عثمان عبدالإله
2021-12-13, 03:08
قال أهل العلم: اقتصر من الكلام على ما يثبت حجتك، ويبلغك حاجتك، ومن قال بلا احترام أجيب بلا احتشام، ومن كان قصده الجدال والقيل والقال والمكابرة، لم يزده التطويل إلا خروجا عن سواء السبيل، ومن الانضباط المنهجي في العلم أنه يجب أن يكون مع الانسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فسيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم، ولكن مقتضى الحال مع لجاج أهل الزمان يقتضي التكرار والبيان الكثير، و إن سئم منه قليل النشاط، فطول الاحتجاج على الحق خير من من العماية من طول السكوت عنه، والعارف لا يكون كسلانا، ومن أحب العلم لم يسأم التطويل والتكرار، فمن استطال الطريق ضعف مشيه، وأضرب لك مثلا بالامام الشافعي رحمه الله، فحينما تقرأ كتبه ترى من مكارم أخلاقه وكمال عقله وصدق نيته وإخلاصه، أن غالب ما يسوقه من المناظرات لا يسمي من ناظره، لأن مقصوده إنما هو تقرير الحق ودفع الشبهات وتعليم طرق النظر، وتسمية المناظر يتوهم فيها حظ النفس، وختاما أقول: وليس كل من وجد العلم قدر على التعبير عنه، والاحتجاج له، فالعلم شيء وبيانه شيء اخر، والمناظرة عنه و إقامة دليله شيء ثالث والجواب عن حجة مخالفه شيء رابع، وهذا يعني أن إثبات المسألة بدليلها تحقيق، وإثبات بدليل اخر تدقيق، والتعبير عنها بفائق العبارة الحلوة ترقيق، وبمراعاة علم المعاني والبديع في تركيبها تنميق، والسلامة فيها من اعتراض الشرع توفيق، والله أعلم