أختكم
2007-05-10, 15:48
السلام عليكم
سأحاول بإذن الله وضع تفسير بعض آيات القرآن الكريم بين يدي إخواننا. .و قد اخترت لكم تفسير الطبري ...
فنبدأ بإذن الله بتفسير سورة الفاتحة .... وأعتذر مسبقا على طول الموضوع ذلك أنني لا أستطيع تجزئة تفسير الآية لأن المواضيع ستضيع من بعضها...و إن كان لديكم اقتراح فأهلا به
سُورة الفـاتِـحَةِ مكِيّة وآياتها سَبْع
الآية : 1
--------------
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
القول فـي تأويـل بِسْمِ.
قال أبو جعفر ( يعني الطبري):
إن الله تعالـى ذكره وتقدست أسماؤه, أدّب نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم بتعلـيـمه تقديـم ذكر أسمائه الـحسنى أمام
جميع أفعاله, وتقدم إلـيه فـي وصفه بها قبل جميع مهماته, وجعل ما أدبه به من ذلك وعلـمه إياه منه لـجميع خـلقه سنة
يستنون بها, وسبـيلاً يتبعونه علـيها, فـي افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم حتـى أغنت دلالة ما
ظهر من قول القائل «بسم الله», علـى من بطن من مراده الذي هو مـحذوف.
وذلك أن البـاء من «بسم الله» مقتضيةٌ فعلاً يكون لها جالبـا, ولا فعل معها ظاهر, فأغنت سامع القائل «بسم الله» معرفته بـمراد قائله من إظهار قائل ذلك مراده قولاً, إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا قد أحضر منطقه به, إما معه وإما قبله بلا فصل, ما قد أغنى سامعه من دلالة شاهدة علـى الذي من أجله افتتـح قـيـله به. فصار استغناءُ سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه, نظير استغنائه إذا سمع قائلاً قـيـل له: ما أكلت الـيوم؟ فقال: طعاما, عن أن يكرّر الـمسؤول مع قوله «طعاما» أكلت لـما قد ظهر لديه من الدلالة علـى أن ذلك معناه بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل. فمعقول إذا أن قول القائل إذا قال: «بِسم الله الرحمن الرحيـم» ثم افتتـح تالـيا سورة, أن إتبـاعه «بسم الله الرحمن الرحيـم» تلاوةَ السورة, ينبىء عن معنى قوله: «بسم الله الرحمن الرحيـم» ومفهوم به أنه مريد بذلك أقرأُ بسم الله الرحمن الرحيـم.
وكذلك قوله: «بسم الله» عند نهوضه للقـيام أو عند قعوده وسائر أفعاله, ينبىء عن معنى مراده بقوله «بسم الله», وأنه أراد بقـيـله «بسم الله»: أقوم بسم الله, وأقعد بسم الله وكذلك سائر الأفعال.
وهذا الذي قلنا فـي تأويـل ذلك, هو معنى قول ابن عبـاس, الذي:
1ـ حدثنا به أبو كريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر بن عمارة, قال: حدثنا أبو روق, عن الضحاك, عن عبد الله بن عبـاس, قال: إن أول ما نزل به جبريـل علـى مـحمد, قال: يا مـحمد, قل أستعيذ بـالسميع العلـيـم من الشيطان الرجيـم ثم قال: قل بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ قال: قال له جبريـل: قل بسم الله يا مـحمد. يقول: اقرأ بذكر الله ربك, وقم واقعد بذكر الله.
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فإن كان تأويـل قوله «بسم الله» ما وصفت, والـجالب «البـاء» فـي «بسم الله» ما ذكرت, فكيف قـيـل «بسم الله», بـمعنى «اقرأ بسم الله», أو «أقوم أو أقعد بسم الله»؟ وقد علـمت أن كل قارىء كتاب الله, فبعون الله وتوفـيقه قراءتُه, وأن كل قائم أو قاعد أو فـاعل فعلاً, فبـالله قـيامُه وقعوده وفعله؟ وهلاّ إذا كان ذلك كذلك, قـيـل: «بسم الله الرحمن الرحيـم», ولـم يقل «بسم الله» فإن قول القائل: أقوم وأقعد بـالله الرحمن الرحيـم, أو أقرأ بـالله, أوضح معنى لسامعه من قوله «بسم الله», إذ كان قوله أقوم وأقعد بسم الله, يوهم سامعه أن قـيامه وقعوده بـمعنى غير الله.
قـيـل له: إن الـمقصود إلـيه من معنى ذلك, غير ما توهمته فـي نفسك. وإنـما معنى قوله «بسم الله»: أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء, أو أقرأ بتسمية الله, أو أقوم وأقعد بتسمية الله وذكره لا أنه يعنـي بقـيـله «بسم الله»: أقوم بـالله, أو أقرأ بـالله فـيكون قول القائل: «أقرأ بـالله», و«أقوم وأقعد بـالله», أولـى بوجه الصواب فـي ذلك من قوله «بسم الله».
