مشاهدة النسخة كاملة : الخيار العروبي والنزعة الأمازيغية في الجزائر 4/1
الخيار العروبي والنزعة الأمازيغية في الجزائر (4-1)
https://archive.org/services/img/kaoikaprophe007_gmail_20181128/full/pct:200/0/default.jpg
الكتاب: البربر الأمازيغ عرب عاربة ـ وعروبة الشمال الإفريقي عبر التاريخ
الكاتب: الدكتور عثمان سعدي
الناشر: دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر.
الطبعة الأولى: 2018 ـ 269 صفحة من القطع الكبير.
تمثل العلاقات العربية-البريرية في الجزائر واحدة من أهم الملفات الأكثر حساسية، ليس فقط لأنها ترتبط بالعرق واللغة والثقافة، ولكن بالنظر إلى التداخلات الإقليمية والدولية التي ميزت تاريخ الجزائر، وعلى رأسها خضوعها لاستعمار فرنسي طويل.
ويعتبر عثمان سعدي، السياسي والكاتب الجزائري من أصول أمازيغية، واحدا من ألمع الأسماء التي عملت على هذا الملف، لجهة وحدة الجزائريين تحت اليافطة العروبية.
إذا نظرنا إلى المجتمع الجزائري من زاوية المسألة القومية العربية، والوعي القومي الديمقراطي، فإنه يبدو جليا إلى أي حد هو في حاجة إلى إلقاء الأضواء على الأسباب الموضوعية والعوامل التاريخية التي شكلت عائقا دون تبلور وانتشار الوعي القومي العربي، لكي يصبح منغرسا في صلب المجتمع الجزائري بكل فئاته الاجتماعية، وليشكل جزءا من كيان الدولة، كما هو شأن الدين الإسلامي، الذي يتجاوز الوعي القومي.
إن غياب الوعي القومي مرتبط تاريخيا بطبيعة تشكل الدولة السياسية القائمة في الجزائر. فمن المعروف أن مناطق الأوراس والشرق والقبائل كانت مراكز ثقل الحرب التحريرية ضد المستعمر الفرنسي، وعندما تأسست الدولة الوطنية المستقلة تم إدارتها من قبل الأقلية الشاوية، وهي الأمازيغية المتعربة التي تحكم الجزائر منذ لحظة استقلالها. فعلى مستوى الرؤساء نجد كلاً من هواري بومدين والشاذلي بن جديد وعلي كافي واليمين زروال هم من أصول شاوية (البربر المستعربين)، وعلى مستوى رؤساء الحكومات نجد قاصدي مرباح وعبد السلام بلعيد ومقداد سيفي وأحمد أويحيى وعلي بن فليس وغيرهم ، هم كذلك من أصول شاوية أيضا..
أما على مستوى ساحة العمل السياسي، فإن حزب جبهة التحرير الوطني الذي حكم البلاد طيلة ثلاثة عقود تنتمي معظم قياداته التي عمرت طويلا إلى أصول بربرية مثل محمد الشريف مساعدية ومحمد الصالح يحياوي. ولعل مراجعة للملاحق التي أوردها المؤرخ الجزائري اليساري محمد حربي في كتابه الشهير "جبهة التحرير الوطني بين الأسطورة والواقع" نجد أن معظم الإطار البشري القيادي في هذا الحزب هم من هؤلاء البربر.
في كتابه الجديد، يستمر الدكتور عثمان سعدي في الدفاع عن عروبة الجزائر عبر التاريخ، من خلال تعرضه للمسألة الأمازيغية، تحت عنوان: "الأمازيغ (البربر) عرب عاربة، أوعروبة الشمال الإفريقي عبر التاريخ"، الذي يتكون من المقدمة، وخمسة فصول: "من هم الأمازيغ"، و"الأصول العربية للأمازيغ"، و"البعدان الوطني والقومي للثقافة الجزائرية"، و"حوار حول مقومات الشخصية الوطنية"، و"دور الشعر الجزائري في بث الوعي القومي"، إضافة للملاحق، التي تتضمن العديد من المقالات المنشورة عن المسألة البربرية في الجزائر، وضمنها ضمن هذا الكتاب.
تنامي النزعة البربرية BERBERISME:
في تعريفه للنزعة البربرية، يرى الباحث البربري المتعرب الدكتور عثمان سعدي، المتخصص في دراسة البربر، أن البربرية هي التيار الذي أوجده الفرنسيون بالجزائر من أجل تفكيك الوحدة الوطنية فيها. فقد عمل الفرنسيون قبل استقلال بلدان المغرب العربي، على عزل أقلية الجماعات الناطقة بالبربرية عن غالبية السكان العرب، ونشر التعليم الفرنسي والمبشرين بمناطقهم، وبث فيهم فكرة "أنهم هم أصحاب البلاد الأصليون، وأن العرب مستعمرون، وأن اللغة العربية دخيلة، وأنه لا بد من التكتل للتخلص من الوجود العربي، وأنهم أي البربر لا علاقة لهم بالعرب ولا بالساميين، وأن أصلهم أوروبي، وأن مجيء فرنسا لشمال إفريقيا هو لمساعدتهم على العودة إلى أمهم أوروبا" (ص33 من الكتاب).
ولأجل تطبيق خطتهم هذه، عمد الفرنسيون إلى نشر التعليم في المناطق البربرية، خاصة في منطقة القبائل التي قاومت جيوشهم بشراسة، من 1830 وحتى 1857. "فإحصائيات 1892 تبيّن أن المدارس الفرنسية المخصصة للجزائريين، انتشرت بالمناطق الناطقة بالبربرية، بنسبة خمسين في المائة من كل انتشارها بسائر القطر الجزائري، وأن نسبة 34 في المائة منه تركت في ولايتي تيزي وزو وبجاية". علماً بأن عدد ولايات الجزائر 48 ولاية، وأن ونسبة البربر لسائر السكان عشرون بالمائة، وفقاً لإحصائية الإدارة الاستعمارية.
أما الإرساليات التبشيرية المسيحية الفرنسية فقد لعبت دوراً كبيراً في التبشير للاستعمار الفرنسي، وسخّرت المسيحية لخدمته كما فعلت الكاثوليكية في العهد الروماني، فالكابتن لوغلاي، المشرف على التعليم بالجزائر يخطب في المعلمين الفرنسيين في بلاد القبائل، فيقول لهم:"علموا كل شيء للبربر ما عدا العربية والإسلام". ويقول أحد المبشرين: "إن السماح للمسيحية بأن تؤثر على الروح البربرية يعني ولا شك تفتيت الكتلة العربية، والقضاء عليها بقوة، ويعني تبعاً لذلك القضاء على الإسلام في أرضنا بشمال إفريقيا. لفائدة حضارتنا ولا يجوز أبداً السماح بتعريب البربر". ويقول (الكاردينال لا فيجري ch M lavigerie) في مؤتمر التبشير المسيحي في بلاد القبائل، سنة 1867: "إن رسالتنا تتمثل في أن ندمج البربر في حضارتنا التي كانت هي حضارة آبائهم، ينبغي وضع حد لإقامة هؤلاء البربر في قرآنهم، لا بد أن تعطيهم فرنسا الإنجيل، أو ترسلهم إلى الصحراء القاحلة بعيداً عن العالم المتمدن"، (ص34).
