المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموساد يستخدم العميل للتغطية على فضيحته


المعزلدين الله
2010-03-05, 06:13
الموساد يستخدم العميل للتغطية على فضيحته
زهير أندراوس


3/5/2010

http://www.alquds.co.uk/today/04qpt78.jpg

قال تعالى:'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَدِمِينَ' (صدق الله العظيم)
منذ انطلاقها عودّتنا الحركة الصهيونية على نشر الأكاذيب وتزوير التاريخ وإعادة صياغته بما يتماشى مع مصالحها في فلسطين التاريخية وفي الوطن العربي، وللأسف الشديد، تمكنت هذه الحركة الكولونيالية من إقناع الغرب بالكذبة الكبيرة بأنّ فلسطين هي أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، وجندّت التوراة، لتقول إنّ اليهود هم شعب الله المختار، وبأنّ إسرائيل، أي فلسطين، هي أرض الحليب واللبن والعسل، متناسيةً عن سبق الإصرار والترصد، ومجيرةً جميع مواردها لإخفاء الحقيقة الناصعة بأنّ مؤسس الصهيونية، بنيامين زئيف هرتسل، وافق على إقامة الوطن القومي لليهود في أوغندا، بأفريقيا.
نسوق هذا الكلام على خلفية السبق الصحافي، وفق المنطق الإسرائيلي العنصري، الذي نشرته صحيفة (هآرتس) العبرية، يوم الأربعاء (25.02.10) حول نجل الشيخ حسن يوسف، أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في الضفة الغربية المحتلة، والذي يقبع في غياهب سجون الاحتلال، والمدعو مصعب، الذي كان على مدار عشر سنوات عميلاً لجهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي ووفّر له المعلومات عن قادة المقاومين والمجاهدين، والذي يتفاخر بأنّه خان شعبه ودينه الإسلامي الحنيف، واجتاز جميع الخطوط فوق البنفسجية، في محاولة لإرضاء المحتل، الذي ينتهك أرض وعرض أبناء جلدته، الذين ما زالوا وسيبقون رغم كل المؤامرات الفلسطينية والعربية والأمريكية والأوروبية، متمسكين بمبدأ تحرير الأرض والإنسان من الاحتلال الغاشم.
في هذا السياق نرى لزاماً على أنفسنا، من الناحية الوطنية والأخلاقية أن نُسجّل بعض الملاحظات على هذا النشر وتداعياته الخطيرة على أبناء شعبنا العربيّ الفلسطيني في جميع أماكن تواجده:
أولاً: للأسف الشديد، تنضم هذه الفضيحة الجديدة إلى سلسلة الفضائح الفلسطينية التي عصفت وما زالت تعصف بشعب الجبّارين، شاء من شاء وأبى من أبى، فبعد فضحية (فتح غيت) وبطلها مدير مكتب محمود عبّاس، الدكتور رفيق الحسيني وتحرشه الجنسي وسرقة مئات ملايين الدولارات من الشعب الفلسطيني، نزل علينا كالصاعقة نبأ اعتقال ضابطين سابقين في أجهزة 'الرئيس' عبّاس في دبي بتهمة الضلوع في عملية اغتيال القائد العسكري في حماس، الشهيد محمود المبحوح، حتى بت أفكر وبصوتٍ عالٍ وأقول على الملأ: والله يا أمّي إننّى أخجل أن أكون فلسطينياً في هذه الأيام.
ثانياً: النشر في الصحيفة الإسرائيلية وبالبنط العريض عن المدعو مصعب حسن يوسف، في هذا الوقت بالذات، يحمل في طياته نوايا خبيثة للغاية، فالصحافة العبرية، كما قلنا، وسنبقى نقول، هي صحافة بلاط لدى المؤسستين الأمنية والسياسية في الدولة العبرية، وتعمل بدون كللٍ أو مللٍ لتسويق الأكاذيب ونشر الغسيل القذر لإحباط الفلسطينيين والنيل من عزمهم، ناهيك عن أنّ الجيش الإسرائيلي يقوم بتفعيل وحدة الحرب النفسية بهدف كي الوعي الفلسطيني، وتنشر الأخبار الكاذبة والمضللة، وتشوش على الإذاعات والقنوات الفلسطينية المساندة للمقاومة وتنشر تعقيبات في المواقع العربية لإرباك الفلسطينيين. وبالتالي لا نستبعد البتة أن يكون توقيت النشر في الصحيفة الإسرائيلية هدفه أيضاً صرف الأنظار عن فضيحة الموساد، وفق المصادر الأجنبية، في قضية اغتيال المبحوح.
ثالثاً: والشيء بالشيء يذكر: فضيحة الموساد في دبي هي بمثابة سقوطٍ مدوٍ لأسطورة الموساد التي ابتلعها الغرب قبل العرب، ونابعة في ما هي نابعة من أنّ الصهاينة على مختلف مشاربهم ينظرون إلى العرب من منطلق الفوقية، أي أنّ العرب مقارنة بالصهاينة هم من الدونيين والمتخلفين، ولذلك لم يُفكر قادة الموساد، بأنّ إمارة دبي، مليئة بالكاميرات التي رصدت جميع تحركات خلية الاغتيال، وتمكنت شرطة دبي، من التعرف على هوياتهم وجوازات سفرهم، وعرضت أمام العالم بالصوت وبالصورة، فضيحة المخابرات الإسرائيلية، التي أكدّت لكل عاقلٍ بأنّ عملاء الموساد ليسوا إلا مجموعة من الهواة، نفذّوا عملية الاغتيال القذرة في بلدٍ مسالمٍ، يقيم علاقات مع الدولة العبرية، شرطة دبي، ربما تدخل إلى التاريخ، لأنّها حطمت أسطورة الموساد وجعلت منه أضحوكة أمام العالم برمته، ودفعت بالعديدين من كتبة الأعمدة والمحللين الإسرائيليين إلى المطالبة بإقالة القائد، مئير داغان، الذي كان يتلذذ بقطع رؤوس الفلسطينيين وفصلها عن أجسادهم، والذي ما زال يتفاخر أمام زائريه بالهدايا التي حصل عليها من الزعماء العرب.
رابعاً: قضية المدعو مصعب حسن يوسف، كانت قد نُشرت في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية في شهر أب (أغسطس) من العام 2008، ولكنّ الصحيفة تعمدت آنذاك عدم الكشف عن أنّ بطل القصة كان عميلاً لجهاز الأمن العام على مدار عشر سنوات، واكتفت حينها بالكشف عن أنّ ابن القيادي في حماس، اعتنق المسيحية وترك الدين الإسلامي، أما النشر الحالي فقد جاء ليؤكد أنّ هذا المدعو، كان خائناً وعميلاً على مدار عشر سنوات، وسلّم المخابرات الإسرائيلية معلومات قيّمة عن المجاهدين والمقاومين وفي مقدمتهم، المناضل مروان البرغوثي، علاوة على ذلك، نشرت الصحيفة الإسرائيلية التي تزعم أنّها موضوعية وليبرالية كلاماً بذيئاً منسوباً لبطل روايتها ضدّ الدين الإسلامي وضدّ حركة حماس، واستعداده للانضمام إلى جيش الاحتلال لإطلاق سراح الجندي الأسير، غلعاد شاليط، لأنّه يعارض إطلاق سراح الإرهابيين، وهذا النشر يدخل ضمن إطار الموضة الجديدة المنتشرة في أيامنا هذه: تريد أن تتحول إلى نجم في العالم الغربي، ما عليك إلا أن تنتقد الدين الإسلامي وتهاجم حركة حماس، أو حزب الله، أو أيّ تنظيم مقاومة إسلامي، خصوصاً وأنّ والدك، هو قيادي بارز في الحركة، أي أن تقوم باصطياد عصفورين أو ربما ثلاثة، بحجرٍ واحدٍ فقط.
خامساً: السيّد مصعب، حلّ ضيفاً على فضائيةٍ اسمها (الحياة) ينصب جلّ اهتمامها في شتم الإسلام والمسلمين، والتحريض عليهم تحت غطاء 'الموضوعية'، قبل كل شيء، نعلنها بشكلٍ صريحٍ: السيّد المسيح والمسيحيون على حدٍ سواء براء من هذه الفضائية الحاقدة، التي تنفث سمومها على الإسلام وبذلك تنضم إلى هستيريا (الإسلاموفوبيا) التي تعصف بالغرب الذي يزعم بأنّه الغرب المتنور.
سادساً: شرطة دبي أعلنت أنّها اعتقلت ضابطين اثنين كانا يعملان في السابق لدى أجهزة 'الرئيس' عبّاس بتهمة الضلوع باغتيال الشهيد المبحوح، ولكنّ حزب السلطة المنقوصة، أي حركة فتح، سارع إلى الإعلان بأنّ الضابطين هما من حركة حماس، الأمر الذي زاد من حدة التلاسن الإعلامي بين الطرفين، وبما أنّ الدولة العبرية بحاجةٍ ماسةٍ إلى افتعال قضية لقطع الطريق على أيّ مبادرة لرأب الصدع بين الحركتين المذكورتين، أطّلت علينا صحيفة (هآرتس) وبجعبتها قصة السيّد مصعب، وهو ابن حركة حماس، لتقول أيضاً للرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي بأنّه حتى نجل أكبر قيادي في حماس كان عميلاً للمخابرات الإسرائيلية، أي أنّ السمكة تتلف من رأسها، كما يقول المثل. ولكنّ هذه الأكاذيب لن تنطلي على أحدٍ، فالأمور في الساحة الفلسطينية فُرزت بشكلٍ واضحٍ: هناك حركات، وفي مقدمتها حركة حماس، ما زالت تؤمن بخيار المقاومة لتحرير فلسطين، وهناك حركة سلبت السلطة المنقوصة، أي فتح، اختارت مسار المفاوضات العبثية مع الدولة العبرية، والأيام أثبتت أنّ خيار المفاوضات، لا يتمكن حتى من إدخال الخيار والبندورة إلى قطاع غزة المحاصر منذ حوالي أربعة أعوام.
سادساً: نقترح على علماء الدين الإسلامي، الذين لا يُصدرون الفتاوى من أجل هذا النظام العربي أو ذاك، إصدار فتوى تتعلق بكل مسلمٍ يعتنق المسيحية، وتطالب المؤمنين في جميع أصقاع العالم بعدم تحويل هذا 'النجم' أو تلك' النجمة'، إلى قصةٍ بحد ذاتها، تُشغل الأمّة عن همومها الرئيسية، وتصرف الأنظار عن القضايا الملحة التي تعصف بالأمّةٍ العربيّةٍ، لأنّه باعتقادنا المتواضع جداً، هدف النشر وتهويله هو إلهاء الأمّة العربيّة والشعب الفلسطيني، عن الأمور المهمة، والتشديد على أنّ الأمّة بريئة من جميع العملاء، المعلنين وغير المعلنين.
وختاماً: ليعلم القاصي والداني أنّ مقولة المغفور له، فقيد العروبة، المرحوم طيّ الذكر جمال عبد الناصر الذي قال إنّ الذين يقاتلون يحق لهم أن يأملوا في النصر، أمّا الذين لا يقاتلون فلا ينتظرون شيئاً سوى القتل، ما زالت تنبض في جسم كل ناطق بالضاد.

' كاتب فلسطيني