فإن قال: فإن كان الأمر فـي ذلك علـى ما وصفتَ, فكيف قـيـل «بسم الله» وقد علـمت أن الاسم اسم, وأن التسمية مصدر من قولك سَمّيت؟.
قـيـل: إن العرب قد تـخرج الـمصادر مبهمةً علـى أسماء مختلفة, كقولهم: أكرمت فلانا كرامةً, وإنـما بناء مصدر «أفعلتُ» إذا أُخرج علـى فعله: «الإفعالُ», وكقولهم: أهنت فلانا هوانا, وكلـمته كلاما. وبناء مصدر «فعّلت» التفعيـل, ومن ذلك قول الشاعر:
أكُفْرا بَعْدَ رَدّ الـمَوْتِ عَنّـي وبَعْدَ عَطائِكَ الـمِائَةَ الرّتاعا
يريد: إعطائك. ومنه قول الاَخر:
وَإنْ كانَ هَذا البُخْـلُ مِنْكَ سَجِيّةً لَقَدْ كُنْتُ فـي طَوْلـي رَجاءَكَ أشْعَبـا
يريد: فـي إطالتـي رجاءك. ومنه قول الاَخر:
أظَلُومُ إنّ مُصَابَكُمْ رَجُلا أهْدَى السّلامَ تَـحِيّةً ظُلْـمُ
يريد إصابتكم. والشواهد فـي هذا الـمعنى تكثر, وفـيـما ذكرنا كفـاية, لـمن وفق لفهمه. فإذا كان الأمر علـى ما وصفنا من إخراج العرب مصادر الأفعال علـى غير بناء أفعالها كثـيرا, وكان تصديرها إياها علـى مخارج الأسماء موجودا فـاشيا, تبـين بذلك صواب ما قلنا من التأويـل فـي قول القائل: «بسم الله», أن معناه فـي ذلك عند ابتدائه فـي فعل أو قول: أبدأ بتسمية الله, قبل فعلـي, أو قبل قولـي.
وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن: «بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ» إنـما معناه: أقرأ مبتدئا بتسمية الله, أو أبتدىء قراءتـي بتسمية الله فجعل الاسم مكان التسمية, كما جعل الكلام مكان التكلـيـم, والعطاء مكان الإعطاء.
وبـمثل الذي قلنا من التأويـل فـي ذلك, رُوي الـخبر عن عبد الله بن عبـاس
نقل من كتاب تفسير الطبري
سأحاول بإذن الله وضع تفسير بعض آيات القرآن الكريم بين يدي إخواننا. .و قد اخترت لكم تفسير الطبري ...
فنبدأ بإذن الله بتفسير سورة الفاتحة .... وأعتذر مسبقا على طول الموضوع ذلك أنني لا أستطيع تجزئة تفسير الآية لأن المواضيع ستضيع من بعضها...و إن كان لديكم اقتراح فأهلا به
سُورة الفـاتِـحَةِ مكِيّة وآياتها سَبْع
الآية : 1
--------------
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمـَنِ الرّحِيمِ
القول فـي تأويـل بِسْمِ.
قال أبو جعفر ( يعني الطبري):
إن الله تعالـى ذكره وتقدست أسماؤه, أدّب نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم بتعلـيـمه تقديـم ذكر أسمائه الـحسنى أمام
جميع أفعاله, وتقدم إلـيه فـي وصفه بها قبل جميع مهماته, وجعل ما أدبه به من ذلك وعلـمه إياه منه لـجميع خـلقه سنة
يستنون بها, وسبـيلاً يتبعونه علـيها, فـي افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم حتـى أغنت دلالة ما
ظهر من قول القائل «بسم الله», علـى من بطن من مراده الذي هو مـحذوف.
وذلك أن البـاء من «بسم الله» مقتضيةٌ فعلاً يكون لها جالبـا, ولا فعل معها ظاهر, فأغنت سامع القائل «بسم الله» معرفته بـمراد قائله من إظهار قائل ذلك مراده قولاً, إذ كان كل ناطق به عند افتتاحه أمرا قد أحضر منطقه به, إما معه وإما قبله بلا فصل, ما قد أغنى سامعه من دلالة شاهدة علـى الذي من أجله افتتـح قـيـله به. فصار استغناءُ سامع ذلك منه عن إظهار ما حذف منه, نظير استغنائه إذا سمع قائلاً قـيـل له: ما أكلت الـيوم؟ فقال: طعاما, عن أن يكرّر الـمسؤول مع قوله «طعاما» أكلت لـما قد ظهر لديه من الدلالة علـى أن ذلك معناه بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل. فمعقول إذا أن قول القائل إذا قال: «بِسم الله الرحمن الرحيـم» ثم افتتـح تالـيا سورة, أن إتبـاعه «بسم الله الرحمن الرحيـم» تلاوةَ السورة, ينبىء عن معنى قوله: «بسم الله الرحمن الرحيـم» ومفهوم به أنه مريد بذلك أقرأُ بسم الله الرحمن الرحيـم.
