال الله تعالى : إني جاعل موتاً : قالت : رب لا يهنيهم العيش . قال : إني جاعل أملاً .
قال مطرف بن عبد الله : لو علمت متى أجلي لخشيت ذهاب عقلي
رحمة الله بعبده إذا أدخل في قبره

قال عطاء الخراساني : أرحم ما يكون الرب بعبده . إذا دخل في قبره و تفرق الناس عنه و أهله . و روي عن ابن عباس مرفوعاً . و قال أبو غالب : كنت أختلف إلى أبي أمامة الباهلي بالشام ، فدخلت يوماً على فتى مريض من جيران أبي أمامة و عنده عم له و هو يقول : يا عدو الله ، ألم آمرك ؟ ألم أنهك ؟ فقال الفتى : يا عماه لو أن الله دفعني إلى والدتي : كيف كنت صانعة بي ؟ قال : تدخلك الجنة . قال : الله أرحم بي من والدتي ، و قبض الفتى ، فدخلت القبر مع عمه ، فلما أن سواه صاح و فزع . قلت له مالك ؟ قال : فسح له في قبره ، و ملئ نوراً .
و كان أبو سليمان الداراني يقول في دعائه : يا من لا يأنس بشيء أبقاه ، و لا يستوحش من شيء أفناه ، و يا أنيس كل غريب ، ارحم في القبر غربتي ، و يا ثاني كل وحيد ، آنس في القبر وحدتي .
رحلة العبد والملائكة من الخلق حتى اللحد
ذكر أبونعيم عن أبي جعفرمحمد بن علي عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز و جل إن الله ـ لا إله غيره إذا أراد خلقه ـ قال للملك : اكتب رزقه و أثره و أجله ، و اكتب شقياً أو سعيداً ، ثم يرتفع ذلك الملك و يبعث الله ملكاً آخر فيحفظه حتى يدرك ، ثم يبعث الله ملكين يكتبان حسناته و سيئاته ، فإذا جاءه الموت ارتفع ذلك الملكان ، ثم جاءه ملك الموت عليه السلام ، فيقبض روحه ، فإذا أدخل حفرته رد الروح في جسده ، ثم جاءه ملكا القبر فامتحناه ، ثم يرتفعان ، فإذا قامت الساعة ، انحط عليه ملك الحسنات و ملك السيئات فأنشطا كتاباً معقوداً في عنقه ، ثم حضرا معه : واحد سائق و الآخر شهيد ، ثم قال الله عز و جل : لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في : لتركبن طبقاً عن طبق قال : حالاً بعد حال .
ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم : إن قدامكم أمر عظيم . فاستعينوا بالله العظيم.)
سؤال الملكين

عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ص.بخاري(إن العبد إذا وضع في قبره ، و تولى عنه أصحابه . إنه ليسمع قرع نعالهم أتام ملكان فيقعد أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه و سلم ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله و رسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله تعالى به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً ، و أما المنافق و الكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس . فيقال : لا دريت و لا تليت . و يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين .)

قبض ملك الموت عليه السلام لأرواح الخلق

قال الله تعالى :
( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم . )

و روي عن ابن عمرأنه قال : إذا قبض ملك الموت روح المؤمن قام على عتبة الباب و لأهل البيت ضجة ، فمنهم الصاكة وجهها ، و منهم الناشرة شعرها ، و منهم الداعية بويلها ، فيقول ملك الموت عليه السلام : فيم هذا الجزع فو الله ما أنقصت لأحد منكم عمراً ، و لا ذهبت لأحد منكم برزق ، و لا ظلمت لأحد منكم شيئاً ، فإن كانت شكايتكم و سخطكم علي فإني و الله مأمور ، و إن كان ذلك على ميتكم فإنه في ذلك مقهور ، و إن كان ذلك على ربكم فأنتم به كفرة ، و إن لي فيكم عودة ثم عودة.

وروي معناه مرفوعا في الخبر المشهورفي الأربعين عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( ما من بيت إلا و ملك الموت يقف على بابه في كل يوم خمس مرات ، فإذا وجد الإنسان قد نفذ أكله و انقطع أجله ألقى عليه غمرات الموت ، فغشيته كرباته و غمرته غمراته ، فمن أهل بيته الناشرة شعرها و الضاربة وجهها و الباكية لشجوها و الصارخة بويلها ، فيقول ملك الموت عليه السلام : ويلكم مم الفزع و مم الجزع ؟ ما أذهبت لأحد منكم رزقاً و لا قربت له أجلاً و لا أتيته حتى أمرت ، و لا قبضت روحه حتى استأمرت و إن لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحداً .)
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
( و الذي نفسي بيده لو يرون مكانه و يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم و لبكوا على أنفسهم حتى إذا حمل الميت على النعش رفرفت روحه فوق النعش و هو ينادي : يا أهلي و يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال من حله و من غير حله ، ثم خلفته لغيري فالمهناة له و التبعة علي فاحذروا ما حل بي .)
و روى جعفر بن محمد عن أبيه قال : نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ملك الموت عند رأس رجلاً من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :
( ارفق بصاحبي فإنه مؤمن ، فقال ملك الموت : يا محمد طيب نفساً و قر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق ، و اعلم أن ما من أهل بيت مدر و لا شعر في بر و لا بحر ، إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم و كبيرهم منهم لأنفسهم ، و الله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها .

حضور الشيطان عند الموت وفتنته

ذكر أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له ، وذكر معناه أبوحامد في كتاب كشف علوم الآخرة ،أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
(أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان الواحد عن يمينه و الآخر عن شماله ، فالذي عن يمينه على صفة أبيه ، يقول له : يا بني إني كنت عليك شفيقاً و لك محباً ، و لكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان ، و الذي على شماله على صفة أمه ، تقول له : يا بني إنه كان بطني لك وعاء ، و ثديي لك سقاء ، و فخذي لك وطاء ، و لكن مت على دين اليهود و هو خير الأديان ، عند ذلك يزيغ الله من يريد زيغه و هو معنى قوله تعالى :
( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة )
أي لا تزغ قلوبنا عند الموت و قد هديتنا من قبل هذا زماناً ، فإذا أراد الله بعبده هداية و تثبيتاً جاءته الرحمة ، و قيل : هو جبريل عليه السلام فيطرد عنه الشياطين و يمسح الشحوب عن وجهه فيبتسم الميت لا محالة ، و كثير من يرى متبسماً في هذا المقام فرحاً بالبشير الذي جاءه من الله تعالى فيقول : يا فلان أما تعرفني ؟ أنا جبريل و هؤلاء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية و الشريعة الجليلة . فما شيء أحب إلى الإنسان و أفرح منه بذلك الملك ، و هو قوله تعالى :
( و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حضرت وفاة أبي أحمد ، و بيدي الخرقة لأشد لحييه ، فكان يغرق ثم يفيق و يقول بيده : لا بعد لا بعد . فعل هذا مراراً فقلت له : يا أبت أي شيء ما يبدو منك ؟ فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول : يا أحمد فتني و أنا أقول لا . بعد لا . حتى أموت .

رسل ملك الموت قبل الوفاة

ورد في الخبر : أن بعض الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت عليه السلام : أمالك رسول تقدمه بين يديك ليكون الناس على حذر منك ؟ قال : نعم لي و الله رسل كثيرة من الإعلال و الأمراض و الشيب و الهموم و تغير السمع و البصر ، فإذا لم يتذكر من نزل به و لم يتب ، فإذا قبضته ناديته : ألم أقدم إليك رسولاً بعد رسول و نذيراً بعد نذير ؟ فأنا الرسول الذي ليس بعدي رسول ، و أنا النذير الذي ليس بعدي نذير . فما من يوم تطلع فيه شمس و لا تغرب إلا و ملك الموت ينادي : يا أبناء الأربعين ، هذا وقت أخذ الزاد ، أذهانكم حاضرة و أعضاؤكم قوية شداد . يا أبناء الخمسين قد دنا و قت الأخذ و الحصاد . با ابناء الستين نسيتم العقاب و غفلتم عن رد الجواب فما لكم من نصير أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال :
ص.بخاري(أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)
عن عبد الله ابن عمرو بن العاصي أن رسول الله ـ صلى اللهم عليه وسلم ـ قال:
( قلب ابن آدم على إصبعين من أصابع الجبار عز وجل إذا شاء أن يقلبه قلبه فكان يكثر أن يقول يا مصرف القلوب)
روى النسائي عن عثمان رضي الله عنه قال :
( اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبد ، فعلقت امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له : إنا ندعوك للشهادة ، فانطلق مع جاريتها فطفقت الجارية كلما دخل باباً أغلقته دونه حتى أفضت إلى امرأة وضيئة أي جميلة عندها غلام و باطية خمر فقالت : إني و الله ما دعوتك للشهادة و لكن دعوتك لتقع علي ، أو تشرب من هذه الخمر كأساً أو تقتل هذا الغلام قال فاسقني من هذه الخمر ؟ فسقته كأساً قال : زيدوني فلم يزل يشرب حتى وقع عليها و قتل الغلام).

أدلة عذاب القبر ونعيمه

أولاً / من القرآن الكريم :

قال الله تعالى :
( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ) وهذا خطاب لهم عند الموت
قال الله تعالى :
( فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون . يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون . وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون )
وهذا يحتمل عذابهم بالقتل وغيره في الدنيا ، وأن يراد به عذابهم في البرزخ ، وهو أظهر لأن كثيراً منهم مات ولم يعذب في الدنيا ، وقد يقال – وهو أظهر :- إن من مات منهم عذب في البرزخ ومن بقي منهم عذب في الدنيا بالقتل وغيره ، فهو وعيد بعذابهم في الدنيا وفي البرزخ .
( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب . النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب )
فذكر عذاب الدارين ذكراً صريحاً لا يحتمل غيره فدل على ثبوت عذاب القبر .
قال الله تعالى :
( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذٍ تنظرون نحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون . فلولا إن كنتم غير مدينين . ترجعونها إن كنتم صادقين . فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم . وأما إن كان من أصحاب اليمين . فسلام لك من أصحاب اليمين . وأما إن كان من المكذبين الضالين . فنزل من حميم . وتصلية جحيم)
فذكر هاهنا أحكام الأرواح عند الموت

ثانياً / من السنة النبوية :

إذا تأملت أحاديث عذاب القبر ونعيمه ، وجدتها تفصيلاً وتفسيراً لما دل عليه القرآن ، وأحاديث عذاب القبر كثيرة متواترة عن النبي r ومنها :
عن ابن عباس أن النبي r مر بقبرين ، فقال :
ص.بخاري( إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير : أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم دعا بجريدة فشقها نصفين ، فقال : " لعله يخفف عنهما مالم ييبسا)
عن أبي هريرة أن النبي r قال :
ص.مسلم(إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ، فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال )
عن أبي أيوب قال : خرج النبي r وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال :
( يهود تعذب في قبورها)
عن عائشة رضي الله عنها قال : دخلت علىّ عجوز من عجائز يهود المدينة ، فقالت : إن أهل القبور يعذبون في قبورهم . قالت : فكذبتها ، ولم أنعم أن أصدقها . قالت : فخرجت ودخل عليّ رسول الله r فقلت : يا رسول الله ! إن عجوزاً من عجائز يهود أهل المدينة دخلت فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم ؟ قال :
ص.بخاري( صدقتا ، إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم كلها)
قالت : فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر .
عن أنس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
ص.بخاري( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ، فيأتيه ملكان ، فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقولان له : انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، فيراهما جميعاً)
قال قتادة : وروي لنا أنه يفسح له في قبره .

