أستاذ كامل
2021-12-08, 02:16
كلام سريع في البخل
https://img2.arabpng.com/20180330/yke/kisspng-feather-gold-quill-card-snobs-gold-light-5abe4a768084a3.4247232615224203425264.jpg
من مظاهر البخل أن تجد من اتصف به يعلّل إمساكه عن العطاء بشتى الطرق، ويجتهد في ذلك غاية الاجتهاد، كمثل أحد من أعرفهم من البخلاء. سألته يوما عندما مررنا بمسجد، لِمَ لَمْ يعط شيخا من فضله؟ فقال: هؤلاء لاتقبل شهادتهم كما قال بعض الفقهاء! (يقصد المسألة أمام المسجد)
ثم مررنا بكهل عليه ثياب بالية، يسأل عن قوت يومه، فقلت له: فماذا عن هذا؟ فقال: ألا ترى بنية جسمه وقوة عضلاته؟! لَأَنْ يحمل الاسمنت على ظهره، خير له من يسأل أحدا، فَيُعطيَه أَو يمنَعَهُ!
ثم مررنا بامرأة كانت تحمل رضيعا، وكانت تسأل كلَّ من يمر بها حليبا لابنها، فقلت له: لاعذر لك الآن.. رضيع لاحول ولاقوة له للكسب.. ولاذنب له إن اكتسبت أمه أو امتنعت... فقال: إرضاعه أولى! فلو سألتْ غذاءً يقوّي حليبها لكان هذا أقرب للرشاد!
وهكذا لن ينتهي الأمر معه من تعليل بخله، وإنما نحن نؤثر صحبته أحيانا، ليطربنا قليلا بسرعة بديهته.
ولاتجد مثل هذا عند من بسط يده للناس، في السر والعلن، لمن سأله ومن لم يسأله، ولايعرف لذلك حدا، ولكن بالشكل الذي لايجعله حمقا!
أختم موضوعي بكلام نفيس من رسائل ابن حزم، في الأخلاق والسير، لعلّه يغسل الأفئدة من البخل بماء بارد ينزل من أعلى قمم جبال أوراس، ثم يمسح عليها بريشة ذهبية مصدرها طائر من الفردوس الأعلى. قال ابن حزم:
"ابذل فضل مالك وجاهك لمن سألك أو لم يسألك، ولكل من احتاج إليك وأمكنك نفعه، وإن لم يعتمدك بالرغبة، ولا تشعر نفسك انتظار مقارضة على ذلك من غير ربك عز وجل، ولا تبن إلا على أن من أحسنت إليه أول مضر بك، وساع عليك، فإن ذوي التراكيب الخبيثة، يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه في أعلى من أحوالهم. لا تنصح على شرط القبول ولا تشفع على شرط الإجابة ولا تهب على شرط الإثابة لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة، وبذل المعروف."
https://img2.arabpng.com/20180330/yke/kisspng-feather-gold-quill-card-snobs-gold-light-5abe4a768084a3.4247232615224203425264.jpg
من مظاهر البخل أن تجد من اتصف به يعلّل إمساكه عن العطاء بشتى الطرق، ويجتهد في ذلك غاية الاجتهاد، كمثل أحد من أعرفهم من البخلاء. سألته يوما عندما مررنا بمسجد، لِمَ لَمْ يعط شيخا من فضله؟ فقال: هؤلاء لاتقبل شهادتهم كما قال بعض الفقهاء! (يقصد المسألة أمام المسجد)
ثم مررنا بكهل عليه ثياب بالية، يسأل عن قوت يومه، فقلت له: فماذا عن هذا؟ فقال: ألا ترى بنية جسمه وقوة عضلاته؟! لَأَنْ يحمل الاسمنت على ظهره، خير له من يسأل أحدا، فَيُعطيَه أَو يمنَعَهُ!
ثم مررنا بامرأة كانت تحمل رضيعا، وكانت تسأل كلَّ من يمر بها حليبا لابنها، فقلت له: لاعذر لك الآن.. رضيع لاحول ولاقوة له للكسب.. ولاذنب له إن اكتسبت أمه أو امتنعت... فقال: إرضاعه أولى! فلو سألتْ غذاءً يقوّي حليبها لكان هذا أقرب للرشاد!
وهكذا لن ينتهي الأمر معه من تعليل بخله، وإنما نحن نؤثر صحبته أحيانا، ليطربنا قليلا بسرعة بديهته.
ولاتجد مثل هذا عند من بسط يده للناس، في السر والعلن، لمن سأله ومن لم يسأله، ولايعرف لذلك حدا، ولكن بالشكل الذي لايجعله حمقا!
أختم موضوعي بكلام نفيس من رسائل ابن حزم، في الأخلاق والسير، لعلّه يغسل الأفئدة من البخل بماء بارد ينزل من أعلى قمم جبال أوراس، ثم يمسح عليها بريشة ذهبية مصدرها طائر من الفردوس الأعلى. قال ابن حزم:
"ابذل فضل مالك وجاهك لمن سألك أو لم يسألك، ولكل من احتاج إليك وأمكنك نفعه، وإن لم يعتمدك بالرغبة، ولا تشعر نفسك انتظار مقارضة على ذلك من غير ربك عز وجل، ولا تبن إلا على أن من أحسنت إليه أول مضر بك، وساع عليك، فإن ذوي التراكيب الخبيثة، يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم إذا رأوه في أعلى من أحوالهم. لا تنصح على شرط القبول ولا تشفع على شرط الإجابة ولا تهب على شرط الإثابة لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة، وبذل المعروف."