وكان الفرنسيون أجبروا سنة 1930 ملك المغرب على إصدار الظهير البربري، وهو مرسوم ملكي يعترف فيه للبربر بأن لا تطبق عليهم الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، وإنما يطبق عليهم العرف البربري، فتصدى له زعماء البربر أنفسهم، عندما توجه شيوخ قبائل آيت موسى وزمور إلى فاس، وأعلنوا أمام علماء جامع القرويين رفضهم للظهير البربري، وفشلت خطة فرنسا هذه. وفي نفس السياق عاملت الإدارة الفرنسية بالجزائر معاملة تفضيلية في (القضاء) ببلاد القبائل سنة 1841 - 1854.
وقام المقيم الفرنسي العام بالمغرب لوسيان بتأسيس (الأكاديمية البربرية) لإحياء اللغة البربرية، وكتابتها بحروف لاتينية. ووضع المستشرق الفرنسي (جود فري دي مونييه) مستشار التعليم بالمغرب، مشروعاً مفصلاً لهذا الغرض، سنة 1914، وفي سنة 1929 أقامت الإدارة الفرنسية بالمغرب كلية بربرية في (أزرو)، لإعداد حكام لتولي الإدارة بالمناطق البربرية، على أساس التنكر للعروبة، وفشلت هذه الكلية لأن معظم خريجيها صاروا من المناضلين الأشداء ضد الاستعمار الفرنسي.
مؤامرة النزعة البربرية في الأربعينيات:
ويرى الباحث المتعمق في دراسة البربر بالجزائر عثمان سعدي، أنّ أخطر مؤامرة حبكت على الشعب الجزائري، ما عُرف بالنزعة البربرية (Berberisme) التي كان مهندسها الحاكم الفرنسي العام شاتينيون، الذي أدرك أن سر قوة الحركة الوطنية في وحدتها، وأوعز إلى عملاء المخابرات الفرنسية أن يحرّكوا هذه النزعة داخل حزب الشعب الجزائري، العمود الفقري للحركة الوطنية. وقد خصص الأستاذ بن يوسف بن خدة أحد زعماء هذا الحزب، والرئيس الثاني للحكومة المؤقتة، في كتابه (مصادر أول نوفمبر 1954) فصلاً كاملاً لهذه الأزمة، تحت عنوان (أزمة النزعة البربرية)، في ثماني عشرة صفحة، لخصها عثمان سعدي على النحو التالي:
"في سنة 1949 تعرّض حزب الشعب الجزائري - حركة انتصار الحريات الديمقراطية الذي أسسه مصالي الحاج، لمؤامرة داخلية هددت وحدة الحزب والأمة الجزائرية، وعرفت هذه المؤامرة بالنزعة البربرية، وقد دعم هذه المؤامرة الحزب الشيوعي الجزائري. وكان المؤسسون للتيار البربري داخل حزب الشعب: علي لعمش، وحسين آيت أحمد الطالب بالثانوية؛ عمار ولد حمودة، وعمر أوصديق، الطالبان بمعهد المعلمين بحي بوزريعة بالعاصمة، وعلي بناي".
"في سنة 1946 أسّس حسين آيت أحمد، وولد حمودة، وعمر أوصديق، وبناي، نواة للمجموعة البربرية، وكانوا كلهم أعضاء في اللجنة المركزية، لحزب الشعب الجزائري - حركة انتصار الحريات الديمقراطية. وكان هؤلاء متأثرين بالماركسية، ويرفضون العروبة والإسلام، اللذين يعتبرهما حزب الشعب ثابتين من الثوابت الوطنية".
ومع انطلاقة الثورة الجزائرية في سنة 1954، والدعم الذي بدأت تتلقاه من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رائد القومية العربية بعد العدوان الثلاثي علىى مصر 1956، اتخذت الحكومة الفرنسية موقفًا صارمًا مناهضًا لتأسيس دولة عربية في الجزائر، فعملت على عقد اتفاقات مع الجماعات البربرية، لأن القبائل ورغم إسلامهم العميق فهم أقرب نفسانيًا إلى الشعب الفرنسي الميتروبوليتان (المدني)، وإقامة شراكة فرنسية - قبائلية (...). إن القبائل محتاجون لفرنسا (...) إننا نتمنى أن تصير الشراكة الفرنسية - القبائلية حقيقة وبسرعة، حسب قول الجنرال أندريه الذي أشار في كتابه "مساهمة في دراسة الطوائف الدينية المسلمة" إلى ضرورة الإعداد للمستقبل "لأن المسألة البربرية تطرح الآن (1956) بالجزائر وبالمغرب الأقصى" (ص 38)
المصدر: عربي 21
سعدي عالج المشكلة بشكل موضوعي يخدم حتى مكونه رحمه الله تعالى برحمته الواسعة
إن كتاب سعدي لخص أزمة البلاد منذ الاستقلال وحتى اللحظة وهو قدم العلاج فهل من آذان صاغية؟
سيكون مفيداً تحميل كتاب عثمان سعدي والانتفاع بمسيرته وفكره
استحالة إيجاد اللغة المعيارية
يقر الدكتور أحمد بن نعمان وهو أيضا (قبائلي أمازيغي) أن ما يسمى (باللغة الامازيغية) لم توجد موحدة أصلا في الماضي (المكتوب أو غير المكتوب) ولن توجد موحدة في المستقبل على الإطلاق، وأن ماهو موجود حاليا كلغات في المنطقة المغاربية هي عشرات اللهجات المتشابهة ذات الأصل الواحد غير المحدد أو الموحد (مثل اللاتينية) لافتقاده لأثر مكتوب ..
ويضيف الدكتور أحمد بن نعمان في حديث خاص لـ "عربي21"، أن هذه الشفاهيات كلها (المسماة أمازيغية) هي لغات أو لهجات (وهذا موضوع إصطلاحي ليس مجال تفصيله الآن) تعد بالعشرات منها على سبيل المثال (تاشلحيت، تاسوسيت، تاريفيت، تامازيغت، تامزابيت، تاشاويت، تاشنويت تاقبايليت، تاماشقت (وهي الوحيدة ذات الحروف في الهجار عندنا...).. ولهذا فمن الناحية العلمية والنظرية يمكن لكل واحدة منها أن تصبح لغة مستقلة بذاتها مثل اللغات الأوروبية المذكورة ولكنها لا يمكن أن تجتمع في لغة معيارية واحدة على الإطلاق لأسباب علمية وسياسية واجتماعية..
ويرى الدكتور بن نعمان أن التجربة المغربية منذ 10 سنوات تشهد على هذا الفشل في الميدان بعد الدسترة والترسيم وقد تخلي عنها الآن أو يكاد، وأن الجزائر ستعرف نفس المصير مثل المغرب تماما وسيتخلى عنها بعد تأدية مهمتها المحددة لها لصالح اللغة الفرنسية وحدها!!
