amine4188
2007-12-19, 03:37
هل أنت سعيد في حياتك؟
كانت المرة الأولى التي أصغي فيها لكلمة سعادة.. وتساءلت بيني وبين نفسي عن معنى كلمة سعادة – بمعزل عن القصص التي كانت ترويها لنا المعلمة او الام او الجدة او نقرأها عن الامير الذي يتزوج الاميرة ويعيشان في سعادة ابدية – صادف ذلك يوم شاهدت مسرحية باللغة الفرنسية ابطالها كانوا لبنانيين وعنوانها l'oiseau bleu وكنت لا أزال حديثة السن.
تتحدث المسرحية عن طائر أزرق جميل حاول ان يفتش عن السعادة بعد اقتناعه بانه لا يجدها في المكان الذي ولد فيه.. سافر العصفور الأزرق مصفقا بجناحيه قاصدًا الشمس والوقت والليل وغيرها.. سائلًا عن السعادة التي يسعى وراءها وظل يفتش ويفتش ولم يكتشفها الى ان تعب واشتاق لاهله واصحابه واصدقائه، ليعلم في آخر المطاف انه كان يعيش في سعادة كبيرة لكن طمعه أعمى عينيه، وجعله يصدق بان السعادة بعيدة عنه.. ثمَّ يكتشف فجأة ان السعادة قد تكون قربنا وملاصقة لنا لكننا قد نكتشف ذلك بعد فوات الأوان..
هل انت سعيد في حياتك؟ سؤال غالبًا نطرحه على انفسنا وعلى أصدقائنا واحبابنا واحيانا يُهيَّأ لنا أن المشاهير والاثرياء يعيشون في سعادة بالغة وننتظر ان نسمع منهم جوابًا شافيًا على شاشات التلفزيون او في مقابلاتهم الصحافية يحدثوننا فيه عن بالغ سعادتهم لنقنع أنفسنا باننا اكثر شقاء منهم.. ولكننا نُفاجا دومًا أن غالبية هؤلاء يكونون من اتعس الناس وفي اوقات عدة نسمعهم يصرّحون بانهم غير سعداء..
فحياة ابنة أوناسيس اغنى اغنياء اليونان كانت مليئة بالتعاسة والشقاء وانتهت بفجيعة موتها وهي في الاربعين من عمرها.. وحياة باريس هيلتون مليئة بالفضائح والمتاعب ولا تبشر بخير الا بمعجزة في المستقبل.. وليس الحال بأفضل منهما بالنسبة للأميرة ديانا التي عاشت أميرة لكن نهايتها لم تكن كنهايات حكايا سندريللا أو سنو وايت أو الاميرة النائمة..
أما بالنسبة للممثلات.. خصوصًا نجمات هوليوود؛ فبمجرد إلقاء نظرة على حياتهن المهنية نجد ان البداية أحيانا تكون مليئة بالتنازلات التي تجرد الممثلة من كرامتها كما في سيرة حياة ناتالي وود على سبيل المثال، ووصولهن لقمة النجاح لا يخلو من مآسٍ حيث الإدمان على الكحول والمخدرات والزيجات الفاشلة والقضايا المكلفة نتيجة الطلاق أو حق الاحتفاظ بالاطفال، للوصول الى نهايات مظلمة لكثيرات منهن؛ بسبب ان المخرجين وأصحاب شركات الانتاج يسعون دائما وراء الوجوه الشابة التي تكون اكثر جمالا واقل كلفة فيعشن على امل الحصول على ادوار تعيدهن تحت بريق الاضواء مهما كان حجم هذه الادوار.. دون ان ننسى محاولات الانتحار الفاشلة واحيانا الناجحة التي اطاحت بكثير من الفنانات اللواتي صنعن مجد هوليوود..
هناك أمثال ابتدعتها حكمة الشعوب في محاولة منها لتذكير الانسان المتذمر الذي يرثي لنفسه دومًا وفي حالات يكون فيها في ظروف عادية تميزه عن غيره من الفقراء والمدمنين والمتسولين والمرضى بامراض مستعصية، والذين يحييون في عراء تام في الصيف وفي الشتاء.. وقد يكون عاملا وناجحا وبصحة جيدة ولا يتعرض لتحرش جنسي مستمر او ضرب وتعنيف ولم يفقد اجزاء من جسده او حاسة من حواسه وليس بسمين أو قبيح.. وقد يتذمر ايضا وهو الذي يعيش في سلام وحرية تامة متمنيا الموت والانتحار في حين يقضي غيره معظم عمره وراء قضبان السجن او فقد افراد اسرته في حرب ابادة او في حادث.. هذه الامثال المتوارثة قد تهدئ من روعه وتضاعف جهوده في التغلب على الشعور بالتعاسة.. مثلا من رأى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته..
ثمة من يظن أن حياتنا عبارة عن مجموعة مآس وويلات او مصائب لكنني لا اوافقه هذا الرأي؛ أو على الأقل لا اوافق على جزء كبير منه.. فلو أردنا ان ننظر من الفضاء الى الكرة الأرضية لكانت المصيبة كبيرة بالفعل لأننا سنرى التلوث يقضي على البيئة والاحتباس الحراري يهدد الحياة وسنرى الفقر المخيف والمجاعات في أفريقيا وغيرها من البلدان النامية، ونشاهد بؤر الحروب حيث الابادات لأجناس بشرية برمَّتها والمقابر الجماعية.. وسنرى المفاعلات النووية ونفاياتها السامة التي لم يجد لها العلماء حلولا حتى يومنا هذا، فضلًا عن تناحر الدول والغذاء غير الصحي الذي نتناوله وانتشار الامراض غير المعروفة من قبل مثل الايدز الذي يقضي على الملايين من البشر، فضلًا ايضا عن القلق الدائم الذي نعيشه خوفًا من غضب الطبيعة مثل الاعاصير والزلازل والبراكين وعودة التسونامي.. اكيد أننا سنظن انه لا سعادة على هذه الارض وأننا وُجدنا على كوكب غامض لا اجوبة فيه على أسئلتنا الكثيرة.. ويكفينا أننا في حكم الزوال حتى نحيا مع الشقاء ونكبر وفي داخلنا حزن مستديم..
قد تكون الصورة مرعبة ومثيرة للتشاؤم لكننا في العمق قد نكون سعداء وغير اشقياء فكيف ذلك؟ أعتقد ان الطريق الى السعادة تبدأ بالقناعة والرضى والدخول الى عمق ذواتنا لنعلم ماذا نريد ونحقق ما يرضينا وليس ما يرضي فقط الاخرين.. والطريقة الثانية هي المعرفة التي نكتسبها بالعلم والقراءة والاكتشافات واللهاث وراء الحقيقة فأكثر ما يشعرنا بالسعادة حل الالغاز ومعرفة كنه الأمور. ومن الدوافع التي تقودنا نحو السعادة المحبة والعطاء فالقلب المفعم بحب الاخرين قد يجد لذة وسعادة في بذل ما يختلج به من مشاعر فيّاضة لا يمكن له ان يكتشف مدى فعاليتها الا بعد ان يشعر بالحب.. فالكره والغضب والحقد والنميمة والحسد كلها صفات لا تولد الا الشقاء. وقد يكون الإيمان طريقنا للسعادة حتى إن علماء نفس ملحدين يصفون الصلاة لمرضى القلق حتى يتعافوا ويعيشوا في سعادة.
وقد يكون مصدر سعادتنا المحافظة على الاصدقاء والامور الصغيرة التي نراها تافهة احيانا لكن لدى ابتعادنا عنها سنشعر بما شعر به العصفور الأزرق ونعلم بان السعادة كانت بالقرب منا لكننا اشحنا بوجهنا عنها ولم نرها..
وفي الختام سأقص عليكم قصة امراة كانت تعيش حياة بسيطة مع ابنتها وزوجها اللذين تحبهما حبا جما لكنها كانت متطلبة وتريد من زوجها ان يعمل على تامين حياة الرفاهية لها، وصار زوجها يتعب ليلا نهارا حتى استطاع تامين ما تبتغيه الزوجة. وفي احد الايام مرضت الزوجة بعد إصابتها بمرض عضال وشعرت بدنوِّ اجلها فصلت بحرارة لله تعالى ان ينقذها لأنها اشتاقت لما كانت تعتبره تافهًا لأن تنظف بيتها وتطبخ ما تشتهيه ابنتها وتضمها لصدرها اكبر قدر ممكن من ايام عمرها، وأدركت أن ما كانت تتذمر منه كان هو السعادة بالنسبة لها فارادت بشتى الوسائل ان تسترد عافيتها.. واخبرت زوجها وهي تبكي بكاءً مريرًا بان السعادة كانت في متناول يدها لكنها لم تدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان..
كانت المرة الأولى التي أصغي فيها لكلمة سعادة.. وتساءلت بيني وبين نفسي عن معنى كلمة سعادة – بمعزل عن القصص التي كانت ترويها لنا المعلمة او الام او الجدة او نقرأها عن الامير الذي يتزوج الاميرة ويعيشان في سعادة ابدية – صادف ذلك يوم شاهدت مسرحية باللغة الفرنسية ابطالها كانوا لبنانيين وعنوانها l'oiseau bleu وكنت لا أزال حديثة السن.
تتحدث المسرحية عن طائر أزرق جميل حاول ان يفتش عن السعادة بعد اقتناعه بانه لا يجدها في المكان الذي ولد فيه.. سافر العصفور الأزرق مصفقا بجناحيه قاصدًا الشمس والوقت والليل وغيرها.. سائلًا عن السعادة التي يسعى وراءها وظل يفتش ويفتش ولم يكتشفها الى ان تعب واشتاق لاهله واصحابه واصدقائه، ليعلم في آخر المطاف انه كان يعيش في سعادة كبيرة لكن طمعه أعمى عينيه، وجعله يصدق بان السعادة بعيدة عنه.. ثمَّ يكتشف فجأة ان السعادة قد تكون قربنا وملاصقة لنا لكننا قد نكتشف ذلك بعد فوات الأوان..
هل انت سعيد في حياتك؟ سؤال غالبًا نطرحه على انفسنا وعلى أصدقائنا واحبابنا واحيانا يُهيَّأ لنا أن المشاهير والاثرياء يعيشون في سعادة بالغة وننتظر ان نسمع منهم جوابًا شافيًا على شاشات التلفزيون او في مقابلاتهم الصحافية يحدثوننا فيه عن بالغ سعادتهم لنقنع أنفسنا باننا اكثر شقاء منهم.. ولكننا نُفاجا دومًا أن غالبية هؤلاء يكونون من اتعس الناس وفي اوقات عدة نسمعهم يصرّحون بانهم غير سعداء..
فحياة ابنة أوناسيس اغنى اغنياء اليونان كانت مليئة بالتعاسة والشقاء وانتهت بفجيعة موتها وهي في الاربعين من عمرها.. وحياة باريس هيلتون مليئة بالفضائح والمتاعب ولا تبشر بخير الا بمعجزة في المستقبل.. وليس الحال بأفضل منهما بالنسبة للأميرة ديانا التي عاشت أميرة لكن نهايتها لم تكن كنهايات حكايا سندريللا أو سنو وايت أو الاميرة النائمة..
أما بالنسبة للممثلات.. خصوصًا نجمات هوليوود؛ فبمجرد إلقاء نظرة على حياتهن المهنية نجد ان البداية أحيانا تكون مليئة بالتنازلات التي تجرد الممثلة من كرامتها كما في سيرة حياة ناتالي وود على سبيل المثال، ووصولهن لقمة النجاح لا يخلو من مآسٍ حيث الإدمان على الكحول والمخدرات والزيجات الفاشلة والقضايا المكلفة نتيجة الطلاق أو حق الاحتفاظ بالاطفال، للوصول الى نهايات مظلمة لكثيرات منهن؛ بسبب ان المخرجين وأصحاب شركات الانتاج يسعون دائما وراء الوجوه الشابة التي تكون اكثر جمالا واقل كلفة فيعشن على امل الحصول على ادوار تعيدهن تحت بريق الاضواء مهما كان حجم هذه الادوار.. دون ان ننسى محاولات الانتحار الفاشلة واحيانا الناجحة التي اطاحت بكثير من الفنانات اللواتي صنعن مجد هوليوود..
هناك أمثال ابتدعتها حكمة الشعوب في محاولة منها لتذكير الانسان المتذمر الذي يرثي لنفسه دومًا وفي حالات يكون فيها في ظروف عادية تميزه عن غيره من الفقراء والمدمنين والمتسولين والمرضى بامراض مستعصية، والذين يحييون في عراء تام في الصيف وفي الشتاء.. وقد يكون عاملا وناجحا وبصحة جيدة ولا يتعرض لتحرش جنسي مستمر او ضرب وتعنيف ولم يفقد اجزاء من جسده او حاسة من حواسه وليس بسمين أو قبيح.. وقد يتذمر ايضا وهو الذي يعيش في سلام وحرية تامة متمنيا الموت والانتحار في حين يقضي غيره معظم عمره وراء قضبان السجن او فقد افراد اسرته في حرب ابادة او في حادث.. هذه الامثال المتوارثة قد تهدئ من روعه وتضاعف جهوده في التغلب على الشعور بالتعاسة.. مثلا من رأى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته..
ثمة من يظن أن حياتنا عبارة عن مجموعة مآس وويلات او مصائب لكنني لا اوافقه هذا الرأي؛ أو على الأقل لا اوافق على جزء كبير منه.. فلو أردنا ان ننظر من الفضاء الى الكرة الأرضية لكانت المصيبة كبيرة بالفعل لأننا سنرى التلوث يقضي على البيئة والاحتباس الحراري يهدد الحياة وسنرى الفقر المخيف والمجاعات في أفريقيا وغيرها من البلدان النامية، ونشاهد بؤر الحروب حيث الابادات لأجناس بشرية برمَّتها والمقابر الجماعية.. وسنرى المفاعلات النووية ونفاياتها السامة التي لم يجد لها العلماء حلولا حتى يومنا هذا، فضلًا عن تناحر الدول والغذاء غير الصحي الذي نتناوله وانتشار الامراض غير المعروفة من قبل مثل الايدز الذي يقضي على الملايين من البشر، فضلًا ايضا عن القلق الدائم الذي نعيشه خوفًا من غضب الطبيعة مثل الاعاصير والزلازل والبراكين وعودة التسونامي.. اكيد أننا سنظن انه لا سعادة على هذه الارض وأننا وُجدنا على كوكب غامض لا اجوبة فيه على أسئلتنا الكثيرة.. ويكفينا أننا في حكم الزوال حتى نحيا مع الشقاء ونكبر وفي داخلنا حزن مستديم..
قد تكون الصورة مرعبة ومثيرة للتشاؤم لكننا في العمق قد نكون سعداء وغير اشقياء فكيف ذلك؟ أعتقد ان الطريق الى السعادة تبدأ بالقناعة والرضى والدخول الى عمق ذواتنا لنعلم ماذا نريد ونحقق ما يرضينا وليس ما يرضي فقط الاخرين.. والطريقة الثانية هي المعرفة التي نكتسبها بالعلم والقراءة والاكتشافات واللهاث وراء الحقيقة فأكثر ما يشعرنا بالسعادة حل الالغاز ومعرفة كنه الأمور. ومن الدوافع التي تقودنا نحو السعادة المحبة والعطاء فالقلب المفعم بحب الاخرين قد يجد لذة وسعادة في بذل ما يختلج به من مشاعر فيّاضة لا يمكن له ان يكتشف مدى فعاليتها الا بعد ان يشعر بالحب.. فالكره والغضب والحقد والنميمة والحسد كلها صفات لا تولد الا الشقاء. وقد يكون الإيمان طريقنا للسعادة حتى إن علماء نفس ملحدين يصفون الصلاة لمرضى القلق حتى يتعافوا ويعيشوا في سعادة.
وقد يكون مصدر سعادتنا المحافظة على الاصدقاء والامور الصغيرة التي نراها تافهة احيانا لكن لدى ابتعادنا عنها سنشعر بما شعر به العصفور الأزرق ونعلم بان السعادة كانت بالقرب منا لكننا اشحنا بوجهنا عنها ولم نرها..
وفي الختام سأقص عليكم قصة امراة كانت تعيش حياة بسيطة مع ابنتها وزوجها اللذين تحبهما حبا جما لكنها كانت متطلبة وتريد من زوجها ان يعمل على تامين حياة الرفاهية لها، وصار زوجها يتعب ليلا نهارا حتى استطاع تامين ما تبتغيه الزوجة. وفي احد الايام مرضت الزوجة بعد إصابتها بمرض عضال وشعرت بدنوِّ اجلها فصلت بحرارة لله تعالى ان ينقذها لأنها اشتاقت لما كانت تعتبره تافهًا لأن تنظف بيتها وتطبخ ما تشتهيه ابنتها وتضمها لصدرها اكبر قدر ممكن من ايام عمرها، وأدركت أن ما كانت تتذمر منه كان هو السعادة بالنسبة لها فارادت بشتى الوسائل ان تسترد عافيتها.. واخبرت زوجها وهي تبكي بكاءً مريرًا بان السعادة كانت في متناول يدها لكنها لم تدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان..