مشاهدة النسخة كاملة : مختارات مما أعجبني من جمال الكلام الهادف
لا تقرأيني من ملامحي
إن الملامح لا تضيء صفاتي
بي كبرياء الآلفين جراحهم
والمثقلين بحكمة السنوات
الجالسين على رماد قلوبهم
والواقفين بحافة المأساة
الهابطين إلى جحيم نفوسهم
والصاعدين إلى اكتشاف الذات
السائرين إلى بعيد بعيدهم
والمبحرين بغير طوق نجاة
نحن - الصباحيّين - عشاق المسا
نختار نصف الضوء والعتمات
نأوى إلى دمع يخص عيوننا
وإلى ابتسام ساطع القسمات
لا تقرأيني من ملامحي
إن الملامح كذبة المرآة
للشاعر الأديب الفيلسوف النابغة أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري المشتهر بعبارة ( هذا ما جناه علي أبي و لم أجني على أحد ) و ما يلي إحدى أروع قصائده الشعرية التي تروي بؤس الحياة الذي عاناه في عصر قيل أنه العصر الذهبي للحضارة في ذلك الزمان و المكان :
غَيْرُ مُجْدٍ فِي مِلَّتِي وَاعْتِقَادِي نَوْحُ بَاكٍ وَلَا تَرَنُّمُ شَادِ
وَشَبِيهٌ صَوْتُ النَّعِيِّ إِذَا قِيــسَ بِصَوْتِ الْبَشِيرِ فِي كُلِّ نَادِ
أَبَكَتْ تِلْكُمُ الْحَمَامَةُ أَمْ غَنَّــتْ عَلَى فَرْعِ غُصْنِهَا الْمَيَّادِ
صَاحِ هَذِهْ قُبُورُنَا تَمْلَأُ الرُّحْــبَ فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟
خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـأَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ
وَقَبِيحٌ بِنَا وَإِنْ قَدُمَ الْعَهْــدُ هَوَانُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ
سِرْ إِنِ اسْطَعْتَ فِي الْهَوَاءِ رُوَيْدًا لَا اخْتِيَالًا عَلَى رُفَاتِ الْعِبَادِ
رُبَّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْدًا مِرَارًا ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الْأَضْدَادِ
وَدَفِينٍ عَلَى بَقَايَا دَفِينٍ فِي طَوِيلِ الْأَزْمَانِ وَالْآبَادِ
فَاسْأَلِ الْفَرْقَدَيْنِ عَمَّنْ أَحَسَّا مِنْ قَبِيلٍ وَآنَسَا مِنْ بِلَادِ
كَمْ أَقَامَا عَلَى زَوَالِ نَهَارٍ وَأَنَارَا لِمُدْلِجٍ فِي سَوَادِ
تَعَبٌ كُلُّهَا الْحَيَاةُ فَمَا أَعْــجَبُ إِلَّا مِنْ رَاغِبٍ فِي ازْدِيَادِ
إِنَّ حُزْنًا فِي سَاعَةِ الْمَوْتِ أَضْعَافُ سُرُورٍ فِي سَاعَةِ الْمِيلَادِ
خُلِقَ النَّاسُ لِلْبَقَاءِ فَضَلَّتْ أُمَّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ لِلنَّفَادِ
إِنَّمَا يُنْقَلُونَ مِنْ دَارِ أَعْمَالٍ إِلَى دَارِ شِقْوَةٍ أَوْ رَشَادِ
ضَجْعَةُ الْمَوْتِ رَقْدَةٌ يَسْتَرِيحُ الْــجِسْمُ فِيهَا وَالْعَيْشُ مِثْلُ السُّهَادِ
أَبَنَاتِ الْهَدِيلِ أَسْعِدْنَ أَوْ عِدْنَ قَلِيلَ الْعَزَاءِ بِالْإِسْعَادِ
إِيهِ للهِ دَرُّكُنَّ فَأَنْتُنَّ اللَّوَاتِي تُحْسِنَّ حِفْظَ الْوِدَادِ
مَا نَسِيتُنَّ هَالِكًا فِي الْأَوَانِ الْــخَالِ أَوْدَى مِنْ قَبْلِ هُلْكِ إِيَادِ
بَيْدَ أَنِّي لَا أَرْتَضِي مَا فَعَلْتُنَّ وَأَطْوَاقُكُنَّ فِي الْأَجْيَادِ
فَتَسَلَّبْنَ وَاسْتَعِرْنَ جَمِيعًا مِنْ قَمِيصِ الدُّجَى ثِيَابَ حِدَادِ
ثُمَّ غَرِّدْنَ فِي الْمَآتِمِ وَانْدُبْــنَ بِشَجْوٍ مَعَ الْغَوَانِي الْخِرَادِ
قَصَدَ الدَّهْرُ مِنْ أَبِي حَمْزَةَ الْأَوَّابِ مَوْلَى حِجًى وَخِدْنَ اقْتِصَادِ
وَفَقِيهًا أَفْكَارُهُ شِدْنَ لِلنُّعْــمَانِ مَا لَمْ يَشِدْهُ شِعْرُ زِيَادِ
فَالْعِرَاقِيُّ بَعْدَهُ لِلْحِجَازِيِّقَلِيلُ الْخِلَافِ سَهْلُ الْقِيَادِ
وَخَطِيبًا لَوْ قَامَ بَيْنَ وُحُوشٍ عَلَّمَ الضَّارِيَاتِ بِرَّ النِّقَادِ
رَاوِيًا لِلْحَدِيثِ لَمْ يُحْوِجِ الْمَعْــرُوفَ مِنْ صِدْقِهِ إِلَى الْإِسْنَادِ
أَنْفَقَ الْعُمْرَ نَاسِكًا يَطْلُبُ الْعِلْــمَ بِكَشْفٍ عَنْ أَصْلِهِ وَانْتِقَادِ
مُسْتَقِي الْكَفِّ مِنْ قَلِيبِ زُجَاجٍ بِغُرُوبِ الْيَرَاعِ مَاءَ مِدَادِ
ذَا بَنَانٍ لَا تَلْمُسُ الذَّهَبَ الْأَحْــمَرَ زُهْدًا فِي الْعَسْجَدِ الْمُسْتَفَادِ
وَدِّعَا أَيُّهَا الْحَفِيَّانِ ذَاكَ الشَّــخْصَ إِنَّ الْوَدَاعَ أَيْسَرُ زَادِ
وَاغْسِلَاهُ بِالدَّمْعِ إِنْ كَانَ طُهْرًا وَادْفِنَاهُ بَيْنَ الْحَشَا وَالْفُؤَادِ
وَاحْبُوَاهُ الْأَكْفَانَ مِنْ وَرَقِ الْمُصْــحَفِ كِبْرًا عَنْ أَنْفُسِ الْأَبْرَادِ
وَاتْلُوَا النَّعْشَ بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْــبِيحِ لَا بِالنَّحِيبِ وَالتَّعْدَادِ
أَسَفٌ غَيْرُ نَافِعٍ وَاجْتِهَادٌ لَا يُؤَدِّي إِلَى غَنَاءِ اجْتِهَادِ
طَالَمَا أَخْرَجَ الْحَزِينُ جَوَى الْحُزْنِ إِلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِالسَّدَادِ
مِثْلَ مَا فَاتَتِ الصَّلَاةُ سُلَيْمَانَ فَأَنْحَى عَلَى رِقَابِ الْجِيَادِ
وَهْوَ مَنْ سُخِّرَتْ لَهُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ بِمَا صَحَّ مِنْ شَهَادَةِ صَادِ
خَافَ غَدْرَ الْأَنَامِ فَاسْتَوْدَعَ الرِّيـحـَ سَلِيلًا تَغْذُوهُ دَرَّ الْعِهَادِ
وَتَوَخَّى لَهُ النَّجَاةَ وَقَدْ أَيْــقَنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالْمِرْصَادِ
فَرَمَتْهُ بِهِ عَلَى جَانِبِ الْكُرْسِيِّ أُمُّ اللُّهَيْمِ أُخْتُ النَّآدِ
كَيْفَ أَصْبَحْتَ فِي مَحَلِّكَ بَعْدِي يَا جَدِيرًا مِنِّي بِحُسْنِ افْتِقَادِ
قَدْ أَقَرَّ الطَّبِيبُ عَنْكَ بِعَجْزٍ وَتَقَضَّى تَرَدُّدُ الْعُوَّادِ
وَانْتَهَى الْيَأْسُ مِنْكَ وَاسْتَشْعَرَ الْوَجْــدُ بِأَنْ لَا مَعَادَ حَتَّى الْمَعَادِ
هَجَدَ السَّاهِرُونَ حَوْلَكَ لِلتَّمْــرِيضِ وَيْحٌ لِأَعْيُنِ الْهُجَّادِ
أَنْتَ مِنْ أُسْرَةٍ مَضَوْا غَيْرَ مَغْرُورِينَ مِنْ عِيشَةٍ بِذَاتِ ضِمَادِ
لَا يُغَيِّرْكُمُ الصَّعِيدُ وَكُونُوا فِيهِ مِثْلَ السُّيُوفِ فِي الْأَغْمَادِ
فَعَزِيزٌ عَلَيَّ خَلْطُ اللَّيَالِي رِمَّ أَقْدَامِكُمْ بِرِمِّ الْهَوَادِي
كُنْتَ خِلَّ الصِّبَا فَلَمَّا أَرَادَ الْــبَيْنُ وَافَقْتَ رَأْيَهُ فِي الْمُرَادِ
وَرَأَيْتَ الْوَفَاءَ لِلصَّاحِبِ الْأَوَّلِ مِنْ شِيمَةِ الْكَرِيمِ الْجَوَادِ
وَخَلَعْتَ الشَّبَابَ غَضًّا فَيَا لَيْــتَكَ أَبْلَيْتَهُ مَعَ الْأَنْدَادِ
فَاذْهَبَا خَيْرَ ذَاهِبَيْنِ حَقِيقَيْــنِ بِسُقْيَا رَوَائِحٍ وَغَوَادِ
وَمَرَاثٍ لَوْ أَنَّهُنَّ دُمُوعٌ لَمَحَوْنَ السُّطُورَ فِي الْإِنْشَادِ
زُحَلٌ أَشْرَفُ الْكَوَاكِبِ دَارًا مِنْ لِقَاءِ الرَّدَى عَلَى مِيعَادِ
وَلِنَارِ الْمِرِّيخِ مِنْ حَدَثَانِ الدَّهْرِ مُطْفٍ وَإِنْ عَلَتْ فِي اتِّقَادِ
وَالثُّرَيَّا رَهِينَةٌ بِافْتِرَاقِ الشَّــمْلِ حَتَّى تُعَدَّ فِي الْأَفْرَادِ
فَلْيَكُنْ لِلْمُحَسِّنِ الْأَجَلُ الْمَمْــدُودُ رَغْمًا لِآنُفِ الْحُسَّادِ
وَلْيَطِبْ عَنْ أَخِيهِ نَفْسًا وَأَبْنَاءُ أَخِيهِ جَرَائِحَ الْأَكْبَادِ
وَإِذَا الْبَحْرُ غَاضَ عَنِّي وَلَمْ أَرْوَ فَلَا رِيَّ بِادِّخَارِ الثِّمَادِ
كُلُّ بَيْتٍ لِلْهَدْمِ مَا تَبْتَنِي الْوَرْقَاءُ وَالسَّيِّدُ الرَّفِيعُ الْعِمَادِ
وَالْفَتَى ظَاعِنٌ وَيَكْفِيهِ ظِلُّ السِّــدْرِ ضَرْبَ الْأَطْنَابِ وَالْأَوْتَادِ
بَانَ أَمْرُ الْإِلَهِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فَدَاعٍ إِلَى ضَلَالٍ وَهَادِ
وَالَّذِي حَارَتِ الْبَرِيَّةُ فِيهِ حَيَوانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ جَمَادِ
وَاللَّبِيبُ اللَّبِيبُ مَنْ لَيْسَ يَغْتَرُّ بِكَوْنٍ مَصِيرُهُ لِلْفَسَادِ
يقول الشاعر معروف الرصافي :
وليس الغنى إِلا غِنَى العلم إِنه لنور الفتى يجلو ظلامَ افتقارهِ
ولا تحسبنَّ العلمَ في الناسِ منجيا إِذا نكبت أخلاقُهم عن منارهِ
وما العلمُ إِلا النورُ يجلو دجى العمى لكن تزيغُ العينُ عند انكسارهِ
فما فاسدُ الأخلاقِ بالعلمِ مفلحا وإِن كان بحراً زاخرا من بحارهِ
https://youtube.com/shorts/t8G-bx5ZuJA?feature=share
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir