تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يجب تصديق كلام الله ولكن الالتزام بذكر معين عند ختم القرآن ليس من السنة


عبدالله الأحد
2025-04-11, 18:09
ما حكم قول: صدق الله العظيم بعد تلاوة القرآن الكريم؟ مع العلم أن كبار قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي يختمون بها تلاواتهم ـ وهم أهل علم وفضل ـ وقد ورد ذكر قل صدق الله في القرآن الكريم، مع العلم أنها تقال تصديقًا لكتاب الله تعالى، وفصلاً بين كلامه الحكيم وكلامنا، وأرجو بيان في أي قرن أو وقت كان أول بداية قولها؟ وهل استحسنها العلماء؟ وإذا كانت غير جائزة ـ كما يدعي البعض ـ ألا تدخل هذه ضمن المباحات التي لم يرد بها نص يوجبها أو يحرمها؟ وإذا كان من لا يجيزها يحتج بقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي ابن مسعود: حسبك، عندما كان يتلو عليه القرآن، فهل يعتد ويحتج بذلك على عدم جواز ختم التلاوة بصدق الله العظيم؟ وأي خطأ فيها وهي تصديق لكلام رب العالمين، ودرج عليها أهل الفضل من كبار قراء القرآن الكريم ـ كما سبق وذكرت ـ وهم من هم في العلم بكتاب الله وأحكامه وكل ما يتعلق بعلومه، ولو كان فيها ريبة لكانوا هم أبعد الناس عنها، بل وحذروا الناس منها؟
أرجو أن يتسع صدركم لي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الله تعالى هو أصدق القائلين بلا ريب، كما قال تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً {النساء: 122}.
وفي حديث مسلم: أما بعد: فإنَّ أصدق الحَديث كِتابُ الله تعالى.
فاعتقادنا واعترافنا أن الله تعالى صادق فيما يقوله فرض، ومن كذب الله أو شك في صدق ما أخبر به، فهو كافر خارج من الملة ـ والعياذ بالله.
ومن قال: صدق الله عند المناسبات ـ مثل أن يقع شيء من الأشياء التي أخبر الله بها فيقول: صدق الله تأكيدًا لخبر الله ـ فهذا جائز، لورود السنة به، ففي الحديث عن بريدة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين -عليهما السلام- عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله: إنما أموالكم وأولادكم فتنة ـ فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
رواه الترمذي، والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ـ ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.
وأما المداومة على قول: صدق الله العظيم، بعد التلاوة ـ فقد ذكر جمع من المحققين من العلماء المعاصرين أنها بدعة إضافية، وقالوا هو ذكر مطلق، فتقييده بزمان، أو مكان، أو حال من الأحوال، لا بد له من دليل، إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، ولا يمكن الاعتماد في ذلك على أصل الإباحة، للقاعدة الفقهية: الأصل في العبادات التحريم، والأصل في العادات الإباحة.
وعلى ذلك: فإن التزام هذه الصيغة بعد قراءة القرآن لا دليل عليه، والتعبد بما لم يشرع لا يجوز، وهو من المحدثات، لأنه لم يعرف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين المداومة عليها، ولو كانَ هذا القَولُ مَشروعًا لَبَيَّنه النَّبيُ -صلى الله عليه وسلم- لأمَّتِه: بل ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: اقرأ علي القرآن، فقال: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ـ قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. مُتفق عَليه. وفي رواية للبخاري قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: أمسِك.
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز: اعتاد الكثير من الناس أن يقولوا: صدق الله العظيم ـ عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم، وهذا لا أصل له، ولا ينبغي اعتياده، بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع إذا اعتقد قائله أنه سنة، فينبغي ترك ذلك، وأن لا يعتاده لعدم الدليل، وأما قوله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ـ فليس في هذا الشأن، وإنما أمره الله -عزَّ وجلَّ- أن يبين لهم صدق الله فيما بينه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بينه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلاً على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات أو قراءة سورة، لأن ذلك ليس ثابتًا ولا معروفًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته ـ رضوان الله عليهم.
ولما قرأ ابن مسعود على النبي -صلى الله عليه وسلم- أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ـ قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: حسبك ـ قال ابن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان -عليه الصلاة والسلام-، أي يبكي، لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة المذكور في الآية، وهي قوله سبحانه: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ ـ أي يا محمد ـ على هؤلاء شهيدا ـ أي على أمته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل أحد من أهل العلم ـ فيما نعلم ـ عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: صدق الله العظيم بعد ما قال له النبي: حسبك ـ والمقصود أن ختم القرآن بقول القارئ: صدق الله العظيم ـ ليس له أصل في الشرع المطهر، أما إذا فعلها الإنسان بعض الأحيان لأسباب اقتضت ذلك: فلا بأس به. انتهى.
وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين: ختم تلاوة القرآن بقول: صدق الله العظيم ـ بدعة، وذلك لأنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه أنهم كانوا يختمون قراءتهم بقول صدق الله العظيم، وقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. وعلى هذا، فينبغي للقارئ إذا انتهى من قراءته أن ينهيها بآخر آية يتلوها بدون أن يضيف إليها شيئاً. انتهى.
وقال الدكتور العلامة بكر أبو زيد -رحمه الله- في كتابه بدع القراء: وأما التزام قول: صدق الله العظيم ـ بعد قراءة القرآن العظيم، فقد قال الله تعالى: قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا. وقال سبحانه: ومن أصدق من الله حديثًا. وقال سبحانه: ومن أصدق من الله قيلا.
ومع هذا، فليس في هذا الذكر شيء يؤثر، وما ذكره بعض المعاصرين من أن في الجامع لشعب الإيمان للبيهقي ما يدل على ذلك، فهو وهم، ولم نر من ذكره مشروعا من العلماء المعتبرين، ولا الأئمة المشهورين، وبهذا فالتزام هذا الذكر: صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن ـ التزام مخترع لا دليل عليه، فهو محدث، وكل محدث في التعبيرات فهو بدعة. والله أعلم. انتهى.
وقال في معجم المناهي اللفظية: وقول القائل: صدق الله العظيم ـ ذكر مطلق، فتقييده بزمان أو مكان، أو حال من الأحوال، لا بد له من دليل، إذ الأذكار المقيدة لا تكون إلا بدليل، وعليه، فإن التزام هذه بعد قراءة القرآن، لا دليل عليه، فيكون غير مشروع، والتعبد بما لم يشرع من البدع، فالتزامها ـ والحال هذه ـ بدعة. والله أعلم. اهـ.
وأما سؤالك متى عرف القول بها؟ فإننا لا نعلم بالتحديد متى كان ذلك، ولكنه ذكرها بعض العلماء الأقدمين ولم يذكروا دليلاً عليها، فقد قال الحافظ ابن الجزري في النشر: ورأينا بعض الشيوخ يبتدئون الدعاء عقيب الختم بقولهم: صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم، وهذا تنزيل من رب العالمين، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. انتهى.
وقال القرطبي في تفسيره: قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول: ومن حرمته إذا انتهت قراءته أن يصدق ربه، ويشهد بالبلاغ لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويشهد على ذلك أنه حق، فيقول: صدقت رب وبلغت رسلك، ونحن على ذلك من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، ثم يدعو بدعوات. انتهى.
وعلى هذا، فقد عرفت هذه الكلمة في القرن الرابع، لأن الترمذي الحكيم من علماء القرن الرابع ويحتمل أنها عرفت قبله.
والله أعلم.

منقول من الشبكة الاسلامية

Membre11
2025-04-12, 10:34
لقد اُدخلتْ كلمة البدعة على كل شيء حتى اصبح المؤمن يتردد ويشك في اي عمل اوفعل يريد به التقرب لرب العالمين .
البدعة هي في الشعائر فقط ( مثلاان تصوم رمضان في رجب وب 20 او 33 يوما . او تصلي الظهر ب5 ركعات او تحج في رمضان)

عبدالله الأحد
2025-04-12, 14:39
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما تعريف البدعة فقد عرف محمد الخادمي الحنفي البدع بقوله: جمع بدعة خلاف السنة اعتقاداً وعملاً وقولاً، وهذا معنى ما قالوا: البدعة في الشريعة إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذكر أيضاً: أن المعنى الشرعي للبدعة هو: الزيادة في الدين أو النقصان منه الحادثان بعد الصحابة بغير إذن من الشرع. والشاطبي عرف البدعة بقوله: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه. وانظر فتوانا رقم: 17613.
والبدعة لها إطلاق لغوي وإطلاق شرعي: أما من حيث الإطلاق اللغوي: فيجوز أن تقسم إلى حسنة وسيئة؛ لأن البدعة من بدع فلان الشيء يبدعه بدعًا، وابتدعه إذا أنشأه وفعله ابتداءً، وقد يكون ذلك الابتداع إبداعًا مستحسنًا فتكون البدعة حسنة, وقد يكون مستهجنًا فتكون البدعة سيئة.

وأما الإطلاق الشرعي للبدعة فلا يصح فيه هذا التقسيم؛ لأن البدعة بهذا المعنى هي الأمر المحدث في الدين، ولا شك أن ذلك سيئ مذموم على كل حال, وانظر فتوانا رقم: 2741.

وأما بخصوص تقسيم البدعة إلى تقسيمات أخرى فانظر فتوانا رقم: 169477.

وننبهك إلى أن البدع ليست على حد سواء، وقد بين الشاطبي ـ رحمه الله ـ هذا المعنى فقال في الاعتصام: البدع إذا تؤمل معقولها وجدت رتبها متفاوتة؛ فمنها ما هو كفر صراح، كبدعة الجاهلية التي نبه عليها القرآن، كقوله تعالى: {وقالوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الأنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أزْوَاجِنَا، وإنْ يكُنْ مَيْتَةَ فَهُمْ فِيهِ شرَكاءُ}، وكذلك بدعة المنافقين حيث اتخذوا الدين ذريعة لحفظ النفس والمال، وما أشبه ذلك مما لا يشك أنه كفر صراح, ومنها ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف هل هي كفر أم لا! كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة, ومنها ما هو معصية ويتفق عليها بكفر كبدعة التبتل والصيام قائماً في الشمس، والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع, ومنها ما هو مكروه: كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة وما أشبه ذلك, فمعلوم أن هذه البدع ليست في رتبة واحدة فلا يصح مع هذا أن يقال: إنها على حكم واحد، هو الكراهة فقط، أو التحريم فقط".

وأما بالنسبة للخيط الذي يوضع لتسوية الصفوف: فإنه لا بأس به؛ لأنه لمصلحة الصلاة, وانظر فتوانا رقم: 121477.

ولا بأس من حمل المصحف خلف الإمام ومتابعته في القراءة لغرض الفتح عليه إن غلط، من شخص واحد أو أكثر، فإن تحقق الغرض بشخص واحد فالأولى أن يكتفى به, وانظر فتوانا رقم: 136316.

ولا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، ومن العلماء من ألحق السبحة بالنوى والحصى، قال الشوكاني: ( والحديثان الآخران يدلان على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى، وكذا بالسبحة لعدم الفارق لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأتين على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز) وانظر فتوانا رقم: 7051.

والله أعلم.

منقول من الشبكة الإسلامية


https://islamweb.net/ar/fatwa/189297/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A8%D9%87%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%85%D9%87%D8%A7