المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تكمله محاضره الميراث


محمد محيى الدين
2007-12-16, 21:29
الولاء في اللغة يُطلق على النصرة ، والقرابة ، والمُلك .

وشرعاً : هو عصوبةٌ سببها نعمة السيِّد المعتق على عبده العتيق ؛ حيث أخرجه من الرق إلى الحرية .

أو هي قرابة حكمية أنشأها الشارع ، ناتجة عن عتق ، أو موالاة .

والدليل على أنَّ الولاء عصوبة :

(1)- قوله r : "الولاء لمن أعتق" .

(2)- قوله r : "الولاء لحمة كلحمة النسب" .

فجعل r الولاء كالنسب .

ووجــه هــذا التشــبيه : أنَّ الرجـل كما أخـرج ابـنـه من حيّـز المعــدوم إلى حيز الموجود ، كذلك نعمة المعتق أخرجت المملوك إلى حيز الحرية .

ملاحظــة :

الميراث في الـولاء من طـريق واحد ؛ وهو طريق العبد العتيق ؛ حيث يرثه سيده ، ولا يرث هو سيّدَه . بخلاف أسباب الميراث الأخرى ؛ فإنَّها تُوجب الإرث من الجانبين .

والميراث في الولاء عن طريق التعصيب ، وهو أضعف أنواع أسباب الميراث ؛ لأنَّ السيِّد لا يرث عبده إلا بانعدام ورثة العبد .

س : هل يرث السيد عبده بشروط ، أو بدون شروط ؟

ج : بل يرث السيد عبده بشرط انعدام الورثة من جانب العبد .

من يرث بالولاء :

لا يرث بالولاء إلا المعتق الذي باشر العتق ، ثمّ عصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ، ولا مع غيرهم .

ففي حال موت السيد (المعتق) ، تنتقل العصوبة إلى عصبة العتيق المتعصبين بأنفسهم ؛ كالابن مثلاً ، فإنَّه يرث عبدَ والده المعتَق . وأما البنت (ابنة السـيد) فإنَّها لا ترث بالولاء لأنَّها لا تكون عصبة بنفسها ، وإنما مع الغير .

س : هل يثبت الولاء على فرع العتيق ؟

ج : كما يثبت الولاء على العتيق ، فإنه يثبت على فرعه ، بشرطين :

= الأول : أن لا يكون أحد أبويه حرّ الأصل .

= الثاني : أن لا يمسه رق لأحد .

ملاحظــة :

المولود يتبع أمَّه في الحرية والرق ، ويتبع خير أبويه في الدين وفي الولاء ، ويتبع أباه في النسب .


ثالثاً ـ السبب الثالث : النسب (القرابة الحقيقيَّة) :


النسب في اللغة : القرابة ؛ وهي الاتصال بين إنسانين في ولادة ؛ قريبة كانت أو بعيدة . فكلّ إنسان بينك وبينه صلة ولادة ؛ قربت أو بعدت ؛ من جهة الأب ، أو من جهة الأم ، أو منهما معاً ، فهو قريبك .

والقرابة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :

(1)- الأصــول : وهـم أبو الميت ، وأبوه ، وإن علا بمحض الذكور . وأم الميت ، وكلّ جدة تُدلي بوارث ، أو وارثة .

(2)- الفروع : وهم أبناء الميت ، وأبناؤهم ، وإن نزلوا .

(3)- الحواشي : وهم إخوة الميت ، وأخواته مطلقاً ، وأبناء إخوته الذكور لغير الأمّ ـ أي أبناء الإخوة الأشقاء ، وأبناء الإخوة لأب ـ ، وأعمام الميت الأشقاء ، ولأب ، وإن علوا ، وبنوا الأعمام ، وإن نزلوا .

ملاحظــة :

الميراث بالنسب أقوى الأسباب في الميراث للأمور التالية :

(1)- سبق وجوده ؛ لأنَّ الشخص في وقت ولادته يكون ابناً ، أو أخاً ، ونحو ذلك ، بخلاف النكاح والولاء فإنّ كلاً منهما طارئ .

(2)- النسب لا يزول ، والنكاح قد يزول ، بأن يقع الطلاق مثلاً .

(3)- النسب يحجب النكاح نقصاناً ، ويحجب الولاء حرماناً ، وهما لا يحجبانه .

(4)- الإرث يتمّ فيه من جميع الطرق ؛ تارة بالفرض ، وتارة بالتعصيب ، وتارة بالفرض والتعصيب . والنكاح إنما يورث به بالفرض فقط ، والولاء يورث به بالتعصيب فقط .


رابعاً ـ السبب الرابع : بيت مال المسلمين :

وهو سبب مختلف فيه بين العلماء . قال به البعض ، وعدُّوه سبباً من أسباب الإرث .

= فالمالكية ـ وتبعهم بعض الشافعية ـ قالوا بإرث بيت المال ، سواء أكان منتظماً أو غير منتظم . واستدلُّوا بقوله r : "أنا وارث من لا وارث له" .

والشافعية في قولهم الآخر ـ وتبعهم بعض المالكية ـ قالوا بإرث بيت المال ، حال انتظامه فقط .

أما الأحناف والحنابلة فقـالوا : بيت مال المسلمين ليس سبباً من أسباب الإرث مطلقاً ، سواء أكان منتظماً أم غير منتظم . ومـن أجـل ذلك قالوا بتوريث ذوي الأرحام ؛ مستدلين بقوله تعالى : ) وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ( [خاتمة سورة الأنفال] .

مسألة : هل يُتصوَّر اجتماع الأسباب الثلاثة (نكاح ، وولاء ، ونسب) في شخص واحد ؟

الجواب : نعم ، ومثاله : إذا اشترى شخص بنتَ عمِّه ، فأعتقها ، وتزوجها ، فقد اجتمعت فيه الأسباب الثلاثة ؛ فهو زوجها ، وابن عمها ، ومولاها .


موانع الإرث

الموانع في اللغة : جمع مانع ، وهو الحائل . ومنه قولهم : هذا مانع بين كذا وكذا : أي حائل بينهما ؛ فكلّ أمرٍ يحول بين شيء وشيء آخر يُسمَّى مانعاً .

وفي الاصطلاح : هو أمرٌ خارجٌ عن الحكم ، يستلزم وجوده عدم الحكم مع وجود سببه ؛ فهو يؤثر من جانب وجوده ؛ فينعدم الحكم بوجود المانع ، بخلاف الشرط ؛ فإنَّ تأثيره من جانب العدم .

أو هو : ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته .

ـ والموانع من الإرث تنقسم إلى قسمين :

(1)- قسمٌ مجمعٌ عليه ، وقسمٌ مختلف فيه .

* فالقسـم المجمـع عليـه ثلاثـة أنواع : رق ، وقتل ، واختلاف الدين .

* والقسـم المختلف فيه على أنواع ، أهمها : الارتداد ، واختلاف الدار .


موانع من الإرث مجمعٌ عليها

اختلاف دين , قتل , رق ,

ناقص الرق , كامل الرق ,

المكاتَب المبعَّض

من موانع الإرث :


(1)- الرق :

= تعريفه : في اللغة : العبودية .

: في الاصطلاح : عجز حكمي يقوم بالإنسان بسبب الكفر فيمنعه من التصرُّف .

= تفسير التعريف :

: عجز حكمي : ليس العجز أصلياً في العبد ؛ كعجز الصبيّ والمجنون ، بل عجزه حكمي طارئ عليه .

: التصرُّف : الملك ، الحرية ، الشهادة ، تولِّي الحكم أو القضاء .

= الدليل من الكتاب والسنَّة على عجز العبد الحكمي :

قول الله I : ) ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء وهو كَلٌّ على مولاه ..( الآية [النحل : 75] .

س : هل الرق على درجة واحدة ، أم هو على درجات متفاوتة ؟

ج : بل هو على درجات متفاوتة :

-1- رقيق كامل الرق : وهو القِنّ ؛ الخالص العبودية ، المملوك بكليته .

-2- المكاتَب : وهو الذي كاتب سيده على أقساط يدفعها إليه ، فيُصبح حراً عند آخِر قسط يدفعه .

-3- أمّ الولد : وهي المملوكة التي وطئها سيّدها ، فحملت منه ، وأتت بولد . فهذه لا تباع ولا توهب، وتُصبح حرة بمجرّد موت السيّد .

-4- المبعَّض : من كان بعضه حراً ، وبعضه مملوكاً ؛ كما لو كان مشتركاً بين اثنين ، فأعتق أحدهما نصيبه منه .

-5- المُدْبَر ، أو المدَبَّر : وهو الذي يقول له سيده : أنت حر بعد وفاتي ، فيُصبح حراً بمجرد وفاة سيده .

-6- المعلَّق على صفة : كالعبد الذي يقول له سيده : أنت حرّ إن أتاني ذكر ، أو نجحت ، أو تولّيت ولاية ، أو إذا جاء شهر رمضان فأنت حرّ .. إلخ .

-7- الموصى بعتقه (تنفيذ عتقه موقوف على الورثة) ؛ إذ قد يكون العبد أكثر من الثلث ، فيتوقف عتقه على موافقة الورثة .

مسألة :

ما رأي العلماء في إرث الرقيق الكامل الرق ، والناقص الرق ؟

أولاً ـ كاملوا الرق : لا يرثون من الغير ، ولا يرث الغير منهم ، ولا يحجبون أحداً باتفاق الفقهاء .


ثانياً ـ ناقصوا الرق : (محلّ خلاف) :

-1- المبعَّـض : تقدّم أنَّ المبعَّض من كان بعض جزئه حراً ، والباقي عبداً .

س : ما رأي العلماء في توريث المبعَّض ، والإرث منه ، وحجبه ؟

ج : =أ= الحنفية والمالكية قالوا : لا يرث ، ولا يُورِّث ، ولا يحجب، وحكمه حكم القنّ تماماً . (وهؤلاء قد غلَّبوا منه جانب العبودية) .

=ب= الشعبي والأوزاعي : يرث ، ويورِّث ، ويحجب كالحرّ تماماً . (وهؤلاء قد غلَّبوا منه جانب الحرية) .

=ج= الحنابلة : يرث ويورِّث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية ؛ فيُعامل جزؤه الحرّ بحكم الأحرار ، وجزؤه الرقيق بحكم الأرقاء .

=د= الشافعية : لا يرث ، ولكن يورِّث ، ولا يحجب .

مســألة :

مات أبٌ حرّ عن ابنٍ عبدٍ مبعَّض بالنصف ، وأخ شقيق :

الشافعية الحنابلة الشعبي الحنفية مات عن :

لا يرث له النصف يرث وهو عصبة لا يرث ابن عبد مبعَّض

عصبة له النصف محجوب عصبة أخ شقيق

مســألة :

ماتت عن زوج ، وابن مبعَّض بالنصف ، وأخ شقيق :

الحنابلة (مبعَّض) الحنفية (عبودية) الشعبي (حرية) ماتت عن:

¼ + 1/8 ½ ¼ زوج

¼ + 1/8 الباقي للابن م ع ¾ ابن مبعَّض

¼ ع ½ م أخ ش

الحنابلة قالوا : الباقي يُعطى للابن ؛ إذ هو أقرب فرع وارث غير أصحاب الفروض


= صور العبد المبعَّض :


-1- المهايأة : كأن يخدم سيِّده بنسبة ملكه ، ويكتسب بنسبة حريته .

-2- المخارجة : كأن يقول له سيده : اعمل لنفسك ، وكلّ يوم تأتيني بـ(10) ريالات مثلاً .

