sollo44
2010-03-11, 12:07
http://www.lakhdaria.net/vb/images/icons/icon43.gif وفاة أمي
-
لطالما استعنت في كتاباتي بقصص حقيقية وقعت للناس الذين يعيشون من حولي،و كم استفدت من تجاربهم و كم كانت رائعة.ولكن اليوم سأحكي لكم قصة كنت أنا البطل فيها :
- في سنة 1994،كنت صبيا مشاغبا في التاسعة من عمري،وكنت أحب فتاة تصغرني بسنة،طبعا كان حب الطفولة بريئا و نقيا مثل نقاوة عيون الأطفال.أذكر تماما كيف كنا نحاول صيام شهر رمضان و كيف كان معلمنا يجبرنا على الافطار بزعم أننا لم نبلغ بعد سن الصيام،و كان ذلك رابع رمضان نمضيه من غير أمي،لأنها كانت جد مريضة منذ سنة 1990. لقد أمضت أربع سنوات في زيارة الأطباء و العيادات و المشافي في رحلة طويلة و مضنية بحثا عن الشفاء. كانت تمكث خلال تلك المدة لأيام معدودة في البيت،و سرعان ما يعاودها المرض و ينقض عليها من غير رحمة و لا أناة فتعود الى المستشفى و تمكث هناك طويلا و نبقى نحن ( أنا و اخوتي الصغار) ننتظر عودتها بكل ما في الأمل من ضراعة. و عندما تعود لا تمكث معنا سوى لأيام قصيرة حتى يعاودها المرض من جديد فتعود الى المستشفى،و ظلت تلك حالها حتى حلول رمضان من عام 1994.
- أمضت الأسبوع الأول من رمضان معنا في البيت حتى باغتها المرض بوعكة صحية أطاحت بها فنقلت الى مستشفى بني مسوس.تركتني أبكي بدموع كاوية،و قبل ذلك بيوم واحد كانت واقفة أمام شجرة الزيتون فعانقتها عند ركبتيها لأني كنت قصيرا و قلت لها : أمي لن تتركينا لوحدنا من جديد أليس كذلك ؟
قالت : آمين يا ولدي. . .. ..... هذه آخر مرة ان شاء الله.
و لكن أملي خاب في الغد، و مرت الأيام مسرعة كالبرق،و رمضان من غير طعم في ظل غياب الوالدة، واستمر المعلم في اجبارنا على الافطار،و كنت لا أزال أحب فتاة تصغرني بسنة،و كان والدي مدرسا بنفس الابتدائية التي كنت أدرس بها. في ذلك اليوم رأيته يتحدث مع ساعي البريد الذي أبرق له برسالة عاجلة،فنزع مئزره الأبيض في عجل و سرعان ما تركه و جاء بحثا عني في الصف ، أمسكني من كتفي و قال: لا توجد دراسة اليوم !!
- اذن لقد ضاع درس الفرنسية الذي كنت أننظره منذ الأسبوع الماضي؟ ،و ضاع تفكيري و أنا أسرع الخطى خلف أبي المسرع الى البيت،و عندما وصلنا قال لي : لا توجد دراسة اليوم لأن أمك قد ماتت !!
و نزل علي الخبر كالصاعقة فبكيت حتى انهارت جوانبي و انتشر الخبر بسرعة، و جاء الأهل و اجتمع الناس من كل حدب. في ذلك اليوم كنا في اليوم السابع و العشرين من رمضان و الكل كانوا يحضرون أنفسهم لليلة القدر و لفضلها العميم. في المأتم سمعت أحد المعزين يقول : يا لحسن حظها ،لقد ماتت في أعظم ليلة.................... الجنة مفتوحة لها !!
و أمام بكائي ،كان صبية الحي يلعبون في غير اكتراث ، و سرعان ما طارت فوقنا مروحية عسكرية فجرى الأطفال خلفها و هم ينظرون اليها وسط السماء فقمت من مكاني و جريت معهم و كنا نردد : طيارة عالي عالي................ وصليني عند اخوالي.
- ضاعت كل التفاصيل، و لم أذكر بعد ذلك شيئا..................... حتى كبرت ، و كلما تذكرت ذلك اليوم ترحمت على المرحومة.
و لكن تخيلوا معي أن السابع و العشرين من رمضان لتلك السنة كان موافقا للثامن مارس 1994 !!
-
لطالما استعنت في كتاباتي بقصص حقيقية وقعت للناس الذين يعيشون من حولي،و كم استفدت من تجاربهم و كم كانت رائعة.ولكن اليوم سأحكي لكم قصة كنت أنا البطل فيها :
- في سنة 1994،كنت صبيا مشاغبا في التاسعة من عمري،وكنت أحب فتاة تصغرني بسنة،طبعا كان حب الطفولة بريئا و نقيا مثل نقاوة عيون الأطفال.أذكر تماما كيف كنا نحاول صيام شهر رمضان و كيف كان معلمنا يجبرنا على الافطار بزعم أننا لم نبلغ بعد سن الصيام،و كان ذلك رابع رمضان نمضيه من غير أمي،لأنها كانت جد مريضة منذ سنة 1990. لقد أمضت أربع سنوات في زيارة الأطباء و العيادات و المشافي في رحلة طويلة و مضنية بحثا عن الشفاء. كانت تمكث خلال تلك المدة لأيام معدودة في البيت،و سرعان ما يعاودها المرض و ينقض عليها من غير رحمة و لا أناة فتعود الى المستشفى و تمكث هناك طويلا و نبقى نحن ( أنا و اخوتي الصغار) ننتظر عودتها بكل ما في الأمل من ضراعة. و عندما تعود لا تمكث معنا سوى لأيام قصيرة حتى يعاودها المرض من جديد فتعود الى المستشفى،و ظلت تلك حالها حتى حلول رمضان من عام 1994.
- أمضت الأسبوع الأول من رمضان معنا في البيت حتى باغتها المرض بوعكة صحية أطاحت بها فنقلت الى مستشفى بني مسوس.تركتني أبكي بدموع كاوية،و قبل ذلك بيوم واحد كانت واقفة أمام شجرة الزيتون فعانقتها عند ركبتيها لأني كنت قصيرا و قلت لها : أمي لن تتركينا لوحدنا من جديد أليس كذلك ؟
قالت : آمين يا ولدي. . .. ..... هذه آخر مرة ان شاء الله.
و لكن أملي خاب في الغد، و مرت الأيام مسرعة كالبرق،و رمضان من غير طعم في ظل غياب الوالدة، واستمر المعلم في اجبارنا على الافطار،و كنت لا أزال أحب فتاة تصغرني بسنة،و كان والدي مدرسا بنفس الابتدائية التي كنت أدرس بها. في ذلك اليوم رأيته يتحدث مع ساعي البريد الذي أبرق له برسالة عاجلة،فنزع مئزره الأبيض في عجل و سرعان ما تركه و جاء بحثا عني في الصف ، أمسكني من كتفي و قال: لا توجد دراسة اليوم !!
- اذن لقد ضاع درس الفرنسية الذي كنت أننظره منذ الأسبوع الماضي؟ ،و ضاع تفكيري و أنا أسرع الخطى خلف أبي المسرع الى البيت،و عندما وصلنا قال لي : لا توجد دراسة اليوم لأن أمك قد ماتت !!
و نزل علي الخبر كالصاعقة فبكيت حتى انهارت جوانبي و انتشر الخبر بسرعة، و جاء الأهل و اجتمع الناس من كل حدب. في ذلك اليوم كنا في اليوم السابع و العشرين من رمضان و الكل كانوا يحضرون أنفسهم لليلة القدر و لفضلها العميم. في المأتم سمعت أحد المعزين يقول : يا لحسن حظها ،لقد ماتت في أعظم ليلة.................... الجنة مفتوحة لها !!
و أمام بكائي ،كان صبية الحي يلعبون في غير اكتراث ، و سرعان ما طارت فوقنا مروحية عسكرية فجرى الأطفال خلفها و هم ينظرون اليها وسط السماء فقمت من مكاني و جريت معهم و كنا نردد : طيارة عالي عالي................ وصليني عند اخوالي.
- ضاعت كل التفاصيل، و لم أذكر بعد ذلك شيئا..................... حتى كبرت ، و كلما تذكرت ذلك اليوم ترحمت على المرحومة.
و لكن تخيلوا معي أن السابع و العشرين من رمضان لتلك السنة كان موافقا للثامن مارس 1994 !!