تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العقيدة السلفية في سطور


أبو عبد البر
2007-11-24, 11:39
العقيدة السلفية في سطور


أبو حسام الدين الطرفاوي




مقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)[آل عمران آية: (102)]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)[النساء آية: (1)]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71)[الأحزاب آية: (70،71)]
أما بعـد
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد  وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
فهذه جمل من عقيدة أهل السنة والجماعة ـ السلف الصالح ـ اقتبستها من كتابي (هذه دعوتنا ) لتكون بمثابة الأصول الثابتة في عقيدة المسلم بعيدًا عن التعقيدات ، والتفصيلات المملة ، وقد فصلنا الكلام في العقيدة في كتبنا ( الموجز في العقيدة السلفية ) و(فيض الرحمن ببيان الأعمال وعلاقتها بالإيمان ) وغيرها من الكتب التي منَّ الله علينا بكتابتها . هذا ولم نذكر أدلة على أي مسألة حتى لا يطول البحث ويخرج عما قصدناه ؛ وقد بينا كل مسألة بدليلها في كتبنا ولله الحمد . أسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى ، وإن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم .


1ـ نؤمن بما آمن به صحابة رسول الله  جملة وتفصيلاً ، وبما آمن به أفاضل التابعين وتابعيهم والأئمة الفضلاء ممن سار على منهج الصحابة الكرام من غير تبديل ولا تغيير لمنهجهم .
2 ـ ونؤمن بأن العقل الصحيح لا يخالف النقل الصريح ، فلا نقدم العقل على نصوص الكتاب والسنة
3 ـ ونؤمن أن العقيدة لا تثبت إلا بالكتاب والسنة الصحيحة وبفهم السلف لا بأقوالهم المجردة عن الدليل .
4 ـ نؤمن بتوحيد الربوبية ، وأن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمميت ، وله ملك كل شئ ، وهو الذي يملك النفع والضر ، ولا مدبر لأمور الخلق سواه .
5 ـ نؤمن بأسماء الله الحسنى كما وردت في الكتاب والسنة الصحيحة وأنها تتضمن صفات الكمال لله تعالى ، وأن الأسماء ليست محصورة بعدد . وأنها توقيفية لا اجتهادية
6 ـ نؤمن بأن الله له صفات الكمال ونثبتها له كما أثبتها لنفسه وكما أثبتها له رسوله  ـ سواء كانت صفات ذات أو صفات فعل ـ من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تفويض لمعناها ، ولا نتعدى القرآن والحديث الصحيح .
7 ـ والإيمان قول وعمل ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، ويجب الاستثناء في العمل لا في القول .
والقول قول القلب وهو : التصديق الجازم ، وقول اللسان وهو : النطق بالشهادتين وهذا يسمى بأصل الإيمان .
والعمل عمل القلب مثل : الخوف والتوكل والمحبة والرجاء والتعظيم والنية والصبر والحياء وغير ذلك .
وعمل الظاهر مثل الصلاة والزكاة والحج والصيام والذكر والدعاء والنفقات وتلاوة القرآن وغير ذلك . والعمل يسمى بفرع الإيمان وهو شرط في كمال الإيمان
8 ـ والناس ثلاثة : مؤمن وكافر ومنافق
فالمؤمن ما وافق باطنه ظاهره من الإيمان ، والكافر ما وافق ظاهره باطنه من الكفر ، والمنافق ما خالف ظاهره باطنه .
9 ـ والشرك والكفر والفسق والظلم والنفاق منه أكبر ناقض للإيمان ، ومنه أصغر لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام .
10 ـ وكما أن الإيمان قول وعمل واعتقاد ؛ فكذلك الكفر ؛ قول وعمل واعتقاد
مثال القول : السب والاستهزاء ودعاء غير الله والاستغاثة به
ومثال العمل : بغض الله ورسوله ودينه والسجود للصنم طواعية والنذر لغير الله والذبح لغير الله ، والسحر والكهانة والعرافة
ومثال الاعتقاد : تكذيب الله ورسوله وجحود ما أنزل الله على رسوله والتصديق بدين الكفار ، واعتقاد أن غير الله يملك نفعًا أو ضرًا من دون الله .
11 ـ ومرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان غير كافر ، إذا مات من غير توبة فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له ابتداء وإن شاء عذبه ثم أخرجه إلى الجنة .
12 ـ ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب إلا بشروطه التي وضعها أهل العلم ممن سار على طريقة السلف .
13 ـ نؤمن بتوحيد الألوهية وهو معنى كلمة لا إله إلا الله ؛ أي لا يستحق العبادة إلا الله سبحانه ، وهذا التوحيد الذي من أجله خُلقت السماوات والأرض ومن فيهن وما بينهما ، ومن أجله بعث الله الأنبياء والرسل ، ومن أجله خُلقت الجنة والنار .
والعبادة تكون بالقلب والجوارح والمال كما قدمنا في تفصيل الإيمان ، وكلها عبادات لا تصرف إلا لله . فمن صرف منها شيئًا لغير الله فقد أشرك .
14 ـ نؤمن بالملائكة ، وأنهم خلقوا من نور وهم أصناف منهم الموكل بالوحي ومنهم الموكل بالقطر والنبات ومنهم الموكل بقبض الأرواح وغير ذلك ، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون من يؤمرون .
15 ـ نؤمن بالجن وأنهم خلقوا من نار وأنهم مكلفون كالبشر ومنهم الصالح والفاسق ، وإبليس من الجن ، والشياطين من الإنس والجن ، ونرى الاستعانة بالجن شرك في كل الأحوال .
16 ـ لا يعلم الغيب إلا الله ومن أطلعه عليه ممن ارتضى من نبي أو رسول .
17 ـ نؤمن بكتب الله التي أنزلها على رسله كالتوراة على موسى والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد ، والزبور على داود ، وصحف إبراهيم وصحف موسى عليهم جميعًا الصلاة والسلام .
18 ـ ونؤمن بأن الله عز وجل لم يضمن الحفظ لهذه الكتب جميعا غير القرآن ، فنؤمن أن غير القرآن تعرض للتحريف والتبديل من قبل أعداء الله .
19 ـ نؤمن بالأنبياء والرسل وأنهم اصطفاهم الله عز وجل لهداية الخلق إلى الحق المبين ، وعلى رأسهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين .
20 ـ ونؤمن بأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي خاتم الأنبياء والمرسلين ، وأن ما جاء به من شريعة ناسخة لكل الشرائع السابقة ، وأنه من رغب عما جاء به فهو من الكافرين الهالكين .
21 ـ ونؤمن بعصمة الأنبياء من الكبائر وصغائر الخسة وغيرهم ليس بمعصوم .
22 ـ ونؤمن بأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فضلاً عن غيرهم .
23 ـ ونؤمن بالموت وبعذاب القبر ونعيمه على الروح والجسد وبحياة البرزخ كما جاءت في الكتاب والسنة .
24 ـ ونؤمن بأشراط الساعة الكبرى والصغرى ، الكبرى مثل خروج المسح الدجال ، ونزول عيسى بن مريم حكما عدلا ، وخروج يأجوج ومأجوج ، والخسوف الثلاثة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج الريح من قعر عدن ، والعلامات الصغرى مثل المهدي المنتظر ، وانحسار الفرات عن جبل من ذهب ، وأن تلد الأمة ربتها ، وتطاول الحفاة العراة العالة في البنيان ، وغيرها من العلامات .
25 ـ ونؤمن بالبعث بعد الموت ، والنشور، وبالنفخ في الصور ، وبحشر الخلائق ، وبتبديل الأرض غير الأرض والسماوات .
26 ـ ونؤمن بالعرض والحساب ودنو الشمس إلى رؤوس الخلائق ، وبتطاير الصحف ، والصراط والميزان ، وبالشفاعة العظمي في الموقف لنبينا محمد  ، وشهادة الأعضاء على الإنسان ، وبكل ما جاء في كتاب الله وصح عن رسول الله في أحداث يوم القيامة .
27 ـ ونؤمن بالجنة والنار وأنهما باقيتان لا تفنيان أبدًا ، والنار أعدها الله للكافرين والعصاة ، فأما الكافرون فخالدين فيها أبدًا ، وأما العصاة فإن دخلوها فسيخرجون منها بشفاعة الشافعين أو بقبضة الله وإن لم يعملوا خيرًا قط ، والجنة لمن آمن بالله ورسوله ولم يأتي بشرك ، ونؤمن بما جاء في كتاب الله وما صح عن رسول الله في وصف الجنة والنار وحال أهلهما .
28 ـ ولا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا بنار ، ولا بشهادة إلا من شهد له الله أو رسوله  بذلك . ولا يدخل أحد الجنة بعمله ؛ وإنما برحمة الله .
29 ـ ونؤمن بالقدر خيره وشره ، فنؤمن بعلم الله الأزلي ، وبتقديره مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكتب ذلك في كتاب عنده ، ونؤمن بمشيئة الله الكونية القدرية ؛ وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ونؤمن بخلقه للعباد وأفعال العباد ، وأنه سبحانه لم يجبر عبدًا على طاعة وإنما وفقه لها لعلمه فيه ، ولم يجبر عبدًا على معصية وإنما أمده لعلمه فيه .
30ـ ونحب أهل البيت ونهتدي بهديهم ، ولا نرفعهم فوق منزلتهم كما فعلت الروافض ، ولا ننتقص من حقهم كما فعلت النواصب .
31ـ ونحب أصحاب رسول الله  و لا ننتقص منهم وبهديهم نقتدي ، وعلى طريقتهم نسير ، وهم قد رضي الله عنهم . ونقدم منهم الأربعة الخلفاء بالترتيب أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلى بن أبي طالب . والعشرة المبشرون بالجنة ، وأصحاب بيعة الرضوان ، وأصحاب بدر ، وسائر الصحابة رضي الله عنهم جميعا . ونمسك عما شجر بينهم ، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه من أصحاب النبي  لا ننتقصه ولا نقول عنه كما قالت الروافض ، ونحبه ونتقرب بحبه إلى الله . وإن كنا نعتقد أن الحق كان مع علي بن أبي طالب
32ـ والبدعة عندنا أشر من المعصية ، ومنها ما يكفر بها صاحبها ، ومنها ما يفسق ، وكل بدعة في الدين ضلالة .
33ـ ونحفظ لأئمة الإسلام حقهم وعلى منهجهم نسير ، مثل سعيد بن المسيب وعطاء والحسن البصري وعكرمة ، وغيرهم من أئمة التابعين ، ومثل أبي حنيفة والشعبي ، والنخعي والأوزاعي وغيرهم ، ومثل مالك بن أنس والشافعي وأحمد والثوري وابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم . وكل مخلوق يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي  .
34 ـ وحكامنا المسلمين لهم علينا البيعة والطاعة في المعروف ولا طاعة لمخلوق في معصية الله . ولا ننابذهم بالسيف ، ولا ننازعهم ، ونصبر على آذاهم ، ولا نخرج عليهم بكلمة ولا سلاح ، وندعو لهم على المنابر وبين أنفسهم بالتوفيق والصلاح . ولهم علينا النصح سرًا لا على رؤوس الأشهاد .
35 ـ ولاؤنا لله ورسوله وللمؤمنين كلُ بدرجته ، وحبنا للناس في الله وبغضنا في الله على قدر الإيمان والطاعة .
36ـ ونؤمن بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، وفيه صلاح الدنيا والآخرة . وأي شريعة غيره فهي باطلة لا تقيم عوجًا ولا تصلح فاسدًا . والعلمانية كفر وضلال
37ـ ونؤمن بافتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي ما كان عليه النبي  وأصحابه .
38ـ ونؤمن أن كل الفرق التي خالفت منهج الصحابة فهي على ضلال ومتوعدة بالنار ، وعلى رأسها الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية والروافض ومن سار على منهجهم . غير أهل الغلو منهم ممن خرج عن ملة الإسلام .
هذا ما يسر الله جمعه وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم .

almorchid1
2007-11-24, 18:29
حياك الله يا أخي وحفظ الدعوة السلفية من الزيغ

أبو بكر
2007-11-30, 15:10
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

أبو علي
2007-11-30, 21:14
مشكووووووووووووووووووووووووور

أبو مريم
2007-11-30, 22:34
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك الله عني كل خير اخي الكريم.

نسيت الرقم30 وحبذا لو توضح اكثر ما قلته او ما نقلته ان البدعة في الدنيا تسري عليها الاحكام الخمس في النقطة رقم33.

بارك الله فيك

أبو عبد البر
2007-12-02, 10:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيك اخي الكريم وجزاك الله عني كل خير اخي الكريم.

نسيت الرقم30
بارك الله فيك اخي أبو مريم على التنبيه

وحبذا لو توضح اكثر ما قلته او ما نقلته ان البدعة في الدنيا تسري عليها الاحكام الخمس في النقطة رقم33.

بارك الله فيك
لا حول ولا قوة الا بالله اللهم اغفر لي ولجميع اخواني المسلمين
في الحقيقة نقلت الموضوع ولكن قرأته سطحيـا فبارك الله فيك أخي على التنبيه
سؤال:
ذكرتم فضيلتكم أن كل بدعة ضلالة، وأنه ليس هناك بدعة حسنة، والبعض قسم البدعة إلى خمسة أقسام: بدعة واجبة، وبدعة مندوبة، وبدعة محرمة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة؛ فما هو الرد على هؤلاء؟

الجواب:
الرد أن هذه فلسفة وجلد مخالفان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "كل بدعة ضلالة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طرفه: "كان رسول الله ص إذا خطب...".]، وهم يقولون: ما كل بدعة محرمة! فهذه فلسفة في مقابل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتعقيب على كلامه.

أما ما ذكروه من بعض الأمثلة وأنها بدعة حسنة؛ مثل جمع القرآن ونسخ القرآن؛ فهذه ليست بدعة، هذه كلها تابعة لكتابة القرآن، والقرآن كان يكتب ويجمع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه متممات للمشروع الذي بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فهي داخلة فيما شرعه.

كذلك ما قالوه من بناء المدارس، هذا كله في تعليم العلم، والله أمر بتعليم العلم، وإعداد العدة له، والرسول أمر بذلك؛ فهذا من توابع ما أمر الله به.

لكن البدعة هي التي تحدث في الدين، وهي ليست منه؛ كأن يأتي بعبادة من العبادات ليس لها دليل من الشرع، هذه هي البدعة.

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/176، رقم الفتوى في مصدرها: 97.

almorchid1
2007-12-02, 22:02
السلام عليكم لذي زيادة في هذا الباب أخي أبو عبد البر وهي كالتالي
الحديث الخامس

عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ" رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: "مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ".

1 هذا الحديث أصل في وزن الأعمال الظاهرة، وأنَّه لا يُعتدُّ بها إلاَّ إذا كانت موافقة للشرع، كما أنَّ حديث "إنَّما الأعمال بالنيات" أصلٌ في الأعمال الباطنة، وأنَّ كلّ عملٍ يتقرّب فيه إلى الله لا بدَّ أن يكون خالصاً لله، وأن يكون معتبراً بنيّته.

(صفحة: 39)
2 إذا فُعلت العبادات كالوضوء والغسل من الجنابة والصلاة وغير ذلك، إذا فُعلت على خلاف الشرع فإنَّها تكون مردودة على صاحبها غير معتبرة، وأنَّ المأخوذ بالعقد الفاسد يجب ردّه على صاحبه ولا يُملك، ويدلُّ لذلك قصةُ العسيف الذي قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبيه: "أمَّا الوليدة والغنم فردٌّ عليك" رواه البخاري (2695) ومسلم (1697).

3 ويدلُّ الحديثُ على أنَّ من ابتدع بدعة ليس لها أصل في الشرع فهي مردودة، وصاحبها مستحق للوعيد، فقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في المدينة: "من أحدث فيها حدَثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" رواه البخاري (1870) ومسلم (1366).

4 الرواية الثانية التي عند مسلم أعمّ من الرواية التي في الصحيحين؛ لأنّها تشمل من عمل البدعة، سواء كان هو المحدث لها أو مسبوقاً إلى إحداثها وتابع من أحدثها.

5 معنى قوله في الحديث: "ردّ" أي مردودٌ عليه، وهو من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، مثل: خَلْق بمعنى مخلوق، ونَسْخ بمعنى منسوخ، والمعنى: فهو باطل غير معتد به.

6 لا يدخل تحت الحديث ما كان من المصالح في حفظ الدين، أو موصلاً إلى فهمه ومعرفته، كجمع القرآن في المصاحف، وتدوين علوم اللغة والنحو، وغير ذلك.

7 الحديث يدلّ بإطلاقه على ردِّ كلِّ عملٍ مخالفٍ للشرع، ولو كان قصدُ صاحبه حسناً، ويدل عليه قصّة الصحابي الذي ذبح أضحيته قبل صلاة العيد، وقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "شاتُك شاة لحم" رواه البخاري (955) ومسلم (1961).

(صفحة: 40)
8 هذا الحديث يدل بمنطوقه على أنَّ كلَّ عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود، ويدل بمفهومه على أنَّ كلَّ عمل عليه أمره فهو غير مردود، والمعنى أنَّ من كان عمله جارياً تحت أحكام الشرع موافقاً لها فهو مقبول، ومن كان خارجاً عن ذلك فهو مردود.

9 مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 تحريم الابتداع في الدين.

2 أنَّ العمل المبني على بدعة مردود على صاحبه.

3 أنَّ النهي يقتضي الفساد.

4 أنَّ العمل الصالح إذا أُتي به على غير الوجه المشروع، كالتنفل في وقت النهي بغير سبب، وصيام يوم العيد، ونحو ذلك، فإنَّه باطل لا يُعتدُّ به.

5 أنَّ حكم الحاكم لا يُغيّر ما في باطن الأمر؛ لقوله: "ليس عليه أمرنا".

6 أنَّ الصلح الفاسد باطل، والمأخوذ عليه مستحق الرد، كما في حديث العسيف.

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وبن رجب رحمهما الله
تأليف عبد المحسن بن حمد العباد البدر