تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وحدانية الله....................


Mostafa1993
2010-03-14, 10:04
إنّ صفات الله تعالى وأسماءه الحسنى لها في نفس المؤمن إشراقة روحية يحسّ بها من صفا بالإيمان قلبه، وزكت بنور أسماء الله وصفاته نفسه، وتلذّذ بالمعرفة بربّه شعوره الداخلي ووجدانه.
فالمؤمن الذي يوقن بأنّ الله تعالى متّصف بكلّ صفات الكمال منزّه عن كلّ نقص، وبأنه موجوداً لا أوّل له، وباق بقاء لا نهاية له، والذي يؤمن بأنّ الله تعالى واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله إيماناً صادقاً واعياً، فإنّه يعيش مع ربّه، ويقيم على الطهر حياته، ويملأ بالأمل قلبه ويشيع النور في بيته ومجتمعه، ويفيض الخير على من عاشره وعرفه.
صفات الله تعالى:
اتّفق العلماء على أنّه يجب في حقّ الله تعالى اتّصافه بكلّ كمال يليق بجلاله وعظمته. ويستحيل في حقّه تعالى أن يتّصف بأيّ صفة من صفات النقص التي لا تليق بجلاله تعالى. هذا على سبيل الإجمال، أمّا على سبيل التفصيل فإنّ أكثر العلماء اتّفقوا على أنّ الله تعالى يجب عقلا أن يتّصف بثلاث عشرة صفة، عليها مدار الألوهية وعظمة الربوبية. ويستحيل في حقّه تعالى ضدّ هذه الصفات.
وإليك تفصيل ما يجب في حقّه سبحانه وتعالى وما يستحيل:
الرقم
الواجب في حق الله تعالى
المستحيل في حق الله تعالى
الرقم
الواجب في حق الله تعالى
لمستحيل في حق الله تعالى
01
الوجود
العدم
08
الإرادة
الكراهية
02
الوحدانية
التعدّد
09
القدرة
العجز
03
القدم
الحدوث
10
الحياة
الموت
04
البقاء
الفناء
11
السمع
الصمم
05
المخالفة للحوادث
المشابهة للحوادث
12
البصر
العمى
06
القيام بالنفس
الاحتياج إلى الغير
13
الكلام
البكم
07
العلم
الجهل


وجود الله تعالى:
* تعريف وجود الله تعالى: إنّ الله الخالق الذي يستحقّ العبادة موجود بذاته وبصفاته وبأفعاله.
* الدليل على وجود الله: هل أنت تحتاج إلى أدلّة تثبت لك أنّ الله الخالق البارئ الواجد موجود ؟ إنّ الحقيقة الإنسانية والفطرة البشرية تكذّبان هذا الإدعاء. فما من إنسان إلَّا وعنده شعور ذاتي أقوى من الشعور بالجوع والعطش بأنّه مخلوق، وأنّ له خالقاً.
قال تعالى: ( أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ بَلْ لَّا يُوقِنُونَ ) الطور الآية 35/36.
وهذا الشعور الفطري يستيقظ عند وجود مثير يبعث على اليقظة، من ألم ينزل أو ضرّ يحيط، قل الله تعالى: ( وَإِذَا مَسَّ الاِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً اَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ ) يونس الآية 12.
وحدانية الله تعالى:
تعريف الوحدانية:
أنّ الله تعالى واحد في ذاته، وواحد في صفاته، وواحد في أفعاله. فليس في الوجود ذات تشبه ذات الله تعالى وليس أحد متصفاً بصفة تشبه صفة الله تعالى وليس لأحد غير الله فِعل يشبه فعل الله تعالى. قال الله تعالى: ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُؤًا أَحَدٌ) سورة الإخلاص.
الدليل على أنّّ ذات الله واحدة:
قال الله تعالى:
ـ ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا ) الأنبياء الآية 22.
ـ ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَّلِدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ اِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون 91.
ـ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُؤًا أَحَدٌ ) سورة الإخلاص.
العلم طريق إلى الإيمان:
يظن بعض الناس الذين لم يدركوا من العلم إلا قليلاً إن الكفر من ضروريات العلم وإن أكثر الناس علماً هم أشدّهم إلحاداً .
