عبدالله الأحد
2023-12-26, 07:49
النصوص التي تثبت أن السلف كانوا يجرون نصوص صفات الله على ظاهرها
وإليك آثار السلف الدالة على ذلك:
~ الإمام الحافظ الحجة سفيان بن عيينة المكي (198 هـ)
قال: «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل»[1]
قال الذهبي: (وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها: يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف)[2] اهـ.
~ إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241 هـ)
قال في رسالة "السنة" التي رواها عبدوس بن مالك العطار: (وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هي الاتباع وترك الهوى ... –إلى أن قال: ومثل أحاديث الرؤية كلها، وإن نبت عن الأسماع واستوحش منها المستمع فإنما عليه الإيمان بها، وأن لا يرد منها جزءاً واحداً، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات ...) ثم قال: (ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحداً)[3] اهـ.
ونقل القاضي أبو يعلى ما يؤكد هذا من كلام الإمام أحمد فقال في إثبات صفة القدم والرجل لله تعالى: (وقد ذكر البخاري ومسلم "القدم" في الصحيحين جميعاً. اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن المراد به "قدم" هو صفة لله تعالى وكذلك "الرجل".
وقد نص أحمد على ذلك في رواية المروزي وقد سأله عن الأحاديث "يضع قدمه" وغيرها قال: نمرها كما جاءت.
وقال ابن منصور: قلت لأبي عبد الله : "اشتكت النار إلى ربها حتى يضع قدمه فيها" فقال أحمد: صحيح.
وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث "يضع الرب عز وجل قدمه" وعنده غلام فأقبل على الغلام فقال: نعم إن لهذا تفسيراً، فقال أبو عبد الله: انظر إليه كما تقول الجهمية سواء.
وقال في رواية حنبل: قال النبي r: "يضع قدمه" نؤمن به ولا نرد على رسول الله r.
فقد نص على الأخذ بظاهر ذلك لأنه ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه)[4] اهـ.
ونقل عن الإمام أحمد أيضاً مثل ذلك في صفة الضحك لله فقال: (قال في رواية حنبل: يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديقها الرسول r ... القرآن.[هكذا في المطبوع]
وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن عبد الله التيمي فقال: صدوق، وقد كتبت عنه من الرقايق، ولكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحك فقال: مثل الزرع الضحك، وهذا كلام الجهمية. قلت: ما تقول في حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر "فضحك حتى بدت"؟ قال: هذا يشنع به، قلت: فقد حدثت به، قال: ما أعلم أني حدثت به إلا داود بن محمد يعني المصيصي وذلك أنه طلب إلي فيه، قلت: أفليس العلماء تلقته بالقبول؟ قال: بلى....
إلى أن قال القاضي معلقاً: فقد نص على صحة هذه الأحاديث والأخذ بظاهرها والإنكار على من فسرها، وذلك أنه ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه)[5] اهـ.
~ الإمام العلامة الحافظ الناقد عثمان بن سعيد الدارمي (280 هـ)
قال في إثباته لنزول الله ومجيئه ورده على من تأوله: (والقرآن عربي مبين، تصرف معانيه إلى أشهر ما تعرفه العرب في لغاتها، وأعمها عندهم. فإن تأول متأول مثلك جاهل في شيء منه خصوصاً، أو صرفه إلى معنى بعيد عن العموم بلا أثر، فعليه البينة على دعواه وإلا فهو على العموم أبداً كما قال الله تعالى.)[6] اهـ.
وقال في رده على تأويلات المريسي لصفات الله وإخراجها عن ظاهرها: (فيقال لك أيها المريسي ... فادعيت أن وجهه: كله، وأنه لا يوصف بنفس، وأن سمعه: إدراك الصوت إياه، وأن بصره: مشاهدة الألوان كالجبال والحجارة والأصنام التي تنظر إليك بعيون لا تبصر، وأن يديه: رزقاه موسعه ومقتوره، وأن علمه وكلامه مخلوقان محدثان. وأن أسماءه مستعارة مخلوقة محدثة، وأن فوق العرش منه مثل ما هو أسفل سافلين، وأنه في صفاته كقول الناس في كذا، وكقول العرب في كذا، تضرب له الأمثال تشبيهاً بغير شكلها، وتمثيلاً بغير مثلها، فأي تكييف أوحش من هذا إذا نفيت هذه الصفات وغيرها عن الله تعالى بهذذه الأمثال والضلالات المضلات؟)[7] اهـ.
وقال : (ونحن قد عرفنا بحمد الله تعالى من لغات العرب هذه المجازات التي اتخذتموها دلسة وأغلوطة على الجهال تنفون بها عن الله حقائق الصفات بعلل المجازات، غير أنا نقول لا يُحكم للأغرب من كلام العرب على الأغلب، ولكن نصرف معانيها إلى الأغلب حتى تأتوا ببرهان أنه عنى بها الأغرب، وهذا هو المذهب الذي إلى العدل والإنصاف أقرب، لا أن تعترض صفات الله المعروفة المقبولة عند أهل البصر فتصرف معانيها بعلة المجازات إلى ما هو أنكر، ونرد على الله بداحض الحجج وبالتي هي أعوج، وكذلك ظاهر القرآن وجميع ألفاظ الروايات تصرف معانيها إلى العموم حتى يأتي متأول ببرهان بين أنه أريد بها الخصوص، لأن الله تعالى قال {بلسان عربي مبين} الشعراء195،فأثبته عند العلماء أعمه وأشده استفاضة عند العرب فمن أدخل منها الخاص على العام كان من الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فهو يريد أن يتبع فيها غير سبيل المؤمنين)[8] اهـ.
~ سهل بن عبد الله أبو محمد التستري الزاهد (283 هـ)
قال: (احتفظوا بالسواد على البياض، فما أحد ترك الظاهر إلا خرج إلى الزندقة)[9]اهـ.
~ الإمام الحافظ أبو بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني (287هـ)
قال الذهبي: (قال الحافظ الإمام قاضي أصبهان وصاحب التصانيف أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني: "جميع ما في كتابنا -كتاب السنة الكبير الذي فيه الأبواب- من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم، فنحن نؤمن بها لصحتها وعدالة ناقليها، ويجب التسليم لها على ظاهرها، وترك تكلف الكلام في كيفيتها".. فذكر من ذلك النزول إلى السماء الدنيا، والإستواء على العرش.
سمعت عاتكة بنت أبي بكر هذا الكلام من أبيها، وكانت فقيهة عالمة ..)[10] اهـ.
~ الإمام أبو العباس أحمد بن عمر ابن سريج البغدادي الشافعي (303 هـ)
قال: (حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله، وقد صح عن جميع أهل الديانة والسنة إلى زماننا أن جميع الآي والأخبار الصادقة عن رسول الله يجب على المسلمين الإيمان بكل واحد منه كما ورد، وأن السؤال عن معانيها بدعة، والجواب كفر وزندقة، مثل قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} البقرة210، وقوله: {الرحمن على العرش استوى} طه5، و{جاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر22، ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية، والنفس، واليدين، والسمع، والبصر، وصعود الكلم الطيب إليه، والضحك، والتعجب، والنزول ..) إلى أن قال: (اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابه في القرآن أن نقبلها، ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها)[11] اهـ.
وحكمه بالبدعة على السؤال عن معاني الصفات، المراد به السؤال عن كيفيتها وحقيقة ما هي عليه، أو حملها على خلاف ظاهرها من مجازات الكلام، ولذلك جعل الجواب عليها كفراً وزندقةً، ومعلوم أن السلف قد تكلموا في معاني الصفات كالاستواء، والنزول، والوجه، ونحوها، كما سبق بيانه في الفصل السابق، وكلام السلف يفسر بعضه بعضاً، ويؤيد بعضه بعضاً، ولا يقتطع منه من شاء ما شاء، ليستدل به على باطل.
~ إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (311 هـ)
قال: (باب ذكر صورة ربنا جل وعلا: وصفة سبحات وجهه عز وجل، تعالى ربنا عن أن يكون وجه ربنا كوجه بعض خلقه، وعن أن لا يكون له وجه، إذ الله قد أعلمنا في محكم تنزيله أن له وجهاً ذواه بالجلال والإكرام ونفى الهلاك عنه)[12] اهـ.
وهذا ظاهر في إثبات الآية التي فيها ذكر وجهه سبحانه على ظاهرها. ولذلك أكد هذا المعنى بقوله: (نحن نقول : وعلماؤنا جميعا في جميع الأقطار : إن لمعبودنا عز وجل وجهاً كما أعلمنا الله في محكم تنزيله، فذواه بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء، ونفى عنه الهلاك، ونقول: إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره، محجوب عن أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية ونقول: إن وجه ربنا القديم لا يزال باقياً، فنفى عنه الهلاك والفناء)[13] اهـ.
وتأمل وصفه لوجه الله تعالى بما يخالف وجه المخلوق، مما يعني أن وجه الله تعالى هو الوجه المعروف لغة، مع التباين في الصفة {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى11.
وقال مثل ذلك في باقي الصفات
وإليك آثار السلف الدالة على ذلك:
~ الإمام الحافظ الحجة سفيان بن عيينة المكي (198 هـ)
قال: «كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره، لا كيف ولا مثل»[1]
قال الذهبي: (وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها: يعني أنها بينة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف)[2] اهـ.
~ إمام أهل السنة أحمد بن حنبل (241 هـ)
قال في رسالة "السنة" التي رواها عبدوس بن مالك العطار: (وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء، إنما هي الاتباع وترك الهوى ... –إلى أن قال: ومثل أحاديث الرؤية كلها، وإن نبت عن الأسماع واستوحش منها المستمع فإنما عليه الإيمان بها، وأن لا يرد منها جزءاً واحداً، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات ...) ثم قال: (ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره، ولا نناظر فيه أحداً)[3] اهـ.
ونقل القاضي أبو يعلى ما يؤكد هذا من كلام الإمام أحمد فقال في إثبات صفة القدم والرجل لله تعالى: (وقد ذكر البخاري ومسلم "القدم" في الصحيحين جميعاً. اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن المراد به "قدم" هو صفة لله تعالى وكذلك "الرجل".
وقد نص أحمد على ذلك في رواية المروزي وقد سأله عن الأحاديث "يضع قدمه" وغيرها قال: نمرها كما جاءت.
وقال ابن منصور: قلت لأبي عبد الله : "اشتكت النار إلى ربها حتى يضع قدمه فيها" فقال أحمد: صحيح.
وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث "يضع الرب عز وجل قدمه" وعنده غلام فأقبل على الغلام فقال: نعم إن لهذا تفسيراً، فقال أبو عبد الله: انظر إليه كما تقول الجهمية سواء.
وقال في رواية حنبل: قال النبي r: "يضع قدمه" نؤمن به ولا نرد على رسول الله r.
فقد نص على الأخذ بظاهر ذلك لأنه ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه)[4] اهـ.
ونقل عن الإمام أحمد أيضاً مثل ذلك في صفة الضحك لله فقال: (قال في رواية حنبل: يضحك الله، ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديقها الرسول r ... القرآن.[هكذا في المطبوع]
وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن عبد الله التيمي فقال: صدوق، وقد كتبت عنه من الرقايق، ولكن حكي عنه أنه ذكر حديث الضحك فقال: مثل الزرع الضحك، وهذا كلام الجهمية. قلت: ما تقول في حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر "فضحك حتى بدت"؟ قال: هذا يشنع به، قلت: فقد حدثت به، قال: ما أعلم أني حدثت به إلا داود بن محمد يعني المصيصي وذلك أنه طلب إلي فيه، قلت: أفليس العلماء تلقته بالقبول؟ قال: بلى....
إلى أن قال القاضي معلقاً: فقد نص على صحة هذه الأحاديث والأخذ بظاهرها والإنكار على من فسرها، وذلك أنه ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه)[5] اهـ.
~ الإمام العلامة الحافظ الناقد عثمان بن سعيد الدارمي (280 هـ)
قال في إثباته لنزول الله ومجيئه ورده على من تأوله: (والقرآن عربي مبين، تصرف معانيه إلى أشهر ما تعرفه العرب في لغاتها، وأعمها عندهم. فإن تأول متأول مثلك جاهل في شيء منه خصوصاً، أو صرفه إلى معنى بعيد عن العموم بلا أثر، فعليه البينة على دعواه وإلا فهو على العموم أبداً كما قال الله تعالى.)[6] اهـ.
وقال في رده على تأويلات المريسي لصفات الله وإخراجها عن ظاهرها: (فيقال لك أيها المريسي ... فادعيت أن وجهه: كله، وأنه لا يوصف بنفس، وأن سمعه: إدراك الصوت إياه، وأن بصره: مشاهدة الألوان كالجبال والحجارة والأصنام التي تنظر إليك بعيون لا تبصر، وأن يديه: رزقاه موسعه ومقتوره، وأن علمه وكلامه مخلوقان محدثان. وأن أسماءه مستعارة مخلوقة محدثة، وأن فوق العرش منه مثل ما هو أسفل سافلين، وأنه في صفاته كقول الناس في كذا، وكقول العرب في كذا، تضرب له الأمثال تشبيهاً بغير شكلها، وتمثيلاً بغير مثلها، فأي تكييف أوحش من هذا إذا نفيت هذه الصفات وغيرها عن الله تعالى بهذذه الأمثال والضلالات المضلات؟)[7] اهـ.
وقال : (ونحن قد عرفنا بحمد الله تعالى من لغات العرب هذه المجازات التي اتخذتموها دلسة وأغلوطة على الجهال تنفون بها عن الله حقائق الصفات بعلل المجازات، غير أنا نقول لا يُحكم للأغرب من كلام العرب على الأغلب، ولكن نصرف معانيها إلى الأغلب حتى تأتوا ببرهان أنه عنى بها الأغرب، وهذا هو المذهب الذي إلى العدل والإنصاف أقرب، لا أن تعترض صفات الله المعروفة المقبولة عند أهل البصر فتصرف معانيها بعلة المجازات إلى ما هو أنكر، ونرد على الله بداحض الحجج وبالتي هي أعوج، وكذلك ظاهر القرآن وجميع ألفاظ الروايات تصرف معانيها إلى العموم حتى يأتي متأول ببرهان بين أنه أريد بها الخصوص، لأن الله تعالى قال {بلسان عربي مبين} الشعراء195،فأثبته عند العلماء أعمه وأشده استفاضة عند العرب فمن أدخل منها الخاص على العام كان من الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فهو يريد أن يتبع فيها غير سبيل المؤمنين)[8] اهـ.
~ سهل بن عبد الله أبو محمد التستري الزاهد (283 هـ)
قال: (احتفظوا بالسواد على البياض، فما أحد ترك الظاهر إلا خرج إلى الزندقة)[9]اهـ.
~ الإمام الحافظ أبو بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني (287هـ)
قال الذهبي: (قال الحافظ الإمام قاضي أصبهان وصاحب التصانيف أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني: "جميع ما في كتابنا -كتاب السنة الكبير الذي فيه الأبواب- من الأخبار التي ذكرنا أنها توجب العلم، فنحن نؤمن بها لصحتها وعدالة ناقليها، ويجب التسليم لها على ظاهرها، وترك تكلف الكلام في كيفيتها".. فذكر من ذلك النزول إلى السماء الدنيا، والإستواء على العرش.
سمعت عاتكة بنت أبي بكر هذا الكلام من أبيها، وكانت فقيهة عالمة ..)[10] اهـ.
~ الإمام أبو العباس أحمد بن عمر ابن سريج البغدادي الشافعي (303 هـ)
قال: (حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الألباب أن تصف إلا ما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله، وقد صح عن جميع أهل الديانة والسنة إلى زماننا أن جميع الآي والأخبار الصادقة عن رسول الله يجب على المسلمين الإيمان بكل واحد منه كما ورد، وأن السؤال عن معانيها بدعة، والجواب كفر وزندقة، مثل قوله: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} البقرة210، وقوله: {الرحمن على العرش استوى} طه5، و{جاء ربك والملك صفاً صفاً} الفجر22، ونظائرها مما نطق به القرآن كالفوقية، والنفس، واليدين، والسمع، والبصر، وصعود الكلم الطيب إليه، والضحك، والتعجب، والنزول ..) إلى أن قال: (اعتقادنا فيه وفي الآي المتشابه في القرآن أن نقبلها، ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهر تنزيلها)[11] اهـ.
وحكمه بالبدعة على السؤال عن معاني الصفات، المراد به السؤال عن كيفيتها وحقيقة ما هي عليه، أو حملها على خلاف ظاهرها من مجازات الكلام، ولذلك جعل الجواب عليها كفراً وزندقةً، ومعلوم أن السلف قد تكلموا في معاني الصفات كالاستواء، والنزول، والوجه، ونحوها، كما سبق بيانه في الفصل السابق، وكلام السلف يفسر بعضه بعضاً، ويؤيد بعضه بعضاً، ولا يقتطع منه من شاء ما شاء، ليستدل به على باطل.
~ إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة (311 هـ)
قال: (باب ذكر صورة ربنا جل وعلا: وصفة سبحات وجهه عز وجل، تعالى ربنا عن أن يكون وجه ربنا كوجه بعض خلقه، وعن أن لا يكون له وجه، إذ الله قد أعلمنا في محكم تنزيله أن له وجهاً ذواه بالجلال والإكرام ونفى الهلاك عنه)[12] اهـ.
وهذا ظاهر في إثبات الآية التي فيها ذكر وجهه سبحانه على ظاهرها. ولذلك أكد هذا المعنى بقوله: (نحن نقول : وعلماؤنا جميعا في جميع الأقطار : إن لمعبودنا عز وجل وجهاً كما أعلمنا الله في محكم تنزيله، فذواه بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء، ونفى عنه الهلاك، ونقول: إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره، محجوب عن أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية ونقول: إن وجه ربنا القديم لا يزال باقياً، فنفى عنه الهلاك والفناء)[13] اهـ.
وتأمل وصفه لوجه الله تعالى بما يخالف وجه المخلوق، مما يعني أن وجه الله تعالى هو الوجه المعروف لغة، مع التباين في الصفة {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى11.
وقال مثل ذلك في باقي الصفات