عذاب القبر و اختلاف أحوال العصاة


عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
ابن ماجه( أكثر عذاب القبر من البول )
عن ابن عباس قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم على قبرين فقال :
(إنهما ليذبان في غير كبير ، أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس ، و أما الآخر فكان صاحب نميمة ثم دعا بجريدة فشقها نصفين فوضع نصفاً على هذا القبر ، و نصفاً على هذا القبر . و قال : عسى أن يخفف عنهما ما دامتا رطبتين
ذكر الطحاوي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( أمر بعبد من عباد الله عز و جل أن يعذب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل الله تعالى و يدعوه حتى صارت واحدة فامتلأ قبره عليه ناراً ، فلما ارتفع عنه أفاق فقال : لماذاجلدتموني ؟ قال إنك صليت صلاة بغير طهور ، و مررت على مظلوم فلم تنصره .)
عن سمرة بن جندب قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه . فقال : من رأى منكم الليلة رؤياً ؟ قال : فإن رأى أحد رؤيا قصها فيقول : ما شاء الله فسألنا يوماً . فقال : هل رأى أحدكم رؤيا ؟ قلنا : لا . قال :
ص.بخاري( لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة ، فإذا رجل جالس و رجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه ، ثم يفعل يشدقه الآخر مثل ذلك و يلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله .
قلت : ما هذا ؟ قالا : انطلق ، فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ، و رجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ بها رأسه ، فإذا ضربه تدهده الحجر فانطلق ليأخذه فما يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه و عاد رأسه كما هو فعاد إليه فضربه . قلت : ما هذا ؟ قالا : انطلق فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق و أسفله واسع يتوقد تحته ناراً ، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ، فإذا خمدت رجعوا فيها . وفيها رجال و نساء عراة . فقلت : ما هذا ؟ قالا : انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم و على شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان . فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان . فقلت : ما هذا ؟ قالا : انطلق فانطلقنا ، حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة و في أصلها شيخ و صبيان . و إذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها فصعدا بي الشجرة و أدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها فيها شيوخ و شباب و نساء و صبيان ، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن و أفضل . فيها شيوخ و شباب قلت : طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت . قالا : نعم . الذي رأيت يشق شدقه : فكذاب يحدث بالكذب فتحمل منه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة .
و الذي رأيته يشدخ رأسه : فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل و لم يعمل فيه بالنهار . يفعل به إلى يوم القيامة ، و أما الذين رأيتهم في الثقب . قهم الزناة ، و الذي رأيته في النهار آكل الربا . و الشيخ في أصل الشجرة : إبراهيم . و الصبيان حوله : فأولاد الناس . و الذي يوقد النار : مالك خازن النار ، و الدار الأولى : دار عامة المؤمنين . و أما هذه الدار : فدار الشهداء ، و أنا جبريل ، وهذا ميكائيل فارفع رأسك فرفعت رأسي ، فإذا فوقي مثل السحاب قالا : ذلك منزلك ، فقلت : دعاني أدخل منزلي . قال : إنه بقي لك عمر ، لم تستكمله فلو استكملته أتيت منزلك)

عن نافع عن ابن عمر قال :
بينما أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من حفرة إلى حفرة في عنقه سلسلة فنادى يا عبد الله أسقني فذكره بمعناه ، وقال فيه : فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مسرعاً فأخبرته فقال :
( أو قد رأيته ؟ " فقلت نعم . قال : " عدو الله أبو جهل وذلك عذابه إلى يوم القيامة )
وخرج ابن أبي الدنيا من طريق خالد عن الشعبي أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إني مررت ببدر فرأيت رجلاً يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة معه حتى يغيب في الأرض ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك مراراً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( ذلك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم القيامة)
وذكر الواقدي بغير إسناد أن ابن عمر رأى ذلك ببطن رابغ وأن الملك قال له : لا تسقه فإنه أبي ابن خلف قتيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وخرج ابن أبي الدنيا من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال : بينما راكب يسير بين مكة والمدينة إذ بمقبرة فإذا رجل قد خرج من قبره يلتهب ناراً مصفداً في الحديد فقال : يا عبد الله انفخ انفخ . وخرج آخر يتلوه فقال : يا عبد الله لا تنفخ قال : وعشي على الراكب وعدلت به راحلته إلى العرج .
قال وأصبح قد ابيض شعره حتى صار كأنه ثغامة ، قال : فأخبر بذلك عثمان فنهى أن يسافر الرجل وحده .
وروي هشام بن عمار في كتاب البعث عن يحيى بن حمزة حدثني النعمان عن مكحول أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ابيض رأسه ونصف لحيته فقال له عمر :
وما بالك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين مررت بمقبرة بني فلان ليلا فإذا رجل يطلب رجلا بسوط من نار كلما لحقه ضربه فاشتعل ما بين مفرقه إلى قدمه نارا فلاذ بي الرجل فقال : يا عبد الله أغثني فقال الطالب : يا عبد الله لا تغثه فبئس عبدالله هو ، فقال عمر : كذلك كره لكم نبيكم ان يسافر الرجل وحده.
وحدثنا سويد بن سعيد حدثنا الحكم بن سنان عن عمرو بن دينار قال : كان رجل من اهل المدينة له أخت فماتت فجهزها وحملها إلى قبرها فلما دفنت ورجع إلى أهله ذكر أنه نسي كيسا كان معه في القبر فاستعان برجل من أصحابه فأتيا القبر فنبشاه فوجدا الكيس فقال للرجل : تنح حتى أنظر على أي حال أختي فرفع بعض ما على اللحد فإذا القبر يشتعل نارا فرده وسوى القبر ورجع إلى أمه فسألها عن حال أخته فقالت كانت تؤخر الصلاة عن وقتها ولا تصلي فيما أظن في وضوء وتأتي أبواب الجيران إذا ناموا فتلقم أذنها أبوابهم فتخرج حديثهم .
وروى الهيثم بن عدي حدثنا أبان بن عبد الله البجلي قال : هلك جار لنا فشهدنا غسله وكفنه وحمله إلى قبره وإذا شيء في قبره شبيه بالهرة فزجرناه فلم ينزجر فضرب الحفار جبهته ببيرمة فلم يبرح فتحولنا إلى قبر آخر ، فلما الحدوا فإذا هو فيه فصنعنا به مثلما صنعوا أولاً ، فلم يبرح يلتفت فرجعوا إلى قبر ثالث فلما ألحدوا وإذا ذاك الهر فيه ، فصنعوا فيه مثلما صنعوا أولاً ، فلم يلتبت فقال بعض القوم : يا هؤلاء إن هذا الأمر ما رأينا مثله فادفنوا صاحبكم فدفنوه فلما سوي عليه اللبن سمعوا قعقعة عظامه فذهبو إلى امرأته فقالوا : يا هذا ما كان يعمل زوجك ؟ وحدثوها بما رأوه فقالت : ما كان يغتسل من الجنابة .
خرج ابن أبي الدنيا بإسناده عن يزيد بن المهلب قال : استعملني سليمان بن عبد الملك على العراق وخرسان فودعني عمر بن عبد العزيز فقال : يا يزيد اتق الله فإني حين وضعت الوليد في لحده فأهوى يركض في أكفانه .
بإسناده عن عمرو بن ميمون بن مهران قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : كنت فيمن دلى الوليد بن عبد الملك في قبره ، فنظرت إلى ركبتيه قد جمعت إلى عنقه ، فقال ابنه : عاش والله أبي ورب الكعبة فقلت : عوجل أبوك ورب الكعبة قال : فاتعظ بها عمر بعد .
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي الحريش عن أمه قالت : لما حفر أبو جعفر خندق في الكوفة حول الناس موتاهم ، فرأيت شاباً ممن حول عاضاً على يده . قال : وحدثنا عبد المؤمن بن عبد الله العنسي قال : قيل لنباش قد كان تاب ما أعجب ما رأيت ؟ قال : نبشت رجلاً فرأيته مسمراً بالمسامير في سائر جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه . وقيل لنباش آخر : ما أعجب ما رأيت ؟ قال : رأيت جمجمة إنسان مصبوباً فيها رصاص وقيل لنباش آخر : ما كان سبب توبتك ؟ قال : عامة ما كنت أنبش أراه محول الوجه عن القبلة .
عن عبد العزيز بن عبد المنعم بن الصقيل الحراني قال : حكى لي عبد الكافي أنه شهد مرة جنازة فإذا عبد أسود معنا ، فلما صلى الناس ، لم يصل ، فلما حضرنا الدفن نظر إلي ثم قال : أنا عمله قم ألقى نفسه في القبر ، قال : فنظرت فلم أر شيئاً
بشرى المؤمن في قبره

قال كعب الأحبار : إذا وضع العبد الصالح في قبره احتوشته أعماله الصالحة فتجيء ملائكة العذاب من قبل رجليه : قتقول الصلاة : إليكم عنه ، قيأتون من قبل رأسه . فيقول الصيام : لا سبيل لكم عليه . فقد أطال ظمأه لله عز و جل في دار الدنيا ، فيأتون من قبل جسمه . فيقول الحج و الجهاد : إليكم عنه ، فقد أنصب نفسه و أتعب بدنه و حج و جاهد لله عز و جل . لا سبيل لكم عليه . فيأتون من قبل يديه ، فتقول الصدقة : كفوا عن صاحبي فكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين ، حتى و قعت في يد الله عز و جل ابتغاء لوجهه ، فلا سبيل لكم عليه . قال : فيقال له : نم هنيئاً ، طبت حياً و طبت ميتاً .

ما ينجي المؤمن من أهوال القبر و فتنته و عذابه

و ذلك خمسة أشياء

الأول :الرباط
عن شرحبيل بن السمط عن سلمان الخير عن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال:
النسائي( من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا أجري له مثل ذلك من الأجر وأجري عليه الرزق وأمن من الفتان)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة [ الحديث ) فثواب هذه الثلاث يلحق الميت بعد موته ، لكن ذلك مما ينقطع بنفاده و ذهابه ، كالصدقة بنفادها ، و العلم بذهابه ، و الولد الصالح بموته ، و النخل بقطعه إلى غير ذلك مما ذكر ، أما الرباط يضاعف أجره لصاحبه إلى يوم القيامة لقوله عليه الصلاة و السلام
الترمذي( كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله ، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة و يأمن من فتنة القبر )

الثاني :الإستشهاد في سبيل الله
عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن رجلاً قال يا رسول الله ، ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال :
النسائي( كفى ببارقة السيوف على رأس فتنة .)
عن المقدام بن معدي كرب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة . و يرى مقعده من الجنة . و يجار من عذاب القبر . و يأمن من الفزع الأكبر . و يوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها . و يزوج إثنتين و سبعين زوجة من الحور العين ، و يشفع في سبعين من آل بيته.)

الثالث :قول

عن ابن عباس قال : ضرب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم خباءه على قبره و هو لا يحسب أنه قبر فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ضربت خبائي على قبر و أنا لا أحسب أنه قبر ، فإذا بقبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها . فقال صلى الله عليه و سلم :
الترمذي(هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر )
عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال :
موطأمالك(قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها )

الرابع : الموت بداء البطن

روى ابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ابن ماجة(من مات مريضاً مات شهيداً ، ووقى فتنة القبر ، وغدى و ريح عليه برزقه من الجنة)
عن جامع بن شداد قال : سمعت عبد الله بن يسار يقول : كنت جالساً عند سليمان بن صرد ، و خالد بن عرفطة فذكرا أن رجلاً مات ببطنه فإذا هما يشتهيان أن يشهدا جنازته . فقال أحدهما للآخر : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه و سلم :
النسائي(من يقتله بطنه لم يعذب في قبره .)

الخامس : زمان (يوم الجمعة وليلتها )

عن ربيعة بن سيف ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الترمذي( ما من مسلم يموت يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)

تكريم الله لبعض أهل البرزخ .

بعض أهل البرزخ يكرمه الله بأعماله الصالحة عليه في البرزخ ، وإن لم يحصل له ثواب ، تلك الأعمال لانقطاع عمله بالموت ، لكن إنما يبقى عمله عليه ليتنعم بذكر الله وطاعته ، كما يتنعم بذلك الملائكة وأهل الجنة في الجنة وإن لم يكن لهم ثواب على ذلك لأن نفس الذكر والطاعة أعظم نعيماً عند أهلها من نعيم جميع أهل الدنيا ولذاتها ، فما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله وطاعته.
عن طلحة بن عبيد الله قال :
( أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فآويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن عمرو بن حرام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها ، فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال :
( ذلك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت وعلقها وسط الجنة فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم إلى مكانها التي كانت ).

روى أبو نعيم بإسناده عن محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني إبراهيم ابن الصمة المهلبي قال : حدثني الذين كانوا يمرون بالحص بالأسحار قالو ا : كنا إذا مررنا بجنبات ثابت البناني سمعنا قراءة القرآن .

عن يسار بن حبيش عن أبيه قال :
أنا والذي لا إله إلا هو أدخلت ثابت البناني في لحده ومعي حميد ورجل غيره فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنة فإذا به يصلي في قبره فقلت للذي معي : ألاتراه ؟ قال : اسكت فلما سوينا عليه وفرغنا أتينا ابنته فقلنا لها : ما كان عمل ثابت ؟ قالت : وما رأيتم ؟ فأخبرناها فقالت : كان يقوم الليل خمسين سنة فإذا كان السحر قال في دعائه : اللهم إن كنت أعطيت أحداً الصلاة في قبره فأعطينيها ، فما كان الله ليرد ذلك الدعاء .

وقال أبو بكر الخلال : وأخبرني أحمد بن محمد بن بشر حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا حماد الحفار قال : دخلت المقابر يوم الجمعة فما انتهيت إلى قبر إلا سمعت فيه قراءة القرآن .

وروى أبو الحسن في كتاب الروضة عن عبد الله به محمد عن منصور حدثني إبراهيم الحفار قال : حفرت قبراً فبدت لبنة فشممت رائحة المسك حين انفتحت اللبنة فإذا شيخ جالس في قبره يقرأ القرآن .

وروى هبة الله الطبراني اللاكائي الحافظ في كتاب " شرح السنة " بإسناده عن يحيى بن معين قال : قال لي حفار مقابر : أعجب ما رأيت من هذه المقابر أني سمعت في قبر أنيناً كأنين المريض وسمعت من قبره المؤذن وهو يجيبه من القبر .

وروى الحافظ أبو بكر الخطيب بإسناده عن عيسى بن محمد الطوماري قال : رأيت أبا بكر بن مجاهد المقرئ في النوم كأنه يقرأ وكأني أقول : متّ وتقرأ فكأنه يقول لي : كنت أدعو الله في دبر كل صلاة وعند ختم القرآن أن يجعلني ممن يقرأ في قبره .
وحدثني المحدث أبو الحجاج يوسف السرمري حدثنا شيخنا أبو الحسن علي بن الحسين السامري خطيب سامرا وكان رجلا صالحا وأراني موضعا من قبور سامرا فقال : هذا الموضع لا يزال يسمع منه قراءة سورة تبارك .
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب ذكر الموت بإسناده فيه نظر عن الحسن أنه سئل عن الرجل يموت ولم يتعلم القرآن يبلغ درجة أهل القرآن فبكى الحسن قال : هيهات هيهات وأنى له بذلك ، ثم قال : بلغني أن المؤمن إذا مات ولم يأخذ من القرآن أمر حفظته أن يعلموه القرآن في قبره حتى يبعث الله يوم القيامة مع أهله .
وبإسناده عن يزيد الرقاشي قال : بلغني أن المؤمن إذا مات وقد بقي عليه شيء من القرآن لم يتعلمه بعث إليه ملائكة يحفظونه ما بقي عليه منه .
قال وحدثنا صالح بن عبدالله الترمذي حدثنا الظـبي بن الأشعث سمعت عطية بن زيد العوفي يقول : بلغني أن العبد إذا لقي الله ولم يتعلم كتابة علمه في قبرة حتى يثبته الله عليه .
وخرجه أبو القاسم الأزهري في كتاب فضائل القرآن من رواية عبد الكريم ابن الهيثم . حدثنا الحسن بن عبد الله بن حرب حدثنا الظبي بن الأشعث بن سالم ، حدثني عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من قرأ القرآن ولم يستظهره أتاه ملك فزجره في قبره فلقي الله وقد استظهره )

عن عكرمة قال : قال ابن عباس المؤمن يعطي مصحف في قبره يقرأ فيه.

ورؤى الحافظ أبو العلى الهمداني في النوم بعد موته وهو في مدينة جدرانها وحيطانها كلها كتب فسئل عن ذلك فقال سألت الله أن يشغلني بالعلم كما كنت أشتغل به فأنا أشتغل بعلم في قبري .

ورؤي الحافظ عبد القادر الرهاوي في النوم بعد موته وهو يسمع الحديث فقال : أنا لا أزال أسمع الحديث إلى يوم القيامة .

روى ابن أبي الدنيا في كتاب الرقة والبكاء بإسناده عن مسكين بن بكير أن وراداً العجلي لما مات فحمل إلى حفرته نزلوا ليدلوه في حفرته ، فإذا اللحد مفروش بالريحان ، فأخذ بعضهم من ذلك الريحان ، فمكث الناس من ذلك فأخذه الأمير وفرق الناس خشية الفتنة ، ففقده الأمير من منزله لا يدري كيف ذهب .

وروى أبو بكر الخطيب بإسناده عن محمد بن مخلد الدوري الحافظ قال : ماتت أمي فنزلت ألحدها فانفرجت لي فرجة عن قبر بقربها فإذا رجل عليه أكفان جدد وعلى صدره طاقة ياسمين طرية ، فأخذتها فشممتها ، فإذا هي أزكى من المسك وشمها جماعة كانوا معي ، ثم رددتها إلى موضعها وسددت الفرجة .

وروى أبو الفرج بن الجوزي من طريق أبي جعفر عن السراج عن بعض شيوخه قال : كشف قبر بقرب الإمام أحمد وإذا على صدر الميت ريحانه تهتز .

وذكر في تاريخه أن في سنة ست وسبعين وماءتين انفرج تل في أرض البصرة بعرق تل شقيق عن سبعة أقبر في مثل الحوض وفيها سبعة أنفس أبدانهم صحيحة وأكفانهم يفوح منها رائحة المسك أحدهم شاب له جمة وعلى شفتيه بلل كأنه شرب ماء ، وكأن عينيه مكحلتان ، وله مذبة في خاصرته ، وأراد بعض من حضر أن يأخذ من شعره شيئاً فإذا هو قوي كشعر الحي .

وخرج ابن سعد في طبقاته بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : كنت فيمن حفر لسعد بن معاذ قبره بالبقيع وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا من قبره تراباً حتى انتهينا إلى اللحد

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن المغيرة بن حبيبة أن عبد الله بن غالب الحراني لما دفن أصابوا من قبره رائحة المسك .

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن يونس بن أبي العراب قال : حفر رجل قبراً فقعد يستظل فيه من الشمس فجاءت ريح باردة فأصابت ظهره ، فإذا بقبر صغير فوسعه بأصبعه فإذا هو ينظر مد البصر وإذا شيخ مخضوب كأنما رفعت المواشط يديها عنه وقد بقي من أكفانه على صدره شيء .

وأما من شوهد بدنه طرياً صحيحاً وأكفانه عليه صحيحة بعد تطاول المدة من غير الأنبياء عليهم السلام فكثير جداً.

قال : عمرو بن شبة : حدثني محمد بن يحيى ، حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لما سقط جدار بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن عبد العزيز يومئذ على المدينة انكشف قدم من القبور التي في البيت فأصابها شيء فدميت ففزع من ذلك عمرو بن عبد العزيز فزعاً شديداً ، فدخل عروة البيت فإذا القدم قدم عمر بن الخطاب ، فقال لعمر لا تفزع هي قدم عمر بن الخطاب فأمر بالجدار فبني وردعلى حاله .

وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا عبد الأعلى بن حماد حدثنا عبد الجبار بن الورد سمعت أبا الزبير سمعت جابر بن عبد الله يقول : كتب معاوية إلى عامله بالمدينة أن يجري عينا إلى أحد فكتب إليه عامله : أنها لا تجري إلا على قبور الشهداء ، فكتب إليه أن أنفذها قال سمعت جابراً يقول : رأيتهم يخرجون على رقاب الرجال ، كأنهم رجال نوام حتى أصابت المسحاة قدم حمزة فانبعثت دماً .

روى مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة نه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين ، كان قد حفر السيل قبرهما ما يلي السيل وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفرا عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهوكذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة .
وقد يكرم الله بعض عباده الصالحين بأن يشفع في جيرانه فينتفعون بمجاورته في قبره

وروى ابن أبي الدنيا عن محمد بن موسى الصائغ عن عبد الله بن نافع المدني قال : مات رجل من أهل المدينة ، فدفن بها رجل كان من أهل النار ، فاغتم لذلك ، ثم إنه بعد سابعة أو ثامنة أري كأنه من أهل الجنة ، قال : ألم تكن قلت : إنك من أهل النار قال : قد كان ذلك ، لأنه دفن معنا رجل من الصالحين ، فشفع في أربعين من جيرانه وكنت منهم .
وقال ابن البراء : حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير حدثنا عمرو بن حميد قال : أخبرني رجل من أهل جرجان قال : لما مات كرز الحارثي رأى فيما يرى النائم كأن أهل القبور جلوس على قبورهم وعليهم ثياب جدد ، فقال لهم : ما هذا ؟ قالوا : إن أهل القبور كسوا ثياباً جدداً لقدوم كرز عليهم .
وذكر أبو الفرج بن الجوزي أن بعضهم رأى في منامه معروفاً الكرخي لما دفن في قبره شفع في أربعين من كل جانب من جوانبه ، فأعتقوا من النار .


الميت يعرض عليه مقعده بالغداة و العشي

البخاري و مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
الصحيحين( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعدة بالغداة و العشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة و إن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة .)

روى شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت ميمون بن ميسرة يقول : كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : أصبحنا و الحمد لله و عرض آل فرعون على النار و إذا أمسى ينادي : أمسينا و الحمد لله و عرض آل فرعون على النار فلا يسمع أيا هريرة أحد إلا تعوذ بالله من النار .
الإنسان يبلى و يأكله التراب إلا عجب الذنب

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
مسلم وابن ماجه( ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد و هو عجب الذئب ، و منه يركب الخلق يوم القيامة)
و عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ص.مسلم( كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب )
يقال عجم و عجب بالميم و الباء هو رأس العصعص.

مات الحسنُ ابن الحسنِ من أولادِ علي ابنَ أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه.
كان عنده زوجةٌ و أطفال وكان في الشباب،
فوجدت علية امرأتُه وحزِنت حزناً لا يعلمه إلا الله.
أخذت أطفالها وضربت خيمةًَ حول القبر.
وأقسمت بالله لتبكينا هي و أطفالها على زوجِها سنةً كاملة.
وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت الخيمةِ وحملتها و أخذت أطفالها في الليل.
فسمعت هاتفاً يقول لصاحبه في الليل:
هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟
فردَ عليه هاتفٌ أخر قال :
لا، بل يئِسوا فانقلبوا.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
أخوة الإسلام والإيمان
أستأذنكم في سماع هذه القصة القصيرة التي حدثت معي بالفعل.
كنت على سفر ثم عدت بحول الله وقوته .علمت بموت والد أحد جيراني، فذهبت لأعزيه في مصابه . لفت انتباهي أن جاري هذا يبدو سعيدا على غير المتوقع . كان لزاما على أن أقف على سر هذه السعادة في هذا الموقف الذي تقتضي طقوسه عكس ذلك .ٍ
أذهلتني إجابته أكثر مما أذهلتني سعادته ، قال لي بالحرف الواحد :
لقد اطمأننت على مصير أبي في قبره .
قلت له : كيف ؟
قال : مات أبي قرير العين ، وكأنه اختار الميتة التي أرادها .
استفززتني إجابته ، وألححت في السؤال مرة أخرى .
قال في هدوء وانشراح صدر يحسد عليه :
مات وسيجارته في فمه ، وهو يشاهد فيلما لنجمته الأجنبية المفضلة ، بعد أن تناول طعام الغذاء الذي كان دوما يشتهيه، وملأ بطنه عن آخره .
تاهت الكلمات من ذاكرتي ، تبعثرت حروف العزاء واختلطت بمداد الحسرة ، نامت كفي في كف جاري وأنا لائذ بالصمت حين تخيلت والده وهو مطروح بقبره على نفس الهيئة التي مات عليها وملائكة الحساب يستجوبونه .
وإلى هنا انتهت قصتي مع جاري ، لكن بالقطع مازالت قصة أبيه في قبره مستمرة حتى يرث الأرض ومن عليها ، ولو لم يتغمده الله برحمته لعاش حسرة البرزخ وندامة الحساب وذل الجحيم في الآخرة.
سؤال طرق ذهني بقوة الأن ، وأنا أستعيد معكم أحداث هذه القصة .ترى كم يبدو الفارق بين ميتة كتلك وميتة أخرى لعبد آخر كان يتصفح كتاب الله ، بعد أن تسوك ، وملأ بطنه بالقليل من الزاد وأشبع بطن مسكين أو يتيم ؟
أخوة الإسلام والإيمان
من المؤكد أن كل منا قد مر بتلك التجربة البسيطة أكثر من مرة ، وأعني بها انقطاع التيار الكهربائي فجأة وهو يجلس مع ذويه وأحبائه .
أغلبنا يخفق قلبه هلعا ، يتلعثم ، يرفع صوته ليبعث الطمأنينة في نفسه وليبثها في قلوب الآخرين.
يحدث هذا وسط الأهل والأحباب وفوق الأرض ، وهو يعلم سر هذا الإظلام المفاجئ والطارق ، فما بالكم بإظلام القبر الدائم ، مع الوحدة ، والوحشة ، والدود ...
اظلام أخبرنا به المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ، حين قال :

مسند الإمام أحمد( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم )
قال الحبيب محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ هذا الحديث حين افتقد امرأة سوداء كانت تنظف المسجد ، وعندما أخبره الصحابة رضوان الله عليهم أنها ماتت ذهب وصلى عند قبرها رحمة بها.
محظوظة بالطبع تلك المرأة ، فأين نحن من المعصوم ليصلي عند قبورنا ليرفع عنا عذاب القبر وظلمته؟
إظلام لا فكاك منه إلا لمن رحم ربي . وأعد لهذا اليوم عدته.
إظلام بعيدا عن إرسال " الدش والفضائيات " ، إظلام بعيدا عن مباريات الكرة ومسابقات ملكات جمال العالم ، إظلام لا يضيئه إلا العمل الصالح والقول الطيب .
أخوة الإسلام والإيمان:
إن الموت قادم لا محالة ، فأين المفر ؟ والقبر محطة كلنا داخلوها فأين المهرب ؟
سؤال هام ومصيري ، والإجابة الشافية ـ كالعادة ـ عند من أرسله ربه رحمة للعالمين .

قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته )
إذن فالنجاة في التمسك بحبل الله المتين وأداء الفرائض والتقرب بالنوافل.
وتأملو ا معي أخوتي الأحبة مفردات الحديث السابق جيدا ، واعملوا عقولكم في فهم معانيه ، وتوقفوا قليلا عند آخر كلماته التي يقول الرب فيها
(وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته )
أي رحمة تلك التي يحملها الرب لعبده المؤمن ؟هو الذي خلقه وسواه ، وأبان له طريقي الخير والشر، وبشره في حياته بجنة عرضها السماوات والأرض ، فيها ما لاعين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وعند الموت يثبته بملائكة الرحمة ، ومع ذلك يكره الحنان المنان أن يسيئ إلى العبد المؤمن ـ وحاشاه عن ذلك ـ حين يقبض روحه ...
ما من شك أن كلنا يعلم فرائض الله ، ونسأله ـ جل وعلا ـ ألا يجعلنا من المقصرين في أدائها ، فهلم بنا إلى مائدة النوافل كي ينطبق علينا الحديث السابق ونجد المهرب المطلوب من عذاب الدنيا والقبر والآخرة .

يقول الحبيب محمد ـ صلوات الله وسلامه عليه في الحديث التي روته أم المؤمنين عائشة :
ص.بخاري(اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم)
فهل يعجز لساننا عن هذا الدعاء اتقاء من عذاب القبر وفتنته ؟
وهل يتوقف الأمر بنا عند حد الدعاء والتمني دون العمل ؟
عن أبي هريرة رضي اللهم عنهم يقول قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم:
ص.بخاري( قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه)

بنص الحديث نفهم أن للصوم عند الله شأن عظيم ، وهو ـ جل في علاه ـ يجازي به جزاء الكريم الذي يملك خزائن الرحمة والمغفرة . فلماذا نعجز عن الصيام تطوعا بحثا عن النجاة من القبر ومن عذاب الجحيم ؟
ويقول المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
الترمذي(يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج فيوقف بين يدي الله فيقول الله له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فماذا صنعت فيقول يا رب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان فارجعني آتك به فيقول له أرني ما قدمت فيقول يا رب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان فارجعني آتك به كله فإذا عبد لم يقدم خيرا فيمضى به إلى النار)
وعنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال :
(قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك )
وأحاديث الإنفاق والصدقة وآياتها في القرآن لاحصر لها فلماذا نغفل عنها،
وقد قال المعصوم صلى اللهم عليه وسلم في حقها :
الترمذي(إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع عن ميتة السوء )

عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللهم عليه وسلم
الترمذي( قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار فقالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء قال نعم الريح قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله)
فلماذا لا نتصدق بقدر ما نستطيع لندفع غضب الرب عنا في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة ؟
يقول الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم :
الترمذي(يقول الرب عز وجل من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه )

باب عطاء مفتوح من قبل المنعم الوهاب أرشدنا إليه من بعثه الله إليناليهدينا سواء السبيل .
ذكر الله وقراءة القرآن ، من انشغل بهما ولم يدع الله أعطاه الله عطاء يفوق عطاء من سأله وانشغل بعيدا عن الذكر وقراءة القرآن .
منح ربانية ،وخزائن مغفرة من رب رؤوف رحيم .عطاء مفتوح ممدود من مائدة رب العالمين يصيب صاحبه في دينه وفي دنياه ، فلماذا ننسى الذكر ونتشاغل عن القرآن ؟
ويقول المعصوم صلى اللهم عليه وسلم
الترمذي(عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد)
وعن أبي هريرة رضي اللهم عنهم أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال
ص.بخاري( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له)
دعاء الثلث الأخير من الليل و قيامه،الذي عرف قدره بعض أولياءالله الصالحين ، فذاقوا حلاوته بعد أن دخلوا جنته .

قال ثابت البناني رحمه الله :
(ما شئ أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل)
قال سفيان رحمه الله :
( إذا جاء الليل فرحت وإذا جاء النهار حزنت)
وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله :
(لأهل الطاعة بليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله
( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.)
فهل يغفل عاقل عن أن يدعو الله في وقت حدده العلي القدير لإجابة الدعاء والتوبة والمغفرة؟
عن سعيد بن عامر عن هشام صاحب الدستوائي قال قرأت في كتاب بلغني أنه من كلام عيسى:
( تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل وإنكم علماء السوء الأجر تأخذون والعمل تضيعون يوشك رب العمل أن يطلب عمله وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه الله نهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصلاة والصيام كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه واحتقر منزلته وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئا أصابه كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه أو قال أحب إليه مما ينفعه كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به ولا يطلبه ليعمل به)
أخي المسلم ، أختي المسلمة :
إن الأمر جد خطير ، ونحن مقبلون عل ملك الملوك الذي مجد نفسه في علاه كما أخبرنا الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم :
ص.بخاري(يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض)
ملك ليس لديه أحساب ولا أنساب ، كما بين لنا الحبيب المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه :
ص.بخاري(يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الأبعد فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار)
ملك رغم قوته وجبروته يفرح لتوبة العبد.
يقول المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم :
ص.بخاري(يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )
يقول الله تعالى في محكم آياته :
( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون)
(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون)
فعلينا أن نتمسك جميعا بشرع الله ، وسنة نبيه وحبيبه المعصوم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن نعض عليه بالنواجذ، علينا أيضا ألا نغفل عن الإنابة إلى الله إن قصرنا، وأن نجعل أيدينا دائما وقلوبنا مصوبة نحو السماء ، تضرعا ، وخوفا ، ورجاء .

ب.علي
2010-03-19, 01:18
يا رب
إن لم أكن أهلا لبلوغ رحمتك
فإن رحمتك أهل لأن تبلغني
فأنت القائل

ورحمتي وسعت كل شيْ " "
وأنا شيْ
فلتسعني رحمتك
-----------------
اللّهم وفّقنا للعمل الصّالح
شكرا على الموضوع أختنا sousou24

sousou24
2010-03-19, 08:09
جزاكِ الله خير الجزاء