المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حين يبكي الرجال...


طلعت شلالدة
2007-10-24, 21:46
حين يبكي الرجال...
24/10/2007

عندما يبكي الرجل الشديد أمامك فاعلم أن الجرح غائر والوجع شديد، وحينها لا يمكن أن تلومه على أيّ موقف يطلقه، فالرجولة انقلبت استكانة، والقوة ضعفاً، والهيبة مهانة.

النازح الفلسطيني 'راضي أبو راضي'، من أهالي مخيم نهر البارد، أبٌ لثلاثة أطفال، أعلن أنه مستعدّ أن يتخلى عن جنسيّته الفلسطينية، وعن أرضه وهويته.

ليس هذا فحسب، بل إنه سيعمل على أن ينسيَ أطفاله اسم فلسطين؛ 'لأن الفلسطيني لا كرامة له أينما حلّ، والفلسطيني وصمة عار أينما ذهب، ويأمل في أن يتيسّر له السفر إلى أيّ بلد أوروبي، حيث للإنسانية والكرامة احترام'.

لذلك فهو يتمنى لو ألقيت عند بداية أحداث مخيم نهر البارد قنبلة نووية، قضت على المخيم وأهله؛ لأن هذا أهون عليهم من المهانة والعذاب والمعاناة التي يعيشها النازحون.

قطعة من العذاب

صدمني هذا الكلام، لكني حين سمعت قصته عذرته. وأترك للقارئ أن يحكم. يروي قصته:
'يوم 22 مايو (بعد يومين من بدء المواجهات بين جماعة فتح الإسلام والجيش اللبناني)، وجدنا أنه لا مفرّ من الخروج من المخيم، وذلك بعد أن اشتدّ القصف على المخيم وبدأ يطال الأحياء السكنية.

غادرنا منازلنا بالثياب التي علينا، حفاظاً على حياتنا، تاركين وراءنا أرزاقنا وذكرياتنا وكل ما نملك، فالأرواح أغلى من كل كنوز الدنيا.

خرجنا مع أفواج أهالي المخيم، رافعين الرايات البيضاء من نوافذ الحافلة، إعلاناً بأننا مدنيّون، لا علاقة لنا بتلك الجماعة التي دخلت مخيمنا (فتح الإسلام)، ولا بالجيش اللبناني، ومعلنين أنه لا ناقة لنا ولا جمل بما يجري من مواجهات على أرضنا، بين فريقين لا يمتّون لأهل المخيم بأيّ صلة.

وعند وصول الحافلة إلى إحدى النقاط، تعرضت لإطلاق نار، فأصيب على إثره السائق، وتوفي على الفور، وانقلبت بنا الحافلة'.

يتابع النازح راضي: 'لكن انقلاب الحافلة لم يمنع استمرار زخّات الرصاص علينا، فأصيب ابني يوسف (12 سنة) برصاصة في ظهره، عرفت ذلك من صراخه الذي بدأ يتصاعد، واتجهت إلى مكانه لإخراجه من الحافلة وإسعافه. وكانت زوجتي الحامل أقرب إلى الباب، فسبقتنا بالخروج، لكن رصاصة قاتلة عاجلتها في رأسها، أردتها على الفور هي وجنينها الذي كنا ننتظر قدومه'.

صمت راضي لبعض الوقت، وبدأ يجاهد نفسه لمنع دموعه من الظهور، لكن بعض العبرات خانته حين تمثّل أمامه مشهد زوجته المسجّاة على الأرض، وولده المصاب، وبقي عليه أن يحمي ولديه الآخرين من الرصاص.

وأكمل راضي قصته: 'بعد قليل توقف إطلاق الرصاص، وتمّ إخراج العائلة من المخيم، الأمّ إلى البراد، و'يوسف' إلى المستشفى، وأنا مصدوم غير مستوعب لما جرى، وفقدت السيطرة على أعصابي، واحترت إلى من ألتفت..'.

رعاية أطفاله

النازح راضي أبو راضي الذي يقوم الآن على رعاية أطفاله الثلاثة، يقيمون في 'كاراج' أعزل في مخيم البداوي، وبطبيعة الحال، فإن حاله النفسية منعته من ممارسة أيّ عمل، سوى البقاء إلى جانب أطفاله الذين يحتاجونه أكثر من أيّ وقت مضى.

لكن معانته لم تتوقف عند هذا الحدّ، فلقد تسببت إصابة ولده 'يوسف' في ظهره بشبه إعاقة، تطلبت علاجاً مستمراً في المستشفى، وبالتالي نفقات تبلغ 1200 دولار شهريًّا، لا يقدر عليها.

طرق أبواب الجمعيات والمؤسسات الإنسانية والإغاثية، فلم تسعفه سوى مؤسسة واحدة بطرابلس، دفعت له جزءاً من كلفة العلاج. ولكن من يدفع الشهور التالية؟ ما اضطره إلى إخراج ولده من المستشفى، لعدم تمكّنه من توفير مصاريف العلاج.

ويسّر الله له مؤسسة إنسانية إسبانية، كانت تقوم بزيارة للمخيم، اطلعت على قضيته، فتكفّلت بعلاج ولده يوسف، وهو الآن يحضّر أوراقه للسفر مع أبنائه إلى إسبانيا، تاركاً خلفه مخيم نهر البارد الذي ولد فيه لكنه لم يعد يريد العودة إليه أو معرفة أخباره، وفلسطين أرض آبائه وأجداده التي يريد أن ينساها! أما الزعامات العربية ولاسيما الفلسطينية، فالعتب عليها كبير.

سؤالي الأخير

ووجّهت إليه سؤالي الأخير، الذي ندمت على طرحه: كيف مرّ عليك أول عيد من دون زوجتك؟
أشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى، وحضن طفلته بين يديه بشدّة، واغرورقت عيناه بالدموع، ولم يعد يستطيع الإجابة.

moha
2007-10-26, 00:19
يعطيك الف صحة .........

يونس الغديري
2007-12-14, 20:44
الله يخليك التفاتة طيبة ولا يحس بالرجــال إلا الرجــــــــــال

boudjemline
2008-01-04, 20:41
والادهى والامر ان يبكي الرجال على يد اشباه الرجال م بني جلدتهم من امثال الخونة محمود عباس وفياض الذين باعو الوطن لقاء حفنة من الدولارات بل ويتفننون في حصار غزة الابية وتجويع شعبها رفقة اسيادهم من بني صهيون والامريكان

أفنان سارة
2008-01-05, 10:43
يسلم فمك يا بوجملين............. لم تترك لي ما أقوله

abla
2008-01-05, 12:05
إبكوا لتفادي الجنون

يفخر أبو فراس الحمداني في قصيدته الشهيرة بأنه صعب البكاء فيقول:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر

ويبدو أن الشاعر العربي الكبير وقع في الفخ الذي نصبته المرأة للرجال، حينما اخترعت البكاء وجعلته حكرا عليها، وكرست القناعة لدى الرجل بأن البكاء لا يليق بكبريائه، فجفت الغدد الدمعية لدى الرجال، وانسدت شرايينها، ولربما وصلت عدوى الجفاف إلى العواطف.. ومن دهاء المرأة أنها لجأت إلى تطريز منديل حبيبها بخيوط حريرية، ترسم عليها قلوبا وأسهما وأغصانا تعج بالعصافير، لكي يتردد إذا ما هم بالبكاء خشية ابتلال ذلك المنديل الجميل، بينما ظل منديل المرأة على الدوام منقوعا بدموعها، وكحلها، وحينا بأحمر شفاهها.

هذا التفاخر الرجالي بعدم البكاء أصاب الرجال بالكثير من الأمراض النفسية، كالتوتر، والكبت، والاضطراب السلوكي والميل إلى العنف.. ويروي لنا التاريخ أن عددا من الحكام الذين فقدوا قدرتهم على البكاء أصيبوا بالجنون، فمنهم من أحرق مدينة، ومنهم من أخصى كل خراف الدولة، ولو أن هؤلاء ذرفوا الدموع لما أصابهم الخبل.. ومن حسن الحظ ألا أحد منهم في ذلك الزمان كانت بحوزته حقيبة إطلاق نووي، وإلا لضغط على الزر وأنهي العالم قبل مجيئنا.

والحق أنني أميل دائما إلى أن يصل إلى رئاسة الدول، ذات المقدرات النووية، رئيسات بدلا من الرؤساء، فالبكاء قد يقف حائلا دون الوصول إلى لحظات جنون ضغط الزر، كما كاد يفعل كينيدي إبان أزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا.. ولذا فإنني في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية أجد نفسي أتابع باهتمام استطلاعات الرأي، لأطمئن على تقدم هيلاري كلينتون على منافسها السيناتور باراك أوباما، رغم إعجابي الشديد به، وبنجمة البرامج التلفزيونية الشهيرة «أوبرا وينفري»، التي تدعم حملته، وحتى في الأجواء الباكستانية أنحاز ـ من خلال نفس المبدأ ـ إلى بنازير بوتو، وكنت منحازا قبلها إلى انديرا غاندي في الهند، وسأظل منحازا إلى كل امرأة تطمح لامتلاك الحقيبة النووية، ووضعها بعيدا عن متناول يد الرجال، فكل كوارث التاريخ صناعها من الرجال، ولم تسجل حادثة واحدة ضد المرأة من زمن «كليوباترة» و«سمير أميس» حتى عصرنا الحاضر..

فابكوا أيها الرؤساء الرجال لتفادي الجنون، وإلا أفسحوا الطريق للمرأة فهي الأقدر على ضبط النفس في هذا العالم الذي فقد قدرته على البكاء.