-3- المقاسمة : كأن يقول له سيده : ما أتيت به ، فهو مناصفة بيني وبينك .

وهناك صورة رابعة ، وهي : أن يتركه يعمل لنفسه ، ولا يأخذ منه شيئاً .

مسألة :

مات عبدٌ مبعَّض بالنصف عن زوجة ، وابن :

الشافعية الحنابلة الشعبي الحنفية مات عن :

1/8 فرضاً 1/16 فرضاً 1/8 فرضاً لا ترث زوجة

7/8 عصبة 7/16 عصبة 7/8 عصبة لا يرث ابن

والباقي للسيِّد

-2- المكاتب :

س : هل يرث العبد المكاتب من غيره ، وهل يرث غيره منه ؟

ج :

أولاً : العبد المكاتب لا يرث من غيره بالاتفاق .



ثانياً : هل يرث غيره منه ؟ المسألة محل خلاف ، وسبب اختلافهم في ذلك ، هو اختلافهم في الذي يموت عليه المكاتب ؛ أيموت مكاتَباً ، أم حراً ، أم عبداً :

=أ= الشافعية والحنابلة : إذا مات ولم يف بمال الكتابة ، وكان لديه مالٌ قدر الكتابة ، أو أقلّ ، أو أزيد ، يُعتبر عقداً لاغياً ، وتُفسخ الكتابة ، ويكون المال لسيده ؛ إذ المكاتبة عقد معاوضة على المكاتب ، وقد تلف قبل التسليم ، فبطل العقد ، فيئول المال الذي تركه إلى سيده ، والمكاتب عبدٌ ما بقي عليه شيء :

كذا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : "هو عبدٌ ما بقي عليه شيء" ، وقال زيد بن ثابت t : "ما بقي عليه درهم" ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما : "هو عبدٌ إن عاش ، وإن مات ، وإن جَنَى ، ما بقي عليه شيء" .

وعلى ذلك أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r وَغَيْرِهِمُ ؛ "أنّ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" . وَهـُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ .

=ب= الحنفية قالوا : العبد المكاتب إذا كان لديه مال يفي بالكتابة ، فإنَّ الكتابة تُعتبر سارية ، ولا تنفسخ ، ويوفي من المال الذي تركه دين الكتابة ، ويُحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته . وما زاد عن الكتابة ـ ما بقي بعد وفاء سيِّده ـ يكون لورثته مطلقاً (سواء أدخلوا معه في عقد المكاتبة أم لا ، وسواء أكانوا أحراراً أم عبيداً) .

=ج= المالكية قالوا : الكتابة لا تنفسخ ، ولكن لا يرث المال إلا ورثة العبد الذين دخلوا معه في الكتابة ، شريطة أن يكونوا أصله أو فرعه .

فإذا مات المكاتب قبل أداء مال الكتابة ، وترك مالاً ، يؤدِّي منه مال كتابته ، فإنَّه يؤدى منه ، وما بقي يكون لورثته مـمَّن كان معه في عقد الكتابة ـ مـمَّن يُعتق عليه لو ملكه ؛ كأصله وفرعه ـ .

ومن موانع الإرث :


(2)- القتـل :

والقتل : هو فعل ما يكون سبباً لإزهاق الروح .

ولا خلاف بين العلماء في أنّ القتل مانعٌ من موانع الإرث ، ولكنّ الخلاف في نوع القتل الذي يمنع منه .

أنواع القتل :

مع اتفاق العلماء على أنّ القتل مانع للإرث ، إلا إنهم اختلفوا في نوع القتل المانع ؛ وذلك أن القتل قسمان : قتل بغير حق ، وقتل بحق .

أولاً = القتل بغير حق : وهذا تحته أنواع :

(1)- قتل عمد : وهو ما كان بآلة قاتلة على سبيل القصد والتصميم ، فهو يُوجب القصاص ، والإثم ، دون الكفارة .

والآلة القاتلة ـ كما عرَّفها الإمام أبو حنيفة ـ هي التي لها حدّ تُفرِّق الأجزاء ؛ كسلاح ، أو ما يجري مجراه في تفريق الأجزاء ؛ كالنار ، والمحدّد من الخشب ، أو الحجر ، أو الزجاج .

وعرَّف صاحباه ـ أبو يوسف ، ومحمد ـ القتل العمد : بأن يتعمَّد ضربه بما يُقتل به غالباً ؛ وهو ما لا تطيقه البنية ؛ سواء أكان محدَّداً كالسيف أو السكين ، أم غير محدَّد ؛ كحجر عظيم ، وخشب عظيم . ومثله القتل بالقنبلة .

وهذا القتل ـ كمـا قدّمنـا ـ يُوجب القصـاص ، والإثم ؛ لقوله تعالى : ) كتب عليكم القصاص في القتلى ( [البقرة : 178] ، ولقوله عزّ وجلّ : ) ومن يقتل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً ( [النساء : 93] . ولكونه فاحشة وجريمة آثمة ، لم تُشرع فيه الكفَّارة التي فيها معنى العبادة .

(2)- قتل شبه عمد : كأن يتعمَّد ضرب شخص بما لا يقتل عادة ؛ كالضرب بيده ، أو سوطه ، أو حجر صغير ، أو عصا ليّنة ، أو ما أشبهها ، فيموت منه . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، مع الإثم .

وسُمِّي هذا النوع "شبه عمد" ؛ لأنَّ فيه معنى العمدية ، باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب ، ومعنى الخطأ ، باعتبار عدم قصده إلى القتل ؛ لأنَّ الآلة التي استعملت فيه ليست آلة قتل ، فكان خطأً يُشبه العمد ، فلم يجب فيه القصاص ، ووجبت فيه الكفارة ، والدية المغلَّظة على العاقلة ، ودخل تحت قوله تعالى : ) ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلَّمة إلى أهله ( ـ إلى قوله ـ ) فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ( [النساء : 92] . وفي هذا النوع إثم الضرب ؛ لوجود القصد إليه ، وارتكاب ما هو محرَّم شرعاً ، لا إثم القتل ؛ لأنَّه لم يقصده .

(3)- قتل خطأ : وهو إمّا أن يكون خطأ في القصد ؛ كأن يرمي شبحاً يظنّه حيواناً ، فإذا هو إنسان . وإمَّا أن يكون خطأ في الفعل ؛ كأن يرمي طائراً فيُصيب إنساناً ، فيقتله . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، ولا إثم عليه .

(4)- قتل شبه خطأ ، أو جار مجرى الخطأ ، أو ملحق به ؛ كأن ينقلب النائم على إنسان فيقتله . وهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، والكفارة ، وفيه إثم ترك التحرُّز والمبالغة في التثبُّت ، وهو دون إثم قصد القتل .

(5)- قتل بالتسـبُّب ؛ كأن يضع السمّ في الطعام ، أو يحفر بئراً فيتردّى فيه ، أو يُشارك القاتل برأي ، أو إعانة ، أو تحريض ، أو يشهد شهادة زور تؤدي إلى الحكم بالإعدام ، أو يكون ربيئة (وهو من يُراقب المكان أثناء مباشرة القتل) . فهذا القتل يُوجب الدية على العاقلة ، ولا كفارة ، ولا قصاص فيه .

ثانياً = القتل بحق ، أو بعذر : وهذا على أنواع أيضاً :

(1)- القتل قصاصاً : كالجلاد يُنفِّذ حكم الإعدام بالقاتل .

(2)- القتل بالحدّ : كقتل المرتدّ .

(3)- القتل دفاعاً عن النفس ، أو المال .

(4)- قتل الزوج زوجته الزانية ، أو قتل المحرم لقريبته الزانية ، وقتل الزاني بها أيضاً .

