المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نداء إلى أساتذة الأدب العربي


*(بحر ثاااائر)*
2010-01-25, 17:12
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتوجه إلى أساتذة الأدب العربي واللغة العربية بهذا النداء، والمتمثل في نقل فتاوى العلماء المحققين في مسألة كثيرا ما يتطرقون إليها أثناء التدريس، وذلك لأنه مقرر عليهم في كثير من المستويات، وخاصة في مجال البلاغة العربية، ألا وهي مسألة المجاز في القرآن الكريم، ققد قرر أهل العلم المحققون أن القرآن الكريم ليس فيه مجاز، لذلك فالمطلوب من الأساتذة الكرام أن يتحاشوا الاستدلال بالآيات القرآنية في موضوع المجاز، ودونكم كلام أهل العلم في المسألة:
هل في القرآن مجاز؟
سائل من القصيم بعث إلي رسالة يقول فيها:
كثيرا ما أقرأ في كتب التفاسير وغيرها بأن هذا الحرف زائد كما في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فيقولون: بأن الكاف في كمثله زائدة، وقد قال لي أحد المدرسين بأنه ليس في القرآن شيء اسمه زائد أو ناقص أو مجاز، فإذا كان الأمر كذلك فما القول في قوله تعالى: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ، وقوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ.

الجواب:
الصحيح الذي عليه المحققون أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة وكل ما فيه فهو حقيقة في محله ومعنى قول بعض المفسرين أن هذا الحرف زائد يعني من جهة قواعد الإعراب وليس زائدا من جهة المعنى، بل له معناه المعروف عند المتخاطبين باللغة العربية؛ لأن القرآن الكريم نزل بلغتهم كقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[1] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftn1) يفيد المبالغة في نفي المثل، وهو أبلغ من قولك: (ليس مثله شيء)، وهكذا قوله سبحانه: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا[2] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftn2).
فإن المراد بذلك سكان القرية وأصحاب العير، وعادة العرب تطلق القرية على أهلها والعير على أصحابها، وذلك من سعة اللغة العربية وكثرة تصرفها في الكلام، وليس من باب المجاز المعروف في اصطلاح أهل البلاغة ولكن ذلك من مجاز اللغة أي مما يجوز فيها ولا يمتنع، فهو مصدر ميمي كـالمقام والمقال وهكذا قوله سبحانه: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ[3] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftn3) يعني حبه، وأطلق ذلك لأن هذا اللفظ يفيد المعنى عند أهل اللغة المتخاطبين بها، وهو من باب الإيجاز والاختصار لظهور المعنى. والله ولي التوفيق. [1] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftnref1)سورة الشورى الآية 11.
[2] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftnref2)سورة النساء الآية 82.
[3] (http://www.binbaz.org.sa/mat/129#_ftnref3)سورة البقرة الآية 93.



الدعوة العدد 1016 الاثنين 6 ربيع الأول سنة 1406هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع
المصدر:
http://www.binbaz.org.sa/mat/129 (http://www.binbaz.org.sa/mat/129)


***********************************

هل في القرآن الكريم مجاز؟
المفتي : الشيخ عبدالعزيز بن باز

الجواب
هذا فيه تفصيل، أما المجاز الذي يعتاده البلاغيون هذا ليس فيه مجاز،أما أن القرآن نزل بلغة العرب، في سعة اللغة، ومجازها التي يجوز فيها يعني، مجازمصدر جاز يجوز من الجواز، لا من المجاز الاصطلاحي، فهذا لا بأس، مثل ما قال جل وعلا: واسأل القرية، واسأل العير، جناح الذل، هذا من لغة العرب، من توسعها وسعتها،لا بأس بذلك، موجود في القرآن، أما المجاز الذي اصطلح عليه البلاغيون وأنه يصح نفيه، هذا ليس في القرآن، هذا المجاز الاصطلاحي ليس في القرآن
المصدر:
http://islamancient.com/fatawa,item,349.html?PHPSESSID=9d4698af8be664eb9fd 434378d90fae0 (http://islamancient.com/fatawa,item,349.html?PHPSESSID=9d4698af8be664eb9fd 434378d90fae0)

وجازاكم الله خيرا...

*(بحر ثاااائر)*
2010-01-25, 17:18
ولعلي أزيدكم هذا لكي ينقشع الضباب أكثر:

الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد :
فهذا انتقاء من كتاب المجاز للشنقيطي رحمه الله سميته :
الإنتقاء من رسالة الشنقيطي في المجاز المسماة : منع جوازالمجاز في المنزل للتعبد والإعجاز

-اعلم أولاً أن المجاز اختُلِفَ في أصل وقوعه، قال أبو إسحاق الإسفرائيني، وأبو عليٍّ الفارسيُّ: إنه لا مجاز في اللغة أصلاً، كما عزاه لهما ابن السُّبكي في "جمع الجوامع" .
-واعلم أن المجاز عند الأصوليين ينصرف إلى المجاز المفرد، وفي الغالب لا يذكرون المجاز العقلي ولا المجاز المركب.
فإذا عرفت أن مرادهم بالمجاز هو المجاز المفرد المنقسم إلى استعارة ومجاز مرسل. فاعلم أنه عندهم ثلاثة أقسام:
قسم يجيزه أكثرهم ويمنعه البعض وهو الذي قدمنا منعه مطلقًا عن أبي إسحاق والفارسي، وقد قال بمنعه مطلقًا أبو العباس ابن تيمية والعلامة ابن القيم، وقدمنا منعه في القرآن عن ابن خويز منداد، وابن القاص، وأبي العباس وتلميذه ابن القيم رحمهم الله.
وقسم اختلف فيه القائلون بجواز هذا، وهو حمل اللفظ على حقيقته ومجازه معًا، أو على مجازيه، أو على حقيقته إن كان مشتركًا مجازًا.
مثال حمله على حقيقته ومجازه: إطلاق الأسد وإرادة الحيوان المفترس والرجل الشجاع معًا مجازًا، فهذا المجاز مختلف في جوازه عندهم. وقصدنا مطلق التمثيل وهو لا يُعترض.
وإلا فالقائلون بجواز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه معًا يشترطون في ذلك مساواة المجاز للحقيقة في الشهرة وإلا لم يجز، والمثال المذكور لا يساوي فيه المجاز الحقيقة في الشهرة، فلم يجز عندهم، إلا أن القاعدة الأصولية: أن المثال لا يُعترض. قال في "مراقي السعود":
والشأنُ لا يُعْتَرضُ المثالُ...إذ قد كفى الفرض والاحتمالُ
وإنما لم نمثل له بأمثلتهم؛ لأنهم يمثلون له بالقرآن، ونحن ننزه القرآن عن أن نقول بأن فيه مجازًا؛ بل نقول: هو كله حقائق.
ومثال حمله على مجازَيْه: أن تحلف لا تشتري، وتريد بنفي الشراء نفي السوم ونفي شراء الوكيل، فإنهما مجازان للشراء، وحمل اللفظ عليهما معًا مجازًا مختلف فيه.
ومثال حمله على حقيقته: أن تقول: عندي عين، تعني الباصرة والجارية مثلاً، فإنهم مختلفون في جواز حمل المشترك على معنييه أو معانيه، فمنهم من يجيز ذلك، وعلى جوازه فقيل: حقيقة، وقيل: مجاز، وعلى كونه مجازًا فهو مجاز مختلف في جوازه أيضًا.
ومنهم من يفرق بين النفي والإثبات فيجيز حمل المشترك على معنييه أو معانيه في النفي دون الإثبات، فيقول: لا عين عندي يعني لا جارية، ولا باصرة مثلاً، ويقول: لا قرء في عدة الحامل يعني لا حيض، ولا طهر؛ لأنها تعتد بالوضع ولا يجيز ذلك في الإثبات.
ووجه هذا القول: إن النكرة تعم في سياق النفي، ولا تعم في سياق الإثبات، وقسم أجمعوا على منعه وهو ما كانت العلاقة فيه خفية لا يقصدها الناس عادة كاستعارة الأسد للرجل الأبْخَر بعلاقة مشابهته له في البَخَرِ، فالأسد وإن كان متصفا بالبخر فإنه لم يعهد استعارته للرجل بذلك الجامع الذي هو البخر، فلا يجوز ذلك لأن المعنى يصير حينئذ متعقدا غير مفهوم.
فهذه أقسام المجاز عند الأصوليين، والتحقيق الذي لا شك فيه أنه لا يجوز شيء منها في القرآن.
-وأما أنواع المجاز عند أهل البلاغة فهي أربعةأقسام:وهي المجاز المفرد المذكور، والمجاز المركب، والمجاز العقلي، ومجاز النقص والزيادة،بناءً على عدِّه من أنواع المجاز.
-واعلم أن تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز لم يقل به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أحد من الصحابة، ولا من التابعين، ولا من الأئمة الأربعة، وما يروى عن الإمام أحمد من أنه قال في مثل: (إِنَّا) ، (نَحْنُ) من كلام الله أنه من مجاز اللغة فإنه يعني بذلك أنه من الشيء الجائز في اللغة، ولم يقصد المجاز الاصطلاحي الذي هو ضد الحقيقة كما أوضحه ابن القيم رحمه الله.
-وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازًا فهو -عند من يقول بنفي المجاز- أسلوب من أساليب اللغة العربية.
-فمن أساليبها: إطلاق الأسد مثلاً على الحيوان المفترس المعروف، وأنه ينصرف إليه عند الإطلاق وعدم التقييد بما يدل على أن المراد غيره.
-حققه العلامة ابن القيم رحمه الله في "الصواعق" ، وإنما هي أساليب متنوعة بعضها لا يحتاج إلى دليل، وبعضها يحتاج إلى دليل يدل عليه، ومع الاقتران بالدليل يقوم مقام الظاهرالمستغني عن الدليل، فقولك: "رأيت أسدًا يرمي" يدل على الرجل الشجاع، كما يدل لفظ الأسد عند الإطلاق على الحيوان المفترس.
-ثم إن القائلين بالمجاز في اللغة العربية اختلفوا في جواز إطلاقه في القرآن.
فقال قوم: لا يجوز أن يقال في القرآن مجاز، منهم ابن خُوَيز مِنداد من المالكية، وابن القاص من الشافعية، والظاهرية.
-أنه كان ذريعة إلى نفي كثير من صفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن العظيم.
وعن طريق القول بالمجاز توصل المعطلون لنفي ذلك فقالوا: "لا يد، ولا استواء، ولا نزول"، ونحو ذلك في كثير من آيات الصفات؛ لأن هذه الصفات لم ترد حقائقها؛ بل هي عندهم مجازات ... مع أن الحق الذي هو مذهب أهل السنة الجماعة إثبات هذه الصفات التي أثبتها تعالى لنفسه، والإيمان بها من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل.
-وبالغ في إيضاح منع المجاز في القرآن الشيخ أبو العباس ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى؛ بل أوضحا منعه في اللغة أصلا.
-والذي ندين الله به ويلزم قبوله كل منصف محقق: أنه لا يجوز إطلاق المجاز في القرآن مطلقا على كلا القولين.
-أما على القول بأنه لا مجاز في اللغة أصلا -وهو الحق- فعدم المجاز في القرآن واضح.
-وأمَّا على القول بوقوع المجاز في اللغة العربية فلا يجوزالقول به في القرآن.
-وطريقُ مناظرة القائل بالمجاز في القرآن هي أن يقال: لا شيء من القرآن يجوز نفيه، وكل مجاز يجوز نفيه، ينتج من الشكل الثاني: لا شيء من القرآن بمجاز .
-في الإجابة على مما ادُّعِيَ فيه المجاز
فإن قيل: ما تقول أيُّها النافي للمجاز في القرآن في قوله تعالى: (جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) [سورة الكهف: 77]. وقوله: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [سورة يوسف: 82[. وقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الآية [سورة الشورى: 11]. وقوله: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) الآية [سورة الإسراء: 24 ]؟.
-فالجواب: أَنَّ قولَه: { يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ } لا مانعَ من حمله على حقيقة الإرادة المعروفةِ في اللغة، لأَنَّ الله يعلمُ للجماداتِ ما لا نعلمُه لها كما قال تعالى: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } الآية [سورة الإسراء]44 .

المصدر:
http://www.abouasem.net/play.php?catsmktba=288 (http://www.abouasem.net/play.php?catsmktba=288)

يتبع...

*(بحر ثاااائر)*
2010-01-29, 22:08
وقد ثَبتَ في "صحيح البخاريَ" حنَينُ الجذْع الذي كان يخطبُ عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وثبتَ في "صحيحِ مسلم" أنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إني أعرفُ حَجَرا كانَ يسلمُ عَلَيَّ في مكةَ".
وأمثالُ هذا كثيرةٌ جدًّا، فلا مانِعَ من أن يَعْلمَ اللهُ من ذلكَ الجدار إرادة الانقضاض.
-ويُجابُ عن هذه الآية -أيضا- بمَا قدَّمنَا من أنَّه لامانعَ من كونِ العرب تستعملُ الإرادةَ عنْدَ الإطلاق في معناها المشهورِ، وتستعملُها في الميلِ عند دلالة القرينة على ذلك. وكلا الاستعمالين حقيقةٌ في محلِّه. وكثيرًا ما تَستعملُ العربُ الإرداة في مشارفَةِ الأمرِ، أي قرب وقوعهِ كقربِ الجدارِ من الانقضاض سُمِّيَ إرادة.
-..ظهَرَ أنَّ مثلَ: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [سورة يوسف:82], مِنَ المدلول عليه بالاقتضاء، وأنَّه ليسَ من المجازِ عند جمهور الأصوليين القائلينَ بالمجاز في القرآنِ .
-والجوابُ عن قوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [سورة الشورى]:11 , أنَّه لا مجاز زيادة فيه؛ لأنَّ العربَ تطلق المثلَ وتريدُ به الذات، فهو أيضا أسلوب مِنْ أساليب اللغةِ العربِية.
-وقوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ) [سورة الأنعام: 122]، يعني كمنْ هو في الظلمات.
-وقوله تعالى: (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ) [سورة البقرة: 137] أي: بمَا آمنتم به على أظهرِ الأقوال. وتدلُّ لَهُ قراءةُ ابن عباس: "فإنْ آمَنوا بِمَا آمَنتُم بهِ" وتُروى هذه القراءةُ عَنِ ابنِ مسعود أيضا.
ويجابَُ أيضا بأنَّ أداةَ التَّشبيِه كُرِّرَتْ لتأكيدِ نَفْيِ المِثْلِيةِ المنفيَّةِ في الآية.
والعربُ ربَّما كرَّرتْ بعض الحروفِ لتأكيد المعنى .
-والجواب عن قوله تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [سورة الإسراء: 24]: أن الجناح هنا مستعمل في حقيقته؛ لأن الجناح يطلق لغة حقيقة على يد الإنسان وعضده وإبطه، قال تعالى: { وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [سورة القصص:32 ] ,
والخفض مستعمل في معناه الحقيقي الذي هو ضد الرفع؛ لأن مريد البطش يرفع جناحيه، ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحيه، فالأمر بخفض الجناح للوالدين كناية عن لين الجانب لهما، والتواضع لهما، كما قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
-وما يذكره كثير من متأخري المفسرين القائلين بالمجاز في القرآن كله غير صحيح، ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه من نقل ولا عقل.

-فإن قالوا: هذا الذي نسميه مجازًا وتسمونه أسلوبًا آخر من أساليب اللغة يجوز نفيه على قولكم، كما جاز نفيه على قولنا. فيلزم المحذور قولكم كما لزم قولنا.
فالجواب: أنه على قولنا بكونه حقيقة لا يجوز نفيه. فإن قولنا: رأيت أسدًا يرمي -مثلاً- لانسلم جواز نفيه؛ لأن هذا الأسد المقيد بكونه يرمي ليس حقيقة الحيوان المفترس حتى تقولوا: هو ليس بأسد.
فلو قلتم: هو ليس بأسد. قلنا: نحن ما زعمنا أنه حقيقة الأسد المتبادر عند الإطلاق حتى تكذبونا، وإنما قلنا بأنه أسد يرمي، وهو كذلك هو أسد يرمي.
-أيها القائلون بالمجاز أنتم الذين أطبقتم على جواز نفيه وتوصلتم بذلك إلى نفي كثير من صفات الله الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، زعمًا منكم أنها مجاز وأن المجاز يجوز نفيه، فلو أقررتم بأنه لا يجوز نفيه لوافقتم على أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية وهو حقيقة في محله، وسلمتم من نفي صفات الكمال والجلال الثابتة في القرآن.

-فإنْ قيل: إذا منعتم المجاز في آيات الصفات فما معنى الحقيقة فيها؟
فالجواب: أن الصفات تختلف حقائقها باختلافِ موصوفاتها، فللخالق جل وعلا صفات حقيقية تليق به، وللمخلوق صفات حقيقية تناسبه وتلائمه، وكل من ذلك حقيقة في محله.
ومعاني صفات الله جل وعلا معروفة، وكيفياتها لا يعلمها إلا الله، كما قال مالك وأم سلمة: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول".
والدليل على أن الكيف غير معقول قوله تعالى: { وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [سورة طه:110.]
وحاصل تحرير الحق في مسألة آيات الصفات على وجه لا إشكال فيه مبني على أمرين:
الأول: الإيمان بكل ما ثبت في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة على وجه الحقيقة لا المجاز.
الثاني: نفي التشبيه والتمثيل عن كل وصف ثبت لله في كتاب أو سنة صحيحة. فمن نفى وصفًا أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فهو معطل.
-ومعلوم أنه لا يصف الله أعلمُ بالله من الله، ولا يصف الله بعد الله أعلمُ به من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [سورة البقرة:140 [ .

-ومن شبه وصف ربه بصفات المخلوق فهومُشَبِّه ملحد، وكل تعطيلٍ ناشيء عن تشبيه، ومن آمن بصفات ربه منزهًا له عن التشبيه والتمثيل بصفات الحوادث فهو مؤمن موحد سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، جامع بين الإيمان والتنزيه.
والدليل على ما ذكرنا من أن تحرير المقام حاصل بالأمرين المذكورين قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى،الآية: 11]. فقوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فيه نفي التمثيل، وقوله: { وَهُوَالسَّمِيعُ الْبَصِيرُ } فيه إثبات الصفات على الحقيقة. وإذا كان نافي بعض الصفات يضطر إلى الاعتراف بأنه جل وعلا ذات مخالفة لجميع الذوات، فعليه أن يعترف بأنه متصف بصفات لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين، فصفاته تخالف صفاتهم كمخالفة ذاته لذواتهم.
فإن قيل: يلزم من إثبات صفة الوجه، واليد، والاستواء، ونحو ذلك مشابهة الخلق؟
فالجواب: أن وصفه بذلك لا يلزمه مشابهة الخلق، كما لم يلزم من وصفه بالسمع والبصر مشابهة الحوادث التي تسمع وتبصر، بل هو تعالى متصف بتلك الصفات المذكورة التي هي صفات كمال وجلال .
-كما قال من غير مشابهة للخلق البتة فهي ثابتة له حقيقة على الوجه اللائق بكماله وجلاله، كما أن صفات المخلوقين ثابتة لهم حقيقة على الوجه المناسب لهم، فبين الصفة والصفة من تنافي الحقيقة ما بين الذات والذات.
-فإن قيل: بينوا كيفية الاتصاف بها لنعقلها. قلنا: أعرفتم كيفية الذات المتصفة بها؟ فلابد أن يقولوا: لا!
فنقول: معرفة كيفية الصفات متوقفة على معرفة كيفية الذات فإن قال الخصم: هو ذات لا كالذوات، قلنا: وموصوف بصفات لا كغيره امن الصفات!
فسبحان من أحاط بكل شيء ولم يحط به شيء {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } [سورة طه: 110.]
قال المهذب : هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على محمد وآله وسلم .

المصدر:
http://www.abouasem.net/play.php?catsmktba=289 (http://www.abouasem.net/play.php?catsmktba=289)

راجية لقاء الله
2010-06-21, 18:39
بارك الله فيك

أمينة مريم
2010-06-21, 21:17
شكرا جزيلا على هذا الموضوع القيّم والتنبيه المفيد جازاك اللّه عنّا كلّ خير ننتظر منك المزيد

ام ريان
2010-06-22, 06:00
شكرا لك اخي غلى هذا الموضوع

صُبح الأندلس
2010-06-22, 16:09
بارك الله فيك أخي و نفع بك أجيال المستقبل

*(بحر ثاااائر)*
2010-06-22, 20:27
بارك الله فيك

وفيك بارك الله تعالى.

*(بحر ثاااائر)*
2010-06-22, 20:28
شكرا جزيلا على هذا الموضوع القيّم والتنبيه المفيد جازاك اللّه عنّا كلّ خير ننتظر منك المزيد

الشكر لك على المرور على الموضوع.

*(بحر ثاااائر)*
2010-06-22, 20:34
أما الأخت أم ريان والأخت اعتماد، فلا سبيل لي لشكرهما، إذ لا تكفي في حقهما كلمة الشكر...
لوحة المفاتيح تعتذر منكما لأنها لم تستطع إنجاب كلمات بمقامكما.

*(بحر ثاااائر)*
2013-04-05, 21:58
بارك الله فيكم..

fifi tery
2013-04-06, 13:00
شكرااااااااااااااا لك استاد

محبة الادب العربي
2013-04-07, 01:03
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أستاذنا الطيب ...
طيب لي أن أمر بهذه النافذة المباركة ...للشكر على هذا الموضوع الخير
* بارك الله فيكم ، ونفع الله بعلمكم ، وأثابكم الله الخير .

HABIB48
2013-04-13, 15:11
السلام عليكم شكرا أخي لكن السؤال المطروح هل إذا منعنا الحكم بالمجازعلى عبارات القرآن الكريم يستدعي منعه من كل عبارات اللغة العربية ، لأنه وكما هو معروف أن كل علوم الألة ظهرت بعد نزول القرآن فالعرب كانوا يتكلمون باللغة العربية لكن ما عرفوا أبدا : النحو والصرف والبلاغة والتي يعد المجاز من مواضيعها ، هذه العلوم يا جاءت بعد نزول القرآن الكريم وكان السبب في ظهورها تفسيره والوقوف على معانيه
وللإشارة فكذلك لا يجوز إعراب لفظ الجلالة مفعولا به ولا يوجد أبدا شيء في النحو اسمه مبني للمجهول ، وهل يجوز يا ترى إعراب رب اغفرلي : فعل أمر ووووووو أسئلة كثيرة تحتاج إجابات
شكرا وبارك الله فيك

مسلم عراقي
2013-05-02, 15:41
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاةُوالسلام على نبينا محمد
الاخ الاستاذ ( بحر ثائر ) قرأتُ ما كتبتهُ في بلاغة اللغه العربيه وقد اعجبني كثيراً مع اني لم احب ابداً دراسة البلاغة واقسامها كذلك النحو والقواعد واقسامه ابداً..... كذلك استمعتُ الى سورت الفاتحه بصوتك وقد اعجبني كثيراً....ف الف الف شُكر لك

بلقيس الهدى
2013-05-04, 17:41
القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه

وعلوم العربية وُضِعت أساسا لتمكيننا من فهم القرآن على مدى العصور

ولولا هذه العلوم لما تمكن جيل اليوم ( ولا أجيال المستقبل ) من فقه معانيه

من هذا المنطلق وجبَ تعلّم هذه العلوم ؛ التي بدونها لا يفهم النص التشريعي الذي به نتعبد خالقنا

وأحسن طريقة لذلك هي ربط علوم اللغة العربية بعضها ببعض ، ففصل البلاغة عن النحو هو الذي أضرّ بالدرس اللغوي قديما

وعلى القواعد أن تخضع للنص القرآني ، وليس العكس ، كما حصل في كثير منها ( والشاهد على ذلك الصراع بين مدرستي البصرة والكوفة )

موضوع شائق ، بارك الله فيكم.

Lily lovely
2013-05-07, 09:17
السلام عليكم،
الفقرة:
تعرض الاسلام في بداية الدعوة الى حملات مسعورة من اعدائه حملت طابعين:عسكري و سياسي

تحدّث عنهما في فقرة موظفا الطباق و المفعول المطلق.
أرجوكم من لديه معارف في الأدب العربي فليضع لي هنا نموذج عن هذه الفقرة و لا يبخل علي.
أرجوكم ، أنا أحتاجه غدا . :sdf::sdf::sdf::sdf::sdf::sdf: