الحاج بوكليبات
2021-06-24, 07:29
بين رابح ظريف وآيت حمودة
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTsGYXOkMHyov5EDTBLwToxIpWHlp7vH oQy0Qxo51I_X0JUyyWxjgfZbEGeT-yTR2iYhKarDPEAVTMUSg&usqp=CAU
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcR9Rq2CRHmTHzW7vJbnyo6dDRNCubtXz Ede-jd3kQHTmhyMmXj894Ol9-p2UlpHjjXj3O3paoPBeMwlzA&usqp=CAU
في جانفي من سنة 2020، كتب مديرُ الثقافة لولاية المسيلة، الأديب والكاتب رابح ظريف، منشورا له على “فايسبوك”، يتّهم فيه القائد عبّان رمضان بـ”الخيانة والعمالة” لفرنسا، فأقيل من منصبه فورا، وقُبض عليه بسرعة ليودع السجنَ الاحتياطي، وحُكم عليه لاحقا بستّة أشهر حبسا، ثلاثة منها نافذة، وكانت الحادثة الدافعَ الرئيسي لإصدار قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، ولو صدر هذا القانونُ من قبل، للبِث ظريف في السجن بضع سنين. كما تحرّك الكثيرُ من العلمانيين وانتقدوا الكاتبَ بشدّة واتّهموه بـ”المساس بأحد رموز الثورة” و”المساس بوحدة الوطن” و”زرع الكراهية”…
اليوم، يُقدِم نور الدين آيت حمودة، على التطاول الصارخ على ثلاثة زعماء تاريخيين وهم الأمير عبد القادر ومصالي الحاج وهواري بومدين، ويصف في فضائية جزائرية الأولَ بـ”الخائن” والثاني بـ”الحركي” والثالث بـ”الخبيث”، ومع ذلك لا تتحرّك السلطاتُ ضدّه بالسرعة والصرامة والحزم ذاته الذي تحرّكت به ضد رابح ظريف منذ سنة ونصف سنة، واكتفت بالإيعاز إلى جهات أخرى لتُقاضي آيت حمودة الذي لا يزال حرّا طليقا، ونخشى أن لا تتجاوز عقوبتُه حبسا موقوف النفاذ وغرامة مالية.
وفي الوقت نفسه، فإن العلمانيين والفرنكفيليين الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن “جريمة المساس برموز الثورة ووحدة الوطن” و”زرع الكراهية” في قضية رابح ظريف، قد غيّروا الآن خطابهم بـ180 درجة، لأنّ الطَّاعن في هذه الرموز هذه المرة، هو أحد المحسوبين على تيارهم، والمطعون فيهم محسوبون على التيار الوطني والعروبي، لذلك لم يروا في تجريم الأمير ومصالي وبومدين وتخوينِهم والقدحِ فيهم، أيَّ “مساسٍ برموز التاريخ والثورة”، وطفقوا يروِّجون لخطابٍ آخر مختلف تماما مفاده أنّ ما ذكره آيت حمودة هو “الحقيقة التاريخية” التي ينبغي أن نكشفها ونقبلها بهدوء وبلا انفعال، وندّدوا بالحملة ضدّ ابن عميروش واعتبروها محاولات لـ”تكميم الأفواه”، علما أنّ نشطاء هذا التيار قد “تخصّصوا” مؤخرا في الطعن في تاريخ البلاد؛ فهم لا يفتئون يجرِّمون الفتوحات الإسلامية لشمال إفريقيا، وينتقون فقراتٍ من جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الثلاثينيات من القرن الماضي، التي جاءت مهادِنة لفرنسا ولغتِها وحضارتها، لاتقاء شرّها ومنعها من حلّ الجمعية، ويعيدون نشرَها في شتّى المواقع لتشويه صورة الجمعية وشيخِها عبد الحميد ابن باديس رحمه الله، كما لم يتركوا شخصية ثورية كبيرة تنتمي إلى التيار الوطني إلا وطعنوا فيها، فلم يكد يسلم من لسانهم أحد إلا من وافق إيديولوجيتهم وهواهم.
نحن لسنا مع تقديس الأشخاص، فهم يصيبون ويُخطِئون، ونعتقد أنّ الأمير عبد القادر ومصالي وبومدين قد قدّموا الكثير لبلدهم، وأخطئوا أيضا ككلّ البشر، لكنّ أخطاءهم لا ترقى إلى درجة الخيانة والعمالة لفرنسا، ثم إنّ المؤرّخين هم وحدهم من يستطيع الخوض في هذه المواضيع الحسّاسة، وليس العامّة والغوغاء أمثال آيت حمودة الذي تحرّكه أحقادُه لا أكثر ولا علاقة له بالبحث العلمي التاريخي، وينبغي أن لا يفلت من العقاب لتحقيق المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، فضلا عن ضرورة إظهار قدرٍ كبير من الصرامة في مكافحة خطاب التمييز والكراهية الذي بدأ يُحدِث هوّة بين الجزائريين في السنوات الأخيرة ويُنذر بعواقب وخيمة على الوحدة الوطنية إن لم يحارب بكلّ جدّية وحزم.
المصدر: الشروق
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTsGYXOkMHyov5EDTBLwToxIpWHlp7vH oQy0Qxo51I_X0JUyyWxjgfZbEGeT-yTR2iYhKarDPEAVTMUSg&usqp=CAU
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcR9Rq2CRHmTHzW7vJbnyo6dDRNCubtXz Ede-jd3kQHTmhyMmXj894Ol9-p2UlpHjjXj3O3paoPBeMwlzA&usqp=CAU
في جانفي من سنة 2020، كتب مديرُ الثقافة لولاية المسيلة، الأديب والكاتب رابح ظريف، منشورا له على “فايسبوك”، يتّهم فيه القائد عبّان رمضان بـ”الخيانة والعمالة” لفرنسا، فأقيل من منصبه فورا، وقُبض عليه بسرعة ليودع السجنَ الاحتياطي، وحُكم عليه لاحقا بستّة أشهر حبسا، ثلاثة منها نافذة، وكانت الحادثة الدافعَ الرئيسي لإصدار قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، ولو صدر هذا القانونُ من قبل، للبِث ظريف في السجن بضع سنين. كما تحرّك الكثيرُ من العلمانيين وانتقدوا الكاتبَ بشدّة واتّهموه بـ”المساس بأحد رموز الثورة” و”المساس بوحدة الوطن” و”زرع الكراهية”…
اليوم، يُقدِم نور الدين آيت حمودة، على التطاول الصارخ على ثلاثة زعماء تاريخيين وهم الأمير عبد القادر ومصالي الحاج وهواري بومدين، ويصف في فضائية جزائرية الأولَ بـ”الخائن” والثاني بـ”الحركي” والثالث بـ”الخبيث”، ومع ذلك لا تتحرّك السلطاتُ ضدّه بالسرعة والصرامة والحزم ذاته الذي تحرّكت به ضد رابح ظريف منذ سنة ونصف سنة، واكتفت بالإيعاز إلى جهات أخرى لتُقاضي آيت حمودة الذي لا يزال حرّا طليقا، ونخشى أن لا تتجاوز عقوبتُه حبسا موقوف النفاذ وغرامة مالية.
وفي الوقت نفسه، فإن العلمانيين والفرنكفيليين الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن “جريمة المساس برموز الثورة ووحدة الوطن” و”زرع الكراهية” في قضية رابح ظريف، قد غيّروا الآن خطابهم بـ180 درجة، لأنّ الطَّاعن في هذه الرموز هذه المرة، هو أحد المحسوبين على تيارهم، والمطعون فيهم محسوبون على التيار الوطني والعروبي، لذلك لم يروا في تجريم الأمير ومصالي وبومدين وتخوينِهم والقدحِ فيهم، أيَّ “مساسٍ برموز التاريخ والثورة”، وطفقوا يروِّجون لخطابٍ آخر مختلف تماما مفاده أنّ ما ذكره آيت حمودة هو “الحقيقة التاريخية” التي ينبغي أن نكشفها ونقبلها بهدوء وبلا انفعال، وندّدوا بالحملة ضدّ ابن عميروش واعتبروها محاولات لـ”تكميم الأفواه”، علما أنّ نشطاء هذا التيار قد “تخصّصوا” مؤخرا في الطعن في تاريخ البلاد؛ فهم لا يفتئون يجرِّمون الفتوحات الإسلامية لشمال إفريقيا، وينتقون فقراتٍ من جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الثلاثينيات من القرن الماضي، التي جاءت مهادِنة لفرنسا ولغتِها وحضارتها، لاتقاء شرّها ومنعها من حلّ الجمعية، ويعيدون نشرَها في شتّى المواقع لتشويه صورة الجمعية وشيخِها عبد الحميد ابن باديس رحمه الله، كما لم يتركوا شخصية ثورية كبيرة تنتمي إلى التيار الوطني إلا وطعنوا فيها، فلم يكد يسلم من لسانهم أحد إلا من وافق إيديولوجيتهم وهواهم.
نحن لسنا مع تقديس الأشخاص، فهم يصيبون ويُخطِئون، ونعتقد أنّ الأمير عبد القادر ومصالي وبومدين قد قدّموا الكثير لبلدهم، وأخطئوا أيضا ككلّ البشر، لكنّ أخطاءهم لا ترقى إلى درجة الخيانة والعمالة لفرنسا، ثم إنّ المؤرّخين هم وحدهم من يستطيع الخوض في هذه المواضيع الحسّاسة، وليس العامّة والغوغاء أمثال آيت حمودة الذي تحرّكه أحقادُه لا أكثر ولا علاقة له بالبحث العلمي التاريخي، وينبغي أن لا يفلت من العقاب لتحقيق المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، فضلا عن ضرورة إظهار قدرٍ كبير من الصرامة في مكافحة خطاب التمييز والكراهية الذي بدأ يُحدِث هوّة بين الجزائريين في السنوات الأخيرة ويُنذر بعواقب وخيمة على الوحدة الوطنية إن لم يحارب بكلّ جدّية وحزم.
المصدر: الشروق