المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الجهاد المعاصر بين علماء السنة ودعاة الفتنة


مراد_2009
2010-02-11, 16:19
حكم الجهاد المعاصر بين علماء السنة ودعاة الفتنة


د. إبراهيم بن عبدالله المطلق

لا خلاف في حكم الجهاد في سبيل الله تعالى وفضله وعلو درجة المجاهدين في سبيله تعالى، فقد تواترت النصوص في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية والتقريرية، ومنهج سلف الأمة الصالح بين ظاهر في هذه المسألة، ولذا توارث أهل السنة والجماعة وضمن أصول معتقدهم أن الجهاد قائم إلى أن تقوم الساعة، يقول شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في رسالته إلى أهل القصيم: (والجهاد ماض منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل).
الخلاف في متى يجب الجهاد؟ ومتى لا يجب؟ ومتى يكون فرض عين؟ ومتى يكون واجباً عينياً في حق كل أحد، وهل يوجد جهاد على منهاج النبوة في عصرنا الحاضر؟ الحاجة ماسة جداً في عصرنا هذا لبيان هذه الأحكام حول مسائل الجهاد سيما وقد ظهر في الساحة الإسلامية وفي مجتمعاتنا من يصنفون بأنهم دعاة وعلماء ممن أفتى ولايزال يفتي الشباب ويغرر بهم في هذه المسألة ليزج بهم في فتن مدلهمة ومصائب عظيمة وأخطار جسيمة لا يعود ضررها وخطرها عليهم فحسب، وإنما يعود الضرر على الإسلام والمسلمين وهل جنى تنظيم القاعدة بجهاده المزعوم على أمة الإسلام إلا أصناف الفتن والشرور والمصائب.

وبيان سماحته يستحق الإشادة والثناء وذكر فيشكر فسماحته هو الرجل الأول في المؤسسة الشرعية الرسمية في دولتنا المباركة وهو مكان ثقة ولاة الأمر حفظهم الله وهو من أهل الذكر الذين أمر الله جل في علاه بالرجوع إليهم وسؤالهم وأخذ العلم عنهم في قوله عز من قائل (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).

نعم أود هنا أن أشيد ببيان سماحته - حفظه الله - لما تضمنه هذا البيان من القول الفصل والحق المبين في مسألة الجهاد الإسلامي المعاصر ولعلي استشهد دعماً لهذه الإشادة وتصديقاً لها بأقوال عدد من كبار علمائنا وأئمتنا أهل السنة ودعاة الحق من أمثال الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى والشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء حفظه الله تعالى وغيرهم كثير من دعاة الحق وممن بيّن الصواب في مسألة الجهاد المعاصر وحذروا من دعاة الفتنة وأوكارهم وأساليبهم في التغرير والتحريض.

كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في الصلح مع اليهود وأنه لا جهاد في هذا الزمن متضمناً رأيه في الجهاد المعاصر حيث يقول: (وهدنة غير مؤقتة يراها ولي الأمر ثم هو ولي الأمر ينظر بعد ذلك في قطعها وعدم قطعها كما قال ابن القيم - رحمه الله - وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من الشافعية والحنابلة وغيرهم وقال آخرون: لا تكون الهدنة إلا مؤقتة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة، والصواب إنها تجوز مطلقة إذا رؤي المصلحة.. وإذا رأى ولي أمر المسلمين في أي بلد - بالولي العام ولي أمر في الرياض، في مكة، في المغرب - إذا كان مسلماً يتقي الله - إذا رأى المصلحة في ذلك ودفع الشر عن المسلمين، هذا وتكون غير مؤقتة (ثم إذا أراد قطعها) نبذ إليهم.

أحد الحضور: طيب إذا كانت - الله يغفر لك إذا كانت هذه المعاهدة وهذا السلام سيعطل الجهاد لا محالة..

أجاب الشيخ ابن باز رحمه الله قائلاً: وين الجهاد وين الجهاد؟؟!! ويقول الشيخ محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: (إنه في عصرنا الحاضر يتعذر القيام بالجهاد في سبيل الله بالسيف ونحوه، لضعف المسلمين مادياً ومعنوياً، وعدم إتيانهم بأسباب النصر الحقيقية، ولأجل دخولهم في المواثيق والعهود الدولية، فلم يبق إلا الجهاد بالدعوة إلى الله على بصيرة).

ويقول أيضاً - رحمه الله - جواباً عن السؤال التالي: ما رأيكم فيمن أراد أن يذهب إلى البوسنة والهرسك؟ (أرى أنه في الوقت الحاضر لا يذهب إلى ذلك المكان، لأن الله عز وجل إنما شرع الجهاد مع القدرة: وفيما نعلم من الأخبار - والله أعلم - إن المسألة فيها اشتباه من حيث القدرة. صحيح أنهم صمدوا ولكن لا ندري حتى الآن كيف يكون الحال! فإذا تبين الجهاد واتضح، حينئذ نقول: إذهبوا).

وقال أيضاً:

(ولهذا لو قال لنا قائل الآن: لماذا لا نحارب أمريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا؟! لماذا؟! لعدم القدرة. الأسلحة التي قد ذهب عصرها عندهم هي التي في أيدينا، وهي عند أسلحتهم بمنزلة سكاكين الموقد عند الصواريخ. ما تفيذ شيئاً. فكيف يمكن أن نقاتل هؤلاء؟)

وقال أيضاً رحمه الله: (ولهذا أقول: إنه من الحمق أن يقول قائل إنه يجب علينا أن نقاتل أمريكا وفرنسا وإنجلترا وروسيا! كيف نقاتل؟ هذا تأباه حكمة الله عز وجل. ويأباه شرعه. لكن الواجب علينا أن نفعل ما أمر الله به عز وجل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، هذا الواجب علينا أن نعد لهم ما استطعنا من قوة، وأهم قوة نعدها هي الإيمان والتقوى).

وهذا مقتطف من بيان سماحة المفتي وفقه الله حيث يقول: من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ إلى عموم إخوانه المسلمين:

فإن الله قد أوجب على المسلمين التناصح فيما بينهم والتواصي بالحق، يقول الله تعالى "وتواصوا بالحق"، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

وإني من باب الشفقة على شبابنا، والنصحية لأئمة المسلمين وعامتهم، رأيت أن أكتب هذه الكلمة بعدما لوحظ منذ سنوات خروج أبنائنا من البلاد السعودية إلى الخارج قاصدين الجهاد في سبيل الله، وهؤلاء الشباب لديهم حماسهم لدينهم وغيرة عليه، لكنهم لم يبلغوا في العلم مبلغاً يميزون به بين الحق والباطل، فكان هذا سبباً لاستدراجهم والإيقاع بهم من أطراف مشبوهة، فكانوا أداة في أيدي أجهزة خارجية تعبث بهم باسم الجهاد، يحققون بهم أهدافهم المشينة، وينفذون بهم مآربهم، في عمليات قذرة هي أبعد ما تكون عن الدين، حتى بات شبابنا سلعة تباع وتشترى لأطراف شرقية وغربية، لأهداف وغايات لا يعلم مدى ضررها على الإسلام وأهله إلا الله عز وجل.

وقد سبق أن حذرنا وحذر غيرنا من الذهاب للخارج بهذه الحجة؛ لأن الأوضاع كانت مضطربة، والأحوال ملتبسة، والرايات غير واضحة، وقد ترتب على عصيان هؤلاء الشباب لولاتهم ولعلمائهم وخروجهم لما يسمى بالجهاد في الخارج مفاسد عظيمة.

هذه جملة من أقوال المرجعية الشرعية لهذا البلد الكريم والذين كلهم معروفون بالرسوخ في العلم والفقه في الدين وسلامة المعتقد والمنهج وحسن الولاء لولاة الأمر.

بعض من رموز دعاة الفتنة حينما يقترح شخص ما وجوب التحذير من مثل هذه الأفكار الوافدة والجماعات الحزبية ينبري مدافعاً بكل ما أوتي من قوة عن هذه الجماعات وتلكم الأفكار "هذه الجماعات نفع الله بها" ليقرر مباشرة وفي اقتراح بديل وجوب التصدي للمرجئة والرافضة وغيرهم - زعم - وهل معاناتنا طيلة سنوات المحنة التي عشناها مع من يسمون المرجئة أم مع الرافضة بل هل يوجد بيننا فرقة يعتقدون الارجاء علناً بمعنى يستحلون فعل الكبائر والمنكرات ويبيحون ذلك ويفتون به بدليل انه لا يضر مع الإيمان ذنب؟! لم اسمع بوجود مثل هذه الفرقة وأظن ذكرها ومحاولة التحذير منها في مقابل مواجهة الهجوم العنيف على فكر الحزبيين - الإخواني - وفضح أوكارهم ومحاضنهم ومؤسساتهم.

هذا الداعية الكبير والعالم الجليل قدم له التنظيم الحزبي أعظم خدمة في التاريخ حيث أصبح علماً يشار إليه في صفوفهم ويتواصون بالرجوع إليه والصدور عن فتاواه وقد شوهد في عدد من معارض الكتاب يبحث عن كتب مؤسسي الفكر الحزبي في زوايا الادراج، كما شهد عليه بمواصلة التصدي للفتوى بوجوب الجهاد في العراق وغير العراق سراً حينما يستفتيه بعض من غلو بمحبته وتجاوزا الحد في ذلك كم شهد عليه أيضاً بالذهاب إلى أسر وعائلات من يفجرون أنفسهم في بعض البلدان والبلدان المجاورة وغير المجاورة ليواسيهم ويبشرهم بأن أبناءهم قد فازوا بدرجة الشهادة فهم أحياء عند ربهم يرزقون وكأنه تلقى هذه البشارة وحياً ربانياً أو خبراً سماوياَ!!.

أصابع الاتهام ومن قبل عدد من الموقوفين أمنياً أدانت مثل هذا العالم بالاسم في التحريض والتغرير بالناشئة من خلال فتاواه وأشرطته ودروسه فلم لا يوقف على أقل الأحوال عن النشاط الدعوي والدروس ويكف شره عن الآخرين؟!!.

كما يجب الإيقاف في حق كل من اشارت إليه تلكم الاصابع بالتورط في تغرير الناشئة وأؤكد انه ما زال يوجد عدد من المشاهير جادين في التغرير بالناشئة وتحريضهم على الخروج للجهاد في بلدان أخرى ولعل من أهدافهم تدريب الناشئة عسكرياً كما حصل لسابقيهم في معسكرات أفغانستان ليعودوا بفتنة جديدة على أوطانهم ومجتمعاتهم!!.

شهدت بنفسي أحد كبار رموز التنظيم الحزبي في محاضرة له في موسم الحج والحضور بأمس الحاجة لفقه أحكام حجهم ومناسكهم أتدرون ما عنوان محاضرته حفظه الله؟!! انها عن الجهاز في العراق وفضله واحصائية بعدد قتلى العدو المحتل... إلخ فما تعليقكم الكريم؟!!.

سؤال فرض نفسه هنا الكثير من دعاتنا وخطبائنا ومعلمينا وتربويينا وأساتذة جامعاتنا ما رأيهم في الجهاد الإسلامي المعاصر وما تعليقهم على بيان سماحته حفظه الله وفتاوى كبار العلماء؟!! وما دورهم في الاستفادة منه في منابرهم ومؤسساتهم وقاعاتهم الدراسية؟!!.

وزارة الشؤون الإسلامية تشكر على تعميمها مباشرة على خطبائها وحثهم بالاشادة ببيان سماحته ومن امتثل من الخطباء واستجاب لتوجيه الوزارة فله كل الشكر والثناء على امتثاله وتجاوبه ومن لم يستجب فدلالة عدم قناعته بالبيان لمخالفته لفكره وتوجهاته وهنا يكون قد أدان نفسه وهنا يجب حماية المجتمع وبخاصة الشباب من فكره وآرائه كما تجب مساءلته عن رفضه لتوجيه الوزارة!!.

اعتقد مع أهمية بيان سماحة المفتي حفظه الله إلا انه لم ينل حقاً وافياً من الاشادة والتأكيد والمتابعة وهنا يرد سؤال ملح أين جهود المؤسسات الرسمية الأخرى تعليمية أو اعلامية أو غيرها في المساهمة في تفعيل والاشادة بهذا البيان العظيم؟!! ألا يجب أن تعمم جميع مؤسساتنا الرسمية هذا البيان على جميع منسوبيها وافرادها لتصل فائدته إلى أكبر شريحة في مجتمعنا؟!! ولأن بعضاً من مؤسساتنا مخترقة فكرياً ممن قد لا يروق له البيان وما ورد فيه فيجب في نظري بعد التعميم المتابعة والمساءلة من جهات الاختصاص!!.

بقي على ناشئتنا الامتثال السريع لمثل هذا التوجيه من عالم كبير ومراجعة النفس وتحكيم الشرع والعقل قبل الزج بالنفس في المهالك بحثاً عن الجنة وعشقاً للحور العين وكيف يتأتى ذلك مع معصية الله ورسوله فعلماؤنا هم المبلغون عن الله ورسوله وكيف يتأتى ذلك مع عقوق الوالدين وقد أمر الله ببرها ومنع نبي الهدى رجلاً من الجهاد في سبيل الله معه من أجلهما.

فليحذر شبابنا عشاق الجنة من دعاة الفتنة الذين همهم الزج بأبناء الآخرين فقط ولأهداف ومصالح ذاتية في مثل هذه الفتن والمصائب ولو افتقد أحدهم ابنه أو وجد له رسالة توديعية بحثاً عن الشهادة لأقام الدنيا ولم يقعدها: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ثم يا معاشر شبابنا الغيور هل سأل أحدكم من أفتى له بوجود الجهاد المعاصر ليزج به في عملية انتحارية ما الذي أقعده هو عن الجهاد؟!! لماذا يفتي للآخرين ولا يعمل هو وأولاده وأقاربه بفتواه وما السر في ذلك؟!!

والله من وراء القصد...

جريدة الرياض - السبت 8 شوال 1428هـ - 20 أكتوبر 2007م - العدد 14362.

fatimazahra2011
2010-02-11, 18:17
http://www.vip70.com/smiles/data/aa18.gif

أبو معاوية الفهري
2010-04-20, 01:50
نعم الخطاب ونعم الارشاد أخي في الله

هؤلاء المفتوننين يسعون في إخماد الاسلام من حيث لايدرون لأنه اذا ذهب الشباب وطلبة
العلم وأهل الاستقامة الى جهاد فاسد واسطدموا بحاكم ظالم أبادهم لما يبقى خلفهم الا الفجار
وكانوا آثمين فالله في دماء المسلمين فهي عظيمة عند الله

و أعجبني نقلك عند قول الشيخ : ولأن بعضاً من مؤسساتنا مخترقة فكرياً ممن قد لا يروق له البيان

نعم السعودية إخترقة من هاؤلاء الذين قدمت لهم الحماية وقد طردوا من دولهم بسبب فكرهم الفاسد فبيضوا وفرخوا في السعودية بل كتبوا في مناهج الدراسة في ذالك البلد المبارك

ولعل هذه استفاقة لكسر شوكة التكفيريين التفجيريين وترفع راية الموحدين أهل السنة حقا

فجزاك الله خيرا على الموضوع المفيد زحفظك اللله

ابراهيم زياني
2010-04-20, 16:43
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهاته مقالة بعنوان أفغانستان .. حقيقة الجهاد وواقع الإرهاب .. لفضيلة الشيخ محمد بن رمزان الهاجري حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم)

استكمالاً لما طرحناه في الجزءين الأول والثاني من هذا الملف عن العائدين من أفغانستان والفرق بين الجهاد والإفساد وما يسمى عالمياً بالإرهاب يكشف لنا اليوم الشيخ محمد بن رمزان آل طامي الهاجري المحاضر بتدريب الأمن بالهيئة الملكية بالجبيل وأحد الذين سبق لهم المشاركة في الجهاد في أفغانستان في الجانبين الدعوي والتعليمي وقال لنا أنه وجد العجب العجاب هناك من الجهل بالدين وأحكامه والحماس غير المنضبط لغياب أهم أصوله وهو العلم .

يقول الشيخ الهاجري في بداية حديثه ل"الرياض" : ان الأمة كانت مجتمعة ومتحدة فدب فيها داء الأمم وهو الاختلاف والتفرق وخرجت فيها الفرق الكثيرة والطوائف المتناحرة التي بسببها أريقت الدماء وتفرقت الكلمة وتشتتت الجماعة وضعفت الشوكة فكان من أهل الحق على عادتهم أن ردوا هؤلاء النافرين إلى جادة الحق والصواب امتثالاً لقوله تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } فمن استجاب هدي ومن أبى حذروا منه حماية للمجتمع من شره .

ولقد كانت لي مشاركة في الجهاد وسافرت أكثر من مرة إلى هناك وكانت مشاركتي دعوية وتعليمية ووجدت العجب العجاب من الجهل بالدين وأحكامه والحماس غير المنضبط لفقده لأهم أصوله وهو العلم .

ويواصل الهاجري حديثه ل"الرياض" قائلاً : قبل ان أبدأ بالحديث أود ان أبين الفرق بين الجهاد والإفساد ( ما يسمى عالمياً بالإرهاب ) لما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام وقبته ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة كما لهم الرفعة في الدنيا فهم الأعلون في الدنيا والآخرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذروة العليا منه واستولى على أنواعه كلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب والجنان والدعوة والبيان والسيف والسنان وكانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده ولهذا كان أرفع العالمين ذكراً وأعظمهم عند الله قدرا .

ويا فرحة من لقي الله وهو راض عنه، فإنه سيحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. فوالله كلنا ذاك الرجل الذي يدور في نفسه قول عمير بن الحمام عندما أيقن الجنة من وراء بدر، فقال إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة .

ويقول ابن القيم : ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) كان جهاد النفس مقدماً على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً: لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربها في الله لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهد نفسه على الخروج فهذان عدوان قد امتحن العبد بجهادهما وبينهما عدو ثالث لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده وهو واقف بينهما يثبط العبد عن جهادهما ويخذ له ويرجف به ولايزال يخيل له ما في جهادهما من المشاق وترك الحظوظ وفوت اللذات والمشتهيات ولا يمكنه أن يجاهد ذينك العدوين إلا بجهاده فكان جهاده هو الأصل لجهادهما وهو الشيطان قال تعالى {الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً} (سورة فاطر) .

وكل هذه المعاني السامية أفسدتها هذه الطغمة الباغية ولذلك بياناً للناس وبراءة للذمة فالجهاد في سبيل الله : هو لإقامة الدين ونشره ولتكن كلمة الله هي العليا، وليس هو الغلو والتطرف الذي هو تجاوز الحد والاعتداء وهو بخلاف الاعتدال، وليس هو بالعنف الذي هو عمل الشيء بالشدة والقهر وهو بخلاف الرفق .

ولا بالإرهاب الذي هو عبارة عن : توظيف الدين لعمل تخريبي منظم لأغراض مقصودة حيث قال تعالى: { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } نهى عن الغلو والغلو التجاوز في الحد ومنه غلا السعر إذا تجاوز حده في الارتفاع .

ومن خلال ما تقدم يتضح الفرق بين الجهاد والإرهاب .

وأضاف الهاجري ان الإسلام خال من التطرف والعنف والإرهاب بالمعاني المتقدمة ولا يجوز إضافتها إلى الإسلام بأي وجه مشيراً إلى ان المتطرف والإرهابي ليسا داعيين للإسلام إنما هما داعيان لآرائهما وأفكارهما وأخذ الإسلام والدين ستاراً لنيل مطالبهما ومآربهما .

أما قتل النساء والأطفال والشيوخ فيسعنا فيها حديث ابن عمر في الصحيحين ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان ) .

وفي سنن أبي داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا ان الله يحب المحسنين .

وكما قال الخليفة الراشد أبوبكر الصديق رضي الله عنه ليزيد كما في موطأ مالك ( وإني موصيك بعشر لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيراً هرماً ولا تقطعن شجراً مثمراً ولا تخربن عامراً ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمآكله ولا تحرقن نخلاً ولا تفرقنه ولا تغلل ولا تجبن ) فكيف مع ذلك تستحل هذه الأمور في بلاد الإسلام وحاميته أي المملكة العربية السعودية حفظها الله راعياً ورعية. وهل أعداء الإسلام في مكة والمدينة ؟ ؟ !

أما مصادر الفتوى فقد جعل ولي الأمر جهة موثوقة تصدر عنها الفتاوى عليها ثلة من خيار أهل العلم ممن تصدر الأمة عن فتاواهم فيهم الكفاية والغنية لكل طالب للحق .

وثق بها الناس من كل أنحاء العالم وانظر إلى الأسئلة التي تفد إليهم من كل الدنيا كما في فتاوى برنامج نور على الدرب وفتاوى دار الافتاء التي عليها سماحة المفتي واخوانه من أهل العلم. فكيف يلتفت عنهم إلى أغمار لا يعرف لهم رسوخ في العلم ولا تلق له من أهله فيتصدرون للناس فيضلون ويضلون وفي النهاية يجعل أحدهم دين الله بالتجارب والمحاولات ان الدين آية محكمة وحديث صحيح واثر معتمد . ، وليست معامل للتكفير والتفجير والإرهاب لتجرى فيها التجارب فتستحل الدماء والأموال بغير حق .

وأضاف : ان المشاركات في أي عمل جهادي يجب أن تكون تحت علم ولي الأمر الذي له في الأعناق بيعة والالتحاق بغير أذنه بأي جهة يعتبر خلعاً للبيعة ولو مات لكان موته ميتة جاهلية .

وأشار الهاجري إلى ان كل من يقومون بهذه العمليات التي تسمى زوراً وبهتاناً استشهادية هم ممن يقتل نفسه ويعتبر منتحراً وتسمى على اسمها الحقيقي بالعمليات الانتحارية ففرق بين من يُقتل في سبيل الله ومن يقتل نفسه ويقول انه في سبيل الله كيف يكون هذا ؟

ولكنهم يقتلون أنفسهم حتى لا يعرف ما وراءهم وهذه سنّة أبولؤلؤة الذي قتل الخليفة عمر بن الخطاب فلم يسبقه أحد .

وهم كثر لا كثّرهم الله .. أثمر غرسهم المر تلك الأشرطة التي زرعت فيهم حب الانتقام والحقد والعداء لولاة أمرهم وعلمائهم ومجتمعاتهم فلا يسمعون إلا حتمية المواجهة وصناعة الموت والأمة غائبة ففروا إلى الله وستذكرون ما أقول لكم ودع الحواشي واخرج وأسباب سقوط الدول ولماذا أعدموني وغير ذلك من الكتابات والأشرطة التي جعلت نفوس هؤلاء الشباب مستعدة لأي عمل اجرامي وتسميته جهادي وهو إرهابي إفسادي اجرامي أسود قاتم لا يبقي دنيا ولا ينصر ديناً بل هدم في الداخل وتخريب للبناء وصد عن سبيل الله .

وما رجوع من رجع من بعض من شاهدناهم إلا دليل على وجود هذا الفكر ولكن عوداً حميداً ومزيداً من أفواج التائبين الذين نوكل سريرتهم إلى الله ولنا الظواهر .


(شعرجريدة الرياض (http://www.alriyadh.com.sa/*******s/30-12-2003/Mainpage/COV_1698.php))

Saif al-Islam
2010-04-20, 19:16
جزاك الله خير جزاء يا مرادـ2009 ، موضوع حقًا مميّز