أبو عبد البر
2007-11-22, 13:43
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إصلاح عقيدة الجزائريين :
فقد كانت جمعية العلماء تركز عملها بصفة عامة على مقاومة الخرافات والبدع التي شوهت عقيد المسلمين، وتطهير عقيدتهم من مظاهر الشرك، سواء العلني منها أو الخفي.
وقد كان لإمام جمعية العلماء الشيخ (عبد الحميد بن باديس) دروس يمليها على تلامذته في (جامع قسنطينة) تحت عنوان: (العقائد الإسلامية)، وكان يتبع في الاستدلال على وجود الله، ووحدانيته، وصفاته منهج القرآن الكريم في الاستدلال لا منهج علماء الكلام المتأثرين بالأساليب الفلسفية والإغريقية العقلية، أو أساليب الفقهاء الذين يستدلون بكلام أئمتهم، أو قدماء أتباعهم بدل الاستدلال بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد نشرت أجزاء من تلك الدروس بعد وفاة (ابن باديس) تحت عنوان:"العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية "، وهي تعطينا صورة واضحة عن طريقة جمعية العلماء في إصلاح العقيدة على النهج السلفي، و(ابن باديس) يصف طريقته تلك بأنها "الطريقة المُثلى في الاستدلال على وجود الله وصفاته، فما يرجع إلى الغيبيات لا يكون إلا بالقرآن، لأن المؤمن إذا استند في توحيد الله، وإثبات ما يثبت له، ونفي ما انتفى عنه لا يكون إلا بآية قرآنية محكمة.يقول الشيخ ابن باديس عند شرحه لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}(الفرقان 27)، يقول: كما علينا أن نتبع سبيل الرسول – عليه الصلاة والسلام – التي جاء بها من عند الله تعالى وهي الإسلام، كذلك علينا أن نتبع سبيله في القيام بشرائع علما وعملا في أبواب العبادات، وأحكام المعاملات، وفي تطبيق أصول الإسلام وفروعه على الحياة الخاصة والعامة، وهذه سنته التي كان عليها، وكان عليها أصحابه، وأهل القرن الثاني من التابعين، وأهل القرن الثالث من أتباع التابعين، تلك القرون المشهود لها بالخيرية على غيرها بلسان المعصوم، وكما أن من عدل عن الإسلام ولم يسلك سبيله وقع في ضلال الكفر، كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل الإسلام يندم أشد الندم، ويتحسر أعظم الحسرة على ما كان من تفريطه، كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل السنة إذ كل منهما قد ظلم نفسه، وفرط في سبيل نجاته، فالآية كانت في الكافر والمشرك فهي تتناول بطريق الاعتبار أهل الأهواء والبدع.
ويقول عند شرحه الآية: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء 19). ..يقول من الناس من يخترع أعمالا من عند نفسه ويتقرب بها إلى مثلما اخترع المشركون عبادة الأوثان بدعائها، والذبح عليها، والخضوع لديها، وانتظار قضاء الحوائج منها، وهم يعلمون أنها مخلوقة لله مملوكة له، وإنما يعبدونها كما قالوا لتقربهم إلى الله زلفى، وكما اخترع طوائف من المسلمين الرقص، والزمر، والطواف حول القبور والنذر لها، والذبح عندها، ونداء أصحابها، وتقبيل أحجارها، ونصب التوابيت عليها، وحرق البخور عندها، وصب العطور عليها، فكل هذه الاختراعات فاسدة في نفسها، لأنها ليست من سعي الآخرة كان يسعاه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده فساعيها موزور غير مشكور.
ويقول عند شرحه لقوله تعالى :{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }(الإسراء 36).
يقول: إن أدلة العقائد مبسوطة في القرآن العظيم بغاية البيان، ونهاية التيسير، وأدلة الأحكام أصولها مذكورة كلها فيه، وبيانها وتفاصيلها في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسل ليبين للناس ما نزل إليهم فحق أهل العلم أن يقوموا بتعليم العامة لعقائدهم الدينية، وأدلة تلك العقائد من القرآن العظيم، إذ يجب على كل مكلف أن يكون في كل عقيدة من عقائده الدينية على علم، ولن يجد العامي الأدلة لعقائد قريبة إلا في كتاب الله فهو الذي على أهل العلم أن يرجعوا في تعليم العقائد المسلمين إليه.
أما الإعراض عن أدلة القرآن والذهاب مع أدلة المتكلمين الصعبة ذات العبارات الاصطلاحية فإنه من الهجر لكتاب الله، وتصعيب طريق العلم إلى عبادة الله وهم في أشد الحاجة إليه، وقد كان من نتيجة هذا ما نراه في عامة المسلمين من الجهل بعقائد الإسلام وحقائقه.
ومما ينبغي لأهل العلم أيضا – إذا أفتوا أو أرشدوا – أن يذكروا أدلة القرآن والسنة لفتاويهم ومواعظهم ليقربوا المسلمين إلى أصل دينهم، ويذيقوهم حلاوته ويعرفونهم منزلته، ويجعلوه منهم دائما على ذكر، وينيلهم العلم والحكمة من قريب، ويكون لفتاواهم ومواعظهم (رسوخ في القلب، وأثر في النفوس)، فإلى القرآن والسنة أيها العلماء إن كنتم للخير تريدون".
ويعلق أحد الكتاب الجزائريين على منهج (ابن باديس) في إصلاح عقيدة الجزائريين والمسلمين بعامة النقاب عن حقيقة تأثره فيها بمنهج السلف...قائلا:
"هناك ملاحظة ينبغي الإشارة إليها قبل المضي في بيان ملامح فلسفة (ابن باديس)، وهي أن الإمام (عبد الحميد بن باديس) عالم مسلم يعمل في الدائرة الإسلامية، وهو كذلك مصلح سائر على نهج المصلحين السلفيين من أتباع المدرسة الإصلاحية السلفية التي ظهرت في الشرق الإسلامي في القرن الثامن عشر للميلاد (الثاني عشر للهجرة)، وكانت تنادي بضرورة العودة بالإسلام إلى متابعة الأولى، وهو الكتاب والسنة بعيدا عن بدع المبتدعين، وخرافات المنحرفين.
وفي رأي (ابن باديس) أن العقائد السليمة هي قاعدة الإصلاح في المجتمع، وهو ينادي بأن حالة التدهور العام التي وصل إليها المسلمون في القرون الأخيرة إنما تعود إلى تدهور العقيدة لدى الفرد المسلم، وتطرق الشرك الخفي إليها، وهو يعتبر ذلك "قاعدة الإصلاح" ويقول :" فلنبدأ من الإيمان بتطهير عقائدنا من الشرك وأخلاقنا من الفساد وأعمالنا من المخالفات ".
إصلاح عقيدة الجزائريين :
فقد كانت جمعية العلماء تركز عملها بصفة عامة على مقاومة الخرافات والبدع التي شوهت عقيد المسلمين، وتطهير عقيدتهم من مظاهر الشرك، سواء العلني منها أو الخفي.
وقد كان لإمام جمعية العلماء الشيخ (عبد الحميد بن باديس) دروس يمليها على تلامذته في (جامع قسنطينة) تحت عنوان: (العقائد الإسلامية)، وكان يتبع في الاستدلال على وجود الله، ووحدانيته، وصفاته منهج القرآن الكريم في الاستدلال لا منهج علماء الكلام المتأثرين بالأساليب الفلسفية والإغريقية العقلية، أو أساليب الفقهاء الذين يستدلون بكلام أئمتهم، أو قدماء أتباعهم بدل الاستدلال بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد نشرت أجزاء من تلك الدروس بعد وفاة (ابن باديس) تحت عنوان:"العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية "، وهي تعطينا صورة واضحة عن طريقة جمعية العلماء في إصلاح العقيدة على النهج السلفي، و(ابن باديس) يصف طريقته تلك بأنها "الطريقة المُثلى في الاستدلال على وجود الله وصفاته، فما يرجع إلى الغيبيات لا يكون إلا بالقرآن، لأن المؤمن إذا استند في توحيد الله، وإثبات ما يثبت له، ونفي ما انتفى عنه لا يكون إلا بآية قرآنية محكمة.يقول الشيخ ابن باديس عند شرحه لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}(الفرقان 27)، يقول: كما علينا أن نتبع سبيل الرسول – عليه الصلاة والسلام – التي جاء بها من عند الله تعالى وهي الإسلام، كذلك علينا أن نتبع سبيله في القيام بشرائع علما وعملا في أبواب العبادات، وأحكام المعاملات، وفي تطبيق أصول الإسلام وفروعه على الحياة الخاصة والعامة، وهذه سنته التي كان عليها، وكان عليها أصحابه، وأهل القرن الثاني من التابعين، وأهل القرن الثالث من أتباع التابعين، تلك القرون المشهود لها بالخيرية على غيرها بلسان المعصوم، وكما أن من عدل عن الإسلام ولم يسلك سبيله وقع في ضلال الكفر، كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل الإسلام يندم أشد الندم، ويتحسر أعظم الحسرة على ما كان من تفريطه، كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل السنة إذ كل منهما قد ظلم نفسه، وفرط في سبيل نجاته، فالآية كانت في الكافر والمشرك فهي تتناول بطريق الاعتبار أهل الأهواء والبدع.
ويقول عند شرحه الآية: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء 19). ..يقول من الناس من يخترع أعمالا من عند نفسه ويتقرب بها إلى مثلما اخترع المشركون عبادة الأوثان بدعائها، والذبح عليها، والخضوع لديها، وانتظار قضاء الحوائج منها، وهم يعلمون أنها مخلوقة لله مملوكة له، وإنما يعبدونها كما قالوا لتقربهم إلى الله زلفى، وكما اخترع طوائف من المسلمين الرقص، والزمر، والطواف حول القبور والنذر لها، والذبح عندها، ونداء أصحابها، وتقبيل أحجارها، ونصب التوابيت عليها، وحرق البخور عندها، وصب العطور عليها، فكل هذه الاختراعات فاسدة في نفسها، لأنها ليست من سعي الآخرة كان يسعاه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده فساعيها موزور غير مشكور.
ويقول عند شرحه لقوله تعالى :{ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا }(الإسراء 36).
يقول: إن أدلة العقائد مبسوطة في القرآن العظيم بغاية البيان، ونهاية التيسير، وأدلة الأحكام أصولها مذكورة كلها فيه، وبيانها وتفاصيلها في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسل ليبين للناس ما نزل إليهم فحق أهل العلم أن يقوموا بتعليم العامة لعقائدهم الدينية، وأدلة تلك العقائد من القرآن العظيم، إذ يجب على كل مكلف أن يكون في كل عقيدة من عقائده الدينية على علم، ولن يجد العامي الأدلة لعقائد قريبة إلا في كتاب الله فهو الذي على أهل العلم أن يرجعوا في تعليم العقائد المسلمين إليه.
أما الإعراض عن أدلة القرآن والذهاب مع أدلة المتكلمين الصعبة ذات العبارات الاصطلاحية فإنه من الهجر لكتاب الله، وتصعيب طريق العلم إلى عبادة الله وهم في أشد الحاجة إليه، وقد كان من نتيجة هذا ما نراه في عامة المسلمين من الجهل بعقائد الإسلام وحقائقه.
ومما ينبغي لأهل العلم أيضا – إذا أفتوا أو أرشدوا – أن يذكروا أدلة القرآن والسنة لفتاويهم ومواعظهم ليقربوا المسلمين إلى أصل دينهم، ويذيقوهم حلاوته ويعرفونهم منزلته، ويجعلوه منهم دائما على ذكر، وينيلهم العلم والحكمة من قريب، ويكون لفتاواهم ومواعظهم (رسوخ في القلب، وأثر في النفوس)، فإلى القرآن والسنة أيها العلماء إن كنتم للخير تريدون".
ويعلق أحد الكتاب الجزائريين على منهج (ابن باديس) في إصلاح عقيدة الجزائريين والمسلمين بعامة النقاب عن حقيقة تأثره فيها بمنهج السلف...قائلا:
"هناك ملاحظة ينبغي الإشارة إليها قبل المضي في بيان ملامح فلسفة (ابن باديس)، وهي أن الإمام (عبد الحميد بن باديس) عالم مسلم يعمل في الدائرة الإسلامية، وهو كذلك مصلح سائر على نهج المصلحين السلفيين من أتباع المدرسة الإصلاحية السلفية التي ظهرت في الشرق الإسلامي في القرن الثامن عشر للميلاد (الثاني عشر للهجرة)، وكانت تنادي بضرورة العودة بالإسلام إلى متابعة الأولى، وهو الكتاب والسنة بعيدا عن بدع المبتدعين، وخرافات المنحرفين.
وفي رأي (ابن باديس) أن العقائد السليمة هي قاعدة الإصلاح في المجتمع، وهو ينادي بأن حالة التدهور العام التي وصل إليها المسلمون في القرون الأخيرة إنما تعود إلى تدهور العقيدة لدى الفرد المسلم، وتطرق الشرك الخفي إليها، وهو يعتبر ذلك "قاعدة الإصلاح" ويقول :" فلنبدأ من الإيمان بتطهير عقائدنا من الشرك وأخلاقنا من الفساد وأعمالنا من المخالفات ".