المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاصم بن ثابت رضي الله عنه


هاشم الأنصاري
2025-12-16, 20:22
عاصم بن ثابت
هذا الصحابي الجليل الطاهر الذكي العاهد الوفي الذي وفى الله في حياته فحماه الله بعد وفاته. لقد كان من السابقين الأولين من الأنصار شهد بدراً وأحداً ولقد ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فر الناس يوم احد وبايعه على الموت. وكان من الرماة المشهورين ولما كانت ليلة العقبة أو ليلة بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه: كيف تقاتلون؟ فقام عاصم فأخذ القوس والنبل وقال إذا كان القوم قريباً من مئتي ذراع كان الرمي وإذا دنوا حتى تنالهم الرماح كانت المداعسة حتى تقصف وإذا تقصفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا نزلت الحرب من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم. ولما جاءت معركة أحد كانت له اليد الطولى في القتال حتى تمكن من حاملي لواء الجيش القرشي (مسافعاً والحارث) فقتلهما ولما سألت أمهما سُلافة بنت سعد أحد أولادها وكان ينازع في حجرها من أصابك يا بني فقال (سمعت رجلاً يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح وهو عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح) فنذرت لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر وجعلت لمن يأتيها برأسه مئة ناقة.

وقدم ناس من هذيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه من يوجه معهم من يعلمهم القرآن والفرائض والدين فوجه النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه منهم «خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وغيرهما وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عاصماً رئيساً لهم» ولما وصلوا إلى ماء الرجيع نكثوا العهود وغدروا بهم وقالوا لهم: استأسروا فإنا لا نريد قتالكم وإنما نريد أن نبيعكم لأهل مكة ونقبض ثمنكم. فما كان من عاصم إلا أن قال أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر ثم دعا الله قائلاً «اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحم لحمي وجعل يقاتل وهو يقول:

ما علتي وأنا جلد نابل

والقوس فيها وتر عنابل

إن لم أقاتلكم فأمي هابل

الموت حق والحياة باطل

وكل ماحم الإله نازل

بالمرء والمرء إليه آيل

ومازال يقاتل حتى سقط شهيداً فقال بعضهم لبعض هذا الذي أقسمت لتشربن سُلافة بنت سعد في قحف رأسه الخمر وأتوا إليه ليقطعوا رأسه ويقبضوا ثمنه وهنا ظهرت الكرامة. الكرامة التي أكرمه الله بها:لما تمكن المشركون من قتل عاصم وأرادوا جزّ رأسه كي يقبضوا ثمنها من سُلافة بنت سعد وكان قد عاهد الله أن لا يمسه مشرك ودعا الله أن يحمي جسده فقد قتل عظيماً من عظماء قريش يوم بدر.

أراد الله إكرامه فمنعه الله منهم كما امتنع منهم في حياته فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبابير فحمته من المشركين. وحالت بينه وبينهم. فقالوا: دعوه حتى يمسي فيبعد عنه الدبر ثم نأخذه. فبعث الله الوادي فاحتمل عاصماً فانطلق به إلى مكان لا يعلمه إلا الله فكان عمر يقول «حين بلغه أن الدبر منعته: «حفظ الله العبد المؤمن» ولقد سُمي لذلك «حمِي الدبر» كما أورده الحافظ ابن حجر وأبو نعيم والقرطبي وغيرهم.