والحقيقة أن العلم لا يؤدي بصاحبه إلى الإلحاد في أيّ عهد من العهود، فإنّ العالِم المنقّب عن الحقائق يجد نفسه في هذا الوجود في عالَم لا حدّ له. والعلماء بما أُوتوا من صفات النظر العميق والتحقيق الدقيق يقفون على أسرار الإبداع الإلهي في الوجود ممّا لا يظهر لغيرهم .
فالتفكير والبحث والتأمّل باستعمال العقل والقلب في الخلق هو الطريق الوحيد إلى معرفة الله ومعرفة كماله، وبذلك ينشأ الإيمان الحقيقي.
قال الله تعالى: ( أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الاَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوَ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ ) الحج الآية 46.
( أَوَ لَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ قُلْ سِيرُواْ فِي الاَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شِيْءٍ قَدِيرٌ ) العنكبوت الآية 19/20.
هذا الكون آية على وجود الله:
من أعظم الدلائل على وجود الله: خلق الكون، فالأرض التي نعيش عليها والمجموعة الهائلة من النجوم التي تتراءى لنا تُبهر الناظر عند التأمّل فيها، فتقف النفس أمامها حائرة تسودها الرهبة و يسيطر عليها الإعجاب، فتزداد إيماناً بعظمة الخالق .
والقرآن الكريم كثرت فيه الآيات التي تدعو الإنسان بأن يوجه نظره إلى خلق هذا الكون - من سمائه و أرضه - وتدعوه إلى التفكر في أسراره ليدعم إيمانه ويطرد الشك من نفسه قال الله: ( قُلُ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ) يونس الآية101.
فالقرآن يصرّح بأن الإلحاد إذا استمر بعد النظر في هذا الكون وما فيه من حِكم وأسرار تدلّ على التصميم وعلى وجود خالق له، فليست هناك أدلّة أقوى من هذه،كما أنه لن يؤثر في الملحدين أي دليل آخر.
فالمؤمنون هم الذين يستدلون بخلق هذا الكون على وجود الله، جاء في القرآن ( خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّلْمُومِنِينَ ) العنكبوت الآية 44، وجاء أيضاً ( إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ لَآياتٍ لِّلْمُومِنِينَ ) الجاثـية الآية 3.
أقوال العلماء في وجود الله:
من أقوال الفقهاء:
ـ قال أبو حنيفة: ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال مملوءة من الأثقال قد احتوشها في لجّة البحر أمواج متلاطمة ورياح مختلفة وهي من بينها تجري مستوية ليس لها ملاّح يجريها، ولا متعهّد يدفعها. هل يجوز ذلك في العقل ؟ قالوا: هذا شيء لا يقبله العقل، فقال أبو حنيفة: يا سبحان الله ! إذا لم يجز في العقل سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهّد ولا مُجْر فكيف يجوز قيام الدنيا على اختلاف أحوالها، وتغيّر أعمالها، وسعة أطرافها، وتباين أكنافها من غير صانع وحافظ ؟.
ـ سئل الشافعي رحمه الله، ما الدليل على وجود الله ؟ فقال: ورقة التوت، طعمها ولونها وريحها وطبعها واحد عندكم، فتأكلها دودة القز فيخرج منها الحرير، والنحل فيخرج منها العسل، والشاة فيخرج منها البعر، وتأكلها الظباء فيعقد في نوافجها المسك، فمن الذي جعل هذه الأشياء كذلك مع أن الطبع واحد؟
من أقوال الفلاسفة والعلماء:
ـ قال ديكارت فيلسوف فرنسي: إني مع شعوري بنقص ذاتي أحسّ في الوقت ذاته بوجوب وجود ذات كاملة وأراني مضطر للاعتقاد بأن هذا الشعور قد غرسته في ذاتي تلك الذات الكاملة المتحليّة بجميع صفات الكمال وهي الله.
ـ وقال: إني لم أخلق ذاتي بنفسي، وإلا فقد كنت أعطيتها جميع صفات الكمال التي أدركها. إذن أنا مخلوق بذات أخرى، وتلك الذات يجب أن تكون حائزة جميع صفات الكمال، وإلا اضطررت أن أطبق عليها التعليل الذي طبّقته على نفسي.
ـ قال نيوتن وهو أكبر علماء الفلك في عصره:كيف تكوّنت أجسام الحيوانات بهذه الصناعة البديعة ولأي المقاصد وضعت أجزاؤها المختلفة ؟ هل يُعقل أن تُصنع العين الباصرة بدون علم بأصول الإبصار ونواميسه ؟ والأذن بدون علم بقوانين الصوت ؟ كيف يحدث أنّ حركات الحيوانات تتجدّد بإرادتها ومن أين جاء هذا الإلهام الفطري في نفوس الحيوانات ؟
شبهات منكري وجود الله والردّ عليها:
الماديون لا يعتقدون أن للوجود خالقاً بل يقولون بأنّ كلّ ما في الوجود أزلي صادر عن المادة، والنواميس الطبيعية نشأت على سبيل الصدف وبلغت من الكمال والارتقاء عن طريق التطورات المتعاقبة، وقد سرت تعاليم المادة إلى بعض الناس فألحدوا فتصدى كثير من العلماء للرّدّ على هؤلاء وبيان فساد مزاعمهم، وإليك بعضاً من أقوالهم :
ـ نظرية الصدفة: فسّرت الصدفة بحدوث شيء أو ظاهرة دون سبب ولا مرجع.
الرّدّ على هذه الشبهة:
لنفرض أنّ معك كيساً يحوي مئة قطعة رخام، تسع وتسعون منها سوداء وواحدة بيضاء. والآن هزّ الكيس وخذ منه واحدة: إنّ فرصة سحب القطعة البيضاء هي بنسبة واحد إلى مئة، والآن أعد قطع الرخام إلى الكيس، وأبدأ من جديد: إن فرصة سحب القطعة البيضاء مرتين متواليتين، هي بنسبة واحد إلى عشرة آلاف. والآن جرّب مرّة ثالثة، إن فرصة سحب تلك القطعة البيضاء ثلاث مرّات متوالية هي نسبة مئة مرّة عشرة آلاف أي بنسبة واحد من المليون، ثم جرّب مرّة أخرى أو مرّتين، تصبح الأرقام فلكية.
* قال جون وليام كلوتس وهو عالم في الوراثة: إن هذا العالم الذي نعيش فيه، قد بلغ من الإتقان والتعقيد درجة تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة، إنه مليء بالروائع والأمور المعقّدة التي تحتاج إلى مدبّر، والتي لا يمكن نسبتها إلى قَدَرٍ أعمى. ولا شك أن العلوم قد ساعدت على زيادة فهم وتقدير ظواهر هذا الكون المعقّدة، وهي بذلك تزيد من معرفتنا بالله ومن إيماننا بوجوده.
ـ نظرية التصور المادي: أي لا وجود إلا للمادّة التي تدركها الحواس.
الرّدّ على هذه الشبهة:
الذين لا يؤمنون إلا بالمادة هم لا ينكرون وجود الجاذبية وقوانينها ولم يشاهدوها، بل رأوا آثارها، ويؤمنون بالعقل ولم يروه بل رأوا آثاره، ويؤمنون بالمغناطيسية وقد شاهدوا فقط الجذّاب الحديد إلى الحديد دون رؤية الجاذب. فواقع أمرهم يدلّ على أنهم آمنوا بأشياء لم تدركها حواسهم، ولكن آثارها هي التي دلّتهم عليها وهم فيها على يقين لا يخلطه شكّ.
ـ نظرية التطور: التطور هو تغيّر هذه المخلوقات من حال إلى حال آخر يختلف تماماً عن الأصل.
الرّد هذه الشبهة:
قال أوستن كلارك العالم البيولوجي: لا توجد علامة واحدة تحمل على الاعتقاد بأن أياً من المراتب الحيوانية الكبرى ينحدر من غيره، إنّ كلّ مرحلة لها وجودها المتميّز الناتج عن عملية خلق خاصة ومتميّزة .. لقد ظهر الإنسان على الأرض في نفس الشكل الذي نراه عليه الآن.
دليل الإتقان على وجود الله:
هذه السماء وما فيها من بلايين النجوم المشتعلة والكواكب السيارة التي يحفظها قانون الجاذبية من أن تتصادم أو يرتطم بعضها بالكواكب السيارة والتي يحفظها قانون الجاذبية من أن تتصادم أو يرتطم بعضها بكوكبنا الأرضي الذي نعيش عليه فتنسفه. هذه الكرة الأرضية التي نعيش عليها وما فيها من نبات وحيوان وجبال وبحار كل ذلك لمنفعة الإنسان، إنّ هذا من البراهين القوّية على وجود قدرة إلهية حكيمة وعلى بطلان مزاعم الماديين بأن الكون وُجد صدفةً .
يقول العلَّامة كريسي موريسون: " إنّ استعراض عجائب الطبيعة ليدلّ دلالة قاطعة على أنّ هناك تصميماً وقصداً في كلّ شيء، وثمّة برنامجاً ينفّذ بحذافيره طبقاً لمشيئة الخالق جلّ وعزّ ويقول: إنّ حجم الكرة الأرضية، وبُعدها عن الأرض، وبُعدها عن الشمس، ودرجة حرارة الشمس أشعتها الباعثة للحياة، وسُمك قشرة الأرض وكميّة الماء، ومقدار ثاني أكسيد الكربون، وحجم النتروجين، وظهور الإنسان وبقاء الحياة كلّ أولاء يدلّ على خروج النظام من الفوضى وعلى التصميم والقصد ".
إنّ هذا التصميم والقصد هو الذي لفت القرآن إليه الأنظار في آيات كثيرة نذكر منها قوله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَاخْتِلافِ اليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ لَآياتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) البقرة الآية 164.
فالأرض كرة معلّقة في الفضاء تدور حول نفسها فيكون بذلك الليل والنهار وبالتالي فإن دوران الأرض له تأثير على تحرّكات الرياح، والرياح تنقل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات حيث يمكن أن يتكاثف ويتحوّل إلى مطر، والمطر مصدر الماء العذب ولولاه لأصبحت الأرض جرداء خالية من كل أثر للحياة .
هذا مع العلم أنّ ما وضعه الله من العناصر التي يمتصها النبات ويحولها إلى أنواع مختلفة من الغذاء يفتقر إليها الحيوان .
هذه حقائق علمية عن سرّ الحياة على هذه الأرض فصّلته الآية القرآنية وبيّنت وجود التصميم في الطبيعة والعلاقة المنتظمة بين عناصرها كافة وهي دلائل واضحة على وحدانيته سبحانه وتعالى عن طريق العقل كما هو مطلوب في الآية : ( .. لَآياتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) البقرة الآية 164.
وجاء في القرآن وصف قدرته سبحانه وتعالى : ( وَهُوَ الذِي مَدَّ الاَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اليْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الرعد الآية 3.
فالرواسي في هذه الآية هي الجبال التي يحسبها الجاهل فضلة في الأرض لا حاجة إليها ولكنها ذات فائدة عظيمة إذ ينزل عليها الثلج فيبقي في ثناياها حافظاً لشرت الناس يذوب بالتدريج فتسيل منه الأنهار، ومن الماء تخرج أصناف متنوعة من الثمرات تتوقف حياتها على اختلاف الليل والنهار بهذا الطول المعروف الآن، فلو كان نهارنا وليْلنا أطول مما هما الآن عشر مرات لأحرقت شمس الصيف نباتاتنا نهاراً، ولتجمّد ليلاً كل نبات في الأرض.
هذه هي الحقائق التي ذكرتها الآية القرآنية والتي تبيّن وجود التصميم في الطبيعة ووجود إرادة حكيمة وهي إرادة الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد.
التنسيق في الكون دليل على وحدانية الله تعالى:
إنّ هذا الكون وما فيه من النجوم التي يعجز العقل الإنساني عن معرفتها، أو الإحاطة بعددها، وعلى كثرة عددها فإنّ لكلّ نجم موقعاً ومساراً تسير فيه، لا تتعدّاه ولا تخرج عنه، ولو تعدّاه لاصطدم بآخر ممّا يؤدّي إلى اضطراب نظام الكون، واستحالة الحياة فيه، ووجود هذه النجوم يهتدي بها الإنسان في سيره وحلّه وترحاله حيث يستطيع أن يحدّد الاتجاهات.
