المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تزكية النفس.. معناها، حكمها، الحاجة إليها


حسناء العابدة
2010-01-05, 14:23
تزكية النفس.. معناها، حكمها، الحاجة إليها

الإنسان يولد وينشأ وله شهوات قد تكون جامحة، وله طباع ربما تكون رديئة، وربما تسللت إلى أحواله من عادات قومه عادات ردية أو مسالك غير سوية.. ولا يقوم دين ما دامت هذه الشوائب داخل النفس الإنسانية؛ فكان لا بد من التزكية.

وقد سبق أمر التزكية العلم في ثلاث من الآيات الأربعة التي ذكرت مقاصد البعثة في إشارة إلى أهمية مرحلة تطهير النفس في بناء شخصية المسلم، فعلم بلا تزكية ولا تربية يدمر صاحبه، ويدفعه إلى الكبر والفخر والتعالي والسيطرة بل وربما طلب به الدنيا فأفسد فسادا عريضا.

معنى التزكية

قال الشيخ الغزالي رحمه الله: التزكية هي التربية، وكل أمة لا تربى لا خير فيها.

والتزكية في اللغة: مصدر: زكّى يزكي زكاة وهو الطهارة قال تعالى : "قد أفلح من زكاها".

أو هي مصدر: زكي يزكو زكاء وزكاة، وهو الزيادة والنماء. ومنه قول سيدنا علي: "والعلم يزكو بالإنفاق" أي يزيد

والتربية هي رعاية المربى والقيام عليه حتى يبلغ الكمال. ومنه قوله تعالى "الحمد لله رب العالمين" .. أي الذي يربيهم بنعمه، ويحوطهم برعايته، ويطعمهم ويكسوهم.

وأما في الاصطلاح: فالتزكية (كما يقول الغزالي) هي تكميل النفس الإنسانية بقمع أهوائها وإطلاق خصائصها العليا.

قال ابن كثير في معنى قوله تعالى "قد أفلح من زكاها": من زكى نفسه بطاعة الله ، وطهرها من الرذائل والأخلاق الدنيئة.

فالتزكية تطهير للنفس من أدرانها وأوساخها الطبعية والخلقية، وتقليل قبائحها ومساويها، وزيادة ما فيها من محاسن الطبائع، ومكارم الأخلاق.

أقسام التزكية:

ومن التعريف السابق لمعنى التزكية والتربية يعلم أن التزكية تقوم على أمرين: تخلية وتحلية:

تخلية للنفس عن كل الذنوب والسيئات، والمعاصي والبليات، والقبائح والمسترذلات.

وتحلية لها بالمكرمات، وتنمية المستحسن من الأخلاق والعادات حتى تبلغ بها النفس المطمئنة كما أشار الغزالي إلى ذلك بقوله: "جوهر عملية التزكية:الارتقاء بالنفس درجة درجة، من السيئ إلى الحسن ثم ترقيها في مراتب الحسن والصفاء حتى تبلغ أعلى المستويات الإنسانية وأسماها، فتتحول من نفس أمارة بالسوء أو لوامة إلى نفس مطمئنة راضية عن ذاتها مرضية عند مولاها وربها".

التزكية لماذا؟

إن نظرة خاطفة متعمقة لحال المسلمين اليوم يمكن من خلالها إدراك مدى الحاجة العظيمة والماسَّة إلى إعادة تربية وتزكية وبناء أنفسنا، وتأسيسها على تقوى من الله ورضوان، وأن الحاجة إلى ذلك أصبحت ـ وهي دوما ـ أشد من الحاجة إلى الطعام والشراب والكساء. وذلك لعدة أسباب ذكرها علي القرني في محاضرته بناء النفس:

أولاً: كثرة الفتن والمغريات وأصناف الشهوات والشبهات؛ فحاجة المسلم الآن -لا ريب- إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف، والجهد -بالطبع- لابد أن يكون أكبر؛ لفساد الزمان والإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر.

ثانيًا: لكثرة حوادث النكوص على الأعقاب، والانتكاس، والارتكاس حتى بين بعض العاملين للإسلام، مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر.

ثالثًا: لأن المسؤولية ذاتية، ولأن التبعة فردية والإنسان يحاسب عن نفسه لا عن غيره فلابد من جواب واستعداد (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نفْسِهَا)

رابعًا: عدم العلم بما نحن مقبلون عليه؛ أهو الابتلاء أم التمكين؟ وفي كلا الحاليْن نحن في أَمَسِّ الحاجة إلى بناء أنفسنا لتثبت في الحالين.

خامسًا: لأننا نريد أن نبني غيرنا، ومن عجز عن بناء نفسه فهو عن بناء غيره أعجز .

حكم التزكية:

اختلف حكم التزكية عند العلماء نظرا لخلافهم في الأصل عند الإنسان هل هو السلامة والمرض طارئ أم الخلل والكمال مكتسب .

فذهب صاحب الإحياء إلى أن التزكية فرض عين على كل إنسان .. فالأصل عنده المرض واستدل بحادثة شق الصدر. بأن كل إنسان في قلبه نزغة الشيطان وأن الله استلها من صدر نبيه ولكنها بقيت عند بقية الخلق فتحتاج إلى مجاهدة لهذه النزغات بالتربية والتزكية.

وقال الجمهور: بل هي فرض كفاية، والأصل في الخلق السلامة، واستدلوا بحديث "كل مولود يولد على الفطرة".

والجمع بين القولين أن غالب النفوس ، ولو قلنا بأن الأصل فيها السلامة، إلا إنها قابلة للشهوات، مائلة إلى الملذات، نافرة عن الطاعات، مقبلة على الغفلات.. والمسلم مطالب بالبحث عن سلامة نفسه من كل هذا فلزمه أن يعمل على تزكيتها وتطهيرها .

والذي يعيد النظر في أسباب التزكية والتربية يكاد لا يتردد في أن الحاجة إليها ربما تصل إلى حكم الواجب العيني وهو ما قال به بعض العلماء وأكدوه.

يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: "المؤمن العاقل لا يترك لجامها ولا يهمل مقودها، بل يرخي لها في وقت والزمام بيده فما دامت على الجادة فلا يضايقها بالتضييق عليها، فإذا رىها مالت ردها بلطف، فإن ونت وأبت فبالعنف".

وقال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقتها وهي تضحك.

السعادة في التزكية:

إن من أعظم فوائد التزكية وعواقبها على أصحابها أنها تهبهم سعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة، قال ابن الجوزي: من أحب تصفية الأحوال فليجتهد في تصفية الأعمال: قال تعالى : (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) (الجـن:16)

وروى أحمد والحاكم في الحديث القدسي: لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، ولأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد" "وفيه مقال".

وقال الداراني: "من صفى صفي له، ومن كدر كدر عليه، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله.

وكان بعض المشايخ يدور على المجالس يقول: من سره أن تدوم له العافية فليتق الله".

وصدق الله تعالى إذ يقول: "قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

امبراطور البحر1
2010-01-05, 15:41
أولاً: كثرة الفتن والمغريات وأصناف الشهوات والشبهات؛ فحاجة المسلم الآن -لا ريب- إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف، والجهد -بالطبع- لابد أن يكون أكبر؛ لفساد الزمان والإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر.

ثانيًا: لكثرة حوادث النكوص على الأعقاب، والانتكاس، والارتكاس حتى بين بعض العاملين للإسلام، مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر.هذين السببين موجودين بكثرة في زماننا بارك الله فيك ولك ووفي ميزان حسناتك اختي حسناء http://www.azooz.net/data/media/70/7d633f0835.gif

حسناء العابدة
2010-01-05, 16:07
أولاً: كثرة الفتن والمغريات وأصناف الشهوات والشبهات؛ فحاجة المسلم الآن -لا ريب- إلى البناء أعظم من حالة أخيه أيام السلف، والجهد -بالطبع- لابد أن يكون أكبر؛ لفساد الزمان والإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر.

ثانيًا: لكثرة حوادث النكوص على الأعقاب، والانتكاس، والارتكاس حتى بين بعض العاملين للإسلام، مما يحملنا على الخوف من أمثال تلك المصائر.هذين السببين موجودين بكثرة في زماننا بارك الله فيك ولك ووفي ميزان حسناتك اختي حسناء http://www.azooz.net/data/media/70/7d633f0835.gif


وفيك بارك الرحمان وجزيت كل الخير أخي امبراطور البحر على ردك ومرورك
http://www.up.zeidanphy.com/files/02i70q5ml954rzl1o3uv.gif

سمية .ب
2010-01-05, 18:28
السلام عليكم
وصدق الله تعالى إذ يقول: "قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمينبارك الله فيك اختي حسناء موضوع قيم و متميز

taha178
2010-01-05, 19:56
بــارك الله فيك أختي حسنـــــاء

احمد بعيطيش
2010-01-05, 20:00
والله بحث مفيد ومعين على فهم كلمة تزكية النفوس

ب.علي
2010-01-06, 00:31
بــارك الله فيك أختي حسنـــــاء
أن التزكية طريق الجنة، قال الله تعالى:{{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}} فهي إذن شرط لدخول الجنة.

حسناء العابدة
2010-01-06, 10:43
السلام عليكم

وصدق الله تعالى إذ يقول: "قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها "
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمينبارك الله فيك اختي حسناء موضوع قيم و متميز
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكِ بارك الرحمان وجزيتِ كل الخير أختي سمية على ردك ومرورك
http://www.up.zeidanphy.com/files/02i70q5ml954rzl1o3uv.gif

حسناء العابدة
2010-01-06, 10:45
بــارك الله فيك أختي حسنـــــاء


وفيك بارك الرحمان أخي طه وجزيت كل الخير على ردك ومرورك مشكور
http://www.up.zeidanphy.com/files/02i70q5ml954rzl1o3uv.gif

حسناء العابدة
2010-01-06, 10:47
والله بحث مفيد ومعين على فهم كلمة تزكية النفوس
بارك الله فيك على ردك ومرورك
http://www.up.zeidanphy.com/files/02i70q5ml954rzl1o3uv.gif

حسناء العابدة
2010-01-06, 10:48
بــارك الله فيك أختي حسنـــــاء
أن التزكية طريق الجنة، قال الله تعالى:{{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى}} فهي إذن شرط لدخول الجنة.


وفيك بارك الرحمان أخي أبو حسين وجزيت خيرا على هذا الرد ومشكور على مرورك الكريم
http://www.up.zeidanphy.com/files/02i70q5ml954rzl1o3uv.gif