تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرافعي .. بقلم أبي فهر -رحمهما الله-


01 algeroi
2010-02-13, 07:36
بسم الله الرحمن الرحيم
وإيّاه أستعين

فاتحة الكتاب
محمود محمد شاكر

إن كنت لست معي فالذكر منك معي



.............................. ...... يراك قلبي وإن غيّبت عن بصري



العين تبصر من تهوى وتفقده



.............................. ...... وناظر القلب لا يخلوا من النظر




رحمك الله يا (أبا سامي) ورضي عنك وغفر لك ما تقدم من ذنبك وجزاك خيرا عن جهادك ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم (12)) [ 57 سورة الحديد : الآية : 12 ] .



كتب (سعيد) – لا أخلى الله مكانه وخطّيء عنه السوء – هذا الكتاب الذي يسعى بين يديه يردّ به إلى الحياة حياة استدبرت الدنيا وأقبلت على الآخرة بما قدّمت من عمل وثم الميزان الذي لا يخطئ والناقد الذي لا يجوز عليه الزيف والحاكم الذي لا يقدح في عدله ظلم ولا جور والبصير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور قد استوت عنده دجنّة السّرّ ونهار العلانيّة وقد فرغ الرافعي –رحمه الله- من أمر الناس إلى خاصّة نفسه ولكنّ الناّس لا يفرغون من أمر موتاهم ولو فرغوا لكان التّاريخ أكفانا تطوى على الرّمم لا أثوابا تلقى على الميت لتنشره مرّة أخرى حديثا يؤثر وخبرا يروى وعملا يتمثّل وكأن قد كان بعد إذ لم يكن.



وهذا كتاب يقدّمه (سعيد) إلى العربية وقرّائها يجعله كالمقدّمة الّتي لابدّ منها لمن أراد أن يعرف أمر الرافعي من قريب.



لقد عاش الرّافعي دهرا يتصرّف فيما يتصرّف فيه الناس على عاداتهم وتصرّفه أعمال الحياة على نهجها الذي اقتسرته عليه أو مهّدته له أو وطّأت به لتكوين المزاج الأدبي الّذي لا يعدمه حيّ ولا يخلوا من مسّه بشر .



وأنا – ممّا عرفت الرّافعي رحمه الله ودنوت إليه ووصلت سببا منّي بأسباب منه – أشهد لهذا الكتاب بأنّه قد استقصى من أخبار الرافعي كثيرا إلى قليل ممّا عرف عن غيره ممّن فرط من شيوخنا وكتابنا وأدبائنا وشعرائنا وتلك يد لسعيد على الأدب العربي وهي أخرى على التاريخ ولو قد يسر الله لكلّ شاعر أو كاتب أو عالم صديقا وفيّا ينقله إلى الناس أحاديث وأخبارا وأعمالا كما يسر الله للرافعي لما أضلّت العربية مجد أدبائها وعلمائها ولمّا تفلّت من أدبها علم أسرار الأساليب وعلم وجود المعاني التي تعتلج في النفوس وترتكض في القلوب حتّى يؤذن لها أن تكون أدبا يصطفى وعلما يتوارث وفنّا يتبلّج على سواد الحياة فتسفر عن مكنونها متكشّفة بارزة تتأنّق للنفس حتى تستوي بمعانيها وأسرارها على أسباب الفرج ودواعي السرور وما قبل وما بعد .



والتّاريخ ضربان يترادفان على معناه ولكلّ فضل : فأوّله رواية الخبر والقصة والعمل وما كان كيف كان وإلى أين انتهى وهذا هو اّلذي انتهى إلينا من علم التاريخ العربيّ في جملته وعمود هذا الباب صدق الحديث وطول التّحرّي والاستقصاء والتّتبع وتسقط الأخبار من مواقعها وتوخّي الحقيقة في الطلب حتّى لا يختلط باطل بحقّ . وأمّا التاريخ الثاني فإيجاد حياة قد خرجت من الحياة وردّ ميت من قبر مغلق إلى كتاب مفتوح وضمّ متفرّق يتبعثر في الألسنة حتى يتمثّل صورة تلوح للمتأمل وهذا الثاني هو الذي عليه العمل في الإدراك البياني لحقائق الشعراء والكتّاب ومن إليهم ومع ذلك فهو لا يكاد يكون شيئا إلاّ بالأوّل وإلاّ بقي اجتهادا محضا تموت الحقائق فيه أو تحيا على قدر حظّ المؤرّخ والناقد من حسن النّظر ونفاذ البصيرة ومساغه في أسرار البيان متوجّها فع الدّلالة مقبلا ومدبرا متوقّيا عثرة تكبّه على وجهه متابعا مدرجة الطّبائع الإنسانية – على تباينها واختلافها - حتّى يشرف على حيث يملك البصر والتمييز ورؤية الخافي وتوهّم البعيد ويكون عمل المؤرّخ يومئذ نكسة يعود بها إلى توهّم أخبار كانت وأحداث يخالها وقعت ويجهد في ذلك جهدا لقد غني عنه لو قد تساوقت إليه أخبار حياة الشّاعر أو الكاتب واجتمعت لديه وألقيت كما كانت أو كما شاهدها من صحبه واتّصل إلى بعض ما ينفذ إليه الإنسان من حال أخيه الإنسان.



وبعد فإنّ أكثر ما نعرفه من أدب وشعر في عصور الاندحار التي منيت بها العربية يكاد يكون تلفيقا ظاهرا على البيان والتّاريخ معا حتّى ليضلّ النّاقد ضلال السّالك في نفق ممتد قد ذهب شعابا متعانقة متنافرة في جوف الأرض ثمّ جاء العصر الذي نحن فيه فأبطلت عاميّته البيان في الأدب والشعر من ناحية ودلّسهما ما أغري به الكثرة من استعارة العاطفة واقتراض الإحساس من ناحية أخرى فإنّي لأقرأ للكاتب أو الشاعر وأتدبّر وأترفّق وأترقّى .... وإذا هو عيبة ممتلئة قد أشرجت على المعاني والعواطف فلو قطع الخيط الذي يشدّها لانقطعت كلّ شاردة نافرة إلى وطنها هاربة تشتدّ وبمثل هذا يخوض المؤرّخ في ردغة مستوحلة يتزلّق فيها ههنا وثمّ ويتقطّع في الرأي وتتهالك الحقائق بين يديه حتى يصير الشاعر وشعره والأديب وأدبه أسمالا متخرّقة بالية يمسح بها المؤرّح عن نفسه آثار ما وحل فيه



وقد ابتلي الأدب العربيّ في هذا العصر بهؤلاء الذين أوجفت بهم مطايا الغرور في طلب الشهرة والصّيت والسّماع فخبطوا وتورّطوا ظلماء سالكها مغتّر وقد كان احتباسهم وإمساكهم عمّا نصبوا وجوههم له واصطبارهم على ذلّ الطّلب وممارستهم معضل ما أرادوه وتأنّيهم في النيّة والبصر والعزم عسى أن يحملهم على استثارة ما ركبه الإهمال من العواطف التي تعمل وحدها إذا تنسّمت روح الحياة واستنباط النّبع القديم الّذي ورثته الإنسانية من حياتها الطبيعية الأولى ثمّ طمت عليه المدنيّات المتعاقبة.



والشّعر والأدب كلاهما عاطفة وإحساس ينبعان من أصل القلب الإنسانيّ هذا القلب الذي أثبت من داخل بين الحنايا والضّلوع ليكون أصفى شيء وأطهر شيء وأخفى شيء وليمسّ كلّ عمل من قريب ليصفّيه ويطهّره ويسدل عليه من روحه شفّا رقيقا لا يستر بل يصف ما وراءه صفة باقية بقاء الرّوح ويبرّئها من دنس الوحشيّة التي تطويها في كفن من بضائع الموتى فأيّما شاعر أو أديب قال فإنّما بقلبه وجب ن أ أن يقول ومن داخله كتب عليه أن يتكلّم وإنّما اللسان آلة تنقل ما في داخل إلى خارج حسب فإنّ كلّفها أحد أن تنقل على غير طبيعتها في الأداء – وهي الصلة التي انعقدت بينها وبين القلب على هذا القانون – فقد أوقع الخلل فيها ووقع الفساد والتخالف والإحالة والبطلان فيما تؤدّيه أو تنقله.



وقد نشأ الرافعي من أوّليته أديبا يريد أن يشعر ويكتب ويتأدّب وسلخ شبابه يعمل حتى أمكنته اللغة من قيادها وألقت إليه بأسرارها فكان عالما في العربية يقول الشّعر ولو وقف الرافعي عند ذلك لدرج فيمن درج من الشعراء والكتّاب والعلماء الذين عاصروه ولو أنّه استنام إلى بعض الصيت الذي أدركه وحازه واحتمله في أمره الغرور لخفّ من بعد في ميزان الأدب حتى يرجح به من عسى أن يكون أخفّ منه ولكنّ الرّافعي خرج من هذه الفتن – التي لفّت كثرة الشعراء والأدباء وألتقمتهم فمضغتهم فطحنتهم ثم لفظتهم – وقد وجد نفسه و اهتدى إليها وعرف حقيقة أدبه وما ينبغي له وما يجب عليه فأمرّ ما أفاد من علم وأدب على قلبه ليؤدّي عنه وبرئ أن يكون كبعض مشاهير الكتاب والشعراء ممن يطيح بالقول من أعلى رأسه إلى أسفل القرطاس وللقارئ من قنابله بعد ذلك ما يتشظّى في وجهه وما يتطاير لهذا كان الرّافعي من الكتّاب والأدباء الّذين تتخذ حياتهم ميزانا لأعمالهم وآثارهم ولذلك كان كتاب (سعيد) عن حياته من الجلالة بالموضع اّلذي يسموا إليه كلّ مبصر ومن الضّرورة بالمكان الذي يلجأ إليه كلّ طالب.



عرفت الرافعي معرفة الرأي أوّل ما عرفته ثمّ عرفته معرفة الصّحبة فيما بعد وعرضت هذا على ذاك فيما بيني وبين نفسي فلم أجد إلاّ خيرا مما كنت أرى وتبدّت لي إنسانية هذا الرجل كأنّها نغمة تجاوب أختها في ذلك الأديب الكاتب الشاعر وظفرت بحبيب يحّبني وأحبّه لأنّ القلب هو اّلذي كان يعمل بيني وبينه وكان في أدبه مسّ هذا القلب فمن هنا كنت أتلقّى كلامه فأفهم عنه ما يكاد يخفى على من هو أمثل منّي بالأدب وأقوم على العلم وأبصر بمواضع الرّأي.



وامتياز الرافعي بقلبه هو سرّ البيان فيما تداوله من معاني الشعر والأدب وهو سرّ حفاوته بالخواطر ومذاهب الآراء وسرّ إحسانه في مهنتها وتدبيرها وسياستها كما يحسن أحدهم مهنة المال وربّه والقيام عليه وهو سرّ علوّه على من ينخشّ في الأدب كالعظمة الجاسية تنشب في حلق متعاطيه لا يبقي عليه من هوادة ولا رفق وبخاصة حين يكون هذا الناشب ممّن تسامى على حين غفلة يوم مرج أمر الناس واختلط أو كان مرهّقا في إيمانه متّهما في دينه إذ كان الإيمان في قلب الرافعي دما يجري في دمه ونورا يضيء له في مجاهل الفكر والعاطفة ويسنّى له ما أعسر إذا تعاندت الآراء واختلفت وتعارضت وأكذب بعضها بعضا.



هذا وقد أرخيت للقول حتّى بلغ وكنت حقيقا أن أغور إلى سرّ البيان واعتلاقه من العاطفة والهوى في قول الشّاعر والكاتب والأديب لأسدد الرأي إلى مرماه وقد يطول ذلك حتى لا تكفي له فاتحة كتاب أو كتاب مفرد فإنّ البيان هو سرّ النفس الشاعرة مكفوفا وراء لفظ وما كان ذلك سبيله لا يتأتّى إلاّ بالتفصيل والتّمييز والشرح ولا تغني فيه جملة القول شيئا من غناء . وحقيق بمن يقرأ هذا الكتاب أن يعود إلى كتب الرّافعي بالمراجعة فيستنبئها التفصيل والشّرح وبذلك يقع على مادة تمدّه في دراسة فنون الأسلوب وكيف يتوجّه بفن الكاتب وكيف يتصرّف فيه الكاتب بحسّ من قلبه لا يخطيء أن يجعل المعنى واللفظ سابقين إلى غرض متواطئين على معنى لا يجوران فيجاوزانه أو يقعان دونه.



رحمة الله عليه لقد شارك الأوائل عقولهم بفكره ونزع إليهم بحنينه وفلج أهل عصره بالبيان حين استعجمت قلوبهم وارتضخت عربيّتهم لكنة غير عربيّة ثمّ صار إلى أن أصبح ميراثا نتوارثه وأدبا نتدارسه وحنانا نأوي إليه.



رحمة الله عليه ..





محمود محمد شاكر

(1) – هذه هي فاتحة كتاب (حياة الرافعي) لمحمد سعيد العريان رحمه الله



(2) – كذلك كانت كنيته واسم ابنه البكر : محمود سامي الرافعي وإنّما سمّاه كذلك تشبيها له باسم الشاعر محمود سامي البارودي وإليه كان ينظر في صدر أيامه .



كلمة وكليمة تأليف محمد صادق الرافعي بعناية بسّام عبد الوهاب الجابي طبعة دار ابن حزم عن الجفان والجابي للطباعة والنشر ص 173 وما بعدها نسخه على الجهاز أخوكم العاصمي من الجزائر يوم الجمعة بين صلاة العصر والمغرب

01 algeroi
2010-02-13, 07:37
الرافعي



وهذه إضافة من نفس الكتاب ..




للأستاذ محمود محمد شاكر




رحمة الله عليك رحمة الله عليك

رحمة الله لقلب حزين وكبد مصدوعة





لم أفقدك أيّها الحبيب ، ولكنّي فقدت قلبي .


كنت لي أملا أستمسك به كلّما تقطّعت آمالي في الحياة .


كنت راحة قلبي كلّما اضطرب القلب في العناء .


كنت الينبوع الرّويّ كلّما ظميء القلب وأحرقه الصدى .


كنت فجرا يتبلّج نوره في قلبي وتتنفّس نسماته فوجدت قلبي .. إذ وجدت علاقتي بك .


لم أفقدك أيّها الحبيب ولكنّي فقدت قلبي .





جزعي عليك يمسك لساني أن يقول ، ويرسل دمعي


ليتكلّم . والأحزان تجد الدّمع الذي تذوب فيه لتهون وتضّاءل،


ولكنّ أحزاني عليك تجد الدّمع تروى منه لتنمو وتنتشر.


ليس في قلبي مكان لم يرف عليه حبّي لك وهواي


فيك فليس في القلب مكان لم يحرقه حزني فيك وجزعي


عليك.


هذه دموعي تترجم عن أحزان قلبي ،


ولكنّها دموع لا تحسن تتكلّم .


عشت بنفس مجدبة قد انصرف عنها الخصب ، ثم رحم الله نفسي بزهرتين ترفّان نضرة ورواء .


كنت أجد في أنفاسهما ثروة الروضة الممرغة فلا أحسّ فقر الجدب .


أمّا إحداهما فقد قطفتها حقيقة الحياة ،


وأمّا الأخرى فانتزعتها حقيقة الموت ،


وبقيت نفسي مجدبة تستشعر ذلّ الفقر .


تحت الثرى .. عليك رحمة الله التي وسعت كلّ شيء ،


وفوق الثرى .. عليّ أحزان قلبي قلبي التي ضاقت بكلّ شيء ؛


تحت الثرى تتجدّد عليك أفراح الجنّة ؛


وفوق الثّرى تتقادم عليّ أحزان الأرض ..


تحت الثّرى تتراءى لروحك كلّ حقائق الخلود .


وفوق الثّرى تتحقق في قلبي كلّ معاني الموت .


لم أفقدك أيّها الحبيب ولكنّي فقدت قلبي .





حضر أجلك . فحضرتني همومي وآلامي .


فبين ضلوعي مأتم قد اجتمعت فيه أحزاني للبكاء ؛


وفي روحي جنازة قد تهيّأت لتسير ؛


وعواطفي تشيّع الميت الحبيب مطرقة صامتة ؛


والجنازة كلّها في دمي – في طريقها إلى القبر .


وفي القلب .... في القلب تحفر القبور العزيزة التي لا تنسى .





وفي القلب يجد الحبيب روح الحياة وقد فرغ من الحياة .


وت جد الروح أحبابها وقد نأى جثمانها .


في قلبي تجد الملائكة مكانا طهّرته الأحزان من رجس اللّذات .


وتجد أجنحتها الرّوح اّلذي تهفهف عليه وتتحفّى به .


هنا .. في القلب ، تتنزّل رحمة الله على أحبابي وأحزاني .


ففي القلب تعيش الأرواح الحبيبة الخالدة التي لا تفنى .


وفي القلب تحفر القبور العزيزة التي لا تنسى .





لم تبق لي بعدك أيّها الحبيب إلاّ الشّوق إلى لقائك .


فقدتك وحدي إذ فقدك النّاس جميعا .


سما بك فرحك بالله ، وقعدت بي أحزاني عليك .


لقدت وجدت الأنس في جوار ربّك ، فوجدت الوحشة في جوار النّاس .


لم أفقدك أيّها الحبيب ولكنّي فقدت قلبي .


لم تبق لي بعدك إلاّ الشّوق إلى لقائك .


رحمة الله عليك ، رحمة الله عليك .






محمود محمد شاكر

.............................. .............................. ........................


نشرت هذه الكلمة في (الرسالة) العدد:202 ، 7 شهر ربيع الأول سنة 1357 ه = 17 مايو/أيار سنة 1937 م ، السنة الخامسة ، الصفحة 721 (ص : 169 وما بعدها من كتاب كلمة وكليمة السابق الإشارة إليه )

الكوثري
2010-02-14, 00:34
رحمة الله على أبي سامي ،وجزاه خيرا كما يجزي المنافح عن هذه اللغة السامية، التي حوت كتاب الله ودلت على إعجازه(1)، ودلت على وعده وإنجازه(2)،وأن لله وحيا لخلقه تستدل به على وحيه لأنبيائه(3)، فيلسوف العربية ويعسوبها، الشيخ مصطفى صادق الرافعي.

ورحمة الله على أبي فهر ،جزاء ما أضافه إلى الثقافة العربية الاصيلة(4)، و كفاء ماقطع به رؤسا فاسدة عليلة(5) خلطت الحق في الاباطيل ،وجعلته اسمارا واساطير(6)، الشيخ محمود محمد شاكر.

ورحمة الله عليهما من شيخ وتلميذ ؛نافحا وكافحاعن اللغة العربيةوآدابها،وفلسفتها وخصائصها؛من المستشرقين والمستغربين، ورد غائلتهم وعُـرامهم(7) وكانوا أصحاب مناصب وبشوِيّات، وهم بعدُأهل الحظوة والتشريفات،فتقدما-عليهما رحمة الله- حيث جبُن آخرون، ورفعوا "راية"(8)العربية حيث المنون.

رحمة الله عليهما من أدبين كبيرين ، وناقدين مُحقِِّقيْن ..........قدما الكثيرللأدب وللثقافةالعربية،وبذلوا النفيس من انفاسهم وأعصابهم،والغالي من أوقاتهم،على رقة حالهم .
ورحمة الله عليهما من إنسانين قريبْين وعزيزيْن على قلبي،ورحمة الله على صاحب الموضوع الذي أذكرني و الناس بهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كلمة جاءت عفو الخاطر بعدما قرأت الموضوع ، وفاء بحق الشيخيْن ،ومِنَّتِهما عليّ شخصيا،وعلى أمثالي الذين قرؤوا تراثهما وما خلفاه،إذ لولاهما لكنت فتى عن هويته تاه.
وما بين القوسين إشارات إلى كتب او أشخاص بأعيانهم، تُعرِّف بهما إلماعا،وكلماااات تترجم لهما سِراعا.

(1)كتاب الرافعي "الإعجاز" وهو الجزء الثاني من تأريخه للآداب الذي اسْتُلّ منه فصار كتابا برأسه.
(2)قلتها واناانظر إلى قول الله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون........الآية،ومن إعجاز الله فيها ووعده انه يحفظها بالإسلام،إذ هي له لغته.
(3)هو اسم كتاب للرافعي "وحي القلم" آخر كتبه،وهو عبارة عن مقالات صحفية ، في مواضيع شتى ،بلغة ادبية رفيعة ،جُمِعت فصارت كتابا.
(4)إشارة إلى رسالة نفيسة لأبي فهر عنوانها:"رسالةفي الطرق إلى ثقافتنا".
(5)و(6)أريد بها ما كان بينه وبين احد رؤس الصحافة المصرية، من معارك في ميدان الصحف عن الآداب وبعض مباحثها بين الشيخ شاكر والدكتور لويس عوض ،وكان ردّ أبي فهر عليه بكتاب "أسمار وأباطيل"،وهو أيضا عبارة عن مقالات صحفية جمعت في كتاب.
(7) و(8)كلمة استفدتُها أوّل ما استفدتُها من كتاب الرافعي: "معركة تحت راية القرآن"،وأناأعني المستشرقين كمرغليوث و كازانوفا،وأعني المستغربين أمثال طه حسين وموسى سلامه ولويس عوض؛ وكلهم له ذكر لا يحمد في "الراية".
(وبالرايةهدمت أصنام كانت تسمى فلانا وفلانا)

* للإستزادة عن الراية وأصنام الأدب التي هدمتها،وقلاع الإستشراق التي بكّتها وفضحتها،انظر هنا موضوعا لأخ كريم:

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=72492

عبد الرزاق 9
2010-02-14, 19:10
جزاك الله خيرا

sousou24
2010-02-15, 08:56
بارك الله فيك

01 algeroi
2010-02-15, 10:15
شكرا لكلّ من عطّر هذه الصفحة بمروره وزيْنها بتعقيبه وثمّنها بملاحظاته ..

هدية متواضعة ( قصيدة في وصف القمر للرافعي رحمه الله )




جاء في كتاب ( ديوان الرافعي ) الجزء الثالث / الباب الثالث / ص 398-399 من تحقيق الدكتور ياسين الأيوبي وطبع المكتبة العصرية صيدا لبنان هذه القصيدة الجميلة في وصف القمر فلتفضلوها مشكورين :





القمر ....





أطلّ علينا والهوى يتعطّف ..... كما أقبلت فتّانة تتأسف



وبتّ أظنّ البدر في دورانه ..... جناح الأماني فوق رأسي يرفرف



كأنّ نهاري نام فالبدر والدجى ..... له حلم في نومه يتألّف



ألست تراها كالخيال تلاشيا ..... متى انفتحت عين من الصبح تطرف ؟



كأنّي أرى بين الكواكب نسوة ال .....عزيز وهذا البدر فيهنّ يوسف



كأنّ النجوم الغرّ سبحة زاهد ..... معلّقة في الأفق و البدر مصحف



كأنك يا بدر الكواكب بينها ..... فتاة مشت بين الأزاهر تقطف



كأنك في موج الضياء مليحة ..... تراقص في ماء الغدير فيرجف



كأنك في شط الحنادس جسمها ..... وقد سترت من بعضه (تتنشّف)



تمثّل فيك الحب والحسن للورى ..... فأنت بمعنى الحب والحسن توصف



فبينما ترى في التّمّ تدنفنا هوى ..... وتصبي غوانينا إذا أنت مدنف



كأنك كرسي الزمان وهذه ال ..... نجوم كراسي صغار تصفّف



كأنك ستر الغيب أسدل بيننا ..... وبين السما فالغيب هيهات يكشف



كأن الليالي صوّرتها يد الهوى ..... وفيها ضياء البدر وشي وزخرف




""""""""""""""""""""""""""""""




ولمّا تعاتبنا اتّهمت ودادها ..... لتكمل لذّات الهوى حين تحلف



وقلت اكتبي لي بالعهود رسالة ..... تلطّف من شكّ الجوى وتخفّف



فشدّت على قلبي وقالت بلوعة ..... إذا ما التقينا فالهوى منك أعرف



وإن غبت كان البدر مني رسالة ..... إليك وما فيه من المحو أحرف



فقلت بلى إن باعد الدهر بيننا ..... فهذا الذي في أمرنا يتكلّف



يضلّل عذّالي فيبدوا لعينهم ..... إذا راقبوه واقفا وهو يزحف



فإن تبصريه فابسمي للقائه ..... أرى من هنا نور الثنايا فأهتف



وإن مرّ في واديك رطبا شعاعه ..... فقولي إذن : إنّي من الوجد أذرف



وإن هو ألقى فوق فيك ابتسامة ..... فذاك سلام من فمي يتلطف



وإن جاء يوما خاشعا في غمامة ..... ومرّ نسيم تحته يتأفف



فهاتيك روحي قد أتتك فسلّمي ..... وذاك وداعي حينما كدت أتلف

عبد الرزاق 9
2010-02-15, 20:12
شكرا لك على الهدية الجميلة
سبحان الله من يقرأ للرافعي في شعره الرقيق، ثم يقرأله في نثره الرصين، يظن أنه يقرأ لشخصين مختلفين !
جمع بين الحسنيين في فنين مختلفين !

الكوثري
2010-02-22, 18:56
سبحان الله من يقرأ للرافعي في شعره الرقيق، ثم يقرأله في نثره الرصين، يظن أنه يقرأ لشخصين مختلفين !
جمع بين الحسنيين في فنين مختلفين !


هذا هو الرافعي الذي كتب في أعقد المباحث كالتأريخ للعربية، والإعجاز وتلك التي عالجها في وحي القلم، وككتاب المساكين ،وهو عينه الذي كتب في أرق ما يميز الإنسان عن الحب والفضيلة والسمو،كما في رسائله للأحزان وحديث القمر والسحاب الأحمر.

هل قرأتم له قصيدة : حيلة مرآتها............لله دره،ولله ما قال.

عبد الرزاق 9
2010-02-22, 23:40
شكرا لك الكوثري
الآن أجدك تعلق على كلماتي.. وقبل قليل فقط كنت كنت أقرأ تعليقك المسهب على قصيدة (أبقاي على خير يا ذا الدشرة) بارك الله فيك...
والله أسلوب الرافعي وقلمه بصفة عامة متعة وفائدة..جزاه الله عن الأمة خيرا

الكوثري
2010-02-24, 00:42
بارك الله فيك ونفعني وإياك ، والشكر موصول هنا وهناك حيث "الملحون" الذي كنا نخاف على العربية منه فصرنا في زمان نخاف عليهما معا.........!!