الزمزوم
2024-11-30, 03:10
ماهي الخلفيات من وراء قبول فرنسا الخروج من إفريقيا على مضض؟ وهل هو خروج أبدي أم خروج تكتيكي مؤقت؟
بداية يجب التأكيد على فكرة أن الجميع يعرف طباع فرنسا الشرسة كاستعمار أو كامبريالية استغلالية للدول ومن الصعب قبول أنها بسهولة تسكت على انفراط عقد الذهب الإفريقي الذي هو سبب رفاهيتها والتخلي عنه بهذه السهولة.
كما أنه يجب الاعتراف أن في فرنسا تياران يميني يرفض الأجانب من المهاجرين.
ويساري يتعاطف مع الاجانب من المهاجرين.
فرنسا تعيش خطرين داخلي وجودي مصيري وهو زيادة المهاجرين فيها ونقص في زيادة مواليد فرنسا من البيض الأمر الذي يهدد حسب نخبتهم هوية فرنسا وإمكانية سيطرة المهاجرين عليها.
والخطر الخارجي فقدان فرنسا لمستعمراتها بسبب تاريخها الأسود في إفريقيا وبسبب منطق الهيمنة والنهب الذي مارسته على مدى قرون سواء في فترة احتلالها لتلك البلدان أو بعد استقلالها (أي تلك البلدان الإفريقية).
اليمين المتطرف يمجد الاستعمار ويحتقر مستعمرات فرنسا وهو متشدد في مسألة الحفاظ على هيمنتها على إفريقيا ومستعمراتها في بقية القارات والبحار والمحيطات.
اليسار رغم أنه من دعاة الاعتراف بجرائم فرنسا في مستعمراتها إلا أن ذلك أملاه الوضع الجديد في العالم وهو كراهية الشعوب الإفريقية والتي كانت مستعمرة من طرف فرنسا والنظر إليها كمجرم في حق أسلافها وكناهب لثروات بلدانها وهذا الأمر كان ليمر مرور الكرام لولا ظهور لاعبين جدد على الساحة ينافسون فرنسا في حدائقها الخلفية في إفريقيا وفي العالم، ولذلك اليسار والأحزاب المعتدلة في فرنسا تريد التقليل من هذه النظرة ضد بلدهم من خلال الاعتذار .. إسقاط أسماء شوارع فرنسية حملت أسماء قادة قادوا الاستعمار الفرنسي في إفريقيا حفاظاً على نفوذها هناك أمام وجود بدائل عسكرية واقتصادية جبارة للدول الإفريقية تلك في حال رحيل فرنسا كما أنها تقدم نموذج شراكة لا نموذج هيمنة كما تفعل فرنسا معهم مثل: الصين روسيا...
أمام هذه الوضعية المعقدة ماذا تفعل فرنسا؟ هل تحل المشكلة الداخلية مشكلة المهاجرين وتترك مستعمراتها لمنافسيها أم تترك هذه المشكلة (الهجرة) وتحل مشكلة بقائها في مستعمراتها وضمان تواصل هيمنتها على مستعمراتها السابقة ونهبها؟
مع أن لا وضع فرنسا الداخلي ولا الخارجي سواء السياسي أو الاقتصادي أو الجيو- سياسي يسمحان لها بحل المشكلتين معاً.
وهذا هو بيت القصيد فيبدو أن سكوت وقبول فرنسا التي عرفت بإجرامها وعنجهيتها وطغيانها وهي من أكبر الدول الاستعمارية الامبريالية الرحيل عسكرياً من بلدان إفريقيا وقبولها مواقف أنظمة الدول الإفريقية اتجاها في مالي والنيجر وبوركينافاسو والتي قامت بمراجعات اتفاقياتها معها أملاه الخطر الداخلي وحاجة فرنسا لحل المشكلة الداخلية أولاً، وتراجعها في هذا الصدد أي تنازلها على مستعمراتها السابقة هنا ليس أن فرنسا كفرت عن ذنبها أو تخلت عن فكرة استعمارها وهيمنتها على إفريقيا ولكن هو تراجع مؤقت فقط وتكتيك حتى تنجح في ترتيب البيت الداخلي وتجاوزه وبعد ذلك لكل حادث حديث.
في هذه الأثناء وفي الفترة القادمة ستكون الصين العملاق الصاعد وروسيا وإيران وتركيا وأمريكا والهند.. هم اللاعبون الجدد في تلك المنطقة ولا شك فقد أفل عصر أوروبا العجوز.
ماذا لو قلت لكم أن الدولة العميقة والنظام السياسي والنخب السياسية بكل أطيافها في فرنسا مُتفقٌ بعضه مع بعض وهو مع فكرة انسحاب فرنسا من إفريقيا عسكرياً وربما ثقافياً وسياسياً وتقليص الجانب الاقتصادي لها مع تلك البلدان الإفريقية من مستعمراتها في قادم الأيام بل ويشجع على هذه الخطوات، وهو الذي ظهر في سكوت وقبول فرنسا على مضض من طردها من ثلاث بلدان من دول الساحل الإفريقية، وهي فرنسا وما أدراكم ما فرنسا الاستعمار والجرائم والفظائع والمجازر والإبادة فهي الدولة التي بنت حضارتها ورفاهيتها وقوتها على امتصاص الدم الإفريقي وعلى أنقاض جماجم شعوب إفريقيا، هل يعقل أن فرنسا وصلت إلى هذا الضعف؟
لقد رأى العقل الاستراتيجي الفرنسي الخبيث أن تقليص العلاقات بين فرنسا والدول الإفريقية وبخاصة في مستعمراتها السابقة من طرف الأفارقة أنفسهم سواء الأنظمة الجديدة أو الشعوب الإفريقية التي دعت إلى طرد الوجود الفرنسي في إفريقيا يخدم أجندة القضاء على المهاجرين في فرنسا وهو بمثابة فرصة ذهبية لوقف الهجرة غير شرعية لها وهي من بين الأكبر الدول استقبالاً للمهاجرين الأجانب في أوروبا وبالتالي فنكوص العلاقات تلك سيوفر لفرنسا فرصة للتضييق على المهاجرين لها وإعادة مراجعة اتفاقيات الهجرة بينها وبين تلك الدول الإفريقية لصالح حل مشكلة الأولى أن خطر المهاجرين بالأعداد الكبيرة الذي يهدد الاختلال الديموغرافي لصالح المهاجرين على حساب السكان البيض لفرنسا.
ويبدو أن الكثير من قادة وأنظمة الدول الإفريقية من مستعمرات فرنسا السابقة مدرك لهذه الحقيقة ويعرفها جيداً وهو متواطئ مع تلك العملية التي تقوم بها فرنسا اليوم للقضاء أو لتقليل الهجرة الشرعية وغير شرعية إلى أقصى الحدود الممكنة وهم لا تتعدى نسبتهم 10 بالمئة من السكان، فهي بمثابة إبادة شبيهة بما يحصل في غزة لتقليل السكان هناك خوفاً من الكيان من خطر اختلال التوازن الديموغرافي في فلسطين المحتلة بما يخدم الفلسطينيين ويضر الصهاينة كما يقول قادة هذا الأخير، وفرنسا ابادتها هنا حقوقية وإنسانية فهي تضرب حق الإنسان في التنقل والاستقرار من خلال سعيها لمنع هذا الحق للإنسان غير الفرنسي وغير الأوروبي، وعلى فكرة ستعمم أوروبا بعد نجاح الفرنسيين في هذا الموضوع من خلال هذه السياسية وبخاصة كلما وصل حزب يميني إلى سلطة بلد من بلدان أوروبا أو شكل قوة ضاغطة على مستوى برلمانها إلا وعمل على تقفِّي خطوات فرنسا والفرنسيين في مشكلة الهجرة.
ورغم أن المهاجرين لا يشكلون سوى 10 بالمئة من تعداد السكان ورغم أن المكسيكيين وأمريكا الجنوبية المهاجرة إلى الولايات المتحدة مسيحية إلا أن هناك أهداف أخرى أكبر وأعمق ستتكشف في السنوات القادمة.
بقلم: الزمزوم -أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الاخلاق
بداية يجب التأكيد على فكرة أن الجميع يعرف طباع فرنسا الشرسة كاستعمار أو كامبريالية استغلالية للدول ومن الصعب قبول أنها بسهولة تسكت على انفراط عقد الذهب الإفريقي الذي هو سبب رفاهيتها والتخلي عنه بهذه السهولة.
كما أنه يجب الاعتراف أن في فرنسا تياران يميني يرفض الأجانب من المهاجرين.
ويساري يتعاطف مع الاجانب من المهاجرين.
فرنسا تعيش خطرين داخلي وجودي مصيري وهو زيادة المهاجرين فيها ونقص في زيادة مواليد فرنسا من البيض الأمر الذي يهدد حسب نخبتهم هوية فرنسا وإمكانية سيطرة المهاجرين عليها.
والخطر الخارجي فقدان فرنسا لمستعمراتها بسبب تاريخها الأسود في إفريقيا وبسبب منطق الهيمنة والنهب الذي مارسته على مدى قرون سواء في فترة احتلالها لتلك البلدان أو بعد استقلالها (أي تلك البلدان الإفريقية).
اليمين المتطرف يمجد الاستعمار ويحتقر مستعمرات فرنسا وهو متشدد في مسألة الحفاظ على هيمنتها على إفريقيا ومستعمراتها في بقية القارات والبحار والمحيطات.
اليسار رغم أنه من دعاة الاعتراف بجرائم فرنسا في مستعمراتها إلا أن ذلك أملاه الوضع الجديد في العالم وهو كراهية الشعوب الإفريقية والتي كانت مستعمرة من طرف فرنسا والنظر إليها كمجرم في حق أسلافها وكناهب لثروات بلدانها وهذا الأمر كان ليمر مرور الكرام لولا ظهور لاعبين جدد على الساحة ينافسون فرنسا في حدائقها الخلفية في إفريقيا وفي العالم، ولذلك اليسار والأحزاب المعتدلة في فرنسا تريد التقليل من هذه النظرة ضد بلدهم من خلال الاعتذار .. إسقاط أسماء شوارع فرنسية حملت أسماء قادة قادوا الاستعمار الفرنسي في إفريقيا حفاظاً على نفوذها هناك أمام وجود بدائل عسكرية واقتصادية جبارة للدول الإفريقية تلك في حال رحيل فرنسا كما أنها تقدم نموذج شراكة لا نموذج هيمنة كما تفعل فرنسا معهم مثل: الصين روسيا...
أمام هذه الوضعية المعقدة ماذا تفعل فرنسا؟ هل تحل المشكلة الداخلية مشكلة المهاجرين وتترك مستعمراتها لمنافسيها أم تترك هذه المشكلة (الهجرة) وتحل مشكلة بقائها في مستعمراتها وضمان تواصل هيمنتها على مستعمراتها السابقة ونهبها؟
مع أن لا وضع فرنسا الداخلي ولا الخارجي سواء السياسي أو الاقتصادي أو الجيو- سياسي يسمحان لها بحل المشكلتين معاً.
وهذا هو بيت القصيد فيبدو أن سكوت وقبول فرنسا التي عرفت بإجرامها وعنجهيتها وطغيانها وهي من أكبر الدول الاستعمارية الامبريالية الرحيل عسكرياً من بلدان إفريقيا وقبولها مواقف أنظمة الدول الإفريقية اتجاها في مالي والنيجر وبوركينافاسو والتي قامت بمراجعات اتفاقياتها معها أملاه الخطر الداخلي وحاجة فرنسا لحل المشكلة الداخلية أولاً، وتراجعها في هذا الصدد أي تنازلها على مستعمراتها السابقة هنا ليس أن فرنسا كفرت عن ذنبها أو تخلت عن فكرة استعمارها وهيمنتها على إفريقيا ولكن هو تراجع مؤقت فقط وتكتيك حتى تنجح في ترتيب البيت الداخلي وتجاوزه وبعد ذلك لكل حادث حديث.
في هذه الأثناء وفي الفترة القادمة ستكون الصين العملاق الصاعد وروسيا وإيران وتركيا وأمريكا والهند.. هم اللاعبون الجدد في تلك المنطقة ولا شك فقد أفل عصر أوروبا العجوز.
ماذا لو قلت لكم أن الدولة العميقة والنظام السياسي والنخب السياسية بكل أطيافها في فرنسا مُتفقٌ بعضه مع بعض وهو مع فكرة انسحاب فرنسا من إفريقيا عسكرياً وربما ثقافياً وسياسياً وتقليص الجانب الاقتصادي لها مع تلك البلدان الإفريقية من مستعمراتها في قادم الأيام بل ويشجع على هذه الخطوات، وهو الذي ظهر في سكوت وقبول فرنسا على مضض من طردها من ثلاث بلدان من دول الساحل الإفريقية، وهي فرنسا وما أدراكم ما فرنسا الاستعمار والجرائم والفظائع والمجازر والإبادة فهي الدولة التي بنت حضارتها ورفاهيتها وقوتها على امتصاص الدم الإفريقي وعلى أنقاض جماجم شعوب إفريقيا، هل يعقل أن فرنسا وصلت إلى هذا الضعف؟
لقد رأى العقل الاستراتيجي الفرنسي الخبيث أن تقليص العلاقات بين فرنسا والدول الإفريقية وبخاصة في مستعمراتها السابقة من طرف الأفارقة أنفسهم سواء الأنظمة الجديدة أو الشعوب الإفريقية التي دعت إلى طرد الوجود الفرنسي في إفريقيا يخدم أجندة القضاء على المهاجرين في فرنسا وهو بمثابة فرصة ذهبية لوقف الهجرة غير شرعية لها وهي من بين الأكبر الدول استقبالاً للمهاجرين الأجانب في أوروبا وبالتالي فنكوص العلاقات تلك سيوفر لفرنسا فرصة للتضييق على المهاجرين لها وإعادة مراجعة اتفاقيات الهجرة بينها وبين تلك الدول الإفريقية لصالح حل مشكلة الأولى أن خطر المهاجرين بالأعداد الكبيرة الذي يهدد الاختلال الديموغرافي لصالح المهاجرين على حساب السكان البيض لفرنسا.
ويبدو أن الكثير من قادة وأنظمة الدول الإفريقية من مستعمرات فرنسا السابقة مدرك لهذه الحقيقة ويعرفها جيداً وهو متواطئ مع تلك العملية التي تقوم بها فرنسا اليوم للقضاء أو لتقليل الهجرة الشرعية وغير شرعية إلى أقصى الحدود الممكنة وهم لا تتعدى نسبتهم 10 بالمئة من السكان، فهي بمثابة إبادة شبيهة بما يحصل في غزة لتقليل السكان هناك خوفاً من الكيان من خطر اختلال التوازن الديموغرافي في فلسطين المحتلة بما يخدم الفلسطينيين ويضر الصهاينة كما يقول قادة هذا الأخير، وفرنسا ابادتها هنا حقوقية وإنسانية فهي تضرب حق الإنسان في التنقل والاستقرار من خلال سعيها لمنع هذا الحق للإنسان غير الفرنسي وغير الأوروبي، وعلى فكرة ستعمم أوروبا بعد نجاح الفرنسيين في هذا الموضوع من خلال هذه السياسية وبخاصة كلما وصل حزب يميني إلى سلطة بلد من بلدان أوروبا أو شكل قوة ضاغطة على مستوى برلمانها إلا وعمل على تقفِّي خطوات فرنسا والفرنسيين في مشكلة الهجرة.
ورغم أن المهاجرين لا يشكلون سوى 10 بالمئة من تعداد السكان ورغم أن المكسيكيين وأمريكا الجنوبية المهاجرة إلى الولايات المتحدة مسيحية إلا أن هناك أهداف أخرى أكبر وأعمق ستتكشف في السنوات القادمة.
بقلم: الزمزوم -أستاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الاخلاق