وكذلك قوله: «بسم الله» عند نهوضه للقـيام أو عند قعوده وسائر أفعاله, ينبىء عن معنى مراده بقوله «بسم الله», وأنه أراد بقـيـله «بسم الله»: أقوم بسم الله, وأقعد بسم الله وكذلك سائر الأفعال.
وهذا الذي قلنا فـي تأويـل ذلك, هو معنى قول ابن عبـاس, الذي:
1ـ حدثنا به أبو كريب, قال: حدثنا عثمان بن سعيد, قال: حدثنا بشر بن عمارة, قال: حدثنا أبو روق, عن الضحاك, عن عبد الله بن عبـاس, قال: إن أول ما نزل به جبريـل علـى مـحمد, قال: يا مـحمد, قل أستعيذ بـالسميع العلـيـم من الشيطان الرجيـم ثم قال: قل بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ قال: قال له جبريـل: قل بسم الله يا مـحمد. يقول: اقرأ بذكر الله ربك, وقم واقعد بذكر الله.
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فإن كان تأويـل قوله «بسم الله» ما وصفت, والـجالب «البـاء» فـي «بسم الله» ما ذكرت, فكيف قـيـل «بسم الله», بـمعنى «اقرأ بسم الله», أو «أقوم أو أقعد بسم الله»؟ وقد علـمت أن كل قارىء كتاب الله, فبعون الله وتوفـيقه قراءتُه, وأن كل قائم أو قاعد أو فـاعل فعلاً, فبـالله قـيامُه وقعوده وفعله؟ وهلاّ إذا كان ذلك كذلك, قـيـل: «بسم الله الرحمن الرحيـم», ولـم يقل «بسم الله» فإن قول القائل: أقوم وأقعد بـالله الرحمن الرحيـم, أو أقرأ بـالله, أوضح معنى لسامعه من قوله «بسم الله», إذ كان قوله أقوم وأقعد بسم الله, يوهم سامعه أن قـيامه وقعوده بـمعنى غير الله.
قـيـل له: إن الـمقصود إلـيه من معنى ذلك, غير ما توهمته فـي نفسك. وإنـما معنى قوله «بسم الله»: أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شيء, أو أقرأ بتسمية الله, أو أقوم وأقعد بتسمية الله وذكره لا أنه يعنـي بقـيـله «بسم الله»: أقوم بـالله, أو أقرأ بـالله فـيكون قول القائل: «أقرأ بـالله», و«أقوم وأقعد بـالله», أولـى بوجه الصواب فـي ذلك من قوله «بسم الله».
فإن قال: فإن كان الأمر فـي ذلك علـى ما وصفتَ, فكيف قـيـل «بسم الله» وقد علـمت أن الاسم اسم, وأن التسمية مصدر من قولك سَمّيت؟.
قـيـل: إن العرب قد تـخرج الـمصادر مبهمةً علـى أسماء مختلفة, كقولهم: أكرمت فلانا كرامةً, وإنـما بناء مصدر «أفعلتُ» إذا أُخرج علـى فعله: «الإفعالُ», وكقولهم: أهنت فلانا هوانا, وكلـمته كلاما. وبناء مصدر «فعّلت» التفعيـل, ومن ذلك قول الشاعر:
أكُفْرا بَعْدَ رَدّ الـمَوْتِ عَنّـي وبَعْدَ عَطائِكَ الـمِائَةَ الرّتاعا
يريد: إعطائك. ومنه قول الاَخر:
وَإنْ كانَ هَذا البُخْـلُ مِنْكَ سَجِيّةً لَقَدْ كُنْتُ فـي طَوْلـي رَجاءَكَ أشْعَبـا
يريد: فـي إطالتـي رجاءك. ومنه قول الاَخر:
أظَلُومُ إنّ مُصَابَكُمْ رَجُلا أهْدَى السّلامَ تَـحِيّةً ظُلْـمُ
يريد إصابتكم. والشواهد فـي هذا الـمعنى تكثر, وفـيـما ذكرنا كفـاية, لـمن وفق لفهمه. فإذا كان الأمر علـى ما وصفنا من إخراج العرب مصادر الأفعال علـى غير بناء أفعالها كثـيرا, وكان تصديرها إياها علـى مخارج الأسماء موجودا فـاشيا, تبـين بذلك صواب ما قلنا من التأويـل فـي قول القائل: «بسم الله», أن معناه فـي ذلك عند ابتدائه فـي فعل أو قول: أبدأ بتسمية الله, قبل فعلـي, أو قبل قولـي.
وكذلك معنى قول القائل عند ابتدائه بتلاوة القرآن: «بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيـمِ» إنـما معناه: أقرأ مبتدئا بتسمية الله, أو أبتدىء قراءتـي بتسمية الله فجعل الاسم مكان التسمية, كما جعل الكلام مكان التكلـيـم, والعطاء مكان الإعطاء.
وبـمثل الذي قلنا من التأويـل فـي ذلك, رُوي الـخبر عن عبد الله بن عبـاس
نقل من كتاب تفسير الطبري