(5)- القتل مبالغة في الدفاع عن النفس ؛ كأن يكون بحيث يستطيع ردّ هجوم الصائل عليه بما دون القتل ، لكنه يقتله .

س : ما هو القتل الذي يُعتبر مانعاً من موانع الإرث ؟

ج : اختلف العلماء في القتل الذي يُعتبر مانعاً من موانع الإرث :

=1= فقالت الشافعية : مجرّد القتل بجميع أنواعه السابقة ؛ سواء أكان بحق (مثل قاض حكم على أبيه بالقتل ، فلا يرث من باب سدّ الذرائع) ، أو بغير حقّ سـواء أكان بمباشرة ، أو بتسبّب (فلا يرث ، لتُهمة الاستعجال بالإرث) . وسواء كان القاتل عاقلاً بالغاً ، أو صبياً ، أو مجنوناً ؛ فالقاتل خطأ ، والقاضي الذي حكم بالقتل، والجلاد الذي نفَّذ القتل ، والمدافع عن نفسه ، والمنتقم لشرفه ، والأب يضرب ولده للتأديب فيقتله ؛ كلّ هؤلاء يُمنعون من الميراث أخذاً بعموم قوله r : "ليس للقاتل شيء ، وإن لم يكن لـه وارث ، فـوارثه أقرب الناس إليه ، ولا يرث القاتل شـيئاً" ، وعملاً بقاعدة من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه .

إذاً : الشافعية جعلوا مجرّد القتل مانعاً من موانع الإرث .

=2= وقالت المالكية : القاتل له حالتان ؛ إمَّا أن يكون قتل مورِّثه عمداً عدواناً ـ فلا يرث من مال مورثه ولا من ديته ـ ؛ وإمَّا أن يكون قتله خطأ ـ فيرث من ماله ، ولا يرث من ديته ـ .

فالقتل المانع من الإرث ـ عند المالكية ـ هو القتل العدوان العمد المقصود بغير حقّ ، وبدون عذر ؛ سواء أكان مباشــرة ، أو من طريق التســبُّب . فمتى كان القتل قصداً مع العدوان ، منع من الإرث . أمَّا القتل الخطأ ، أو بحق ، أو بعذر ، أو الذي وقع من صبي أو مجنون ، فلا يمنع من إرث المال ، وإنّما يمنع من إرث الدية ؛ لأنَّ الدية واجبة عليه ، فكيف يرث شيئاً قد وجب عليه .

=3= وقالت الحنفية : كلّ قتل أوجب قصاصاً ، أو كفارةً مع الدية ، يمنع من الإرث ؛ وهو القتل بغير حقّ ، شريطة أن يكون بالمباشرة ، سواء أكان عمداً ، أو شبه عمد ، أو خطأ ، أو جارياً مجرى الخطأ . وأمَّا القتل بالتسبُّب (كما لو حفـر بئـراً ، أو وضع حجراً في الطريق ، فقتل مورّثـه) ، أو القتـل بحق ، أو بعذر ، فلا يمنع من الميراث .

=4= وقالت الحنابلـة : إنّ القتل المانع هو ما أوجب عقوبة على القاتل ؛ سواء أكانت عقوبة جسمية (كما في القتل العمد)، أو ماليَّة (كما في القتل الخطأ)، والقتل بالتسبُّب . فكلّ قتلٍ مضمون بقصاص ، أو دية ، أو كفارة ، يمنع الإرث ؛ فالقتل بغير حقّ ، سواء بمباشرة، أو بتسبّب ، يكون مانعاً من الإرث عند الحنابلة ؛ تعميماً لسدّ الذريعة ، ولئلا يدّعي العامِد أنه قَتَل خطأً .
ومن موانع الإرث :


(3


وهناك باقى لم يكتمل بعد لان المساحه فى المنتدى قليله
منقول

زهرة حموية
2012-04-17, 23:24
بارك الله فيك

nariman34
2012-09-01, 20:08
بارك الله فيك