المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هـل تريد الذهـاب إلـى الجنة


الأستـ كريم ــاذ
2010-03-18, 17:53
هناك بعض من الوعاظ الدينيين بهم شيء من الألمعية، وبالمقابل فهناك البعض منهم بهم شيء من الغفلة إن لم أقل الغباء.


مثل ذاك الواعظ الذي التقيته في مجلس تعزية (أربعينية)، وأول ما واجهته، وإذا به ينتحي بي في ركن قصي من المجلس، وأخذ يقدم لي النصائح تلو النصائح، ويضرب لي الأمثال، وكأني به يريد أن يدخلني في الإسلام، وكنت طوال الوقت صامتا، أؤكد ما يقول، وأتفرس في ملامح وجهه –خصوصا فمه ولسانه وبعض أسنانه- فلما طال الكلام وبدأ ينفد صبري، ما كان مني إلا أن أسأله: ألا تعلم يا فضيلة الشيخ أنني مسلم؟ وأن والدي اسمه محمــد؟ وأنني اعتمرت العام الفائت وصمت وزكيت (على قدر ما أملك) وأديت الشهادة، وما زلت ولله الحمد أشهد وأصلي وأصوم وأزكي. قال لي: بلى، إنني أعرف ذلك بحكم أننا جيران ومعارف قديمة. قلت له: إذن، لم تصدع لي رأسي وأنت تتكلم معي أكثر من ساعة. قال: أنا مؤمن بما جاء من: "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، قلت له: شكرا فقد ذكرت لي بما فيه الكفاية، واستفدت أنا –بالمقابل- من تذكيرك بأكثر من الكفاية، والآن اسمح لي أن أتركك وأنتقل إلى مكان آخر.


وفعلا قمت من مكاني واتجهت إلى ركن بعيد، وبالصدفة وإذا بالذي جلست جنبه كان على النقيض نهائيا من ذلك الواعظ الورع، فـقد كان إنسانا ساذجا وهابقا بمعنى الكلمتين، ورغم أن المعرفة بيني وبينه سطحية، فقد ذخل معي بالهذر والتشدق بشتى المواضيع: غلاء الأسعار، الحجاب الموضة،كأس العالم لكرة القدم، الباكالوريا، و الدردشة على ال***** ... وهلم شرا (بالشين لا بالجيم)، عندها بدأت أضيق ذرعا بالمكان ومن فيه .. فتركت الساذج الهابق يثرثر وقمت من مكاني بحجة أني أريد أن أتوضأ لصلاة العشاء.


وبحثت عن مكان مريح، ولله الحمد والمنة أني وجدته، ارتحت قليلا، وأخذت أراقب ثلاثة من الأطفال يلعبون في آخر المجلس الكبير، وشاهدت الواعظ يتجه نحوهم، وتفاجأت به يقطع عليهم لعبهم البريء بسؤاله الحاسم (التعليمي البيداغوجي): هل تريدون الذهاب إلى الجنة؟ فأجاب اثنان منهم بفرح: أجل، أجل... فيما بقي الثالث صامتا، فسأله الواعظ: وأنت ألا تريد الذهاب إلى الجنة؟ فقال له الطفل بكل براءة وحزم: لا، لا أريد الذهاب. فقال له الواعظ الذكي: ألا تريد أن تذهب إلى الجنة بعد أن تموت؟ فقال الصبي: طبعا بعد أن أموت أريد الذهاب إلى الجنة، لكنني عندما رأيت حماسك ظننت أنك تريدني أن أذهب إليها معك من الآن، وأنا أريد أن أحيا وألعب مع أصحابي.


فما كان مني إلا أن أنادي على الواعظ الطيب قائلا: تعال، تعال عندي واستمر في وعظي وإرشادي إلى أن تتعب.. المهم أترك أولئك الأطفال يلعبون، الله يكرمك ويرضى عليك.


وأتى وجلس متكئا بجانبي، ودارت الأسطوانة من جديد...

الأستـ كريم ــاذ
2010-03-21, 13:05
قال الحسن البصري: "رحم الله عبدا أهدى لي عيوبي"
من منطلق هذا المأثور أحبذ منكم إخواني ردودا
نقدا
اقتراحا
تصحيحا
تصويبا
تعقيبا
مشكورين لكن لا تمروا علينا مر الكرام
:mh92:You Are

الأستـ كريم ــاذ
2010-05-06, 19:26
هناك بعض من الوعاظ الدينيين بهم شيء من الألمعية، وبالمقابل فهناك البعض منهم بهم شيء من الغفلة إن لم أقل الغباء.



مثل ذاك الواعظ الذي التقيته في مجلس تعزية (أربعينية)، وأول ما واجهته، وإذا به ينتحي بي في ركن قصي من المجلس، وأخذ يقدم لي النصائح تلو النصائح، ويضرب لي الأمثال، وكأني به يريد أن يدخلني في الإسلام، وكنت طوال الوقت صامتا، أؤكد ما يقول، وأتفرس في ملامح وجهه –خصوصا فمه ولسانه وبعض أسنانه- فلما طال الكلام وبدأ ينفد صبري، ما كان مني إلا أن أسأله: ألا تعلم يا فضيلة الشيخ أنني مسلم؟ وأن والدي اسمه محمــد؟ وأنني اعتمرت العام الفائت وصمت وزكيت (على قدر ما أملك) وأديت الشهادة، وما زلت ولله الحمد أشهد وأصلي وأصوم وأزكي. قال لي: بلى، إنني أعرف ذلك بحكم أننا جيران ومعارف قديمة. قلت له: إذن، لم تصدع لي رأسي وأنت تتكلم معي أكثر من ساعة. قال: أنا مؤمن بما جاء من: "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، قلت له: شكرا فقد ذكرت لي بما فيه الكفاية، واستفدت أنا –بالمقابل- من تذكيرك بأكثر من الكفاية، والآن اسمح لي أن أتركك وأنتقل إلى مكان آخر.


وفعلا قمت من مكاني واتجهت إلى ركن بعيد، وبالصدفة وإذا بالذي جلست جنبه كان على النقيض نهائيا من ذلك الواعظ الورع، فـقد كان إنسانا ساذجا وهابقا بمعنى الكلمتين، ورغم أن المعرفة بيني وبينه سطحية، فقد ذخل معي بالهذر والتشدق بشتى المواضيع: غلاء الأسعار، الحجاب الموضة،كأس العالم لكرة القدم، الباكالوريا، و الدردشة على ال***** ... وهلم شرا (بالشين لا بالجيم)، عندها بدأت أضيق ذرعا بالمكان ومن فيه .. فتركت الساذج الهابق يثرثر وقمت من مكاني بحجة أني أريد أن أتوضأ لصلاة العشاء.


وبحثت عن مكان مريح، ولله الحمد والمنة أني وجدته، ارتحت قليلا، وأخذت أراقب ثلاثة من الأطفال يلعبون في آخر المجلس الكبير، وشاهدت الواعظ يتجه نحوهم، وتفاجأت به يقطع عليهم لعبهم البريء بسؤاله الحاسم (التعليمي البيداغوجي): هل تريدون الذهاب إلى الجنة؟ فأجاب اثنان منهم بفرح: أجل، أجل... فيما بقي الثالث صامتا، فسأله الواعظ: وأنت ألا تريد الذهاب إلى الجنة؟ فقال له الطفل بكل براءة وحزم: لا، لا أريد الذهاب. فقال له الواعظ الذكي: ألا تريد أن تذهب إلى الجنة بعد أن تموت؟ فقال الصبي: طبعا بعد أن أموت أريد الذهاب إلى الجنة، لكنني عندما رأيت حماسك ظننت أنك تريدني أن أذهب إليها معك من الآن، وأنا أريد أن أحيا وألعب مع أصحابي.


فما كان مني إلا أن أنادي على الواعظ الطيب قائلا: تعال، تعال عندي واستمر في وعظي وإرشادي إلى أن تتعب.. المهم أترك أولئك الأطفال يلعبون، الله يكرمك ويرضى عليك.



وأتى وجلس متكئا بجانبي، ودارت الأسطوانة من جديد...





قال الحسن البصري: "رحم الله عبدا أهدى لي عيوبي"
من منطلق هذا المأثور أحبذ منكم إخواني ردودا
نقدا
اقتراحا
تصحيحا
تصويبا
تعقيبا
مشكورين لكن لا تمروا علينا مر الكرام