إن هذه اللغة الافتراضية (المسماة أمازيغية) بحسب الدكتور أحمد بن نعمان إما أن تبقى شفاهية مثلما كانت منذ الأزل ولا ضير في ذلك أبدا، أو تستقل كل واحدة منها بدولتها (المستقلة) على رقعة الناطقين بها وترسيمها على غرار الصومالية والكردية والبرتغالية والباسكية والكاتالانية وغيرها، ولكنها لا توحد أبدا ولا يتفق الناطقون بها حتى على شكل الحروف التي تكتب بها هذه اللغة المستحدثة بكل افتعال لصالح طرف ثالث، وبالتالي فإن عوامل الفناء المتخلق معها (في الرحم الفرنسي) هو الذي سيقرر مصيرها ويوقفها عند عتبة معينة من تطورها لصالح من اصطنعها لحاجة في نفس يعقوب الوطني الفرنسي!!
ويستشهد الدكتور بن نعمان بما قاله أحد زعماء هذا الطرح (البربري) وهو فرحات مهني الذي ينفى وجود هذه الخرافة (الأمازيغية) التي أنكرها في كتابه كلغة موحدة ومنفصلة.... ولم يعترف إلا بإحدى لهجتها المتداولة في منطقة القبائل بالجزائر وله مبرراته العلمية إذا قسناها بالفرنسية وأخواتها في الإعراب اللاتينيي!؟
أحمد بن نعمان: الإسلامية والعربية صفتان لجسد واحد يتكاملان ولا يتواجهان
أحمد بن نعمان
لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.
ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.
وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.
"عربي21"، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.
يواصل الكاتب والباحث الجزائري الدكتور أحمد بن نعمان في هذه المقالات الخاصة بـ "عربي21"، قراءة مفهوم القومية العربية من خلال مناقشة علمية تأخذ بعين الاعتبار مختلف مكونات القومية الطبيعي منها والثقافي.
المسلمون أمة واحدة
الحقيقة أن جميع المسلمين نظريا وإسميا يمثلون أمة واحدة، وقد كانوا كذلك وما يزالون كذلك في نظر أعدائهم على الأقل الذين ينظرون إلىيهم كمسلمين،( وليس كعرب وغير عرب!!)، ولكن هذه الأمة اليوم تفتقد حلقة هامة وأساسية (إلى جانب عوامل أخرى) لتكتمل دائرتها وتقوى لحمتها ويعم التفاهم ويسري التيار بين أجزائها (شعبيا وثقافيا على الأقل مثل البلاد العربية الحالية) وتتوطد دعائم وحدتها الفعلية، ألا وهو عنصر اللسان الجامع الذي يمكن أعضاء الأمة من الاتصال والتفاهم والدعوة بدون ترجمة، والسياحة بدون مترجم بين الشعوب الإسلامية، مثلما كان الأمر لعدة قرون خلت بين علماء الأمة من تشقند وسامرقند إلى تنبوكتو وشنقيط.. حيث كانت وسيلة الاتصال والتفاهم بين المثقفين والعلماء والدعاة هي وحدها اللغة العربية الفصحى الجامعة..
ولغة العامة هي اللغات المحلية المختلفة لكل قطر على حدة، على غرار الصورة (المعكوسة) التي توجد عليها العديد من الدول الإسلامية اليوم، وخاصة في القارة الإفريقية، حيث أن لهذه الدول والشعوب والقبائل لغاتها المحلية التي تعد بالمئآت، ولكنها لا تتفاهم ولا تتعلم ولا تفكر إلا باللغة الانجليزية أو الفرنسية، وهي لغات دخلت مع المحتل الغاصب وفرضت على شعوب القارة السمراء بالحديد والنار عن طريق الاحتلال الصليبي الذي فشل في التنصير ونجح في تغيير لغة التفكير من اللسان العربي الجامع إلى اللسان الفرنسي أو الإنجليزي القامع الذي قسم أبناء الأمة المحمدية الواحدة في هذه القارة الصامدة إلى "فرنكفون" و"انغلوفون" لا يتفاهمون اليوم فيما بينهم إلا بمترجم حتى في المسجد الحرام، بعد أن كانوا كلهم لعدة قرون "إسلاموفون" لكون اللغة العربية كما هو معلوم، هي اللغة الحضارية الوحيدة التي لم يرتبط وجودها قط في أي يوم من الأيام بالاحتلال والاستغلال والاستعباد في القارة السمراء وحتى في غيرها، مثل انتشار دينها بالحسنى لدى كل شعوب الأرض في شرقها وغربها!!
إن كل هذا التشتت والتحجر والتقلص والانسحاب يعود إلى الاستحلال أو الاستخراب الذي نجح في تكوين بعض النخب من أهل الدار ونصبها نائبة عنه لمواصلة تمزيق وحدة الأمة بين "الأنغلوفونية" و"الفرنكوفونية" والحؤول دون التحام أجزائها من جديد، وهم يفرضون هذه اللغات على شعوبهم المسلمة المتعطشة للغة القرآن تعطشا لا يعادله إلا كرههم للغة الاستعمار المفروضة عليهم فرضا بالحديد، والنار، من حكامهم المفروضين عليهم أيضا من المستعمر نفسه بالانتخاب الصوري، أو بالانقلاب الصريح، ليواصلوا مهمة أسيادهم القدامى في معاملة أفراد شعوبهم كقُصَّر جهلة دون أن يملكوا الشجاعة على مصارحتهم بأنهم وكلاء لخدمة أغراض الأعداء من الكفار في الديار لضرب الوحدة والحضارة بأسماء إسلامية أو مستعارة!!
وإلى جانب شرط اللسان المذكور توجد شروط أخرى سياسية واقتصادية لتحقيق الوحدة المنشودة والقوية لهذه الأمة ولكنها تأتي بعد استكمال دائرة الوحدة الثقافية المنقوصة الآن والمتمثلة في وحدة اللغة العربية المكملة لوحدة العقيدة الإسلامية. كما نبه إلى ذلك رائد إصلاحها ووحدتها جمال الدين الافغاني (مقالنا في عربي21).
وإذا كان منطق الجغرافيا والمواطنة والجوار والحضارة والتسامح الإسلامي قد دفع غير المسلمين في المنطقة العربية الحالية أن يتعربوا منذ قرون مع بقائهم على عقائدهم السابقة للإسلام، في إطار المبدأ القرآني الصريخ "لا إكراه في الدين" فلا شك أنه من باب أحرى وأولى أن يتعرب المسلمون إن كانوا حقا مسلمين حضاريين وليسوا مسلمين إسميين أو جغرافيين (على حد تعبير المفكر العربي الإسلامي مالك بن نبي) ولا يوجد أي مبرر يسوغ البقاء خارج دائرة "الكومنويلث" اللساني الرباني سوى النزعة العنصرية أو العصبية الجاهلية أو القومية العرقية أو اللائكية التي تتناقض جوهريا مع تعاليم الإسلام في كل زمان ومكان (واللائكية نوعان، واحدة كافرة وأخرى ضد الأديان)!
