علي النموشي
2010-02-20, 19:54
المقــامــة البلّــوطيــة
حدثنا عباس النموشي قال : عزمت و رفقتي الصغار ، على الذهاب إلى جبل الغار لجلب ثمار البلوط ، فاعترض سبيلنا الفتى حوّاس البلعوط ، و استفسرنا عن الوجهة فكتمنا عنه طريق الرحلة ، إلا أنه لحق بنا دون علمنا ، و صار فردا من فريقنا ، حيث أنه كان يكبرنا سنا ، و أثقلنا وزنا ، و كنت أتطير من أمره ، لكثره شروره و مكره ، و خداعه و حيله ، و لما وصلنا إلى سفح الجبل ، جاءتني إحدى الحيل فوقفت فوق صخرة كبيرة ، و ألقيت عليهم خطبة عسيرة ، شملت التخويف و التهويل من خطر حراس الغابات الجليل ، و هذا قصد إبعاد هذا العنصر الدخيل ، و كذا من بطش الذئاب و الخنازير البرية ، و جماعات الجبال الإرهابية ، لكنه لم يبرح المكان و واصل المسير بكل أمان ، فرضخت للأمر الواقع ، و لزمت الصمت و بأمر الله قانع و توغلنا كثيرا في بطن الجبل ، و لم نجد لا أشجار بلوط و لا أمل ، فطلبت من الرفاق تغيير الإتجاه إلى مكان الأنفاق ، و سرنا مسافة الميل تقريبا ، و صار حال الجمع عجيبا ، فيهم من عزم على الرجوع ، و فيهم من أبى الخنوع ، حتى بانت لنا قمة جبل المستيري ، و كنت أعرف أنه مخيف و هستيري ، فقد رأيته من قبل ، لما زرت غار بوعكوس بلا وجل ، و كان يظهر إلينا من بعيد ، و يظهر ذو مسلك شديد ، لكننا اتجهنا إليه ، طامعين في الجلوس عليه ، و لما قربناه ، سبحنا الله و حمدناه ، فقد وجدنا ما كنا نبغي ، و صرنا نمرح و نحتفي ، ثم ملأنا أكياسا كثيرة ، من هذه الثمرة المثيرة ، و جمعت العديد من نبات الإكليل ، و شاي الجبل الجميل ، و بعض الأعشاب الأخرى المفيدة ، و البعض من الخنافس العديدة ، بغية تخويف الصغار بها و تجفيفها و جمعها ، و لما غنمنا ما كنا فيه آملين ، قفلنا من ساعتنا راجعين ، و ما إن شارفنا الديار ، حتى أحاط بنا حراس الغابات و الأشجار ، و بمجرد أن شاهدناهم أطلقنا سيقاننا للريح حتى نتفاداهم ، و طاردوننا برهة من الزمن ، كدنا أن نقلس فيها اللبن ، غير أن الفتى حواس سقط منه الكيس ، و صار يتدحرج بين الصخور حتى يأس ، و هو يصوت كأنه التيس ، و رجع أدراجه ، و هو يصيح مع نياحه ، و يصرخ بأعلى صوته : بلوطاتي ... بلوطاتي ... بلوطاتي ، غير أنهم أمسكوه ، و في العربة و ضعوه ، و صرنا نشاهدهم من بعيد و نضحك على صاحبنا العنيد ، و بعد مشوار قصير ، قربنا حي القصدير ، الذي يسكنه هذا الأخير ، و أخبرنا والده عن الحكاية من الأول إلى آخر الرواية ، فذهب مسرعا للبحث عنه مخافة الإعتداء عليه ، أما نحن فقد قصدنا بيوتنا سالمين غانمين ، و للبلوط حاملين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البلعوط : الرجل كثير النصب و الإحتيال .
جبل المستيري : جبل كثيف الأشجار ببلدية الحمامات التبسية .
غار بوعكوس : كهف كبير بأعالي جبال الحمامات به نهر يجري تحت الأرض .
حدثنا عباس النموشي قال : عزمت و رفقتي الصغار ، على الذهاب إلى جبل الغار لجلب ثمار البلوط ، فاعترض سبيلنا الفتى حوّاس البلعوط ، و استفسرنا عن الوجهة فكتمنا عنه طريق الرحلة ، إلا أنه لحق بنا دون علمنا ، و صار فردا من فريقنا ، حيث أنه كان يكبرنا سنا ، و أثقلنا وزنا ، و كنت أتطير من أمره ، لكثره شروره و مكره ، و خداعه و حيله ، و لما وصلنا إلى سفح الجبل ، جاءتني إحدى الحيل فوقفت فوق صخرة كبيرة ، و ألقيت عليهم خطبة عسيرة ، شملت التخويف و التهويل من خطر حراس الغابات الجليل ، و هذا قصد إبعاد هذا العنصر الدخيل ، و كذا من بطش الذئاب و الخنازير البرية ، و جماعات الجبال الإرهابية ، لكنه لم يبرح المكان و واصل المسير بكل أمان ، فرضخت للأمر الواقع ، و لزمت الصمت و بأمر الله قانع و توغلنا كثيرا في بطن الجبل ، و لم نجد لا أشجار بلوط و لا أمل ، فطلبت من الرفاق تغيير الإتجاه إلى مكان الأنفاق ، و سرنا مسافة الميل تقريبا ، و صار حال الجمع عجيبا ، فيهم من عزم على الرجوع ، و فيهم من أبى الخنوع ، حتى بانت لنا قمة جبل المستيري ، و كنت أعرف أنه مخيف و هستيري ، فقد رأيته من قبل ، لما زرت غار بوعكوس بلا وجل ، و كان يظهر إلينا من بعيد ، و يظهر ذو مسلك شديد ، لكننا اتجهنا إليه ، طامعين في الجلوس عليه ، و لما قربناه ، سبحنا الله و حمدناه ، فقد وجدنا ما كنا نبغي ، و صرنا نمرح و نحتفي ، ثم ملأنا أكياسا كثيرة ، من هذه الثمرة المثيرة ، و جمعت العديد من نبات الإكليل ، و شاي الجبل الجميل ، و بعض الأعشاب الأخرى المفيدة ، و البعض من الخنافس العديدة ، بغية تخويف الصغار بها و تجفيفها و جمعها ، و لما غنمنا ما كنا فيه آملين ، قفلنا من ساعتنا راجعين ، و ما إن شارفنا الديار ، حتى أحاط بنا حراس الغابات و الأشجار ، و بمجرد أن شاهدناهم أطلقنا سيقاننا للريح حتى نتفاداهم ، و طاردوننا برهة من الزمن ، كدنا أن نقلس فيها اللبن ، غير أن الفتى حواس سقط منه الكيس ، و صار يتدحرج بين الصخور حتى يأس ، و هو يصوت كأنه التيس ، و رجع أدراجه ، و هو يصيح مع نياحه ، و يصرخ بأعلى صوته : بلوطاتي ... بلوطاتي ... بلوطاتي ، غير أنهم أمسكوه ، و في العربة و ضعوه ، و صرنا نشاهدهم من بعيد و نضحك على صاحبنا العنيد ، و بعد مشوار قصير ، قربنا حي القصدير ، الذي يسكنه هذا الأخير ، و أخبرنا والده عن الحكاية من الأول إلى آخر الرواية ، فذهب مسرعا للبحث عنه مخافة الإعتداء عليه ، أما نحن فقد قصدنا بيوتنا سالمين غانمين ، و للبلوط حاملين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البلعوط : الرجل كثير النصب و الإحتيال .
جبل المستيري : جبل كثيف الأشجار ببلدية الحمامات التبسية .
غار بوعكوس : كهف كبير بأعالي جبال الحمامات به نهر يجري تحت الأرض .