NEWFEL..
2010-03-10, 11:39
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
الحمد للَّه ناشر الأمم ومنشر الرمم، بارئ النسم ومبرئ السقم، معائد من فضله بسوابغ النعم، الموعد من عصاه بأليم العقاب والنقم، مخرج الخلائق بلطف صنعه إلى الوجود من العدم، مقدر الأدواء ومنزل الدواء بأتم الصنع وأتقن الحكم، وأشهد أن لا إله إلا اللّه شهادة خالصة بوفاء الذمم، مخلصة من موبقات الخطل والندم، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بجوامع الكلم، المرسل إلى كافة العرب والعجم، الذي أنار بلألاء نور مبعثه حنادس الظلم، وأباد بسيف معجزه من تجبر وظلم، وقطع ببرهان دلالة نبوته داء الشرك وحسم، صلى اللَّه عليه صلاة دائمة باقية ما لمعت البروق وهمعت الديم، وعلى آله أولي الفضل والكرم، وعلى أصحابه الذين جعلوا شريعته لهم أمم، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين المبرآت من الدنس، وشرَّف وكرم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه رسالة من أخ ناصح لك مشفق عليك يتمنى لك الفلاح في الدنيا والآخرة ، يحب لك الخير أينما كنت
أخي :
المسلم يؤمن بخطر شأن النية ، وأهميتها لسائر أعماله الدينية والدنيوية ، إذ جميع الأعمال تتكيف بها ، وتكون بحسبها فتقوى وتضعف ، وتصح وتفسد تبعاً لها ، وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الأعمال ووجوب إصلاحها ، مستمدّ أولاً من قول الله تعالى : {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين}(1) .وقوله سبحانه : {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}(2) . وثانياً من قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))(3) .وقوله (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))(4) . فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات ، إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة))(5) . فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة ، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- (الناس أربعة : رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل ، فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما يعمل ، فهما في الوزر سواء))(6) . فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح ، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد ، وكان مردّ هذا إلى النية وحدها . ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- وهو بتبوك (إن بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطئنا موطئاً يغيظ الكفار ، ولا أنفقنا نفقة ، ولا أصابتنا مخمصة إلاّ شركونا في ذلك وهم بالمدينة)). فقيل له : كيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال : ((حبسهم العذر ، فشركوا بحسن النية)) (7) . فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر كالغازي ، وجعل غير المجاهد يحصل على أجر كأجر المجاهد ، ومن قوله –صلى الله عليه وسلم- : ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) . فقيل : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ فقال : ((لأنه أراد قتل صاحبه))(8) . فسوت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستوجب للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من تزوج بصداق لا ينوي أداءه فهو زان ، ومن أدان ديناً وهو لا ينوي قضاءه فهو سارق))(9) . فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً ، والجائز ممنوعاً ، وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج .
كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية ، وعظم شأنها ، وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات ، كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية ، أو نية غير صالحة ، إذ النية روح العمل وقوامه ، صحته من صحتها وفساده من فسادها، والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت .
وكما يعتقد المسلم أن النية ركن(10) الأعمال وشرطها ، فإنه يرى أن النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا ) ولا هي حديث نفس فحسب ، بل هي انبعاث القلب نحول العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع ، أو دفع ضر حالا ، أو مآلا ، كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله ، أو امتثال أمره .
والمسلم إذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وأن الطاعة إذا خلت من نية صالحة تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة ، لا يرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة ، فالذي يغتاب شخصاً لتطييب خاطر شخص آخر هو عاص لله تعالى آثم لا تنفعه نيته الحسنة في نظره ، والذي يبني مسجداً بمال حرام لا يثاب عليه، والذي يحضر حفلات الرقص والمجون ، أو يشتري أوراق اليانصيب بنية تشجيع المشاريع الخيرية ، أو لفائدة جهاد ونحوه ، هو عاص لله تعالى آثم مأزور غير مأجور ، والذي يبني القباب على قبور الصالحين ، أو يذبح لهم الذبائح ، أو ينذر لهم النذور بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى آثم على عمله ، ولو كانت نيته صالحة كما يراها ، إذ لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة إلاّ ما كان مباحاً مأذوناً في فعله فقط ، أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .
__________________________________________
(*) من كتاب منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ 80 ط 2 ( بتصرف ) .
(1) البينة .
(2) الزمر .
(3) متفق عليه .
(4) متفق عليه .
(5) مسلم .
(6) ابن ماجة بسند جيد .
(7) أبو داود والبخاري مختصراً .
(8) متفق عليه .
(9) رواه أحمد ، ورواه ابن ماجة مقتصراً على الدين دون الصداق .
(10) النية ركن باعتبار البداية ، وشرط باعتبار الاستمرار0.