إذا كان منطق الجغرافيا والمواطنة والجوار والحضارة والتسامح الإسلامي قد دفع غير المسلمين في المنطقة العربية الحالية أن يتعربوا منذ قرون مع بقائهم على عقائدهم السابقة للإسلام، في إطار المبدأ القرآني الصريخ "لا إكراه في الدين" فلا شك أنه من باب أحرى وأولى أن يتعرب المسلمون إن كانوا حقا مسلمين حضاريين وليسوا مسلمين إسميين أو جغرافيينويجدر هنا الاستشهاد برأي أحد المفكرين الإسلاميين المستنيرين وهو الدكتور رشدي فكار الذي يقول في هذا الخصوص: "إن الإسلامية والعربية صفتان لجسد واحد يتكاملان ولا يتواجهان. فالإسلامية هي المضمون والجوهر، وكل ما هو إسلامي (أحبّ من أحبّ وكره من كره) هو بالضرورة والالتزام عربي اللسان والبيان، من المفروض على كل مسلم أن يلتزم بلغة القرآن كلسان وتعبير عن البيان" والشيء نفسه يقرنا عليه المفكر العربي المسلم الدكتور عماد الدين خليل: الذي يقول "و تشكل اللغة العربية، بما انها لغة القرآن، وعصب التراث التعبيري للمسلمين، مرتكزا أساسيا على العقيدة الإسلامية في تحقيق المقاربة والتوحيد الثقافي للجماعات والشعوب الإسلامية.
وهو يوجب جهودا استثنائية مضاعفة للمؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية بشكل خاص، لتمكين هذه الأداة الفاعلة من استعادة دورها العالمي (الانتشاري) واعتمادها كلغة إسلامية لمعظم الشعوب المنضوية تحت لواء هذا الدين في أن تستقطب اهتمام هذه الشعوب لاعتمادها كلغة أساسية ، أو على الأقل، إيلاءها المكانة التي تليق بها جنبا إلى جنب مع اللغات القومية فضلا عن ضرورة حماية رسم الحرف العربي في اللغات غير العربية، من الانحسار والاندثار والتغيير كما حدث في التجربة الكمالية في تركيا مثلا، وذلك من أجل الإبقاء على الجسور المفتوحة بين الشعوب الإسلامية وبين لغة كتابهم وعقيدتهم وتاريخهم الطويل.
لماذا انحسرت العربية؟
إن هذا يقتضي أيضا محاولة جادة لمتابعة وتحديد الأسباب التي أدت إلى انحسار العربية من ساحة الثقافات الإسلامية عبر القرون الأخيرة ومحاولة إيجاد الإغراءات والصيغ التي تعيد الالتئام ثانية بين هذه اللغة وبين الشعوب التي تدين بالإسلام".
ويشاطرنا الرأي ذاته أيضا العلماء وممثلو الدول الإسلامية المجتمعون في ندوة المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الأسيسكو) المنعقدة في الرباط في 1994 تحت عنوان "وحدة الثقافة الإسلامية" باعتبارهم اللغة العربية هي أداة نشر الثقافة الإسلامية استنادا لحديث الرسول (ص) "ليست العربية (بمعنى الصفة العربية) لأحدكم من أب أو أم وإنما هي باللسان فمن تحدث العربية فهو عربي".
ولا أدل على خطورة هذا الاختلاف اللغوي على وحدة المسلمين (الثقافية وغير الثقافية) من وجود منظمتين للتربية والثقافة والعلوم داخل الأمة المحمدية، الواحدة عربية ومقرها في تونس، وأعضاؤها كلهم ناطقون بالعربية، ولغة التعامل بها هي العربية، والأخرى مقرها بالرباط ونصف أعضائها غير ناطقين بالعربية ولغة التعامل بها هي الفرنسية والأنجليزية إلى جانب العربية!
ولو كان جميع المسلمين ناطقين بالعربية (كما يفترض أن يكونوا) لما كان هناك أي داع لوجود منظمتين ذات اختصاص واحد داخل أمة قرآنية خالدة وقبلة ثابتة من المفروض ان تظل واحدة!!
والشيء نفسه ينطبق على جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبحت تسمى اليوم (منظمة التضامن الإسلامي) وكذلك رابطة العالم الإسلامي..
فكل هذه المؤسسات نصف أعضائها تقريبا ناطقون باللسان العربي وسبب وجودها الأول والأخير هو عدم اعتماد الدول الإسلامية الأخرى اللغة العربية كلغة ثانية على الأقل في بلدانهم (بدل الأنجليزية والفرنسية الحالية) وهو أمر يبعث على الاستغراب حقا لما له من أثر في تفتيت وحدة المسلمين كأمة وهدر جهودهم الاقتصادية والمالية والبشرية في خلق مؤسسات مزدوجة لا مبرر لها البتة، لولا بقاء المسلمين مختلفي الألسن ومشتتين على مائدتي شكسبير وفولتير، وأحفاد ريكاردوس قلب الأسد رئيس الحملة الصليبية الكبرى على القدس في القرن الثاني عشر الميلادي فهل نحن أمة القرآن بالفعل!؟ وهل يوجد فرق في الغرب بين حجاب المرأة المسلمة (اليمنية والجزائرية أو التركية والإيرانية!؟) في الجواب تكمن نظرة الغرب للأمة الإسلامية؟ (عربية أو غير عربية!؟)
ونختم استدلالنا حول هذه النقطة الجوهرية في وجود الأمة المحمدية بقول المدير العام (الأسبق) للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو) الدكتور محي الدين صابر الذي صرح في هذا الخصوص بما نصه: ".. إن قضية الثقافة الإسلامية لغير الناطقين بالعربية قضية جوهرية. فمفهوم الثقافة الإسلامية مرتبط بحقيقة القرآن الكريم وتليه الأحاديث النبوية الشريفة، وهما مرتبطان باللغة العربية ارتباطا عضويا، فهي مستودعها التشريعيان عقيدة وسلوكا وعلاقات. فتصور الثقافة الإسلامية لا يكون ولا يستقيم خارج إطار اللغة العربية"
المصدر: عربي 21
ازدواجية السيادة اللغوية
ومن أخطر المواد المثيرة للجدل في مشروع الدستور المذكور هي المادة الرابعة المتعلقة بازدواجية السيادة والهوية الوطنية المتمثلة في اعتماد لغتين وطنيين ورسميتين في آن واحد لشعب يقال إنه واحد وهو ما لا يستقيم على الإطلاق مع الخطاب المعلن لإللهاء والاستهلاك المحلي والمرحلي (لا وطنيا ولا سياسيا ولا اجتماعيا ولا تاريخيا ولا "نوفمبريا") في وطن دفع شعبه أغلى ثمن بوحدته المقدسة والمكرسة لقرون من أجل استرجاع سيادته المغتصبة من عدوه اللدود المتوارث والمتعاقب عليه لعشرات العقود!!
ولتوضيح خلفيات كل ذلك نقول ماذا بعد ترسيم (تامازيغت)، كما هي موسومة في الدستور الجديد وهي حتى الآن غير مكتوبة بحرف موحد، وغير موحدة في الاستعمال، كلهجات محلية منذ عهد الملك ماسينيسا الذي لم يٌكتب بها حتى اسمه على ضريحه بمدينة الخروب بقسنطينة، فلأي منها سيكون الترسيم، وبأي منها سيبدأ هذا الترسيم؟
وهل يتم ذلك قبل التوحيد أو بعد التوحيد أم تبقى هكذا بلا توحيد وهو ما سينتهي إليه الأمر في راينا بالتاكيد!؟
لأن ذلك هو ما يخطط له الاستحلال لتطبيقه منهجيا ومرحليا بعد أن كان مجمدا منذ وجوده في مواد هذا الدستور ذاته الممرر بمحتواه الحالي دون استفتاء الشعب عليه سنة 2016!
الجواب في باريس
والجواب عند المعني بالأمر وهو صاحب هذه الفتنة المحضرة لنا هناك في فرنسا وعلى أرضها منذ سنوات، بناء على ما سبق أن فعلته في حرب الخليج الثانية باستصدارها للقانون الدولي المسوغ لحق التدخل في البلدان المستقلة عنها، لحماية أقلياتها (الدينية واللغوية والعرقية المستخلفة لها والموكلة عنها...).. مثلما فعلت في شمال العراق وسوريا.. لتصل اليوم إلى فردوسها المفقود الجزائر، وهو بيت القصيد والهدف الأساسي الذي ما انفكت تخطط له منذ أكثر من نصف قرن، لتحقيق وصية الرئيس الجنرال شارل ديغول، لخلفه من بعده، كما قال في كتابه (الأمل) الصادر سنة 1968 (ص49) وهو في الحكم عن استقلال الجزائريين بقوله حرفيا: "وهل هذا يعني أننا إذا تركناهم يحكمون أنفسهم، (يعني حكم ذاتي لانه لم يقل يستقلون!!) يترتب علينا التخلي عنهم بعيدين عن أعيننا وقلوبنا"، فيجيب نفسه بقوله "قطعا لا"، ـ ويعلل ذلك النفي القاطع بإضافة شرح واضح دون اية مواربة قائلا: "فالواجب يقتضي منا مساعدتهم، لأنهم يتكلمون لغتنا ويتقاسمون معنا ثقافتنا"، وهي الفقرة التي ورد فيها قوله وفي الصفحة ذاتها "ستبقى الجزائر فرنسية" ونتساءل هل ستبقى الجزائر فرنسية بغير اللغة الفرنسية!؟
علما أنه هو المتنبي مع أهله لمقولة أن اللغة هي الجنسية وهي الهوية وهي مرآة السياسة وعنوان السيادة قولا وفعلا كما هي مطبقة عند كل خلفائه حتى هذه اللحظة بكل صرامة على أرضه وحتى من وراء بحره المتوسط سابقا !!
من أخطر المواد المثيرة للجدل في مشروع الدستور المذكور هي المادة الرابعة المتعلقة بازدواجية السيادة والهوية الوطنية المتمثلة في اعتماد لغتين وطنيين ورسميتين في آن واحد لشعب يقال إنه واحد وهو ما لا يستقيم على الإطلاق مع الخطاب المعلن لإللهاء والاستهلاك المحلي والمرحلي
ومما يؤكد ذلك أنه قال أيضا أثناء المفاوضات العسيرة مع قادة الثورة في إفيان، عندما احتدم الصراع حول الوحدة الترابية والشعبية للجزائر المستقلة، وخاصة حول إلحاح الوفد الفرنسي المفاوض (بتوجيه مباشر منه) على جعل اللغة الفرنسية، لغة رسمية في الجزائر المستقلة، فوجد رفضا شديدا وقاطعا من أبناء نوفمبر الحقيقيين، برئاسة ابن حزب الشعب الجزائري الموحد، بلقاسم كريم، وتوجيه من رئيس الحكومة المؤقتة بن يوسف بن خدة، كما قاله لي شخصيا ووثقه في كتابه عن مفاوضات إفيان وكذلك وزير خارجيته سعد دحلب في كتابه (مهمة منجزة) ليتركوا الدور والمسؤولية الظ±ن تقع على عاتق أغلبية الشعب الجزائري للمحافظة على هذا المكسب العظيم الذي يتناقض جوهريا مع الأهداف القريبة والبعيدة المنتظر تحقيقها من وراء هذه المادة (الوظيفية) المذكورة أعلاه والمقحمة بدهاء واحترافية فائقة في صلب الدستور الجديد (كمادة صماء) لغاية في نفس يعقوب الفرنسي وحده وأهله دون سواه كما سنبين للقراء الكرام لاحقا أولا بأول ضمن هذه السلسلة من المقالات التي سنلقي فيه الأضواء الكاشفة على جميع الجوانب والزوايا المظللة و(المضللة) في هذا الموضوع الجدلي المعقد محل التشريح والتوضيح بكل مايستحق من تبيان للجميع قصد إسقاط الحجة عن الجميع وتحميل كل واحد مسؤوليته أمام تاريخ الوطن ووطن التاريخ الذي لا يرحم أحدا من العلماء أو الجهلاء على حد سواء!؟
ونتيجة لذلك الرفض القاطع والصارم من الثوار على طاولة المفاوضات تحت دوي المدافع والطائرات فقد استمرت الحرب بين جيش التحرير الوطني والعدو الفرنسي العسكري رفضا لمطلبه التقسيمي (عزل الصحراء عن الشمال) والترسيمي لمسمار الاستحلال (اعتماد اللسان الفرنسي بعد الاستقلال) على غرار كل الدول الفرنكوفونية التي حصلت على استقلالها (الورقي) بفضل جهاد الجزائر ذاتها للاحتفاظ بها (فرنسية) لولا قادة الثورة الأمجاد الذين رفضوا ذلك التقسيم والترسيم وواصلوا الحرب لما يقارب السنة بكل ويلاتها وشهدائها وأنا شاهد على ذلك من قلب جيش التحرير الوطني بجبال جرجرة الشامخة حتى أذعن العدو لكل بنود بيان نوفمبر كاملة بالنسبة لبنود السيادة (وحدة التراب الوطني وهوية الشعب الواحد الذي قرر مصيره بالاستفتاء لصالح الاستقلال بعد شهور من مواصلة القتال من نيسان (أبريل) 1961 إلى آذار (مارس) 1962، من أجل كامل الوحدة الترابية والشعبية، وعدم قبول ترسيم الفرنسية في الدولة الجزائرية المستقلة حسب موكلي الشهداء الاوفياء...!؟
الاستحلال بدل الاستعمار
وأمام هذا التمسك المبدئي لأولئك القادة بكامل السيادة الوطنية (الترابية و للسانية) قال مفاوضهم الجنرال ديغول حينها كلمته الشهيرة كرجل دولة وطني يدافع عن مصلحة بلده بصدق وإخلاص يحسد عليه، ولو كنت مكانه لحققت لوطني مثلما حقق هو لوطنه حيث قال: "لو يتعين علي أن أختار بين بترول الصحراء واللغة الفرنسية، لاخترت اللغة الفرنسية".
وقد واصل خطته في الاستحلال ليحصل فيه وبه دون قتال ما عجز عنه هو وكل أسلافه، طوال عقود الاحتلال، حيث نرى خلفاءه الأوفياء اليوم هنا وهناك يحاولون أن يحصلوا عليه بالرشوة والتزوير للانتخاب من أجل تغيير دستور الشهداء (بيان نوفمبر) الذي عكسوا أهدافه راسا على عقب بتحقيق هذا الهدف الغالي لفرنسا كخطوة أولى لترسيم اللغة الفرنسية لاحقا تحت ذريعة توحيد الشعوب والقبائل (غير المتحدة،) كما ظلوا وما يزالون يخططون سرا وينفذون جهرا منذ غزوهم الغادر للجزائر سنة 1830..
هذا الدستور من أخطر هذه الطرق (الأخرى) التي تريد أن تحقق بها ما عجزت عن تحقيقه طوال قرنين من العمل المتواصل بالحرب والتدمير ثم بالانقلاب والتزوير!!؟؟
وهو ما أكده رئيس وزرائهم يوم 20 آذار (مارس) 1962 (أي في اليوم التالي لتوقيف القتال مع جيش التحرير الوطني الأصيل قبل السليل...) في خطابه أمام أعضاء المجلس الوطني الفرنسي يطمئنتهم فيه بقوله "ولئن توقفت الحرب هناك.... فإننا سنواصل ما بدأناه سنة 1830 بطرق آخرى!؟". وهذا الدستور من أخطر هذه الطرق (الأخرى) التي تريد أن تحقق بها ما عجزت عن تحقيقه طوال قرنين من العمل المتواصل بالحرب والتدمير ثم بالانقلاب والتزوير!!؟؟
وهو ما يجعل ترسيم ما يسمى "تامزيغت" في الدستور أمرا لا يعدو كونه ترسيما للغة الفرنسية كهدية وعربون وفاء للجنرال ديغول في قبره من ورثته الذين قصدهم بقوله أعلاه "ولئن تركناهم يحكمون أنفسهم فهل يعني ذلك إننا تتركم بعيدين عن أعيننا وقلوبنا.....". وهو الذي فرض استفتاء تقرير المصير على قادة الثورة، فقبلوا مراهنين على وطنية الشعب الجزائري الذي لم يخذل الرجال أبدا وكانت النتيجة كما هو معلوم 97.5% (بنعم) لصالح الاستقلال عن فرنسا، وقد أذعن الجنرال لنتائج ذلك الانتخاب ولم يزورها أو يلغها مثلما فعل خفراؤه من بعده سنة 1992، وهو الإلغاء الذي أوصلنا اليوم إلى الغاء الاستقلال السيادي ذاته بهذا الدستور الجديد الذي سيرسم الفرنسية المهيمنة اليوم في إدارة الدولة الجزائرية التي وفرت لها 11 مليون متمكن من استعمالها بشهادة سفير فرنسا في الجزائر السيد (بيرنار ايمي) سنة 2015 عند صدور النسخة الأولى من هذه المسودة المتطورة والمتجددة الآن من نفس الفاعلين والمفعول بهم.
وتجدر الملاحظة هنا أن عدد المستعملين للغة الفرنسية هو أكبر من عدد كل الأميين المتعاملين باللهجات المحلية مجتمعين في الجزائر، بقطع النظر عن خطر هذا المشروع المدمر الذي يقسم الشعب الجزائري الواحد إلي شعبين (عربي وبربري) حسب قولهم في الدستور الجدي!!!؟
فما هي هذه اللغات الشفهية المحلية الجديرة بالترسيم والتعميم بدل اللسان الفرنسي المرسخ بالعمالة الممنهجة عبر السنين. أو اللسان الوطني القرآني العدو الأبدي الغريم للعدو الجديد القديم!؟
وبذلك سيتم لفرنسا تحطيم أو اغتصاب أغلى كنزٍ يمتلكه الشعب الجزائري وهو وحدته الوطنية بثوابتها المقدسة في بيان نوفمبر الخالد.. هذا البيان الدستوري الوحيد الذي استرجع الشعب الجزائري بتطبيقه الصارم (وبأغلى ثمن) هذا الاستقلال المتلاعب به الآن بدستور التغيير الجديد بعد تقرير المصير الأخير وهذه السيادة (الإسمية) للدولة الجزائرية (التي يتدخل وزير أجنبي في شؤون انتخاباتها الداخلية اليوم!!) ستصبح حتما عند تحقيق هذا الترسيم الدستوري المفتعل والمخطط له منذ توقيف القتال (كما أثبتنا ذلك علميا في كتبنا الصادرة تباعا منذ نصف قرن في هذا الخصوص وهي :التعريب بين المبدأ والتطبيق / جهاد الجزائر / فرنسا والأطروحة البربرية / التعصب و الصراع العرقي والديني و اللغوي / الهوية الوطنية الحقائق والمغالطات / مصير وحدة الجزائر...! ؟) ستصبح الجزائر بهذا العمل المخطط له منذ عقود ولايات وطوائف غير متحدة لصالح سيادة اللغة الفرنسية وحدها في التعليم والإدارة مثلما هو حاصل في المغرب الشقيق بعد التخلي عن لعبة ترسيم (تامازيغت) منذ سنين لإلهاء الشعب وتضليله بكل تأكيد لتدشين العهد الفرنكوفوني القديم الجديد بكل سفور تحت غطاء (شرعية) الدستور شاهد الزور!؟
ونؤكد مرة أخرى للجميع أنه لا وحدة ولا سيادة وطنية دون سيادة لغوية عند العلماء كما هي عند الساسة الأصلاء في فرنسا وغير فرنسا ككل الدول المستقلة السيدة المعتبرة في عالم الأقوياء الذي لا يوجد فيه أي مكان للضغفاء والعملاء والوكلاء والبلداء المستفرد بهم بعد غياب أو تغييب وتحييد وتشويه الشرفاء والأصلاء والنبهاء الشهداء منهم وغير الشهداء..
أحمد بن نعمان
المصدر: عربي 21
أولا: لقد كان أجدادنا الآحرار في شمال أفريقيا أكثر حبا للحرية، وأكثر صدقا وإخلاصًا في اعتناقهم للإسلام من بعض الشعوب الأخرى، التي أسلمت وبقيت على عصبيتها القومية والقبلية الجاهلية، التي نهى عنها الإسلام وما انزل الله بها من سلطان، "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
ثانيا: نحن كنا تحت الاحتلال الروماني المسيحي الذي رفضناه ولسانه المفروض علينا فرضا، ولم يكن لدينا لسان مكتوب غيره.
وعندما جاءنا الإسلام بحروفه القرآنية، أخذناه كما هو جاهزا وكاملا، بلسان قرآنه وصلاته وبيانه المعلم من خالق الكون قبل خلق الإنسان ذاته وتعليمه البيان ليفهم القرآن، كما قال في مطلع سورة الرحمن: "الرحمن* علم القرآن* خلق الإنسان* علمه البيان". فالبيان هو أول خاصية للإنسان مرتبطة بالعقل والمنطق، والقدرة على التفكير والتعبير اللفظي المفيد، والتمييز بين الصدق والكذب والحق والباطل، مما يميزه عن جميع المخلوقات الجامدة والحية في هذا الوجود، ولذلك عرف الإنسان منذ القدم بأنه حيوان ناطق، والنطق يتضمن معنى التفكير والتعبير بجمل لفظية لها دلالات مجردة، لا يدرك معناها إلا الإنسان الناطق دون سائر العجموات في هذا الوجود.
ومن هنا، أعطي الحرية للاختيار بين البدائل وحمل مسؤولية هذا الاختيار، ورفع التكليف عن المجنون والطفل قبل النضج والبلوغ (حتى لا تكون لعاقل مكلف حجة على الله بعد الإنذار وتوفير وسيلة الإدراك والاختيار)، والعقل الراشد هنا هو الذي يخول للإنسان العاقل القدرة على التمييز بين الحق والباطل.
أحمد بن نعمان
المصدر: 21
ثالثا: الرومان حكمونا بالعملاء الذين نصبوهم بالمؤامرات والخيانات (مثل أمريكا وبنتها العبرية وأوروبا الغربية عموما اليوم في بلاد المغرب والمشرق العربيين)، حاربوا الأحرار الوطنيين كيوغورطا وطاكفاريناس وسيفاقس في الأحرار الأولين، ولو أدرك هؤلاء الإسلام كأحفادهم اللاحقين بعدهم، لكانوا مثل طارق بن زياد في الفاتحين؛ لأن الإسلام قد نورنا وهدانا السبيل القويم والطريق المستقيم، ثم تركنا أحرارا نحكم أنفسنا بأنفسنا باختيار أتقانا وأعلمنا وأكفئنا، بقطع النظر عن أصله الجغرافي (مثل عبد الرحمن بن رستم الفارسي أو إدريس الأول أو عبد الرحمن الداخل التقي، الذي بايعه أجدادنا الأحرار الصادقون، ليؤسسوا أولى الدول الإسلامية في التاريخ شريعتها الإسلام، ولسانها الديني والإداري والحضاري هو لسان القرآن حتى الآن، دون إكراه من أحد لأحد إلا بالرضا المتبادل بين الحاكم والمحكوم.
وهذا الرئيس العالم والفقيه الصالح عبد الرحمن بن رستم، لم يفرض علينا لسانه الفارسي، ولا فرض نفسه بوراثة أو ولاية عهد أو انقلاب أو غزو عسكري، مثل فرنسا الصليبية في غزوها لأرضنا سنة 1830 عسكريا وإلى الآن ثقافيًا ولسانيًا واستحلاليا على الخصوص، (انظر معنى الاستحلال في مقالنا هنا في عربي 21 ليوم 10تموز/ يوليو 2023).
أحمد بن نعمان
المصدر نفسه
سابعا: لا يوجد في العالم أجمع مسلم صادق يكره لغة عماد الدين، إلا إذا كان زنديقا يتاجر بالإسلام سياسيّا، ويحاربه في الميدان اجتماعيّا وثقافيّا وهوياتيا.
ثامنا: بأي منطق يقبل من شخص يزعم أنه مسلم وهو يحارب في صفوف الأعداء الألداء لغة الإسلام وحضارته الذهبية، بدعوى الوطنية والقومية (الفارسية أو التركية أو البربرنسية)، ويستعمل لغة أعداء الإسلام والشهداء والقرآن، ويدعي الإسلام والإيمان (رياء ونفاقا)؟ فكيف يعقل أن يقبل هذا المسلم المدعي كما يصرح ظاهريا بأنه قبل بإسلام أجداده وتغيير عقيدتهم (الجاهلية الوثنية أو اليهودية والمسيحية) إلى عقيدة الفاتحين، ويرفض تبني لسان الدين القويم باسم الوطنية (الطينية والحجرية)، ويحاول أن يصطنع لسانا من العدم هو موجود على حاله الشفهي منذ آدم، ولن يزول أبدا لدى الأميين قبل أن يصيروا متعلمين باللغة المكتوبة العلمية والمدرسية المتوارثة عن الأجداد (خلفا عن سلف)، كلغة الوحدة والعلم والدين إن كان بالفعل مسلما موحدا، كما يدعي بعضهم بأنهم مسلمون ولكنهم ليسوا عربا، وجهلوا بأن العروبة ليست عرقا بالوراثة، ولكنها بالاكتساب مثل اللسان والثقافة.
أحمد بن نعمان
وليعلم هؤلاء المعترضون المغرضون، أن الإسلام هو أكبر الشرائع وأكثرها حرصا على الشرف والعرض ونظافة النسل والذرية وحفظ الأنساب الشرعية، بتحريم الزنا واعتباره من أكبر الفواحش التي سيحاسب ويعاقب عليها المسلم يوم القيامة.
ولكن سؤالنا هنا هو: ماذا يمنع شرعيّا ووطنيا أي فرد أو جماعة من هؤلاء المعترضين من أن يتبنى اللغة العربية مع الإسلام بدل الفرنسية أو غيرها اليوم، مثلما تبنى أجداد الجنرال دوغول لغة الإنجيل (الإغريقية اللاتينية) مع اعتناق المسيحية، كما يقول الجنرال ذاته دون أن يصفه الفرنسيون الوطنيون الأحرار الفاهمون بأنه (متنكر لأصله)، وهو الغولوا الأصيل كما يقول عن نفسه؟ انظر تفصيل ذلك في كتابه ((الأمل)) صفحة 49 من الطبعة العربية الصادرة عن دار عويدات بيروت 1969.
إن كل الحجج المقدمة لتبني الإسلام بدل الكفر، تصلح لتكون حججا لتبني العربية العدنانية بدل الفرنسية والإنجليزية واللهجات الهجينة الشفهية (المحلية والجهوية) بدل اللغة العربية، إن كانوا فعلا مسلمين حقيقيين، وليسوا مرتدين مغلفين أو كفارا مندسين.
وهنا أؤكد مسؤوليتي أن كل من يدعي الانتساب إلى الإسلام ويتشدق بحب الوطن، ولا يضع اللغة العربية (لغة جميع الشهداء الأبرار والأجداد الأحرار) فوق مستوى جميع اللهجات واللغات المحلية والجهوية والأجنبية، مثل أجدادنا عبر كل العصور الإسلامية كما أسلفنا، من يدعي ذلك، هو مواطن مشكوك في ولائه لوطنه، فضلا عن إسلامه.
