تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اريد موضوع عن مخاطر الإختلاف


zaki eleulma B
2010-02-17, 10:56
بعد بسم الله الرحمن الرحيم

أنا طالب السنة الثانية علو تجريبية أطلب من حضارتكم المساعدة

لأختي التي تدرس بالمراسلة السنة الثانية تسيير واقتصاد

فقد أنجزت لها موضوعا و لم يكن كافي

:اريد موضوع أو محاضرة حول مخاطر الاختلاف على تماسك الأمم

أرجو منكم المساعدة لأنها ستبعثه قبل 25-02 -2010


و جزاكم الله ألف خير

وشكرا

ناصر1
2010-02-17, 11:19
والله صعب قليلا :confused:

سمرا
2010-02-19, 10:56
الحوار بين الحضارات ودوره في تماسك الامم







مقدمة
هذا العالم الذي يعج بالتنوع وبالتعدد والاختلاف أصبح مهدداً في وجوده البشري وفي تراثه الحضاري الذي بنته الشعوب والأمم على مدى قرون عديدة، هذا العالم الذي تنهشه الحروب والصراعات العسكرية والطائفية والدينية والعرقية، هذا العالم الذي تنتشر فيه ظواهر الهجرة واللجوء والفقر والمجاعة والعنف. هل أصبح يضيق بسكانه ؟ وهل أصبحت الطبيعة بدورها غاضبة من صنيع الإنسان تجاه أخيه الإنسان، فزادته هولاً على هول، وأدى غضبها إلى كثرة الزلازل والفيضانات والحوادث والأوبئة ؟ وهل يستحق سكان كوكبنا هذه المعاناة ؟ وماذا سيبقى للإنسان القادم على هذا العالم ؟ الأوبئة والأمراض وتهديداتها ؟ أم الحروب ودمارها ؟ أم المجاعات ومخاوفها ؟
لعل منطق القدرة على الفعل يدفعنا إلى الحديث عما الإنسان مسؤول عنه، عما هو قادر على فعله في ضوء تحديات هذا العصر.
من هنا يتحول السؤال الكبير إلى سؤال جزئي ويتحول التأمل الخيالي إلى نظر واقعي : ما هي وضعية السلام والعدل في عالمنا وما السبيل إلى تفعيل الحوار الحضاري درءاً لشرور الحروب واستبعاداً للمخاطر التي باتت تهدد العالم ؟

أي دور للحوار الحضاري في خدمة العدل والسلام الدوليين ؟
قد يكون من غير المجدي تناول هذا السؤال بأسلوب يعتمد تكرار ما طرح منذ سنوات عديدة على ألسنة القادة السياسيين والنخب من المفكرين والعلماء. يبدو أن الأسئلة بحاجة إلى إعادة صياغة وأن الأفكار بحاجة إلى تفكيك وأن الأماني والمشاريع بحاجة إلى تفعيل.
هل يكفي تكرار الأماني بإحلال العدل والسلام في نطاق الأهداف الإنسانية التي كررتها الأديان والمذاهب والفلسفات منذ نشأة الإنسان : "ملء الأرض عدلاً بعد أن مُلِئَت جوراً"وهل مازال ذلك ممكناً ؟ هل للجور والظلم والقهر المتفشي أن ينزاح عن الأرض يوماً ؟
ما الذي أصاب العقل البشري وهو يصنع دمار الإنسان بذات عقله ؟ أهي مفارقة الشر الخيّر والخير الشرير التي جبلت الإنسان أو بعضاً منه ؟ أهو تمرد العقل من عقاله ؟ ما بال العقل البشري يتمادى في صنع السلاح والقنابل الذرية إلى جانب صناعة الخبز والخضر وتفجير المياه والثروات الباطنية وصناعة وسائل الاتصال والعمل الحديثة التي قلصت المسافات وأراحت الإنسان من كثير من الجهد المضني ؟
لقد توصل الفلاسفة والمفكرون بمختلف تخصصاتهم وتوجهاتهم الإنسانية إلى أن جوهر التقدم هو التواصل، وأن الحوار بين مكونات المجتمع الواحد أو المجتمع البشري هو السبيل إلى تحقيق التقدم البشري في مختلف نواحي الحياة. وإذا ماغاب الحوار حل النزاع والتناقض بين المصالح بسبب اللاتفاهم وسوء الظن والرغبة في إثبات الذات على حساب الآخر. بغياب الحوار، الذي هو البناء والتواصل في الحياة، تحل إمكانيات النفي والقطيعة. وهي لعمري أسوأ مظاهر الحياة البشرية التي تسود معها الصراعات والحروب المدمرة لقوى الخير في العالم.
رغم لجوء الإنسان إلى حماية نفسه من مظاهر العنف والنفي والاستبعاد والتعدي على الآخر والنيل منه، وذلك من خلال صياغة القوانين الضابطة وبناء التشريعات المحددة للسلوك أو من خلال صياغة الأعراف والمواثيق والمعاهدات درءاً للاعتداء وقطعاً مع الفوضى، رغم هذه التأمينات التي قام بها الإنسان عبر تاريخ حياته المديد ما زالت هذه الإجراءات تحتاج إلى مزيد الحماية والتطوير والتأمين مثلما أنها ما زالت تحتاج إلى مزيد من الصون والرعاية والتحسيس بالمخاطر التي تهددها في عالم طغت على علاقاته المصالح الضيقة وساد فيه منطق هيمنة القوي وتهميش الضعيف. إن استكمال الحياة البشرية الكريمة ما زال مشروطاً بتحقيق الحوار الإنساني بكل أبعاده ومعانيه وبكل أشكاله وضروب تطبيقه.
وحتى لا يكون السؤال بسيطاً من فرط بداهته أو مستهلكاً من فرط تكراره يمكننا الحديث عن الآليات الجديدة للحوار الحضاري من أجل بناء العدل والسلم في ضوء المتغيرات الدولية.

الآليات الجديدة لبناء حوار حضاري عالمي متين
يمكن تلخيص أهم هذه الآليات في النقاط التالية :
ــ توسيع دائرة الوعي بخصوص الحق في التنوع وفي الاختلاف والعمل على بناء منظومة فكرية وأخلاقية تقوم على هذا المبدأ وهذا الحق، ويمكن لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بشكل خاص أن تؤدي دوراً بارزاً في هذا المجال من خلال التحسيس والتوعية لإيجاد رأي عام مؤمن بحق الاختلاف ومقتنع بأن التنوع خاصية إنسانية يجب الحفاظ عليها لتطوير سبل الإبداع والخلق لدى الإنسان.
ــ العمل على إيقاف الحروب كخطوة أولى يليها العمل على إيقاف كل أسباب النزاع والخصومة ونشر ثقافة السلام.
ــ التطبيق النزيه لقواعد القانون الدولي، وتجاوز كل أشكال التوظيف اللاموضوعي لهذه القوانين والمواثيق الدولية، فضلاً عن ضرورة استبعاد التعامل المعياري مع المنظومة القانونية الدولية في النزاعات والقضايا الساخنة وغير الساخنة.
ــ التحسيس العالمي بأن عملية تعزيز الحوار الحضاري وحمايته إنما هي مسؤولية متعددة الأطراف وليست مسؤولية منظمة أو دولة أو مجموعة أو نخبة، فبالإضافة إلى هذه الأطراف وجب تحميل المسؤولية إلى النخب الفكرية والثقافية والعلمية ووسائل الإعلام ومكونات المجتمع المدني، على أن تدعم هذه الأطراف بإيجاد الوسائل المادية والتشريعية والفنية والمعنوية لأداء مهامها النبيلة في مجال خدمة الحوار الحضاري البنّاء.
ــ تعزيز الأمن العالمي، وينبني في نفس الوقت على تعزيز الأمن الوطني. فكما أن مفهوم تحقيق الأمن لم يعد مرتبطاً فقط بحماية السيادة والأمن السياسي والعسكري، بل أصبح يتعدى ذلك إلى ضرورة تحقيق الأمن الغذائي والأمن البيئي، فإنّ فقدان هذه الجوانب سيؤدي إلى وجود مخاطر احتمالات تسرب الفوضى والدمار نتيجة فقدان التوازن بين الإمكانات والاحتياجات.
ــ ضرورة التخلّي عن ترويج أوهام الخوف وإبطال حملات التخويف من أعداء غير موجودين على أرض الواقع، دولاًِ أو أدياناً أو نظريات أو تنظيمات. والكف عن تهيئة الرأي العام لتقبّل مثل هذه الأوهام وتحريضه لمعاداة أطراف ليست لها أية مسؤولية ضمن هذا التصنيف لثنائيات الخير والشر والحرب والسلم(1). وقد أظهرت بعض الدراسات جملة المخاطر التي تمثلها تلك التحليلات والدراسات التي تدعي المعرفة والعلم فيما سمي بــ "صناعة الأعداء" من أجل شن "الحروب الاستباقية".
على أن هذه الآليات الجديدة لا يمكنها أن تنفي المطالب الإنسانية المزمنة من أجل تحقيق السلام والعدل الدوليين مثل :
أ) القضاء على ما يهدد البشرية في الأفكار والنظريات والممارسات العنصرية وكل أشكال التحريض ضد الآخر بما في ذلك كل أشكال التمييز العنصري والاستعلاء الثقافي. وتمثل "العنصرية الجديدة" أحد مظاهر هذا التهديد كالتلويح بفكرة عدوانية العرب والمسلمين ووصف حضارتهم بالأحادية وبمعاداة الديمقراطية ونشر التسلط، هذه العنصرية لا تكتفي بالتصريح أو التلميح بل تسلط عنفها على الجاليات المسلمة مع التهديد بالانتقام عبر مضايقة المهاجرين والاعتداء على مؤسساتهم الثقافية والدينية(2).
ب) القضاء على مسببات الشعور بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لدى الأفراد والمجموعات والمجتمعات، وهي مسؤولية تتحمّلها مختلف الأطراف دولاً وحكومات ومنظمات وجمعيات وهيئات. ذلك أن مظاهر الفقر والجوع والحرمان والبطالة كثيراً ما تؤدي إلى انتشار التوتر والعنف، ومن مظاهر ذلك الهجرات الجديدة بحثاًِ عن لقمة العيش مما يجعل هؤلاء المهاجرين عرضة للاستغلال الاقتصادي (العمل المضني وبأجر زهيد) والسياسي (استغلال الحركات السياسية المتطرفة) والاجتماعي (عمل الأطفال ــ العمل السري ...).
وهكذا فلا يمكن الحديث عن حوار في ظل فقدان العدالة وفي ظل الفوارق المجحفة بين من لديهم الإمكانيات المادية والتقنية وبين من يفتقرون إليها، كيف يكون الحوار ندياً مع وجود ثلثي البشرية يعيشون بأقل من دولارين ونصف في اليوم، وفي ظل وجود نحو 800 مليون من البشر لا يتمتعون بالخدمات الصحية، ونحو مليار من البشر محرومين من الماء الصالح للشرب، و%80 من مجموع سكان العالم يعيشون في مساكن بدائية وأكثر من 850 مليون أمّيّ من فئة الكهول فقط.
ج) تطوير أشكال التعاون والتقارب بين الدول والشعوب عن طريق تطوير أشكال العمل الدبلوماسي وتطوير شبكات التعاون من اتفاقيات وبروتوكولات تعاون مع ضرورة تطوير هذه الأشكال لتشمل :
1. التعاون بين الجامعات ومراكز البحث في مختلف البلدان في مجالات تبادل الخبراء والباحثين وإجراء الدراسات المقارنة وتسهيل عمليات التنقل والتبادل والترجمة.
2. تطوير وتوسيع التبادل الثقافي بين الدول ليشمل إقامة مراكز ثقافية قارة ومتنقلة وتوسيع عمليات تنقل الشباب في رحلات منظمة وإقامة شبكات تعاون وتعارف بين شباب مختلف الدول.
3. تطوير آليات عمل المنظمات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية وسائر مكونات المجتمع المدني لإقامة مشاريع تعاون ما بيني، داخلياً وخارجياً لأن نجاح الحوار الداخلي يستتبع الحوار الخارجي. ولجمعيات ومنظمات المهاجرين دور بارز في تحقيق التواصل مع الآخر وتصحيح الصور الثقافية والحضارية المتبادلة.
4. تعزيز سبل التعريف بالآخر لغوياً وتاريخياً وثقافياً وسياسياً وجغرافياً عن طريق المنظومات التعليمية العمومية والخاصة. وفي هذا الإطار يمكن إجراء دراسات علمية مقارنة لصور مختلف الحضارات في البرامج التربوية في دول العالم حتى يتم تشخيص بعض الوضعيات المتمثلة في النقص أو التشويه أو الاختزال أو الجهل وغيرها من الوضعيات التي قد تؤدي إلى انتشار مظاهر إقصاء الآخر وتهميشه أو الاستعلاء عليه فضلاً عن انتشار الأفكار المسبقة.
5. العمل بكل الوسائل على تشجيع مختلف أشكال التبادل الثقافي عن طريق تبادل الوفود والمعارض، مع أهمية إيلاء الترجمة المكانة اللازمة في البرامج الثقافية والتعليمية والإعلامية.
6. ضرورة تقليص الإنفاق العسكري ودعوة الدول والحكومات إلى مراقبة ظواهر التسلح وتحديها وإلزام البعض منها على احترام المواثيق والقرارات الدولية مع أهمية الدعوة إلى تقليص الضرر بالطبيعة ومواردها والأرض وخيراتها وتشجيع بعض الهيئات والمنظمات والجمعيات والمبادرات المعنية بحماية البيئة والدفاع عنها.
ومن الإشكاليات التي ما زالت تثير القلق معرفياً وسياسياً الاختلاف حول مفهوم السلام وحدوده ودلالاته باختلاف منطلقات الدارسين وخلفيات المستعملين. وقد كان كانط الفيلسوف الألماني المتأثر بكتاب دوسان ربيير الفرنسي في "مشروع السلام الدائم" قد اعتبر في رسالته "نحو السلام الدائم" (1797) أنّ السلام طبيعة بشرية إرادية وليس فعلاً طبيعياً. وقد اعتمد في ذلك على فكرة بناء الحق والحرية وعلى ضرورة القانون. وكان قد عرف الحق في مقدمة كتابه "فلسفة الحق" بأنه >مجموعة الشروط التي تستطيع حرية الواحد بواسطتها أن تتوافق مع حرية الآخر وفق قانون عام للحرية<. ومن تعاريف السلم الحديثة أنه >مجموعة علاقات التعايش والتعاون المتحركة بين الأمم وفي داخلها، لا تتميز بغياب النزاعات المسلحة فحسب بل كذلك باحترام القيم البشرية التي عبر عنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالرغبة في أن يؤمن لكل فرد أقصى ما يمكن من الرفاه ...<(3).

آفاق الحوار الحضاري من أجل العدل والسلم
إذا كان الحوار بكل معانيه وأبعاده يمثل رسالة نبيلة تؤكد تميز الإنسان عن غيره من الكائنات عقلاً ولغة وتواصلاً، وهي سمات وهبها له اللّه وبها ميزه، فإن الإنسان مدعو إلى الحفاظ على هذه الهبة وتفعيلها وتسخيرها له ولغيره من الكائنات.
لكن الحروب التي يعرفها عالمنا المعاصر وما تؤدي إليه من قتلى فاق عددهم أعداد قتلى الكوارث ومن دمار أوشك على الفتك بكل أشكال الحياة على البسيطة أصبحت تمثل وصمة عار في جبين الإنسانية المسلحة بالتكنولوجيات الحديثة وبالوسائل المتقدمة والمستحدثة للاتصال والتواصل. فما أحوجنا في ظل ما يهدد البشرية إلى صياغة أخلاق جديدة للتواصل أو "إلى ايتيقا للتواصل" كما عبر عن ذلك الفيلسوف هابرماس.
وبحسب المؤشرات الكمية والنوعية على حد السواء، يبدو أن الإنسانية باتت اليوم وغداً مهددة بإفناء ذاتها من قبل بعض العناصر فيها وخصوصاً من قبل الأطراف الحضارية الفاعلة والمدعوة إلى الكف عن إذكاء التوترات والتوقف عن تحريض البراكين الكامنة وعن إثارة المشكلات المرشحة للانفجار بفعل عوامل عديدة، ومنها الصراعات على الحدود وعلى الثروات بين الدول والصراعات بين الاثنيات التي كان الاستعمار التقليدي أحد محركيها، وهو يبحث له عن موقع جديد لاستعادة ماضيه. هذه المؤشرات المخيفة أضحت لا تسمح للإنسان بأن يهضم إنتاجه العقلي وأن يفرح باكتشافاته وأن يواصل بناء الصور الجميلة في عالمه. فاستمرار المجاعات والأوبئة والأمراض الفتاكة والفقر والبطالة إنما هو نتيجة للحيف والظلم الاقتصادي والاجتماعي المسلط على عديد شعوب العالم وعلى عديد الفئات الاجتماعية فيها. وفي ذلك حيف كبير نتيجة التفاوت بين من يملكون الثروات والخبرات والمعارف والمعلومات وبين من لا يملكون، بين من ينتجون ومن لا ينتجون.
فالإنسانية أمام هذا الوضع، محتاجة إلى تحقيق عدالة مفقودة وإلى ردم الهوات الغذائية والثقافية والتكنولوجية. ولن يتحقق ذلك إلا بتحقيق العدالة بين الشعوب والأمم في اقتسام ثروات الأرض وفي توزيع المعارف توزيعاً عادلاً. ولن يتحقق ذلك إلا بفرض السلام والعمل على إشاعة روح التعاون والتضامن ونشر ثقافة السلام العادل.
وما على إنسان القرن الجديد إلا أن يعمل عبر كل الوسائل الممكنة، وهي كثيرة، على تجاوز الأماني والشعارات(4) إلى مرحلة الفعل والبناء وهي مرحلة مليئة بالتحديات ولا مناص من مشاركة الجميع في بذل الجهد فيها من أجل تحويل الحوار الحضاري إلى سلوك عملي ومشروع قابل للتحقق على أرض الواقع.
ـــــــــــــــ

zaki eleulma B
2010-02-19, 11:38
شكرا أخت سمرا وجزاك الله ألف خير :19::19:


شكرررررررررراااا جززززيلاااااااااااا

ZINEB_04
2010-02-20, 21:47
merci
beaucoup

zaki eleulma B
2010-02-21, 18:35
لعل من إشكاليات العالم الإسلامي أن يدركه هذا العصر الذي تجتهد فيه الأمم والدول الكبرى وتتواضع على عدد من أشكال الاتفاق والتجمع في تحالفات سياسية وتكتلات اقتصادية كبرى أنتجت شركات تعبر القارات، ومنظمات تخترق الجغرافيا والحدود، والعالم الإسلامي يعيش أسوأ حالاته، وأشدها انقساماً وتفرقاً، وكلما رزقت أمم الغرب سبباً للاتفاق والائتلاف رزئت أمة الإسلام أسباباً للتفرق والاختلاف، وكلما استردت الأمم سباياها عرضت أمة الإسلام سباياها للغاصبين!:
قد استرد السبايا كل منهزم *** لم تبق في أسرها إلا سبايانا
وما رأيت سياط الظلم دامية *** إلا رأيت عليها لحم أسرانا



ولم يبق في "العالم الإسلامي" من يلم هذا الشتات والتفرق عبر الآليات والأهداف والبرامج إلا قليل ممن رحم الله، وليست المشكلة في وجود الاختلاف، بل في توجيه ذلك الاختلاف وتفعيله، وجعله عنصراً من عناصر التفرق، بدل أن نجعله سبباً من أسباب التعددية الصحية الطبيعية، فكل مجموعة مستمسكة بنظرياتها وآرائها واجتهاداتها، ومن حق الجميع أن يكون له كل هذا، وأن يتحدث ويعبر عنه، إنما ليس من حق أحد أن يحاكم البقية إلى مقرراته وآرائه الخاصة وبرامجه.
وعندما تنظر إلى الأمم الغربية كأمريكا وفرنسا تجد داخل تلك الحدود خلافات هائلة وفروقات فلكية، ولكنها استطاعت أن توظف تلك الخلافات لإنشاء تعددية صحية تساعد على وحدتها وقوتها، حتى في إسرائيل ذلك العدو المتاخم القريب، فيه: اليمين المعتدل، واليمين المتطرف، واليسار، والقصور والحمائم والأحزاب المختلفة التي تجتمع كلها في "الكنيست" وتوظف تلك الخلافات لمصلحة حاضر هذا الكيان الصهيوني ومستقبله، بينما في العالم الإسلامي اختلاف مَرَضي في السياسة والعلم وكل شيء، حتى عند رجل الشارع العادي فلن تجده أحسن حالا!
إن أصل الاختلاف الفكري والعلمي والسياسي طبيعي بل ضروري، وحق مشروع ما دام للإنسان عقل وتفكير، وما دام يقدر على التعبير عن رأيه وفكره، فالبشر فيهم من الاختلاف والتنوع والتعدد ما جعله الله قانوناً للحياة وعلامة على قيامها ووجودها، فلقد خلق الله من كل شيء مقابلاً له يختلف عنه ليكمل به نقصه ويعينه على نوائب الحق والدهر.
يقول سبحانه وتعالى: "ومن كل شيء خلقنا زوجين"، ولهذا كان سر الله سبحانه وتعالى في الحياة والخلق وجود هذا التنوع الذي جعله في الحياة قدراً، وكتبه في الدين شرعاً، فالناس يختلفون، "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم"، وحتى اختلاف الطباع والألسن والألوان، "واختلاف ألسنتكم وألوانكم"، والحياة بدون اختلاف رتيبة مملة, وتخيل أن كل شيء في الحياة مثل بعضه: أشكال الناس وقاماتهم، كلماتهم، لباسهم، حركاتهم وتصرفاتهم، الطرق والبيوت والأشجار والأحجار، كلها لو كانت نمطاً واحداً لكانت مكرورة مكروهة: " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون‏.‏ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون‏.‏ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون‏."‏[‏القصص‏:71‏ ـ‏73].
فاختلاف الليل والنهار وتصريف الرياح وتداول الأيام من آيات الله العظيمة على بديع صنعه وشاهدة على قانون الحياة وسنتها الجارية، أما البشر فإن اختلافهم طبيعة، وفوق ذلك كله في الفقه الإسلامي والفكر حق مشروع مصون، ورأي محترم , لدعم التغير الإيجابي والتغيير الإصلاحي نحو الأفضل , ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على شيء فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) رواه البخاري ومسلم، وجاء في منثور الحكم: الذين لا يغيرون آراءهم اثنان: الميت والجاهل. والعقاد يقول:
ففي كل يوم يولد المرء ذو الحجا *** وفي كل يوم ذو الجهالة يلحد
ولقد وجد الاختلاف حتى عند الملائكة - في قصة قاتل المائة نفس الذي اختلفت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب- كما في الصحيحين، والأنبياء عليهم السلام اختلفوا، فاختلف موسى مع هارون، وموسى والخضر، وموسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم، وقال لوط عن قومه: "أو آوي إلى ركن شديد" فقال محمد صلى الله عليه وسلم: (رحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد)، واختلف أبو بكر وعمر أمام النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف الصحابة في تأويل أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة) أخرجه البخاري ومسلم.
فالاختلاف الفكري والمذهبي والفقهي تفرزه اختلاف النفسيات والطبائع، واختلاف الأفهام، واختلاف العقول، واختلاف الأهواء والمشارب، واختلاف الثقافات والخلفيات، واختلاف البيئات واختلاف العصور والزمان والمكان، وكل ذلك طبيعي إيجابي يوسع أفق الفكر ويفتح المجال الرحب الخصيب للحوار والجدال الأخلاقي العال، ولذلك لما جاء رجل إلى الإمام أحمد بكتاب له يريد أن يسميه كتاب الاختلاف قال له الإمام أحمد: سمه كتاب: "السعة"؛ لأن هذا الخلاف يوسع مجال الترجيح، ويوسع على الناس وينقذهم من مثالب الرأي الواحد.
إن هذا الاختلاف ينبغي أن يكون أخلاقياً ما دام طبيعياً، وأن نتعامل معه بعقلانية وذكاء لتوظيفه واستغلاله في التوسعة على الناس، لا للتضييق عليهم وحصارهم، فأخلاقيات الاختلاف تفرض نقداً عادلاً يتجه للأفكار لا للأشخاص، وتحريراً موضوعياً لمحل النـزاع -كما يسميه الفقهاء- وتحريراً لأسبابه، وتجنب لغة الحسم والقطعية وابتعاداً عن الاتهام والخصام، وخضوعاً للدليل وركوناً للمحكمات الشرعية والثوابت الدينية القائمة.
إن علينا القبول بهذا التنوع والتعامل معه، بل والتفاعل معه في التعاون على القدر المشترك والمتفق عليه وتفعيل دائرته، ووضع الخلاف في حجمه الطبيعي، وعدم الخوف منه أو محاربته، وحسن الاستماع وحسن الفهم للآخرين واستخدام الحجة والإقناع لا السباب والصخب والضجيج، وبعد كل ذلك محاولة التعايش والاتفاق على مصالح الدنيا، حتى مع من نختلف معهم بشكل جوهري، فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن حلف الفضول: (لو دعيت إليه اليوم لأجبت).
إننا حين نفسح لكل الأصوات أن تتحدث ولكل الأنواع أن تتنفس فسوف تطرد العملة الصحيحة كل عملة مزيفة، وسوف تبقى أجواء الاقتراب والألفة ترسل ظلالها للجميع، وسوف يكون ذلك خيراً لنا جميعاً، فإننا حين نخنق أصوات الآخرين فسوف نختنق بهم, والسفينة حين تغرق لا تستثني أحداً، فعلى العقلاء وأصحاب الرأي أن يتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة

zaki eleulma B
2010-02-21, 18:52
الاختلاف داء أهلك الأمم السابقة، وقد حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- أمته منه أشد التحذير، وبصورة متكررة، وأساليب متنوعة، وفي مواقف كثيرة، كما يبين ذلك العديد من الأحاديث النبوية ومنها:
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوني ما تركتكم؛ فإنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم".
وفي رواية لمسلم: "فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم".

وعن جندب بن عبد الله- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه".

وعن عبد الله- رضي الله عنه- أنه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- قرأ خلافها، فأخذت بيده، فانطلقت به إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: "كلاكما محسن، فأُقِرَا، أكبر علمي، قال: فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم".

وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7)﴾ (آل عمران).


الشيخ حجازي إبراهيم
قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم".

عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: هجرت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومًا قال: فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعرف في وجهه الغضب، فقال: "إنما أهلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".

الدروس والعبر
ونبدأ ببيان المحكم والمتشابه، لأنه منشأ الخلاف والاختلاف في الغالب.

1- المحكم والمتشابه:
يقول الإمام النووي: اختلف المفسرون، والأصوليون وغيرهم في المحكم والمتشابه، والصحيح أن المحكم يرجع إلى معنيين:
أحدهما: المكشوف المعنى الذي لا يتطرق إليه إشكال واحتمال، والمتشابه ما يتعارض فيه الاحتمال.

والثاني: أن المحكم ما انتظم ترتيبه مفيدًا إما ظاهرًا وإما بتأويل، وأما المتشابه فالأسماء المشتركة كالقرء، وكالذي بيده عقدة النكاح، وكاللمس، فالأول: متردد بين الحيض والطهر، والثاني: بين الولي والزوج، والثالث: بين الوطء والمس باليد ونحوهما، ويطلق على ما ورد في صفات الله تعالى، مما يوهم ظاهره الجهة والتشبيه، ويحتاج إلى تأويل، واختلف العلماء في الراسخين في العلم، هل يعلمون تأويل المتشابه وتكون الواو في ﴿وَالرَّاسِخُونَ﴾ عاطفة، أم لا، ويكون الوقف على ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ﴾، ثم يبتدئ قوله تعالى: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ﴾ وكل واحد من القولين محتمل، واختاره طوائف والأصح الأول، وأن الراسخين يعلمونه؛ لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته، وقد اتفق أصحابنا وغيرهم من المحققين على أنه يستحيل أن يتكلم الله تعالى بما لا يفيد، والله أعلم.

ثم يقول: وفي هذا الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ وأهل البدع، ومن يتبع المشكلات للفتنة، فأما من سأل عما أشكل عليه منها للاسترشاد وتلطف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب، وأما الأول فلا يجاب، بل يُـزجر ويُـعزر كما عزر عمر بن الخطاب صبيع بن عسل حين كان يتبع المتشابه.

والأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن محمول عند العلماء على اختلاف لا يجوز، أو اختلاف يوقع فيما لا يجوز، كاختلاف في نفس القرآن، أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو اختلاف يوقع في شك أو شبهة أو فتنة وخصومة أو شجار ونحو ذلك.

وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة، وإظهار الحق، واختلافهم في ذلك، فليس منهيًا عنه، بل مأمور به، وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة إلى الآن والله أعلم.

2- مجال الخلاف حول القيادة والمنهج:
إن الأحاديث السابقة حصرت مجال الاختلافات المهلكة في أمرين:
- الاختلاف على القيادة ويشير إلى ذلك بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "اختلافهم على أنبيائهم".

- الاختلاف على المنهج وإلى ذلك أشار بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "الاختلاف في الكتاب".

والناظر إلى الساحة الإسلامية الممتدة الأرجاء، يرى أن رحى الصراع تقوم حول هذين الأمرين اللذين حذرنا منهما الرسول- صلى الله عليه وسلم- وكم يكون النفع عظيمًا والخير عميمًا، لو أقلعت كل طائفة عن أهوائها، واستمسكت بحبل الله المتين، واعتصمت بهدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ورحم الله من قال: "نتعاون فيما اتفقنا فيه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، إنها لقاعدة ذهبية تجمع شمل الأمة، وتذيب الخلاف، وترفع الخصومات، وتزيل الأحقاد، وتجعل من المسلمين صفًا واحدًا في مواجهة أعداء كُـثر، وما ذلك على الله بعزيز، لو أن كل قائد أصبح رجلاً لينًا سهلاً، هينًا عليه أمر الدنيا، ونسي ذاته، وجعل همه علو كلمة الإسلام، ورفعة رايته، لا علوه هو، وانتشار صيته، وذيوع أمره، كما أن على الأفراد ألا تتعصب للأشخاص، وتتحزب للأسماء، وإنما تجعل غايتها نصرة الإسلام، وعودة العزة للمؤمنين، وما ذلك بالمستحيل، لو صدقت في عزمتها، وأخلصت في نيتها.

وليعلم المسلم أن التفاف القلوب حول القيادة هو الذي يمنحها القوة، وكما يقولون: إن رئيس الحكومة القوي هو الذي يكون من حوله جهاز استشاري قوي في كل التخصصات.

3- تحذير من القرآن:
والقرآن الكريم يحذرنا من الاعتراض على القيادة حين يقص علينا مسلك بني إسرائيل حيث قالوا فيمن اختاره لهم الله، وبعثه إليهم: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)﴾ (البقرة).

وتأمل سبب الاعتراض، والذي إن دل على شيء، فإنما يدل على الجهل التام بالخصائص التي يجب أن تتوفر في قادة الجيوش، والتي لخصها القرآن في بسطة في العلم والجسم فهذه فقط هي التي تنفع في الميدان، وتجدي في مواجهة الأعداء.

4- اعتراض على اختيار الرسول- صلى الله عليه وسلم-:
كما طعن بعض المسلمين في اختيار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد- رضي الله عنهما- فعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: "أمّر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أسامة على قوم فطعنوا في إمارته، فقال: "إن تطعنوا في إمارته، فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وأيم الله لقد كان خليقًا للإمارة، وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده".

5- إياك والمسائل التي لا ينبني عليها عمل:
هذا بخصوص القيادة، أما بخصوص المنهج، فقد سبق الحديث عن المحكم والمتشابه، والقول الصحيح في ذلك، وللمسلم أن يعلم أن القرآن الكريم أنزل لتتآلف من حوله القلوب، وتتلاق الأفئدة على مائدته، والمسلمون يجتمعون عليه تلاوة وفهمًا وتدبرًا، فإذا أدت تلاوته إلى تنازع وتخاصم حول معانيه، فإنهم يلتزمون بوصية النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه".

والخلاف الذي يقع بين المسلمين في أمور الدين غالبًا، وفي الأكثر ما يكون حول قضايا لم يخض فيها السلف في الأعم الأغلب، كما أن القليل منها حول بعض النوافل، والباقي في مسائل لا يترتب عليها أي عمل، ولكنها من باب الترف العلمي.

وما أحسن المقدمة الخامسة في موافقات الشاطبي وفيها يقول: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعا".

والدليل على ذلك استقراء الشريعة فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملاً مكلفًا به، ففي القرآن الكريم: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ (البقرة: من الآية 189).

فوقع الجواب بما يتعلق به العمل، إعراضًا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال: لم يبدو في أول الشهر دقيقًا كالخيط ثم يمتلئ حتى يصير بدرًا، ثم يعود إلى حالته الأولى.

6- الفرقة قاتلة:
وهذا موقف للنبي- صلى الله عليه وسلم- يغضب فيه من الصحابة حين رأى منهم فرقةً واختلافًا، فعن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة جاءته جهينة، فقالوا إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك وتؤمنا، فأوثق لهم، فأسلموا. قال فبعثنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رجب، ولا نكون مائة، وأمرنا أن نغير على حي من بني كنانة إلى جنب جهينة، فأغرنا عليهم، وكانوا كثيرًا فلجأنا إلى جهينة، فمنعونا، وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام، فقلنا: إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام. فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ فقال بعضنا: نأتي نبي الله- صلى الله عليه وسلم- فنخبره، وقال قوم: لا بل نقيم هاهنا، وقلت أنا في أناس معي بل نأتي عير قريش فنقتطعها فانطلقنا إلى العير، وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئًا فهو له، فانطلقنا إلى العير، وانطلق أصحابنا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبروه الخبر، فقام غضبانًا محمر الوجه، فقال "أذهبتم من عندي جميعًا، وجئتم متفرقين، إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلاً ليس بخيركم، أصبركم على الجوع والعطش". فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي فكان أول أمير أُمر في الإسلام.

سمk يحة
2010-03-06, 11:00
شكرا لك هذا الموضوع اللي كان ناقص والحمد لله لقيتو جزاك الله ألف خير
في حفظ الله