المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالة لأحد الشرفاء من البربر


zafer h
2021-08-15, 08:36
تامعزا
كان يا ما كان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان إمبراطورية عظمى تدعى تامزغا سبق أهلها كل الأوطان. زعموا أنها ملكت نصف إفريقيا آلاف السنين من بربر و(كحلان). تآنس فيها الديناصور والفيل والحصان. وعاش فيها الإنسان مع الشيطان في أنس وألفة وأمان.
تامزغا العظمى سبقت كل الحضارات من هند وسند ورومان، وفرس وعرب ويونان. عاصمتها مدينة الأحلام بنيت من سراب وقوس قزح وارتفع فيها البنيان. وطليت جدران قصورها بالذهب والفضة وازدانت بالزمرد والمرجان. وكثرت فيها حدائق الياسمين والنرجس والأقحوان.
نزل فيها آدم عليه السلام فاندهش من استباقه تامزغا إلى هذا المكان. فانتظر نزول حواء من السماء في حيرة ليقدم لها باقة من أقحوان وشقائق النعمان ثم يشكو لها كيف سبقته تامزغا إلى هذه الأرض وسبقت كل الأوطان. فقالت له حواء بابتسامة عريضة: (لا تستغرب من قدم تامزغا؟ أنا كنت على علم أنها سبقت أحفادنا عيسى وموسى وسليمان. ولوط ويعقوب ولقمان وسبقت حتى القمر قبل أن يعرف الدوران). كان سكانها البيض و(الكحلان) ضخام الأبدان أقوياء الجنان طاهري الوجدان. يعملون بالنصح والإحسان ويتعاطفون بحنان ويرفقون بالحيوان. فلم تعرف عاصمتهم لا الغضب ولا الحقد ولا الأحزان.
كانت تامزغا رائدة في كل العلوم على كل البلدان في كل الأزمان. تخرج منها أفلاطون وأرسطو وشكسبير وأرسلان وجبران خليل جبران. وفيها كتب أبو العلاء المعري رسالة الغفران واشتهرت فيها قارئة الفنجان. ازدهرت فيها الحياة وكثر العمران، ونصب أهلها في قلب عاصمتهم رمز الوثنية للحرية في الرجل العريان. وتعلم منهم المصريون بناء الأهرام واقتبس منهم الأشوريون إنشاء حدائق بابل المعلقة. حتى الأمريكان تعلموا منهم العلو في البنيان. وإذا بالغيرة تزعزع رؤوس أشراف تامزغا العظيمة من بيض وكحلان، فبنوا حول عاصمتهم الجميلة جدار يأجوجا ومأجوجا بحجر صوان.
ولما كثر فيها الظلم والرشوة والطغيان، غضب نوح عليه السلام، فصنع فيها الفلك وانتظر الفيضان. لكن الملحدين في تامزغا سخروا منه وضحكوا عليه حتى فاض عليهم الطوفان. فأفسد البساتين ودمر البنيان. وانهارت الجسور والقصور وانقرض منها الدينصور والحيتان. فأبيدت تامزغا العظيمة عن آخرها من فوق الأرض وصارت في خبر كان. ولما عاد بعض المسافرين إليها لم يعرفوا المكان. فقد تحولت إلى صحراء كبرى فيها العقرب والثعبان ومن الرمل كثبان. فاتجهوا إلى أساتذة من يهود ورهبان. ليصنعوا لهم تاريخا من بقايا سراب ورماد ودخان.
لكن الأساتذة هؤلاء تجاوزوا تاريخ نوميديا الحقيقية إلى أبعد حد بلا واقعية ولا برهان. تجاوزوا ماسينيسا وسيفاكس ويوغرطا، وضموا إلينا شاشناق مصر زاعمين المزاعم لا يصدقها الشيوخ ولا الصبيان. وحاولوا بث الإنشقاق والفراق بين الإخوة البربر ودفعهم إلى الشر والعدوان. ونشر الإلحاد فيهم ونكران الأديان. وجر بعضهم إلى العصيان وإشهار الكفر جهارا على اللسان والأكل نهارا في رمضان. وإذا بالذين انساقوا وراءهم ينقلبون من خسران إلى خسران.
تامزغا مدينة الأحلام هذه لن أدلكم عليها بل أترككم تبحثون عنها في خيالكم وأحلامكم إلى آخر الزمان. وستكتشفون عند البعث من القبور أنه لم يكن لها وجود وليس لها آثار بنيان مثل آثار كامل البلدان. وأنها كانت أحلام مجانين وأوهام تائهين وخرافة لم يعرف لها اسم ولم يكن لها زمان ولا مكان. ولم يكن لها دين ولا ملوك ولا أمراء ولا عاصمة لها ولا عنوان. ولم يكن لها دستور ولا برلمان. ولم يذكرها مؤرخ في القديم ولم يذكر اسمها مع قوم عاد وثمود ومصر في القرآن. وأنها كانت فقط طلاسم من خيال أغبياء، وكذب سفهاء، وتصديق بلهاء. كانت فقط زورا وبهتانا من تلفيق يهود ورهبان.
البربري محمد أوقاسي
سيناريست، منتج ومخرج

بدوون إسم
2021-08-17, 08:22
رائعة من روائعك يا أخي

بارك الله فيك

تصلح لأن تدرس في أحد الأقاليم

حتى لا تتوهم النملة أنها أصبحت فيلا