الحمد للَّه ناشر الأمم ومنشر الرمم، بارئ النسم ومبرئ السقم، معائد من فضله بسوابغ النعم، الموعد من عصاه بأليم العقاب والنقم، مخرج الخلائق بلطف صنعه إلى الوجود من العدم، مقدر الأدواء ومنزل الدواء بأتم الصنع وأتقن الحكم، وأشهد أن لا إله إلا اللّه شهادة خالصة بوفاء الذمم، مخلصة من موبقات الخطل والندم، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بجوامع الكلم، المرسل إلى كافة العرب والعجم، الذي أنار بلألاء نور مبعثه حنادس الظلم، وأباد بسيف معجزه من تجبر وظلم، وقطع ببرهان دلالة نبوته داء الشرك وحسم، صلى اللَّه عليه صلاة دائمة باقية ما لمعت البروق وهمعت الديم، وعلى آله أولي الفضل والكرم، وعلى أصحابه الذين جعلوا شريعته لهم أمم، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين المبرآت من الدنس، وشرَّف وكرم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه رسالة من أخ ناصح لك مشفق عليك يتمنى لك الفلاح في الدنيا والآخرة ، يحب لك الخير أينما كنت
أخي :
المسلم يؤمن بخطر شأن النية ، وأهميتها لسائر أعماله الدينية والدنيوية ، إذ جميع الأعمال تتكيف بها ، وتكون بحسبها فتقوى وتضعف ، وتصح وتفسد تبعاً لها ، وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الأعمال ووجوب إصلاحها ، مستمدّ أولاً من قول الله تعالى : {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين}(1) .وقوله سبحانه : {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}(2) . وثانياً من قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))(3) .وقوله (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))(4) . فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات ، إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة))(5) . فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة ، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- (الناس أربعة : رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل ، فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما يعمل ، فهما في الوزر سواء))(6) . فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح ، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد ، وكان مردّ هذا إلى النية وحدها . ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- وهو بتبوك (إن بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطئنا موطئاً يغيظ الكفار ، ولا أنفقنا نفقة ، ولا أصابتنا مخمصة إلاّ شركونا في ذلك وهم بالمدينة)). فقيل له : كيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال : ((حبسهم العذر ، فشركوا بحسن النية)) (7) . فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر كالغازي ، وجعل غير المجاهد يحصل على أجر كأجر المجاهد ، ومن قوله –صلى الله عليه وسلم- : ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) . فقيل : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ فقال : ((لأنه أراد قتل صاحبه))(8) . فسوت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستوجب للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من تزوج بصداق لا ينوي أداءه فهو زان ، ومن أدان ديناً وهو لا ينوي قضاءه فهو سارق))(9) . فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً ، والجائز ممنوعاً ، وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج .
كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية ، وعظم شأنها ، وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات ، كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية ، أو نية غير صالحة ، إذ النية روح العمل وقوامه ، صحته من صحتها وفساده من فسادها، والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت .
وكما يعتقد المسلم أن النية ركن(10) الأعمال وشرطها ، فإنه يرى أن النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا ) ولا هي حديث نفس فحسب ، بل هي انبعاث القلب نحول العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع ، أو دفع ضر حالا ، أو مآلا ، كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله ، أو امتثال أمره .
والمسلم إذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وأن الطاعة إذا خلت من نية صالحة تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة ، لا يرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة ، فالذي يغتاب شخصاً لتطييب خاطر شخص آخر هو عاص لله تعالى آثم لا تنفعه نيته الحسنة في نظره ، والذي يبني مسجداً بمال حرام لا يثاب عليه، والذي يحضر حفلات الرقص والمجون ، أو يشتري أوراق اليانصيب بنية تشجيع المشاريع الخيرية ، أو لفائدة جهاد ونحوه ، هو عاص لله تعالى آثم مأزور غير مأجور ، والذي يبني القباب على قبور الصالحين ، أو يذبح لهم الذبائح ، أو ينذر لهم النذور بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى آثم على عمله ، ولو كانت نيته صالحة كما يراها ، إذ لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة إلاّ ما كان مباحاً مأذوناً في فعله فقط ، أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .
__________________________________________
(*) من كتاب منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ 80 ط 2 ( بتصرف ) .
(1) البينة .
(2) الزمر .
(3) متفق عليه .
(4) متفق عليه .
(5) مسلم .
(6) ابن ماجة بسند جيد .
(7) أبو داود والبخاري مختصراً .
(8) متفق عليه .
(9) رواه أحمد ، ورواه ابن ماجة مقتصراً على الدين دون الصداق .
(10) النية ركن باعتبار البداية ، وشرط باعتبار الاستمرار0.