واطلبوا الوطنية ولو في الدولة الفرنسية الموحدة اللسان والهوية، رغم تكون مجتمعها الوطني من شتى الأعراق والألوان والأديان البشرية السماوية والوضعية
أحمد بن نعمان
من المعلوم أن سكان الشمال الإفريقي قبل الفتح الإسلامي كانوا خليطا من كل ألوان وأعراق البشر من مختلف القارات بحكم الموقع الجغرافي ولا يهم ما يذهب إليه بعض المؤرخين، من أن بعض هؤلاء السكان قد وفدوا من المشرق العربي حصرا، وإنما الذي لا شك فيه، أن أولئك السكان قد امتزجوا جميعا في بوتقة الدين القويم الذي لا يفرق بين الناس إلا بالتقوى وكل مسلم هو أخو المسلم بقطع النظر عن أصله وفصله ومكان مولده !؟
"لا يمكن القيام بعملية بتر وفصل وتقسيم الجسد الواحد لكون العربي امتزج وتزوج بالأمازيغية كما أن الأمازيغية تناسلت من عربي بل أكثر من هذا أننا نتحدى من يستطيع أن يميز من بين السكان الحاليين من هو العربي ومن هو الأمازيغي ذلك أن مجموعة من الناطقين بالأمازيغية هم عرب والعكس صحيح"..وهكذا أسلموا وفتحوا البلدان وتعلموا لغة القرآن كتابة وقراءة وعقيدة وحضارة (باستثناء الأميين منهم الذين بقوا منعزلين في الأرياف بعيدا عن مؤسسات التعليم في الحواضر). وما يزال الوضع على حاله إلى يومنا هذا في بلادنا المغاربية ولا علاقة لموهبة النطق واللسان بأصل ومولد ولون بشرة الإنسان !!!
وهو ما يقره الباحث المغربي الأستاذ الحسن بلحسن الذي يقول: "لا يمكن القيام بعملية بتر وفصل وتقسيم الجسد الواحد لكون العربي امتزج وتزوج بالأمازيغية كما أن الأمازيغية تناسلت من عربي بل أكثر من هذا أننا نتحدى من يستطيع أن يميز من بين السكان الحاليين من هو العربي ومن هو الأمازيغي ذلك أن مجموعة من الناطقين بالأمازيغية هم عرب والعكس صحيح"..
أحمد بن نعمان
ولتقريب معنى الهوية الوطنية واللغة الثقافية الجامعة نقول، لو نسأل أي شخص عاقل (غير أمي أو عنصري جاهل ) عن دولة النمسا الآن هل هي ألمانية؟
فالجواب يكون بالنفي بالنسبة للجنسية ولكنه يكون بالإثبات بالنسبة للهوية الثقافية لدى كل الألمان شأنها في ذلك شأن سويسرا الألمانية أو شأن كل بلاد المشرق العربي والشمال الإفريقي بالنسبة لوحدة الهوية الثقافية التي ورد في شأنها بند في بيان ثورة التحرير الجزائرية (الفاتح من تشرين الثاني 1954 ) تقول في باب الأهداف: "تحقيق وحدة شمال إفريقيا في إطارها الطبيعي العربي الإسلامي" وهو الإعلان الصريح عن الانتماء الطبيعي والهوية الوطنية ذات الأصل الثقافي (العربي الإسلامي...) وليس العرقي الذي ينفيه البيان قطعيا في مادة أخرى صريحة أيضا تقول : "احترام جميع الحريات والحقوق الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني..." وهو عين العلم والتاريخ والحقيقة الانثروبولوجية والسياسية التي جعلت كل بلدان الشمال الأفريقي أعضاء في الجامعة العربية بالانتماء والاكتساب وليس بفصائل الدماء المختلطة في الأرحام والأصلاب !!
ولذلك يتعين علينا هنا رفع اللبس الذي يكتنف هذه المغالطة التي يرددها بعضهم (عن جهل أو قصد وفعل فاعل وتواطؤ مع عدو ماكر غير جاهل !؟) لتجريم بيان الشهداء المذكور آنفا وادعاء رفع المظلومية عن مكون أو حقبة من تاريخ الذات الوطنية المتمثلة في مايسمونه بالبعد النوميدي (أو البربري) للهوية الوطنية التي أهملها البيان المذكور حسب زعمهم وكأنهم اكتشفوا البارود بهذه الهُوِيَّة الثلاثية التركيب (عربية بربرية إسلامية ) الموجودة فعلا كحلقة من أطوار التاريخ الوطني في الاتجاه العمودي عبر الزمان (وليس في الاتجاه الأفقي عبر المكان) وتتمثل في كون الهُوِيَّة الوطنية الجزائرية أو المغاربية والعربية عموما هي بربرية عربية إسلامية، أو بابلية عربية إسلامية، أو سريانية عربية إسلامية، أو فرعونية عربية إسلامية، ولكنها في الاتجاه الأفقي في المكان الواحد هي عربية إسلامية فقط... أو بربرية إسلامية فقط أو فرنسية إسلامية فقط !؟مثلما كانت طوال 132 سنة تحت الاحتلال الفرنسي بالنسبة للجزائر بالذات !؟
أحمد بن نعمان
وعند الاختلاف يحسم الخلاف بين الأطراف بالاستفتاء العام والحكم للأغلبية الشعبية مثل الذي حدث في أمريكا حول اللغة الإنجليزية في عهد جورج واشنطن أو الذي حدث عندنا، في الجزائر سنة 1962 والذي تم بموجب نتائجه الساحقة (97 % لصالح الاستقلال) نتيجة اختلاف مقومات الهُوِيَّة بين الشعبين (الفرنسي المسيحي و الجزائري العربي المسلم) وقد تم اعتراف فرنسا رسميًا باستقلال الجزائر في ذلك اليوم بناء على هذا الأساس الهوياتي الثقافي الانتمائي الحضاري.
ولولا تمسك شعبنا بهويته الموحدة بثوابتها المقدسة المعروفة (وطنا ودينا ولسانا ) لأصبحت اليوم غرناطة فرنسية بصفة رسمية بناء على نص اتفاقيات إيفيان كما قال لي الرئيس بن يوسف بن خدة- رحمه الله ـ الذي فاوض فرنسا على توقيف القتال وتقرير المصير والاستقلال (انظر مقالنا في عربي21 ليوم 9 أغسطس الماضي.) والعروبة كما أثبتنا في عدة مقالات موثقة ( هنا في عربي21 وفي مؤلفاتنا المتعددة ذات الصلة ) هي بالثقافة والرسالة وليس بخرافة النقاوة العرقية للسلالة لأن ديننا الحنيف الذي اعتنقناه بملكنا وقد تحررنا تحت رايته الجهادية كلنا قد علمنا "أن أكرمكم عند الله أتقاكم" وليس أذكاكم أو أغناكم أو أكثركم جندا ونفرا وزيتونا وتمرا!؟ وعن نبي الاسلام الذي قال لنا بأنه "لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى".. وقال للمسلم في مسألة الزواج بالمسلمة من أي لسان او مكان "فاظفر بذات الدين تربت يداك".. وقال أيضا: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
أحمد بن نعمان
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir