عبد الرحمان1980
2010-01-29, 16:50
ليوم الجمعة14محرم 1431ه /01 يناير2010م
الموضوع : محاسبة النفس
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي سهل لعباده المتقين إلى محبته سبيلا وأوضح لهم طرق مرضاته وجعل اتباع الرسول عليها دليلا أحمده سبحانه وهو المحمود على كل ما قدره وقضاه وأشكره تعالى والشكر كفيل بالمزيد من عطاه وأشهد أن سيدنا محمدا عبده المصطفى وخليله المرتضى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه مصابيح الدجى وأعلام الهدى وسلم تسليما كثيرا أما بعد فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى قال الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "إن هذه الشمس التي تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها تحمل أعظم الإعتبار فطلوعها ثم غيابها إيذان بأن هذه الدنيا ليست دار قرار وإنما طلوع وزوال انظر إلى هذه الشهور تهل فيها الأهلة صغيرة كما يولد الأطفال ثم تنمو رويدا رويدا كما تنمو الأجسام حتى إذا تكامل نموها أخذت في النقص والإضمحلال وهكذا عمر الإنسان تتجدد الأعوام عاما بعد عام فإذا دخل العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد ثم تمر به الأيام سراعا فينصرم العام كلمح البصر فإذا به قد هجم عليه الموت .يؤمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأماني قد انصرم وبناء الأماني قد انهدم قال أبو الدرداء رضي الله عنه " يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب منك يوم ذهب بعضك " وقال أبو حازم رحمه الله تعالى " عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة "أيها المسلمون :كيف يفرح من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله وحياته تقوده إلى موته ؟قال ابن عباس رضي الله عنهما :" كيف نفرح والموت من وراءنا والقبور أمامنا والقيامة موعدنا وعلى جهنم طريقنا وبين يدي ربنا موقفنا " لقد ضربت الدنيا في قلوبنا بسهم ونصبت فيها رايات ليلنا ونهارنا في حديث عن الدنيا إن ضرب موعد للدنيا بادرنا إليه مبكرين وأقمنا عند بابه فرحين ولا يبقى للآخرة في قلوبنا إلا ركنا ضيقا وذكرا قصيرا .لقد وصى رسولنا صلى الله عليه وسلم ابن عمر بوصية بليغة تصحح منظور المسلم إلى هذه الحياة الدنيا حيث قال " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " وعلى هذا فعابر السبيل يتقلل من الدنيا ويقصر الآمال وسيكثر من زاد الإيمان حديثه تلاوة كتاب الله وهمه المسابقة إلى الخيرات فاليوم الذي مضى لا يعود ولهذا يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو على فراش الموت "اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا ولا طول المكث فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل وظمأ الهواجر في الحر الشديد ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر " أيها المسلمون إن الضغوط المعاشية اليومية حالت بين العبد وبين الخلوة مع نفسه والحديث إليها فهو في حالة من الجري الدائم للحصول على المزيد في سباق مع الدنيا ونهم على شهواتها وحرص شديد هائل على أحوالها ولهذا يقول سعيد بن مسعود رحمه الله تعالى " إذا رأيت العبد تزداد دنياه وتنقص آخرته وهو بذالك راض فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه وهو لايشعر " ويقول محمد بن واسع :" إذا رأيت في الجنة رجلا يبكي ألست تعجب من بكائه ؟قيل بلى ,قال : فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه " أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه غفوررحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله على كل حال ونسأله العافية والمعافاة الدائمة في الحال والمآل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرد بالعظمة والجلال وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سني الخصال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دامت الأيام والليال أما بعد في حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قال قائل يا رسول الله ومن قلة يومئذ؟ قال : لا بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ولتعرفن في قلوبكم الوهن قال قائل يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت " كيف تنتصر الأمة على عدوها وقد هزمت في معركتها مع النفس ونخر جسدها التفرق والإختلاف؟ وعلى الرغم من الأثقال والأدواء فإن فجرا صادقا يلوح في الأفق على مستوى الأمة فهي تملك مقومات الحضارة وإمكانات السيادة بالإيمان والعمل الصالح بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجعل الله حزن الأمة فرحا وعسرها يسرا وذلها عزا وضعفها قوة لتكون كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ........................
الموضوع : محاسبة النفس
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي سهل لعباده المتقين إلى محبته سبيلا وأوضح لهم طرق مرضاته وجعل اتباع الرسول عليها دليلا أحمده سبحانه وهو المحمود على كل ما قدره وقضاه وأشكره تعالى والشكر كفيل بالمزيد من عطاه وأشهد أن سيدنا محمدا عبده المصطفى وخليله المرتضى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه مصابيح الدجى وأعلام الهدى وسلم تسليما كثيرا أما بعد فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى قال الله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "إن هذه الشمس التي تطلع كل يوم من مشرقها وتغرب من مغربها تحمل أعظم الإعتبار فطلوعها ثم غيابها إيذان بأن هذه الدنيا ليست دار قرار وإنما طلوع وزوال انظر إلى هذه الشهور تهل فيها الأهلة صغيرة كما يولد الأطفال ثم تنمو رويدا رويدا كما تنمو الأجسام حتى إذا تكامل نموها أخذت في النقص والإضمحلال وهكذا عمر الإنسان تتجدد الأعوام عاما بعد عام فإذا دخل العام الجديد نظر الإنسان إلى آخره نظر البعيد ثم تمر به الأيام سراعا فينصرم العام كلمح البصر فإذا به قد هجم عليه الموت .يؤمل الإنسان بطول العمر ويتسلى بالأماني فإذا بحبل الأماني قد انصرم وبناء الأماني قد انهدم قال أبو الدرداء رضي الله عنه " يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب منك يوم ذهب بعضك " وقال أبو حازم رحمه الله تعالى " عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة "أيها المسلمون :كيف يفرح من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله وحياته تقوده إلى موته ؟قال ابن عباس رضي الله عنهما :" كيف نفرح والموت من وراءنا والقبور أمامنا والقيامة موعدنا وعلى جهنم طريقنا وبين يدي ربنا موقفنا " لقد ضربت الدنيا في قلوبنا بسهم ونصبت فيها رايات ليلنا ونهارنا في حديث عن الدنيا إن ضرب موعد للدنيا بادرنا إليه مبكرين وأقمنا عند بابه فرحين ولا يبقى للآخرة في قلوبنا إلا ركنا ضيقا وذكرا قصيرا .لقد وصى رسولنا صلى الله عليه وسلم ابن عمر بوصية بليغة تصحح منظور المسلم إلى هذه الحياة الدنيا حيث قال " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " وعلى هذا فعابر السبيل يتقلل من الدنيا ويقصر الآمال وسيكثر من زاد الإيمان حديثه تلاوة كتاب الله وهمه المسابقة إلى الخيرات فاليوم الذي مضى لا يعود ولهذا يقول معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو على فراش الموت "اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا ولا طول المكث فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل وظمأ الهواجر في الحر الشديد ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر " أيها المسلمون إن الضغوط المعاشية اليومية حالت بين العبد وبين الخلوة مع نفسه والحديث إليها فهو في حالة من الجري الدائم للحصول على المزيد في سباق مع الدنيا ونهم على شهواتها وحرص شديد هائل على أحوالها ولهذا يقول سعيد بن مسعود رحمه الله تعالى " إذا رأيت العبد تزداد دنياه وتنقص آخرته وهو بذالك راض فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه وهو لايشعر " ويقول محمد بن واسع :" إذا رأيت في الجنة رجلا يبكي ألست تعجب من بكائه ؟قيل بلى ,قال : فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه " أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه غفوررحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله على كل حال ونسأله العافية والمعافاة الدائمة في الحال والمآل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرد بالعظمة والجلال وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سني الخصال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دامت الأيام والليال أما بعد في حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قال قائل يا رسول الله ومن قلة يومئذ؟ قال : لا بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ولتعرفن في قلوبكم الوهن قال قائل يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت " كيف تنتصر الأمة على عدوها وقد هزمت في معركتها مع النفس ونخر جسدها التفرق والإختلاف؟ وعلى الرغم من الأثقال والأدواء فإن فجرا صادقا يلوح في الأفق على مستوى الأمة فهي تملك مقومات الحضارة وإمكانات السيادة بالإيمان والعمل الصالح بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجعل الله حزن الأمة فرحا وعسرها يسرا وذلها عزا وضعفها قوة لتكون كما أراد الله خير أمة أخرجت للناس اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ........................