المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارجوكم بحث حول الرواية الفنية


أمين 15
2010-02-12, 12:15
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اريد بحث حول الرواية الفنية

تتضمن قصيدة عودة الروح

السنة الثالثة آداب ولغات

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:54
الرواية العربية نشأتها
http://www.4shared.com/file/38477689/ed742350/___online.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:55
الرواية العربية البناء والرُّؤيا
http://www.4shared.com/file/93120456/5ddcfaaa/___.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:56
الرواية العربية نشأتها وتاريخها

http://www.4shared.com/file/42177061/87d93dba/___.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:57
من تاريخ الرواية.zip
http://www.4shared.com/file/93120168/97824685/___online.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:58
تقنيات الكتابة - القصة القصيرة و الرواية.zip
http://www.4shared.com/file/136871184/6789bb4/__-____.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 07:59
هاني الراهب - بحثان عن الرواية
http://www.4shared.com/file/104906577/e25b5fdb/__-___.html?s=1

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:04
الرواية:هي نوع من انواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من اجمل انواع الادب النثري . تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ووما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامةوإنْ كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية اليوم ذلك إنَّ ما احتواه هذا الفن من قواعد فنية يرجع إلى عهد قريب حين تعرف العرب هذا النوع الأدبي وأصوله كما ظهر مع بدء القرن الماضي إذ ترجم الكثير من القصص والروايات العالمية من الشرق والغرب

مثال الرواية

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:05
الرواية:هي نوع من انواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من اجمل انواع الادب النثري . تمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته ووما لهُ صِلة بالرواية أو ما شبيه بها كفن السيرة وفن المقامةوإنْ كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية اليوم ذلك إنَّ ما احتواه هذا الفن من قواعد فنية يرجع إلى عهد قريب حين تعرف العرب هذا النوع الأدبي وأصوله كما ظهر مع بدء القرن الماضي إذ ترجم الكثير من القصص والروايات العالمية من الشرق والغرب.

تتناول الرواية مشكلات الحياة ومواقف الإنسان منها في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع الإنساني خلال هذا القرن.

لقد شهد اوائل القرن العشرين محاولات بسيطة في كتابة الرواية العربية عالجت موضوعات تاريخية واجتماعية وعاطفية، بأسلوب تقريري مباشر. توخّت تسلية القارئ وتعليمه ثم تبعت ذلك محاولات فنية جادة في كتابة الرواية. منها:

1. رواية (زينب) سنة 1914 للدكتور محمد حسين هيكل.
2. رواية (دعاء الكروان) للدكتور طه حسين.
3. رواية (سارة) لعباس محمود العقاد.
4. رواية (إبراهيم الكاتب) تأليف إبراهيم عبد القادر المازني، وغيرها في العراق وسوريا ولبنان.
5. وتعد رواية (جلال خالد) للقاص العراقي محمود أحمد السيد التي اصدرها عام 1928م من أولى المحاولات الناجحة في كتابة الرواية الفنية في العراق.وظلت وتائر تطور الرواية في الوطن العربي مستمرة لتصل في النصف الثاني من القرن العشرين إلى المستوى الذي جعل بعضها يقف مع أفضل الأعمال الروائية العالمية، وبرز في كتابتها أكثر من واحد من الروائيين العرب الذين طبقت شهرتهم أنحاء كثيرة من العالم وترجمت أعمالهم إلى لغات عديدة منهم: توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف أدريس.



عناصر الرواية
الراوي
لكل رواية لابد من راوي والرواة انواع راوي حيادي غير مرئي حيث يكون هذا الراوي عادة ملم بكل اطراف الرواية وبشخصياتها ومايدور في عالمها الداخلي والخارجي مثلا رواية بين القصرين لنجيب محفوظ لا يظهر الراوي

راوية يروي عن نفسة في هذا النوع من الاعمال عادة يخبر الراوي عن مشاعرة واراءة ولا يستطيع الاخبار عن مشاعر الاخرين في العمل نظرا لانه لا يعرفها
راوية يظهر في العمل كأحد الشخصيات التي تشهد على احداث معينة
الحادثة والزمن
الحبكة
الشخصيات القصصية
عالم الرواية
الاسلوب الفني
الخيال .



انواع الروايات

رواية غرامية
رواية اجتماعية
رواية تاريخية
أدب بوليسي
سيرة شخصية ذاتية
مدارس ادبية

كلاسيكية
واقعية



روايات حديثة تميزت
شهدت الساحة العربية في السنوات الأخيرة إعادة بعث للرواية و قد تميز عدد من هذه الروايات و لاقت رواجا كبيرا في وسط القراء. من هذه الروايات:

رواية عمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني
رواية شيكاجو لعلاء الأسواني
ثلاثية أحلام مستغانمي: ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، و عابر سرير
رواية حكومة الظل لمنذر القباني
رواية مدن تأكل العشب لـ عبده خال
رواية التلصص لمؤلفها لصنع الله ابراهيم
رواية الحزامللمؤلفأحمد أبودهمان
رواية سعار لـ بثينة العيسى

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:07
الرواية قصة خيالية نثرية طويلة؛ وهي من أشهر أنواع الأدب النثريّ. وتُقدّم الروايات قصصًا شائقة تساعد القارئ، في معظمها، على التفكير في القضايا الأخلاقية والاجتماعية أو الفلسفية، كما يحث بعضها على الإصلاح، ويهتم بعضها الآخر بتقديم معلومات عن موضوعات غير مألوفة، وتكشف جوهَر المألوف. ومن الرِّوايات مايكون هدفه مجرد الإمتاع والتَّسلية.

تُغطي الموضوعات التي تتناولها الروايات حيّزيّ التجارب الإنسانية والخيال. فبعض الروايات تصوّر أشخاصًا وحوادث من واقع الحياة. وكتَّاب هذه الروايات الواقعية يسعون لتصوير الحياة كما هي، على حين أن الرواية النفسية تركز على أفكار ومشاعر واحد أو أكثر من شخصياتها. وعلى عكس الرواية الواقعية، فإن الرواية الرومانسية تقدّم صورًا مثالية للحياة كما تستكشف بعض الروايات علمًا خياليًا مثل: قصص الخيال العلمي التي تصف أحداثـًا مستقبلية أو كواكب أخرى. أما الرواية البوليسية فتعدُّ أشهر الروايات وأحبها عند بعض القُرّاء.

إن للرواية ـ بوصفها شكلاً أدبيًا ـ أربع سمات أساسية تميزها عن باقي الأنماط الأدبية هي: 1- شكل أدبي سرديّ يحكيه راوٍ، وبهذا تختلف عن المسرحية التي تُحكى قصتها من خلال أقوال وأفعال شخصياتها 2- أطول من القصة القصيرة وتُغطي فترة زمنية أطول وتضم عددًا من الشخصيات أكثر 3- تكتب في لغة نثرية 4- عمل قوامه الخيال، وبذلك تختلف عن التأريخ والسيرة الذاتية اللذين يحكيان عن أحداث وأشخاص حقيقية.

وقد يبني بعض الروائيين أعمالهم على أحداث أو حياة لأشخاص حقيقيين، لكنّ إبداعهم يكمن في إيراد أحداث أو شخصيات لا تمت إلى الحقيقة بصلة. ولذا فالرواية جزئيًا ـ إن لم يكن كليًا ـ من نسج خيال المؤلّف.

جذور الرواية. أصبحت الرواية شكلاً ثابتًا من أشكال الأدب في القرن الثامن عشر الميلادي في إنجلترا. غير أن جذورها تمتد إلى الأدبين الإغريقي والروماني القديمين. وتمتزج في الأدب الروائي بما فيه من خيال، بعض سمات الأدب غير الروائي كالتأريخ والسيرة الذاتية، لكن الرواية تختلف عن هذه الفنون غير الروائية بملامح فنية خاصة بها، كالحبكة والموضوع وتقنيات القصّ.

الروايات الإغريقية والرومانية القديمة. كانت الأنماط الأدبية السردية في القديم تكتب شعرًا، وأفضل أنماطها الملحمة التي تتحدّث عن إنجازات أبطال وآلهة وثنيين أسطوريين، مثل الإلياذة والأوديسة لهومر. كما كَتَب الإغريق قصصًا روائية طويلة تسمَّى القصص الخيالية. تصف مغامرات خيالية في بلاد أجنبية أو مآزق العشاق الشباب. وكذلك كتبوا القصص الخيالية الرعوية عن قصص حبّ الرّعاة. ومن أهم الأنماط السردية لدى الرومان التي تخالف تمامًا قصص الإغريق عن الحبّ المثالي، روايات الستيريكون و الحمار الذهبيّ والمسوخ.

الروايات الأوروبية اللاحقة. اشتهرت في أوروبا قصص الفروسية الخيالية التي تتحدّث عن الحب والمغامرة في أواخر القرون الوسطى. وكان معظمها يدور حول ملك إنجلترا الأسطوري الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة. أما في أسبانيا فقد ظهرت خلال القرن السادس عشر الميلادي عدَّة أعمال سرديّة أكثر واقعية مثل: لثريو دي تورمس ويعدُّها بعض النقاد أول رواية في أدب الصعاليك (البيكارسك)، وأبطالها من اللصوص والقراصنة بدلاً من الفرسان.

وفي الأعمال السردية الأسبانية تحلُّ المدنية محل الغابات والقلاع. ويعتقد بعض النقاد أن أول رواية هي رائعة ميغل دي سرفانتس دون كيشوت، لكن نقادًا آخرين يعارضون هذا الرأي ويقولون إنها ساعدت كثيرًا في تطوير الفن الروائي. وتدور رواية دون كيشوت عن مالك أرض في منتصف العمر، تعبث برأسه أحلام مثالية بسبب قراءته لقصص الفروسية الخرافية، فيتخيّل نفسه فارسًا يجوب العالم ليدفع الظلم. وخلافًا للشخصيات التي تصورها الفروسية الخرافية، فإن شخصية دون كيشوت ترتكب أخطاء مأساوية محزنة.

ازدهار الرواية الإنجليزية. ظهرت الرواية الإنجليزية شكلاً أدبيًا بارزًا في إنجلترا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، ويعد بعض النقاد دانيال ديفو أول روائي في إنجلترا بالرغم من افتقار رواياته لحبكة موحدة. فكلتا روايتيه روبنسون كروزو (1719م) و مول فلاندرز سلسلة من الأحداث في حياة أشخاص عاديين، لكنهم أكثر ذكاء من غيرهم.

أما صمويل ريتشاردسون فقد كتب رواياته بحبكات واضحة، كما تميزت رواية هنري فيلدينج حكايات توم جونز اللقيط (1749م) بحبكتها الطويلة المترابطة التي تحكي مغامرات مضحكة لطفل يتيم. ويُعد لورانس ستيرن من كبار المجربين في حقل الرواية، فروايته تريسترام شاندي (1767م) رواية غير تقليدية، تقوم على الحوار والذكريات أكثر من الحركة والأحداث.

وبالمثل يُعدُّ توبياس سموليت من كتاب الرواية الرواد المعروفين في هذه الفترة. وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين اشتهرت في إنجلترا الرواية القوطية وهي روايات الإثارة والرعب، مثل: فرانكنشتين (1818م) لماري شيللي.

الرواية في القرن التاسع عشر
أنجبت روسيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي روائيَيْن كبيرَيْن هما ليو تولستوي وفيودور دوستويفسكي، وكلاهما من كبار أساتذة المدرسة الواقعية. وإن كانت رائعة تولستوي الحرب والسّلام (1869م) تصوِّر أحداث هجوم نابليون الأول على روسيا، إلا أن هذه الأحداث تتداخل مع قصص أخرى، تصوَّر حياة طبقات مختلفة من المجتمع الروسي، كما تقدّم رواية أنَّا كارنينا (1875- 1877م) للمؤلِّف نفسه قصة حب مأساوية. على حين اشتهر دوستويفسكي بتحليله أغوار النفس الإنسانية ومعالجته للأفكار الفلسفية. ومن أشهر رواياته في هذا الميدان الجريمة والعقاب (1866م) والإخوة كارامازوف (1879-1880م).

أضاف كُتّاب هذا القرن من الإنجليز إضافات بارزة إلى تقنيات الروائيين الأوائل، فأنتجوا أعمالاً كثيرة رائعة. كما كتب روائيون آخرون من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة روايات ذات قيمة أدبية كبيرة. وقد سيطرت الحركة الرومانسية ـ التي تقوم على التعبير الكامل عن العواطف والخيال ـ على أدب أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. ثم أعقبتها الحركة الواقعية التي تنادي بتصوير الحياة بدقة كما هي.

ففي بريطانيا أبدع الكاتب الأسكتلندي الرومانسي السير وولتر سكوت الروايات التاريخية وساعد على انتشارها. ومن أشهر هذه الروايات ويفرلي (1814م) وإيفانهو (1819م). وقد ظهرت روايات العادات والتقاليد خلال القرن التاسع عشر الميلادي متأثرة بأسلوب العلاقات الاجتماعية وحياة طبقات معينة. ومن أشهر هذه الروايات رواية الكبرياء والتحامل (1813م) لجين أوستن التي تناولت التقاليد الاجتماعية ومشكلات الحب والزواج.

ومن أشهر الروائيين والروايات التي ناقشت زيف الطبقات الارستقراطية والبرجوازية ما كتبه وليم تاكاري في سوق الغرور (1847-1848م) وتشارلز ديكنز في أوليفر تويست (1837 - 1839م) وهي تعرض لمشكلات الطبقات الدنيا في لندن. وجورج إليوت في سيلاس مارنر (1861م) وتعرض لمجتمع القرية والمدن الصغيرة، وتوماس هاردي في دير برفيل (1891م)، حيث عرض لشخصيات قدّرت عليها حياة مأساوية.

وفي فرنسا أثر الروائيون الفرنسيون في تطور الرواية خلال القرن العشرين الميلادي تأثيرًا كبيرًا. إذ ساهم ستندال في تطور الرواية النفسيّة كما كتب جوستاف فلوبير مدام بوفاري (1856م) بتفاصيل واقعية تعطي صورة مرئية عن الأجواء الداخلية لشخصياته. وقد أثرت طريقته هذه في عدد من الكتاب. وساهم إميل زولا في إرساء دعائم المدرسة الطبيعية، فأصبحت اتجاهًا مهمًا في الأدب خلال هذا القرن. وقدَّم في رواية جرمينال (1885م) شخصيات تعيش في ظروف خارجة عن إرادتها.

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من كبار الروائيين خلال القرن التاسع عشر الميلادي، منهم ناثانيل هووثورن الذي اشتهر باستخدام الأسلوب الرمزي وتحليل الجوانب الخفية في حياة شخصياته وسلوكها كما في روايته الحرف القرمزي (1850م). كما كتب هرمان ملفيل موبي ديك أو الحوت (1851م). وتثير هذه الرواية، في قالب رمزي، أسئلة فلسفية عن الخير والشر. أما الكاتب مارك توين فعُرف بأسلوبه الفكاهي الساخر واستخدامه اللهجة العامية الخاصة لتعرية نفاق المجتمع وقسوته. وأطيب مثال على ذلك روايته مغامرات هكلبري فن (1884م). ويتصدر هذه الفترة كاتب كبير هو هنري جيمس الذي كان متمكِّنًا من تقنية كتابة الرواية وبنائها المسرحي، خاصة في معالجاته للعلاقات الاجتماعية وتصويره لنفسيات الشخصيات الذكية الحساسة التي قدَّمها في روايتيه صورة سيِّدة (1880-1881م) و السفراء (1903م).

أثَّرت حركة المدرسة الطبيعية الفرنسية في أواخر القرن العشرين الميلادي على أدباء أمريكا، مثل ثيودور درايزر. وستيفن كرين الذي صوّر قسوة الأحياء الفقيرة في روايته ماجي فتاة الطريق (1893م). أما روايات وليم فوكنر فتؤكد على انهيار المعايير الأخلاقية التقليدية

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:09
مفهوم الرواية
الرواية قصة خيالية نثرية طويلة؛ وهي من أشهر أنواع الأدب النثريّ. وتُقدّم الروايات قصصًا شائقة تساعد القارئ، في معظمها، على التفكير في القضايا الأخلاقية والاجتماعية أو الفلسفية، كما يحث بعضها على الإصلاح، ويهتم بعضها الآخر بتقديم معلومات عن موضوعات غير مألوفة، وتكشف جوهَر المألوف. ومن الرِّوايات مايكون هدفه مجرد الإمتاع والتَّسلية.

تُغطي الموضوعات التي تتناولها الروايات حيّزيّ التجارب الإنسانية والخيال. فبعض الروايات تصوّر أشخاصًا وحوادث من واقع الحياة. وكتَّاب هذه الروايات الواقعية يسعون لتصوير الحياة كما هي، على حين أن الرواية النفسية تركز على أفكار ومشاعر واحد أو أكثر من شخصياتها. وعلى عكس الرواية الواقعية، فإن الرواية الرومانسية تقدّم صورًا مثالية للحياة كما تستكشف بعض الروايات علمًا خياليًا مثل: قصص الخيال العلمي التي تصف أحداثـًا مستقبلية أو كواكب أخرى. أما الرواية البوليسية فتعدُّ أشهر الروايات وأحبها عند بعض القُرّاء.

إن للرواية ـ بوصفها شكلاً أدبيًا ـ أربع سمات أساسية تميزها عن باقي الأنماط الأدبية هي: 1- شكل أدبي سرديّ يحكيه راوٍ، وبهذا تختلف عن المسرحية التي تُحكى قصتها من خلال أقوال وأفعال شخصياتها 2- أطول من القصة القصيرة وتُغطي فترة زمنية أطول وتضم عددًا من الشخصيات أكثر 3- تكتب في لغة نثرية 4- عمل قوامه الخيال، وبذلك تختلف عن التأريخ والسيرة الذاتية اللذين يحكيان عن أحداث وأشخاص حقيقية.

وقد يبني بعض الروائيين أعمالهم على أحداث أو حياة لأشخاص حقيقيين، لكنّ إبداعهم يكمن في إيراد أحداث أو شخصيات لا تمت إلى الحقيقة بصلة. ولذا فالرواية جزئيًا ـ إن لم يكن كليًا ـ من نسج خيال المؤلّف

مفهوم القصة

السرد مصطلح يشمل عددا من الفنون الإبداعية،إلا أن أبرزها الرواية والقصة القصيرة،ويعتقد البعض أن الرواية تأتي تطوراً لفن القصة القصيرة على اعتبار التشابه الكبير بينهما،وأن الرواية تفصيل اكبر في الأحداث والشخوص والزمن.
غير أن الحقيقة خلاف ذلك..
فالقصة القصيرة في الواقع هي التي خرجت من رحم الرواية،وحدث ذلك نتيجة اسباب عديدة،يأتي منها نشأة الصحافة التي كانت بحاجة إلى أعمال سردية قصيرة يمكن نشرها في زواياها بدلاً من نشر روايات طويلة مسلسلة على مدى زمن طويل،والقصة القصيرة والرواية يجمعهما مصطلح واحد وهو مصطلح (القصة) وهذا المصطلح أكثر تحديدا من مصطلح السرد الفضفاض،فحين نطلق مصطلح القصة،فن الإشارة تكون للرواية والقصة القصيرة وتدخل معهما القصة القصيرة جدا. والاقصوصة وهو مصطلح لا يزال متأرجحا في دلالته..

تهدف هذه الزواية الى التعريف الموجز بفن القصة القصيرة وابرز تقنياتها في محاولة لتقريب هذا الفن لافهام اولئك الذين لايشعرون ان لديهم ولديهن ملكة السرد.لكنهم جميعا بحاجة الى معرفة اصول وتقنيات هذا الفن المراوغ..

كثيرون يكتبون كلاما سرديا ونثرا محكيا،لكن القليل منه يدخل تحت فن القصة القصيرة،ولكثرة الذين يكتبون حكايات اصبحت القصة القصيرة فن من لايحسن الإبداع..فالذكريات والسيرة الذاتية والخاطرة والرؤية للناس والأشياء كتابات ينتجها البعض ويعتقد انه يكتب قصة قصيرة،حتى غدت القصة القصيرة خيار المبدعين كما هو الحال مع بحر الرجز بالنسبة لمن يكتبون الشعر،حيث يسميه النقاد "حمار الشعراء"!!

القصة القصيرة جديدة في الأدب،وقد تم تأصيلها في السنوات الاولى من القرن التاسع عشر وبعد خمسين عاما من ظهورها بلغت القصة القصيرة مرحلة النضج في اعمال عدد من الكتاب في آداب مختلفة،ثم ازدهرت بحيث وصلت إلى أكبر قدر من التعبير المكثف الذي عرفته القصة القصيرة وتمثل ذلك في أعمال عدد من الكتاب المحدثين الكبار في بداية ومنتصف القرن العشرين.

غير أن الإشكالية الكبرى تتصل بفن القصة القصيرة ،أصوله،مفهومه،نظرياته،تقنياته...الخ،وهي إشكالية لعلها تبرز في هذا الفن أكثر من أي فن أدبي آخر وفي الواقع أنه لم تسد نظرية لشكل القصة القصيرة،بل إن معظم سمات هذا الفن جاء بها الممارسون له من الكتاب..

في البدء يمكن لنا أن نلاحظ أن معظم الكتاب مبدعون ونقاد يركزون على نسألة السرد والرواية وكأنها التقنية الوحيدة ،، دون ريب السرد هو البوابة الرئيسية التي يدلف من خلالها كاتب القصة القصيرة وكذلك الرواية ،لكن هناك معالم ودروباً اساسية لاتساعد في رفع المستوى التقني للقصة والرواية فحسب،بل من دونها لاتكون قصة قصيرة،إنما تصبح شيئا آخر..

وليس من الممكن الحديث عن القصة القصيرة بمعزل عن الرواية،فثمة تداخل بينهما،بل أن هناك من يرى انه من المستحيل تمييز القصة القصيرة من الرواية على اساس معين غير الطول وذلك بسبب اشتراكهما في التقنيات القصصية،ويجدر التأكيد انه لايوجد تحديد لطول أي منهما،كما أنه لايمكن لأحد أن يقول أن القصة القصيرة تتعامل مع شخصيات أقل،او فترة زمنية أقصر من الرواية وحيث أن هذه هي الحالة الغالبة فإن القصة ذات الصفحات المحدودة يمكن أن تتناول عددا كبيرا من الشخصيات خلال عقد أو أكثر من الزمن في حين أن الرواية الطويلة يمكن أن تقصر نفسها على يوم واحد في حياة ثلاث أو أربع شخصيات..

وبالرغم من كل ذلك فإن هناك خطوطا عريضة تتصل بتعريف فن القصة القصيرة،محسن بالمبدع والمبدعة أن يكونا على وعي بها،حين يجد الفرد نفسه ينساق إبداعيا نحو فن السرد،معرفة مفهوم القصة القصيرة جملة والإلمام الأساس بتقنياتها الأساسية تجعل الفرد المبدع يستفيد بشكل مبكر من الخلفية النظرية لهذا الفن الأدبي..وبالتالي البدء في خطواته بشكل سليم..ومن المهم جدا التأكيد على ضرورة القراءة المكثفة والواعية لنماذج مختلفة من القصة القصيرة مع التأكيد أن تكون القراءة لأسماء بارزة في عالم القصة القصيرة..على المستويات المحلية والعربية والعالمية.

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:10
فن كتابة الرواية الأدبية
http://www.khawlaalqazwini.com/TrainingCourseDetail.aspx?aid=30

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:11
الــــــــــــــــــــــرواـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــية

http://www.feedo.net/LifeStyle/Arts/Stories/Novels.htm

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:14
الرواية القصيرة ( المفهوم والخصائص )
على كثرة ما كتب في الأدب العربي في مصر من روايات قصيرة
بداية من " قنديل أم هاشم " ليحيى حقي وانتهاء بروايات
إسماعيل ولى الدين العديدة تحت هذا النوع وغيره من كتاب
جيله ، فإن الرواية القصيرة بوصفها نوعاً أدبياً متميزاً ،
لم تحظ بدراسة فنية شاملة ، تقف بالتفصيل عند بنائها
وتقاليدها الفنية ، ثمة دراسات تطبيقية التفتت إلى هذا
النوع ، لعل أبرزها ما كتبه الدكتور حلمي بدير في كتابيه (
الرواية الجديدة في مصر – 1988) و ( روايات من مصر –1995 )
حيث أشار إلى نماذجها الكثيرة عند إسماعيل ولى الدين "
ونماذج مفردة لها عند كل من " عبد الحكيم قاسم " ( قدر
الغرف المقبضة ) و " مصطفى مشرفة " ( قنطرة الذي كفر ) و"
عصام الدين حفني ناصف " ( عاصفة فوق مصر ) و " فاروق
خورشيد " ( وعلى الأرض السلام ) وعلى الرغم من أنه لم يقف
كثيراً عند أسسها النظرية أو تقاليدها الفنية ، إلا أنه
يمكننا أن نظفر عنده ببعض اللمحات النظرية حول الرواية
القصيرة ، فعلى مستوى الحجم " هي الرواية التى تقصر حتى
تصل إلى خمسين صفحة ، ولا تطول لأكثر من مائة "(1)
" ومن الناحية التاريخية فإن الرواية القصيرة لم تعرف في
الأدب الغربي إلا متأخراً عند أجاثا كريستى ، وأرنست
هيمنجواى وفرانسواز ساجان "(2) أما الدكتور طه وادي فعلى
الرغم من تقديره لهذا النوع حيث " قد مال كثير من الكتاب
المعاصرين إلى أن يكتبوا روايات ذات حجم محدود "(3) مثل
نجيب محفوظ ، وسليمان فياض ويوسف إدريس ، فإنه يرى أنه "
يجب أن تتعامل في مجال الفن القصصي بـ ( مصطلحين ) فقط هما
:
1- الرواية .
2- القصة القصيرة

أما الأعمال الأخرى متوسطة الحجم ( يقصد الرواية
القصيرة)فإنها يمكن أن توضع بسهولة تحت أى من المصطلحين
حسب عناصر بنائها الفنى "(1)
ونحن لا نوافق الدكتور طه وادي على هذا رغم اعتقادنا في
تداخل الأنواع الأدبية ، وخاصة الرواية القصيرة ، التى قد
تجمع في بنائها بين خصائص كل من الرواية والقصة القصيرة ،
إلا أنه يبقى لهذا النوع الأدبي – الرواية القصيرة – سماته
المميزة وتقاليده الفنية الراسخة .
وإذا ما تتبعنا معاجم المصطلحات الأدبية في الغرب فإننا
سنجد العديد من التعريفات حول الرواية القصيرة وذلك تحت
مسميات مثل Shot Novel أو Novella " فالرواية القصيرة عادة
تكون أكثر تعقيداً من القصة القصيرة "(2) كما أنها " تقع
في منزلة وسطى بين القصة القصيرة والرواية ، وتحدد عادة من
حيث عدد الكلمات ما بين خمس عشرة ألف وخمسين ألف كلمة "(3)

و وقوع الرواية القصيرة بين القصة القصيرة والرواية ، حفز
دائماً على عقد المقارنة بينها وبين القصة القصيرة من
ناحية والرواية من ناحية ثانية غير أن أغلب المقارنات تميل
بها نحو القصة القصيرة ، ولعل ذلك يرجع الطلبي " أن نظريات
القصة القصيرة غالبا ما تصاغ بإشارة خاصة الطلبي تقاليد
الرواية القصيرة الألمانية "(4)
وينقل لنا أيان رايد في كتابة " القصة القصيرة " المقارنة
التى تعقدها روث كليشمان بين القصة القصيرة والرواية
القصيرة حيث تقدم القصة القصيرة " شريحة من تجارب الحياة
في حين أن الرواية القصيرة تبنى حول أزمة ( Crisis ) وأن
الحبكة أو البناء الفنى (Plot ) للقصة القصيرة يشبه الشبكة
المتداخلة خيوطها بعضها في بعض بينما تقدم حبكة الرواية
القصيرة اتجاهاً تصاعدياً ذا ذروة ، ثم يهبط خط سير
الأحداث بعده .. وبصفة
عامة يوجد تناقض بين البناء الفنى للرواية القصيرة الذي
يظهر مركزاً ومتسلسلاً تسلسلاً منطقياً وأحياناً مطولاً
بطريقة معقدة أو مركزاً وغير متناسق "(1)
وإذا كانت روث كليشمان تركز على التناقض بين بناء القصة
القصيرة وبناء الرواية القصيرة ، فإن هناك من يعد الأخيرة
شكلاً من أشكال القصة القصيرة ومنطقة خصبة لتداخل الأنواع
: الرواية والقصة القصيرة والدراما ، فهي " شكل من أشكال
القصة القصيرة يربطه بالرواية اتساع المدى وكثرة الشخصيات
ونموها النسبى ويربطه بالدراما عنصر الأزمة والبطولة
التراجيدية والحبكة القائمة على نقطة تحول ، ومع أن هذه
السمات الدرامية ترتبط بالقصة القصيرة في صورتها
الكلاسيكية فإنها في النوفيلا تصبح اكثر توسعاً وعمقاً ،
إذ تسيطر الصيغة التراجيدية التى تتجلى في صورة بطل
تراجيدي ، يندفع بقوة نحو نهايتها المأساوية ، بينما تسيطر
على القصة القصيرة صيغة المفارقة التى تسمح بقدر أعلى من
الاختزال "(2)
وإذا كانت الفقرة السابقة تؤكد على تداخل الأنواع في
الرواية القصيرة وميلها نحو الصيغة التراجيدية فان هناك من
يرفض هذا التداخل وإن أقر بوجود التشابه بينها وبين
التراجيديات القديمة ، فيقول هاوارد نيميروف ( Howard
Nemerov ) في مقالة بعنوان ( التكوين والقدر في الرواية
القصيرة ) " إن هذا الشكل الفنى لا يجب أن يعتبر شكلا فنيا
يجمع بين الرواية والقصة ، ولكنه يجب أن يعتبر شيئاً مثل
الشكل الفنى الأولى والمثالي ، وهو متصل بطريقة موحية
بالتراجيديات القديمة فيما يخص بساطتها ، وحتى طولها
يتناول في الواقع موضوعات متشابهة "(3)
تركز الفقرة السابقة على استقلالية الرواية القصيرة بوصفها
نوعاً أدبيا مثاليا وتؤكد على ارتباطها بالتراجيديا ولعل
هذا ما يظهر بوضوح في أبطالها الذين ينتهون – في الغالب –
نهاية مأساوية وأشهر الأمثلة على ذلك ما نراه في أبطال
روايات مثل الموت في البندقية لتوماس مان ، والعجوز والبحر
لأر نست هيمجواى

والموتى لجميس جويس ، أما في الأدب العربي فأشهر الأمثلة
لهذه الروايات ذات النهايات التراجيدية : " قنديل أم هاشم
" ليحيى حقي ، و " أصوات " لسليمان فياض و " أنا الملك جئت
و " بالأمس حلمت بك " لبهاء طاهر ، أما كاتبنا فاروق
خورشيد فان الموت أو الطلاق هما النهاية التراجيدية لأبطال
الروايات الثلاثة موضوع هذا الفصل.
ومع تسليمنا التام بوجود الصيغة التراجيدية في الرواية
القصيرة ، فإننا نميل الطلبي القول بأن الرواية القصيرة
تأخذ من مقومات كل من الرواية والقصة القصيرة ما يجعل لها
شعريتها الخاصة ،وهكذا يمكننا أن نتفق مع التحديد التالي
للرواية القصيرة ، فهي " ذلك العمل النثري الفنى ، الذي
يحقق التوازن الواعي بين الإيجاز الدقيق ،والتوسع المطلق ،
وهما العنصران اللذان يسمحان بهما فن الرواية القصيرة بشكل
واضح ،وهو فن يستفيد بأحسن ما في القصة القصيرة والرواية
معاً من عناصر ومقومات "(1)
وإذا كان التعريف السابق يمكن اختصاره في جملة واحدة هي :
أن الرواية القصيرة فن توسيع الإيجاز فإننا نميل مع تفصيل
هذا التعريف لاستخلاص أهم الخصائص الجوهرية المميزة
للرواية القصيرة ، ونثبتها هنا كاملة ، كما عرضها الأستاذ
حسن الجوخ ، إذ يقول " إن الرواية القصيرة أضحت – بعد هذا
المشوار الطويل الشاق – ضرباً أدبياً قائماً بذاته ،
استطاع أن يكتسب خصائصه العامة الخاصة به ، على أيدي
فرسانه وقد تحددت هذه الخصائص الجوهرية العامة في :
· فكرة جادة ثرية : تعتمد عليها الرواية القصيرة وتتخذها
محوراً تدور حوله بهدف مجابهة هذه الفكرة فنياً ، وبلورة
كل أبعادها الظاهرة والخفية ،وفقا لنسق يتواءم وهذا الشكل
الفنى.
· وحدة انطباع كلى : وهذه الوحدة يحققها كاتب الرواية
القصيرة من خلال تركيزه على أزمة واحدة لها ثراؤها وعمقها
دون أن تستغرقه التفصيلات التى لا ضرورة لها في بناء العمل
أو سير أحداثه ، وهو بالطبع يعتمد في ذلك على ذكاء المتلقي
وفطنته .
·
· الوصف الموجز : فكانت الرواية القصيرة تعتمد فعلا على
الوصف الموجز الفاعل ويرفض تماماً تقديم الصور الوصفية "
الاسكتش " هادفا من وراء ذلك خلق الإيجاز الموظف ، وحتى لا
يصاب العمل بالترهل .
· حرية الزمن : فنجد أن كاتب الرواية القصيرة ، يتمتع حقاً
بالحركة في امتداد زمني حر ،أكثر مما هو متاح لكاتب القصة
القصيرة .
· اللغة الدالة المعبرة : تمتاز لغة الرواية القصيرة
بلغتها الدالة المعبرة عن الموقف والأشخاص دون زيادة أو
نقصان ، وقد تشكل اللغة في كثير من الروايات القصيرة جزءاً
أساسياً في البناء الروائي ، وتدخل في إطار التجربة
الإبداعية ذاتها "
وإذ نسجل هذه الخصائص في مجملها تقترب بالرواية القصيرة من
فن القصة القصيرة ، ومع ذلك تبقى الرواية القصيرة نوعاً
أدبيا متميزاً عن الرواية القصيرة نوعاً أدبيا متميزاً عن
الرواية من ناحية ،وعن القصة القصيرة من ناحية أخرى ، فهي
نوع أدبي له مرامه السردية ،وأهدافه ، وبنيته وطريقته
الخاصة في اختيار مادته ،وكما أشرنا من قبل هي فن توسيع
الإيجاز ، وهذا التوسيع يتم بطرق متنوعة كالتكرار ،
واستخدام الرموز والأساطير إذ " أن التكرار الملح وعناصر
أخرى غرضها تقوية وتوسيع مجرى الأحداث ،وهما كثيراً ما
يسيطران على فن الرواية القصيرة "

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:18
الصورة الروائية


د. جميل حمداوي










الصورة الروائية في رواية ( اللص والكلاب ) لنجيب محفوظ
1- القسم النظري( مفهوم الشخصية الروائية وخصائصها):
أ- بلاغة الصورة الروائية:
من أهم مكونات الرواية ومرتكزاتها الأساسية نجد صورة الشخصية الروائية التي تتضافر مع مكونات روائية أخرى كالفضاء والإيقاع والامتداد والتلقي لتكون عملا روائيا يمكن نعته على مستوى السياق الجنسي "رواية". ولايمكن تحديد صورة الشخصية باعتبارها مكونا واستخلاص سماتها إلا بوضعها ضمن سياقها الجمالي والأسلوبي وذلك بضبط قواعدها الفنية التي تستند إليها الصورة الروائية بصفة عامة. و ما الصورة الروائية إلا تجسيد جمالي وفني على مستوى اللغة والتعبير. ولهذه الصورة قواعد وضوابط جمالية تتمثل في الطاقة البلاغية واللغوية والسياق النصي والنوعي والذهني. وبالتالي، فالصورة الروائية صورة جامعة لكل العناصر الفنية التي تجعل من الرواية رواية.
هذا، ولقد تعددت المقاربات التي تناولت الشخصية من عدة وجهات ومنظورات. فهناك المنازع السيكولوجية والواقعية إلى جانب المناهج البنيوية والسيميولوجية. وترتب عن ذلك أن انتقلت الشخصية من مرحلة اللحم والدم إلى مرحلة الكائن الورقي ( رولان بارت)، ومن الشخص إلى الشخصية( ميشيل زيرافا)، و من الإنسان الواقعي ( القراءات الانعكاسية) إلى الشخصية المتخيلة أو إلى عامل من العوامل)( فيليب هامون،گريماس).
إلا أننا عندما نتعامل مع الشخصية علينا أن نستفيد من كل هذا الموروث النقدي الذي ساهم في تحديد الشخصية وفهمها خارجيا وداخليا، كما ينبغي أن نستعين بالطرائق الفنية التي تلتجئ إليها الأسلوبية والصورة الروائية. و لايمكن أن تؤدي صورة الشخصية وظيفتها الجمالية أو الفنية إلا ضمن سياقها النصي، ولايمكن أن تكون إنسانية في أعماقها إلا إذا أقنعت المتلقي بصدق متخيلها السردي. إلا أن كثيرا من الباحثين يربطون الشخصية بوظيفتها المرجعية لابسياقها الأسلوبي والإستيتيقي. فالبحث في موضوع صورة البطل - تؤكد فاطمة موسى- " في الفن القصصي شائق متعدد الجوانب يدخل في ميدان النقد والتاريخ الأدبي، كما يدخل في نطاق التاريخ الاجتماعي، فالأديب في تصويره للبطل في القصة أو المسرح يعبر عادة عن فلسفة معينة تكمن وراء رسمه لملامح الشخصية(...) والرواية من أكثر الفنون اهتماما بتصوير الإنسان في علاقته بالمجتمع، فهي في رأي الكثيرين ملحمة العصر الحديث، ولذا فإن تصوير الشخصيات فيها غالبا ذو دلالة مضاعفة".
ومثل هذه الدلالة المضاعفة هي التي تختزل - يقول أستاذي الدكتور محمد أنقار- " موقف النقاد الحائرين بين الصورة التخييلية للشخصية الروائية، وبين صورة الكاتب والعصر التي تعكسها تلك الشخصية"
ومن الذين ربطوا الصورة الروائية للشخصية بالمأزق المرجعي والتصور الإيديولوجي للكاتب تجاه عالمه وعصره نجد طه وادي الذي ينظر إلى الرواية على أنها تصور" تجربة إنسانية تعكس موقف كاتبها إزاء واقعه بنفس القدر الذي تفصح فيه عن مدى فهمه لجماليات الشكل الروائي، والرواية تقول هذا وأكثر من خلال أداة فنية مميزة هي(الشخصية)، وهذا ما جعل النقاد يعرفون الرواية بقولهم: إنها فن الشخصية".
هذا، وتستخلص الملامح الإنسانية الرفيعة للصورة الروائية للشخصية التخييلية من السياق الكلي للرواية بعد تضافر مكونات الرواية الجمالية وسماتها الفنية داخل نسيج الوظيفة الجمالية لصورة الشخصية. ويعد كل هذا في رأي الباحث المغربي الدكتور محمد أنقار منظر الصورة الروائية أقل خطرا من القول بــــــ"الانعكاس الاجتماعي" بمفهومه الموضوعي الواسع اعتمادا على مااهتدى إليه" يوري ريوريسكوف" أثناء كشفه عن ملامح إنسانية عميقة، من خلال التركيز على بعض تفاصيل البطلة في رواية" أنا كارنينا" لتولوستوي.
إن صورة الشخصية ذات مرجعية إنسانية ووظيفة جمالية أسلوبية، لاتتشكل إلا في سياقها النصي والذهني وإطارها الخارجي، وعبر الطاقة اللغوية المكثفة والطاقة البلاغية المشخصة بالمشابهة تارة والمجاورة تارة أخرى ولكن في سياقها الكلي لا الجزئي، وفي أبعادها الرمزية والتأويلية لا في تمظهراتها الخارجية أو السطحية فحسب.
وبناء على هذا الاستنتاج، يمكن القول: إن " الصورة الإنسانية للشخصية الروائية لاتتحقق بذاتها، بل بواسطة الكائنات والفضاء الذين يحيطان بها(...) وهذا يعني أن الوعي الكامل بصورة الحياة في الرواية، إنما يتحقق على مستوى التلقي وليس على مستوى الشخصية الرئيسية، التي تظل محدودة الإدراك مهما شحنها المبدع، وتفنن في تنميطها، ووسع دائرة وعيها"
وعليه، فإن البعد الإنساني هو الذي يحدد هوية صورة الشخصية ومفعولها الحيوي في العمل الأدبي ويكسبها حيوية وخصوبة ثرية في تلقي البناء التشكيلي لهذه الصورة عبر امتدادها الروائي وإيقاعها الدينامي أو المتوتر. وبالتالي، فهو الذي يصنف الصور الروائية إلى صور مختلة وصور متوازنة. كما: " أن الإلحاح على إبراز البعد الإنساني لصورة الشخصية الروائية، سيجنبنا - يقول الدكتور محمد أنقار- سبيل التحمس المبالغ فيه لهذا المكون أو غيره، فإذا كان لوبوك قد أكد أن الموضوع هو الذي يملي على الأسلوب الروائي إرادته، وتبنى ميشال زيرافا بدوره الأطروحة التي ترى أن الشخصية هي التي تملي على الكاتب الأشكال المناسبة، فإن الإشكال الأساس، في رأينا، ينحصر في محاولات النقد لضبط المنطق والقوانين المورفولوجية للشخصية الروائية في فضائها الإنساني، أي فيما يسميه باختين بصورة الإنسان في اتصاله بالحدث الآني غير التام".
ب- مقاربة الشخصية الروائية عند جورج لوكاش ولوسيان گولدمان:
وقد عرفت الشخصية الروائية قبل هذا الطرح البلاغي الجديد(بلاغة الصورة الروائية)امتدادات نوعية وتجنيسية عبر امتداد الفن الروائي، فبعد الشخصية الملحمية والتراجيدية سنجد الشخصية الإشكالية ذات الطابع السلبي والإيجابي من خلال مواقفها اللوكاتشية الثلاثة:
1- الرواية المثالية : فيها ينتصر الموضوع على الذات( رواية دونكيشوت لسيرفانتيس مثلا).
2- الرواية الرومانسية : فيها تنتصر الذات على الموضوع(رواية مدام بوفاري لفلوبير مثلا),
3- رواية المصالحة: فيها تتكيف الذات مع الواقع الموضوعي
( رواية سنوات تعلم فلهلم مايستر لجوته).
وبعد الشخصية الإشكالية، كان الأمل الكبير معلقا على الرواية ذات الشخصية الجماعية الإيجابية( البطل الجماعي) ذات المنظور الاشتراكي ( روايات تولوستوي وماكسيم گورگي).
وقد حدد لوسيان گولدمان ثلاثة أنماط من الشخصية في الرواية الغربية انطلاقا من تماثلها مع تطور الوضع الاقتصادي الأوربي ابتداء من القرن التاسع عشر الميلادي إلى منتصف القرن العشرين، وهي الشخصية البيوغرافية التي تتسم بالفردية والتنميط الحضوري في الرواية الكلاسيكية الواقعية، و الرواية المنولوجية التي ستصاب فيها الشخصية بالذوبان تدريجيا، و الرواية الجديدة التي ستؤول فيها الشخصية إلى التفكك والزوال لتحل محلها الأشياء والأرقام.
ولقد حظي مبحث الشخصية بأبحاث الأنجلوسكسونيين في القرن العشرين وبدراسات النقد الفرنسي الجديد الذي استند في تنظيراته وتطبيقاته إلى الإرث الشكلاني الروسي، كما استفاد مبحث الشخصية بدراسات جادة على يدي ميخائيل باختين و ميشيل زيرافا. فما هو مفهوم باختين و زيرافا للشخصية الروائية؟
ج- صورة الشخصية عند ميخائيل باختين وميشيل زيرافا:
بعد كل ما سبق ذكره من تصورات تاريخية حول الشخصية الروائية، لابد من الوقوف عند بعض مواقف كل من ميخائيل باختين وميشيل زيرافا حول صورة الشخصية. فلقد خصص باختين فصلا لدراسة البطل بعنوان" البطل وموقف المؤلف تجاه البطل في إبداع دويستفسكي"،وتوقف في هذا الفصل إلى ثلاث لحظات تترتب عن بعضها البعض علاقة منطقية ، وهي حرية البطل النسبية، واستقلاليته ،وعلاقة ذلك بصوته في ضوء خطة تعدد الأصوات. فالبطل عند دويستفسكي هو عبارة عن وجهة نظر محددة عن العالم، وعن نفسه هو بالذات. أي إنه ذلك الشخص الذي يحمل رؤية للعالم ولذاته، يقول باختين:" البطل مهم بالنسبة إلى دويستفسكي لا على اعتباره ظاهرة من ظواهر الواقع، تجسد سمات محددة مميزة على المستوى الفردي، ونمطية صارمة على المستوى الاجتماعي، ولا على اعتباره هيئة محددة تتألف من ملامح أحادية الدلالة وموضوعية، قادرة بمجموعها على توفير إجابة عن سؤال"من يكون؟ كلا، فالبطل يهم دويستفسكي بوصفه موقفا فكريا وتقويما يتخذه إنسان تجاه نفسه بالذات، بوصفه موقفا فكريا، وتقويما يتخذه إنسان تجاه نفسه بالذات، وتجاه الواقع الذي يحيطه، المهم بالنسبة لدويستفسكي لا من يكونه بطله في العالم، بل بالدرجة الأولى ماالذي يكونه العالم بالنسبة للبطل وما الذي يكونه هو بالنسبة لنفسه ذاتها" .
المهم - إذاً- بالنسبة لدويستفسكي هو موقف البطل من العالم ومن نفسه. وهذا الموقف فكري وإيديولوجي وتقويمي وشهادة على الواقع والذات، ولايهمه موقع البطل في العالم، ومركزيته فيه، وأن ما يجب" الكشف عنه أو وصفه واستخلاصه، لا الواقع الحياتي المحدد الخاص بالبطل، لاصورته القوية، بل المحصلة النهائية لوعيه بالعالم ووعيه بذاته، إنه في نهاية المطاف كلمة البطل الأخيرة حول نفسه بالذات وحول عالمه".
إن البطل عند دويستفسكي هو عبارة عن شخصية حوارية لها منظور رؤيوي عن العالم وعن ذاتها، وهي بالتالي حرة ومستقلة نسبيا، لايتحكم المؤلف في تقرير مصيرها. وتقوم بوظيفة لانهائية وغير مكتملة، وغير منجزة. ومن ثم، يمكن الحديث عن صورة الشخصية غير المنجزة عند باختين.أما البطل المنولوجي الذي يوجد في أغلب الروايات الغربية فهو بطل مغلق، يسيره المؤلف كيفما يشاء. يقول باختين:" من وجهة نظر منولوجية، يعتبر البطل مغلقا، أما حدوده الدلالية فواضحة للعالم: إنه يفعل، ويعاني، ويفكر، ويعي ضمن حدود وجوده المتحقق أي في حدود صورته الفنية المحددة بوضعها واقعا حقيقيا، إنه عاجز عن التوقف عن كونه ماهو عليه بالفعل، أي عاجز عن الخروج من حدود شخصيته من نمطه الشخصي ومن مزاجه، دون أن يخاطر في هذه الحالة في خرق خطة المؤلف المنولوجية عنه".
هذا، وإن شخصية دويستفسكي شخصية منقسمة على ذاتها وغير منجزة، تفتقر إلى الكمالية والأداء الفعلي الكلي لأدوارها والمطابقة الحقيقية للذات البطلة، ولا تشبه هذه الشخصية الإشكالية البطل الملحمي الذي نجده في الملاحم اليونانية وملاحم راسين. وهكذا فالبطل الراسيني الملحمي هو بكامله"الحياة الصلبة والراسخة، أشبه بعمل من أعمال فن النحت، أما بطل دويستفسكي فهو بكامله وعي ذاتي، بطل راسين هو في جوهره قيمة ثابتة ونهائية. أما بطل دويستفسكي فهو وظيفة لانهائية. إن بطل راسين مساو لنفسه هو بالذات، أما البطل عند دويستفسكي فلن تجده مطابقا لنفسه، في أي لحظة من لحظات وجوده لكن البطل الفني عند دويستفسكي دقيق بالضبط مثل بطل راسين".
وإذا انتقلنا إلى ميشيل زيرافا فلقد اهتم بدوره بصورة الشخصية، واعتير أن ما يملي الأشكال المناسبة على الكاتب هو مكون الشخصية. وبالتالي، فالسؤال الذي هيمن على نقاد العشرينيات من القرن الماضي هو العلاقات الموجودة بين شكل الرواية وانسجام الشخصية أو اتساقها أو وحدتها؛ لأن تشتت الشخصية وتفككها ينتج عنه تفكك البنية الروائية. إن الشكل الروائي بلا اتساق أو انسجام يشهد على عدم انسجام الموضوع المختار من طرف المبدع. ويعني هذا أن ثمة علاقة ضرورية بين الشكل الروائي ومفهوم الشخصية. أي إن الشكل الروائي هو الذي يفرض على الكاتب أن يختار الشخصية المناسبة لعمله الفني والإبداعي.
وعليه، فالشخصية هي كائن رمزي يدل على فكر الكاتب، وتكون مكونا من مكونات الرواية التقنية، والرواية كذلك هي مقصدية وبناء و إجراء تخييلي منظم، هذه الخصائص- التي تميز الرواية عن الملحمة والتراجيديا- يعكسها سلوك الشخصية الروائية؛ لأننا نراها تفكر، حذرة، تحاول التكيف منطقيا مع الظروف الطارئة، المتنافرة الغامضة في الحياة.
2- القسم التطبيقي( الشخصية في رواية اللص والكلاب لنجيب محفوظ):
سوف نحاول في هذا القسم التطبيقي أن نرصد صورة الشخصية في رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب" من خلال التركيز على شخصية واحدة ألا وهي شخصية سعيد مهران.
سعيد مهران في رواية "اللص والكلاب " شخصية متأزمة تعيش مأزقا مصيريا، إنها تذكرنا بالبطل الإشكالي اللوكاشي والگولدماني. يحمل البطل قيما أصيلة يحاول أن يغرسها في المجتمع الذي يعيش فيه إلا أنه يصاب بالخيبة والفشل عندما يحتك بواقعه المنحط الذي تسوده القيم الكمية الزائفة والوساطة المادية التبادلية. ولم يستطع تغيير واقعه على الرغم من محاولاته الخاطئة التي كانت تصيب الأبرياء فقط دون أعدائه. إن سعيد مهران لم يستطع أن ينجز الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها والتي تعلمها من رؤوف علوان؛ لأن الواقع كان مهترئا تسوده السلبية المتدهورة ، كما أن هذا الواقع الذي يحاول أن يفجر فيه سعيد مهران أفعاله هو واقع غير مكتمل وغير منجز، تعبث به أيدي الإجرام والخيانة والغدر.
يصور نجيب محفوظ شخصيته الأساسية في الرواية باعتبارها شخصية مأساوية على عتبة القرار الأخير في لحظة الأزمة وفي لحظة انعطاف فعلها نحو اللاجدوى واللافعل أو نحو فعل غير منجز وغير محسوب.
تصور رواية اللص والكلاب شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة مثل: رؤوف علوان وعليش سدره ونبوية لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولاهدف ، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث:" ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام،فاستسلم بلا مبالاة...بلامبالاة".
تتموقع هذه الصورة الروائية الدرامية - سياقيا -عندما حوصر سعيد مهران من قبل المخبرين والكلاب في آخر نهاية الرواية. فهذه الصورة الروائية ذات قاموس وجودي تتمثل في الكلمات الآتية: غاية، عبث، بلا مبالاة، لم يعرف وضعا ولا موضعا. إنها تؤكد مدى سيزيفية شخصية سعيد مهران التي أصيبت بالخيبة عندما انهارت قيم المجتمع ومبادئه الأصيلة. وتوصف شخصية الرواية الرئيسية بأنها شخصية متأزمة متوترة تعيش فضاء العتبة، فضاء القلق والتردد والتمزق بين الذات والموضوع. إنها شخصية مغلقة لاوجود لها، مصيرها عبث بدون كينونة حقيقية، ولامكان لها ولاهدف، إنها حياة بلا طعم ولا لذة. وذهبت محاولات سعيد مهران كلها سدى، لم تستطع أن تجعل من الحياة هدفا ذا معنى. فلم تكن مقاومته في الأخير إلا عملا غير منجز وغير مكتمل، انتهى بالموت والمصير المحتوم. لذلك ارتضى بطل الرواية سبيل الاستسلام والموت الرخيص مادامت الحياة عبارة عن لامبالاة. ولقد كرر السارد هذه الكلمة تأكيدا على عبثية الحياة وعدم استحقاقها لأن تعاش، مادامت القيم الكيفية أصبحت قيما منحطة ومشيأة:" وأخيرا جاءت الكلاب وانقطع الأمل، ونجا الأوغاد ولو إلى حين، وقالت الحياة كلمتها الأخيرة بأنها عبث ومن المستحيل تحديد مصدر النباح الذي ينطلق مع الهواء في كل موقع وألا أمل في الهروب من الظلام بالجري في الظلام، نجا الأوغاد وحياتك عبث"
يتسم المعجم اللغوي في هذه الصورة الروائية بالطاقة الرمزية والشحنة الإيمائية والكنائية. فالكلاب هنا رمز للخونة والانتهازيين الذين غدروا بسعيد مهران وداسوا على المبادئ التي كانوا ينادون بها كالحرية والعدالة الاجتماعية ولاسيما رؤوف علوان وزوجته نبوية التي غدرت به وتزوجت عليش سدره .أما كلمة الأوغاد فهي دلالة على اللصوص الحقيقيين الذين خانوا العهد وفرطوا في القيم الأصيلة التي كانوا يتشدقون بها. أما الظلام فيتضمن بعدين: بعدا مرجعيا وبعدا رمزيا، فهناك الظلام باعتباره مؤشرا على سوداوية الفضاء وتأزمه، والظلام بالمفهوم الكنائي يعني الظلم الاجتماعي والسياسي وضغط الحكومة وجور سلطتها وانتهازية أعوانها . هذا،وتصور هذه الصورة مأزقية الشخصية الروائية (سعيد مهران) عندما ووجهت من كل مكان من قبل الشياطين الآدمية وقوى الكم والإحباط ، وخصوصا أن سياق الصورة يتموقع عندما بدأت الكلاب سواء أكانت حقيقية أم مجازا تتبع آثار اللص الذي اختفى في الظلام بين القبور، هذا الفضاء الذي يؤشر على الموت والنهاية التراجيدية، ولكن هذه النهاية بلا أمل ولا غاية.
أما على المستوى البلاغي، فالسارد يعمد إلى تشخيص الموقف عبر تأزيمه عندما جعل الحياة تحكم على إنجازات سعيد مهران بالفشل والعبثية لأنها إنجازات غير مكتملة ،وبالتالي لم تحقق معناها في هذا العالم غير المكتمل ،كما ساهمت هذه الاستعارات الروائية في مأساوية الموقف ودراميته عندما كررت الحياة حكمها على لسان السارد بأنها عبث. كما وظف نجيب محفوظ تقنية الالتفات وذلك عندما تحدث عن نجاة الأوغاد ، وأن الحياة قالت كلمتها الأخيرة بأن حياة سعيد مهران عبث، والتفت بعد ذلك إلى نباح الكلاب لتحديد مصدرها. ومن ثم، انتقل من الغياب إلى الخطاب، ليلتفت إلى شخصية مهران رغبة في تأكيد عبثية حياته. وهذا الالتفات على مستوى التلقي له وظائف جمالية عدة من بينها: التشويق حيث ينتظر القارئ نهاية الشخصية واندحارها وذوبانها بعد أن تحاصرها الكلاب. إلا أن السارد قبل أن يحدد هذا الحصار، يوقف القارئ إلى عبثية الشخصية، ثم يعود إلى تأكيد الحصار وتعدد مصادر نباح الكلاب، ويعود في الأخير ليؤكد عبثية حياة سعيد مهران ولا جدواها:" وصاح صوت وقور:
- سلم، وأعدك بأنك ستعامل بإنسانية.
- كإنسانية رؤوف ونبوية وعليش والكلاب!(....)
- - حسن ماذا تنوي؟ اختر بين الموت وبين الوقوف أمام العدالة.
- فصرخ بازدراء:
- - العدالة!
- أنت عنيد، أمامك دقيقة واحدة...
ورأت عيناه المعذبتان بالخوف شبح الموت يشق الظلام".
في هذه الصورة الروائية، يتم تصوير موقف الحصار وتأزيمه عبر توتر الأحداث ودراميتها باعتباره سياقا للصورة. يطلب أصحاب القرار والسلطة من سعيد مهران أن يسلم نفسه وأنه سوف يعامل بإنسانية؛ بيد أن سعيد مهران سفه عبر المناجاة الداخلية والمنولوج من خلال حوار الذات المتأزمة منطق تلك الإنسانية . وإن علامة التعجب التي استخدمها الكاتب أيقونيا دلالة على الاستهزاء والسخرية والتهكم من مفاهيم الواقع المتعفن وتصوراته الإيديولوجية المستلبة . إن الإنسانية في هذه الصورة الروائية مكثفة بالترميز والإيحاء الذي يلمح إلى التفكير البراجماتي القائم على المصلحة والمنفعة.
إن سعيد مهران كما يتضح من خلال الصور الروائية الجزئية والبناء الكلي لدلالة العمل رمز للوطنية الصادقة والروح الشعبية الحقيقية والنضال الاجتماعي المستميت من أجل المبادئ والقيم الأصيلة. وقد كان بمثابة نبراس يستضيء به الكثيرون من أبناء الشعب الكادح والمقهور في حياتهم التي يسودها النفاق الاجتماعي والابتزاز اللامشروع باسم النضال. إن شخصية سعيد مهران لهي شخصية متمردة عن قيم المجتمع ومبادئه الزائفة التي طالما دنست كرامة الإنسان وأنفته.
استنتاج وتركيب:
وفي الأخير لايسعنا القول إلا أن نؤكد بأن صورة الشخصية لايمكن أخذها مأخذا جماليا وفنيا إلا في إطارها الإنساني وسياقها الجزئي والكلي عبر مستوياتها الخمس: قواعد الجنس والطاقة اللغوية والطاقة البلاغية والمستوى الذهني والسياق النصي.
وهكذا اهتدينا في مقالتنا إلى إثارة الانتباه إلى أهمية الصورة الروائية وضرورتها في كل عملية تحليلية يمكن" أن يخضع لها نص روائي، مبرزا فعاليتها الجمالية في التكوين النصي، ولقد ترتب عن تبني الصورة الروائية باعتبارها مكونا بلاغيا جديدا ضرورة استثمار مكونات وسمات روائية قلما استغلت طاقاتها في مجال التحليل الروائي كالامتداد والتوتر والتكثيف والدينامية والصور الذهنية والجزئية والكلية".
وبناء على ماسبق، لابد أثناء مقاربة الصورة الروائية للشخصية من مراعاة خصوصيات التجنيس الروائي السردي، وتجاوز مفاهيم الشعر ومصطلحاته الإجرائية إلى التسلح بمفاهيم مستمدة من جنس الرواية بصفة خاصة وفن السرد بصفة عامة.
وهكذا نؤكد مطمئنين أن الصورة الروائية لقراءة جادة ومعاصرة في مقاربة النصوص الروائية في أبعادها الجمالية والأسلوبية والإنسانية والبلاغية عبر سياقاتها الذهنية والخارجية والنصية.
الهوامش:
- انظر أطروحة الدكتور محمد أنقار: بناء الصورة في الرواية الاستعمارية، مكتبة الإدريسي، تتوان، الطبعة الأولى، 1994، وهي أطروحة قيمة تنظر للصورة الروائية من خلال منظور أسلوبي روائي جديد؛
- فاطمة موسى: بين أدبين، دراسات في الأدب العربي والإنجليزي، مكتبة الانجلو المصرية، ط1965،ص:29؛
- د. محمد أنقار: الأطروحة السابقة، ص:27؛
- طه وادي: صورة المرأة في الرواية العربية، دار المعارف بمصر، ط2، 1980، ص:3؛
- محمد أنقار: المرجع السابق، ص:27؛
- محمد أنقار: نفس المرجع السابق، ص: 28؛
- المرجع السابق، ص:28؛
- انظر جورج لوكاش: نظرية الرواية، ترجمة الحسين سحبان، منشورات التل، الرباط ،المغرب،ط1 ن 1988؛
- انظر لوسيان گولدمان وآخرون :الرواية والواقع، منشورات عيون المقالات،الدار البيضاء، ط1 ن 1988؛
- ميخائيل باختين: شعرية دويستفسكي، ترجمة نصيف التكريتي، دار توبقال للنشر،ط1 ،1986، ص:67؛
- نفس المرجع السابق،ص:67؛
- نفسه، ص:72؛
- نفسه، ص:72؛
-M.Zeraffa: Personne et personnage.ED. Klincksiek, 1971.p:9;
- IBID,p:32;
- IBID, pp30-31;
- نجيب محفوظ: اللص والكلاب، دار القلم، بيروت، لبنان، ط1، 1975، ص:220؛
- نفس المصدر، ص:216-217؛
- نفس المصدر ، ص:218؛
- محمد أنقار: المرجع السابق، ص:243؛


المصدر: مجلة أقلام

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:19
الرواية ..... القصة القصيرة.... .. والمقال


القصة القصيرة :-

هي فن نثري يكتفي بتصوير جانب واحد من حياة الفرد .. أو زاوية واحدة من زوايا الشخصية الإنسانية أو موقف واحد من مواقف الحياة .. وتتناول قطاعا عرضيا من الحياة ..
وتعتمد القصة القصيرة علي عدة مباديء هي :
1) مبدأ الوحدة : أي وحدة الموضوع والأسلوب والهدف والفكرة .
2)مبدأ التكثيف : أي العرض المكثف الممتع للاتجاه الواحد الذي يهدفه الكاتب ..
3) تفاصيل البناء والإنشاء : وهي تعتمد علي الدقة اللغوية (النحو والإملاء) .. والبعد عن الألفاظ العامية ..
4)الحوار والصراع : ولا يوجد الحوار إلا لتجلية النفس الغامضة أو كشف بعد من أبعاد الشخصية ..أما الصراع وهو أساس بناء القصة القصيرة ..
5)التشويق والصدق : وهما أهم عوامل نجاح القصة القصيرة .. ولا تعتبر القصة جيدة إلا عند توافر هذان العنصران ..
وتتراوح القصة القصيرة ما بين نصف الصفحة إلي العشرة صفحات ..
وتعتبر قصة ( في بيتهم باب ) مثال رائع للقصة القصير






الرواية :-

هي عمل فني يعتمد علي عنصر الحكاية التي لها بداية ووسط ونهاية .. وتتناول قطاع طولي من الحياة .. وقد تطول لتصل إلي مئات الصفحات .. أو تكون علي أجزاء ..ومن أهم عناصرها :
1) الشخصيات : تتنوع الشخصيات وقد تدخل في الرواية شخصيات هامشية ليس لها دور ..
2) الأحداث : وهي أساس بناء الرواية .. وتتشابك الأحداث وتتعقد حتى تصل إلي الذروة ثم تبدأ العقدة في التكشف وتبدأ المشكلة في الحل ..
3) الصراع : وهو ما يدور بين الشخصيات التي تتلاقي مصائرهم أو تتباعد حسب الحدث ..
4) البداية : يجب أن تكون مثيرة مشوقة لتجذب القاريء إليها..
5) الوسط : وهو قمة الصراع واشتداد أوجه ..
6) النهاية : وهي نوعان :
- نهاية معقولة : وفيها يقدم الكاتب الحل ويكشف السر وتنتهي الأحداث .
- نهاية مفتوحة : وفيها يترك الكاتب كل شيء لخيال القاريء ولا يحسم كل المشكلات .
- وأحيانا يترك الكاتب الباب مواربا ليستكمل الرواية بأجزاء أخري .
وتعتبر رواية (حاملة المفتاح ) مثال نموذجي للرواية

ومن أنواع الرواية : ( الرومانسية – الخيالية – الواقعية – التاريخية – النفسية – الفلسفية )




ثالثا : المقال

هو بحث قصير في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ..
وعرفه الأدباء بانه :
قالب من النثر الفني يعرض فيه الموضوع عرضا مسلسلا مترابطا .. يبرز فكرة الكاتب وينقلها إلي القاريء أو السامع نقلا ممتعا مؤثرا ..

أنواع المقال :

1) المقال القصير : يتناول فكرة واحدة بطريقة مركزة شائقة وبأسلوب واضح وعبارة سهلة ..



2) المقال الطويل : يتراوح ما بين صفحتين وعشر صفحات .. وهو مقال يعرضه الكاتب بلغة سهلة واضحة يتناول فيه القضية او القضايا بشكل مفصل محققا عنصري الإقناع والإمتاع ..ومن أمثلته ..هذا المقال الذي بين أيديكم ..

وينقسم المقال ( الطويل والقصير ) إلي عدة أقسام :

1- المقال التصويري : لتحليل شخصية ما ( أديب / عالم / ... الخ ) .. فيبرز ما فيه من مزايا وعيوب عن طريق رسم صورة بالقلم لا بالريشة .. ولا يحضرني مثال له في المنتدى ..

2- المقال النزالي : يدور في المعارك الأدبية والفكرية كما حدث بين العقاد والرافعي في أوائل القرن الماضي ..

وهو مقالات تنتقد أو تهاجم الاخرين ويردوا بمثلها وهكذا .....

3- المقال الفلسفي : وهو يتناول قضية من قضايا الحياة وهو فن قائم بذاته يعتمد علي الفلسفة والفكر الخاص بالكاتب ...

وأسلوب المقال يتنوع بين :

- الأسلوب الأدبي : ويقوم علي إنتقاء الالفاظ وحسن تنسيقها وجمال الأسلوب ومزج الفكر بالعاطفة .

- الأسلوب العلمي المتأدب : ويقوم علي إيراد الحقائق في صورة جذابة مشوقة .. ويراعي التحديد والدقة والموضوعية في صياغة سهلة مع بعض الصور التوضيحية ..

- الأسلوب العلمي البحت : وهو يعتمد علي المصطلحات العلمية البحتة وهو ما يوجد في الكتب العلمية والدراسية
أما خصائص المقال بإيجاز هي :

(1) ترابط الأفكار وإنسجامها بحيث تتمثل فيه الوحدة المكتملة .

(2) الإقناع عن طريق الأدلة العقلية والخطابية .

(3) الإمتاع .

(4) القصر ( لا يتجاوز عشر صفحات )

(5) تغلب الجانب الفكري علي العاطفي .

(6) الذاتية ( حيث تظهر ملامح شخصية الكاتب من خلال مقاله )

(7) وضوح الأسلوب وتجنب الألفاظ الغريبة والعامية والمبتذلة .. والبعد عن المجازات الغامضة والكنايات البعيدة التي تؤدي إلي غموض المعني ..

(8) قوة الأسلوب وبعده عن الخطأ في القواعد النحوية والإملائية والبعد عن تنافر الحروف والحشو والتطويل ..

(9) جمال الأسلوب باختيار الألفاظ الملائمة للمعني والصور الحسنة

__________________

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:21
عناصرالتجديد في الرواية
التاريخ: Tuesday, April 26
اسم الصفحة: اخر الاخبار الثقافية والفنية


علي لفتة سعيد :
قيل عن الرواية إنها ( كيس منفوخ تضع فيه أي شيء) كون مادتها قابلة لامتصاص ما يدور وما يمكن أن يحدث أو يؤثر أو يشير أو يفسر في المحيط وبالتالي الإحاطة بعناصر الصراع من جوانبه المتعددة من خلال توظيف السرد أو توظيفها في خدمة السرد.. وقيل في حداثتها أو قيل عن الرواية الحديثة إنها ( لا قواعد لها مفتوحة الأبواب والنوافذ على الأشكال والصراعات الممكنة الحدوث التي يراها الروائي غير محددة الأطر ) أي ليس لها وازع وليس لها تسلسل منطقي.. بمعنى إن السرد الحديث يضع قوالبه في المكان الذي يريده الكاتب لا الذي يريده السرد المنطقي..



وبالتالي فان المادة هنا قابلة لامتصاص ما يدور في ذهن الكاتب من اجل الوصول إلى خلخلة ما هو متعارف عليه،لإنتاج شكل جديد له صلاحية مشاغلة القارئ واستغلال طاقاته القرائية للتوصل إلى فهم القصد وهضم المعنى والحصول على ( الكم ) الفلسفي..لان القراءة ما عادت مادة لقتل الفراغ أو إنها درس تعليمي..ولان الرواية حسب تعريفها الذي جاء في كتاب صنعة الرواية إنها ( فن خيالي نثري أو حكاية ذات طول معين تصور فيها شخصيات أو أفعال تمثل الحياة الحقيقية للماضي أو الحاضر على شكل حبكة ذات تعقيد ما ). من هنا فان السؤال الذي يبرز.. ما هو الفرق بين عناصر الروايتين من ناحية استلهام روح التعريف من جهة وما يريده القارئ من جهة أخرى ؟ وأين تكمن عناصر الاختلاف؟
إن الإجابة ستجعلنا نراجع (اجندتنا) بهدوء فنجد إن عناصر السرد، أو لنقل مكونات الرواية، تكاد تكون واحدة..إذ لا بد من توافر المكان والزمان والشخصيات والصور والصراع والحوار وبالتالي وجود (تفسير) ظاهر أو مضمر لقصدية اختيار الموضوعة حتى لو كانت نسب هذه المكونات متفاوتة أو مجزأة من اجل الوصول إلى المعالم الرئيسة لفهم المغزى المستور وغيره.مما يبحث عنه القارئ..إذن أين الاختلاف بين أن تكون الرواية عبارة عن كيس منفوخ وبين أن تكون لا قواعد لها وليس لها تسلسل منطقي ؟
إذا كان السؤال موجها إلى القارئ فان الإجابة التي يبحث عنها هي أن الحداثة عنده تختلف بدرجة ما عن الحداثة التي جاء بها النقاد الذين طوروا مفهوم الحداثة إلى مفهوم ما بعد الحداثة وجعلوه مصطلحا لم تحدد فصوله بعد لأن التجريب والتجديد هما من أهم مشكلات الحداثة وهما ينموان بصورة طردية بين عصر الكتاب وعصر القارئ فكلاهما يعيش في وقت واحد ولذلك نرى إن الزمن السابق للقارئ أي زمن الكتابة دائما يكون تحت ميزان التحليل المستمر بقوة تعادل أضعاف عصر القارئ الموافق لزمن الكتابة، لذلك فان مفهوم الحداثة يعده النقاد مفهوما نقديا أو فكريا وجاء ( لتخليص الإنسان من أوهامه وتحريره من قيوده وتفسيره للكون تفسيرا عقلانيا واعيا) ولان هذه هي الغاية الأساسية فقد جعلوه في حالة تقاطع لأنه (لا يتم ما لم يقطع الإنسان صلته بالماضي ويهتم باللحظة الراهنة العابرة أي بالتجربة الإنسانية كما هي في لحظتها الآنية )..ومن خلال النظر إلى هذا المفهوم وربطه بالإنتاج الروائي وبالتعريف الثاني آنف الذكر..فان استخلاص المغزى يؤدي إلى أن ليس هناك ثابت دائما يحكم التحول وبالتالي فان التفسير العقلاني لا بد من أن ينحاز إلى وجه من وجوه الإنتاج الثقافي..وبنظرة أخرى إلى هذا المفهوم نجده ينادي (بعدم ثبات المعنى وعدم جوهريته فلا شيء تحت السطح سوى السطح).. من هنا نتساءل أيضا هل الرواية الحديثة على وفق هذا المفهوم وعلى وفق إطلاق التسمية عليها على إنها رواية حداثوية أو إنها تنتمي إلى الرواية الجديدة لا تهتم بالعمق وبعدم ثبات المعنى الذي تألفت منه الرواية أصلا.؟
إن الشروع بان هذه الرواية قد حددها كاتبها سلفا على كونه يريد لروايته أن تكون على وفق هذا المنظور وحتى على وفق التعريف الثاني الذي يعده بعضهم تقليديا أو كلاسيكيا لا يؤدي إلا إلى الرتابة لأنه سيستخدم أدوات سردية مملة هي عملية قتل للرواية نفسها لان هذا سيؤدي إلى إحباط القارئ ما لم نجد عناصر الصنعة متكونة أصلا من خلال الموضوعة أو من خلال الغاية التي أدت إلى أن يكون الإنتاج لا وازع له..لان مفهوم القارئ لا يتعدى عن كون الحداثة هي اللعب في الشكل واستغلال خلخلة التسلسل المنطقي كما هو معمول به في روايات العقود الماضية..فإذا ما أخذنا الروايات البكر سنجد إنها جاءت لتلبي حاجة أساسية من حاجيات الذات..ثم ننظر إلى ما بعدها سنجدها رواية جديدة منذ ذلك التاريخ الذي تلا مرحلة الولادة أي إنها كانت رواية حديثة أو ما يصطلح عليه الآن ( ميتا رواية ) لأنها بسهولة ولدت لتكون محمولة على أسباب التجريب ومخالفة لما هو كائن من اجل إعلاء شأن الرواية والانتقال من مرحلة تلبية الحاجات الذاتية إلى مرحلة الانتفاع ومن ثم الارتفاع بالمستوى الاجتماعي الطبقي والتعليمي وصولا إلى مرحلة استخلاص الكم الفلسفي ومشاغلة العقل لتكوين رؤى جديدة وبالتالي صار الإبداع كما تقول ( ناتالي ساروت ) هو الذي لا يراه غير المبدع..كون إن كل ما يقال مأخوذ من واقع معاش لكنه بعيد عن رؤية القارئ، مهما تغرب عنه ومهما كانت درجة عمق المخيلة .
إن الاختلاف الذي يتبناه الكتاب في أن تكون رواياتهم ( حداثوية) لا يخرج على سياق أساسيات تكوين الرواية إلا بما تسمح الفكرة (الموضوعة) للتلاعب بالشكل لاسباب عديدةٍ.. ومن هنا فان الصنعة هي واحدة من أساسيات الارتقاء فيتخذها المنتج سبيلا لان الطريق الموصل إلى مشاغلة العقل وعد نصه الروائي نصا مكتوبا لا مقروءا يبدأ من خلال استلهام روح العصر وتفسيره تفسيرا عقلانيا مستفيدا من التجربة الإنسانية..وكل ذلك مرده لان يجعل القارئ يشاركه من جديد في كتابة ثانية للرواية كما يقول النقاد في مفهوم التلقي.. ومن الأصح أن نقول أن يفهم القارئ القصدية ومغزى العمل الذي أراده الكاتب حتى لو تشعبت تلك القصديات لان في هذا التشعب يكمن الإبداع ويأخذ العمل مساحة واسعة من التفكير والمناقشات والتحليل للوصول إلى غاية الكاتب ومداركه بعيدا عن كل حقول ومصطلحات النقاد لأنها لن تقف عند حد.. فسرعان ما يأتون بشيء جديد ليجدوا أنفسهم وقد تخلوا عما جاءوا به سابقا نتيجة لتطورات العصر أو لتطور رؤاهم ولنا في البنيوية مثال على ذلك .
نعود إلى سؤالنا لنقول وجهة نظرنا بهدوء لا تحتمل الغموض..إن الرواية ما هي إلا كتاب حافل بأجزاء المتناقضات والمتفقات وجامع لأجزاء الدروس المختلفة للعلوم الأخرى وحامل قصديات يراد منها تخويل الذات بان تخاطب الآخر من زاوية غير منظورة أو من خلال خط وهمي يتصل بالصفحات وينتهي بفهم المغزى ومداعبة العقل واستغلال طاقاته الفيزياوية لتكوين فعل أخاذ يتحرك كحركة الذرات التي تتلاقح لانتاج خاصية فلسفية لها أبعاد تشويقية .
فهل تكون الرواية الحديثة حاملة هذا الرأي هي الأجدى والأنفع للقارئ..أم تبقى الرواية التي عرفت بقاموس اكسفورد هي الرواية التي يجب ألا تغيب عن الحسبان ؟.
إن الإجابة هنا ستكون محض افتراء لان الرواية الحديثة يحب ألا تخرج على كونها رواية حاملة عناصرها التكوينية بعيدا عما يبتغي منتجها من أن تكون صنعته الغاية القادرة على تلبية احتياجاته الإعلامية وكذلك فان الرواية الواقعية أو التقليدية أو ما يقال عنها الآن (الرواية القديمة) لم تعد تواكب روح العصر إذا ما بقيت على مسارها تتابع حركة الشخصيات وتقوم برسم المكان والإطناب بالسرد على حساب المغزى، لذلك نرى إن الرواية هي مزج بين الحالتين وتلك خاصية الإبداع القادرة على رسم عناصر الرواية التي يتقبلها القارئ ويسارع إلى قراءتها.. فكم من رواية اسهم النقاد في صناعة جودتها لكنها بقيت حبيسة الرفوف. والعكس صحيح .


http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=5913

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:23
مفهوم الرواية

الرواية قصة خيالية نثرية طويلة؛ وهي من أشهر أنواع الأدب النثريّ. وتُقدّم الروايات قصصًا شائقة تساعد القارئ، في معظمها، على التفكير في القضايا الأخلاقية والاجتماعية أو الفلسفية، كما يحث بعضها على الإصلاح، ويهتم بعضها الآخر بتقديم معلومات عن موضوعات غير مألوفة، وتكشف جوهَر المألوف. ومن الرِّوايات مايكون هدفه مجرد الإمتاع والتَّسلية.

تُغطي الموضوعات التي تتناولها الروايات حيّزيّ التجارب الإنسانية والخيال. فبعض الروايات تصوّر أشخاصًا وحوادث من واقع الحياة. وكتَّاب هذه الروايات الواقعية يسعون لتصوير الحياة كما هي، على حين أن الرواية النفسية تركز على أفكار ومشاعر واحد أو أكثر من شخصياتها. وعلى عكس الرواية الواقعية، فإن الرواية الرومانسية تقدّم صورًا مثالية للحياة كما تستكشف بعض الروايات علمًا خياليًا مثل: قصص الخيال العلمي التي تصف أحداثـًا مستقبلية أو كواكب أخرى. أما الرواية البوليسية فتعدُّ أشهر الروايات وأحبها عند بعض القُرّاء.

إن للرواية ـ بوصفها شكلاً أدبيًا ـ أربع سمات أساسية تميزها عن باقي الأنماط الأدبية هي: 1- شكل أدبي سرديّ يحكيه راوٍ، وبهذا تختلف عن المسرحية التي تُحكى قصتها من خلال أقوال وأفعال شخصياتها 2- أطول من القصة القصيرة وتُغطي فترة زمنية أطول وتضم عددًا من الشخصيات أكثر 3- تكتب في لغة نثرية 4- عمل قوامه الخيال، وبذلك تختلف عن التأريخ والسيرة الذاتية اللذين يحكيان عن أحداث وأشخاص حقيقية.

وقد يبني بعض الروائيين أعمالهم على أحداث أو حياة لأشخاص حقيقيين، لكنّ إبداعهم يكمن في إيراد أحداث أو شخصيات لا تمت إلى الحقيقة بصلة. ولذا فالرواية جزئيًا ـ إن لم يكن كليًا ـ من نسج خيال المؤلّف.

جذور الرواية. أصبحت الرواية شكلاً ثابتًا من أشكال الأدب في القرن الثامن عشر الميلادي في إنجلترا. غير أن جذورها تمتد إلى الأدبين الإغريقي والروماني القديمين. وتمتزج في الأدب الروائي بما فيه من خيال، بعض سمات الأدب غير الروائي كالتأريخ والسيرة الذاتية، لكن الرواية تختلف عن هذه الفنون غير الروائية بملامح فنية خاصة بها، كالحبكة والموضوع وتقنيات القصّ.

الروايات الإغريقية والرومانية القديمة. كانت الأنماط الأدبية السردية في القديم تكتب شعرًا، وأفضل أنماطها الملحمة التي تتحدّث عن إنجازات أبطال وآلهة وثنيين أسطوريين، مثل الإلياذة والأوديسة لهومر. كما كَتَب الإغريق قصصًا روائية طويلة تسمَّى القصص الخيالية. تصف مغامرات خيالية في بلاد أجنبية أو مآزق العشاق الشباب. وكذلك كتبوا القصص الخيالية الرعوية عن قصص حبّ الرّعاة. ومن أهم الأنماط السردية لدى الرومان التي تخالف تمامًا قصص الإغريق عن الحبّ المثالي، روايات الستيريكون و الحمار الذهبيّ والمسوخ.

الروايات الأوروبية اللاحقة. اشتهرت في أوروبا قصص الفروسية الخيالية التي تتحدّث عن الحب والمغامرة في أواخر القرون الوسطى. وكان معظمها يدور حول ملك إنجلترا الأسطوري الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة. أما في أسبانيا فقد ظهرت خلال القرن السادس عشر الميلادي عدَّة أعمال سرديّة أكثر واقعية مثل: لثريو دي تورمس ويعدُّها بعض النقاد أول رواية في أدب الصعاليك (البيكارسك)، وأبطالها من اللصوص والقراصنة بدلاً من الفرسان.

وفي الأعمال السردية الأسبانية تحلُّ المدنية محل الغابات والقلاع. ويعتقد بعض النقاد أن أول رواية هي رائعة ميغل دي سرفانتس دون كيشوت، لكن نقادًا آخرين يعارضون هذا الرأي ويقولون إنها ساعدت كثيرًا في تطوير الفن الروائي. وتدور رواية دون كيشوت عن مالك أرض في منتصف العمر، تعبث برأسه أحلام مثالية بسبب قراءته لقصص الفروسية الخرافية، فيتخيّل نفسه فارسًا يجوب العالم ليدفع الظلم. وخلافًا للشخصيات التي تصورها الفروسية الخرافية، فإن شخصية دون كيشوت ترتكب أخطاء مأساوية محزنة.

ازدهار الرواية الإنجليزية. ظهرت الرواية الإنجليزية شكلاً أدبيًا بارزًا في إنجلترا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، ويعد بعض النقاد دانيال ديفو أول روائي في إنجلترا بالرغم من افتقار رواياته لحبكة موحدة. فكلتا روايتيه روبنسون كروزو (1719م) و مول فلاندرز سلسلة من الأحداث في حياة أشخاص عاديين، لكنهم أكثر ذكاء من غيرهم.

أما صمويل ريتشاردسون فقد كتب رواياته بحبكات واضحة، كما تميزت رواية هنري فيلدينج حكايات توم جونز اللقيط (1749م) بحبكتها الطويلة المترابطة التي تحكي مغامرات مضحكة لطفل يتيم. ويُعد لورانس ستيرن من كبار المجربين في حقل الرواية، فروايته تريسترام شاندي (1767م) رواية غير تقليدية، تقوم على الحوار والذكريات أكثر من الحركة والأحداث.

وبالمثل يُعدُّ توبياس سموليت من كتاب الرواية الرواد المعروفين في هذه الفترة. وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين اشتهرت في إنجلترا الرواية القوطية وهي روايات الإثارة والرعب، مثل: فرانكنشتين (1818م) لماري شيللي.
الرواية في القرن التاسع عشر

أنجبت روسيا خلال القرن التاسع عشر الميلادي روائيَيْن كبيرَيْن هما ليو تولستوي وفيودور دوستويفسكي، وكلاهما من كبار أساتذة المدرسة الواقعية. وإن كانت رائعة تولستوي الحرب والسّلام (1869م) تصوِّر أحداث هجوم نابليون الأول على روسيا، إلا أن هذه الأحداث تتداخل مع قصص أخرى، تصوَّر حياة طبقات مختلفة من المجتمع الروسي، كما تقدّم رواية أنَّا كارنينا (1875- 1877م) للمؤلِّف نفسه قصة حب مأساوية. على حين اشتهر دوستويفسكي بتحليله أغوار النفس الإنسانية ومعالجته للأفكار الفلسفية. ومن أشهر رواياته في هذا الميدان الجريمة والعقاب (1866م) والإخوة كارامازوف (1879-1880م).

أضاف كُتّاب هذا القرن من الإنجليز إضافات بارزة إلى تقنيات الروائيين الأوائل، فأنتجوا أعمالاً كثيرة رائعة. كما كتب روائيون آخرون من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة روايات ذات قيمة أدبية كبيرة. وقد سيطرت الحركة الرومانسية ـ التي تقوم على التعبير الكامل عن العواطف والخيال ـ على أدب أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. ثم أعقبتها الحركة الواقعية التي تنادي بتصوير الحياة بدقة كما هي.

ففي بريطانيا أبدع الكاتب الأسكتلندي الرومانسي السير وولتر سكوت الروايات التاريخية وساعد على انتشارها. ومن أشهر هذه الروايات ويفرلي (1814م) وإيفانهو (1819م). وقد ظهرت روايات العادات والتقاليد خلال القرن التاسع عشر الميلادي متأثرة بأسلوب العلاقات الاجتماعية وحياة طبقات معينة. ومن أشهر هذه الروايات رواية الكبرياء والتحامل (1813م) لجين أوستن التي تناولت التقاليد الاجتماعية ومشكلات الحب والزواج.

ومن أشهر الروائيين والروايات التي ناقشت زيف الطبقات الارستقراطية والبرجوازية ما كتبه وليم تاكاري في سوق الغرور (1847-1848م) وتشارلز ديكنز في أوليفر تويست (1837 - 1839م) وهي تعرض لمشكلات الطبقات الدنيا في لندن. وجورج إليوت في سيلاس مارنر (1861م) وتعرض لمجتمع القرية والمدن الصغيرة، وتوماس هاردي في دير برفيل (1891م)، حيث عرض لشخصيات قدّرت عليها حياة مأساوية.

وفي فرنسا أثر الروائيون الفرنسيون في تطور الرواية خلال القرن العشرين الميلادي تأثيرًا كبيرًا. إذ ساهم ستندال في تطور الرواية النفسيّة كما كتب جوستاف فلوبير مدام بوفاري (1856م) بتفاصيل واقعية تعطي صورة مرئية عن الأجواء الداخلية لشخصياته. وقد أثرت طريقته هذه في عدد من الكتاب. وساهم إميل زولا في إرساء دعائم المدرسة الطبيعية، فأصبحت اتجاهًا مهمًا في الأدب خلال هذا القرن. وقدَّم في رواية جرمينال (1885م) شخصيات تعيش في ظروف خارجة عن إرادتها.

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من كبار الروائيين خلال القرن التاسع عشر الميلادي، منهم ناثانيل هووثورن الذي اشتهر باستخدام الأسلوب الرمزي وتحليل الجوانب الخفية في حياة شخصياته وسلوكها كما في روايته الحرف القرمزي (1850م). كما كتب هرمان ملفيل موبي ديك أو الحوت (1851م). وتثير هذه الرواية، في قالب رمزي، أسئلة فلسفية عن الخير والشر. أما الكاتب مارك توين فعُرف بأسلوبه الفكاهي الساخر واستخدامه اللهجة العامية الخاصة لتعرية نفاق المجتمع وقسوته. وأطيب مثال على ذلك روايته مغامرات هكلبري فن (1884م). ويتصدر هذه الفترة كاتب كبير هو هنري جيمس الذي كان متمكِّنًا من تقنية كتابة الرواية وبنائها المسرحي، خاصة في معالجاته للعلاقات الاجتماعية وتصويره لنفسيات الشخصيات الذكية الحساسة التي قدَّمها في روايتيه صورة سيِّدة (1880-1881م) و السفراء (1903م).

أثَّرت حركة المدرسة الطبيعية الفرنسية في أواخر القرن العشرين الميلادي على أدباء أمريكا، مثل ثيودور درايزر. وستيفن كرين الذي صوّر قسوة الأحياء الفقيرة في روايته ماجي فتاة الطريق (1893م). أما روايات وليم فوكنر فتؤكد على انهيار المعايير الأخلاقية التقليدية.
يتبع,,,,,,,,,,,,

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:24
الرواية الحديثة في القرن العشرين

قام الروائيون من مختلف البلاد في القرن العشرين بتجارب متنوعة في إبداع الرواية وتقنيتها وأنواع الحبكة. وتناول الكثير منهم التغيرات الاجتماعية التي طرأت بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.


تيارات جديدة في الرواية. صوّر جوزيف كونراد ـ البولندي الأصل ـ في أوائل هذا القرن جانب قسوة الإنسان وأنانيته في روايته نوسترومو (1904م). كما جرّب مارسيل بروست في فرنسا تقنية الكتابة بوصفها أحلام يقظة شاعرية. ففي رائعته تذكر الأشياء الماضية (1913-1927م) عمد إلى فقرات مستفيضة من الحوار في هذا اللون من الأحلام. وحاكاه في هذا الأسلوب أندريه جيد ولويس فيردناند سلين.

كما استخدم جيمس جويس في إنجلترا تقنية تيار الوعي للتعبير عن الرؤى والمشاعر والذكريات التي تفيض بها عقول شخصياته. ويؤكد جويس في يوليسيز (1922م) انهيار القيم الشخصية وتفاهة النشاط الإنساني في الحياة المعاصرة. وكذلك كتبت فرجينيا وولف بالتقنية نفسها مع استخدام الرمزية بأسلوب شاعري مؤكدة على هشاشة العلاقات الإنسانية في خضم القيم الاجتماعية المنهارة. وقد تبدّى ذلك في روايتها إلى الفنار (1927م).

وفي أمريكا صوّر سكوت فيتزجيرالد الخواء الأخلاقي للأثرياء الأمريكيين في جاتسبي العظيم (1925م). كما عبّر هرمان ملفيل وإرنست همنجواي عن شعور الأمريكيين بالضياع بعد الحرب العالمية الأولى في رائعتيه: الشمس تشرق أيضًا (1926م) و وداعًا للسلاح (1929م).

وكتب فرانز كافكا، التشيكي الأصل، باللغة الألمانية روايات تتسم بأجواء خيالية، مثل الكابوس ، وصوّر في المحاكمة (1925م) إحباط الرجل العادي ويأسه في دوامة البيروقراطية الحكومية. كما كتب الروائي الألماني توماس مان عن إحباطات الحياة الحديثة من خلال شخصياته الحساسة المثقَّفة في روايتيه الجبل السحري (1924م) ودكتور فاوست (1947م).

وكان للحركة الوجودية ـ بوصفها حركة فلسفية ـ أثر كبير على الأدب الفرنسي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. وترى هذه المدرسة أن الحياة مشوشة وليس لها معنى، وأنّ على الإنسان أن يختار طريقه على مسؤوليته الخاصة. وقد أسفرت هذه الحركة عن روايات من أشهرها الغثيان (1938م) لـ جان بول سارتر والغريب (1942م) لـ ألبيرت كامو.


فترة مابعد الحرب العالمية الثانية. ظهر شكل تجريبيّ في فرنسا للرواية خلال الخمسينيات من القرن العشرين عرف باسم الرواية الجديدة. وقد رفض أصحاب هذا الاتجاه السمات التقليدية للرواية، مثل الحبكة المنظمة والشخصيات الواضحة المعالم وركزوا على وصف دقيق للأشياء والأحداث كما هي. وتمثل هذا الاتجاه رواية آلان روب جرييه المسمَّاة الغيرة (1957م). ويعدّ صمويل بيكيت ـ الأيرلندي الأصل ـ أكثر أدباء الخمسينيات تأثيرًا على اتجاه الرواية في كتاباته سواء بالفرنسية أو الإنجليزية. وتركز روايته وفاة مالون على الهستيريا التي أصابت مالون عند وفاته.

وتناول جراهام جرين ووليم جولدينج، وهما من أشهر الروائيين الإنجليز بعد الحرب، القضايا الأخلاقية والدينية، أولهما في لب المشكلة (1948م) والآخر في ملك الذباب (1954م).

كما كتب أدباء أمريكا روايات تقليدية مثل القابض في الجودار (1951م) للكاتب ج. د. سالينجر. بينما ركَّز جيمس بولدوين و رالف أليسون على مشكلات الزنوج في المجتمع الأمريكي، فكتب الأول اذهب وقل ذلك على الجبل (1953م) والآخر الرجل الخفي (1952م).

وفي الستينيات من القرن العشرين أصبح أسلوب الفكاهة السوداء أسلوبًا شائعًا. فيتناول الكاتب في هذا اللون من الروايات المشكلات الجادة بطريقة مضحكة مبكية. فرواية جوزيف هلر الممسك 22 تتحدث بصورة مضحكة عن عبثية الحرب والمؤسسات العسكرية غير أنها تصوّر في الوقت نفسه الضياع المخيف الذي تخلفه الحرب.

تتسم الرواية اليوم بتيارات عالمية ظهرت في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، ويُعد مؤلفو الروايات غير الخيالية من أصحاب هذه التيارات. ويود كتَّاب هذا التيّار أن يجمعوا بين الأسلوب الوثائقي عن الأحداث الحقيقية وتقنية الكتابة الروائية. ويظهر هذا بوضوح في رواية ترومان كابوت مع سبق الإصرار (1959م) التي كتبت بأسلوب صحفي يعتمد على وثائق عن جريمة حقيقية. كما مزج الكاتب البريطاني بيتر أكرويد في كتاباته في الثمانينيات الحقائق التاريخية بالخيال الروائي.

وقد أصبحت الرواية اليوم شكلاً أدبيًا عالميًا. ويشمل الأدباء الذين يكتبون بالإنجليزية، أدباء أستراليين مثل: باتريك وايت الحائز على جائزة نوبل للأداب عام 1973م، والأديب الهندي راسبيورام نارايان كاتب بائع الحلوى (1967م). واشتهر نيبول، ف.س من منطقة الكاريبي بروايته منحنى النهر (1979م). ومن كتَّاب جنوب إفريقيا الذين يكتبون بالإنجليزية والأفرِيكانية؛ أندريه برنك مؤلف انظر إلى الظلام (1974م). ومن كتاب إفريقيا أيضًا الأديب النيجيري شينوا أتشيبي بروايته رجل الشعب (1966م). وفي أيرلندا اشتهر فلان أوبريان وبراين مور. ومن أشهر أدباء بريطانيا الجدد مارتن أميس، ووليم بويد وأنيتا بروكنر و أ. ن. ولسون وجوليان بارنز وأيضًا كازو إيشيجورو الياباني الأصل.

وهناك روائيون جدد يكتبون بلغات أخرى غير الإنجليزية، مثل كارلوس فيونتس في المكسيك، وماريو فارجاس لوسا في بيرو، وجورجي لويس بورجيس في الأرجنتين. وجميعهم يكتبون باللغة الأسبانية. ويكتب جورج أمادو من البرازيل باللغة البرتغالية. واشتهر الإيطالي إيتالو كالفينو والروائية الفرنسية مارجريت دورا مؤلفة رواية العاشق (1984م).

الرواية في الأدب العربي

تعود نشأة الرواية العربية إلى التأثر المباشر بالرواية الغربية بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ولا يعني هذا التأثر أن التراث العربي لم يعرف شكلاً روائيًا خاصًا به. فقد كان التراث حافلاً بإرهاصات قصصية، تمثلت في حكايات السمار والسير الشعبية وقصص العذريين وأضرابهم، والقَصَص الديني والفلسفي. أما المقامات العربية فذات مقام خاص في بدايات فن القص والرواية في الأدب العربي. فقد تركت بصمات واضحة في مؤلف المويلحي حديث عيسى بن هشام وفي مؤلفات غيره من المحدثين الذين اتخذوا من أسلوب المقامة شكلاً فنيًا لهم.

وتعزى أول محاولة لنقل الرواية الغربية إلى عالم الرواية العربية إلى رفاعة رافع الطهطاويّ في ترجمته لرواية "فينيلون" مغامرات تليماك (1867م) ولعلّ رواية سليم البستاني الهيام في جنان الشام (1870م) أول رواية عربية قلبًا وقالبًا.

وتظل الرواية العربية قبل الحرب العالمية الأولى على حالة من التشويش والبعد عن القواعد الفنية وأقرب ماتكون إلى التعريب والاقتباس حتى ظهور رواية زينب (1914م) لمحمد حسين هيكل، التي يكاد يتفق النقاد على أنها بداية الرواية العربية الفنيّة، حيث اقترب المؤلف فيها من البنية الفنية للرواية الغربية التي كانت في أوج ازدهارها آنذاك. وقد عالجت رواية زينب واقع الريف المصري وهو أمر لم تألفه الكتابة الروائية قبل ذلك.

وعقب الحرب العالمية الأولى ومع بداية الثلاثينيات من القرن العشرين بدأت الرواية العربية تتخذ سمتًا أكثر فنية وأعمق أصالة. وكان ذلك على يد مجموعة من الكتاب ممن تأثروا بالثقافة الغربية أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم وعيسى عبيد والمازني ومحمود تيمور وغيرهم.

فقد نقلت روايات الأربعينيات والخمسينيات الإبداع الروائي في الأدب العربي نقلة جديدة، ومن أبرز كتاب هذه الفترة عبد الحميد جودة السحار ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس إلا أن الروائي المصري نجيب محفوظ يُعَدّ سيِّد هذا الميدان غير مدافع. فرواياته خان الخليلي و زقاق المدق، و الثلاثية تمثل رؤية جديدة أضافت إلى أجواء الرواية عوالم أرحب وأوسع. وفي الستينيات من القرن العشرين بدأ نجيب محفوظ يبدع عالَـمًا روائيًا جديدًا مستخدمًا تقنيات أكثر إبداعًا وأكثر تعقيدًا، وتقف رواياته اللص والكلاب؛ السمان والخريف؛ الطريق؛ الشحاذ؛ ثرثرة فوق النيل معلمًا بارزًا في مسيرة الرواية الجديدة، ذلك أن المضامين الاجتماعية التي عني بها من قبل امتزجت بها في هذه المرحلة مضامين فكرية وإنسانية ونفسية احتاجت إلى شكل روائيً أكثر فنية من مرحلته السابقة. وقد أجبرت هزيمة عام 1967م الروائي العربي إلى إعادة النظر في تيار الرواية، الذي كان سائدًا قبل الهزيمة، فظهرت من ثَمَّ أنماطٌ روائية جديدة، فيها ثورة على الأساليب التقليدية، كالحبكة والبطل والسرد التاريخي. وكانت لنجيب محفوظ إضافة لاتنكر في هذه المرحلة. ظهر بعد ذلك جيل آخر من الروائيين العرب، سُمِّي بالحداثيين، خرجوا على رؤية الرواية التقليدية وتقنياتها. وعلى أيدي هؤلاء الكتاب مثل: صنع الله إبراهيم وحنا مينا وجمال الغيطاني وإدوار الخراط والطيب صالح وبهاء طاهر وإميل حبيبي والطاهر وطّار وعبدالرحمن منيف وغيرهم ظهرت رؤية روائية تحمل اتجاهات معاصرة وحداثية مختلفة، من أهم سماتها أن الخطاب الروائي تجاوز المفاهيم التقليدية حول الرواية في عصورها الكلاسيكية والرومانسية والواقعية الجديدة؛ وتداخلت أساليبها مع تداخلات العالم الخيالي والصوفي والواقعي والتاريخي، مما جعلها، سواء في حبكتها أو شخوصها، أكثر تعقيدًا وأعمق تركيبًا.

ووصلت الرواية بذلك إلى دُنيا النص المفتوح الذي يفضي إلى قراءات متعددة لا تصل إلى تفسير نهائي للخطاب الروائي كما كان الحال في الروايات السابقة.

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:29
تعريف القصة : ( الرواية)
القصــــة
تعريف القصة :
سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثرًا أو شعرًا يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء. ويقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص المرموقين: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده.
تعريفات حول القصة والحكاية
القصة القصيرة :
سرد قصصي قصير نسبيًا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها. والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية (أو مجموعة من الشخصيات) تقدم في مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف. وهذا الصراع الدرامي أي اصطدام قوى متضادة ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة. فالتوتر من العناصر البنائية للقصة القصيرة كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة.
ويذهب بعض الباحثين إلى الزعم بأن القصة القصيرة قد وجدت طوال التاريخ بأشكال مختلفة؛ مثل قصص العهد القديم عن الملك داوود، وسيدنا يوسف وراعوث، وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية في زعمهم هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم.
ويعتبر ( إدجار ألن بو ) من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب . وقد ازدهر هذا اللون من الأدب،في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي ( موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن )، ومئات من فناني القصة القصيرة. وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا ، ومحمد المر في دولة الإمارات.
الحكاية :
سرد قصصي يروي تفصيلات حدث واقعي أو متخيل، وهو ينطبق عادة على القصص البسيطة ذات الحبكة المتراخية الترابط، مثل حكايات ألف ليلة وليلة ومن أشهر الحكايات "حكايات كانتربري" لتشوسر. وقد يشير التعبير دون دقة إلى رواية كما هي الحال في حكاية (قصة) مدينتين لديكنز.
الحكاية الشعبية :
خرافة (أو سرد قصصي) تضرب جذورها في أوساط شعب وتعد من مأثوراته التقليدية. وخاصة في التراث الشفاهي. ويغطي المصطلح مدى واسعا من المواد ابتداء من الأساطير السافرة إلى حكايات الجان. وتعد ألف ليلة وليلة مجموعة ذائعة الشهرة من هذه الحكايات الشعبية.
اللغة ونوعها ومستواها في العمل القصصي:
فاللغة العامية لغة مبتذلة لا تقوى على إقامة معان ذات إيحاءات متعددة مؤثرة، كما هو الحال في اللغة الأدبية الفصحى.
عناصر القصة :
1- الفكرة والمغزى:
وهو الهدف الذي يحاول الكاتب عرضه في القصة، أو هو الدرس والعبرة التي يريدنا منا تعلُّمه ؛ لذلك يفضل قراءة القصة أكثر من مرة واستبعاد الأحكام المسبقة ، والتركيز على العلاقة بين الأشخاص والأحداث والأفكار المطروحة ، وربط كل ذلك بعنوان القصة وأسماء الشخوص وطبقاتهم الاجتماعية …
2- الحــدث:
وهو مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيبا سببياً ،تدور حول موضوع عام، وتصور الشخصية وتكشف عن صراعها مع الشخصيات الأخرى … وتتحقق وحدة الحدث عندما يجيب الكاتب على أربعة أسئلة هي : كيف وأين ومتى ولماذا وقع الحدث ؟ . ويعرض الكاتب الحدث بوجهة نظر الراوي الذي يقدم لنا معلومات كلية أو جزئية ، فالراوي قد يكون كلي العلم ، أو محدودة ، وقد يكون بصيغة الأنا ( السردي ) . وقد لا يكون في القصة راوٍ ، وإنما يعتمد الحدث حينئذٍ على حوار الشخصيات والزمان والمكان وما ينتج عن ذلك من صراع يطور الحدث ويدفعه إلى الأمام .أو يعتمد على الحديث الداخلي …
3- العقدة أو الحبكة :
وهي مجموعة من الحوادث مرتبطة زمنيا ، ومعيار الحبكة الممتازة هو وحدتها ، ولفهم الحبكة يمكن للقارئ أن يسأل نفسه الأسئلة التالية : -
- ما الصراع الذي تدور حوله الحبكة ؟ أهو داخلي أم خارجي؟.
- ما أهم الحوادث التي تشكل الحبكة ؟ وهل الحوادث مرتبة على نسق تاريخي أم نفسي؟
- ما التغيرات الحاصلة بين بداية الحبكة ونهايتها ؟ وهل هي مقنعة أم مفتعلة؟
- هل الحبكة متماسكة .
- هل يمكن شرح الحبكة بالاعتماد على عناصرها من عرض وحدث صاعد وأزمة، وحدث نازل وخاتمة .
4- القصة والشخوص:
يختار الكاتب شخوصه من الحياة عادة ، ويحرص على عرضها واضحة في الأبعاد التالية :
أولا : البعد الجسمي : ويتمثل في صفات الجسم من طول وقصر وبدانة ونحافة وذكر أو أنثى وعيوبها ، وسنها .
ثانيا: البعد الاجتماعي: ويتمثل في انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعية وفي نوع العمل الذي يقوم به وثقافته ونشاطه وكل ظروفه المؤثرة في حياته ، ودينه وجنسيته وهواياته .
ثالثا :البعد النفسي : ويكون في الاستعداد والسلوك من رغبات وآمال وعزيمة وفكر ، ومزاج الشخصية من انفعال وهدوء وانطواء أو انبساط .
5- القصة والبيئة:
تعد البيئة الوسط الطبيعي الذي تجري ضمنه الأحداث وتتحرك فيه الشخوص ضمن بيئة مكانية وزمانية تمارس وجودها .
تعريف القصة : ( الرواية)
القصــــة
تعريف القصة :
سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثرًا أو شعرًا يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء. ويقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص المرموقين: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده.
تعريفات حول القصة والحكاية
القصة القصيرة :
سرد قصصي قصير نسبيًا (قد يقل عن عشرة آلاف كلمة) يهدف إلى إحداث تأثير مفرد مهيمن ويمتلك عناصر الدراما. وفي أغلب الأحوال تركز القصة القصيرة على شخصية واحدة في موقف واحد في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقق هذه الشروط فلا بد أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجه لها. والكثير من القصص القصيرة يتكون من شخصية (أو مجموعة من الشخصيات) تقدم في مواجهة خلفية أو وضع، وتنغمس خلال الفعل الذهني أو الفيزيائي في موقف. وهذا الصراع الدرامي أي اصطدام قوى متضادة ماثل في قلب الكثير من القصص القصيرة الممتازة. فالتوتر من العناصر البنائية للقصة القصيرة كما أن تكامل الانطباع من سمات تلقيها بالإضافة إلى أنها كثيرًا ما تعبر عن صوت منفرد لواحد من جماعة مغمورة.
ويذهب بعض الباحثين إلى الزعم بأن القصة القصيرة قد وجدت طوال التاريخ بأشكال مختلفة؛ مثل قصص العهد القديم عن الملك داوود، وسيدنا يوسف وراعوث، وكانت الأحدوثة وقصص القدوة الأخلاقية في زعمهم هي أشكال العصر الوسيط للقصة القصيرة. ولكن الكثير من الباحثين يعتبرون أن المسألة أكبر من أشكال مختلفة للقصة القصيرة، فذلك الجنس الأدبي يفترض تحرر الفرد العادي من ربقة التبعيات القديمة وظهوره كذات فردية مستقلة تعي حرياتها الباطنة في الشعور والتفكير، ولها خصائصها المميزة لفرديتها على العكس من الأنماط النموذجية الجاهزة التي لعبت دور البطولة في السرد القصصي القديم.
ويعتبر ( إدجار ألن بو ) من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب . وقد ازدهر هذا اللون من الأدب،في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي ( موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن )، ومئات من فناني القصة القصيرة. وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، وزكريا تامر في سوريا ، ومحمد المر في دولة الإمارات.
الحكاية :
سرد قصصي يروي تفصيلات حدث واقعي أو متخيل، وهو ينطبق عادة على القصص البسيطة ذات الحبكة المتراخية الترابط، مثل حكايات ألف ليلة وليلة ومن أشهر الحكايات "حكايات كانتربري" لتشوسر. وقد يشير التعبير دون دقة إلى رواية كما هي الحال في حكاية (قصة) مدينتين لديكنز.
الحكاية الشعبية :
خرافة (أو سرد قصصي) تضرب جذورها في أوساط شعب وتعد من مأثوراته التقليدية. وخاصة في التراث الشفاهي. ويغطي المصطلح مدى واسعا من المواد ابتداء من الأساطير السافرة إلى حكايات الجان. وتعد ألف ليلة وليلة مجموعة ذائعة الشهرة من هذه الحكايات الشعبية.
اللغة ونوعها ومستواها في العمل القصصي:
فاللغة العامية لغة مبتذلة لا تقوى على إقامة معان ذات إيحاءات متعددة مؤثرة، كما هو الحال في اللغة الأدبية الفصحى.
عناصر القصة :
1- الفكرة والمغزى:
وهو الهدف الذي يحاول الكاتب عرضه في القصة، أو هو الدرس والعبرة التي يريدنا منا تعلُّمه ؛ لذلك يفضل قراءة القصة أكثر من مرة واستبعاد الأحكام المسبقة ، والتركيز على العلاقة بين الأشخاص والأحداث والأفكار المطروحة ، وربط كل ذلك بعنوان القصة وأسماء الشخوص وطبقاتهم الاجتماعية …
2- الحــدث:
وهو مجموعة الأفعال والوقائع مرتبة ترتيبا سببياً ،تدور حول موضوع عام، وتصور الشخصية وتكشف عن صراعها مع الشخصيات الأخرى … وتتحقق وحدة الحدث عندما يجيب الكاتب على أربعة أسئلة هي : كيف وأين ومتى ولماذا وقع الحدث ؟ . ويعرض الكاتب الحدث بوجهة نظر الراوي الذي يقدم لنا معلومات كلية أو جزئية ، فالراوي قد يكون كلي العلم ، أو محدودة ، وقد يكون بصيغة الأنا ( السردي ) . وقد لا يكون في القصة راوٍ ، وإنما يعتمد الحدث حينئذٍ على حوار الشخصيات والزمان والمكان وما ينتج عن ذلك من صراع يطور الحدث ويدفعه إلى الأمام .أو يعتمد على الحديث الداخلي …
3- العقدة أو الحبكة :
وهي مجموعة من الحوادث مرتبطة زمنيا ، ومعيار الحبكة الممتازة هو وحدتها ، ولفهم الحبكة يمكن للقارئ أن يسأل نفسه الأسئلة التالية : -
- ما الصراع الذي تدور حوله الحبكة ؟ أهو داخلي أم خارجي؟.
- ما أهم الحوادث التي تشكل الحبكة ؟ وهل الحوادث مرتبة على نسق تاريخي أم نفسي؟
- ما التغيرات الحاصلة بين بداية الحبكة ونهايتها ؟ وهل هي مقنعة أم مفتعلة؟
- هل الحبكة متماسكة .
- هل يمكن شرح الحبكة بالاعتماد على عناصرها من عرض وحدث صاعد وأزمة، وحدث نازل وخاتمة .
4- القصة والشخوص:
يختار الكاتب شخوصه من الحياة عادة ، ويحرص على عرضها واضحة في الأبعاد التالية :
أولا : البعد الجسمي : ويتمثل في صفات الجسم من طول وقصر وبدانة ونحافة وذكر أو أنثى وعيوبها ، وسنها .
ثانيا: البعد الاجتماعي: ويتمثل في انتماء الشخصية إلى طبقة اجتماعية وفي نوع العمل الذي يقوم به وثقافته ونشاطه وكل ظروفه المؤثرة في حياته ، ودينه وجنسيته وهواياته .
ثالثا :البعد النفسي : ويكون في الاستعداد والسلوك من رغبات وآمال وعزيمة وفكر ، ومزاج الشخصية من انفعال وهدوء وانطواء أو انبساط .
5- القصة والبيئة:
تعد البيئة الوسط الطبيعي الذي تجري ضمنه الأحداث وتتحرك فيه الشخوص ضمن بيئة مكانية وزمانية تمارس وجودها .

الصقرالشمالي
2010-02-14, 08:31
الصورة الروائية في الخطاب النقدي
إنجاز الدكتور عزيز القاديلي
المغرب. سلا

تقترح هذه الورقة إثارة الانتباه إلى مفهوم الصورة الروائية باعتباره أحد المفاهيم التي أصبح النقد الأدبي ينشغل بها داخل الساحة النقدية بصفة عامة و الساحة النقدية المغربية على وجه الخصوص.
و هذه الورقة لا تدعي القيام بمسح شامل للدراسات التي اهتمت بهذا المفهوم بل أقصى ما تستطيع هو الوقوف عند أهمها قصد إثارة النقاش من جهة و فتح المجال للتفكير في الأدوات و المنهجية الملائمة التي يمكن أن تسعف الدارس في تناول هذا الموضوع تطبيقيا.
سنحاول إبراز كيف تم التعاطي مع مفهوم الصورة داخل المجالين النقديين المقارن و الروائي قصد تبيان نوعية الأسئلة المطروحة و المنهجية المعتمد عليها.
إن الحديث عن الصورة في المجال الأدبي اقترن لمدة طويلة بالخطاب الشعري، حيث نجد دراسات عديدة تنشغل بمقاربة الصورة داخل مجال الشعر، ومن بين العناوين الدالة على ذلك يكفي أن نقرأ أحد العناوين المشهورة (الصورة الفنية )[1] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn1)حتى نفهم أن الأمر يتعلق بمقاربة نقدية تتخذ النص الشعري حقلا للبحث، ومن هنا نفهم ذلك المصطلح الشائع للصورة الشعرية التي تهتم بالتشبيه، المجاز، الاستعارة، والكناية.
لكن، السؤال الذي يطرح نفسه هو على الشكل التالي:هل الصورة بصفتها مصطلحا نقديا مرتبطة فقط بنقد الشعر؟ و هل صحيح أن مجال توظيفها لم يتجاوز النصوص الشعرية؟
يمكن لنا القول بكل اطمئنان أن دراسة الصورة في المجال الأدبي لم ينحصر فقط بالشعر، بل امتد أيضا إلى النصوص النثرية الروائية على وجه الخصوص، و قد تجسد ذلك في مجموعة من الأبحاث التي تنتمي إلى مجال النقد المقارن من جهة و مجال النقد الروائي من جهة أخرى.
1 الصورة في النقد المقارن.
1-1 صورة في النقد المقارن الغربي
تم الاهتمام بالصورة في النقد المقارن ضمن إطار مبحث الصوراتية (imagologie’.(L و قد عرفه جون مارك مورا وهو أحد المختصين بهذا المجال جون مارك مورا على الشكل التالي:" مجموعة من الأعمال في الأدب المقارن مختصة بتمثلات الأجنبي"[2] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn2). و يرى الباحث أن الموضوعات المفضلة للصوراتية تنحصر في اثنتين:" محكيات الأسفار و الأعمال التخييلية التي تعمل على مسرحت الأجنبي."[3] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn3)
لقد تم ابتداع كلمة الصوراتية في القرن العشرين، حيث استعملت من قبل دارسي علم النفس الاجتماعي في سياق دراستهم لنفسية الشعوب، ثم " تناولت النظرية الأدبية هذا المفهوم عند نهاية سنوات الستينات[من القرن العشرين] للدلالة على الدراسات المقارنة على الدراسات المقارنة حول صُوَر الأجنبي"[4] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn4)
إن الصوراتية تهتم بالعلاقة التي تتم بين الكاتب من جهة و البلد الأجنبي من جهة أخرى، و هي تترصد هذه العلاقة من خلال الأعمال الأدبية. و قد عمقت مفهوم الصورة في ثلاثة اتجاهات:
أولا، تم إعطاء الأولوية للصورة من خلال الاهتمام بمنطقها الداخلي، و من هذا المنطلق أصبح المرجع الذي تحيل عليه ثانويا.
ثانيا، تم التعامل مع الصورة في بعدها المرآوي، بحيث أصبحت تكشف الفضاء الإيديولوجي و الثقافي الذين يتموضع الكاتب و جمهوره بداخلهما و تعمل على ترجمته.
ثالثا، دراسة الصورة في بعديها الجمالي و الاجتماعي لأنها تنتمي إلى متخيل مجتمع ما.
و في نفس الإطار، لاحظ الباحث دانييل هنري باجو في مقال له بعنوان ( من المتصورة الثقافية إلى المتخيل)[5] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn5) أنه إذا كانت فرنسا سباقة في الاهتمام بالصوراتية فإن هذه الأخيرة عرفت في ما بعد اهتماما متزايدا في كل من إنجلترا و ألمانيا.
إنها تشكل المجال الذي تتقاطع بداخله مجموعة من الأبحاث المنجزة من قبل باحثين أنثربولوجيين، وإتنولوجيين، و سوسيولوجيين، و مؤرخي العقليات الذين يطرحون قضايا و أسئلة تتعلق بالتثاقف، و الاستلاب الثقافي إلى غير ذلك من القضايا. إن هذا التقاطع يرجع إلى كون أحد مهام الدارس المقارن تكمن في إعادة طرح نفس اهتمامات الباحثين المشار إليهم أعلاه على الحقل الأدبي لأن الأمر بالنسبة لهذا الدارس هو " إدراج التفكير الأدبي داخل تحليل عام يخص ثقافة مجتمع واحد أو أكثر"[6] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn6)
أما الطابع الأدبي للصوراتية فيكمن في ما يسميه باجو بالصورة (الأدبية) L'Image littéraireا حيث يعرفها على أنها " مجموعة من الأفكار المتعلقة بالأجنبي الممسك بها في إطار سيرورة ما هو أدبي و اجتماعي"[7] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn7)
يعمل باجو على صياغة مفهوم للصورة باعتباره فرضية عمل أكثر منه تعريفا على الشكل التالي: " كل صورة تنبثق عن وعي، مهما كان ضئيلا، لأنا في علاقتها بالآخر، و لهنا في علاقتها بمكان آخر. فالصورة إذن تعبير، أدبي أو غير أدبي، عن انزياح دلالي ما بين مستويين للواقع الثقافي"[8] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn8).
إن الصورة يمكن أن تشكل أيضا تعبيرا أدبيا عن فارق واضح بين نظامين ثقافيين، من هنا يمكن اعتبارها تمثلا لواقع ثقافي من خلاله يترجم الفرد أو الجماعة التي تنتجها فضاءهما الاجتماعي، الثقافي، الإيديولوجي و التخييلي.
و باعتبارها تمثلا، فإن عناصر الصورة الحاضرة في الفكر تقوم مقام خليط من العواطف والأفكار التي من الأهمية بمكان أن يتم القبض على أصدائها العاطفية والإيديولوجية. إن الصورة المقارنة في نظر الدارس ليست استنساخا للواقع، بل تتشكل انطلاقا من خطاطات وإجراءات موجودة بشكل مسبق داخل الثقافة الناظرة. إنها حدث ثقافي، و مكانها لا ينفصل عن العالم الرمزي المسمى بالمتخيل، هذا الأخير لا يمكن فصله عن التنظيم الاجتماعي لثقافة ما، ومن هنا تسميته بالمتخيل الاجتماعي.
يقدم الباحث بعض الآليات لتحليل الصورة داخل مجال الأدب المقارن، وهي آليات تتناول العناصر التي انطلاقا منها تتشكـل هذه الصـورة، وهـذه العناصـر هـي: الكلـمة (أو المعجم) ، العلاقات المقدمة بشكل هرمي ما بين الأنا والآخر، ثم السيناريو.إن النص الأدبي هنا يتخذ على أنه وثيقة أنثروبولوجية، ينكشف من خلال تحليله نظام قيم الآخر وتعبيرات ثقافته بالمعنى الأنثروبولوجي.
بهذا المعنى تبدو الصوراتية تنويعا على الموضوعاتية، فهي تسائل قضايا مهمة مثل الهوية والعلاقات الممكنة بين الذات والآخر. والمكسب الأساسي الذي افتتحته داخل مجال الأدب المقارن هو الاعتراف بشكل واضح بمشروعية تناول الصورة داخل مجال النثر وخصوصا الرواية، وتقديم بعض الآليات المنهجية التي تمنح الإمكانية للتحليل الأدبي من مقاربة الصورة داخل النصوص الروائية.
2-1الصورة في النقد المقارن العربي
إن الانشغال بالصوراتية لم ينحصر فقط في الأدب المقارن الغربي، بل كان له صدى كبير في الأدب المقارن العربي و المغربي أيضا، بحيث اهتمت دراسات عربية عديدة بالعلاقة القائمة بين الثقافة العربية من جهة، و الثقافة الغربية من جهة أخرى و كيف تنظر كل ثقافة إلى أخرى. سنقدم على سبيل المثال دراستين: الأولى لعبد المجيد حنون، و الثانية للدكتور محمد أنقار.
في دراسة لعبد المجيد حنون تحت عنوان: (صورة الفرنسي في الرواية المغربية)[9] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn9) حاول الباحث دراسة صورة الفرنسي كما رسمها الروائي المغربي. و الملاحظ أن الباحث يعي منطلقاته من خلال تقسيمه لصور الشعوب إلى نوعين: "صورة شعب في أدبه: مثل صورة الفرنسيين في أدبهم أو صورة المرأة الألمانية لدى أديب ألماني[...] وهناك صورة أخرى هي صورة شعب في أدب شعب آخر"[10] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn10)
و في نظر الباحث أن الموضوعات التي تتعامل مع الصورة تتكون من شقين:"الشق الأول صورة بلد أو شعب أو شخص يمثل شعبه أو بلده، و الشق الثاني يتكون من انعكاس صورة البلد أو الشعب أو الشخص في أدب شعب آخر أو أدب أديب من ذلك الشعب."[11] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn11)
و يدرك الدارس جيدا أن مبحثه يندرج ضمن الأدب المقارن الذي يرى أن الاهتمام به آخذ بالتزايد داخل الآداب الغربية في مقابل ندرته في الأدب العربي.
هناك مسألة أخرى يعيها الكاتب جيدا تتعلق كونه يشغل مفهوم الصورة. و يعمل على تحديده على الشكل التالي:" فكلمة (صورة) في مفهومها العادي تعني تمثيلا معقولا أو أمينا، لكن الذين تحدثوا عن (صورة الشعوب) يحددون بأنهم يقصدون (بصورة الشعب) (كل ما في الذهن حول ذلك الشعب)"[12] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn12)
ثم يستخلص الدارس تعريفا للصورة يقول فيه:" الصورة إذن تمثيل يعتمد على معلومات شبه ثابتة ذات طابع عام و معقول، و لها شيء من الواقع الملموس"[13] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn13)
و لتحديد صورة الفرنسي في الرواية المغربية فإن الباحث يقوم بدراسة الشخصيات الفرنسية و رصد كيفية رسمها داخل الأعمال الروائية المغربية. و تقوم منهجيته في ذلك على " استخلاص الصفات المادية و المعنوية المبثوثة في كل رواية، و تجميعها لتتخذ كل شخصية سماتها و ملامحها العامة"[14] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn14).
إن الهم الأساسي لهذه الدراسة هو استخلاص صورة معينة للفرنسي من خلال فرز الشخصيات و تصنيفها و ترتيبها جسميا و فعليا و معنويا، للوصول في الأخير إلى نموذج واحد يعبر عن تمثل للشخصيات الفرنسية جمعاء.
من بين الدراسات الأخرى المقارنة التي انشغلت بمفهوم الصورة يمكن أن نسوق دراسة لمحمد أنقار في كتابه" بناء الصورة في الرواية الاستعمارية "[15] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn15).
إن الدارس بقدرما يعي كون عمله التحليلي يندرج ضمن إطار الصوراتية التي هي دراسة صورة الآخر في الأدب المقارن، فإنه من جهة أخرى يستخدم مفهوم الصورة الروائية للدلالة على محاولة غرس مبحثه داخل إطار الجنس الأدبي الروائي.
إننا نجد أنقار يستخدم أيضا مفهوم الصورة السردية و ذلك لتمييزها عن نوع آخر من الصور كالصورة الشعرية مثلا.
بعد أن يقوم الدارس بتعريف الصورة عربيا على أنها الهيئة والشكل، النوع والصفة، ينتقل لتحديد الصورة الروائية باعتبارها " نقلا فنيا، و محاولة لتجسيم معطيات الواقع الخارجي بواسطة اللغة"[16] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn16). إن الصورة الروائية في نظر أنقار لا تكتسب بلاغتها فقط من داخل الإطار المتعلق بالتشبيه والمجاز والاستعارة، إن هذا الإطار ليس سوى إمكانية تصويرية واحدة من بين إمكانات هائلة تتيحها اللغة.
ويخلص الكاتب إلى إعطاء تحديد أكثر شمولية للصورة الروائية، حيث يعتبرها: "نقلا لغويا لمعطيات الواقع، وهي تقليد وتشكيل وتركيب وتنظيم في وحدة، وهي هيئة وشكل ونوع وصفة، وهي ذات مظهر عقلي ووظيفة تمثيلية، ثرية في قوالبها ثراء فنون الرسم والحفر والتصوير الشمسي، موغلة في امتداداتها إيغال الرموز والصور النفسية والاجتماعية والأنثروبولوجية و الإثنية، جمالية في وظائفها مثلما هي سائر صور البلاغة ومحسناتها، ثم هي حسية، وقبل كل شيء، هي إفراز خيالي".[17] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn17)
و بإمكاننا أن نستخلص مجموعة من التحديدات الإضافية المتعلقة بالصورة الروائية كما يقدمها محمد أنقار و هي على الشكل التالي:
أول تحديد يمكن لنا الإشارة إليه هو أن الصورة الروائية تتشكل من خلال التصوير اللغوي، و بفعل الوظائف التي تقوم بها داخل إطار السرد. إن التصوير اللغوي يتم بناؤه انطلاقا من السياق النصي، المستوى الذهني، قواعد الجنس، الطاقة اللغوية والطاقة البلاغية. وللتدليل على هذا يأخذ الباحث مقطعا من رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ، ويعلق عليه بالقول بأن "اللغة في تلك الصورة تصف، وتستثير تراكيبها جملة من التصورات الذهنية"[18] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn18)
ويعمل الدارس على استخراج كلمات يتصل حقلها المعجمي بالفضاء، ليدلل على أنها تبني الصورة.
يرفض الباحث اعتبار الصورة حكرا على الشعر وحده، مشيرا إلى أن قوانينها ليست هي نفسها في الشعر، معترفا بأن "النقد الأدبي يفتقر راهنا إلى تصور نظري عن الصورة الروائية التي لم ترق بعد إلى مستوى الإشكال، لذلك لن يكون هناك كشف عن ماهيتها بعيدا عن معاينة المنطق المتحكم في تكوين الصورة الشعرية واستثمار الموروث النقدي الثري الذي واكبها"[19] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn19).
ثاني تحديد يمكن لنا الإشارة إليه في معرض استخلاص كيفية تصور أنقار للصورة الروائية ننفتح عليه من خلال السؤال الذي يطرحه الباحث وهو :
"كيف تتشكل الصـورة الروائيـة ؟ ومتى تتحول من مجموعة من الكلمات في نص سردي إلى صـورة روائيـة ؟."[20] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn20)
إن الصورة الروائية لا تتحقق إلا داخل النص. وبما أننا أمام نص سردي، فإن مكونات هذا النص السردي من فقرة، ومشهد، ومقطوعة، وحوار، وأحداث، وفضاء وشخصية، وموضوع، وانطباع ذهني ونفسي اللذين يثيرهما ذلك المجموع في المتلقي يساهم في ذلك التحقق.
و في نظر أنقار أن صورة الشخصية الإنسانية المتمظهرة في السرد الروائي يتم بناؤها من خلال علاقة الشخصية بالزمان والمكان، و الأفعال التي تقوم بها، والأدوار التي تؤديها هذه الشخصية.
يميز الباحث بين الصورة الجزئية والصورة الكلية، حيث يرى أن" الصورة الجزئية تتسم بالحضور الفعلي داخل النص"[21] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn21)، أما الصورة الكلية فهي لا يمكن أن تكتمل إلا بعد الانتهاء من الإطلاع الكلي على المتن، إن كيان الصورة لا يتحقق إلا في إطار الكلية.
وبما أن الصورة تتعرض للتقييم، فإن أنقار يميز بين نوعين من الصور : صورة مختلة وأخرى متوازنة.
وبعد أن يرصد طبيعة الصورة و علاقاتها بجملة من المكونات الروائية، يصل إلى افتراض مفاده أن الصورة الروائية "هي أيضا نسق من المجاز، خاصة في بعده التماثلي،من هنا تصبح الإمكانات البلاغية وسائل إجرائية مسعفة في تقنين الجانب التشبيهي من تلك الصورة وتأطيره"[22] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn22).
و يستفيد الدارس من مجموعة من الدراسات و الأبحاث كتلك التي يقدمها ستيفان أولمان من جهة، و نظرية التلقي من جهة أخرى في شخص إيزر. و هذا يرجع إلى كون تحقق الصورة في نظر الدارس يتم بالارتكاز على بعدين أساسيين هما: البعد الأسلوبي و البعد الذهني.
إن أنقار يعترف بأن الصورة الروائية لم تتخذ لنفسها التحديد النهائي، فهي ما تزال في إطار التبلور والاجتهاد، و ما قام به يدخل فقط في إطار محاولة إغناء الدرس النقدي بخصوص الصورة الروائية من منظور الإنشائية المقارنة التي يقصد بها :"النهج التحليلي الذي يواجه الظاهرة الأدبية في نص ما مواجهة قائمة على استنطاق القدرات التعبيرية لمجموع سماته ومكوناته المتشكلة في صور لغوية، مع مراعاة مقتضيات الجنس الأدبي و البنيات، وقوانين الصفة ومستلزمات التلقي"[23] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn23).
بعد هذا التوقف عند بعض النماذج المشتغلة على مفهوم الصورة في النقد المقارن سواء في الساحة الغربية أو الساحة العربية، سنحاول الانتقال إلى مجال النقد الروائي لنرى كيف طرح هذا المفهوم و ما هي نوع الغضافات التي تم تقديمها.
2الصورة في النقد الروائي
1-2الصورة في النقد الروائي الغربي.
1-1-2 الصورة تعبير تماثلي.
يعد الباحث ستيفن أولمان أحد أبرز الدارسين الذين تطرقوا لمفهوم الصورة في الرواية من منظور أسلوبي، و هو يحذر من " خطر الخلط بين ( الصورة) من حيث هي تعبير لغوي عن تماثل ما، و (الصورة) من حيث هي تصور ذهني"[24] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn24). و يتبنى الباحث في دراسته الأسلوبية للصورة الروائية المعنى الأول، وهو يرى بأن كل صورة هي استعارية، إلا أنه يرفض حصر الصورة الأدبية في هذا الجانب، ويشرع الباب أمام مختلف أنماط التصوير، بما فيها الكناية.
و يطمح أولمان من خلال دراسته للصورة داخل العمل الروائي فحص " ثلاثة أنظمة من الوقائع التي تثير أسئلة منهجية مهمة: البنية الشكلية للصور، طبيعة العلاقات التي تقوم عليها، و أخيرا الدور الذي تضطلع به في تنظيم عمل أدبي ما"[25] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn25)
و قد خصص أولمان لدراسة الصورة مؤلفا تحت عنوان (الصورة في الرواية)[26] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn26)، حيث تناول مجموعة من الروايات الفرنسية كل واحدة على حدة باعتبارها عالما أسلوبيا في حد ذاته، و حاول رسم تطور الصورة من خلال الأعمال السردية لكل كاتب.
فقد تتبع الباحث في هذا الكتاب كيف يستخدم كل من جيد، بروست و كامو الصورة أو الصور في رواياتهم. و عمل على استخلاص خصائص استخدام الصورة لدى كل كاتب. فالصورة عند جيد مثلا تتميز بكونها أولا ذات مصدر فكري و فني من جهة، ثانيا هي شكل من أشكال الفكاهة ، ثالثا هي وسيلة من وسائل التصوير و التهكم ، وأخيرا تقوم بوظائف على صعيد الرواية ككل.
إن الدراسة الأسلوبية للصورة التي يقوم بها أولمان ترتكز بشكل أساسي على اعتبار الصورة ضرب من التشبيه و الاستعارة و الكناية. و ترك جانبا الصورة باعتبارها تمثلا.
2-1-2 الصورة الأدبية تمثل ذهني.
يبدو لنا جليا أن الدراسات النقدية التي بإمكانها التفكير في الصورة بصفتها تمثلا هي الدراسات التي تنشغل بتلقي النصوص، بحيث تصبح الصورة ذلك النشاط الذي يقوم به القارئ في تمثله لما يقرأ، فيقوم بالتالي ببناء صور عن الأمكنة و الشخصيات.
إذا كان إيزر باعتباره أحد منظري نظرية التلقي قد بين كيف تتم عملية التفاعل بين القارئ و النص، فإن فانسون جوف قد توقف بدوره من منظور التلقي ليبين كيف تتشكل الصورة الأدبية.
في كتابه (أثر-الشخصية)[27] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn27) يخصص جوف فصلا بعنوان صورة-الشخصية l’image-personnage)) يتحدث فيه عن الصورة الأدبية من خلال كلامه عن طبيعة صورة الشخصية، وعن كيفية بنائها و تمثلها من طرف القارئ.
يرى جوف أن الطبيعة اللسانية للشخصيات تجعلها لا تمنح نفسها لرؤية مباشرة " فهي تتطلب من القارئ (إعادة خلق) تخييلية حقيقية"[28] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn28)، فالشخصية الروائية هي نتاج عملية تمثلية و ليس إدراكية. إن كلام جوف يتأسس على تصور لإيزر يميز فيه بين الإدراك و التمثل[29] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn29)، حيث ينطلق هذا الأخير من أن المخيلة البصرية تستند على عملية التمثل و ليس فقط على انطباع الموضوعات داخل أحاسيسنا. من هنا تمييزه بين الإدراك و التمثل على أنهما" نمطان مختلفان لولوج العالم"[30] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn30).
إن الإدراك بالنسبة لإيزر " يفترض بشكل قبلي وجود الشيء، في حين يرتبط التمثل دائما، استنادا إلى نمط تكونه، إلى عنصر غير معطى، أو هو غائب و لا يمكن أن يظهر إلا بفضل وجود النشاط التمثلي"[31] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn31).
يرى إيزر أننا حينما نقارن بين صورة ذهنية كوناها عن شخصية روائية ما و صورة بصرية لنفس الشخصية الرواية في فيلم ما، فإن الصورة البصرية لهذه الشخصية تكون فقيرة بالمقارنة مع الصورة الذهنية.
و بناء على هذا التصور اعتبر جوف الصورة الذهنية على أنها أقل تحديدا من الصورة المرئية أو البصرية، فلا يمكن تصور الشخصية في كل جوانبها بالمقارنة مع الصورة البصرية التي تقدم لنا كل المعلومات، إن عدم التحديد هذا يخلق نوعا من الحميمية بين القارئ و الشخصية، فذاتية القارئ تلعب دورا كبيرا في عملية التمثل.
يرى جوف أن الصورة الأدبية هي تركيب بين الانطباعات البصرية للقارئ و هواماته الحلمية. و حينما يعمل القارئ على تمثل شخصية روائية ما فإن تمثله ذاك ينطلق من العلامات النصية التي يقدمها النص للقارئ و يقوم بملء تلك العلامات بدلالات خارج نصية من جهة، وتناصية من جهة أخرى. فالمعطيات النصية التي يعمل القارئ على تحيينها أو تجسيدها ترجع من جهة أولى إلى تخيلاته و إدراكاته اليومية، و من جهة ثانية إلى نصوص سبق للقارئ أن طالعها.
فأثناء عملية التمثل، و في محاولة القارئ منح الشخصية الروائية صورة ما، فإن القارئ يشكل هذه الصورة في ذهنه بالرجوع إلى صور لشخصيات قد تنتمي إلى عالم الكتب، أو السينما، أو عالم الواقع الخارجي و اليومي.
و يلخص جوف عملية تشكيل صورة للشخصية قائلا: " في كل رواية، فإن صورة الشخصيات عبارة إذن عن خليط ما بين معطيات موضوعية للنص و المساهمة الذاتية للقارئ"[32] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn32).
لقد طرح جوف أفكاره هاته حول الصورة الأدبية بصفة عامة و صورة الشخصية الروائية بصفة خاصة داخل إطار تصور معين للشخصية من منطلق نظرية التلقي و سنعمل على عرض أهم هذه القضايا في الفصل الثاني من هذا الباب أثناء حديثنا عن التصورات النظرية التي عالجت قضية الشخصية الروائية.
و إذا كانت الدراسات الغربية قد قاربت مفهوم (الصورة) في مجال الروائية، فإن الدراسات النقدية العربية استخدمت هي الأخرى هذا المفهوم في مجال الرواية إلا أن هذا الاستخدام ما يزال يشكو من عدم وضوح الأدوات المنهجية المعتمدة في دراسة الصورة.
2-2 الصورة في النقد الروائي العربي.
1-2-2 حضور المصطلح و غياب المفهوم.
من بين الدراسات النقدية العربية التي تناولت الصورة في الرواية يمكن أن نذكر دراسة للناقد طه وادي تناول فيها (صورة المرأة في الرواية العربية)[33] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn33). فقد انصب اهتمام الدارس على رصد "التغيرات السياسية و الاجتماعية و الفكرية و الأدبية التي انعكست في الرواية باعتبارها وثيقة الصلة بالواقع[...] من خلال زاوية الصورة الفنية للمرأة"[34] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn34)، و ذلك لتوضيح "كيف عبر الروائيون عن الواقع من خلال صورة المرأة"[35] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn35). على اعتبار أن هناك صلة بين حركية المرأة و حركية المجتمع.
و بما أن المرأة رمز للنوع البشري فهي أيضا رمز يحيل على الوطن، على طبقة و على شريحة اجتماعية خاصة. لهذا فالباحث يرجع إلى التاريخ الاجتماعي و السياسي و الثقافي لمصر. و انطلاقا من هذه العودة يطرح قضية المرأة داخل الرواية على اعتبار أن هذه الأخيرة تكثيف لرؤية الأديب للواقع و لإدراكه لعلاقات هذا الواقع.
و قد حصر الدارس الأدوات الفنية الروائية في: الحوار بالعامية، الحدث، المونولوج الداخلي. و توقف الدارس عند الجذور الاجتماعية للانتقالات الأساسية في التاريخ المصري، وتحدث عن مذاهب التعبير الأدبي المواكبة لها، كنشأة الطبقة الوسطى في مصر والرومانسية و الروائيين الرومانسيين في مصر ثم مجيء الواقعية كتعبير أدبي وعن القوى الاجتماعية الجديدة بعد ثورة 1952. بعدها طرح قضية المرأة في الفكر و الواقع، و علاقة تحرير المرأة بتحرير الوطن. و تناول في الباب الأول من دراسته الصورة الفردية كما يتصورها التيار الرومانسي، حيث تحدث عن الصورة النامية وعن الصورة السلبية. أما في الباب الثاني فقد تناول الصورة الإيجابية في الرواية الواقعية.
لقد كان هم الدارس عرض تطور الرواية الاجتماعية و التاريخية في مصر و رسم خريطة عامة لحركة الرواية، و تحديد حجم الجهد الفني لكل من شارك فيها، مع الاتكاء على الصورة الفنية للمرأة ليبين علاقتها بالمجتمع و دلالتها الفكرية و الفنية، ملتزما بوجهة نظر واقعية تهتم بتوضيح الموقف الإيديولوجي للأديب، بالإضافة إلى بيان العلاقات الجمالية في النص الأدبي.
على الرغم من استعمال طه وادي لمصطلح ( الصورة) بشكل ملفت للنظر، فإننا نلاحظ بأنه لم يكلف نفسه عناء الالتفات إلى هذا المفهوم مثلما فعل بالنسبة للمفاهيم الأخرى مثل: الرومانسية و المرأة.. و ما يمكن لنا استنتاجه من هذا الإهمال هو أن الدارس لا يعي كومه يستخدم مفهوما في حاجة إلى البلورة الشيء الذي ترتب عنه غياب منهجية لمقاربة الصورة في الرواية.
إن ملاحظتنا على هذه الدراسة و دراسات مماثلة لها [36] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn36) على الرغم من استخدامها لمصطلح الصورة بصفته عنوانا لدراستها فإنها لا تنشغل به باعتباره أداة، و لا تهتم بالبحث عن الآلية المنهجية التي بواسطتها يمكن مقاربة الصورة في العمل الروائي.
يمكن أن نشير أيضا إلى دراسة للدكتور منير فوزي تتخذ موضوعا لها (صورة الطفل في الرواية المصرية)[37] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn37)، حيث يحاول أن يحدد ما يقصده ب(صورة الطفل) فيقول بأنها " مجموعة من الخصائص الجمالية و التشكيلات الدلالية و الفنية التي يحققها وجود الطفل في النص الأدبي و مجال التحقق هنا هو (فن الرواية)"[38] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn38).
ثم يميز الدارس بين صورة الطفل و وجود الطفل في نص روائي:" ثمة فارق يتمثل في أن وجود الطفل يعني التحقق الفيزيقي فحسب، أما (صورة الطفل) فهي التحقق الفتي و الجمالي عبر مستويات: ارتباط الطفل ببناء الشخصية، و علاقته بتطور أحداث الرواية، وتأثيره في فنية اللغة الروائية، و ارتباطه بالمكونات التراثية، و الأنماط الرمزية.."[39] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn39).
على الرغم من أن الدارس يقوم بهذه التمييزات و التحديدات، فإنه يهمل الحديث عن الصورة ليتوقف فقط عند قضايا(الطفل و بناء الشخصية الروائية) و (الطفل و المكونات التراثية) ثم (الطفل و الرمز).
2-2-2 الصورة و الهاجس السايكوتربوي
إلى جانب هذه الدراسات يمكن ذكر دراسة لأحمد فرشوخ اهتمت بصورة الطفل في القصة المغربية[40] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftn40)، ركزت على مقاربة بنيات الصورة الطفلية في القصة المغربية القصيرة وذلك بالوقوف عند مكوناتها النفسية و الاجتماعية .
يعتبر صاحب هذه الدراسة الصورة على أنها إعادة إنتاج ذهنية. إنها رؤية و موقف، و هي أيضا معرفة متولدة عن أنماط الوعي. فالصورة ليست تمثلا لشيء فحسب، بل تمثيل له.
يتداخل بحث الدارس مع الصوراتية التي يهتم بها الدرس المقارن:صورة شعب كما تتمثلها ثقافة شعب آخر. و هو يقترح مصطلح الإيكونولوجيا لأن الأمر يتعلق بصورة الفرد داخل الثقافة المحلية.
ما نلاحظه على هذه الدراسة، هو وعي الباحث بأهمية مفهوم الصورة، لذلك فهو يعمل على تجليته و ذلك بالرجوع إلى المعاجم مستنطقا دلالته، ليخلص في الأخير إلى حصر خاصيات الصورة التي يرى أنها: تربط بين المحسوس و المجرد و تنفتح على الفردي و الجماعي، كما أن لها علاقة بما هو إيديولوجي؛ و تعمل على تزييف الواقع وتبرير السلطة، و ممارسة الإدماج الاجتماعي.
ويقوم الباحث بقراءة مكونات الصورة الطفلية الداخلية و الخارجية من خلال:أهم الموضوعات من جهة أولى، و الوحدات المعجمية المشكلة لتشخيص لغوي كاشف للأبعاد الإيديولوجية و الثقافية و السيكولوجية من جهة ثانية ثم أخيرا التركيب العام لنصوص المتن من خلال تجلية الأنساق سيكولوجية، والثقافية المؤطرة للصورة في سياقها الاجتماعي.
الملاحظ بخصوص هذه الدراسة على الرغم من كونها تقترح بعض الآليات لدراسة الصورة إلا أن الهاجس السوسيولوجي و التحليل النفسي و التربوي أثقل البحث بمجموعة من المفاهيم المنتمية إلى حقل العلوم الإنسانية، الشيء الذي يجعل القارئ يشعر أنه أمام بحث في السوسيولوجيا و التحليل النفسي أكثر منه في النقد الأدبي.
بعمن خلال هذا الستعراض السريع للدراسات التي تناولت مفهوم الصورة في المجال الروائي، فقد بدا لنا أنه يطرح إشكاليات منهحية و صعوبات تخص الكيفية التي بها ندرس الصورة في الحقل الروائي و الإطار النظري الذي من خلاله يمكن لنا الاشتغال على هذا المفهوم. إنها في نظرنا صعوبات حقيقة لأنها تتعلق بمسألة الآليات و الأدوات المنهجية التي تسعف في قراءة الصورة في الرواية. و لتذليل هذه الصعوبات فإن الأمر يحتاج إلى وقفة تأملية من أجل إعطاء هذا المفهوم كامل الصلاحية داخل النقد الأدبي الروائي.
إن الدراسات التي سقنا بعضها لا تخلو من أهمية فهي تنير لنا الطريق نحو إعادة بناء هذا المفهوم، و بناء شبكة من الآليات و الأدوات المنهجية الكفيلة بمساعدتنا على دراسة الصورة الروائية بدقة أكثر.

* ملاحظة: هذه الورقة جزء من رسالة الدكتوراه تحت عنوان: صورة الإنسان في رواية " الآن.. هنا أو شرق المتوسط مرة أخرى" لعبد الرحمن منيف.

([1] ) د جابر عصفور. الصورة الفنية في التراث النقدي و البلاغي عند العرب. ط 3. المركز الثقافي العربي. 1992


([2] ). Dictionnaire International des Termes Littéraire. MOURA(Jean- Marque). « Imagologie » in. www.ditl.info/arttest/art. 5883.php . p. 1. (http://www.ditl.info/arttest/art.%205883.php)



([3] ) Ibid. p. 1.


([4]) Dictionnaire International des Termes Littéraire. MOURA(Jean- Marque). « Imagologie » . op. cit., . p. 1. (http://www.ditl.info/arttest/art.%205883.php)



([5])PAGEUX (Daniel Henri). « De l’imagerie culturelle à l’imaginaire » in précis de littérature comparée 1er ed. PUF. 1989

([6]) PAGEUX ( Daniel Henri). « De l’imagerie culturelle à l’imaginaire » op. cit p. 134.

([7]) Ibid. p. 135.

([8] (Ibid. P. 135.

[9] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref9))) عبد المجيد حنون، صورة الفرنسي في الرواية المغربية، ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر.1986

([10]) نفس المرجع.. ص. 61.

[11] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref11)) ) نفس المرجع. ص. 62.

[12] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref12)) ) نفس المرجع. ص. 82.

[13] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref13)) ) حنون، عبد المجيد.صورة الفرنسي في الرواية المغربية. مرجع مذكور. ص. 82.

[14] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref14)) ) نفس المرجع.. ص. 84.

([15] ) أنقار محمد. بناء الصورة في الرواية الاستعمارية صورة المغرب في الرواية الإسبانية. مكتبة الإدريسي،ط 1 ،1994

([16] ) أنقار محمد. بناء الصورة في الرواية الاستعمارية صورة المغرب في الرواية الإسبانية. مرجع مذكور. ص. 13.

([17] ) نفس المرجع ص. 15.


([18] ) نفس المرجع ، ص.17


([19] ). أنقار، محمد. بناء الصورة في الرواية الاستعمارية .مرجع مذكور. ص. 19.

([20] )نفس المرجعص 29.


([21] ) نفس المرجع. ص. 29.


([22] )أنقار، محمد. بناء الصورة في الرواية الاستعمارية صورة المغرب في الرواية الإسبانية. مرجع مذكور. ص.33.

([23] )نفس المرجع . ص. 61.

[24] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref24)) ) أولمان (ستيفن). "الصورة الأدبية. بعض الأسئلة المنهجية". ترجمة محمد أنقار و محمد مشبال. مجلة: دراسات سيميائية أدبية و لسانية، فاس، عدد 4، شتاء 1990. ص.99.

[25] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref25)) ) أولمان (ستيفن). "الصورة الأدبية. بعض الأسئلة المنهجية". مرجع مذكور. ص.99
[26] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref26)) ) أولمان (ستيفن).. الصورة في الرواية. ترجمة رضوان العيادي و محمد مشبال. جامعة عبد المالك السعدي.منشورات مدرسة فهد العليا للترجمة. طنجة. 1995


([27])JOUVE(Vincent). L’effet-personnage dans le roman. PUF. Ecriture. 1992.

([28] ) Ibid. p. 40.


[29] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref29))) إيزر (فولفانغ). الإدراك و التمثل و تشكل الذات القارئة. ترجمة سعيد بنكراد. مجلة علامات. العدد 17. 2002

([30])نفس المرجع. ص. 116.

[31] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref31))) نفس المرجع. ص. 116


([32])JOUVE(Vincent). L’effet-personnage dans le roman. Op. cit. , p. 52.
([33] ) وادي طه. صورة المرأة في الرواية المعاصرة .الناشر مركز كتب الشرق الأوسط .1973.


[34] (http://www.airss.net/forums/showthread.php?t=3418#_ftnref34) )) نفس المرجع. ص. 3.
([35] ) نفس المرجع. ص. 3.
(([36] هناك دراسات عديدة مشابهة يمكن أن نذكر من بينها:

· الدكتور العوين، محمد بن عبد الله. صورة المرأة في القصة السعودية( بحث علمي يرصد الرؤية الاجتماعية إلى المرأة بأطيافها المختلفة في القصة و الرواية السعوديتين). مكتبة الملك عبد العزيز العامة. الرياض. 1423ه-2002.

مسباعي، محمد. صورة المرأة في روايات إحسان عبد القدوس. دار القصبة للنشر الجزائر. 2000.
([37] )فوزي، منير. صورة الطفل في الرواية المصرية. الشركة العالمية للنشر-لونجمان.1997


([38]) نفس المرجع. ص.9.

([39]) نفس المرجع. ص. 9.

([40] ) فرشوخ، أحمد. الطفولة و الخطاب صورة الطفل في القصة القصيرة، دار الثقافة، الدارالبيضاء. 1995.

أمين 15
2010-04-21, 12:00
بارك الله فيك اخي الصقر الشمالي

جزاك الله كل الخير

والله ما قصرت

المصلح
2010-04-24, 15:29
انا في حاجة الى مساعدة حول التحليل البنيوي للخطاب السردي في الرواية

hamanisamir
2010-04-24, 18:16
أرجو أن تطلعوني على الرواية بصفة عامة أي تعريفها لغة واصطلاحا وأسباب نشأتها
- جذور الفن القصصي غي الادب العربي القديم
- ظهور الرواية الفنية العربية : مراحلها: عامل الترجمة ترجمة الرواية العربية مرحلة التقليد (تقليد فن المقامة )
- خصائص الرواية العربية