فإذا رفعنا أعيننا نحو السماء، فلا بدّ أن يستولي علينا العجب من كثرة ما نشاهده فيها من النجوم والكواكب السابحة فيها، التي تتّبع نظاماً دقيقاً لا تحيد عنه قيد أنملة، مهما مرّت بها الليالي، وتعاقبت عليه الفصول والأعوام والقرون، إنها تدور في أفلاكها بنظام يمكّننا من التنبؤ بما يحدث من الكسوف والخسوف قبل وقوعه بقرون عديدة، فهل يظن أحد بعد ذلك أن هذه الكواكب والنجوم قد لا تكون أكثر من تجمعات عشوائية من المادة تتخبط على غير هدى في الفضاء ؟ وإذا لم يكن لها نظام ثابت، ولم تتّبع قوانين معيّنة فهل كان من الممكن أن يثق الإنسان بها، ويهتدي بهديها في خضمّ البحار والمحيطات، وفي متاهات الطرق الجويّة التي تتبعها الطائرات ؟ فلا شك أن الأجرام السماوية تخضع لقوانين خاصة وتتّبع نظاماً معيّناً، وأنّها ليست حرّة تتخبّط في السماء كيف تشاء.. ولا يسع الإنسان إلا أن يمجّد الله الذي وضع ذلك النظام الرائع وتلك الدقّة البالغة التي تعبّر عن تماثل السلوك وتجانسه الذي يؤكد أن خالق هذا الكون واحد في ذاته وواحد في صفاته وواحد في أفعاله.
بعض أمثلة التنسيق:
الهواء: الذي نستنشقه مركّب من عدّة عناصر منها جزءان هامّان: جزء صالح لتنفس الإنسان، ويسمى باصطلاح الكيميائيين الأكسيجين، وجزء ضار به ويسمى الكاربون. فمن دقائق الارتباط ( التنسيق ) بين وحدات هذا الوجود والمعجز أن هذا الجزء الضار بالإنسان يتنفّسه النبات وهو نافع له. ففي الوقت الذي يكون الإنسان يستنشق الأكسيجين ويطرد الكاربون، يكون النبات يعمل عكس هذا.
وتتمّ عملية التوازن بين الصادر والوارد من غاز الفحم البحر، فإنه يمتص كل زيادة موجودة في الجو إذا بلغت هذه الزيادة فوق الحدّ المناسب، فانظر إلى الرابطة التعاونية التكاملية بين الإنسان والنبات والبحر في شيء أهم عناصر الحياة وهو التنفّس.
الطعام: أنت تأكل الطعام وهو مركّب من عدّة عناصر نباتية أو حيوانية يقسمها العلماء إلى بروتينات ونشويات ودهنيات وفيتامينات ومعادن.
الزَهرة: ترى الزهرة في النبات ولها أوراقاً جميلة جذّابة ملوّنة بألوان مبهجة، فإذا سألت علماء النبات عن الحكمة في ذلك أجابوك بأنه إغراء للنحل وأشباهه من المخلوقات التي تمتصّ رحيق الأزهار لتسقط على الزهرة حتى إذا وقفت على عيدانها علقت حبوب اللقاح بأرجلها وانتقلت بذلك من الزهرة الذّكر إلى الزهرة الأنثى فيتمّ التلقيح. فبعض النباتات تلقّح نفسها بنفسها، وبعضها يأتيها اللقاح بواسطة الهواء والحشرات من نبتة أخرى.
فسبحان القائل: ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهَ لَفَسَدَتَا ) الأنبياء الآية 22.
فلو كان للكون صانعان فعند اختلافهما مثلاً أن يريد أحدهما تحريك جسم ويريد الآخر تسكينه، أو يريد أحدهما إحياءه والآخر إماتته: فإمّا أن يحصل مرادهما، أو يحصل مراد أحدهما ، أو لا يحصل مرادهما.
والأوّل ممتنع، أنّه يستلزم الجمع بين الضدّين، والثالث ممتنع لأنّه يلزم خلو الجسم عن الحركة والسكون، وستلزم أيضاً عجز كل منهما، والعاجز لا يكون إلهاً وإذا حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان هذا هو الإله القادر، والآخر عاجز لا يصلح للألوهية.

الدرس الثاني:



الإيمان:
معنـاه: التّصديق الجازم الذي لا شكّ معه ولا ظنّ.
أركانه: الإيمان بالله، الإيمان بالملائكة، الإيمان بالكتب، الإيمان بالرسل، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالقضاء والقدر.
ضرورة الإيمان:
تتّفق آراء الأطباء أن أخطر ما يهدّد سلامة الإنسان في عصره الحالي وعصوره المقبلة الشعور بالوحدة، هذا الإحساس الذي يتوّلد في نفس الإنسان لظروف خارجة عن إرادته إذ يتولاه في وقت معيّن وفي مكان محدّد أو بنتيجة إحساس داخلي فنجده قد نفر من الناس وانزوى عن المجتمع، وبدأ يتطوّر هذا الإحساس إلى شعور مدمّر بوحدة قاتلة فتسبّب له ضيقاً في صدره ويأساً من عمله وفشلاً في حياته، وبذلك يتهدّد مستقبله وينتهي دوره الإيجابي في الحياة. فقرّر الأطباء العلاج الناجع بعد بحث طويل ومحاولات عديدة وهو أن يغرس الإنسان الشعور بأنه ليس وحيداً وأنه مهما كان فلن يكون في لحظة ما بمفرده، ونصح الأطباء والعلماء أن يتعلّم الإنسان منذ طفولته أنه إذا كان يسير على جانب من الطريق فإن الله على الجانب الآخر.
وهذا الإيمان الجازم له آثار قوية في حياة الفرد والمجتمع معاً:
1) آثار الإيمان في حياة الفرد:
ـ الطمأنينة: وهي أهم عنصر في حياة الإنسان فكلما فقد الإيمان زادت المشاكل وقلَّ الأمن النفسي، ومن فقد الطمأنينة من داخله عجز عن جلبها، فالدّين يزرع الطمأنينة ويوضّح كيفية التعامل مع المشاكل.
ـ التفاؤل والأمل: وهو أثر هامّ، أمل في الدنيا وذلك بالتعمير والبناء، وأمل في الآخرة وذلك بالإخلاص وحسن التدبير.
ـ التمتّع باللّذات المعنوية: على اعتبار أنّ اللّذات الحسيّة ليست هي القصد الأول، بل إنّ لها نهاية وهناك لذات عقلية ومعنوية وروحية.
2) آثار الإيمان في حياة المجتمع:
ولا يمكن إغفال أثر الإيمان في الناحية الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية حيث هي التي توجّه المجتمع للبناء وأنواع التعامل الاجتماعي مثل التكافل والاتحاد والتآزر وتجنّب الفرقة..، وأنواع التعامل الأخلاقي مثل احترام الغير بالمعاملة الحسنة وتجنّب الأخلاق القبيحة..، وأنواع التعامل الاقتصادي مثل إعانة الفقير وكفالة اليتيم وتجنّب التعامل بالربا والرشوة واحتكار المال..، وهكذا أثر الإيمان في ربط قلوب المؤمنين وإخائهم واعتقاد الإنسان شرف ما ينتمي إليه من عقيدة، وعظم الأمّة التي ينتسب إليها، والعمل من أجلها وابتغاء مرضاة الله وحده.
والإيمان أساس العدل والمساواة والإحسان إلى الناس. فإذا أرادت الإنسانية مستقبلاً مشرقاً فلا يكون ذلك إلا بالإيمان الذي يحدّد ويوجّه مسيرة الكون إلى المستقبل المشرق.

Mostafa1993
2010-03-14, 10:06
ارجووووووووووووووووووووووو اااا ان ينال اعجابكم

aymone
2010-03-14, 10:22
موضووع في القمة

Mostafa1993
2010-03-14, 10:27
شكراااااااااااااااااااااااااااااااا اخي الكريم

اميرة سوريا
2010-03-14, 15:29
شكرا على مجهودك الله يعطيك الف عافية

Mostafa1993
2010-03-15, 04:21
..........................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هيرو يوي
2010-03-20, 15:04
شكرا جزيلا لك اخي مصطفى حقا انه موضوع في القمة