الرويسي
2010-02-27, 05:28
جريمة في أروقة السلطة
لا حديث للشارع الجزائري حالياً سوى عن قضية مقتل العقيد علي تونسي مدير عام الشرطة، أول من أمس، في مكتبه بالمديرية العامة للأمن الوطني على يد أحد مساعديه وصديقه العقيد أولطاش شعيب (65 عاماً) مدير الوحدة الجوية في الشرطة الجزائرية.
وخلافاً لرواية وزارة الداخلية الجزائرية التي أكدت أن الجاني مصاب بـ"مس عقلي" أي منهار عصبياً، أكدت جهات معارضةنقلاً عن مصادر من داخل المديرية العامة للأمن الوطني أن العقيد علي تونسي (76 عاماً) اغتيل بمكتبه بالمديرية العامة للأمن الوطني في بابي الوادي في الجزائر العاصمة، عند الساعة العاشرة صباحاً.
في ذلك اليوم، كان الجاني على موعد مع مسؤوله المباشر بمكتب هذا الأخير، مع العلم بأن العلاقات بين الرجلين لم تكن على ما يرام في الآونة الأخيرة، بسبب خلافات حول وجهات النظر بينهما.
وبحسب المصدر نفسه، فقد أبلغ تونسي مدير الوحدة الجوية للشرطة بأنه شخص غير مرغوب فيه وأنه ينوي إحالته على التقاعد برفقة العديد من ضباط الشرطة. هذا الخبر لم يرق للجاني وهو عقيد سابق بسلاح الجو الجزائري تقاعد في 2000، ثم استدعاه تونسي ليعينه على رأس الوحدة الجوية للشرطة الجزائرية، في إطار تحديث وسائل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ووصل العقيد أولطاش الى مكتب مدير الشرطة في حدود الساعة العاشرة صباحاً، حيث اجتمع الرجلان بمفردهما بالمكتب ثم أخرج سلاحاً وأطلق خمس طلقات نارية على العقيد تونسي الذي فارق الحياة على الفور، من دون أن تتنبه سكرتيرته لما حدث باعتبار أن مكتب تونسي مصمّم بشكل يكتم الصوت.
وفور خروجه من مكتب الضحية، طلب الجاني من السكرتيرة استدعاء ضباط آخرين في المديرية العامة للشرطة للحضور إلى مكتب الضحية. وكان مدير أمن الجزائر أول من حضر، حيث شاهد الجاني ممسكاً بمسدس في يده، فيما اندلع اشتباك مسلح بين الطرفين أسفر عن إصابة 13 شخصاً من بين كبار مسؤولي الشرطة في المديرية من بينهم مدير ديوان تونسي، ومدير أمن العاصمة بالإضافة الى الجاني، وقد تم نقل الجميع الى المستشفى العسكري لتلقي العلاج.
والسؤال الذي يثار في هذه الحالة هو لماذا تصّر وزارة الداخلية على اعتبار أن الجاني مصاب بـ"مس عقلي"، علماً بأن الصراع بين العقيد تونسي ووزير الداخلية نور الدين زرهوني ليس سراً.
ففي 2008 و2009 رفض وزير الداخلية الموافقة على تعيين العديد من ضباط الشرطة في مناصب حساسة.
وبالتالي ما الذي يجعل ضابطاً كبيراً مخضرماً يرتكب جريمة خطيرة وهو في خريف العمر؟ وللإجابة على هذا التساؤل لا بد من البحث عن اعتبارات أخرى بعيداً عن حكاية "المس العقلي".
فبحسب مراقبين، فإن الدافع الحقيقي وراء اغتيال العقيد تونسي من قبل صديقه السابق له صلة بقضايا فساد ونهب المال العام وتضخيم فواتير. فقد نشرت صحيفة "النهار الجديد" أول من أمس، خبراً يفيد بتورط الجاني ونجله في صفقات مشبوهة لتزويد الشرطة تجهيزات في الإعلام الآلي.
وبحسب الصحيفة فقد لعب نجل الجاني دور الوسيط بين المديرية العامة للشرطة والشركات الأجنبية مقابل تلقي عمولات ورشاوى تقدر بملايين الدولارات.
والسؤال الذي يطرح هل اتخذ الجاني قرار تصفية مسؤوله المباشر وزميله السابق في الجيش، وهو يعلم أن الضحية هو من أمر بتسريب هذه المعلومات الى "النهار الجديد"؟ واللافت أنها الصحيفة الوحيدة التي نشرت هذا الخبر يوم وقوع الجريمة.
وسواء ارتكب العقيد أولطاش جريمته دفاعاً عن شرفه، أو بدافع الانتقام، أو في إطار تصفية الحسابات، فإن الأمر المؤكد أنه لا يمكن فصل ما جرى، أول من أمس، في مقر المديرية العامة للشرطة عن قضايا الفساد التي تشهدها الجزائر في السنوات الأخيرة.
من جهة أخرى، يعتقد الكثير من العارفين بالشأن الجزائري أن الصراعات بين وزير الداخلية والمدير السابق للشرطة، تندرج في إطار السعي للسيطرة على جهاز الشرطة، بعد أن رفع تونسي عديد عناصر الشرطة من 120 ألفاً في 2005 الى 200 ألف في 2009.
وبحسب هؤلاء، فإن الصراع بين الرجلين هو امتداد لحرب الصلاحيات الدائرة بين الفريق الرئاسي وبين جهاز المخابرات.
ويبدو في هذا الإطار، أن زرهوني انحاز للفريق الرئاسي لاعتبارات جهوية، بينما فضّل تونسي البقاء وفياً للمؤسسة التي يتحدر منها.
منقول
لا حديث للشارع الجزائري حالياً سوى عن قضية مقتل العقيد علي تونسي مدير عام الشرطة، أول من أمس، في مكتبه بالمديرية العامة للأمن الوطني على يد أحد مساعديه وصديقه العقيد أولطاش شعيب (65 عاماً) مدير الوحدة الجوية في الشرطة الجزائرية.
وخلافاً لرواية وزارة الداخلية الجزائرية التي أكدت أن الجاني مصاب بـ"مس عقلي" أي منهار عصبياً، أكدت جهات معارضةنقلاً عن مصادر من داخل المديرية العامة للأمن الوطني أن العقيد علي تونسي (76 عاماً) اغتيل بمكتبه بالمديرية العامة للأمن الوطني في بابي الوادي في الجزائر العاصمة، عند الساعة العاشرة صباحاً.
في ذلك اليوم، كان الجاني على موعد مع مسؤوله المباشر بمكتب هذا الأخير، مع العلم بأن العلاقات بين الرجلين لم تكن على ما يرام في الآونة الأخيرة، بسبب خلافات حول وجهات النظر بينهما.
وبحسب المصدر نفسه، فقد أبلغ تونسي مدير الوحدة الجوية للشرطة بأنه شخص غير مرغوب فيه وأنه ينوي إحالته على التقاعد برفقة العديد من ضباط الشرطة. هذا الخبر لم يرق للجاني وهو عقيد سابق بسلاح الجو الجزائري تقاعد في 2000، ثم استدعاه تونسي ليعينه على رأس الوحدة الجوية للشرطة الجزائرية، في إطار تحديث وسائل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ووصل العقيد أولطاش الى مكتب مدير الشرطة في حدود الساعة العاشرة صباحاً، حيث اجتمع الرجلان بمفردهما بالمكتب ثم أخرج سلاحاً وأطلق خمس طلقات نارية على العقيد تونسي الذي فارق الحياة على الفور، من دون أن تتنبه سكرتيرته لما حدث باعتبار أن مكتب تونسي مصمّم بشكل يكتم الصوت.
وفور خروجه من مكتب الضحية، طلب الجاني من السكرتيرة استدعاء ضباط آخرين في المديرية العامة للشرطة للحضور إلى مكتب الضحية. وكان مدير أمن الجزائر أول من حضر، حيث شاهد الجاني ممسكاً بمسدس في يده، فيما اندلع اشتباك مسلح بين الطرفين أسفر عن إصابة 13 شخصاً من بين كبار مسؤولي الشرطة في المديرية من بينهم مدير ديوان تونسي، ومدير أمن العاصمة بالإضافة الى الجاني، وقد تم نقل الجميع الى المستشفى العسكري لتلقي العلاج.
والسؤال الذي يثار في هذه الحالة هو لماذا تصّر وزارة الداخلية على اعتبار أن الجاني مصاب بـ"مس عقلي"، علماً بأن الصراع بين العقيد تونسي ووزير الداخلية نور الدين زرهوني ليس سراً.
ففي 2008 و2009 رفض وزير الداخلية الموافقة على تعيين العديد من ضباط الشرطة في مناصب حساسة.
وبالتالي ما الذي يجعل ضابطاً كبيراً مخضرماً يرتكب جريمة خطيرة وهو في خريف العمر؟ وللإجابة على هذا التساؤل لا بد من البحث عن اعتبارات أخرى بعيداً عن حكاية "المس العقلي".
فبحسب مراقبين، فإن الدافع الحقيقي وراء اغتيال العقيد تونسي من قبل صديقه السابق له صلة بقضايا فساد ونهب المال العام وتضخيم فواتير. فقد نشرت صحيفة "النهار الجديد" أول من أمس، خبراً يفيد بتورط الجاني ونجله في صفقات مشبوهة لتزويد الشرطة تجهيزات في الإعلام الآلي.
وبحسب الصحيفة فقد لعب نجل الجاني دور الوسيط بين المديرية العامة للشرطة والشركات الأجنبية مقابل تلقي عمولات ورشاوى تقدر بملايين الدولارات.
والسؤال الذي يطرح هل اتخذ الجاني قرار تصفية مسؤوله المباشر وزميله السابق في الجيش، وهو يعلم أن الضحية هو من أمر بتسريب هذه المعلومات الى "النهار الجديد"؟ واللافت أنها الصحيفة الوحيدة التي نشرت هذا الخبر يوم وقوع الجريمة.
وسواء ارتكب العقيد أولطاش جريمته دفاعاً عن شرفه، أو بدافع الانتقام، أو في إطار تصفية الحسابات، فإن الأمر المؤكد أنه لا يمكن فصل ما جرى، أول من أمس، في مقر المديرية العامة للشرطة عن قضايا الفساد التي تشهدها الجزائر في السنوات الأخيرة.
من جهة أخرى، يعتقد الكثير من العارفين بالشأن الجزائري أن الصراعات بين وزير الداخلية والمدير السابق للشرطة، تندرج في إطار السعي للسيطرة على جهاز الشرطة، بعد أن رفع تونسي عديد عناصر الشرطة من 120 ألفاً في 2005 الى 200 ألف في 2009.
وبحسب هؤلاء، فإن الصراع بين الرجلين هو امتداد لحرب الصلاحيات الدائرة بين الفريق الرئاسي وبين جهاز المخابرات.
ويبدو في هذا الإطار، أن زرهوني انحاز للفريق الرئاسي لاعتبارات جهوية، بينما فضّل تونسي البقاء وفياً للمؤسسة التي يتحدر منها.
منقول