مشاهدة النسخة كاملة : مساوئ الأخلاق ومذمومها
*عبدالرحمن*
2021-03-27, 15:05
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
موضوع الخُلُق: من الموضوعات الإسلامية المهمَّة
التي عليها يدور نجاح حياة المسلم
فكيف ينجح العالم في وظيفته إذا لم يكن على خُلقٍ؟
وكيف ينجح الزَّوج في حياته إذا لم يكن على خُلقٍ؟
وكيف ينجح الدَّاعية في حياته إذا لم يكن على خُلقٍ؟
وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن على خُلقٍ؟
فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان
في هذه الحياة
حتى قال بعض العلماء:
"إن الدِّين كُلُّه هو الخُلقُ"
وأقول: إنَّ الموضوع بحقٍّ: موضوعٌ مهمٌّ للغاية
وأكثر ممَّا قد يتصوَّر البعض
وبعض الأخلاق لها جوانبٌ فقهيةٌ وتتعلَّق بها أحكام
كما لو طرق -مثلاً- موضوع العدل
فإنَّك ستُلاحظ فيه أحكاماً في العدل بين الأولاد
والعدل بين الزَّوجات ونحو ذلك
أمَّا الخلق: "فالخليقة هي: الطبيعة"
كما قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب
: "وفي التَّنزيل: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
والجمع: أخلاقٌ، ولا يكسَّر على غير ذلك
والخُلْق والخُلُق: السَّجية، والخُلُق: هو الدِّين
والطَّبع والسَّجية، وحقيقته أنَّه لصورة الإنسان الباطنة -
وهي نفسه- وأوصافها ومعانيها المختصَّة بها
بمنزلة الخلق لصورته الظَّاهرة وأوصافها ومعانيها
ولهما أوصاف حسنة وقبيحة"
[لسان العرب10/85].
وقال القرطبي رحمه الله تعالى في المفهم:
"الأخلاق: أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره،
وهي محمودةٌ ومذمومةٌ
فالمحمودة على الإجمال: أن تكون مع غيرك على نفسك
فتنصف منها ولا تنصف لها
وعلى التَّفصيل: العفو، والحلم، والجود، والصَّبر، والرَّحمة
والشَّفقة، والتَّودُّد، ولين الجانب، ونحو ذلك
والمذموم منها ضدُّ ذلك كُلُّه"
[المفهم19/45].
وقال ابن حجر -رحمه الله-
في شرح كتاب الأدب من صحيح البخاري قال الرَّاغب:
"الخَلق والخُلق في الأصل بمعنى واحد
كالشَرب والشُرب
لكن خُصَّ الخلق الذي بالفتح بالهيئات والصُّور المدركة بالبصر
وخُصَّ الخُلق الذي بالضَّم بالتَّقوى والسَّجايا المدركة بالبصيرة
فالشَّكل والصُّورة التي تدرك بالبصر هذا خلقٌ
والسَّجايا والطَّبائع التي تدرك بالبصيرة تسمى خُلقاً"
[فتح الباري10/456].
وموضوع الأخلاق: موضوعٌ كبيرٌ
يتعلَّق بمنهج أهل السُّنَّة والجماعة
وليس كما يتصوَّر البعض أنَّه موضوعٌ منفصل
عن المنهج أو أنَّه شيءٌ أدنى منزلةً أو جانبا
كلا! بل هو من صلب المنهج.
ومما يؤيِّد أهمية الجانب الأخلاقي في منهج السَّلف:
تضمين علمائهم هذه الجوانب فيما كتبوه
من أصول أهل السُّنَّة والجماعة جوانب الأخلاق
كـالعقيدة الواسطية، والطَّحاوية وغيرها
ومن أمثلة ذلك:
قول الإمام الصَّابوني في تقريره لعقيدة السَّلف:
"ويتواصون بقيام الليل للصَّلاة بعد المنام
وبِصِلة الأرحام على اختلاف الحالات
وإفشاء السَّلام وإطعام الطَّعام
والرَّحمة على الفقراء والمساكين والأيتام
والاهتمام بأمور المسلمين
والتَّعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمصرف
والسَّعي في الخيرات، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر
والبدار في فعل الخيرات أجمع
واتِّقاء عاقبة الطَّمع، ويتواصون بالحقِّ والصَّبر
[عقيدة السلف أصحاب الحديث1/34].
وموضوع الأخلاق موضوع خطير
لأنَّه يمكن أن يُقدِّم بحسن الأخلاق منهجاً مسموماً
كما يمكن أن يعرض النَّاس بسوء الخلق عن المنهج السَّليم.
فإذاً -أيُّها الإخوة-
لابُدَّ من التَّركيز على هذا الموضوع
لأنَّه -كما قلنا- من أهم عوامل النَّجاح
و قد سبق موضوع
حُسْنُ الْخُلُقِ (https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2253139)
و بخصوص الأحلاق المذمومة
و هي على الضَّدِّ: كالكذب، والغِش، والقسوة، ونحوها
من الأخلاق الرديئة
وسيكون مدار الدُّروس القادمة
وحكمة الله البالغة اقتضت
أن يجعل في هذه الحياة أخلاقاً عاليةً
وكذلك هناك في البشر أخلاق سافلة
وعند المقارنة يظهر حسن هذا وقبح ذاك
لأنَّ الضَّدَّ يظهر حسنه الضَّدِّ، وبضدِّها تعرف الأشياء
فلولا الظَّلام ما عرفت فضيلة النُّور
ولولا أنواع البلايا ما عرفت قيمة العافية
ولولا خلق الشَّياطين والهوى والنَّفس الأمارة بالسُّو
لما حصلت عبودية الصَّبر والمجاهدة
وترتب الأجر والجنَّة عليهما.
وكما قلنا: فإنَّ العلماء رحمهم الله اهتمَّوا
بقضية جمع محاسن الأخلاق
وكذلك اهتمُّوا بجمع مساوئ الأخلاق للتَّحذير منها
واهتمُّوا كذلك بالكلام عن حقيقة الخُلُق
وكيف تعالج الأخلاق الرَّديئة
وكيف يتخلَّص الإنسان من الأخلاق الرَّديئة
كانت هذه مقدمة عن الأخلاق
ونعريف الأخلاق وأهميتها.
و لنا عودة إن شاء الله لمزيد من الاستفادة
و يسمح بالمناقشة و الإضافةِ لزيادة الإفادة
*عبدالرحمن*
2021-03-28, 05:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الجدال والمراء
معنى الجدل لغةً:
الجدل: اللدد في الخصومة والقدرة عليها
وجادله أي: خاصمه، مجادلة وجدالًا.
والجدل: مقابلة الحجة بالحجة
والمجادلة: المناظرة والمخاصمة
والجدالُ: الخصومة؛ سمي بذلك لشدته
[4933] ((مجمل اللغة)) لابن فارس (1/179)
((لسان العرب)) لابن منظور (11/105).
معنى المراء لغةً:
المراء: الجدال. والتماري
والمماراة: المجادلة على مذهب الشكِّ والريبة
ويقال للمناظرة: مماراة
وماريته أماريه مماراة ومراء: جادلته
[4937] ((لسان العرب)) لابن منظور (15/278)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/569).
معنى الجدل اصطلاحًا:
قال الراغب:
(الجِدَال: المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة)
[4934] ((المفردات في غريب القرآن)) (ص 189).
وقال الجرجاني:
(الجدل: دفع المرء خصمه عن إفساد قوله: بحجة
أو شبهة، أو يقصد به تصحيح كلامه)
[4935] ((التعريفات)) (ص 74).
وقال أيضًا: (الجدال: هو عبارة عن مراء
يتعلَّق بإظهار المذاهب وتقريرها)
[4936] ((التعريفات)) (ص 75).
معنى المراء اصطلاحًا:
المراء: هو كثرة الملاحاة للشخص
لبيان غلطه وإفحامه، والباعث على ذلك الترفع
[4938] ((التعريفات الاعتقادية))
لسعد آل عبد اللطيف (ص 265).
وقال الجرجاني:
(المراء: طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه
من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير)
[4939] ((التعريفات)) (ص 209).
وقال الهروي عن المراء: هو
(أن يستخرج الرجل من مناظره كلامًا
ومعاني الخصومة وغيرها)
[4940] ((تهذيب اللغة)) (15/204).
الفرق بين الجدال والمراء والحجاج
- الفرق بين الجدال والحجاج:
الفرق بينهما أن المطلوب بالحجاج: هو ظهور الحجة.
والمطلوب بالجدال: الرجوع عن المذهب
[4941] ((الفروق اللغوية))
لأبي هلال العسكري (ص 158).
- الفرق بين الجدال والمراء:
قيل: هما بمعنى.
غير أن المراء مذموم، لأنه مخاصمة
في الحقِّ بعد ظهوره، وليس كذلك الجدال
[4942] ((الفروق اللغوية))
لأبي هلال العسكري (ص 159).
ولا يكون المراء إلا اعتراضًا، بخلاف الجدال
فإنَّه يكون ابتداء واعتراضًا
[4943] ((المصباح المنير)) للفيومي (2/569).
- الفرق بين الجدل والمناظرة والمحاورة:
الجدل يُراد منه إلزام الخصم ومغالبته.
أما المناظرة: فهي تردد الكلام بين شخصين
يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله
وإبطال قول صاحبه
مع رغبة كلٍّ منهما في ظهور الحق.
والمحاورة: هي المراجعة في الكلام
ومنه التحاور أي التجاوب
وهي ضرب من الأدب الرفيع، وأسلوب من أساليبه
وقد ورد لفظ الجدل والمحاورة في موضع واحد
من سورة المجادلة في قوله تعالى:
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة: 1]
وقريب من ذلك المناقشة والمباحثة
[4944] ((مناهج الجدل في القرآن الكريم))
لزاهر الألمعي (ص 25).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الجدال والمراء
*عبدالرحمن*
2021-03-29, 04:49
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الجدال والمراء والنهي عنهما في القرآن الكريم
- قال الله تعالى:
فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197].
وعن ابن مسعود في قوله: وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ
قال: (أن تماري صاحبك حتى تغضبه)
[4945] رواه الطبري في ((تفسيره)) (4/141).
وعن ابن عباس: (الجدال: المراء والملاحاة
حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك)
[4946] رواه الطبري في ((تفسيره)) (4/144).
وعن ابن عمر:
(الجدال المراء والسباب والخصومات)
[4947] رواه الطبري في ((تفسيره)) (4/145).
وقال السدي:
(قد استقام أمر الحجِّ فلا تجادلوا فيه)
[4948] ((جامع البيان)) (3/486).
وقال الطبري: (اختلف أهل التأويل في ذلك
فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل
المحرم أحدًا. ثم اختلف قائلو هذا القول
فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه)
[4949] رواه الطبري في ((تفسيره)) (3/477).
- وقال جلَّ شأنه: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204].
قال العيني: (أي: شديد الجدال
والخصومة، والعداوة للمسلمين)
[4950] ((عمدة القاري)) (18/114).
وقال الطبري:
أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك
[4952] ((جامع البيان)) (3/573).
قال مقاتل: (يقول جدلًا بالباطل)
[4951] ((تفسير مقاتل)) (ص 178).
- وقال جلَّ في علاه:
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر: 4].
(قال سهل: في القرآن آيتان ما أشدَّهما
على من يجادل في القرآن
وهما قوله تعالى:
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر: 4]
أي: يماري في آيات الله، ويخاصم بهوى نفسه
وطبع جبلة عقله، قال تعالى:
وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ[البقرة: 197]
أي: لا مراء في الحج. والثانية: قوله:
وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [البقرة: 176])
[4953] ((تفسير التستري)) (1/19).
- وقال سبحانه:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ [الحج: 8].
قال الزجاج: (فالمعنى ومن الناس
من يجادل في الله بغير علم متكبرًا)
[4954] ((معاني القرآن وإعرابه)) (3/414).
وقال البيضاوي: (ومن الناس
من يجادل في الله في توحيده وصفاته)
[4955] ((أنوار التنزيل)) (4/215).
وقال الشوكاني: (ومعنى اللفظ: ومن الناس
فريق يجادل في الله
فيدخل في ذلك كلُّ مجادل في ذات الله
أو صفاته، أو شرائعه الواضحة)
[4956] ((فتح القدير)) للشوكاني (3/519).
وقال السعدي: (ومن الناس طائفة
وفرقة سلكوا طريق الضلال
وجعلوا يجادلون بالباطل الحقَّ
يريدون إحقاق الباطل وإبطال الحق
والحال أنهم في غاية الجهل
ما عندهم من العلم شيء)
[4957] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 533).
- وقال جل شأنه:
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا
وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت: 46].
(قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لا ينبغي
أن يجادل من آمن منهم، لعلهم أن يحدثوا شيئًا
في كتاب الله لا تعلمه أنت
قال: لا تجادلوا، لا ينبغي أن تجادل منهم)
[4958] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن أبي حاتم (9/3068).
وقال السعدي:
(ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب
إذا كانت من غير بصيرة من المجادل
أو بغير قاعدة مرضية
وأن لا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن
بحسن خلق ولطف ولين كلام
ودعوة إلى الحقِّ وتحسينه، وردٍّ عن الباطل وتهجينه
بأقرب طريق موصل لذلك
وأن لا يكون القصد منها مجرد المجادلة والمغالبة وحبِّ العلو
بل يكون القصد بيان الحقِّ وهداية الخلق
إلا من ظلم من أهل الكتاب، بأن ظهر من قصده وحاله
أنه لا إرادة له في الحق
وإنما يجادل على وجه المشاغبة والمغالبة
فهذا لا فائدة في جداله
لأن المقصود منها ضائع)
[4959] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 533).
- وقال تعالى:
هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ
فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [آل عمران: 66].
قال الطبري: (يعني بذلك جلَّ ثناؤه:
ها أنتم: هؤلاء القوم الذين خاصمتم وجادلتم
فيما لكم به علم من أمر دينكم الذي وجدتموه في كتبكم
وأتتكم به رسل الله من عنده
وفي غير ذلك مما أوتيتموه
وثبتت عندكم صحته، فلم تحاجُّون؟
يقول: فلم تجادلون وتخاصمون فيما ليس لكم به علم)
[4960] ((جامع البيان)) (5/483).
قال الشوكاني:
(وفي الآية دليل على منع الجدال بالباطل
بل ورد الترغيب في ترك الجدال من المحقِّ)
[4961] ((فتح القدير)) (1/401).
وقال السعدي:
(وقد اشتملت هذه الآيات على النهي عن المحاجة
والمجادلة بغير علم، وأنَّ من تكلَّم بذلك فهو متكلِّم
في أمر لا يمكَّن منه، ولا يسمح له فيه)
[4962] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 134).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الجدال والمراء
*عبدالرحمن*
2021-03-30, 05:11
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الجدال والمراء والنهي عنهما في السنة النبوية
- فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل.
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:
مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ [الزخرف: 58]))
[4963] رواه الترمذي (3253)
قال القاري: (والمعنى ما كان ضلالتهم
ووقوعهم في الكفر إلا بسبب الجدال
وهو الخصومة بالباطل مع نبيهم
وطلب المعجزة منه عنادًا أو جحودًا
وقيل: مقابلة الحجة بالحجة
وقيل: المراد هنا العناد، والمراء في القرآن
ضربُ بعضه ببعض؛ لترويج مذاهبهم، وآراء مشايخهم
من غير أن يكون لهم نصرة على ما هو الحق
وذلك محرم، لا المناظرة لغرض صحيح
كإظهار الحقِّ فإنه فرض كفاية)
[4964] ((مرقاة المفاتيح)) (1/265).
وقال المناوي: (أي الجدال
المؤدي إلى مراء ووقوع في شك
أما التنازع في الأحكام فجائز إجماعًا
إنما المحذور جدال لا يرجع إلى علم
ولا يقضى فيه بضرس قاطع
وليس فيه اتباع للبرهان، ولا تأول على النصفة
بل يخبط خبط عشواء غير فارق بين حقٍّ وباطل)
[4965] ((فيض القدير)) (3/354).
وقال البيضاوي:
(المراد بهذا الجدل العناد، والمراء، والتعصب)
[4966] ((قوت المغتذي)) للسيوطي (2/801).
- وعن عائشة رضي الله عنها
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم))
[4967] رواه البخاري (2457)، ومسلم (2668).
قال الصنعاني:
(أي: الشديد المراء، أي الذي يحجُّ صاحبه)
[4968] ((سبل السلام)) (2/674).
وقال المهلب:
(لما كان اللدد حاملًا على المطل بالحقوق
والتعريج بها عن وجوهها، والليِّ بها عن مستحقيها
وظلم أهلها؛ استحقَّ فاعل ذلك بغضة الله وأليم عقابه)
[4969] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (8/259).
وقال النووي:
(والألدُّ: شديد الخصومة، مأخوذ من لديدي الوادي
وهما جانباه
لأنَّه كلما احتجَّ عليه بحجة أخذ في جانب آخر
وأما الخصم فهو الحاذق بالخصومة
والمذموم هو الخصومة بالباطل
في رفع حقٍّ، أو إثبات باطل)
[4970] ((شرح النووي على مسلم)) (16/219).
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((المراء في القرآن كفر))
[4971] رواه أبو داود (4603
قال البيضاوي: (المراد بالمراء فيه التدارؤ
وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن
ليدفع بعضه ببعض فيطرق إليه قدحًا وطعنًا)
[4972] ((مرقاة المفاتيح)) لملا علي القاري (1/311).
وقال المناوي:
(المراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم
والمجادلة في الآي المتشابهة
المؤدِّي ذلك إلى الجحود والفتن
وإراقة الدماء؛ فسمَّاه باسم ما يخاف عاقبته
وهو قريب من قول القاضي: أراد بالمراء التدارؤ
وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن
ليدفع بعضه ببعض، فيتطرَّق إليه قدح وطعن
ومن حقِّ الناظر في القرآن أن يجتهد
في التوفيق بين الآيات
والجمع بين المختلفات ما أمكنه)
[4973] ((فيض القدير)) (6/265).
- وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء
وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب
وإن كان مازحًا، وببيت
في أعلى الجنة لمن حسن خلقه))
[4974] رواه أبو داود (4800)
قال السندي: (ومن ترك المراء:
أي الجدال خوفًا من أن يقع صاحبه
في اللجاج الموقع في الباطل)
[4975] ((حاشية السندي على سنن ابن ماجة)) (ص 26).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الجدال والمراء
*عبدالرحمن*
2021-03-30, 19:05
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الجدال
ينقسم الجدال إلى قسمين:
1- الجدال المحمود:
وهو الذي يكون الغرض منه تقرير الحقِّ
وإظهاره بإقامة الأدلة والبراهين على صدقه
وقد جاءت نصوص تأمر بهذا النوع من الجدال
وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الجدال
في قوله تعالى:
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125].
وقال جلَّ في علاه:
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت: 46].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((جاهدوا المشركين بأموالكم
وأنفسكم، وألسنتكم))
[5000] رواه أبو داود (2504)
وقد حصل هذا النوع من الجدال
بين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وبين الخوارج
زمن علي بن أبي طالب بأمر علي
فأقام عليهم الحجة وأفحمهم
فرجع عن هذه البدعة خلق كثير
[5001] رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (5/165) (8575)
وكذلك مجادلة أحمد بن حنبل للمعتزلة
ومجادلات ابن تيمية لأهل البدع.
2- الجدال المذموم:
هو الجدال الذي يكون غرضه تقرير الباطل بعد ظهور الحقِّ
وطلب المال والجاه
وقد جاءت الكثير من النصوص والآثار التي حذَّرت
من هذا النوع من الجدال ونهت عنه
ومن هذه النصوص:
قوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ [الحج: 3].
وقوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ [الحج: 8].
وقوله سبحانه:
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ [غافر: 4].
وقال صلى الله عليه وسلم:
((المراء في القرآن كفر))
5002] رواه أبو داود (4603)
وقال ابن عثيمين:
(المجادلة والمناظرة نوعان:
النوع الأول: مجادلة مماراة:
يماري بذلك السفهاء، ويجاري العلماء
ويريد أن ينتصر قوله؛ فهذه مذمومة.
النوع الثاني: مجادلة لإثبات الحق وإن كان عليه
فهذه محمودة مأمور بها)
[5003] ((العلم)) (ص 164).
وقال الكرماني:
(الجدال: هو الخصام، ومنه قبيح وحسن وأحسن
فما كان للفرائض فهو أحسن
وما كان للمستحبات فهو حسن
وما كان لغير ذلك فهو قبيح)
[5004] ((فتح الباري)) لابن حجر (13/314).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الجدال والمراء
*عبدالرحمن*
2021-03-31, 05:09
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
نماذج من الجدال المحمود في القرآن الكريم
1- مجادلة نوح عليه السلام قومه في دعوتهم
إلى عبادة الله وحده
وعدم الإشراك به، قال تعالى:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ
فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا
وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ
وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ
كَاذِبِينَ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ
مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا
وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً
إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ
إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ
وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ
أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ
وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ
وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ
خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ
إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ
قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا
إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ
إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ [هود: 25-33].
2- مجادلة إبراهيم لأبيه وقومه لإثبات الحق
وإظهار بطلان الآلهة التي يعبدونها من دون الله
وأنها لا تضرُّ ولا تنفع، قال الله تعالى:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً
إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ
مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا
أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا
قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي
لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً
قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي
بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ
وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي
شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ
إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ
أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا
إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء
إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام: 74-83].
3- المجادلة والمناظرة التي دارت
بين إبراهيم عليه السلام والنمرود
حينما ادعى النمرود الربوبية
والتي انتصر فيها إبراهيم الخليل على عدو الله نمرود
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ
أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي
وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ
يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ
الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 258].
4- المجادلة والمناظرة التي دارت بين شعيب
وقومه عندما دعاهم لعبادة الله وحده
والابتعاد عن الكفر
وعدم تطفيف المكيال والميزان
وأكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى:
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ
مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ
إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
مُّحِيطٍ وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ
بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ
قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا
أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي
مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي
أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ
أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ وَاسْتَغْفِرُواْ
رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ
قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ
وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ
وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم
مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ
إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ
وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ [هود: 84-93].
نماذج من الجدال المحمود في السنة النبوية
والأمثلة من السنة على الجدال المحمود كثيرة
ونذكر منها على سبيل المثال:
1- المجادلة التي دارت بين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم
وبينه وبين أبي بكر رضي الله عنه
في صلح الحديبية:
فعن شقيق بن سلمة قال:
((قام سهلُ بنُ حنيفٍ يومَ صفِّينَ
فقال: أيها الناسُ! اتهموا أنفسكم.
لقد كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الحديبيةِ.
ولو نرى قتالًا لقاتلنا. وذلك في الصلحِ الذي كان
بين رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبين المشركين
فجاء عمرُ بنُ الخطابِ.
فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
فقال: يا رسولَ اللهِ! ألسنا على حقٍّ وهم على باطلٍ؟
قالا (بلى) قال:
أليس قتلانا في الجنةِ وقتلاهم في النارِ؟
قال (بلى) قال: ففيمَ نُعطي الدنيَّةَ في ديننا
ونرجعُ ولما يحكم اللهُ بيننا وبينهم؟
فقال (يا ابنَ الخطابِ! إني رسولُ اللهِ.
ولن يُضيِّعني اللهُ أبدًا)
قال: فانطلق عمرُ فلم يصبر متغيِّظًا.
فأتى أبا بكرٍ فقال: يا أبا بكرٍ! ألسنا على حقٍّ
وهم على باطلٍ؟
قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنةِ وقتلاهم في النارِ؟
قال: بلى. قال: فعلام نُعطي الدنيَّةَ في ديننا
ونرجعُ ولما يحكمُ اللهُ بيننا وبينهم؟
فقال: يا ابنَ الخطابِ! إنَّهُ رسولُ اللهِ ولن يُضيِّعَه اللهُ أبدًا.
قال: فنزل القرآنُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
بالفتحِ. فأرسل إلى عمرَ فأقرأَه إياهُ.
فقال: يا رسولَ اللهِ! أو فتحٌ هوَ؟
قال (نعم) فطابت نفسُه ورجع.))
[5006] رواه مسلم ( 1785).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الجدال والمراء
*عبدالرحمن*
2021-04-01, 05:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
نماذج من الجدال المحمود في السنة النبوية
2- الجدال الذي دار بين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة
وبين النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب.
قال ابن كثير: قال ابن إسحاق:
((فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرابطًا
وأقام المشركون يحاصرونه بضعًا وعشرين ليلة
قريبًا من شهر، ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل.
فلما اشتدَّ على الناس البلاء
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم...
إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري
وهما قائدا غطفان، وأعطاهما ثلث ثمار المدينة
على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه
فجرى بينه وبينهم الصلح، حتى كتبوا الكتاب
ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة
[5007] المراوضة: المداراة
انظر ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص 644).
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك
واستشارهما فيه. فقالا: يا رسول الله
أمرًا تحبه فنصنعه
أم شيئًا أمرك الله به لا بدَّ لنا من العمل به
أم شيئًا تصنعه لنا؟
فقال: بل شيء أصنعه لكم
والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب
رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم
[5008] كالبوكم: تواثبوا عليكم، وأظهروا عداوتكم
وناصبوكم وجاهروكم بها.
((المصباح المنير)) للفيومي (2/537).
من كلِّ جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم
إلى أمر ما. فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله
قد كنَّا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان
لا نعبد الله ولا نعرفه
وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرًى
[5009] القرى: الإحسان إلى الضيف.
((العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (5/204).
أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له
وأعزَّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟
ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف
حتى يحكم الله بيننا وبينهم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت وذاك
. فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب
ثم قال: ليجهدوا علينا))
[5010] انظر: ((السيرة النبوية)) لابن كثير (3/201-202)
و((سيرة ابن هشام)) (2/223).
3- مجادلة ابن عباس للخوارج
فعن عبد الله بن عباس
قال: (لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار
وكانوا ستة آلاف فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين
أبرد بالصلاة، لعلي أكلم هؤلاء القوم. قال:
إني أخافهم عليك قلت: كلا، فلبست، وترجلت
ودخلت عليهم في دار نصف النهار
وهم يأكلون فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس
فما جاء بك؟
قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المهاجرين، والأنصار، ومن عند ابن عم
النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، وعليهم نزل القرآن
فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد
لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون
فانتحى لي نفر منهم قلت: هاتوا ما نقمتم على
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه
قالوا: ثلاث قلت: ما هن؟
قال: أما إحداهن
فإنه حكم الرجال في أمر الله
وقال الله: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ [الأنعام: 57]
ما شأن الرجال والحكم؟
قلت: هذه واحدة. قالوا: وأما الثانية
فإنه قاتل، ولم يسب، ولم يغنم
إن كانوا كفارًا لقد حل سباهم
ولئن كانوا مؤمنين ما حل سباهم ولا قتالهم
قلت: هذه ثنتان، فما الثالثة؟
وذكر كلمة معناها قالوا: محى نفسه من أمير المؤمنين
فإن لم يكن أمير المؤمنين
فهو أمير الكافرين. قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟
قالوا: حسبنا هذا. قلت: لهم أرأيتكم
إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه، وسنة نبيه
ما يرد قولكم أترجعون؟
قالوا: نعم قلت: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله
فإني أقرأ عليكم في كتاب الله
أن قد صير الله حكمه إلى الرجال
في ثمن ربع درهم
فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه أرأيت
قول الله تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ
وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ
مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ [المائدة: 95]
وكان من حكم الله أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه
ولو شاء لحكم فيه، فجاز من حكم الرجال
أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين
وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب؟
قالوا: بلى، هذا أفضل وفي المرأة وزوجها:
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا
مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا [النساء: 35]
فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم
وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة؟
خرجت من هذه؟
قالوا: نعم. قلت: وأما قولكم: قاتل ولم يَسْبِ
ولم يغنم. أفتسبون أمكم عائشة
تستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم؟
فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم
وإن قلتم: ليست بأمنا فقد كفرتم:
النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب: 6]
فأنتم بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج، أفخرجت من هذه؟
قالوا: نعم، وأما محي نفسه من أمير المؤمنين
فأنا آتيكم بما ترضون.
إن نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية
صالح المشركين فقال لعلي: اكتب يا علي:
هذا ما صالح عليه محمد رسول الله.
قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسول الله، امح يا علي
واكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله
والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من علي
وقد محى نفسه، ولم يكن محوه نفسه ذلك
محاه من النبوة، أخرجت من هذه؟
قالوا: نعم، فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم
فقُتِلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والأنصار)
[5011] رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (5/165) (8575)
آثار الجدال والمراء
1- الجدال والمراء غير المحمود من فضول الكلام
الذي يعاب عليه صاحبه.
2- قد يؤدي الجدال الباطل
إلى تكفير الآخرين أو تفسيقهم.
3- يدعو إلى التشفي من الآخرين.
4- يذكي العداوة، ويورث الشقاق بين أفراد المجتمع.
5- يقود صاحبه إلى الكذب.
6- يؤدي إلى التطاول والتراشق بالألسنة.
7- يؤدي بالمجادل إلى إنكار الحق ورده.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
أقوال السلف والعلماء في الجدال والمراء (https://dorar.net/akhlaq/1958/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1)
آداب الجدال المحمود (https://dorar.net/akhlaq/1964/%D8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF)
من أقوال الحكماء في الجدال والمراء (https://dorar.net/akhlaq/1973/%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1)
حِكم وأمثالٌ في الجدال والمراء (https://dorar.net/akhlaq/1971/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1)
ذم الجدال والمراء في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1975/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-04-02, 05:27
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ البُغْض والكَراهِية
معنى البُغْض:
البغض ضِدُّ الحُب، من بغَض الشيء بُغضًا: مقته وكرهه
فهو باغض وبغوض، والشيء مبغوض وبغيض
وبَغُضَ الشَّيء بَغاضة، فهو بَغِيض، وأبْغَضته إبغاضًا
فهو مُبْغَض، والاسم البُغْض
وبَغَّضَه الله تعالى للنَّاس فأَبْغَضُوه
والبِغَضَة والبَغْضاء: شِدَّة البُغْض
وتَباغض القوم: أبْغَض بعضهم بعضًا
[4658] ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص:637)
((المصباح المنير)) للفيومي (1/56)
((المعجم الوسيط)) (1/64).
والبغض هو نفور النَّفس عن الشَّيء الذي يرغب عنه
[4659] ((التوقيف على مهمات التعريف)) للمناوي (ص 81).
وقال الكفوي:
(البُغْضُ: عبارةٌ عن نفرة الطَّبع عن المؤْلِم المتْعِب
فإذا قوي يُسمَّى مَقْتًا)
[4660] ((الكليات)) (ص 398).
معنى الكَراهِية:
الكراهية خِلاف الرِّضا والمحبَّة
يقال: كَرِهْتُ الشَّيء أَكْرَهُه كَرَاهَةً وكَرَاهِيةً
فهو شيءٌ كَرِيهٌ ومَكْرُوهٌ. والكُرْهُ الاسم.
ويقال: بل الكُرْهُ: المشَقَّة
والكَرْهُ: أن تُكَلَّف الشَّيء فتعمله كارهًا.
ويقال: مِن الكُرْه الكَرَاهِيَة والكَرَاهِيَّة وأكْرَهتُه
على كذا: حملته عليه كَرْهًا
[4661] ((الصحاح)) للجوهري (2247)
((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/173)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/532).
وقال ابن عاشور:
(الكُرْه: الكَرَاهِية ونفرة الطَّبع مِن الشَّيء
ومثله الكَرْه على الأصحِّ)
[4662] ((التحرير والتنوير)) (2/320).
الفرق بين الكَرَاهَة وبعض الصِّفات
- الفرق بين الإِبَاء والكَرَاهَة:
قال أبو هلال العسكري:
(إنَّ الإِبَاء هو أن يمتنع
وقد يَكْرَه الشَّيء مَن لا يقدر على إبائه
وقد رأيناهم يقولون للملك: أبيت اللَّعن
ولا يعنون أنَّك تكره اللَّعن
لأنَّ اللَّعن يكرهه كلُّ أحدٍ
وإنَّما يريدون أنَّك تمتنع مِن أن تلعن وتشتم
لِمَا تأتي مِن جميل الأفعال، وقال الرَّاجز:
ولو أرادوا ظلمه أبينا
أي امتنعنا عليهم أن يظلموا
ولم يَرِدْ أنَّا نَكْرَه ظلمهم إيَّاه
لأنَّ ذلك لا مدح فيه
وقال الله تعالى: وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ [التَّوبة: 32]
أي: يمتنع مِن ذلك
ولو كان الله يأبى المعاصي كما يكرهها
لم تكن معصيةٌ ولا عاصٍ)
[4663] ((الفروق اللغوية)) (ص 8).
- الفرق بين البُغْض والكَرَاهَة:
قال أبو هلال العسكري:
(الفرق بين البُغْض والكَراهة أنَّه قد اتَّسع
بالبُغْض ما لم يتَّسع بالكَراهَة، فقيل: أُبْغِض زيدًا
أي: أُبْغِض إكرامه ونفعه، ولا يقال: أكرهه بهذا المعنى
كما اتَّسع بلفظ المحبَّة، فقيل: أُحِبُّ زيدًا
بمعنى: أحبُّ إكرامه ونفعه، ولا يقال: أريده
في هذا المعنى، ومع هذا فإنَّ الكَرَاهَة تُسْتَعمل
فيما لا يُسْتَعمل فيه البُغْض
فيقال: أَكْرَه هذا الطَّعام. ولا يقال: أَبْغُضه
كما تقول: أُحِبُّه. والمراد أنِّي أكره أكله
كما أنَّ المراد بقولك: أريد هذا الطَّعام
أنَّك تريد أكله أو شراءه)
[4664] ((الفروق اللغوية)) (ص 104).
- الفرق بين الكَراهَة ونُفُور الطَّبع:
قال أبو هلال: (إنَّ الكَرَاهَة ضدُّ الإرادة،
ونُفُور الطَّبع ضدُّ الشَّهوة
وقد يريد الإنسان شرب الدَّواء المرِّ مع نُفُور طبعه منه
ولو كان نُفُور الطَّبع كراهةً، لَمَا اجتمع مع الإرادة
وقد تُسْتَعمل الكَراهَة في موضع نُفُور الطَّبع مجازًا
وتُسمَّى الأمراض والأسقام: مكاره
وذلك لكثرة ما يَكْرَه الإنسان ما يَنْفِر طبعه منه)
[4665] ((الفروق اللغوية)) (ص451).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ البُغْض والكَراهِية
*عبدالرحمن*
2021-04-03, 05:41
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم البُغْض والكَرَاهِية والنهي عنهما في القرآن الكريم
- قال تعالى:
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ
وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة: 91].
قال الطبري:
(يقول تعالى ذكره: إنما يريد لكم الشيطان
شرب الخمر والمياسرة بالقداح، ويحسن ذلك لكم
إرادة منه أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء
في شربكم الخمر ومياسرتكم بالقداح
ليعادي بعضكم بعضًا، ويبغض بعضكم إلى بعض
فيشتت أمركم بعد تأليف الله بينكم بالإيمان
وجمعه بينكم بأخوة الإسلام
ويصدكم عن ذكر الله)
[4666] ((جامع البيان)) (10/565).
ذم البُغْض والكَرَاهِية والنهي عنهما في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إيَّاكم والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكذب الحديث
ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسدوا
ولا تباغضوا، ولا تدابروا
وكونوا عباد الله إخوانًا))
[4667] رواه البخاري (6064)، ومسلم (2563).
قال السعدي:
(فعلى المؤمنين أن يكونوا متحابِّين
متصافِّين غير متباغضين ولا متعادين
يسعون جميعهم لمصالحهم الكليَّة التي بها
قوام دينهم ودنياهم، لا يتكبَّر شريف على وضيع
ولا يحتقر أحدٌ منهم أحدًا)
[4668] ((بهجة قلوب الأبرار)) (ص 185).
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
((إذا فُتِحَت عليكم فارس والرُّوم، أيُّ قوم أنتم؟
قال عبد الرَّحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك
تتنافسون، ثمَّ تتحاسدون، ثمَّ تتدابرون
ثمَّ تتباغضون، أو نحو ذلك
ثمَّ تنطلقون في مساكين المهاجرين
فتجعلون بعضهم على رقاب بعض))
[4669] رواه مسلم (2962).
- عن الزُّبير بن العوَّام رضي الله عنه
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
((دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبَغْضَاء
هي الحالقة، لا أقول تحلق الشِّعر
ولكن تحلق الدِّين
والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّة حتى تؤمنوا
ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا
أفلا أُنبِّئكم بما يثبِّت ذلك لكم؟
أفشوا السَّلام بينكم))
[4670] رواه التِّرمذي (2510)
قال ملا علي القاري:
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دبَّ...
أي: نقل وسَرَى ومَشَى بخِفْيَة.
إليكم داء الأمم قبلكم؛ الحسد.
أي: في الباطن. والبَغْضَاء. أي: العداوة في الظَّاهر...
وسُمِّيا داءً؛ لأنَّهما داء القلب. هي. أي: البَغْضاء،
وهو أقرب مبنًى ومعنًى
أو كلُّ واحدة منهما. الحالقة. أي: القاطعة للمحبَّة
والألفة والصِّلة والجمعيَّة.
والخصلة الأولى هي المؤدِّية إلى الثَّانية
ولذا قُدِّمت. لا أقول: تحلق الشَّعر. أي: تقطع ظاهر البدن
فإنَّه أمرٌ سهل. ولكن تحلق الدِّين.
وضرره عظيم في الدُّنيا والآخرة.
قال الطِّيـبيُّ: أي: البَغْضاء تُذْهِب بالدِّين
كالموسى تُذْهِب بالشَّعر
وضمير المؤنَّث راجعٌ إلى البَغْضَاء)
[4671] ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3154).
- وعن أبي هريرة
عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:
((سيصيب أمَّتي داء الأمم
قالوا: يا نبيَّ الله، وما داء الأمم؟
قال: الأشَرُ والبَطَرُ، والتَّكاثر والتشاحن في الدُّنيا
والتَّباغض، والتَّحاسد حتى يكون البغي ثمَّ الهرج))
[4672] رواه الطَّبراني في ((المعجم الأوسط)) (9/23) (9016)
قال المناوي شارحًا هذا الحديث: (... ((الأَشَر)).
أي: كُفر النِّعمة. ((والبَطَر)): الطُّغيان عند النِّعمة
وشدَّة المرَح والفرح، وطول الغنى. ((والتَّكاثر)).
مع جمع المال. ((والتَّشاحن)). أي: التَّعادي
والتَّحاقد. ((في الدُّنيا والتَّباغض والتَّحاسد)).
أي: تمنِّي زوال نعمة الغير. ((حتى يكون البغي)).
أي: مجاوزة الحدِّ
وهو تحذيرٌ شديدٌ مِن التَّنافس في الدُّنيا
لأنَّها أساس الآفات، ورأس الخطيئات
وأصل الفتن، وعنه تنشأ الشُّرور)
[4673] ((فيض القدير)) (4/ 125).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ البُغْض والكَراهِية
*عبدالرحمن*
2021-04-04, 05:19
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام البَغْضاء والكَراهِية
تنقسم البَغْضَاء إلى قسمين:
الأوَّل: منهيٌّ عنه، محرَّمٌ مذموم.
الثَّاني: مأمورٌ به، مُثابٌ صاحبه، ومِن صوره:
1- بُغْضُ وكَرَاهِية الباطل:
فإنَّ حُبَّ الحقِّ وبُغْضَ وكَرَاهِيةَ الباطل فضيلةٌ خُلقيَّة
فعن عائشة: ((أنَّها أخبرته أنَّها اشترت نمرقة
[4682] نمْرِقة: وسادة صغيرة.
((شرح النووي على مسلم)) (14/90).
1فيها تصاوير، فلمَّا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم
قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكَراهِية
فقالت: يا رسول الله، أتوب إلى الله؛ ماذا أذنبت؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟
قالت: اشتريتها لتقعد عليها وتَوَسَّدَها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنَّ أصحاب هذه الصُّور يوم القيامة يعذَّبون
يقال لهم: أَحْيُوا ما خلقتم. وقال صلى الله عليه وسلم:
إنَّ البيت الذي فيه الصُّور لا تدخله الملائكة))
[4683] رواه البخاري (2105) (5181)، ومسلم (2107).
2- بُغْضُ وكَرَاهِية الكُفَّار والفُسَّاق:
قال تعالى:
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء
أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ[الممتحنة: 4]
قال ابن عاشور: (والبَغْضَاء: نُفْرَة النَّفس والكَراهِية
وقد تُطْلَق إحداهما في موضع الأخرى إذا افترقتا
فذِكْرُهما معًا هنا مقصودٌ به حصول الحالتين
في أنفسهم: حالة المعاملة بالعُدْوَان
وحالة النُّفْرَة والكَراهِية، أي نُسِيء معاملتكم
ونُضْمِر لكم الكَراهِية حتى تؤمنوا بالله وحده دون إشراك)
[4684] ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (28/145).
أقوال السَّلف والعلماء في الكَراهَة
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
(أَحْبِب حبيبك هونًا ما، عسى أن يكون بغيضك يومًا ما
وأبغض بغيضك هونًا ما
عسى أن يكون حبيبك يومًا ما)
[4674] رواه التِّرمذي (1997)
- وقال بعض الصَّحابة: (مَن أراد فضل العابدين
فليصلح بين النَّاس
ولا يوقع بينهم العداوة والبَغْضاء)
[4675] ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص: 521).
- وقال أبو حاتم: (حاجة المرء إلى النَّاس
مع محبَّتهم إيَّاه خيرٌ مِن غناه عنهم مع بغضهم إيَّاه
والسَّبب الدَّاعي إلى صدِّ محبَّتهم له هو التَّضايق
في الأخلاق وسوء الخُلُق
لأنَّ مَن ضاق خُلُقه سَئِمَه أهله وجيرانه
واستثقله إخوانه، فحينئذٍ تمنَّوا الخلاص منه
ودعوا بالهلاك عليه)
[4676] ((روضة العقلاء)) (66).
- وقال: (الواجب على النَّاس كافةً: مجانبة الإفكار
في السَّبب الذي يؤدِّي إلى البَغْضَاء والمشاحنة بين النَّاس
والسَّعي فيما يفرِّق جمعهم، ويُشتِّت شملهم)
[4677] ((روضة العقلاء)) (176).
- وقال ابن القيِّم:
(البُغْض والكَرَاهَة أصل كلِّ ترك ومبدؤه)
[4678] ((الجواب الكافي)) (ص 192).
- وقال الغزَّالي: (اعلم أنَّ الأُلفة ثمرة حسن الخُلُق
والتَّفرُّق ثمرة سوء الخُلُق، فحُسْن الخُلُق
يُوجِب التَّحابَّ والتَّآلف والتَّوافق
. وسوء الخُلُق يثمر التَّباغض والتَّحاسد والتَّدابر
ومهما كان المثْمِر محمودًا كانت الثَّمرة محمودة)
[4679] ((إحياء علوم الدين)) (2/ 157).
- وكان يقال: (أقبح الأشياء بالسُّلطان اللَّجَاج
وبالحكماء الضَّجر، وبالفقهاء سَخَافة الدِّين
وبالعلماء إفراط الحِرْص، وبالمقاتِلة الجُبْن
وبالأغنياء البخل، وبالفقراء الكِبْر، وبالشَّباب الكسل
وبالشُّيوخ المزاح، وبجماعة النَّاس التَّباغض والحسد)
[4680] ((بهجة المجالس)) لابن عبد البر (1/ 408).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ البُغْض والكَراهِية
*عبدالرحمن*
2021-04-05, 04:44
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الوقوع في البُغْض والكَرَاهِية
1- الغيبة والنَّمِيمَة
مِن الأسباب الرَّئيسة للكَرَاهِية والبَغْضَاء والتَّشاحن.
قال بعض الحكماء:
(النَّمِيمَة تهدي إلى القلوب البَغْضَاء
ومَن واجهك فقد شتمك
ومَن نقل إليك فقد نقل عنك
والسَّاعي بالنَّمِيمَة كاذبٌ لمن يسعى إليه
وخائن لمن يسعى به)
[4685] ((بحر الدموع)) لابن الجوزي (ص 130).
2- الكذب والغِشُّ؛ فإنَّه يترك أثر الكَرَاهِية
بين الغاشِّ والمغشوش.
3- قسوة القلب والغِلظَة والفَظَاظَة:
فهذه الأخلاق تنفِّر بين القلوب
وتشيع الكَرَاهِية والبَغْضَاء. قال تعالى:
وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159].
4- التَّجسُّس: فالتَّجسُّس سبيل إلى الكَرَاهَة
والبُغْض بين النَّاس.
قال ابن عثيمين:
(التجسس أذية، يتأذَّى به المتجسس عليه
ويؤدي إلى البغضاء والعداوة)
[4686] ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 251 – 252).
5- الغيرة: قال ابن القيِّم:
(إنَّ الغيرة تتضمَّن البُغْض والكَرَاهَة)
[4687] ((الصواعق المرسلة)) (4/1497).
6- عدم العدل عمومًا سببٌ مِن أسباب البغض
فعدم العدل بين الزَّوجات
يولِّد الحقد والكَراهِية بين الزَّوجات
وبين الزَّوج وزوجاته
وعدم العدل بين الأبناء يولِّد الشَّحناء والبَغْضاء
وتسود بينهم روح الكَرَاهِية.
7- التَّعدِّي على حقوق الإنسان
بأي نوعٍ مِن أنواع التَّعدِّي.
8- الاستئثار بالمنافع، وعدم إعطائها لمن يستحقُّها.
9- الجدال والمراء: حيث يورِث البَغْضَاء والكَرَاهِية.
10- الخيانة وعدم الأمانة.
11- الكِبْر سببٌ مِن أسباب البُغْض
فالمتكبِّر يبغض النَّاس ويبغضونه.
12- الحسد مِن أهمِّ وأقوى الأسباب
التي تُثِير البُغْض بين النَّاس
[4688] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (136).
13- كثرة العتاب واللوم، ومن أمثال العرب:
(كثرة العتاب توجب البَغْضاء)
[4689] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص 37).
آثار البُغْض والكَرَاهِية
1- سببٌ في الوقوع في الافتراء والبهتان على النَّاس
والتَّحامل عليهم عند الخصومة.
2- يتولَّد عنه الحقد الشَّديد للمَبْغُوض.
3- يتسبَّب في انتشار بعض الأمراض الاجتماعيَّة الخطيرة
التي تفتك بالمجتمع وتهدِّد لُحْمَته وتماسكه
كانتشار الإشاعات المغرضة
والتَّحاسد والتَّنافس غير المحمود.
4- سببٌ في فقدان الأمن والأمان في المجتمع
فإذا سادت الكَرَاهِية والبَغْضَاء، أحسَّ الفرد
أنه يعيش في غابة بين وحوش يتربَّصون به
ويتحيَّنون الفرص لأذيَّته
فيعيش في قلقٍ دائمٍ لا ينتهي.
5- يتسبب في فقدان الحبِّ في المجتمع الواحد
بل في العائلة الواحدة.
6- بسببه تضيع الثِّقة بين أفراد المجتمع
فلا تكاد تجد أحدًا يثق في أحدٍ.
7- انتفاء العدل في المجتمع المتَبَاغِض
ولهذا قيل للعادل:
هو الذي إذا غضب لم يُدْخِله غضبه في باطل
وإذا رضي لم يُخْرِجه رضاه عن الحقِّ.
8- البُغْض يتسبَّب إلى سوء الخُلُق
يقول الماورديُّ:
(البُغْض الذي تنفر منه النَّفس فتُحْدِث نفورًا على المبْغَض
فيؤول إلى سوء خُلُق يخصُّه دون غيره)
[4681] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 246).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ البُغْض والكَراهِية
*عبدالرحمن*
2021-04-05, 16:20
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على تجنُّب البُغْض والكَرَاهِية
1- الإحسان:
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصِّلت:34].
2- الإنصاف: فبالإنصاف تُنْـتَزَع صفات الحقد والكَرَاهِية
لتحلَّ محلَّها صفات الاحترام والحبِّ والتَّنافس في الخيرات.
3- المعاتبة دون إكثار: فالمعاتبة تنقِّي النُّفوس
مِن الشَّرِّ والكَرَاهِية، وتزيد المحبَّة والألفة
إذا كانت برفق ولين، دون جدال
مع حسن انتقاء الألفاظ
وبعد عن اللوم الشديد والتجريح.
4- الصَّبر.
5- البعد عن كلِّ ما مِن شأنه أن يكدِّر الصَّفو
ويشحن النُّفوس بالكَرَاهِية: كالجدال، والشَّتم
والغيبة والنَّمِيمَة والحسد
وغيرها مِن الأدواء والأمراض.
6- الإتيان بالوسائل التي توطِّد العلاقات، وترسِّخ الصِّلات
وتحبِّب المؤمنين إلى بعضهم: كإفشاء السَّلام
والتَّهادي بين النَّاس، والتَّعاون والتَّكافل وغيرها.
قال أبو حاتم البستي: (الواجب على العاقل
أن يلزم إفشاء السَّلام على العام...
والسَّلام ممَّا يذهب إفشاؤه بالمكْتَنِّ مِن الشَّحناء
وما في الخَلِد مِن البَغْضَاء
ويقطع الهجران ويصافي الإخوان)
[4690] ((روضة العقلاء)) (ص 74).
7- البعد عن التَّنافس المذموم على الدُّنيا الفانية
فإنَّه مِن أكبر أسباب البَغْضاء والكَراهِية.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
الأمثال في البُغْض والكَراهِية (https://dorar.net/akhlaq/1837/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%B6-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D 8%A9)
ذم البُغْض والكَرَاهِية في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/1839/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%B6-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D 8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
Ali Harmal
2021-04-05, 17:52
جزاك الله خيرا يا دكتور وبارك فيك وحفظك من كل شر ومكروة .
*عبدالرحمن*
2021-04-06, 04:37
جزاك الله خيرا يا دكتور وبارك فيك وحفظك من كل شر ومكروة .
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اللهم امين
اسعدني حضورك المميز مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-04-06, 04:51
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الغَضَب
معنى الغَضَب لغةً:
الغَضَب: بالتَّحْرِيكِ، ضدُّ الرِّضَا
. والغَضْبة: الصَّخرة الصلبة.
قالوا: ومنه اشتُقَّ الغَضَب
لأنَّه اشتدادُ السُّخط.
يقال: غَضِب يَغْضَبُ غَضَبًا
وهو غضبان وغَضُوب
[6511] انظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/428)
و((تاج العروس)) لمرتضى الزبيدي (3/485)
و((لسان العرب)) لابن منظور (1/648).
معنى الغَضَب اصطلاحًا:
الغَضَبُ: هو ثورَانُ دم القلب لقصد الانتقام
[6512] انظر: ((تاج العروس)) لمرتضى الزبيدي (3/485)
و((مفردات ألفاظ القرآن الكريم)) للراغب الأصفهاني (ص 75).
وقال الجرجاني:
(الغَضَبُ: تغير يحصل عند غليان دم القلب
ليحصل عنه التشفي للصَّدر)
[6513] ((التعريفات)) (ص 209).
وقيل: (هو غليانُ دم القلب
طلبًا لدفع المؤذي عند خشية وقوعه
أو طلبًا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه)
[6514] ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/396).
الفرق بين الغَضَب وبعض الصفات
- الفرق بين الغَضَب والسخط:
(أنَّ الغَضَب يكون من الصغير على الكبير
ومن الكبير على الصغير.
والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير
يقال: سخط الأمير على الحاجب
ولا يقال: سخط الحاجب على الأمير
ويستعمل الغَضَب فيهما.
والسخط إذا عديته بنفسه فهو خلاف الرضا
يقال: رضيه وسخطه
وإذا عديته بعلى فهو بمعنى الغَضَب
تقول: سخط الله عليه إذا أراد عقابه)
[6515] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 386).
- الفرق بين الغَضَب والغيظ:
(أنَّ الإنسان يجوز أن يغتاظ من نفسه
ولا يجوز أن يغضب عليها
وذلك أنَّ الغَضَب إرادة الضرر للمغضوب عليه
ولا يجوز أن يريد الإنسان الضرر لنفسه
والغيظ يقرب من باب الغم)
[6516] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 391).
- الفرق بين الغَضَب والاشتياط:
(أنَّ الاشتياط خفَّة تلحق الإنسان عند الغَضَب
وهو في الغَضَب كالطَّرب في الفرح
وقد يستعمل الطرب في الخفَّة التي تعتري من الحزن
والاشتياط لا يستعمل إلا في الغَضَب
ويجوز أن يقال: الاشتياط سرعة الغَضَب)
[6517] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 54).
الألفاظ المترادفة للفظة غَضِب
من الألفاظ المترادفة للفظة غضب:
(حرد، وتلظَّى، واغتاظ
وترغم، واستشاط، وتضرَّم، وحنق، وأسف
ونقم، وسخط، ووجد، وأحفظ، وأضمر)
[6600] ((الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى))
لأبي الحسن الرماني (ص 77).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
AbuHossam
2021-04-06, 10:11
جميل والله؛ جزاك الله خيرًا
تلوين بعض الجمل عن غيرها كان مميز حقًا
جزاك الله خيرا يا أخ عبد الرحمن
*عبدالرحمن*
2021-04-06, 15:45
جميل والله؛ جزاك الله خيرًا
تلوين بعض الجمل عن غيرها كان مميز حقًا
جزاك الله خيرا يا أخ عبد الرحمن
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-04-07, 05:28
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
النهي عن الغَضَب في السنة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال:
((لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب))
[6518] رواه البخاري (6116).
قال الخطابي: (معنى قوله: ((لا تغضب)).
اجتنب أسباب الغَضَب، ولا تتعرَّض لما يجلبه)
[6519] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/520).
وقال ابن التين:
(جمع صلى الله عليه وسلم في قوله: ((لا تغضب))
. خير الدنيا والآخرة
لأنَّ الغَضَب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق
وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه
فينتقص ذلك من الدين)
[6520] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/520).
وقال البيضاوي: (لعله لما رأى أنَّ جميع المفاسد
التي تعرض للإنسان إنما هي من شهوته، ومن غضبه
وكانت شهوة السائل مكسورة
فلما سأل عما يحترز به عن القبائح نهاه عن الغَضَب
الذي هو أعظم ضررًا من غيره
وأنَّه إذا ملك نفسه عند حصوله
كان قد قهر أقوى أعدائه)
[6521] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/520).
- عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلًا
أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
((يا رسول الله علمني كلمات أعيش بهن
ولا تكثر علي فأنسى
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب))
[6522] رواه مالك في ((الموطأ)) (5/1331) (3362)
قال الباجي: (قول السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
علمني كلمات أعيش بهن.
يحتمل أن يريد به أنتفع بها مدة عيشي
ويحتمل أن يريد به -والله أعلم - أستعين بها
على عيشي، ولا تُكثر عليَّ فأنسى
ولعله عرف من نفسه قلة الحفظ
فأراد الاختصار الذي يحفظه ولا ينساه
فجمع له النَّبي صلى الله عليه وسلم الخير في لفظ واحد
فقال له: ((لا تغضب))، ومعنى ذلك - والله أعلم -
أنَّ الغَضَب يفسد كثيرًا من الدين
لأنَّه يؤدي إلى أن يُؤذِي ويُؤذَى
وأن يأتي في وقت غضبه من القول والفعل
ما يأثم به، ويُؤثِم غيره، ويؤدي الغَضَب إلى البغضة
التي قلنا إنها الحالقة، والغَضَب أيضًا يمنعه كثيرًا
من منافع دنياه، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم:
((لا تغضب))، يريد -والله أعلم
- لا تُمضِ ما يبعثك عليه غضبك، وامتنع منه، وكفَّ عنه)
[6523] ((المنتقى شرح الموطا)) (7/214).
وقال ابن رجب في شرحه للحديث:
(فهذا الرَّجلُ طلب مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
أنْ يُوصِيه وصيةً وجيزةً، جامعةً لِخصال الخيرِ
ليحفظها عنه خشيةَ أنْ لا يحفظها؛ لكثرتها
فوصَّاه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ لا يغضب
ثم ردَّد هذه المسألة عليه مرارًا
والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يردِّدُ عليه هذا الجوابَ
فهذا يدلُّ على أنَّ الغَضَب جِماعُ الشرِّ
وأنَّ التحرُّز منه جماعُ الخير)
[6524] ((جامع العلوم والحكم)) (1/362).
- وعن سليمان بن صرد قال:
((استبَّ رجلان عند النَّبي صلى الله عليه وسلم
ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه مغضبًا
قد احمرَّ وجهه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
إنِّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد
لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
فقالوا للرَّجل: ألا تسمع ما يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم؟
قال: إني لست بمجنون))
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس الشَّديد بالصُّرَعة
إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب))
[6526] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609).
قال ابن بطال: (أراد عليه السلام
أن الذي يقوى على ملك نفسه عند الغضب
ويردها عنه هو القوى الشديد والنهاية في الشدة
لغلبته هواه المردي الذي زينه له الشيطان المغوي
فدل هذا أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو
لأن النبي عليه السلام جعل للذي يتمكن من نفسه
عند الغضب من القوة والشدة
ماليس للذي يغلب الناس ويصرعهم)
[6527] ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (9/296).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
Ali Harmal
2021-04-07, 18:42
جزاك الله خيرا يا دكتور احمد ربي يحفظك .
*عبدالرحمن*
2021-04-08, 04:50
جزاك الله خيرا يا دكتور احمد ربي يحفظك .
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-04-08, 05:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الغَضَب
ينقسم الغَضَب إلى قسمين:
غضب مذموم، وغضب ممدوح.
1- الغَضَب المذموم:
وهو الذي نُهي عنه وذُمَّ في الأحاديث التي
وردت وهو خلق سيئ
(لأنه يخرج العقل والدين من سياستهما
فلا يبقى للإنسان مع ذلك نظرٌ
ولا فكرٌ، ولا اختيار)
[6547] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص 232).
وقال ابن رجب: (وينشأ من ذلك – أي: من الغَضَب –
كثير من الأفعال المحرمة، كالقتل والضربِ
وأنواعِ الظلم والعُدوان
وكثير من الأقوال المحرَّمة، كالقذفِ والسبِّ والفحش
وربما ارتقى إلى درجة الكفر
كما جرى لجبلة بن الأيهم
[6542] هو ابن الحارث بن أبي شعر
واسمه المنذر بن الحارث
روي في أحاديث دخل بعضها في بعض
قالوا: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة
بن الأيهم ملك غسان يدعوه إلى الإسلام
فأسلم وكتب بإسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأهدى له هدية، ثم لم يزل مسلمًا حتى كان
زمن عمر بن الخطاب، فبينا هو في سوق دمشق
إذ وطئ رجلًا من مزينة، فوثب المزني فلطمه
فأخذه فانطلق به إلى أبي عبيدة بن الجراح
فقالوا: هذا لطم جبلة.
قال: فليلطمه. قالوا: أو ما يقتل؟
قال: لا، فقالوا: أفما تقطع يده؟
قال: لا، إنَّما أمر الله بالقود
قال جبلة: أترون أني جاعل وجهي ندًّا لوجه
جدي جاء من عمق؟
بئس الدين هذا! ثم ارتد نصرانيًّا
وترحل بقومه حتى دخل أرض الروم.
انظر: ((تاريخ دمشق)) (11/19).
وكالأيمان التي لا يجوزُ التزامُها شرعًا
وكطلاق الزوجة الذي يُعقِب الندمَ)
[6543] ((جامع العلوم والحكم)) (1/369).
2- الغَضَب المحمود:
وهو أن يكون لله عزَّ وجلَّ عند ما تنتهك حرماته
والغَضَب على أعدائه؛ من الكفَّار
والمنافقين، والطَّغاة، والمتجبِّرين
وقد ذكر القرآن ذلك للرُّسل الكرام في مواضع عديدة
ووردت أحاديث كثيرة تدل على
أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب لله عزَّ وجلَّ
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ
وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة:73].
قال الكلاباذي في قوله تعالى حكاية عن موسى:
مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي [طه: 92 -93]
قال: (فكانت تلك الحدَّة منه
والغَضَب فيه صفة مدح له
لأنَّها كانت لله وفي الله
كما كانت رأفة النَّبي صلى الله عليه وسلم
ورحمته في الله ولله، ثم كان يغضب حتى يحمرَّ وجهه
وتذَرَّ عروقه لله وفي الله
وبذلك وصف الله تعالى المؤمنين بقوله:
أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح:29]
وقال تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: 54])
[6548] ((معاني الأخبار)) (ص 358).
قال الباجي: (وأمَّا فيما يعاد إلى القيام بالحق
فالغَضَب فيه قد يكون واجبًا
وهو الغَضَب على الكفار والمبالغة فيهم بالجهاد
وكذلك الغَضَب على أهل الباطل
وإنكاره عليهم بما يجوز، وقد يكون مندوبًا إليه
وهو الغَضَب على المخطئ
إذا علمت أنَّ في إبداء غضبك عليه ردعًا له
وباعثًا على الحق
وقد روى زيد بن خالد الجهني
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لـمَّا سأله رجل
عن ضالة الإبل... وقال: ما لك ولها
. وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
لـمَّا شكا إليه رجلٌ معاذَ بن جبل
أنَّه يُطوِّل بهم في الصلاة)
[6549] ((المنتقى شرح الموطأ)) (7/214).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
*عبدالرحمن*
2021-04-09, 04:58
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
نماذج من غضب النَّبي صلى الله عليه وسلم
عندما تنتهك حرمات الله
النَّبي صلى الله عليه وسلم ما كان يغضب لنفسه
وما كان ينتصر لها
بل كان غضبه لله وحينما تنتهك حرماته.
وإليكم نماذج من غضب النَّبي صلى الله عليه وسلم
عندما تنتهك حرمات الله.
- عن عائشة رضي الله عنها قالت:
((دخل عليَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم
وفي البيت قرام فيه صور، فتلوَّن وجهه
ثم تناول الستر فهتكه، وقالت
قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: من أشد النَّاس
عذابًا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور))
[6565] رواه البخاري (6109)، ومسلم (2107).
- وعن أبي مسعود رضي الله عنه، قال:
((أتى رجل النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان
مما يطيل بنا، قال:
فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قطُّ أشد غضبًا في موعظة منه يومئذ
قال: فقال يا أيُّها الناس، إنَّ منكم منفِّرين
فأيُّكم ما صلى بالنَّاس فليتجوز فإنَّ فيهم المريض
والكبير، وذا الحاجة))
[6566] رواه البخاري (6110)، ومسلم (466).
- وعن عبد الله، رضي الله عنه
قال: ((بينا النَّبي صلى الله عليه وسلم يصلي
رأى في قبلة المسجد نخامة
فحكها بيده، فتغيَّظ
[6567] (فتغيظ) من الغيظ؛ وهو صفة
تعترض للرجل عند احتداده لمحركٍ لها.
((شرح أبي داود)) للعيني (2/392).
ثم م قال: إنَّ أحدكم إذا كان
في الصلاة فإنَّ الله حيال وجهه
فلا يتنخمنَّ حيال وجهه في الصلاة))
[6568] رواه البخاري (6111).
- وعن زيد بن خالد الجهني
أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن اللقطة فقال: ((عرِّفها سنة
ثُمَّ اعرف وكاءها وعفاصها
[6569] الوكاء هو الخيط الذي يشد به الوعاء.
((شرح النووي على مسلم)) (12/21).
[6570] العفاص بكسر العين وبالفاء والصاد المهملة
وهو الوعاء التي تكون فيه النفقة
جلدا كان أو غيره. ((شرح النووي على مسلم)) (12/21).
ثُمَّ استنفق بها، فإن جاء ربها فأدها إليه.
قال: يا رسول الله، فضالة الغنم؟
قال: خذها فإنَّما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب.
قال: يا رسول الله فضالة الإبل؟
قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى احمرت وجنتاه
[6571] الوجنة: هي اللحم المرتفع من الخدين.
((شرح النووي على مسلم)) (12/24).
أو احمر وجهه، ثم قال: ما لك ولها
معها حذاؤها ، وسقاؤها ، حتى يلقاها ربها))
[6572] الحذاء بكسر المهملة بعدها معجمة مع المد أي خفها.
((فتح الباري)) لابن حجر (5/83).
[6573] يريد أنها تقوى على ورود المياه.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (14/170).
[6574] رواه البخاري (2436)، ومسلم (1722).
- وعن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، قال:
((احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
حجيرة مخصفة
[6575] حجيرة مخصفة: ثوب أو حصير قطع به مكانًا
فى المسجد واستتر وراءه.
((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/295).
أو حصيرًا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي فيها، فتتبع إليه رجال
وجاؤوا يصلون بصلاته ثم جاؤوا ليلةً فحضروا
وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم
فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم
وحصبوا الباب، فخرج إليهم مغضبًا
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم
فعليكم بالصلاة في بيوتكم
فإنَّ خير صلاة المرء في بيته، إلا الصلاة المكتوبة))
[6576] رواه البخاري (6113)، ومسلم (781).
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه
((أنَّه قال: بينما يهوديٌّ يعرض سلعة له أعطي بها شيئا
كرهه أو لم يرضه، قال: لا: والذي اصطفى
موسى عليه السَّلام على البشر، فسمعه رجل
من الأنصار فلطم وجهه، قال: تقول: والذي
اصطفى موسى عليه السَّلام على البشر
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟
قال: فذهب اليهوديُّ
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا أبا القاسم، إنَّ لي ذمَّةً وعهدًا
وقال: فلان لطم وجهي
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لم لطمت وجهه؟
قال: قال يا رسول الله: والذي اصطفى
موسى عليه السَّلام على البشر، وأنت بين أظهرنا
قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتَّى عُرف الغَضَب في وجهه.
ثمَّ قال: لا تفضِّلوا بين أنبياء الله
فإنَّه ينفخ في الصُّور
فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلَّا من شاء الله
ثمَّ ينفخ فيه أخرى، فأكون أوَّل من بعث
أو في أوَّل من بعث
فإذا موسى عليه السَّلام آخذ بالعرش
فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطُّور
أو بعث قبلي، ولا أقول: إنَّ أحدًا أفضل
من يونس بن متَّى عليه السَّلام))
[6577] رواه البخاري (3414)، ومسلم (2373).
وعن عائشة رضي الله عنها ((أنَّها قالت:
رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر
فتنزَّه عنه ناس من النَّاس
فبلغ ذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم
فغضب حتَّى بان الغَضَب في وجهه
ثمَّ قال: ما بال أقوام يرغبون عمَّا رخِّص لي فيه
فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدَّهم له خشيةً))
[6578] رواه مسلم (2356).
- وعن أبي قتادة رضي اللّه عنه
أنَّه قال: ((رجل أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
فقال: كيف تصوم؟
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلمَّا رأى عمر رضي الله عنه غضبه
قال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّد نبيًّا
نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله.
فجعل عمر رضي اللّه عنه يردِّد
هذا الكلام حتَّى سكن غضبه))
[6579] رواه مسلم (1162).
- وعن أبي سعيد الخدري قال:
((كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدْرها
[6580] الخدر: ستر يمد للجارية في ناحية البيت.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/230).
فإذا رأى شيئًا يكرهه، عرفناه في وجهه
ولما بلَّغَه ابنُ مسعودٍ قَولَ القائل:
هذه قسمةٌ ما أريد بها وجه الله
شقَّ عليه صلى الله عليه وسلم، وتَغيَّر وجهه، وغَضِبَ
ولم يَزِدْ على أنْ قال:
قد أوذِيَ موسى بأكثرَ من هذا فصبر))
[6581] رواه البخاري (6102)، ومسلم (1062).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
*عبدالرحمن*
2021-04-10, 05:03
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
نماذج من أحوال الصحابة عند الغَضَب
عمر رضي الله عنه:
روي أن رجلًا قال لعمر:
(إنَّك لا تقضي بالعدل، ولا تعطي الحق
فغضب واحمرَّ وجهه، قيل له: يا أمير المؤمنين
ألم تسمع أنَّ الله يقول:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199]
وهذا جاهل، فقال: صدقت
فكأنما كان نارًا فأطفئت)
[6582] رواه البخاري (4642).
معاوية رضي الله عنه:
(خطب معاوية يومًا، فقال له رجل: كذبت.
فنزل مغضبًا فدخل منزله
ثم خرج عليهم تقطر لحيته ماءً
فصعد المنبر فقال: أيها الناس
إن الغَضَب من الشيطان، وإن الشيطان من النَّار
فإذا غضب أحدكم فليطفئه بالماء
ثم أخذ في الموضع الذي بلغه من خطبته)
[6583] رواه ابن قتيبة في ((عيون الأخبار)) (1/405).
عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
سبَّ رجل ابن عباس رضي الله عنهما
فلمَّا فرغ قال: يا عكرمة
هل للرجل حاجة فنقضيها؟
فنكس الرجل رأسه واستحى
[6584] رواه الثعلبي في ((تفسيره)) (9/80).
أبو الدَّرداء رضي الله عنه:
أسمعَ رجلٌ أبا الدرداءَ رضي الله عنه كلامًا
فقال: يا هذا، لا تغرقن في سبِّنا
ودع للصلح موضعًا
فإنَّا لا نكافئ من عصى الله فينا
بأكثر من أن نطيع الله فيه
[6585] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (252).
أبو ذر رضي الله عنه:
قال أبو ذر رضي الله عنه لغلامه:
(لِمَ أرسلت الشاة على علف الفرس؟
قال: أردت أن أغيظك
قال: لأجمعنَّ مع الغيظ أجرًا
أنت حرٌّ لوجه الله تعالى)
[6586] ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (2/227).
نماذج من حال السلف عند الغَضَب
علي بن الحسين:
حُكيَ أنَّ جارية كانت تصبُّ الماء لعلي بن الحسين
فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجَّه
أي: جرحه، فرفع رأسه إليها
فقالت له: إنَّ الله يقول: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
فقال لها: قد كظمت غيظي.
قالت: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ قال لها: قد عفوت عنك.
قالت: وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134]
قال: اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله
عمر بن عبد العزيز:
(غضب يومًا عمرُ بن عبد العزيز
فقالَ لهُ ابنُه: عبدُ الملكِ رحمهما الله:
أنتَ يا أميرَ المؤمنين مع ما أعطاك الله
وفضَّلك به تغضبُ هذا الغَضَب؟
فقال له: أو ما تغضبُ يا عبدَ الملك؟
فقال عبد الملك: وما يُغني عنِّي سعةُ جوفي
إذا لم أُرَدِّدْ فيه)
[6587] ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/366).
(وأسمعه رجل كلامًا، فقال له: أردتَ أن يستفزني الشيطان
بعزِّ السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا
انصرف رحمك الله)
[6588] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/290).
دخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة
فمرَّ برجل نائم فعثر به
فرفع رأسه وقال: أمجنون أنت؟
فقال عمر: لا. فهمَّ به الحرس، فقال عمر: مه
إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا
[6589] ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (5/397).
المهدي:
(قيل: غضب المهدي على رجل، فدعا بالسياط
فلمَّا رأى شبيب شدَّة غضبه، وإطراق الناس
فلم يتكلموا بشيء، قال: يا أمير المؤمنين
لا تغضبنَّ لله بأشد مما غضب لنفسه. فقال: خلُّوا سبيله)
[6590] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص 236).
عبد الله بن عون:
(روي عن القعنبي قال: كان ابن عون لا يغضب
فإذا أغضبه رجل قال: بارك الله فيك)
[6591] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (6/366).
(وكان لابن عون ناقة، يغزو عليها ويحجُّ
وكان بها مُعجبًا. قال: فأمر غلامًا له أن يستقي عليها
فجاء بها وقد ضربها على وجهها
فسالت عينها على خدها
فقلنا: إن كان من ابن عون شيء فاليوم!
قال: فلم يلبث أن نزل
فلما نظر إلى الناقة قال: سبحان الله
أفلا غير الوجه
بارك الله فيك اخرج عني، اشهدوا أنه حرٌّ)
[6592] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (6/371).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
DINE1994
2021-04-10, 09:38
جزاكم الله خيرا
*عبدالرحمن*
2021-04-11, 04:50
جزاكم الله خيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-04-11, 05:16
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
تفاوت الناس في سرعة الغَضَب
إنَّ طبائع الناس تتفاوت في سرعة الغَضَب ورجوعهم عنه
ويمكن تقسيمها إلى أقسام أربعة:
(الأول: بطيء الغَضَب سريع الفيء
أي: سريع الرجوع إلى حالة الهدوء واعتدال المزاج
وهذا خير الأقسام.
الثاني: سريع الغَضَب سريع الفيء
وسرعة الغَضَب خلق مذموم
إلا أنَّ سرعة الفيء فضيلة محمودة، فهذه بهذه.
الثالث: بطيء الغَضَب بطيء الفيء
أما بطء الغَضَب فخلق محمود يدل على الحلم
لكن بطء الفيء خلق مذموم، يدل على الحقد
وعدم التسامح، فهذه بهذه
ويظهر أن هذا القسم معادل للقسم الثاني.
الرابع: سريع الغَضَب بطيء الفيء، وهذا شر الأقسام
لأنه جمع الدائيْن معًا، وما اجتمع الداءان إلا ليقتلا
فسرعة الغَضَب خلق مذموم، وبطيء الفيء خلق مذموم
ويا بؤس من تلجئه الضرورة إلى معاشرة هذا القسم من الناس)
[6593] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها))
لعبد الرحمن حبنكة الميداني (2/330).
قال الراغب: (الغَضَب في الإنسان بمنزلة نار تشعل
والناس يختلفون فيه، فبعضهم كالحلفاء
[6594] الحلفاء: نبت أطرافه محددة
كأنها أطراف سعف النخل والخوص
ينبت في مغايض الماء والنزوز
((لسان العرب)) لابن منظور (9/56).
سريع الوقود وسريع الخمود، وبعضهم كالغضى
[6595] الغضى: شجر من الأثل خشبه من أَصْلَب الْخشب
وجمره يبْقى زَمَانا طَويلا لَا ينطفىء واحدته غضاة
. ((المعجم الوسيط)) (2/655).
بطيء الوقود بطيء الخمود
وبعضهم سريع الوقود بطيء الخمود
وبعضهم على عكس ذلك
وهو أحمدهم ما لم يكن مفضيًا
به إلى زوال حميته وفقدان غيرته
واختلافهم تارة يكون بحسب الأمزجة
فمن كان طبعه حارًّا يابسًا يكثر غضبه
ومن كان بخلافه يقلُّ، وتارة يكون بحسب اختلاف العادة
فمن الناس من تعوَّد السكون والهدوء
وهو المعبر عنه بالذَّلول والهيِّن والليِّن
ومنهم من تعود الطيش والانزعاج
فيحتدُّ بأدنى ما يطرقه
ككلب يسمع صوتًا فينبح قبل أن يعرف ما هو)
[6596] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص 345).
الأسباب المعينة على ترك الغضب
1- تغيير الحال بالجلوس والاضطجاع:
فعن أبي ذر رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس
فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع))
[6553] رواه أبو داود (4782)
وقال ابن مفلح: (ويستحب لمن غضب أن يغير حاله
فإن كان جالسًا قام واضجع، وإن كان قائمًا مشى)
[6554] ((الآداب الشرعية)) لابن مفلح (2/261).
2- الالتزام بوصية النَّبي صلى الله عليه وسلم
في عدم الغضب.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
((قلت: يا رسول الله، دلَّني على عمل يدخلني الجنَّة.
قال: لا تغضب))
[6555] رواه الطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (8/73)
3- ضبط النَّفس عن الاندفاع بعوامل الغَضَب.
4- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:
فعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال:
((كنتُ جالسًا معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
ورجلانِ يَستَبَّانِ، فأحدُهما احمَرَّ وجهُه وانتفخَتْ أوداجُه
فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
إني لأَعلَمُ كلمةً لو قالها ذهَب عنه ما يَجِدُ
لو قال: أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ، ذهَب عنه ما يَجِدُ))
[6556] رواه البخاري (3282).
وقال ابن القيِّم: (ولـمَّا كان الغَضَب والشهوة
جمرتين من نار في قلب ابن آدم، أمر أن يطفئهما بالوضوء
والصلاة، والاستعاذة من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى:
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ
أَفَلاَ تَعْقِلُونَ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ [البقرة: 44-45] الآية.
وهذا إنما يحمل عليه شدة الشهوة
فأمرهم بما يطفئون بها جمرتها
وهو الاستعانة بالصبر والصلاة
وأمر تعالى بالاستعاذة من الشيطان عند نزغاته
ولـمَّا كانت المعاصي كلها تتولد من الغَضَب والشهوة
وكان نهاية قوة الغَضَب القتل
ونهاية قوة الشهوة الزنى
جمع الله تعالى بين القتل والزنى
وجعلهما قرينين في سورة الأنعام
وسورة الإسراء، وسورة الفرقان، وسورة الممتحنة.
والمقصود: أنه سبحانه أرشد عباده إلى ما يدفعون
به شر قُوتَي الغَضَب والشهوة من الصلاة والاستعاذة)
[6557] ((زاد المعاد)) (2/463).
5- السكوت:
قال ابن رجب عن السكوت:
(وهذا أيضًا دواء عظيم للغضب
لأنَّ الغَضبان يصدر منه في حال غضبه من القول
ما يندم عليهِ في حال زوال غضبه كثيرًا من السِّباب
وغيره مما يعظم ضَرَرُه
فإذا سكت زال هذا الشرُّ كلُّه عنه
وما أحسنَ قولَ مورق العجلي رحمه الله: ما امتلأتُ غيظًا قَطُّ
ولا تكلَّمتُ في غضبٍ قطُّ بما أندمُ عليه إذا رضيتُ
[6558] ((جامع العلوم والحكم)) (1/366).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغَضَب
*عبدالرحمن*
2021-04-12, 05:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الأسباب المعينة على ترك الغضب
6- (أن يذكر الله عزَّ وجلَّ فيدعوه ذلك إلى الخوف منه
ويبعثه الخوف منه على الطاعة له
فيرجع إلى أدبه ويأخذ بندبه:
قال الله تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: 24]
قال عكرمة: يعني إذا غضبت. وقال سبحانه
: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف: 200]
ومعنى قوله ينزغنك أي: يغضبنك
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت: 36]
يعني أنَّه سميع بجهل من جهل
عليمٌ بما يُذهب عنك الغَضَب...
7- أن يتذكر ما يؤول إليه الغَضَب من الندم ومذمة الانتقام.
8 - أن يذكر انعطاف القلوب عليه، وميل النفوس إليه
فلا يرى إضاعة ذلك بتغير الناس عنه
فيرغب في التألف وجميل الثناء
[6559] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (258- 260)، بتصرف.
9- (أن يحذر نفسه عاقبة العداوة، والانتقام
وتشمير العدو في هدم أعراضه
والشماتة بمصائبه، فإن الإنسان لا يخلو عن المصائب
فيخوِّف نفسه ذلك في الدنيا إن لم يخف في الآخرة.
10- أن يتفكَّر في قبح صورته عند الغَضَب.
11- أن يتفكَّر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام
مثل أن يكون سبب غضبه أن يقول له الشيطان:
إن هذا يحمل منك على العجز، والذلة والمهانة
وصغر النفس، وتصير حقيرًا في أعين الناس
فليقل لنفسه: تأنفين من الاحتمال الآن
ولا تأنفين من خزي يوم القيامة والافتضاح
إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك! وتحذرين
من أن تصغري في أعين الناس
ولا تحذرين من أن تصغري عند الله تعالى
وعند الملائكة والنبيين!
12- أن يعلم أن غضبه إنَّما كان من شيء جرى
على وفق مراد الله تعالى، لا على وفق مراده
فكيف يقدم مراده على مراد الله تعالى)
[6560] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص 234) بتصرف.
13- أن يذكر ثواب من كظم غيظه:
قال سبحانه: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134].
(قوله: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
أي: إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم -
وهو امتلاء قلوبهم من الحنق
الموجب للانتقام بالقول والفعل-
هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية
بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ
ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم)
[6561] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (1/148).
وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ
وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى: 37].
(أي: قد تخلَّقوا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم
فصار الحلم لهم سجية، وحسن الخلق لهم طبيعة
حتى إذا أغضبهم أحد بمقاله أو فعاله
كظموا ذلك الغَضَب فلم ينفذوه، بل غفروه
ولم يقابلوا المسيء إلا بالإحسان والعفو والصفح
فترتب على هذا العفو والصفح
من المصالح ودفع المفاسد في أنفسهم
وغيرهم شيء كثير)
[6562] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (1/759).
وقال ابن كثير في تفسيره للآية:
(أي: سجيتهم وخلقهم وطبعهم
تقتضي الصفح والعفو عن الناس
ليس سجيتهم الانتقام من الناس)
[6563] ((تفسير القرآن العظيم)) (7/210).
وقال عزَّ وجلَّ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ
مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف: 201].
قال سعيد بن جبير: (هو الرجل يغضب الغَضَبة
فيذكر الله تعالى، فيكظم الغيظ)
[6564] ((معالم التنزيل)) للبغوي (3/318).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
غالب من يتَّصف بسرعة الغَضَب (https://dorar.net/akhlaq/2508/%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%B5%D9%81-%D8%A8%D8%B3%D8%B1%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B6%D8%A8)
ذم الغَضَب في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/2512/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B6%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-04-13, 04:48
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الانتِقَام
معنى الانتِقَام لغةً:
الانتقام مصدر انتقم
وأصل هذه المادة يدلُّ على إنكارِ شيءٍ وعَيبه
يقال: لم أَرْض منه حتى نَقِمْت وانتَقَمْت
إذا كافأَه عقوبةً بما صنَع. والنِّقْمَةُ العقوبة
وانْتَقَمَ الله منه أي: عاقَبَه، والاسم منه: النَّقْمة
ونَقَمْت ونَقِمْتُ: بالَغْت في كراهة الشَّيء
[4486] انظر: ((الصحاح)) للجوهري (5/2045)
((مقاييس اللغة)) لابن فارس(5/464)
((لسان العرب)) لابن منظور (12/590)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/623).
معنى الانتِقَام اصطلاحًا:
الانتقام هو: إنزال العقوبة مصحوبًا
بكراهية تصل إلى حدِّ السَّخط
[4487] ((نضرة النَّعيم)) (9/4007).
وقال أبو هلال العسكريُّ:
(الانتِقَام: سَلْبُ النِّعمة بالعذاب)
[4488] ((الفروق)) (ص 77).
- الفرق بين الانتِقَام والعقاب:
أنَّ الانتِقَام: سَلْبُ النِّعمة بالعذاب..
والعقاب: جزاء على الجُرم بالعذاب
لأنَّ العقاب نقيض الثَّواب، والانتِقَام نقيض الإنعام
[4489] ((الفروق)) (ص 77).
الانتِقَام في القرآن الكريم
- قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ
مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة: 194].
قال السعدي: (ولما كانت النُّفوس -في الغالب-
لا تقف على حدِّها إذا رُخِّص
لها في المعاقبة لطلبها التَّشفِّي -أي: الانتِقَام-
أمر تعالى بلزوم تقواه، التي هي الوقوف عند حدوده
وعدم تجاوزها
وأخبر تعالى أنَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة: 194]
أي: بالعون، والنَّصر، والتَّأييد، والتَّوفيق)
[4490] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 89).
- قال الله تعالى: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشُّورى: 37].
قال ابن جرير الطَّبري:
(وقوله: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ يقول تعالى ذكره:
وإذا ما غضبوا على من اجترم إليهم جُرمًا
هم يغفرون لمن أجرم إليهم ذنبه
ويصفحون عنه عقوبة ذنبه)
[4491] ((جامع البيان)) (21/545).
وقال أبو إسحاق: (ولم يقل هم يقتلون
وفي هذا دليل على أنَّ الانتِقَام قبيح فِعْله على الكِرَام
فإنَّهم قالوا: الكريم إذا قَدِر غَفَر
وإذا عثر بمساءة ستر
واللَّئيم إذا ظفر عقر، وإذا أَمِن غَدَر)
[4492] ((غرر الخصائص الواضحة)) (ص 501).
بيَّن الله سبحانه وتعالى أنَّ العفو عن المعتدي
-والتَّغاضي عن خطئه- أفضل مِن الانتِقَام منه.
- قال تعالى:لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ
إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 28
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ
فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [المائدة: 28-29].
فهابيل كان أقوى وأقدر على الانتِقَام والبطش
لكن منعه خوف الله.
الانتِقَام في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت:
((ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين أمرين إلَّا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا
فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه
وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه
إلا أن تُنتَهك حُرْمَة الله فينتقم لله بها))
[4494] رواه البخاري (3560)، ومسلم (2327).
- وعنها رضي الله عنها قالت:
(ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قطُّ بيده
ولا امرأة، ولا خادمًا، إلَّا أن يجاهد في سبيل الله
. وما نِيل منه شيء قطُّ، فينتقم مِن صاحبه
إلا أن يُنْتَهك شيء مِن محارم الله
فينتقم لله عزَّ وجلَّ)
[4495] رواه مسلم (2328).
قال ابن عثيمين: (حديث عائشة رضي الله عنها
أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب أحدًا
-لا خادمًا ولا غيره- بيده
إلَّا أن يجاهد في سبيل الله
وهذا مِن كرمه صلى الله عليه وسلم
أنَّه لا يضرب أحدًا على شيءٍ مِن حقوقه هو الخاصَّة به
لأنَّ له أن يعفو عن حقِّه
وله أن يأخذ بحقِّه. ولكن إذا انتُهِكت محارم الله
فإنَّه صلى الله عليه وسلم لا يرضى بذلك
ويكون أشدَّ ما يكون أخذًا بها
لأنَّه صلى الله عليه وسلم لا يُقرُّ أحدًا على
ما يُغضِب الله سبحانه وتعالى
وهكذا ينبغي للإنسان أن يحرص على أخذ العفو
وما عفي مِن أحوال النَّاس وأخلاقهم ويعرض عنهم
إلَّا إذا انتُهِكَت محارم الله، فإنَّه لا يقرُّ أحدًا على ذلك)
[4498] ((شرح رياض الصالحين)) (3/606).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الانتِقَام
*عبدالرحمن*
2021-04-14, 04:28
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
آثار الانتِقَام
للانتقام آثارٌ سيِّئةٌ تعود على المنتقم نفسه
ومِن هذه الآثار:
1- أنَّ صاحب هذه الصِّفة لا ينال السِّيادة والشَّرف:
عن داود بن رشيد قال: قالت حكماء الهند:
(لا ظفر مع بغي... ولا سؤدد مع انتقام)
[4508] ((المجالسة وجواهر العلم)) للدينوري (4/358).
وعن ابن الكلبيِّ عن أبيه، قال:
(كان سلم بن نوفل الدِّيليُّ سيِّد بني كِنَانة
فخرج عليه ذات ليلة رجل مِن قومه
فضربه بالسَّيف، فأُخِذ بعد أيامٍ
فأُتِيَ به سلم بن نوفل، فقال: ما الذي فعلت؟!
أما خشيت انتقامي؟!
قال: له فلِمَ سوَّدناك إلَّا أن تكَظْم الغَيْظ
وتعفو عن الجاني، وتَحْلُم عن الجاهل
وتحتمل المكروه في النَّفس والمال. فخلَّى سبيله
[4509] ((المجالسة وجواهر العلم)) للدينوري (4/498).
3- أنَّ المنتقم لا يجب شُكْرُه ولا يُحْمَد ذِكْرُه:
قال الأبشيهي: (قيل: مَن انتقم فقد شَفَى غَيْظه
وأخذ حقَّه، فلم يجب شُكرُه
ولم يُحمَد في العالمين ذِكْرُه)
[4511] ((المستطرف)) (ص 197).
4- أنَّ الانتِقَام يعقبه النَّدامة:
قال ابن القيِّم:
(فما انتقم أحدٌ لنفسه قطُّ إلَّا أعقبه ذلك ندامة)
[4512] ((مدارج السالكين)) (2/303).
5- يُوَلِّد بين النَّاس الأحقاد والضَّغائن.
حُكم الانتِقَام
الانتِقَام جائزٌ إذا انتُهِك شيءٌ مِن محارم الله
وأمَّا في غير ذلك العفو والصَّفح أولى وأفضل
فعن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قالت:
((ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين
إلَّا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا
فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه
وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه
إلَّا أن تُنْـتَهَك حُرْمَة الله، فينتقم لله بها))
[4513] رواه البخاري (3560)، ومسلم (2327).
والله سبحانه وتعالى قد أذن لمن اعتُدي عليه
أن يردَّ بالمثل على مَن اعتدى عليه، قال تعالى:
فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى [البقرة: 194]
وقال أيضًا: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا [الشُّورى: 40]
ومع هذا فقد بيَّن سبحانه وتعالى أنَّ العفو
عن المعتدي والتَّغاضي عن خطئه
أفضل مِن الانتِقَام منه قال تعالى:
فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشُّورى:40]
وهذا فيما يتعلَّق بحقوق العباد مِن ضربٍ
وتعدِّي أو تجنِّي ونحو ذلك.
وأمَّا إن كان الاعتداء حاصلًا في شيء مِن حقوق الله
كالجور في الحكم بين الخصوم
أو الخيانة في الأهل ونحو ذلك
فإنَّ الاعتداء بالمثْل حينئذ لا يجوز.
فليس لك أن تجور في الحكم، ولا أن تخونه في أهله
لأنَّ ذلك اعتداء على حقوق الله وحدوده.
قال القرطبيُّ في تفسير قوله تعالى:
وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ
فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشُّورى: 40].
وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا
قال العلماء: جعل الله المؤمنين صنفين
صنفٌ يعفون عن الظَّالم
فبدأ بذكرهم في وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشُّورى: 37]
وصنفٌ ينتصرون من ظالمهم.
ثمَّ بيَّن حدَّ الانتصار بقوله
: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا
فينتصر ممَّن ظلمه مِن غير أن يعتدي.
قال مقاتل وهشام بن حُجَير: هذا في المجروح
ينتقم مِن الجارح بالقِصَاص دون غيره مِن سبٍّ أو شتمٍ)
[4514] ((الجامع لأحكام القرآن)) (16/40).
قال ابن رجب الحنبليُّ:
(وأما قوله: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشُّورى: 39]
فليس منافيًا للعفو
فإنَّ الانتصار يكون بإظهار القُدْرة على الانتِقَام
ثمَّ يقع العفو بعد ذلك، فيكون أتمَّ وأكمل)
[4515] ((جامع العلوم والحكم)) (1/450).
قال الأبشيهي: (والذي يجب على العاقل
إذا أَمْكَنه الله تعالى أن لا يجعل العقوبة شيمته
وإن كان ولا بدَّ مِن الانتِقَام، فليرفق في انتقامه
إلَّا أن يكون حدًّا مِن حدود الله تعالى)
[4516] ((المستطرف)) للأبشيهي (ص 197).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الانتِقَام
*عبدالرحمن*
2021-04-15, 05:43
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك الانتِقَام
مِن الوسائل المعينة على ترك الانتِقَام:
1- تذكُّر انتقام الله مِن أهل معاصيه:
قال تعالى: أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [إبراهيم: 5].
قال: (أيَّامه التي انتقم فيها مِن أهل معاصيه مِن الأمم
خوَّفهم بها، وحذَّرهم إيَّاها
وذكَّرهم أن يصيبهم ما أصاب الذين مِن قبلهم)
[4518] ((جامع البيان)) للطَّبري (13/597).
2- العفو والصَّفح:
الإنسان إذا عفا وأحسن
أورثه ذلك مِن سلامة القلب لإخوانه
ونقائه مِن طلب الانتِقَام وإرادة الشَّرِّ
وحصل له مِن حلاوة العفو ما يزيد
لذَّته ومنفعته عاجلًا وآجلًا
[4519] ((جامع المسائل)) لابن تيمية (1/170).
قال ابن حبَّان: (ولم يُقْرَن شيءٌ إلى شيءٍ أحسن
مِن عفوٍ إلى مَقْدِرة. والحِلْم أجمل ما يكون
مِن المقتدر على الانتِقَام)
[4520] ((روضة العقلاء)) (ص 208).
وعن ابن السَّمَّاك أنَّ رجلًا مِن قريش -
عظيم الخطر في سالف الدَّهر- كان يطالب رجلًا بذَحْلٍ
وألحَّ في طلبه، فلمَّا ظفر به
قال: لولا أنَّ المقدرة تُذْهِب بالحفيظة
لانتقمت منك، ثمَّ عفا عنه
[4521] ((المجالسة وجواهر العلم)) للدينوري (3/429).
3- كَظْم الغَيْظ:
قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء
وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ
عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133-134].
قال السعدي: (قوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
أي: إذا حصل لهم مِن غيرهم أذيَّةٌ توجب غيظهم
وهو امتلاء قلوبهم مِن الحَنْق الموجب للانتقام
بالقول والفعل، هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطِّباع البشريَّة
بل يكظمون ما في القلوب مِن الغيظ
ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم)
[4522] ((تيسير الكريم الرحمن)) (1/148).
4- تجنُّب السُّخرية والاستهزاء بين أفراد المجتمع:
فشيوع أمثال هذه الأخلاق يبْذُر بذور العداوة والبغضاء
بين الناس، ويوَلِّد الرَّغبة في الانتِقَام.
5- الخوف مِن ضياع الزَّمان والعمر
وتفرُّق القلب وفَوْت المصالح:
أن يعلم أنَّه إذا اشتغلت نفسه بالانتِقَام وطلب المقَابَلة
ضاع عليه زمانه، وتفرَّق عليه قلبه
وفاته مِن مصالحه ما لا يمكن استدراكه
[4523] ((جامع المسائل)) لابن تيمية (1/170).
6- التَّفكير بأنَّ في الانتِقَام زيادة شرِّ الخصومة:
فإذا انتقم لنفسه، تسبَّب إلى زيادة شرِّ خصمه.
7- فراغ القلب مِن الاشتغال به والفِكْر فيه:
وأن يقصد أن يمحوه مِن باله كلَّما خطر له
فلا يلتفت إليه، ولا يخافه
ولا يملأ قلبه بالفِكر فيه
[4524] ((بدائع الفوائد)) لابن القيِّم (2/465).
8- الإقبال على الله والإخلاص له
وذلك في كلِّ وقت وحين.
9- دفع أسباب الانتِقَام: ومنها الغضب
: ولا يأتي إلَّا عند هيجانه
فلا بدَّ مِن معرفة العلاج للغضب عند هيجانه
حتى يتسنَّى للمرء التَّخلُّص مِن هذه المعضلة
وقد ذكر الغزَّالي أسباب علاج الغضب
فقال: (وإنَّما يُعَالَج الغضب عند هيجانه بمعجون
العلم والعمل، وأمَّا العلم فهو أمور:
الأوَّل: أن يتفكَّر فيما ورد في فضل كَظْم الغَيْظ
والعفو والحِلْم والاحتمال، فيرغب في ثوابه
وتمنعه الرَّغبة في الأجر عن الانتِقَام
وينطفئ عنه غيظه.
الثَّاني: أن يخوِّف نفسه بعقاب الله لو أمضى غضبه
وهل يأمن مِن غضب الله يوم القيامة
وهو أحوج ما يكون إلى العفو.
الثَّالث: أن يحذِّر نفسه عاقبة العداوة والانتِقَام
وتشمُّر العدو لمقابلته، والسَّعي في هدم أغراضه
والشَّماتة بمصائبه، وهو لا يخلو عن المصائب
فيخوِّف نفسه بعواقب الغضب في الدُّنيا
إن كان لا يخاف مِن الآخرة.
الرَّابع: أن يتفكَّر في قُبْح صورته عند الغضب
بأن يتذكَّر صورة غيره في حالة الغضب
ويتفكَّر في قُبْح الغضب في نفسه
ومشابهة صاحبه للكلب الضَّاري والسَّبع العادي
ومشابهة الحليم الهادي التَّارك للغضب للأنبياء
والأولياء والعلماء والحكماء
ويخيِّر نفسه بين أن يتشبَّه بالكلاب والسِّباع
وأراذل النَّاس، وبين أن يتشبَّه بالعلماء
والأنبياء في عادتهم؛ لتميل نفسه إلى حب
الاقتداء بهؤلاء إن كان قد بقي معه مُسْكَةٌ مِن عقل.
الخامس: أن يتفكَّر في السَّبب الذي يدعوه إلى الانتِقَام
ويمنعه مِن كَظْم الغَيْظ، مثل قول الشَّيطان له:
إنَّ هذا يحمل منك على العجز والذِّلَّة
وتصير حقيرًا في أعين النَّاس. فيقول لنفسه:
(ما أعجبك! تأنفين مِن الاحتمال الآن
ولا تأنفين مِن خزي يوم القيامة، ولا تحذرين مِن
أن تصغري عند الله والملائكة والنَّبيين).
فمهما كَظَم الغَيْظ فينبغي أن يكظمه لله
وذلك يعظِّمه عند الله، فما له وللنَّاس؟!
السَّادس: أن يستشعر لذَّة العفو، فلو علم النَّاس
أنَّ لذَّة العفو خيرٌ مِن لذَّة التَّشفِّي
لأنَّ العفو يأتي بالحمد، والتَّشفِّي يأتي بالنَّدم
لو علموا هذا ما انتقم لنفسه إنسان
لأنَّه لو فعل كلُّ إنسان هذا، وانتقم لنفسه لانحطَّ
عالم الإنسان إلى دَرْك السِّباع والوحوش.
وأمَّا العمل: فأن تقول بلسانك:
أعوذ بالله مِن الشَّيطان الرَّجيم
وإن كنت قائمًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فاضطجع
ويُستحبُّ أن يتوضأ بالماء البارد
فإنَّ الغضب مِن النَّار، والنَّار لا يطفئها إلا الماء
[4525] ((موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين))
للقاسمي (ص 208) وما بعدها، بتصرُّف وزيادة.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
أقوال السَّلف والعلماء في الانتِقَام (https://dorar.net/akhlaq/1768/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%85)
الحِكَم والأمثال في الانتِقَام (https://dorar.net/akhlaq/1778/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%85)
ذم الانتِقَام في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/1780/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-04-16, 05:38
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الحسد
معنى الحسد لغةً:
الحسد مصدره حسده يَحْسِدُه ويَحْسُدُه
حَسَدًا وحُسودًا وحَسادَةً
وحَسَّدَه: تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته
أو يسلبهما، وحَسَدَهُ الشيءَ وعليه
[5197] ((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص 277)
((تاج العروس)) للزبيدي (8/25).
معنى الحسد اصطلاحًا:
وقال الجرجاني:
(الحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد)
[5198] ((التعريفات)) (ص 87).
وقال الكفوي:
(الحسد: اختلاف القلب على الناس؛ لكثرة الأموال والأملاك)
[5199] ((الكليات)) (ص 408).
وعرفه الطاهر بن عاشور فقال:
(الحسد: إحساس نفساني مركب من استحسان
نعمة في الغير، مع تمني زوالها عنه؛ لأجل غيرة
على اختصاص الغير بتلك الحالة
أو على مشاركته الحاسد)
[5200] ((التحرير والتنوير)) (30/629).
الفرق بين الحسد وبعض الصفات
- الفرق بين الحسد والغبطة:
قال ابن منظور:
(الغبط أن يرى المغبوط في حال حسنة
فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة
من غير أن يتمنى زوالها عنه
وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له
وأما الحسد فهو أن يشتهي أن يكون له ما للمحسود
وأن يزول عنه ما هو فيه)
[5201] ((لسان العرب)) لابن منظور (7/359).
وقال الرازي: (إذا أنعم الله على أخيك بنعمة
فإن أردت زوالها فهذا هو الحسد
وإن اشتهيت لنفسك مثلها فهذا هو الغبطة)
[5202] ((مفاتيح الغيب)) (3/646).
وقد تسمى الغبطة حسدًا كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا
فسلط على هلكته في الحق
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها))
[5203] رواه البخاري (73) ومسلم (316).
وقد فسر النووي الحسد في الحديث فقال:
(هو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره
من غير زوالها عن صاحبها)
[5204] ((شرح النووي على مسلم)) (6/97).
- الفرق بين الحسد والمنافسة والمسابقة:
قال ابن القيم: (للحسد حدٌّ
وهو المنافسة في طلب الكمال
والأنفة أن يتقدَّم عليه نظيره
فمتى تعدَّى ذلك صار بغيًا وظلمًا يتمنى معه
زوال النعمة عن المحسود، ويحرص على إيذائه)
[5205] ((الفوائد)) (ص140).
وقال الغزالي: (والمنافسة في اللغة مشتقة من النفاسة
والذي يدلُّ على إباحة المنافسة قوله تعالى:
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26]
وقال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد: 21]
وإنما المسابقة عند خوف الفوت
وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما
إذ يجزع كلُّ واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى
عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها)
[5206] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/190).
وبيَّن الغزالي سبب المنافسة فأرجعها إلى: (إرادة مساواته
واللحوق به في النعمة، وليس فيها كراهة النعمة
وكان تحت هذه النعمة أمران: أحدهما:
راحة المنعم عليه، والآخر: ظهور نقصانه عن غيره
وتخلفه عنه، وهو يكره أحد الوجهين
وهو تخلُّف نفسه، ويحب مساواته له.
ولا حرج على من يكره تخلف نفسه ونقصانها في المباحات)
[5207] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/191).
وقد تنافس الصحابة في الخير
وبذلوا أسباب الكمال
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق
فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر
إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟
قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلِّ ما عنده
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟
قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت:
لا أسابقك إلى شيء أبدًا))
[5208] رواه أبو داود (1678)، والترمذي (3675).
ولكن المنافسة في أمور الدنيا تجر
غالبًا إلى الوقوع في الحسد والأخلاق الذميمة
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟
فقال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك
تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون))
[5209] رواه مسلم (2962).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
((والله لا الفقر أخشى عليكم
ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا
كما بسطت على من كان قبلكم
فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))
[5210] رواه البخاري (3158)، ومسلم (2961)، واللفظ للبخاري.
وقد نبَّه على ذلك الرازي فقال:
(لكن هاهنا دقيقة؛ وهي أن زوال النقصان
عنه بالنسبة إلى الغير له طريقان:
أحدهما: أن يحصل له مثل ما حصل للغير.
والثاني: أن يزول عن الغير ما لم يحصل له.
فإذا حصل اليأس عن أحد الطريقين فيكاد القلب
لا ينفكُّ عن شهوة الطريق الآخر
فهاهنا إن وجد قلبه بحيث لو قدر على إزالة تلك الفضيلة
عن ذلك الشخص لأزالها
فهو صاحب الحسد المذموم
وإن كان يجد قلبه بحيث تردعه التقوى عن إزالة تلك
النعمة عن الغير؛ فالمرجو من الله تعالى أن يعفو عن ذلك)
[5211] ((مفاتيح الغيب)) الرازي (3/647).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
*عبدالرحمن*
2021-04-17, 05:06
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الحسد والنهي عنه في القرآن الكريم
- قال تعالى:
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ
إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [سورة الفلق].
قال الرازي: (كما أنَّ الشيطان هو النهاية
في الأشخاص المذمومة، ولهذا السبب ختم الله
مجامع الشرور الإنسانية بالحسد، وهو قوله:
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَكما
ختم مجامع الخبائث الشيطانية بالوسوسة)
[5216] ((مفاتيح الغيب)) (1/226).
وقال الحسين بن الفضل:
(إنَّ الله جمع الشرور في هذه الآية وختمها بالحسد
ليعلم أنه أخسُّ الطبائع)
[5217] ((الكشف والبيان)) للثعلبي (10/340).
وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ
إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم
مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة: 109].
قال ابن عثيمين: (والآية تدلُّ على تحريم الحسد
لأنَّ مشابهة الكفار بأخلاقهم محرمة ...
والحاسد لا يزداد بحسده إلا نارًا تتلظى في جوفه
وكلما ازدادت نعمة الله على عباده ازداد حسرة
فهو مع كونه كارهًا لنعمة الله
على هذا الغير مضاد لله في حكمه
لأنَّه يكره أن ينعم الله على هذا المحسود
ثم إنَّ الحاسد أو الحسود مهما أعطاه الله من نعمة
لا يرى لله فضلًا فيها
لأنَّه لابدَّ أن يرى في غيره
نعمة أكثر مما أنعم الله به عليه، فيحتقر النعمة)
[5218] ((تفسير الفاتحة والبقرة)) (1/360).
وقال الثعالبي: (وقيل: إنَّ هذه الآية تابعةٌ
في المعنى لما تقدَّم من نَهْيِ اللهِ عزَّ وجلَّ
عن متابعة أقوال اليهود في: رَاعِنَا [البقرة: 104] وغيره
وأنهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيرٌ
ويودُّون أن يردوهم كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق
وهو نبوءة محمَّد صلَّى الله عليه وسلم)
[5219] ((الجواهر الحسان)) (1/302).
(وقال: حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ليبين أنَّ حسدهم
لم يكن عن شبهة دينية، أو غيرة على حقٍّ يعتقدونه
وإنما هو خبث النفوس، وفساد الأخلاق
والجمود على الباطل، وإن ظهر لصاحبه الحق)
[5220] ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (1/346).
- وقال سبحانه: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ
مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [النساء: 54].
قال القرطبي: (وهذا هو الحسد بعينه
الذي ذمَّه الله تعالى)
[5221] ((الجامع لأحكام القرآن)) (5/163) بتصرف يسير.
وقال أبو السعود: (مفيدة للانتقال من توبيخهم
بما سبق إلى توبيخهم بالحسد
الذي هو شرُّ الرذائل وأقبحها
لاسيما على ما هم بمعزل من استحقاقه)
[5222] ((إرشاد العقل السليم)) (2/190).
- وقال عزَّ مِن قائل: وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ
عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ
مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ
إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [النساء: 32].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية:
(والحسد مذموم، وصاحبه مغموم
وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ..
. ويقال: الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء
وأول ذنب عصي به في الأرض
فأما في السماء فحسد إبليس لآدم
وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل)
[5223] ((الجامع لأحكام القرآن)) (5/250).
وقال الزجاج: (قيل: لا ينبغي أن يتمنى الرجل
مال غيره ومنزل غيره، فإِن ذلك هو الحسد)
[5224] ((معاني القرآن وإعرابه)) (2/45).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
*عبدالرحمن*
2021-04-18, 05:18
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الحسد والنهي عنه في السنة النبوية
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا
[5225] لا تدابروا: أي لا يعطي كل واحد منكم
أخاه دبره وقفاه فيعرض عنه ويهجره.
((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/97).
وكونوا عباد الله إخوانًا))
[5226] رواه البخاري (6065)، ومسلم (2558).
قال ابن بطال: (وفيه: النهي عن الحسد على النعم
وقد نهى الله عباده المؤمنين عن أن يتمنوا
ما فضل الله به بعضهم على بعض
وأمرهم أن يسألوه من فضله)
[5227] ((شرح صحيح البخاري)) (9/258).
وقال الباجي: (أن تنافس أخاك
في الشيء حتى تحسده عليه
فيجر ذلك إلى الطعن والعداوة، فذلك الحسد)
[5228] ((المنتقى شرح الموطأ)) (7/216).
قال القاري: قال: (إياكم والحسد.
أي: في مال أو جاه دنيوي؛ فإنَّه مذموم
بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي.
فإن الحسد أي: باعتبار ما ينتج في حقِّ المحسود
من ارتكاب السيئات. يأكل الحسنات:
أي يفني ويذهب طاعات الحاسد.
كما تأكل النار الحطب.
لأنَّ الحسد يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود ونحوه
فيذهب حسناته في عرض ذلك المحسود
فيزيد المحسود نعمة على نعمة
والحاسد حسرة على حسرة
فهو كما قال تعالى: خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ [الحج:11])
[5229] ((مرقاة المفاتيح)) (8/3155).
وقال المناوي: (فإنَّ الحسد يأكل الحسنات. أي: يذهبها
ويحرقها، ويمحو أثرها. كما تأكل النار الحطب.
أي: اليابس؛ لأنه يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود
وشتمه، وقد يتلف ماله، أو يسعى في سفك دمه
وكل ذلك مظالم يقتصُّ منها في الآخرة
ويذهب في عوض ذلك حسنات
فلا حجة فيه للمعتزلة الزاعمين أنَّ المعاصي تحبط الطاعات)
[5230] ((فيض القدير)) (3/125).
وقال العظيم آبادي: (إياكم والحسد.
أي: احذروا الحسد في مال أو جاه دنيوي؛ فإنَّه مذموم
بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي
.فإن الحسد يأكل الحسنات.
أي: يفني ويذهب طاعات الحاسد)
[5231] ((عون المعبود)) (13/168).
- وعن قيس، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا حسد إلا في اثنتين:
رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها))
[5232] رواه البخاري (73) ومسلم (316).
قال النووي: (قال العلماء الحسد قسمان:
حقيقي ومجازي
فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها
وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة
وأما المجازي فهو الغبطة
وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره
من غير زوالها عن صاحبها
فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة
وإن كانت طاعة فهي مستحبة
والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين
وما في معناهما. قوله صلى الله عليه وسلم:
آناء الليل والنهار. أي ساعاته)
[5233] ((شرح النووي على مسلم)) (6/97).
قال ابن الجوزي: (وقد ذم الحسد
على الإطلاق لما ينتجه ويوجبه...
وأنَّ المراد بالحديث نفي الحسد فحسب
فقوله: لا حسد. كلام تام
وهو نفي في معنى النهي.
وقوله: إلا في اثنتين. استثناء ليس من الجنس)
[5234] ((كشف المشكل)) (1/289).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
*عبدالرحمن*
2021-04-19, 17:03
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الحسد
قسم العلماء الحسد إلى عدد من الأنواع
ومنهم ابن القيم الذي قسمه إلى ثلاثة أنواع:
1- حسد يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما؛ لا بقلبه
ولا بلسانه ولا بيده، بل يجد في قلبه شيئًا من ذلك
ولا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله.
2- تمني استصحاب عدم النعمة
فهو يكره أن يحدث الله لعبده نعمة
بل يحب أن يبقى على حاله؛ من جهله
أو فقره، أو ضعفه
أو شتات قلبه عن الله، أو قلة دينه.
3- حسد الغبطة؛ وهو تمني أن يكون
له مثل حال المحسود، من غير أن تزول النعمة عنه
فهذا لا بأس به ولا يعاب صاحبه
بل هذا قريب من المنافسة
[5257] ((بدائع الفوائد)) (2/237) بتصرف.
وقسمه الغزالي إلى أربعة أنواع
1- أن يحب زوال النعمة عنه
وإن كان ذلك لا ينتقل إليه، وهذا غاية الخبث.
2- أن يحب زوال النعمة إليه لرغبته في تلك النعمة
مثل رغبته في دار حسنة، أو امرأة جميلة
أو ولاية نافذة، أو سعة نالها غيره
وهو يحبُّ أن تكون له
ومطلوبه تلك النعمة لا زوالها عنه.
3- أن لا يشتهي عينها لنفسه، بل يشتهي مثلها
فإن عجز عن مثلها أحب زوالها كيلا يظهر التفاوت بينهما.
4- أن يشتهي لنفسه مثلها
فإن لم تحصل فلا يحب زوالها عنه
وهذا هو المعفو عنه إن كان في الدنيا
والمندوب إليه إن كان في الدين
[5258] ((إحياء علوم الدين)) (3/192) بتصرف.
آثار الحسد
الحسد مذموم مرذول، أجمل الماوردي مذمته في قوله
: (ولو لم يكن من ذمِّ الحسد إلا أنَّه خلق دنيء
يتوجَّه نحو الأكفاء والأقارب
ويختصُّ بالمخالط والمصاحب
لكانت النزاهة عنه كرمًا، والسلامة منه مغنمًا
فكيف وهو بالنفس مضرٌّ، وعلى الهمِّ مصرٌّ
حتى ربما أفضى بصاحبه إلى التلف
من غير نكاية في عدو، ولا إضرار بمحسود)
[5251] ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/269-270).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
*عبدالرحمن*
2021-04-21, 04:19
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
نماذج من الحساد
حسد إبليس
خلق الله جل وعلا آدم عليه السلام وشرَّفه وكرَّمه
وأمر الملائكة بالسجود له، ولكن إبليس تكبر وبغى
وحسده على هذه المنزلة؛ قال تعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ
فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ
أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي
مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف: 11-12]
قال قتادة: (حسد عدو الله إبليس آدم عليه السلام
ما أعطاه من الكرامة، وقال: أنا ناريٌّ وهذا طينيٌّ)
[5277] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/231).
. وقال ابن عطية: (أول ما عصي الله بالحسد
وظهر ذلك من إبليس)
[5278] ((المحرر الوجيز)) (3/469).
ومن شدة حسد إبليس أنه لما تبين مقت الله له
وغضبه عليه، أراد أن يغوي بني آدم
ليشاركوه المقت والغضب
وقد ذكر الله حال إبليس هذا، قال تعالى:
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ
وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف: 16-17]
قال ابن القيم: (الحاسد شبيه بإبليس
وهو في الحقيقة من أتباعه
لأنَّه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس
وزوال نعم الله عنهم
كما أنَّ إبليس حسد آدم لشرفه وفضله
وأبى أن يسجد له حسدًا، فالحاسد من جند إبليس)
[5279] ((بدائع الفوائد)) (2/234).
حسد قابيل لأخيه هابيل
قال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا
قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ
قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ
لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ
رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ
مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ
قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة: 27- 30]
(فإن آدم - عليه السلام - لما بعث إلى أولاده
كانوا مسلمين مطيعين
ولم يحدث بينهم اختلاف في الدين
إلى أن قتل قابيل هابيل؛ بسبب الحسد والبغي)
[5280] ((اللباب في علوم الكتاب))
لعمر بن علي النعماني (3/501).
حسد إخوة يوسف
قال تعالى: لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ
إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ
إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ اقْتُلُواْ يُوسُفَ
أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ
وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ [يوسف: 7- 9]
قال الماوردي: (كان يعقوب قد كلف بهما؛ لموت أمهما
وزاد في المراعاة لهما، فذلك سبب حسدهم لهما
وكان شديد الحبِّ ليوسف، فكان الحسد له أكثر
ثم رأى الرؤيا فصار الحسد له أشد)
[5281] ((النكت والعيون)) (3/9).
حسد كفار قريش
أكرم الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالرسالة
ولكن كفار قريش حسدوه على هذا الفضل
وظنوا أنَّ النبوة مبنية على مقاييسهم الدنيوية المختلة
وقد ذكر الله تعالى ذلك عنهم ووبخهم على سوء فهمهم
قال تعالى: وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ
مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا
بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ
فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا
وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف: 31- 32]
قال النسفي: (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ [القصص: 69]
تضمر صُدُورُهُمْ [القصص: 69]
من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسده
وما يعلنون من مطاعنهم فيه
وقولهم: هلا اختير عليه غيره في النبوة)
[5283] ((مدارك التنزيل)) للنسفي (2/654-255).
حسد المنافقين
المنافقون يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر والعداوة
وتكاد قلوبهم تشقق حسدًا وغيظًا وحقدًا، قال تعالى:
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ
بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا
إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 120]
قال ابن كثير: (وهذه الحال دالة على شدة العداوة
منهم للمؤمنين، وهو أنه إذا أصاب المؤمنين
خصب ونصر وتأييد، وكثروا وعز أنصارهم
ساء ذلك المنافقين، وإن أصاب المسلمين سنة أي جدب
أو أديل عليهم الأعداء لما لله تعالى في ذلك
من الحكمة كما جرى يوم أحد، فرح المنافقون بذلك)
[5284] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/108-109).
وقال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن
لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ [محمد: 29]
قال ابن كثير: (أيعتقد المنافقون أنَّ الله لا يكشف
أمرهم لعباده المؤمنين، بل سيوضح أمرهم
ويجليه حتى يفهمهم ذوو البصائر
وقد أنزل الله تعالى في ذلك سورة براءة
فبيَّن فيها فضائحهم، وما يعتمدونه من الأفعال
الدالة على نفاقهم، ولهذا كانت تسمى الفاضحة
والأضغان: جمع ضغن، وهو ما في النفوس من الحسد
والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره)
[5285] ((تفسير القرآن العظيم)) (7/321).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
*عبدالرحمن*
2021-04-22, 04:40
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الوقوع في الحسد
فصل الغزالي أسباب التحاسد في سبعة أمور هي:
1– (العداوة والبغضاء:
وهذا أشد أسباب الحسد، فإنَّ مَن آذاه شخص
بسبب من الأسباب، وخالفه في غرض بوجه من الوجوه
أبغضه قلبه، وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقد.
والحقد يقتضي التشفي والانتقام
فإن عجز المبغض عن أن يتشفَّى بنفسه أحبَّ
أن يتشفَّى منه الزمان، وربما يحيل ذلك على كرامة
نفسه عند الله تعالى، فمهما أصابت عدوه بلية فرح بها
وظنَّها مكافأة له من جهة الله على بغضه وأنها لأجله
ومهما أصابته نعمة ساءه ذلك؛ لأنَّه ضدُّ مراده
وربما يخطر له أنه لا منزلة له عند الله؛ حيث لم ينتقم له
من عدوه الذي آذاه، بل أنعم عليه.
2- التعزز:
وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره
فإذا أصاب بعض أمثاله ولاية، أو علمًا
أو مالًا خاف أن يتكبر عليه، وهو لا يطيق تكبره
ولا تسمح نفسه باحتمال صلفه
[5262] الصلف: مجاوزة القدر في الظرف والبراعة
والادعاء فوق ذلك تكبرا ((لسان العرب)) لابن منظور (9/ 196).
وتفاخره عليه، وليس من غرضه أن يتكبر
بل غرضه أن يدفع كبره، فإنَّه قد رضي بمساواته مثلًا
ولكن لا يرضى بالترفع عليه.
3- الكبر:
وهو أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه، ويستصغره
ويستخدمه، ويتوقَّع منه الانقياد له
والمتابعة في أغراضه، فإذا نال نعمة خاف
ألا يحتمل تكبره ويترفع عن متابعته، أو ربما يتشوَّف
[5263] تشوف: تطلع. ((مختار الصحاح)) للرازي (ص 170).
إلى مساواته، أو إلى أن يرتفع عليه، فيعود
متكبرًا بعد أن كان متكبرًا عليه.
4- التعجب:
فيجزع الحاسد من أن يتفضل عليه من هو مثله في الخلقة
لا عن قصد تكبر، وطلب رياسة
وتقدم عداوة، أو سبب آخر من سائر الأسبا.ب
5- الخوف من فوت المقاصد:
وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد
فإن كان واحد يحسد صاحبه في كلِّ نعمة تكون عونًا له
في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضرات
[5264] ضرة المرأة: امرأة زوجها
((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 486).
في التزاحم على مقاصد الزوجية، وتحاسد الإخوة
في التزاحم على نيل المنزلة في قلب الأبوين
للتوصل به إلى مقاصد الكرامة والمال
6- حب الرياسة وطلب الجاه:
وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في فنٍّ من الفنون
إذا غلب عليه حب الثناء، واستفزه الفرح بما يمدح به
من أنه واحد الدهر، وفريد العصر في فنه
وأنه لا نظير له، فإنه لو سمع بنظير له في أقصى
العالم لساءه ذلك، وأحبَّ موته، أو زوال النعمة عنه
التي بها يشاركه المنزلة؛ من شجاعة، أو علم
أو عبادة، أو صناعة، أو جمال، أو ثروة
أو غير ذلك مما يتفرد هو به، ويفرح بسبب تفرده.
7- خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى:
فإنك تجد من لا يشتغل برياسة وتكبر ولا طلب مال
إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى
فيما أنعم الله به عليه؛ يشقُّ ذلك عليه
وإذا وصف له اضطراب أمور الناس، وإدبارهم
وفوات مقاصدهم، وتنغص عيشهم فرح به
فهو أبدًا يحبُّ الإدبار لغيره، ويبخل بنعمة الله على عباده
كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته.
وهذا السبب معالجته شديدة
لأنَّ الحسد الثابت بسائر الأسباب أسبابه عارضة
يتصور زوالها فيطمع في إزالتها
وهذا خبث في الجبلة لا عن سبب عارض، فتعسر إزالته)
[5265] ((إحياء علوم الدين)) (3/192-194) بتصرف.
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الحسد
leonette
2021-04-22, 23:54
بارك الله فيك وجزاك خيرا
Kodi (https://kodi.software/) nox (https://nox.tips/)
*عبدالرحمن*
2021-04-23, 16:52
بارك الله فيك وجزاك خيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-04-24, 04:07
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على دفع شر الحاسد عن المحسود
ذكر ابن القيم عشرة أسباب تدفع شر الحاسد عن المحسود :
1- التعوذ بالله تعالى من شره، واللجوء والتحصن به
والله تعالى سميع لاستعاذته
عليم بما يستعيذ منه، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ
مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ
فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [سورة الفلق].
2- تقوى الله، وحفظه عند أمره ونهيه
فمن اتَّقى الله تولى الله حفظه
ولم يكله إلى غيره، قال تعالى:
وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران: 120]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله
بن عباس رضي الله عنهما:
((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك))
5272] رواه الترمذي (2516)
فمن حفظ الله، حفظه الله ووجده أمامه أينما توجه
ومن كان الله حافظه وأمامه، فممن يخاف؟!
3- الصبر على عدوه، وألا يقاتله، ولا يشكوه
ولا يحدث نفسه بأذاه أصلًا
فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه
والتوكل على الله، ولا يستطل تأخيره وبغيه
فإنه كلما بغى عليه، كان بغيه جندًا
وقوة للمبغي عليه المحسود، يقاتل به الباغي نفسه
وهو لا يشعر، فبغيه سهام يرميها من نفسه
وقد قال تعالى: وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ
بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ [الحج: 60]
فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنه قد استوفى
حقَّه أولًا، فكيف بمن لم يستوفِ شيئًا من حقِّه؟!
4- التوكل على الله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3] والتوكل من أقوى الأسباب
التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق
وظلمهم وعدوانهم، فإنَّ الله حسبه أي كافيه
ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه
ولا يضرُّه إلا أذى لا بد منه، كالحرِّ والبرد والجوع
والعطش، وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده
فلا يكون أبدًا، وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر
إيذاء له؛ وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه
وبين الضرر الذي يتشفى به منه.
5- فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه
وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له
فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه
ولا يجعل قلبه معمورًا بالفكر في حاسده، والباغي عليه
والطريق إلى الانتقام منه، فهذا التفكير مما لا يتسع
له إلا قلب خراب، لم تسكن فيه محبة الله
وإجلاله وطلب مرضاته، وهذا العلاج من أنفع الأدوية
وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره.
6- الإقبال على الله والإخلاص له
وجعل محبته وترضيه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه
وأمانيها، تدب فيها دبيب الخواطر شيئًا فشيئًا
حتى يقهرها، ويغمرها، ويذهبها بالكلية
فتبقى خواطره، وهواجسه
وأمانيه كلها في محابِّ الرب، والتقرب إليه، وتملقه
وترضيه، واستعطافه، وذكره.
7- تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه
فإنَّ الله تعالى يقول: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30]
وقال لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم:
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى
هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران: 165]
فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه
وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها
وما ينساه مما علمه وعمله أضعاف ما يذكره.
8- الصدقة والإحسان ما أمكنه
فإنَّ لذلك تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء
ودفع العين وشرِّ الحاسد، فما يكاد العين والحسد
والأذى يتسلط على محسن متصدق
وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملًا فيه باللطف
والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة.
9- إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه
فكلما ازداد أذى وشرًّا وبغيًا وحسدًا
ازددت إليه إحسانًا، وله نصيحة، وعليه شفقة
وهذا من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها
ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله، قال تعالى:
وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 34
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت: 34 – 36]
واعلم أنَّ لك ذنوبًا بينك وبين الله، تخاف عواقبها
وترجوه أن يعفو عنها، ويغفرها لك
ويهبها لك. ومع هذا ينعم الله عليك، ويكرمك
ويجلب إليك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمِّله
فإذا كنت ترجو هذا من ربِّك أن يقابل به إساءتك
فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه
وتقابل به إساءتهم؛ ليعاملك الله هذه المعاملة
فإنَّ الجزاء من جنس العمل.
10- تجريد التوحيد والانتقال بالفكر
إلى المسبب العزيز الحكيم
والعلم بأنَّ الحسد لا يضرُّ ولا ينفع إلا بإذنه
فهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه
قال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ
إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ [يونس: 107]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله
بن عباس رضي الله عنهما: ((واعلم أنَّ الأمة
لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك
إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك
لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك))
[5273] رواه الترمذي (2516)، وأحمد (1/307
وقال الجاحظ: (فإذا أحسست -رحمك الله-
من صديقك بالحسد، فأقلل ما استطعت من مخالطته
فإنَّه أعون الأشياء لك على مسالمته
وحصن سرَّك منه تسلم من شرِّه وعوائق ضرِّه
وإياك والرغبة في مشاورته، ولا يغرنك خدع ملقه
[5274] الملق: أن يعطي الرجل بلسانه ما ليس في قلبه
. ((لسان العرب)) لابن منظور (10/347).
وبيان ذلقه
[5275] الذلق: الفصاحة والبلاغة.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (10/110).
فإنَّ ذلك من حبائل نفاقه)
[5276] ((الرسائل)) (3/16).
[5271] ((بدائع الفوائد)) (238-245) بتصرف.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
وصف البلغاء والحكماء للحسد (https://dorar.net/akhlaq/2069/%D9%88%D8%B5%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%AF)
أقوال السلف والعلماء في الحسد (https://dorar.net/akhlaq/2036/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%AF)
ذم الحسد في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/2071/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-04-25, 07:00
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الغِيبة
معنى الغِيبة لغةً:
الغِيبة: الوَقيعة في النَّاس
لأنَّها لا تقال إلا في غَيْبَة
يقال: اغتابه اغتيابًا إذا وقع فيه
وذكره بما يكره من العيوب وهو حق، والاسم الغيبة
وهي ذكر العيب بظهر الغيب، وغابَه: عابه
وذكره بما فيه من السُّوء، كاغتابه
[6605] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/403)
((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (16/335)
((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص 121)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/457).
معنى الغِيبة اصطلاحًا:
قال ابن التين:
(الغِيبة ذكر المرء بما يكرهه بظهر الغيب)
[6606] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/469).
وعرَّفها الجوهري بقوله:
(أنْ يتكلَّم خلف إنسانٍ مستور بما يَغُمُّه لو سمعه
فإن كان صدقًا سُمِّيَ غِيبَةً
وإن كان كذبًا سمِّي بُهتانًا)
[6607] ((الصحاح في اللغة)) (1/196).
وقال المناوي:
(هي ذكر العيب بظهر الغيب
بلفظٍ، أو إشارةٍ، أو محاكاةٍ)
[6608] ((فيض القدير)) (3/166).
الفرق بين الغِيبة وبعض الصِّفات
- الفرق بين الغِيبة والإِفك والبُهتان:
قال الحسن: (الغِيبة ثلاثة أوجه
-كلها في كتاب الله تعالى-:
الغيبة، والإفك، والبهتان.
فأمَّا الغيبة، فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه.
وأما الإفك، فأن تقول فيه ما بلغك عنه.
وأما البهتان، فأن تقول فيه ما ليس فيه)
[6609] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (16/335).
وقال الجرجاني: (الغِيبة ذكر مساوئ
الإنسان التي فيه في غِيبة.
والبهتان ذكر مساوئ الإنسان، وهي ليست فيه)
[6610] ((التعريفات)) (ص 210).
- الفرق بين الغِيبة والنَّمِيمَة والغمز واللمز:
(الغيبةُ: ذكر الإنسان بما يكره لما فيها من مفسدة الأعراض.
والنَّمِيمَة: أن ينقل إليه عن غيره أنه يتعرض لأذاه
لما فيها من مفسدة إلقاء البغضاء بين الناس
ويستثنى منها أنَّ فلانًا يقصد قتلك في موضع كذا
أو يأخذ مالك في وقت كذا، ونحو ذلك
لأنَّه من النَّصيحة الواجبة كما تقدم في الغيبة.
والغمز: أن تعيب الإنسان بحضوره.
واللمز: بغيبته وقيل بالعكس)
[6611] ((الذخيرة)) للقرافي (ص 241).
ذم الغِيبة والنهي عنها في القرآن الكريم
- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات:12].
قال الشوكاني: (فهذا نهي قرآني عن الغِيبة
مع إيراد مثل لذلك، يزيده شدَّةً وتغليظًا
ويوقع في النفوس من الكراهة والاستقذار لما فيه
ما لا يقادر قدره، فإنَّ أكل لحم الإنسان من أعظم
ما يستقذره بنو آدم جبلةً وطبعًا، ولو كان كافرًا
أو عدوًّا مكافحًا، فكيف إذا كان أخًا في النسب
أو في الدين؟!
فإنَّ الكراهة تتضاعف بذلك، ويزداد الاستقذار
فكيف إذا كان ميِّتًا؟! فإن لحم ما يستطاب ويحل أكله
يصير مستقذرًا بالموت، لا يشتهيه الطبع، ولا تقبله النفس
وبهذا يعرف ما في هذه الآية من المبالغة
في تحريم الغِيبة، بعد النهي الصريح عن ذلك)
[6612] ((الفتح الرباني)) (11/5567-5568).
- وقال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة: 1].
قال مقاتل بن سليمان:
وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ يعني الطعان المغتاب
الذي إذا غاب عنه الرجل اغتابه من خلفه)
[6613] ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/837).
(وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه
ويأكل لحوم الناس، ويطعن عليهم)
[6614] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (8/481).
- وقال تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: 36].
- قال الرازي: (القفو هو البهت، وأصله من القفا
كأنه قول يقال خلفه، وهو في معنى الغِيبة
وهو ذكر الرجل في غَيبته بما يسوءه)
[6615] ((مفاتيح الغيب)) (20/339).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغِيبة
*عبدالرحمن*
2021-04-26, 04:02
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الغِيبة والنهي عنها في السُّنة النَّبَويَّة
- عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ((أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم
قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل أفرأيت إن كان
في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول
فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته))
[6616] رواه مسلم (2589).
قال الغزالي: (اعلم أن الذكر باللسان إنما حرم
لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك وتعريفه بما يكرهه
فالتعريض به كالتصريح والفعل فيه كالقول والإشارة
والإيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة
وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام)
[6617] ((إحياء علوم الدين)) (3/144).
- وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنَّه قال:
((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين
فقال: إنَّهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير
ثُمَّ قال: بلى، أمَّا أحدهما: فكان يسعى بالنَّمِيمَة
وأما الآخر: فكان لا يستتر من بوله
قال: ثُمَّ أخذ عودًا رطبًا، فكسره باثنتين
ثُمَّ غرز كل واحد منهما على قبر
ثُمَّ قال: لعله يُخفف عنهما مالم ييبسا..))
[6618] رواه البخاري (6052)، ومسلم (292).
قال العيني: (الترجمة مشتملة على شيئين:
الغِيبة والنَّمِيمَة، ومطابقة الحديث للبول ظاهرة
وأما الغِيبة فليس لها ذكر في الحديث
ولكن يوجه بوجهين، أحدهما: أنَّ الغِيبة من لوازم النَّمِيمَة
لأنَّ الذي ينمُّ ينقل كلام الرَّجل الذي اغتابه
ويقال: الغِيبة والنَّمِيمَة أختان
ومن نمَّ عن أحد فقد اغتابه. قيل: لا يلزم من الوعيد
على النَّمِيمَة ثبوته على الغِيبة وحدها
لأنَّ مفسدة النَّمِيمَة أعظم وإذا لم تساوها لم يصح الإلحاق.
قلنا: لا يلزم من اللحاق وجود المساواة
والوعيد على الغِيبة التي تضمنتها النَّمِيمَة موجود
فيصح الإلحاق لهذا الوجه. الوجه الثاني:
أنه وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ الغِيبة
وقد جرت عادة البخاري في الإشارة
إلى ما ورد في بعض طرق الحديث)
[6619] ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني (8/208).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: حسبك
من صفيَّة كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم:
((لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته))
[6620] رواه أبو داود (4875)
قال المناوي: (قال النووي: هذا الحديث
من أعظم الزواجر عن الغِيبة أو أعظمها
وما أعلم شيئًا من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ)
[6621] ((فيض القدير)) (2/411).
(فإذا كانت هذه الكلمة بهذه المثابة
في مزج البحر، الذي هو من أعظم المخلوقات
فما بالك بغيبة أقوى منها)
[6622] ((دليل الفالحين)) لابن علان (8/352).
وقال ابن عثيمين: (معنى مزجته:
خالطته مخالطة يتغير بها طعمه
أو ريحه، لشدة نتنها، وقبحها
وهذا من أبلغ الزواجر عن الغِيبة)
[6623] ((شرح رياض الصالحين)) (6/126).
- وعن أبي بكرة رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
يوم النحر بمنى: ((إنَّ دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم
حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا
في بلدكم هذا، ألا هل بلغت))
[6624] رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).
قال النووي: (المراد بذلك كله، بيان توكيد
غلظ تحريم الأموال، والدماء
والأعراض، والتحذير من ذلك)
[6625] ((شرح النووي على مسلم)) (11/169).
الغِيبة لا تقتصر على اللسان
إن الشرع حرَّم الغِيبة باعتبارها تصريح باللسان
يفهم منه استنقاص الآخرين وذكر عيوبهم
وكذلك فإنَّ كل فعل أو حركة أو كتابة
توحي بالمقصود فهي غيبة.
غيبة العلماء ومن لهم شأن في الإسلام:
لا شك أن الوقيعة في المؤمنين حرام
وأنها من كبائر الذنوب
وأن أشدَّ أنواعها (غيبة العلماء والوقيعة في العلماء
والكلام على العلماء بما يجرحهم...
لأنَّه يترتب عليه فصل الأمة عن علمائها
ويترتب عليه عدم الثقة بأهل العلم
وإذا حصل هذا حصل الشر العظيم)
[6683] ((ما يجب في التعامل مع العلماء)) صالح الفوزان (ص 17).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغِيبة
*عبدالرحمن*
2021-04-28, 03:45
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الغِيبة
للغيبة ثلاثة أقسام:
1- الغِيبة المحرمة:
وهي ذكرك أخاك المسلم في غيبته بما يكره بعيب فيه مخفي
سواء كان هذا العيب خَلْقي أم خُلُقي
في دينه أو دنياه، ولا شك أنَّه محرم في الكتاب، والسنة
والإجماع، للأدلة الواردة سلفًا في هذا الباب.
قال ابن القيم -وهو يتحدث عن الغِيبة-:
(وإذا وقعت على وجه ذم أخيك، وتمزيق عرضه
والتفكه بلحمه، والغض منه
لتضع منزلته من قلوب الناس، فهي الداء العضال
ونار الحسنات التي تأكلها كما تأكل النار الحطب)
[6667] ((الروح)) (ص 240).
2- الغِيبة الواجبة:
هي الغِيبة التي بها يحصل للفرد نجاة مما لا يحمد عقباه
أو مصيبة كانت محتملة الوقوع به
مثل التي تطلب للنصيحة عند الإقبال على الزواج
لمعرفة حال الزوج، أو كأن يقول شخص لآخر محذرًا له
من شخص شرير: إن فلان يريد قتلك في المكان الفلاني
أو يريد سرقة مالك في الساعة الفلانية
وهذا من باب النصيحة.
3- الغِيبة المباحة:
كما أن الغِيبة محرمة لما فيها من أضرار تمس الفرد
إلا أنَّها مباحة بضوابطها لغرض شرعي صحيح
لا يمكن الوصول لهذا الغرض إلا بهذه الغِيبة
وبدون هذه الضوابط تصبح محرمة.
قال النووي: (اعلم أنَّ الغِيبة تباح لغرض صحيح شرعي
لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أبواب:
الأول:
التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي
وغيرهما مما له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه
فيقول: ظلمني فلان كذا.
الثاني:
الاستعانة على تغيير المنكر ورد المعاصي إلى الصواب
فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر:
فلان يعمل كذا، فازجره عنه.
الثالث:
الاستفتاء، فيقول: للمفتي: ظلمني أبي
أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا.
الرابع:
تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم.
الخامس:
أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر
ومصادرة الناس وأخذ المكس وغيرها.
السادس: التعريف، فإذا كان الإنسان معروفًا بلقب الأعمش
والأعرج والأصم، والأعمى والأحول
وغيرهم جاز تعريفهم بذلك.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليها
دلائلها من الأحاديث الصحيحة مشهورة)
[6668] ((رياض الصالحين)) للنووي (2/182) بتصرف.
قال ابن الأمير الصنعاني:
(قال عيسى لا غيبة في ثلاث: إمام جائر
وفاسق معلن، وصاحب بدعة.
قال محمد بن رشد: إنما لم يكن في هؤلاء غيبة
لأن الغِيبة إنما هي بأن يذكر من الرجل ما يكره
أن يذكر عنه لمن لا يعلم ذلك منه، والإمام الجائر
والفاسق المعلن، قد اشتهر أمرهما عند الناس
فلا غيبة في أن يذكر من جور الجائر وفسق الفاسق
ما هو معلوم من كل واحد منهما
وصاحب البدعة يريد ببدعته، ويعتقد أنه على الحق فيها
وأنَّ غيره على الخطأ في مخالفته في بدعته
فلا غيبة فيه؛ لأنَّه إن كان معلنًا بها فهو يحب
أن يذكر بها، وإن كان مستترًا بها فواجب
أن يذكر بها، ويحفظ الناس من اتباعه عليها)
[6670] ((البيان والتحصيل)) لابن رشد القرطبي (17/575).
فإذا وقعت الغِيبة على وجه النصيحة لله، ورسوله
وعباده المسلمين، فهي قربة إلى الله
من جملة الحسنات
[6671] ((الروح)) لابن القيم (ص 240).
أمورٌ ينبغي مراعاتها عند الغِيبة المباحة
إن للغيبة المباحة -التي أباحها الشارع للضرورة-
ضوابط ينبغي مراعاتها، ومن هذه الضوابط:
(1- الإخلاص لله تعالى في النية، فلا تقل ما أبيح لك
من الغِيبة تشفِّيًا لغيظ
أو نيلًا من أخيك، أو تنقيصًا منه.
2- عدم تعيين الشخص ما أمكنك ذلك.
3- أن تذكر أخاك بما فيه، بما يباح لك
ولا تفتح لنفسك باب الغِيبة على مصراعيه
فتذكر ما تشتهي نفسك من عيوبه.
4- التأكد من عدم وقوع مفسدة أكبر من هذه الفائدة)
[6672] ((حصائد الألسن)) لحسين العوايشة (89-90).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغِيبة
*عبدالرحمن*
2021-04-29, 03:54
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
حُكم الغِيبة
قال ابن كثير: (والغِيبةُ محرَّمةٌ بالإجماع
ولا يُستثنى من ذلك، إلا ما رجحت مصلحته
كما في الجرح والتعديل، والنصيحة)
[6657] ((تفسير القرآن العظيم)) (7/380).
واعتبر ابن حجر الهيتمي الغِيبة من الكبائر حيث قال:
(الذي دلت عليه الدلائل الكثيرة الصحيحة الظاهرة
أنَّها كبيرة، لكنها تختلف عظمًا
وضده بحسب اختلاف مفسدتها.
وقد جعلها من أوتي جوامع الكلم عديلة غصب المال
وقتل النفس، بقوله صلى اللّه عليه وسلم:
((كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه))
[6658] رواه مسلم (2564).
والغصب والقتل كبيرتان إجماعًا، فكذا ثلم العرض)
[6659] ((الزواجر)) (2/555).
حُكم سماع الغِيبة
إن سماع الغِيبة والاستماع إليها لا يجوز
فقائل الغِيبة وسامعها في الإثم سواء.
ففي فتاوى اللجنة الدائمة إجابة عن سؤال
حكم سماع الغيبة: ((سماع الغيبة محرم
لأنه إقرار للمنكر، والغيبة كبيرة من كبائر الذنوب
يجب إنكارها على من يفعلها))
[6660] ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (26/18).
و(قال مولى لعمرو بن عتبة بن أبي سفيان:
رآني عمرو بن عتبة وأنا مع رجل
وهو يقع في آخر، فقال: لي: ويلك - ولم يقلها لي
قبلها ولا بعدها - نزِّه سمعك عن استماع الخنا
كما تنزه لسانك عن القول به
فإن المستمع شريك القائل، وإنما نظر إلى شرِّ
ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو رددت كلمة سفيه
في فيه لسعد بها رادها، كما شقي بها قائلها)
[6661] ((ذم الغيبة والنَّمِيمَة)) لابن أبي الدنيا (ص 163).
وكان ميمون بن سياه لا يغتاب
ولا يدع أحدًا يغتاب
ينهاه فإن انتهى، وإلا قام
[6662] ((ذم الغيبة والنَّمِيمَة)) لابن أبي الدنيا (ص 164).
آثار الغِيبة على الفرد والمجتمع
إن للغيبة أضرار كثيرة في الدنيا والآخرة
وهذه الأضرار لها آثارها السلبية على الفرد والمجتمع
فلا بد من التنبيه عليها، والاطلاع على تبعاتها
كي نتجنبها ولا نقع فيها، ونحذر ارتكابها.
أضرارها على الفرد:
1- الغِيبة تزيد في رصيد السيئات
وتنقص من رصيد الحسنات:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا
فقال صلى الله عليه وسلم:
((لقد قلتِ كلمةً لو مزجت بماء البحر لمزجته))
(وهذا يدل على ما يلحق المغتاب من الإثم بسبب افتياته
على خلق الله تعالى الذي حرم الغِيبة
وفي نفس الوقت افتات على حق الإنسان الذي اغتابه)
[6649] ((إبراء الذمة من حقوق العباد)) لنوح علي سليمان (604).
2- الغِيبة من أربى الربا:
قال الشوكاني: (معصية الربا من أشد المعاصي
لأن المعصية التي تعدل معصية الزنا التي هي في غاية
الفظاعة والشناعة بمقدار العدد المذكور بل أشد منها
لا شك أنها قد تجاوزت الحد في القبح
وأقبح منها استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم
ولهذا جعلها الشارع أربى الربا، وبعد الرجل يتكلم
بالكلمة التي لا يجد لها لذة ولا تزيد في ماله
ولا جاهه فيكون إثمه عند الله أشد من إثم من زنى
ستًّا وثلاثين زنية، هذا ما لا يصنعه بنفسه عاقل)
[6650] ((نيل الأوطار)) (5/225).
3- صاحب الغِيبة مفلس يوم القيامة:
عن أبى هريرة رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم
له ولا متاع. فقال: إنَّ المفلس من أمتي يأتي
يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي
قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا
وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته
وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته
قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم
فطرحت عليه، ثم طرح في النار))
[6651] رواه مسلم (2581).
4- الغِيبة تسبب هجر صاحبها:
قال ابن باز: (الواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين
عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته
والإنكار عليه، لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم:
((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))
[6652] رواه مسلم (49)
من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فإن لم يمتثل فاترك مجالسته
لأن ذلك من تمام الإنكار عليه)
[6653] ((مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)) لابن باز (ص 402).
5- الغِيبة تجرح الصوم:
قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع
قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة
في أن يدع طعامه وشرابه))
[6654] رواه البخاري (1903)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الصيام جنَّة
فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب
فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم))
[6655] رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151).
6- يتتبع الله عورة المغتاب ويفضحه في جوف بيته:
فعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه
لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم
فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته
ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته))
[6656] رواه أبو داود (4880)
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الغِيبة
*عبدالرحمن*
2021-04-30, 03:58
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك الغِيبة
(إنَّ الغِيبة مرض خطير، وداء فتَّاك، ومعول هدَّام
وسلوك يفرِّق بين الأحباب، وبهتان يغطِّي
على محاسن الآخرين، وبذرة تنبت شرورًا
بين المجتمع المسلم، وتقلِّب موازين العدالة والإنصاف
إلى الكذب والجور، وعلاج هذا المرض لا يكون إلَّا بالعلم
والعمل، فإذا عرف المغتاب أنَّه تعرَّض لسخط الله يوم القيامة
بإحباط عمله، وإعطاء حسناته من يغتابه، أو يحمل
عنه أوزاره، وأنَّه يتعرَّض لهجوم من يغتابه في الدُّنيا
وقد يسلِّطه الله عليه، إذا علم هذا وعمل بمقتضاه
من خير فقد وفِّق للعلاج)
[6681] ((نضرة النعيم)) (11/5164).
ومن الوسائل المعينة على ترك الغِيبة والبعد عنها ما يلي:
1- التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة الأعمال الصالحة
وتقديم رضاه على رضا المخلوقين.
2- زيادة الإيمان، وتقويته بالعلم النافع، والعمل الصالح.
3- أن ينشغل الإنسان بالبحث عن عيوبه
ويكف عن عيوب الآخرين وتتبعها.
4- اختيار الصحبة الصالحة التي تقربك من الله وتبعدك
عن المعاصي والابتعاد عن رفاق السوء.
5- تربية الفرد تربية إسلامية سليمة قائمة
على الآداب والتعاليم الإسلامية.
6- استغلال وقت الفراغ، بما ينفع الفرد ويقوي إيمانه
ويقربه إلى الله سبحانه وتعالى، من طاعات
وعبادات، وعلم، وتعلم.
7- قناعة الإنسان بما رزقه الله، وشكره على هذه النعم
وأن يعلم أن ما عند الله خير وأبقى.
8- أن يضع الإنسان نفسه مكان الشخص الذي اغتيب
ليجد أنَّه لن يرضى هذا لنفسه.
9- كظم الغيظ والصبر على الغَضَب
كي لا يكونا دافعًا للغيبة.
10- الابتعاد عن كل ما يؤدي به إلى الغِيبة.
موقف المسلم تجاه المغتاب
عن عتبان بن مالك رضي الله عنه وهو ممَّن شهد بدرًا،
قال: ((كنت أصلِّي لقومي بني سالم
وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار
فيشقُّ عليَّ اجتيازه قبل مسجدهم
فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له:
إنِّي أنكرت بصري، وإنَّ الوادي الذي بيني
وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار، فيشقُّ عليَّ اجتيازه
فوددت أنَّك تأتي فتصلِّي من بيتي مكانا أتَّخذه مصلَّى
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل.
فغدا عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر
رضي الله عنه بعد ما اشتدَّ النَّهار، فاستأذن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له
فلم يجلس حتَّى قال:
أين تحبُّ أن أصلِّي من بيتك، فأشرت له إلى المكان
الذي أحبُّ أن أصلِّي فيه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكبَّر وصففنا وراءه فصلَّى ركعتين
ثمَّ سلَّم وسلَّمنا حين سلَّم، فحبسته على خزير يصنع له
فسمع أهل الدَّار أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
في بيتي، فثاب رجال منهم حتَّى كثر الرِّجال في البيت
فقال رجل: ما فعل مالك؟
لا أراه. فقال: رجل منهم: ذاك منافق لا يحبُّ الله ورسوله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذاك
ألا تراه قال لا إله إلَّا الله يبتغي بذلك وجه الله؟
فقال: الله ورسوله أعلم. أمَّا نحن فو الله ما نرى
ودَّه ولا حديثه إلَّا إلى المنافقين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فإنَّ الله قد حرَّم على النَّار من قال لا إله إلَّا الله
يبتغي بذلك وجه الله))
[6682] رواه البخاري (425)، ومسلم (33).
التوبة من الغِيبة
تكون التوبة من الغِيبة بالاستغفار والندم
والاستحلال من الذي اغتيب.
قال الغزالي: (اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم
ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج به من حق الله سبحانه
ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج من مظلمته)
[6679] ((إحياء علوم الدين)) (3/154).
وقال ابن القيم: (والصَّحيح أنَّه لا يحتاج إلى إعلامه
بل يكفيه الاستغفار، وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن
التي اغتابه فيها، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
وغيره. والذين قالوا: لا بد من إعلامه
جعلوا الغِيبة كالحقوق المالية، والفرق بينهما ظاهر
فإنَّ الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه
فإن شاء أخذها، وإن شاء تصدَّق بها
وأما في الغِيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه
إلا عكس مقصود الشارع... فإنَّه يوغر صدره، ويؤذيه
إذا سمع ما رمي به، ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدًا
وما كان هذا سبيله، فإن الشارع الحكيم...
لا يبيحه ولا يجوزه فضلًا عن أن يوجبه
ويأمر به ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها
لا على تحصيلها وتكميلها)
[6680] ((الوابل الصيب)) (219).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
الغِيبة لا تقتصر على اللسان (https://dorar.net/akhlaq/2552/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%86)
ذم الغِيبة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/2554/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-05-01, 03:39
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ النَّمِيمَة
معنى النَّمِيمَة لغةً:
النَّمُّ: رَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ.
وقيل: تَزْيينُ الكلام بالكذب. من نمَّ يَنِمُّ ويَنُمُّ،
فهو نَمومٌ ونَمَّامٌ ومِنَمٌّ، ونَمٌّ
من قَوْمٍ نَمِّينَ وأنِمَّاءَ ونُمٍّ، وهي نَمَّةٌ
ويقال للنَّمَّام القَتَّاتُ، ونَمَّامٌ مُبَالَغَةٌ، والاسمُ النَّمِيمَة
وأصل هذه المادة يدلُّ على إظهار شيء وإبرازه
[7454] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/358)
((لسان العرب)) لابن منظور (12/592)
((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص:1164)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/626).
معنى النَّمِيمَة اصطلاحًا:
النَّمِيمَة: (نَـقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم
على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ)
[7455] ((لسان العرب)) لابن منظور (12/592)
((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (5/256).
وعرفها الغزالي بقوله: (إفشاء السرِّ
وهتك الستر عما يكره كشفه)
[7456] ((إحياء علوم الدين)) (3/156).
وقيل هي: (التحريش بين النَّاس
والسعي بينهم بالإفساد)
[7457] ((فتاوى إسلامية)) لمجموعة من العلماء (4/70).
الفرق بين النَّمِيمَة وبعض الصفات
- الفرق بين الغيبة والنَّمِيمَة:
قال ابن حجر: (اختُلِفَ في الغيبة والنَّمِيمَة
هل هما متغايرتان أو متَّحدتان، والراجح التغاير
وأن بينهما عمومًا وخصوصًا وجيهًا؛ وذلك
لأنَّ النَّمِيمَة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد
بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه.
والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه
فامتازت النَّمِيمَة بقصد الإفساد
ولا يشترط ذلك في الغيبة.
وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه
واشتركا في ما عدا ذلك.
ومن العلماء من يشترط في الغيبة
أن يكون المقول فيه غائبًا، والله أعلم)
[7458] ((فتح الباري)) (10/473).
ومن العلماء من يشترط في الغيبة
أن يكون المقول فيه غائبًا، والله أعلم)
[7458] ((فتح الباري)) (10/473).
وقال ابن حجر الهيتمي: (كل نميمة غيبة
وليس كل غيبة نميمة، فإن الإنسان قد يذكر عن غيره
ما يكرهه، ولا إفساد فيه بينه وبين أحد، وهذا غيبة
وقد يذكر عن غيره ما يكرهه وفيه إفساد
وهذا غيبة، ونميمة معًا)
[7459] ((تطهير العيبة من دنس الغيبة)) (ص 45).
- الفرق بين القتَّات والنَّمَّام:
(القتَّات والنَّمام بمعنى واحد.
وقيل: النمام الذي يكون مع جماعة
يتحدثون حديثا فينم عليهم.
والقتَّات: الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم)
[7460] ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (3/323).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ النَّمِيمَة
*عبدالرحمن*
2021-05-02, 04:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام النَّمِيمَة
للنَّميمة ثلاثة أقسام، وهي كما يلي:
1- النَّمِيمَة المحرمة:
هي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد والإيقاع بينهم
دون وجود مصلحة شرعية في نقل الكلام.
2- النَّمِيمَة الواجبة:
وهي التي تكون للتحذير من شرٍّ واقع على إنسان ما
فيُخبر بذلك الشر ليحذره.
وقال ابن الملقن وهو يتحدث عن النَّمِيمَة:
(أمَّا إذا كان فعلها نصيحة في ترك مفسدة أو دفع ضرر
وإيصال خير يتعلق بالغير لم تكن محرمة ولا مكروهة
بل قد تكون واجبة أو مستحبة)
[7494] ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) (1/531).
قال النووي:
(وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية
وإلا فهي مستحبة، أو واجبة
كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي
شخصًا ظلمًا فحذَّره منه)
[7495] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/473).
3- النَّمِيمَة المباحة:
قال ابن كثير وهو يتحدث عن النَّمِيمَة:
(فأمَّا إذا كانت على وجه الإصلاح بين النَّاس
وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث:
((ليس بالكذاب من يَنمَّ خيرًا))
[7496] رواه بمعناه البخاري (2692)، ومسلم (2605)
من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها.
أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة
فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: ((الحرب خدعة))
[7497] رواه البخاري (3030)، ومسلم (1739)
من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه
بين كلمة الأحزاب وبين قريظة
وجاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلامًا
ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئًا آخر
ثم لأم بين ذلك، فتناكرت النفوس وافترقت
وإنَّما يحذو على مثل هذا الذَّكاء والبصيرة النافذة)
[7498] ((تفسير القرآن العظيم)) (1/371).
قال النَّووي: (فلو دعت إلى النَّمِيمَة
حاجةٌ فلا منع منها، كما إذا أخبره أنَّ إنسانًا
يريد الفتك به أو بأهله أو بماله، أو أخبر الإمام
أو من له ولايةٌ بأنَّ فلانًا يسعى بما فيه مفسدةٌ
ويجب على المتولِّي الكشف عن ذلك)
[7499] ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/197).
وقسَّم النَّبي صلى الله عليه وسلم قسمةً
فقال رجلٌ من الأنصار: والله ما أراد محمدٌ
بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبرته، فتمعَّر وجهه، وقال:
((رحم الله موسى، لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر))
[7500] رواه البخاري (3150)، ومسلم (1062)
من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
قال ابن بطَّال: (في هذا الحديث من الفقه
أنَّه يجوز للرجل أن يخبر أهل الفضل
والستر من إخوانه بما يقال فيهم مما لا يليق بهم
ليعرفهم بذلك من يؤذيهم من الناس وينقصهم
ولا حرج عليه في مقابلته بذلك وتبليغه له.
وليس ذلك من باب النَّمِيمَة
لأنَّ ابن مسعود حين أخبر النَّبي عليه السلام
بقول الأنصاري فيه وتجويره له في القسمة
لم يقل له: أتيت بما لا يجوز، ونممت الأنصاري
والنَّمِيمَة حرام، بل رضي ذلك عليه السلام
وجاوبه عليه بقوله: ((يرحم الله موسى
لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر))
[7500] رواه البخاري (3150)، ومسلم (1062)
من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وإنَّما جاز لابن مسعود نقل ذلك
إلى النَّبي عليه السلام؛ لأنَّ الأنصاري
في تجويره للنَّبي عليه السلام استباح إثمًا عظيمًا
وركب جرمًا جسيمًا، فلم يكن لحديثه حرمة
ولم يكن نقله من باب النَّمِيمَة)
[7502] ((شرح صحيح البخاري)) (10/252).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ النَّمِيمَة
*عبدالرحمن*
2021-05-05, 03:39
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم النَّمِيمَة والنهي عنها في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ
لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 10-13].
قال ابن كثير في قوله تعالى: (مَّشَّاء بِنَمِيمٍ يعني:
الذي يمشي بين الناس، ويحرش بينهم
وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة)
[7461] ((تفسير ابن كثير) (8/191).
- وقال تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ [الهمزة: 1].
(قيل: اللُّمزة: النَّمَّام. عن أبي الجوزاء
قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء؟
هم الذين بدأهم الله بالويل؟
قال: هم المشاءون بالنَّمِيمَة
المفرِّقون بين الأحبَّة، الباغون أكبر العيب)
[7462] ((جامع البيان)) للطبري (24/596).
وقال مقاتل: (فأما الهمزة فالذي ينمُّ الكلام
إلى الناس، وهو النَّمَّام)
[7463] ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/839).
- وقال تعالى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد: 4].
(قيل: كانت نمَّامة حمَّالة للحديث إفسادًا بين النَّاس
وسمِّيت النَّمِيمَة حطبًا
لأنَّها تنشر العداوة بين النَّاس
كما أنَّ الحطب ينشر النَّار.
قال مجاهد: يعني حمَّالة النَّمِيمَة، تمشي بالنَّمِيمَة)
[7464] ((تفسير مجاهد)) لمجاهد بن جبر (ص 759).
ذم النَّمِيمَة والنهي عنها في السنة النبوية
- عن حذيفة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل الجنة نمَّام))، وفي رواية ((قتَّات))
[7465] رواه مسلم (105).
وبيَّن ابن الملقن المراد بعدم دخول الجنة للنَّمام بقوله:
(وحمل على ما إذا استحل بغير تأويل
مع العلم بالتحريم، أو لا يدخلها دخول الفائزين)
[7466] ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/531).
قال ابن بطَّال: (قال أهل التأويل: الهمَّاز
الذي يأكل لحوم الناس، ويقال: هم المشاءون
بالنَّمِيمَة المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت
. والقتَّات: النَّمام عند أهل اللغة)
[7467] ((شرح صحيح البخاري)) (9/249).
- وعن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه قال:
إنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم قال:
((ألا أُنبئكم ما العضة؟ هي النَّمِيمَة القالة بين النَّاس)).
وإنَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم قال:
((إنَّ الرَّجل يصدق حتَّى يكتب صدِّيقًا
ويكذب حتَّى يكتب كذَّابًا))
[7468] رواه مسلم (2606).
قال المناوي: (... ((القالة بين النَّاس)).
أي: كثرة القول، وإيقاع الخصومة بينهما
فيما يحكى للبعض عن البعض
وقيل: القالة بمعنى المقولة
وزعم بعضهم أنَّ القالة هنا جمع، وهم الذين
ينقلون الكلام، ويوقعون الخصومة بين الناس)
[7469] ((فيض القدير)) (3/133).
وقال ابن عثيمين: (هي النَّمِيمَة: أن ينقل الإنسان
كلام النَّاس بعضهم في بعض، من أجل الإفساد
بينهم، وهي من كبائر الذنوب)
[7470] ((شرح رياض الصالحين)) (6/147).
- وعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال:
((مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بقبرين
فقال: إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير أمَّا أحدهما:
فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر: فكان يمشي
بالنَّمِيمَة فأخذ جريدة رطبة، فشقَّها نصفين
فغرز في كلِّ قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله
لم فعلت هذا؟ قال: لعلَّه يخفِّف عنهما ما لم ييبسا))
[7471] رواه البخاري (6052)، ومسلم (292).
قال ابن بطَّال:
(ومعنى الحديث: الحض على ترك النَّمِيمَة)
[7472] ((شرح صحيح البخاري)) (3/346).
وقال الشوكاني: (الحديث يدلُّ على نجاسة
البول من الإنسان، ووجوب اجتنابه، وهو إجماع
ويدلُّ أيضًا على عظم أمره وأمر النَّمِيمَة
وأنَّهما من أعظم أسباب عذاب القبر)
[7474] ((نيل الأوطار)) (1/121).
وقال السيوطي: (قد ذكر بعضهم السرَّ في تخصيص البول
والنَّمِيمَة، والغيبة بعذاب القبر
وهو أنَّ القبر أول منازل الآخرة
وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب
والثواب. والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان:
حقٌّ لله، وحقٌّ لعباده، وأوَّل ما يقضى فيه يوم القيامة
من حقوق الله، الصلاة، ومن حقوق العباد، الدِّماء
وأمَّا البرزخ فيقضى فيه في مقدمات هذين الحقين
ووسائلهما، فمقدمة الصَّلاة الطهَّارة من الحدث والخبث
ومقدمة الدَّماء النَّمِيمَة والوقيعة في الأعراض
وهما أيسر أنواع الأذى، فيبدأ في البرزخ
بالمحاسبة والعقاب عليهما.)
[7475] ((الحاوي للفتاوى)) (2/181).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ النَّمِيمَة
*عبدالرحمن*
2021-05-06, 03:35
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
موقف المسلم من سماع النَّمِيمَة
عندما نسمع أحدًا يتكلم في أعراض الناس
وينمُّ عليهم فيجب علينا نصحه وزجره عن ذلك
فإن لم ينته فعلينا عدم الجلوس معه
لقول الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ
الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].
وقول النَّبي صلى الله عليه وسلم:
((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده
فإن لم يستطع فبلسانه
فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))
[7503] رواه مسلم (49)
من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(ثم احذر النَّمِيمَة وسماعها
وذلك أنَّ الأشرار يدخلون بين الأخيار في صورة النصحاء
فيوهمونهم النصيحة، وينقلون إليهم في عرض الأحاديث
اللذيذة أخبار أصدقائهم محرَّفة مموَّهة، حتى
إذا تجاسروا عليهم بالحديث المختلق يصرحون لهم
بما يفسد مودَّاتهم ويشوه وجوه أصدقائهم
إلى أن يبغض بعضهم بعضًا)
[7504] ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص 175).
ماذا يفعل من حملت إليه النَّمِيمَة؟
قال الغزالي: (كل من حملت إليه النَّمِيمَة
وقيل له: إنَّ فلانًا قال فيك كذا وكذا
أو فعل في حقك كذا، أو هو يدبر
في إفساد أمرك، أو في ممالاة عدوك
أو تقبيح حالك، أو ما يجري مجراه
فعليه ستة أمور:
الأوَّل: أن لا يصدقه
لأنَّ النَّمام فاسق، وهو مردود الشهادة
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات: 6].
الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له
ويقبح عليه فعله، قال الله تعالى:
وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ [لقمان: 17]
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى
فإنَّه بغيض عند الله تعالى
ويجب بغض من يبغضه الله تعالى.
الرابع: أن لا تظنَّ بأخيك الغائب السوء
لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا
كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ [الحجرات: 12].
الخامس: أن لا يحملك ما حكي لك على التجسس
والبحث لتحقق اتباعًا لقول الله تعالى
: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12].
السادس: أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النَّمام عنه
ولا تحكي نميمته؛ فتقول: فلان قد حكى
لي كذا وكذا، فتكون به نمَّامًا ومغتابًا
وقد تكون قد أتيت ما عنه نهيت)
[7505] ((إحياء علوم الدين)) (3/156).
(جاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنهما
فنمَّ له عن شخص، فقال: اذهب بنا إليه، فذهب معه
وهو يرى أنه ينتصر لنفسه، فلما وصل إليه
قال: يا أخي، إن كان ما قلت فيَّ حقًّا يغفر الله لي
وإن كان ما قلتَ فيَّ باطلًا يغفر الله لك)
[7506] ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/571).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
حِكم وأمثال في النَّمِيمَة (https://dorar.net/akhlaq/2849/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%88%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%8A%D9%85%D8%A9)
مسائل متفرقة حول النميمة (https://dorar.net/akhlaq/2842/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%85%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%8A%D9%85%D8%A9)
ذم النَّمِيمَة في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/2851/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-05-09, 03:53
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الكَذِب
معنى الكذب لغةً:
الكَذِب نقيض الصِّدْقِ، كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِبًا
وكِذْبًا. فهو كَاذِب وكَذَّاب وكَذُوب
تقول: كذَّبت الرجل، إذا نسبته إلى الكذب
وأكْذَبتُه إذا أخبرت أن الذي يحدث به كذب
[7103] ((لسان العرب)) لابن منظور (1/704)
((مختار الصحاح)) للرازي (ص 267).
معنى الكذب اصطلاحًا:
هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه
سواء كان عمدًا أم خطئًا
[7104] ((فتح الباري)) لابن حجر (1/201).
وقال النووي: (الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو
عمدًا كان أو سهوًا، سواء كان
الإخبار عن ماض أو مستقبل)
[7105] ((شرح النووي على مسلم)) (1/69).
الفرق بين الكذب وبعض الألفاظ المترادفة
- الفرق بين الخرص والكذب:
(أنَّ الخرص هو الحزر، وليس من الكذب في شيء
والخرص ما يحزر من الشيء
يقال: كم خرص نخلك، أي: كم يجئ من ثمرته
وإنما استعمل الخرص في موضع الكذب
لأنَّ الخرص يجري على غير تحقيق
فشُبِّه بالكذب، واستُعمل في موضعه.
وأما التكذيب فالتصميم، على أنَّ الخبر كذب
بالقطع عليه، ونقيضه التصديق)
[7106] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 214).
- الفرق بين الكذب والافتراء والبهتان:
(الكذب: هو عدم مطابقة الخبر للواقع
أو لاعتقاد المخبر لهما على خلاف في ذلك.
والافتراء: أخص منه
لأنَّه الكذب في حق الغير بما لا يرتضيه
بخلاف الكذب فإنه قد يكون في حق المتكلم نفسه
ولذا يقال لمن قال: فعلت كذا ولم أفعل كذا.
مع عدم صدقه في ذلك: هو كاذب
ولا يقال: هو مفتر، وكذا من مدح أحدًا بما ليس فيه
يقال: إنه كاذب في وصفه، ولا يقال: هو مفتر
لأنَّ في ذلك مما يرتضيه المقول فيه غالبًا.
وقال سبحانه حكاية عن الكفار:
افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]
لزعمهم أنه أتاهم بما لا يرتضيه الله
سبحانه مع نسبته إليه.
وأيضًا قد يحسن الكذب على بعض الوجوه
كالكذب في الحرب، وإصلاح ذات البين
وعدة الزوجة، كما وردت به الرواية، بخلاف الافتراء.
وأما البهتان: فهو الكذب الذي يواجه به
صاحبه على وجه المكابرة له)
[7107] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 449).
- الفرق بين الكذب والإفك:
(الكذب: اسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به
وأصله في العربية التقصير، ومنه قولهم: كذب
عن قرنه في الحرب. إذا ترك الحملة عليه
وسواء كان الكذب فاحش القبح
أو غير فاحش القبح.
والإفك: هو الكذب الفاحش القبح
مثل الكذب على الله ورسوله، أو على القرآن
ومثل قذف المحصنة، وغير ذلك مما يفحش قبحه
وجاء في القرآن على هذا الوجه
قال الله تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7])
[7108] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 450).
- الفرق بين الخُلف والكذب:
(الكذب فيما مضى، وهو أن تقول: فعلت كذا
ولم تفعله، والخلف لما يستقبل
وهو أن تقول: سأفعل كذا. ولا تفعله)
[7109] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 224).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الكَذِب
*عبدالرحمن*
2021-05-10, 03:37
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور الكذب
للكذب صور كثيرة منها:
1- الكذب على الله تعالى ورسوله:
وهذا أعظم أنواع الكذب، (والكذب على الله نوعان:
النوع الأول أن يقول: قال الله كذا، وهو يكذب
والنوع الثاني: أن يفسر كلام الله بغير ما أراد الله
لأن المقصود من الكلام معناه
فإذا قال: أراد الله بكذا كذا وكذا
فهو كاذب على الله، شاهد على الله
بما لم يرده الله عزَّ وجلَّ
لكن الثاني إذا كان عن اجتهاد وأخطأ في تفسير الآية
فإنَّ الله تعالى يعفو عنه
لأنَّ الله قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78
وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286]
وأما إذا تعمَّد أن يفسِّر كلام الله بغير ما أراد الله
اتباعًا لهواه أو إرضاء لمصالح أو ما أشبه ذلك
فإنَّه كاذب على الله عزَّ وجل
[7136] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/156) بتصرف.
وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا
أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ [الأنعام: 93].
(يقول تعالى: لا أحد أعظم ظلمًا، ولا أكبر جرمًا
ممن كذب على الله. بأن نسب إلى الله قولًا أو حكمًا
وهو تعالى بريء منه، وإنما كان هذا أظلم الخلق
لأنَّ فيه من الكذب، وتغيير الأديان أصولها، وفروعها
ونسبة ذلك إلى الله ما هو من أكبر المفاسد.
ويدخل في ذلك، ادعاء النبوة، وأنَّ الله يوحي إليه
وهو كاذب في ذلك، فإنه -مع كذبه على الله
وجرأته على عظمته وسلطانه يوجب على الخلق أن يتبعوه
ويجاهدهم على ذلك، ويستحل دماء من خالفه وأموالهم.
ويدخل في هذه الآية، كل من ادعى النبوة، كمسيلمة الكذاب
والأسود العنسي، والمختار
وغيرهم ممن اتصف بهذا الوصف)
[7137] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 264).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى
يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثلاثين كلُّهم
يزعم أنَّه رسول الله
[7138] رواه البخاري (3609).
قال الله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ
وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر: 60].
وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا
أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأعراف: 37].
وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ
مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم
((من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار))
[7139] رواه البخاري (110)، ومسلم (3)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال: ((من حدث عني بحديث
يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين))
[7140] رواه مسلم في باب وجوب الرواية عن الثقات
والترمذي (2662)
(وأكثر الناس كذبًا على رسول الله هم الرافضة الشيعة
فإنه لا يوجد في طوائف أهل البدع أحد أكثر منهم
كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما نص على هذا علماء مصطلح الحديث رحمهم الله
لما تكلموا على الحديث الموضوع قالوا:
إن أكثر من يكذب على الرسول هم الرافضة الشيعة
وهذا شيء مشاهد ومعروف لمن تتبع كتبهم)
[7141] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/156-157).
2- الكذب على الناس بادِّعاء الإيمان:
(كذب يظهر الإنسان فيه أنَّه من أهل الخير والصلاح
والتقى والإيمان، وهو ليس كذلك
بل هو من أهل الكفر والطغيان - والعياذ بالله -
فهذا هو النفاق، النفاق الأكبر الذين قال الله فيهم:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ
وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8]
لكنَّهم يقولون بألسنتهم
ويحلفون على الكذب وهم يعلمون
وشواهد ذلك في القرآن والسنة كثيرة، إنهم -
أعني المنافقين أهل الكذب يكذبون على الناس
في دعوى الإيمان وهم كاذبون
وانظر إلى قول الله تعالى في سورة (المنافقون)
حيث صدر هذه السورة ببيان كذبهم حيث قال تعالى:
إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: 1]
أكدوا هذه الجملة بكم مؤكد؟ بثلاثة مؤكدات
(نشهد) (إن) (اللام) ثلاثة مؤكدات
يؤكدون أنهم يشهدون أنَّ محمدًا رسول الله
فقال الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1]
في قولهم (نشهد إنك لرسول الله)
هذا أيضًا من أنواع الكذب
وهو أشدُّ أنواع الكذب على الناس
لأنَّ فاعله والعياذ بالله منافق)
[7142] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/157).
3- الكذب في الحديث بين الناس:
(الكذب في الحديث الجاري بين الناس يقول:
قلت لفلان كذا. وهو لم يقله. قال فلان كذا
. وهو لم يقله. جاء فلان. وهو لم يأت وهكذا
هذا أيضًا محرم ومن علامات النفاق
كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:
((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب))...)
[7143] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/158).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الكَذِب
*عبدالرحمن*
2021-05-19, 12:38
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الكذب والنهي عنه في القرآن الكريم
- قال الله تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ
اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل: 105].
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله وعلى رسوله شِرارُ الخلق
الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ من الكفرة والملحدين
المعروفين، بالكذب عند الناس)
[7110] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/604).
- وقال سبحانه: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7].
(أي: كذَّاب في مقاله، أثيم في فعاله.
وأخبر أنَّ له عذابًا أليمًا
وأنَّ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ [الجاثية: 10]
تكفي في عقوبتهم البليغة)
[7111] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (775).
- وقال عزَّ وجلَّ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ
عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ
وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ [الشعراء: 221-223].
- وقال سبحانه: لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء
فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور: 13]
- وقال في وصف المنافقين: أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ
لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ
مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ
وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ
لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ [الحشر: 11-12].
قال السعدي في قوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ:
(في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم
ولا يستكثر هذا عليهم، فإنَّ الكذب وصفهم
والغرور والخداع مقارنهم، والنفاق والجبن يصحبهم
ولهذا كذبهم الله بقوله، الذي وجد مخبره
كما أخبر الله به، ووقع طبق ما قال
فقال: لَئِنْ أُخْرِجُوا من ديارهم جلاءً
ونفيًا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ لمحبتهم للأوطان
وعدم صبرهم على القتال، وعدم وفائهم بوعدهم)
[7112] ((تيسير الكريم الرحمن)) (851).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الكَذِب
*عبدالرحمن*
2021-05-20, 04:12
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الكذب والنهي عنه في السنة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال:
((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب
وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان))
[7113] رواه البخاري (33)، ومسلم (59).
- وعنه أيضًا رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكلِّ ما سمع))
[7114] رواه مسلم (4).
قال ابن الجوزي: (فيه تأويلان، أحدها:
أن يروي ما يعلمه كذبًا، ولا يبينه فهو أحد الكاذبين
والثاني: أنَّ يكون المعنى بحسب المرء أن يكذب
لأنَّه ليس كلُّ مسموع يصدق به
فينبغي تحديث الناس بما تحتمله عقولهم)
[7115] ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) (1/340).
- وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال
ومن قتل نفسه بحديدة عُذِّب بها في نار جهنم))
[7116] رواه البخاري (1363).
(ومعنى الحديث النهي عن الحلف بما حلف به من ذلك
والزجر عنه، وتقدير الكلام: من حلف بملة غير الإسلام
كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، يعنى فهو كاذب حقًّا
لأنَّه حين حلف بذلك ظنَّ أنَّ إثم الكذب واسمه ساقطان عنه
لاعتقاده أنَّه لا حرمة لما حلف به
لكن لما تعمد ترك الصدق في يمينه
وعدل عن الحق في ذلك، لزمه اسم الكذب
وإثم الحلف، فهو كاذب كذبتين: كاذب بإظهار تعظيم
ما يعتقد خلافه، وكذب بنفيه ما يعلم إثباته
أو بإثبات ما يعلم نفيه. فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّ
في هذا الحديث دليلًا على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقًا
لاشتراطه في الحديث أن يحلف به كاذبًا
قيل له: ليس كما توهمت؛ لورود
نهي النَّبي صلى الله عليه وسلم، عن الحلف بغير الله
نهيًا مطلقًا، فاستوى في ذلك الكاذب والصادق
وفي النهي عنه)
[7117] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/350).
- وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
فإنَّ الصدق طمأنينة، والكذب ريبة))
[7118] رواه الترمذي (2518)، والنسائي (5711)
قال ابن رجب: (يشير إلى أنَّه لا ينبغي
الاعتماد على قول كلِّ قائل
كما قال في حديث وابصة:
((وإن أفتاك الناس وأفتوك))
[7119] رواه أحمد (4/228) (18035)
وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق
وعلامة الصدق أنَّه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب
أنه تحصل به الريبة
فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه.
ومن هنا كان العقلاء في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم
إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق
وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة
عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل
وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي
أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر
وإنك لتعلم يا عمرو.
فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب)
[7120] ((جامع العلوم والحكم)) (ص 285).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الكَذِب
*عبدالرحمن*
2021-05-21, 15:34
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
حُكم الكذب وما يُباح منه
قال النووي: (قد تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنة
على تحريم الكذب في الجملة
وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب.
وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه مع النصوص المتظاهرة
فلا ضرورة إلى نقل أفرادها
وإنما المهمُّ بيان ما يُستثنى منه
والتنبيه على دقائقه)
[7131] ((الأذكار)) (ص 377).
ثم قال: (وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه.
وأحسنُ ما رأيتُه في ضبط
ما ذكرَه الإِمامُ أبو حامد الغزالي فقال: الكلامُ
وسيلةٌ إلى المقاصد، فكلُّ مقصودٍ محمودٍ يُمكن التوصلُ
إليه بالصدق والكذب جميعًا، فالكذبُ فيه حرامٌ
لعدم الحاجة إليه، وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب
ولم يمكن بالصدق، فالكذبُ فيه مباحٌ
إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا
وواجبٌ إن كان المقصود واجبًا، فإذا اختفى مسلم
من ظالم، وسأل عنه، وجبَ الكذبُ بإخفائه
وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة
وسأل عنها ظالمٌ يُريدُ أخذَها
وجبَ عليه الكذب بإخفائها، حتى لو أخبرَه بوديعةٍ
عندَه فأخذَها الظالم قهرًا، وجبَ ضمانُها على المودع
المخبر، ولو استحلفَه عليها، لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي
في يمينه، فإن حلفَ ولم يورِّ، حنثَ على الأصحِّ
وقيل: لا يحنثُ. وكذلك لو كان مقصودُ حَرْبٍ
أو إصلاحِ ذاتِ البين، أو استمالة قلب المجني عليه
في العفو عن الجناية لا يحصل إلا بكذب
فالكذبُ ليس بحرام، وهذا إذا لم يحصل
الغرضُ إلا بالكذب، والاحتياطُ في هذا كلِّه أن يورِّي
ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصودًا صحيحًا
ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه
وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ.
ولو لم يقصد هذا، بل أطلق عبارةَ الكذب
فليس بحرام في هذا الموضع.
قال أبو حامد الغزالي: وكذلك كلُّ ما ارتبط به
غرضٌ مقصودٌ صحيح له أو لغيره، فالذي له
مثل أن يأخذَه ظالم، ويسألَه عن ماله ليأخذَه
فله أن ينكرَه، أو يسألَه السلطانُ عن فاحشةٍ
بينَه وبينَ الله تعالى ارتكبَها، فله أن ينكرَها
ويقول: ما زنيتُ، أو ما شربتُ مثلًا.
وقد اشتهرتِ الأحاديث بتلقين الذين
أقرُّوا بالحدود الرجوع عن الإِقرار.
وأما غرضُ غيره، فمثل أن يُسأَل
عن سرِّ أخيه فينكرَهُ ونحو ذلك
وينبغي أن يُقابِلَ بين مَفسدةِ الكذب والمفسدةِ المترتبة
على الصدق، فإن كانت المفسدةُ في الصدق أشدَّ ضررًا
فله الكذبُ، وإن كان عكسُه، أو شكَّ
حَرُم عليه الكذب، ومتى جازَ الكذب
فإن كان المبيحُ غرضًا يتعلَّق بنفسه
فيستحبُّ أن لا يكذبَ، ومتى كان متعلقًا بغيره
لم تجزِ المسامحةُ بحقِّ غيره، والحزمُ تركه
في كلِّ موضعٍ أُبيحَ، إلا إذا كان واجبًا)
[7132] ((الأذكار)) (ص 377)
وانظر ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/137).
وهذه بعض الحالات التي يباح فيها الكذب، وهي:
1- (في الحرب؛ لأنَّ الحرب خدعة
ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء
وإيهامهم بأشياء قد لا تكون موجودة
واستعمال أساليب الحرب النفسية ما أمكن
ولكن بصورة ذكية لبقة.
2- في الصلح بين المتخاصمين؛ حيث إنَّ ذلك يستدعي
أحيانًا أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل طرف وأقواله
بما يحقق التقارب ويزيل أسباب الشقاق، وأحيانًا ينسب
إلى كل من الأقوال الحسنة في حق صاحبه ما لم يقله
وينفي عنه بعض ما قاله؛ وهو ما يعوق الصلح
ويزيد شقة الخلاف والخصام.
3- في الحياة الزوجية؛ حيث يحتاج الأمر أحيانًا
إلى أن تكذب الزوجة على زوجها، أو يكذب
الزوج على زوجته، ويخفي كل منهما عن الآخر
ما من شأنه أن يوغر الصدور، أو يولد النفور
أو يثير الفتن والنزاع والشقاق بين الزوجين
كما يجوز أن يزف كل منهما للآخر من معسول
القول ما يزيد الحب، ويسر النفس
ويجمل الحياة بينهما، وإن كان ما يقال كذبًا
لأن هذا الرباط الخطير يستحق أن يهتم به غاية الاهتمام
وأن يبذل الجهد الكافي ليظل قويًا جميلًا مثمرًا)
[7133] ((الرائد دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (3/264).
فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت
من المهاجرات الأول اللاتي بايعن
النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبرته:
أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يقول: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس
ويقول خيرًا، وينمي خيرًا))
[7134] نميت حديث فلان إلى فلان إذا بلغته
على وجه الإصلاح وطلب الخير.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/341).
قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص
في شيء مما يقول الناس كذب
إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس
وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها
[7135] رواه البخاري (2692)، ومسلم (2605).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الكَذِب
*عبدالرحمن*
2021-05-22, 14:38
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
من الأخطاء الشائعة في الكذب:
الكذب الأبيض والأسود
يظن بعض الناس أن هناك كذبًا أبيض وهو حلال
وكذبًا أسود وهو حرام، والأمر ليس كذلك
فالكذب كله حرام، قال ابن عثيمين:
(والكذب حرام وكلما كانت آثاره أسوأ
كان أشد إثمًا، وليس في الكذب شيء حلالًا
وأما ما ادعاه بعض العامة
حيث يقولون: إن الكذب نوعان: أسود، وأبيض
فالحرام هو الأسود، والحلال هو الأبيض
فجوابه: أن الكذب كله أسود، ليس فيه شيء أبيض
لكن يتضاعف إثمه بحسب ما يترتب عليه
فإذا كان يترتب عليه أكل مال المسلم أو غرر
على مسلم صار أشد إثمًا، وإذا كان لا يترتب عليه
أي شيء من الأضرار فإنه أخف ولكنه حرام)
[7162] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/570).
*عبدالرحمن*
2021-06-06, 15:25
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الإِسَاءة
معنى الإِسَاءة لغةً:
الإساءة مصدر أساء الرَّجل إِساءةً: خِلاف أحْسَن
وأساء الشَّيء: أفْسَده، ولم يُحْسِن عَمَله
ويقال: أساء به، وأساء إليه، وأساء عليه
وأساء له ضِد أحسن، معنًى واستعمالًا
وقول سَيِّئ: يَسُوء
[4201] انظر: ((مفردات القرآن)) للرَّاغب الأصفهاني (ص: 441)
((تاج العروس)) للزبيدي (1/274).
معنى الإِسَاءة اصطلاحًا:
الإساءة هي: فعل أمر قبيح جار مجرى الشَّرِّ
يترتَّب عليه غمٌّ لإنسان في أمور دينه ودنياه
سواء أكان ذلك في بدنه أو نفسه
أو فيما يحيط به من مال أو ولد أو قنية
[4202] ((نضرة النعيم)) (9/3838).
الفرق بين الإِسَاءة وبعض الصِّفات
- الفرق بين الإِسَاءة والمضَرَّة:
أنَّ الإِسَاءة قبيحة، وقد تكون مَضَرَّة حَسَنة
إذا قُصِد بها وَجهٌ يَحْسُن، نحو المضَرَّة بالضَّرْب
للتَّأديب، وبالكَدِّ للتَّعلُّم والتَّعليم
[4203] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص: 43).
- الفرق بين الإِسَاءة والسُّوء:
أنَّ الإِسَاءة: إنفاق العمر في الباطل
والسُّوء: إنفاق رزقه في المعاصي
[4204] ((تفسير الماوردي)) (4/301).
أنَّ الإِسَاءة: فِعْلُ المسيء
والسُّوء: الفعل ممَّا يسوء
[4205] ((تفسير الماوردي)) (4/301).
أنَّ الإِسَاءة: اسمٌ للظُّلم
يقال: أَسَاء إليه إذا ظَلَمه
والسُّوء: اسمٌ الضَّرر والغَمِّ
يقال: سَاءَه يسُوؤه، إذا ضَرَّه وغَمَّه
وإن لم يكن ذلك ظُلمًا
[4206] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص 43).
- الفرق بين الإِسَاءة والنِّقْمَة:
أنَّ النِّـقْمَة قد تكون بحقٍّ، جزاءً على كُفران النِّعمة.
والإِسَاءة: لا تكون إلَّا قبيحة.
ولذا لا يصحُّ وصفه تعالى بالمسيء
وصحَّ وصفه بالمنتقم.
قال -سبحانه-: وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ [آل عمران: 4]
وقال: وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ [المائدة: 95]
[4207] ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص 43).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
Ali Harmal
2021-06-06, 17:29
بارك الله فيك يا دكتور وزين خُلقك ورزقك رضاه تعالى .
*عبدالرحمن*
2021-06-07, 14:15
بارك الله فيك يا دكتور وزين خُلقك ورزقك رضاه تعالى .
اللهم امين ...
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-06-07, 14:39
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذمُّ الإِسَاءة والنهي عنها في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ
إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ
وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83].
(وفيه النَّهي عن الإِسَاءة إلى الوالدين..
وللإحسان ضدَّان: الإِسَاءة
وهي أعظم جرمًا، وترك الإحسان بدون إساءة
وهذا محرم)
[4208] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 57). .
- قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [المؤمنون: 96].
(أي: إذا أَسَاء إليك أعداؤك، بالقول والفعل
فلا تقابلهم بالإِسَاءة)
[4209] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 558). .
- قال تعالى: إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ
وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا [الإسراء: 7].
(أي: فإليها ترجع الإِسَاءة لِمَا يتوجَّه إليها مِن العقاب
فرغَّب في الإحسان، وحذَّر مِن الإِسَاءة)
[4210] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (3/230). .
- قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ
صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصِّلت: 34-35].
(أي: فإذا أَسَاء إليك مُسِيءٌ مِن الخَلْق
-خصوصًا مَن له حقٌّ كبير عليك، كالأقارب
والأصحاب، ونحوهم- إِسَاءةً بالقول أو بالفعل
فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فَصِلْه
وإن ظلمك، فاعف عنه، وإن تكلَّم فيك
-غائبًا أو حاضرًا- فلا تقابله، بل اعف عنه
وعامله بالقول اللَّيِّن. وإن هجرك، وترك خِطَابك
فَطيِّبْ له الكلام، وابذل له السَّلام
فإذا قابلت الإِسَاءة بالإحسان، حصل فائدةٌ عظيمةٌ)
[4211] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 749). .
- قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء
فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [فصِّلت:46].
- قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء
فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [الجاثية: 15].
قال السعدي: (وفي هذا حثٌّ على فعل الخير
وترك الشَّرِّ، وانتفاع العاملين، بأعمالهم الحسنة
وضررهم بأعمالهم السَّيِّئة)
[4212] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص 751).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
*عبدالرحمن*
2021-06-08, 15:19
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذمُّ الإِسَاءة والنهي عنها في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه:
أنَّ النَّبي بعثه إلى قوم، فقال: يا رسول الله
أوصني. قال: ((افشِ السَّلام وابذل الطَّعام...
وإذا أَسَأت فأَحْسِن، ولتحسِّن خلقك ما استطعت))
[4213] رواه البزار في ((المسند))
وصحَّحه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (3559). .
قال ملا علي القاري:
(وإذا أَسَأت فأَحْسِن. وهو يحتمل معنيين
أحدهما: أنَّه إذا فعل معصية، يحدثها توبة
أو طاعة، وإذا أَسَاء إلى شخصٍ، أَحْسَن إليه
ومنه قوله تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ [فصِّلت: 34])
[4214] ((مرقاة المفاتيح)) لملا علي القاري (6/2416). .
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مَن أحسن فيما بقي، غُفِر له ما مضى
ومَن أَسَاء فيما بقي، أُخِذ بما مضى وما بقي))
[4215] رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط))
وحسَّنه الألباني في ((صحيح التَّرغيب)) (3156).
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال
: ((قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهليَّة؟
قال: مَن أحسن في الإسلام لم يؤاخذ
بما عمل في الجاهلية
ومَن أَسَاء في الإسلام أُخِذ بالأوَّل والآخر))
[4216] رواه البخاري (6921)، ومسلم (120).
قال العيني: (منهم مَن قال: المراد بالإِسَاءة
في الإسلام: الارتداد مِن الدِّين)
[4217] ((عمدة القاري)) للعيني (24/76).
وقال المناوي:
(فالمراد بالإِسَاءة: الكفر؛ وهو غاية الإِسَاءة)
[4218] ((التيسير بشرح الجامع الصَّغير)) للمناوي (2/754).
- عن أبي بكرة رضي الله عنه قال:
قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:
((أَلَا أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا. قالوا: بلى
يا رسول الله! قال: الإشراك بالله
وعقوق الوالدين))
[4219] رواه البخاري (2654)، ومسلم (87).
قال الهيتمي:
(فانظر كيف قَرَن الإِسَاءة إليهما وعدم البِرِّ والإحسان
إليهما بالإشراك بالله تعالى
وأكَّد ذلك بأمره بمصاحبتهما بالمعروف
وإن كانا يجاهدان الولد على أن يشرك بالله تعالى)
[4220] ((الزواجر)) للهيتمي (2/107).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
*عبدالرحمن*
2021-06-09, 15:32
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
بين الإِسَاءة والإحسان
الإِسَاءة ضدُّ الإحسان، والإحسان واجبٌ
فالإِسَاءة ممنوعةٌ
لأنَّ قولك: أَحْسِن إلى فلان
يقوم مقام قولك: لا تسئ إليه
وذلك معنى مقتضاه فقط.
وأما قولك: لا تسيء إليه
فليس فيه الإحسان إليه.
وكذلك إذا قلت: لا تحسن إليه
فليس فيه أن تسيء إليه أصلًا
لأنَّ هذا مِن الأضداد التي بينها وسائط
والوسيطة هاهنا التي بين الإِسَاءة والإحسان: المتَاركة
. وأمَّا إذا قلت: أَسِئ إلى فلان
ففيه رفع الإحسان عنه
لأنَّ الضدَّ يدفع الضدَّ، إذا وقع أحدهما بطل الآخر
[4241] ((رسائل ابن حزم)) (4/283)
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
*عبدالرحمن*
2021-06-10, 15:17
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
من أسباب الوقوع في إِسَاءة الإنسان على نفسه
1- اليأس:
قال ابن القيِّم:
(الخوف الموقِع في الإياس: إساءة أدب
على رحمة الله تعالى التي سبقت غضبه، وجهلٌ بها)
[4234] ((مدارج السالكين)) لابن القيِّم (2/371).
2- سوء الظَّنِّ:
عن معمر، قال: (تلا الحسن: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي
ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ [فصِّلت: 23]
فقال: إنَّما عَمِل النَّاس على قَدْر ظنونهم بربِّهم
فأمَّا المؤمن فأَحْسَن بالله الظَّنَّ، فأَحْسَن العمل
وأمَّا الكافر والمنافق فأساءا الظَّنَّ، فأساءا العمل)
[4235] رواه الطَّبري في تفسيره (20/413).
وقال ابن القيِّم:
(وأمَّا المسيء المصرُّ على الكبائر والظُّلم والمخالفات
فإنَّ وحشة المعاصي والظُّلم والحرام تمنعه
مِن حُسْن الظَّنِّ بربِّه، وهذا موجودٌ في الشَّاهد
فإنَّ العبد الآبق -الخارج عن طاعة سيِّده-
لا يُحْسِن الظَّنَّ به، ولا يجامع وحشة
الإِسَاءة إحسان الظَّنِّ أبدًا)
[4236] ((الجواب الكافي)) لابن القيِّم (ص: 25).
3- طول الأمل:
عن الحسن: (ما أطال عبدٌ الأمل إلَّا أَسَاء العمل)
[4237] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/407) (10785).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
صَمْـتْــــ~
2021-06-10, 19:35
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قيّم وثريّ ..يستحقّ مداومة الاطلاع عليه
أحسن الله إليك أخي عبد الرحمن ووفقك لكلّ خيّرٍ نافع.
*عبدالرحمن*
2021-06-11, 14:26
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع قيّم وثريّ ..يستحقّ مداومة الاطلاع عليه
أحسن الله إليك أخي عبد الرحمن ووفقك لكلّ خيّرٍ نافع.
عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك المميز مثلك
و في انتظار مرورك وحضورك العطر دائما
بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2021-06-11, 14:34
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
آثار الإِسَاءة
1 - الإِسَاءة صفة مِن صفات المنافقين.
عن الحسن البصري، أنَّه كان يقول:
(إنَّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً
وإنَّ المنافق جمع إِسَاءة وأَمْنًا)
[4229] رواه الطَّبري في تفسيره (17/68). .
2- أنَّ مَن رضي لنفسه بالإِسَاءة
شهد على نفسه بالرَّداءة.
3- أنَّ الإِسَاءة مِن أسباب قسوة القلب.
4- أنَّ الإِسَاءة تمنع مِن الشَّفاعة.
قال أبو الدَّرداء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة))
[4230] رواه مسلم (2598). .
قال ابن القيِّم:
(قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللَّعَّانون
شفعاء ولا شهداء يوم القيامة))
لأنَّ اللَّعن إساءة، بل مِن أبلغ الإِسَاءة
والشَّفاعة إحسان، فالمسيء في هذه الدَّار باللَّعن
سلبه الله الإحسان في الأخرى بالشَّفاعة
فإنَّ الإنسان إنَّما يحصد ما يزرع
والإِسَاءة مانعة مِن الشَّفاعة التي هي إحسان)
[4231] ((بدائع الفوائد)) لابن القيِّم (4/303). .
5- أنَّه كلَّما ازداد الإنسان إساءة ازداد وحشة
[4232] انظر: ((طريق الهجرتين)) لابن القيِّم (ص272).
.
6- أنَّ أخوف النَّاس أشدُّهم إساءة
[4233] انظر: ((طريق الهجرتين)) لابن القيِّم (ص272). .
7- الإِسَاءة إلى الآخرين تُسَبِّب العداوة
والبغضاء بين أفراد المجتمع.
أسباب الوقوع في الإِسَاءة:
1- مقابلة الإِسَاءة بأشدَّ منها.
2- قسوة القلب.
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإِسَاءة
*عبدالرحمن*
2021-06-12, 14:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك الإِسَاءة:
1- الحِلْم:
قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [المؤمنون: 96].
قال السعدي:
(أي: إذا أَسَاء إليك أعداؤك بالقول والفعل
فلا تقابلهم بالإِسَاءة، مع أنَّه يجوز معاقبة المسيء
بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان
منك إليهم، فإنَّ ذلك فَضْلٌ منك على المسيء.
ومِن مصالح ذلك: أنَّه تَخِفُّ الإِسَاءة عنك في الحال
وفي المستقبل، وأنَّه أَدْعَى لجلب المسيء إلى الحقِّ
وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتَّوبة عمَّا فعل
وليتَّصف العافي بصفة الإحسان
ويقهر بذلك عدوَّه الشَّيطان
وليستوجب الثَّواب مِن الرَّبِّ)
[4238] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 558).
2- الاستغفار:
عن علي رضي الله عنه قال:
(ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك
ولكن الخير أن يَكْثُر علمك، ويَعْظُم حلمك
وأن تباهي النَّاس بعبادة ربِّك
فإن أَحْسَنت حَمَدت الله
وإن أسأت استغفرت الله)
[4239] رواه أبو نعيم في ((حليةالأولياء)) (1/75).
3- معرفة أنَّ في ترك الإِسَاءة
رجاحة النَّفس، وراحة القلب:
قال القاضي المهدي: (ولو لم يكن في الصَّفح
-وترك الإِسَاءة- خَصْلَةٌ تُحمَد إلَّا رجاحة النَّفس ووَدَاع القلب
لكان الواجب على العاقل أن لا يكدِّر
وقته بالدُّخول في أخلاق البهائم...)
[4240] ((صيد الأفكار)) لحسين المهدي (1/590).
4- حُسْن الظَّنِّ بالله.
5- قِصَر الأمل.
6- عدم اليأس.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
أقوال السَّلف والعلماء في الإِسَاءة (https://dorar.net/akhlaq/1651/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D8%A9)
الأمثال في الإِسَاءة (https://dorar.net/akhlaq/1659/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D8%A9)
ذم الإِسَاءة في واحة الشِّع (https://dorar.net/akhlaq/1661/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-06-13, 14:43
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ الإسراف والتبذير
معنى الإسراف لغةً:
الإسراف: مجاوزة القصد، مصدر من أسرف إسرافًا
والسَّرَف اسم منه
يقال: أسرف في ماله: عجل من غير قصد
وأصل هذه المادة يدُلُّ على تعدِّي الحدِّ
والإغفال أيضًا للشيء
[4260] ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/153)
((لسان العرب)) لابن منظور (9/148)
((المصباح المنير)) للفيومي (1/274). .
معنى الإسراف اصطلاحًا:
الإسراف: هو صرف الشيء فيما لا ينبغي
زائدًا على ما ينبغي
[4261] ((الكليات)) للكفوي (ص113). .
وقال الراغب:
(السرف: تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان
وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر)
[4262] ((المفردات في غريب القرآن))
للراغب الأصفهاني (ص 407). .
وقال الجرجاني:
(الإسراف: هو إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس
. وقيل تجاوز الحدِّ في النفقة
وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحلُّ له
أو يأكل مما يحل له فوق الاعتدال
ومقدار الحاجة. وقيل: الإسراف تجاوز في الكمية
فهو جهل بمقادير الحقوق)
[4263] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 24).
معنى التبذير لغةً: !
التبذير: التفريق، مصدر بذَّر تبذيرًا
وأصله إلقاء البذر وطرحه
فاستعير لكلِّ مضيع لماله
وبذر ماله: أفسده وأنفقه في السرف.
وكل ما فرقته وأفسدته، فقد بذرته
والمباذر والمبذِّر: المسرف في النفقة
وأصل هذه المادة يدلُّ على نثر الشيء وتَفْرِيقه
[4264] ((مقايس اللغة)) لابن فارس (1/216)
((المفردات في غريب القرآن)) للراغب الأصفهاني (ص 114)
((لسان العرب)) لابن منظور (9/148).
معنى التبذير اصطلاحًا:
قال الشافعي:
(التبذير إنفاق المال في غير حقِّه)
[4265] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (10/247).
وقيل: التبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي
[4266] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 24)
و((الكليات)) للكفوي (ص113).
وقيل: هو تفريق المال على وجه الإسراف
[4267] انظر ((التعريفات)) للجرجاني (ص51)
و((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص 90)
((لسان العرب)) لابن منظور (4/50).
الفرق بين الإسراف والتبذير
الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي
زائدًا على ما ينبغي.
بخلاف التبذير؛ فإنه صرف الشيء فيما لا ينبغي
[4268] ((التعريفات)) للجرجاني (ص 24)
وقال ابن عابدين:
(التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف
والتحقيق أن بينهما فرقًا).
ثم ذكر نحو كلام الجرجاني.
((حاشية ابن عابدين)) (6/759). .
فبينهما عموم وخصوص إذ قد يجتمعان
فيكون لهما المعنى نفسه أحيانًا
وقد ينفرد الأعم وهو الإسراف
[4269] ((نضرة النعيم)) (9/4115). .
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
*عبدالرحمن*
2021-06-14, 14:40
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الإسراف والتبذير والنهي عنهما في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ
فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا
إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ
وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ
إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا [النساء: 6].
قال ابن كثير:
(ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى
من غير حاجة ضرورية إسرافًا)
[4270] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/216).
وقال الماوردي: (يعني لا تأخذوها إسرافًا
على غير ما أباح الله لكم
وأصل الإسراف تجاوز الحد
المباح إلى ما ليس بمباح
فربما كان في الإفراط، وربما كان في التقصير
غير أنه إذا كان في الإفراط فاللغة المستعملة
فيه أن يقال أسرف إسرافًا
وإذا كان في التقصير قيل سرف يسرف)
[4271] ((النكت والعيون)) للماوردي (1/453).
- وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ
وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا
أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ
وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141].
قال الطبري:
(السرف الذي نهى الله عنه في هذه الآية
مجاوزة القدر في العطية إلى ما يجحف برب المال)
[4272] ((جامع البيان)) للطبري (9/614).
وقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31].
(قال السدي: ولا تسرفوا، أي: لا تعطوا أموالكم
فتقعدوا فقراء. قال الزجاج: على هذا إذا أعطى
الإنسان كلَّ ماله
ولم يوصل إلى عياله شيئًا فقد أسرف
[4273] ((معالم التنزيل)) للبغوي (2/164).
وقال الماوردي: (فيه ثلاثة تأويلات: أحدها:
لا تسرفوا في التحريم، قاله السدي.
والثاني: معناه لا تأكلوا حرامًا فإنَّه إسراف
قاله ابن زيد. والثالث: لا تسرفوا في أكل
ما زاد على الشبع فإنَّه مضرٌّ)
[4274] ((النكت والعيون)) للماوردي (2/218).
قال السعدي:
(فإنَّ السرف يبغضه الله
ويضرُّ بدن الإنسان ومعيشته
حتى إنه ربما أدَّت به الحال إلى أن يعجز
عما يجب عليه من النفقات
ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب
والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما)
[4275] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (287).
- وقوله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء: 26-27].
قال ابن كثير:
(أي: في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته
ولهذا قال: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا
أي: جحودًا؛ لأنَّه أنكر نعمة الله عليه
ولم يعمل بطاعته؛ بل أقبل على معصيته ومخالفته)
[4276] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (5/69).
وقال القاسمي: (أي: أمثالهم في كفران نعمة المال
بصرفه فيما لا ينبغي. وهذا غاية المذمة
لأن لا شرَّ من الشيطان، أو هم إخوانهم أتباعهم
في المصادقة والإطاعة، كما يطيع الصديق صديق
ه والتابع متبوعه، أو هم قرناؤهم في النار
على سبيل الوعيد.
والجملة تعليل المنهي عنه عن التبذير
ببيان أنَّه يجعل صاحبه مقرونًا معهم.
وقوله: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا
من تتمة التعليل. قال أبو السعود:
أي: مبالغًا في كفران نعمته تعالى
لأنَّ شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى
من القوى إلى غير ما خلقت له من أنواع المعاصي
والإفساد في الأرض، وإضلال الناس
وحملهم على الكفر بالله
وكفران نعمه الفائضة عليهم، وصرفها إلى غير
ما أمر الله تعالى به. وتخصيص هذا الوصف بالذكر
من بين سائر أوصافه القبيحة؛ للإيذان بأنَّ التبذير
الذي هو عبارة عن صرف نعم الله تعالى إلى غير مصرفها
من باب الكفران، المقابل للشكر الذي هو عبارة
عن صرفها إلى ما خلقت هي له.
والتعرض لوصف الربوبية؛ للإشعار بكامل عتوِّه
[4277] العُتُوُّ: التجبُّر والتكبُّر.
((لسان العرب)) لابن منظور (15/ 28).
فإنَّ كفران نعمة الرب، مع كون الربوبية من أقوى
الدواعي إلى شكرها، غاية الكفران
ونهاية الضلال والطغيان)
[4278] ((محاسن التأويل)) للقاسمي (6/456).
- وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67].
قال ابن كثير:
(أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون
فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصرون
في حقِّهم فلا يكفونهم، بل عدلًا خيارًا
وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا
كما قال: وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ
وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا [الإسراء: 29])
[4279] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (6/124).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
*عبدالرحمن*
2021-06-15, 15:49
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذم الإسراف والتبذير والنهي عنهما في السنة النبوية
- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه
إسراف، أو مخيلة))
[4280] رواه ابن ماجه (3605)
قال ابن حجر: (ووجه الحصر في الإسراف والمخيلة
أن الممنوع من تناوله أكلًا ولبسًا وغيرهما
إما لمعنى فيه، وهو مجاوزة الحدِّ، وهو الإسراف
وإما للتعبد كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه
وهو الراجح، ومجاوزة الحد تتناول مخالفة
ما ورد به الشرع فيدخل الحرام، وقد يستلزم الإسراف
الكبر وهو المخيلة
قال الموفق عبد اللطيف البغدادي:
هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه
وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة
فإنَّ السرف في كلِّ شيء يضرُّ بالجسد
ويضرُّ بالمعيشة؛ فيؤدِّي إلى الإتلاف
ويضرُّ بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال
والمخيلة تضرُّ بالنفس حيث تكسبها العجب
وتضرُّ بالآخرة حيث تكسب الإثم
وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس)
[4281] ((فتح الباري)) لابن حجر (10/253).
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:
((أتى رجل من بني تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله، إني ذو مال كثير
وذو أهل وولد، وحاضرة، فأخبرني كيف أنفق؟
وكيف أصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تخرج الزكاة من مالك؛ فإنها طهرة تطهِّرك
وتصل أقرباءك، وتعرف حقَّ السائل
والجار، والمسكين. فقال: يا رسول الله
أقلل لي. قال: فآت ذا القربى حقَّه، والمسكين
وابن السبيل، ولا تبذِّر تبذيرًا.
فقال: حسبي يا رسول الله
إذا أدَّيت الزكاة إلى رسولك
فقد برئت منها إلى الله ورسوله
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم
إذا أديتها إلى رسولي، فقد برئت منها
فلك أجرها، وإثمها على من بدَّلها))
[4282] رواه أحمد (19/386) واللفظ له
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا
فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا
وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا
ويكره لكم قيل وقال
وكثرة السؤال، وإضاعة المال))
[4283] رواه البخاري (1477) رواه مسلم (1715) واللفظ له.
قال العيني: (قوله: وإضاعة المال
هو صرفه في غير ما ينبغي)
[4284] ((عمدة القارئ)) للعيني (25/34).
وذكر القاري عن الطِّيبي قوله:
(قيل: والتقسيم الحاصر فيه الحاوي بجميع أقسامه
أن تقول: إنَّ الذي يصرف إليه المال
إما أن يكون واجبًا، كالنفقة والزكاة ونحوهما
فهذا لا ضياع فيه، وهكذا إن كان مندوبًا إليه
وإما أن يكون مباحًا، ولا إشكال إلا في هذا القسم
إذ كثير من الأمور يعدُّه بعض الناس من المباحات
وعند التحقيق ليس كذلك، كتشييد الأبنية وتزيينها
والإسراف في النفقة
والتوسع في لبس الثياب الناعمة والأطعمة الشهية اللذيذة
وأنت تعلم أنَّ قساوة القلب
وغلظ الطبع يتولَّد من لبس الرقاق، وأكل الرقاق
وسائر أنواع الارتفاق
ويدخل فيه تمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة
وسوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب
حتى تضيع وتهلك، وقسمة ما لا ينتفع الشريك
به كاللؤلؤة والسيف يكسران
وكذا احتمال الغبن الفاحش
[4285] الغبن الفاحش:
هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين.
((التعريفات)) للجرجاني (ص 161).
في البياعات، وإيتاء المال صاحبه
وهو سفيه حقيق بالحجر
وهذا الحديث أصل في معرفة حسن الخلق الذي
هو منبع الأخلاق الحميدة، والخلال الجميلة)
[4286] ((مرقاة المفاتيح)) لملا علي القاري (7/3082).
- وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:
أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إني فقير ليس لي شيء، ولي يتيم، قال:
((كلْ من مال يتيمك غير مسرف
ولا مباذر، ولا متأثِّل
[4287] لا متأثِّل: غير جامع.
((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/ 23).
[4288] رواه أبوداود (2872)، والنسائي (3668)
(قال النخعي: لا يلبس الكتان ولا الحلل
ولكن ما يستر العورة، ويأكل ما يسدُّ الجوعة)
[4289] ((عمدة القارئ)) للعيني (14/58).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
*عبدالرحمن*
2021-06-16, 16:03
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
لا شكَّ أنَّ الإسراف تتعدَّد صوره ومظاهره
وهو يقع في أمور كثيرة كالمأكل
والمشرب، والملبس، والمركب، والمسكن
وغيرها، ومن هذه الصور:
1- الإسراف على الأنفس بالمعاصي والآثام:
قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ [الزمر: 53].
قال القاسمي:
(أي جنوا عليها بالإسراف في المعاصي والكفر...
لا تيأسوا من مغفرته بفعل سبب يمحو أثر الإسراف
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر: 53]
أي لمن تاب وآمن. فإنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ [الزمر: 53-54]
أي: توبوا إليه وَأَسْلِمُوا لَهُ أي استسلموا وانقادوا ل
وذلك بعبادته وحده وطاعته وحده
بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه)
[4309] ((محاسن التأويل)) (8/293).
2- الإسراف في الأكل، والشبع المفرط:
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراف
في تناول الطعام فقال:
((ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن
حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه
فإن غلبت الآدمي نفسه
فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس))
[4310] رواه ابن ماجه (3349) واللفظ له
قال القرطبي:
(من الإسراف الأكل بعد الشبع
وكلُّ ذلك محظور.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تأكل شبعًا فوق شبع
فإنك أن تنبذه للكلب خير من أن تأكله)
[4311] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ص 24).
3- الإسراف في الوضوء:
عن عبد الله بن عمرو
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد
وهو يتوضأ، فقال: ((ما هذا السرف؟!
فقال: أفي الوضوء إسراف؟
قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ))
[4312] رواه ابن ماجه (425)
وقال البخاري:
(بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم
أنَّ فرض الوضوء مرة مرة
وتوضَّأ أيضًا مرتين وثلاثًا، ولم يزد على ثلاث
وكره أهل العلم الإسراف فيه
وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم)
[4313] ((صحيح البخاري)) (1/39).
وقال ابن القيم:
(وكان- أي النبي صلى الله عليه وسلم-
من أيسر الناس صبًّا لماء الوضوء
وكان يحذِّر أمته من الإسراف فيه
وأخبر أنَّه يكون في أمته من يعتدي في الطهور)
[4314] ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/184).
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب
عن أبيه، عن جده، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يجزئ من الوضوء مدٌّ، ومن الغسل صاع
فقال رجل: لا يجزئنا
فقال: قد كان يجزئ من هو خير منك
وأكثر شعرًا، يعني النبي صلى الله عليه وسلم))
[4315] رواه ابن ماجه (270)
4- الإسراف في المرافق العامة:
والإسراف في المرافق العامة مذموم أيضًا
كالإسراف في الماء والكهرباء
ويعتبر من إضاعة المال قال صلى الله عليه وسلم
((إنَّ الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال
وإضاعة المال، وكثرة السؤال))
[4316] رواه البخاري (1477) ومسلم (593).
قال المناوي:
(إضاعة المال: هو صرفه في غير وجوهه الشرعية
وتعريضه للتلف، وسبب النهي
أنَّه إفساد والله لا يحب المفسدين
ولأنه إذا أضاع ماله
تعرَّض لما في أيدي الناس)
[4317] ((فيض القدير)) للمناوي (7/3).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
*عبدالرحمن*
2021-06-17, 17:28
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الإسراف والتبذير
1- الجهل:
جهل المسرف والمبذر بأحكام الشريعة الإسلامية
فربما لا يعرف أنَّ الإسراف والتبذير
منهي عنه فيقع فيه.
2- التأثر بالبيئة:
فالإنسان الذي يعيش في بيئة تكثر فيها
مظاهر الإسراف والترف، سيتأثر بها
مقلدًا من يعيشون حوله، ومن يختلط بهم.
3- السعة بعد الضيق:
(قد يكون الإسراف سببه السعة بعد الضيق
أو اليسر بعد العسر ذلك أن كثيرًا من الناس
قد يعيشون في ضيق، أو حرمان، أو شدة
أو عسر، وهم صابرون محتسبون بل وماضون
في طريقهم إلى ربهم
وقد يحدث أن تتغير الموازين
وأن تتبدل الأحوال فتكون السعة بعد الضيق
أو اليسر بعد العسر
وحينئذ يصعب على هذا الصنف من الناس التوسط
أو الاعتدال، فينقلب على النقيض
تمامًا فيكون الإسراف، أو التبذير)
[4318] ((آفات على الطريق)) للسيد محمد نوح (ص 36).
4- الغفلة عن الآخرة.
5- مصاحبة المسرفين والمبذرين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الرجل على دين خليله
فلينظر أحدكم من يخالل
[4319] رواه أبو داود (4833)
فالإسراف والتبذير ربما يكون بسبب (صحبة المسرفين
ومخالطتهم ذلك أن الإنسان غالبًا ما يتخلق بأخلاق صاحبه
وخليله، لاسيما إذا طالت هذه الصحبة
وكان هذا الصاحب قوى الشخصية شديد التأثير.
ولعلنا بذلك ندرك السر في تأكيد الإسلام
وتشديده على ضرورة انتقاء الصاحب، أو الخليل)
[4320] ((آفات على الطريق)) للسيد محمد نوح (1/37).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
عاشقة البر
2021-06-18, 19:29
جزاك الله خيراااا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ .
أنشرها للأجر
*عبدالرحمن*
2021-06-19, 14:55
جزاك الله خيراااا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ .
أنشرها للأجر
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
و جزاكِ الله عنا كل خير
و بارك الله فيكِ
*عبدالرحمن*
2021-06-19, 15:00
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ما قيل في حسن التدبير وذم التبذير
قال الثعالبي:
(من أصلح ماله فقد صان الأكرمين: الدين
والعرض. ما عالَ مقتصدٌ. أصلحوا أموالكم لنَبْوة الزمان
وجفوة السلطان. الإصلاح أحد الكاسبين.
لا عيلة على مصلحٍ، ولا مال لأخرق
ولا جود مع تبذير
ولا بخل مع اقتصادٍ. التدبير يثمر اليسير
والتبذير يبدد الكثير. حسن التدبير مع الكفاف
أكفى من الكثير مع الإسراف.
القصد أسرع تبليغًا إلى الغاية، وتحصيلًا للأمر.
إنَّ في إصلاح مالك جمال وجهك، وبقاء عزِّك
وصون عرضك، وسلامة دينك. التقدير نصف الكسب.
أفضل القصد عند الجِدَة. عليك من المال بما يعولك
ولا تعوله. من لم يُحمد في التقدير
ولم يُذمَّ في التبذير، فهو سديد التدبير)
[4325] ((التمثيل والمحاضرة)) (ص 428). .
وقيل: (حسن التدبير نصف الكسب
وسوء التدبير داعية البؤس. الإفلاس سوء التدبير)
[4326] ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/578). .
وقيل: (ما وقع تبذير في كثير إلَّا هدمه
ولا دخل تدبير في قليل إلا ثمره).
وقيل: (إنَّك إن أعطيت مالك في غير الحقِّ
يوشك أن يجيء الحقُّ وليس عندك ما تعطي منه)
[4327] ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/578)
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ الإسراف والتبذير
Ali Harmal
2021-06-19, 18:22
اللهم ارفعني بأخلاقي ولاتجعل في قلوب الناس
شيء علي ولا في قلبي شيء عليهم واجعل سيرتي
حسنة وأحسن ذكري بينهم في حياتي وبعد مماتي .
*عبدالرحمن*
2021-06-20, 14:24
اللهم ارفعني بأخلاقي ولاتجعل في قلوب الناس
شيء علي ولا في قلبي شيء عليهم واجعل سيرتي
حسنة وأحسن ذكري بينهم في حياتي وبعد مماتي .
اللهم امين ...
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2021-06-20, 14:42
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك الإسراف والتبذير
1- الاعتدال في النفقة:
قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67].
2- البعد عن مجالسة المسرفين والمبذرين:
ويكون بـ (الانقطاع عن صحبة المسرفين
مع الارتماء في أحضان ذوى الهمم العالية
والنفوس الكبيرة، الذين طرحوا الدنيا وراء ظهورهم
وكرسوا كلَّ حياتهم
من أجل استئناف حياة إسلامية كريمة
تصان فيها الدماء والأموال والأعراض
ويقام فيها حكم الله عز وجل في الأرض
غير مبالين بما أصابهم ويصيبهم في ذات الله
فإنَّ ذلك من شأنه أن يقضي على كلِّ مظاهر السرف
والدعة، والراحة، بل ويجنبنا الوقوع
فيها مرة أخرى، لنكون ضمن
قافلة المجاهدين، وفي موكب السائرين)
[4321] ((آفات على الطريق)) للسيد محمد نوح (1/37).
3- قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
نعم الأسوة والقدوة، وهو الذي يقول
كما يروي ذلك أبو هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا ))
[4322] رواه مسلم (1055).
(أَي: كفايتهم من غير إسراف
وهو معنى كفافًا، وقيل: هو سدُّ الرمق)
[4323] ((الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج)) للسيوطي (6/284).
4- قراءة سيرة السلف الصالح:
فالصحابة من سلف هذه الأمة والتابعون لهم بإحسان
كانوا ينظرون إلى الدنيا على أنها دار ممرٍّ لا دار مقرٍّ،
وأنهم غرباء مسافرون عنها
ولذلك كان عيشهم كفافًا
فقد رُوي عن عمر بن الخطاب أنَّه دخل على ابنه
عبد الله رضي الله تعالى عنهما فرأي عنده لحمًا
فقال: (ما هذا اللحم ؟
قال: أشتهيه. قال: وكلما اشتهيت شيئًا أكلته؟
كفي بالمرء سرفًا أن يأكل كلَّ ما اشتهاه)
ودخل سلمان على أبي بكر، وهو في سكرات الموت
فقال: أوصني. فقال: (إنَّ الله فاتح عليكم الدنيا
فلا تأخذنَّ منها إلا بلاغًا).
[4324] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (4/476)
5- أن يفكر في عواقب الإسراف والتبذير.
6- تذكر الموت والدار الآخرة:
فالمسلم حينما يتذكر الموت وأهوال يوم القيامة
والحساب والميزان والجنة والنار
لا شك أن ذلك سيكون خير معين له
على تجنب الإسراف وحياة البذخ
وسيتقرب إلى الله بإنفاق
ما زاد عن حاجاته في أوجه الخير.
ما قيل في التوسط في الأمور
قال تعالى:وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ
وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء: 29]
(عليك بالقصد بين الطريقتين، لا منع ولا إسراف
ولا بخل ولا إتلاف. لا تكن رطبًا فتعصر
ولا يابسًا فتكسر، ولا تكن حلوًا فتسترط
ولا مرًّا فتلفظ. ...
[4329] ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص 429).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
ما قيل في التهكُّم على مبذِّر (https://dorar.net/akhlaq/1685/%D9%85%D8%A7-%D9%82%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%83%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%A8%D8%B0%D8%B1)
ذم الإسراف والتبذير في واحة الشعر (https://dorar.net/akhlaq/1689/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B0%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-06-21, 15:26
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ التعسير
معنى التَّعْسِير لغةً:
العُسْر: نقيض اليُسْر. والعُسْرة والإعسار: قِلَّة ذات اليَد
وأصل هذه المادة يدلُّ على صُعوبةٍ وشِدَّة.
يقال: عسُر الأمر عسرًا وعَسارة
فهو عسير. أي: صعب شديد
وعسِر الأمر وتعسَّر واستعسر
وعسِر الرجل: قلَّ سماحه في الأمور.
وعسَرتُ الغريم أعسُره طلبت منه الدين
على عُسره، وأعسرته كذلك
[4771] ((العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (1/327)
((تهذيب اللغة)) للأزهري (2/48)
((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/259)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/409). .
معنى التَّعْسِير اصطلاحًا:
أن يشدِّد الإنسان على نفسه أو غيره في أمر الدِّين
بالزِّيادة على المشروع
أو في أمر الدُّنيا بترك الأَيْسَر ما لم يكن إثمًا
[4772] ((نضرة النَّعيم)) (9/4209). .
التفريق بين طلب الأكمل في العبادة والتنطع فيها
عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
((إنَّ الدِّين يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدِّين أحدٌ إلَّا غلبه
فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا
واستعينوا بالغدوة والرَّوحة وشيء مِن الدُّلجة
[4814] الدلجة: هو سير الليل.
((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/ 129).
) [4815] رواه البخاري (39) واللَّفظ له، ومسلم (2816). .
قال ابن المنِير:
(في هذا الحديث عَلَمٌ مِن أعلام النُّبوَّة؛
فقد رأينا ورأى النَّاس قبلنا أنَّ كلَّ متنطِّعٍ
في الدِّين ينقطع، وليس المراد منع طلب
الأكمل في العبادة
فإنَّه مِن الأمور المحمودة
بل منع الإفراط المؤدِّي إلى الملَال أو المبالغة
في التَّطوع المفضي إلى ترك الأفضل
أو إخراج الفرض عن وقته
كمن بات يصلِّي اللَّيل كلَّه
ويُغَالِب النَّوم إلى أن غلبته عيناه في آخر اللَّيل
فنام عن صلاة الصُّبح في الجماعة
أو إلى أن خرج الوقت المختار
أو إلى أن طلعت الشَّمس فخرج وقت الفريضة)
[4816] ((فتح الباري)) لابن حجر (1/94). .
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ التعسير
*عبدالرحمن*
2021-06-22, 15:05
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذَمُّ التَّعْسِير والنَّهي عنه مِن القرآن الكريم
- قال تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا
بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطَّلاق: 6].
تضمنت هذه الآية (معاتبة للأمِّ على المعَاسَرة
كما تقول -لمن تستقضيه حاجةً فيتوانى-:
سيقضيها غيرك. تريد أن تبقى غير مقضيَّة فأنت مَلُومٌ
قال سعدي المفتي: ولا يخلو عن معاتبة الأب -أيضًا-؛
حيث أسقط في الجواب عن حيِّز شرف الخطاب
مع الإشارة إلى أنَّه إن ضُويِقَت الأمُّ في الأجر
فامتنعت مِن الإرضاع لذلك
فلا بدَّ مِن إرضاع امرأة أخرى
وهي -أيضًا- تطلب الأجر في الأغلب الأكثر
والأُمُّ أشفق وأحنُّ، فهي به أولى
وبما ذكرنا يظهر كمال الارتباط بين الشَّرط والجزاء
[4773] ((روح البيان)) لإسماعيل حقي (10/29).
- وقال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ
وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280].
قال ابن كثير:
(قوله: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ
وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ :
يأمر تعالى بالصَّبر على المعسر الذي لا يجد وفاءً
فقال: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ.
أي: لا كما كان أهل الجاهليَّة يقول أحدهم لمدِينه
إذا حلَّ عليه الدَّين: إمَّا أن تقضي وإمَّا أن تُرْبِي.
ثمَّ يندب إلى الوضع عنه
ويَعِدُ على ذلك الخير والثَّواب الجزيل
فقال: وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ .
أي: وأن تتركوا رأس المال بالكليِّة وتضعوه عن المدِين)
[4774] ((تفسير القرآن العظيم)) (1/717).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ التعسير
*عبدالرحمن*
2021-06-23, 15:14
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذمُّ التَّعْسِير والنَّهي عنه في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن عبد الله بن أبي قتادة، أنَّ أبا قتادة
طلب غريمًا له، فتوارى عنه ثم وجده،
فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة
فلينفِّس عن معسر، أو يضع عنه ))
[4775] رواه مسلم (1563). .
(أي: ليؤخر مطالبة الدين عن المدين المعسر.
وقيل: معناه يفرج عنه، أو يضع عنه، أي: يحط عنه
وهذا مقتبس من مشكاة قوله تعالى:
وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ)
[4776] ((دليل الفالحين)) لمحمد علي البكري الصديقي (7/164). .
قال القاري: (فلينفِّس -بتشديد الفاء المكسورة-
أي: فليؤخِّر مطالبته عن مُعْسِر
أي: إلى مدَّة يجد مالًا فيها، أو يضع -بالجزم-
أي: يحطُّ ويترك عنه
-أي عن المعْسِر- كلَّه أو بعضه. فائدة الفرض
أفضل مِن النَّفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل.
الأَوْلَى إبراء المعْسِر مندوب وهو أفضل من إنظاره)
[4777] ((مرقاة المفاتيح)) لملا علي القاري (5/1954). .
- عن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم:
((لا تشدِّدوا على أنفسكم فيشدِّد الله عليكم
فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم
فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدِّيار
رهبانيَّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم))
[4778] رواه أبو داود (4904)
قال ابن تيمية: (ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم
عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع.
والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب
ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات
وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم
ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه
في الطيبات؛ وعلل ذلك بأنَّ الذين شددوا
على أنفسهم من النصارى، شدَّد الله عليهم لذلك
حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة)
[4779] ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/322).
وقال ابن القيِّم: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
عن التَّشديد في الدِّين، وذلك بالزِّيادة على المشروع
وأخبر أنَّ تشديد العبد على نفسه هو السَّبب
لتشديد الله عليه، إمَّا بالقَدَر، وإمَّا بالشَّرع
فالتَّشديد بالشَّرع: كما يشدِّد على نفسه بالنَّذر الثَّقيل
فيلزمه الوفاء به، وبالقَدَر: كفعل أهل الوسواس
فإنَّهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد عليهم القَدَر
حتى استحكم ذلك، وصار صفة لازمة لهم)
[4780] ((إغاثة اللهفان)) (1/132).
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:
((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم
يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها
فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟
قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا.
وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر.
وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا
أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له
لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد
وأتزوج النساء
فمن رغب عن سنتي فليس مني ))
[4781] رواه البخاري (5063).
قال ابن تيمية معلقًا على هذا الحديث:
(والأحاديث الموافقة لهذا كثيرة في بيان
أنَّ سنته التي هي الاقتصاد: في العبادة
وفي ترك الشهوات؛ خير من رهبانية النصارى
التي هي: ترك عامة الشهوات من النكاح وغيره
والغلو في العبادات صومًا وصلاة)
[4782] ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/325).
وقال ابن حجر: (قوله: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له
فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور
له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره
فأعلمهم أنَّه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة
أخشى لله وأتقى من الذين يشددون وإنما كان كذلك
لأنَّ المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد
فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه)
[4783] ((فتح الباري)) (9/105).
- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((مَن أنظر معسِرًا، أو وضع عنه
أظلَّه الله في ظلِّه ))
[4784] رواه مسلم (3006).
قال الطَّحاوي: (الإِعسار قد يكون على العدم الذي
لا يُوصَل معه إلى شيء، وقد يكون على القِلَّة التي
يُوَصل معها، ما إذا أخذ ممَّن عليه الدَّين فَدَحَه
وكَشَفَه، وأضرَّ به، والعُسْرَة تجمعهما جميعًا
غير أنَّهما يختلفان فيها
فيكون أحدهما بها مُعْدَمًا
ولا يكون الآخر منهما بها مُعْدَمًا
وكلُّ مُعْدَمٍ مُعْسِر، وليس كلُّ مُعْسِرٍ مُعْدَمًا
فقد يحتمل أن يكون المعْسِر المقصود
بما في هذه الآثار إليه هو المعْسِر الذي يجد
ما إن أُخِذ منه فَدَحه، وكَشَفه، وأضرَّ به
فمَن أَنْظَر مَن هذه حاله بما له عليه
فقد آثره على نفسه
واستحقَّ ما للمُؤثِرين على أنفسهم
وكان مِن أهل الوَعْد الذي ذكره
رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار)
[4785] ((مشكل الآثار)) (8/315).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُقِ التعسير
*عبدالرحمن*
2021-06-24, 14:56
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
استكمال ذمُّ التَّعْسِير والنَّهي عنه في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال:
((كان تاجر يُدَاين النَّاس، فإذا رأى مُعْسِرًا
قال لصبيانه: تجاوزوا عنه، لعلَّ الله
أن يتجاوز عنَّا، فتجاوز الله عنه ))
[4788] رواه البخاري (2078)، ومسلم (1562).
قال النَّووي: (والتَّجاوز والتَّجوُّز معناهما المسَامَحة
في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير
كما قال: وأتجوَّز في السِّكة.
وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعْسِر والوضع عنه
إمَّا كلَّ الدَّين، وإمَّا بعضه مِن كثيرٍ أو قليلٍ
وفضل المسَامَحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء
سواء استوفى مِن مُوسِر أو مُعْسِر
وفضل الوضع مِن الدَّين
وأنَّه لا يحتقر شيء مِن أفعال الخير
فلعلَّه سبب السَّعادة والرَّحمة.
وفيه جواز توكيل العبيد، والإذن لهم في التَّصرُّف)
[4789] ((شرح النووي على مسلم)) (10/224).
- عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا ))
[4790] رواه البخاري (69)، ومسلم (1734).
قال النَّووي: (جمع في هذه الألفاظ
بين الشَّيء وضدِّه
لأنَّه قد يفعلهما في وقتين
فلو اقتصر على ((يسِّروا)) لصدق ذلك على
مَن يسَّر مرَّةً أو مرَّات، وعَسَّر في معظم الحالات
فإذا قال: ((ولا تعسِّروا)) انتفى التَّعْسِير
في جميع الأحوال مِن جميع وجوهه
وهذا هو المطلوب، وكذا يقال في: ((يسِّرا ولا تنفِّرا
وتطاوعا ولا تختلفا ))
لأنَّهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت
وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.
وفي هذا الحديث الأمر بالتَّبشير بفضل الله
وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته
والنَّهي عن التَّنْفِير بذكر التَّخويف
وأنواع الوعيد محضة مِن غير ضمِّها إلى التَّبشير.
وفيه تأليف مَن قَرُب إسلامه
وترك التَّشديد عليهم، وكذلك مَن قارب البلوغ
مِن الصِّبيان ومَن بلغ، ومَن تاب مِن المعاصي
كلُّهم يُتَلطَّف بهم، ويُدرَجون في أنواع الطَّاعة
قليلًا قليلًا، وقد كانت أمور الإسلام في التَّكليف
على التَّدريج، فمتى يسَّر على الدَّاخل في الطَّاعة
-أو المريد للدُّخول فيها- سَهُلَت عليه
وكانت عاقبته -غالبًا- التَّزايد منها
ومتى عَسُرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها
وإن دَخَل أوشك أن لا يدوم
أو لا يَسْتَحْلِيَها. وفيه أمر الوُلَاة بالرِّفق
واتِّفاق المتشاركين في ولاية ونحوها
وهذا مِن المهمَّات؛ فإنَّ غالب المصالح لا يتمُّ إلَّا بالاتِّفاق
ومتى حصل الاختلاف فات. وفيه وصيَّة الإمام الوُلَاة
وإن كانوا أهل فضل وصلاح
كمعاذ وأبي موسى
فإنَّ الذِّكرى تنفع المؤمنين)
[4791] ((شرح النَّووي على مسلم)) (21/41).
- وعن أبي هريرة قال:
((قام أعرابيٌّ فبال في المسجد، فتناوله النَّاس
فقال لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم: دعوه
وأريقوا على بوله سجلًا مِن ماء، أو ذَنُوبًا مِن ماء
فإنَّما بُعِثتُم ميسِّرين، ولم تُبْعَثوا معسِّرين))
[4792] رواه البخاري (220)، ومسلم عن أنس بلفظ آخر (284).
قال العيني: (فيه مراعاة التَّيسير
على الجاهل، والتَّألف للقلوب)
[4793] ((عمدة القاري)) (3/127).
وأولى الناس بالتيسير الداعية إلى الله؛ اقتداء
برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك المفتي عليه
أن يراعي التيسير ورفع الحرج عن الناس.
يقول ابن العربي (إذا جاء السَّائل عن مسألة
فوجدتم له مَخْلَصًا فيها، فلا تسألوه عن شيء
وإن لم تجدوا له مَخْلصًا فحينئذ اسألوه
عن تصرُّف أحواله وأقواله ونيَّته
عسى أن يكون له مَخْلصًا)
[4794] ((أحكام القرآن)) (4/75).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التعسي
.
*عبدالرحمن*
2021-06-25, 16:53
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الوقوع في التَّعْسِير
1- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالتيسير.
2- لا يلجأ للتعسير وتعقيد الأمور
إلا من كان في خلقه التواء، وفي طبعه كزازة
[4811] الكزازة: اليبس والانقباض.
((لسان العرب)) لابن منظور (5/400).
وفي تربيته نقص وخلل .
[4812] ((شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة))
لمحمد الهاشمي (ص 265).
3 – حب الدنيا، والتعلق بالمال، دون النظر إلى الغير
أو مراعاتهم، أو تقدير ظروفهم.
4- الجهل بعواقبه الدنيوية والأخروية
والجهل بما يجنيه التيسير من مكاسب وفوائد.
5- ضعف الإيمان، وقلة الدين
والبعد عن مواطن الخير.
6 – مجالسة من يتخلقون به، فمن جالس جانس
وصاحب الأخلاق الرديئة يعدي كما يعدي الأجرب.
7- سوء التربية، فمن تربى في مجتمع يسوده
التشديد في الأمور، والتعسير
فسينشأ على هذا الخلق ويعتاده.
8- تزيين الشَّيطان له.
9- ضعف أواصر المحبَّة والألفة بين المسلمين.
10- قلَّة المربِّين والموجِّهين المخلصين.
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التعسير
*عبدالرحمن*
2021-06-26, 13:39
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور التَّعْسِير
للتَّعْسِير صورٌ كثيرةٌ، أهمُّها ما يلي:
1- التَّعْسِير على المدِين عند تأخُّره عن قضاء الدَّين
-لعدم مقدرته- وعدم إنظاره، ويخرج مِن هذه الصُّورة:
أن يكون المدِين قادرًا على الإعطاء
ومع ذلك يمتنع عن دفع دَيْنِه
فيجوز للدَّائن عندئذ شكايته لولي الأمر
-أو مَن ينوب عنه- لأخذ ماله عَنْوَة
لذا قال صلى الله عليه وسلم:
((مَطْل [4809] المطل: هو ترك إعطاء
ما حل أجله مع طلبه.
((فتح الباري)) لابن حجر (1/ 189).
الغنيِّ ظُلْمٌ )) [4810]
رواه البخاري (2287)، ومسلم (1564). .
2- التَّعْسِير في النَّفقة، وهي تضييق الرَّجل
على أهله في النفقة، ولها حالتان:
أولًا: إذا كان هذا بغير اختياره فلا شيء عليه
كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ
رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا
إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7].
ثانيًا: إذا كان هذا باختياره -مع مقدرته على الإنفاق
عليهم بما يسدُّ حاجتهم- فيحرم عليه
كما قال تعالى: وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطَّلاق: 6].
3- التَّعْسِير مع الأجير: بعدم إعطائه حقَّه كاملًا، أو ببخسه
4- التَّعْسِير على مَن أراد النِّكاح بالمغالاة في مهور النِّكاح
بل واشتراط بعض الشُّروط الخارجة عن المهر: كحجز
قاعة لإقامة العرس
وغيره ممَّا يدفع الشَّباب للعزوف عن النِّكاح.
5- التَّعْسِير على الفقير والمحتاج.
6- تَعْسِير ولاة الأمور على الرَّعية: بعدم تلبية حاجاتهم
أو وضع العوائق الكثيرة للحصول على تلك الحاجيات.
7- استعمال الشدة في الدَّعوة والأمر بالمعروف
والنَّهي عن المنكر
فالأمر بالمعروف لا يكون إلَّا بالمعروف
والنَّهي عن المنكر يكون غير منكر.
8- تَعْسِير المرء على نفسه: فربما يترك الأخذ بالرخصة
فيقع في حرج ومشقة، معسِّرًا على نفسه
مع أنَّ الله سبحانه يحب أن تُؤتَى رخصه
وقد رفع عنا الحرج
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185].
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التعسير
*عبدالرحمن*
2021-06-30, 14:26
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الوقوع في التَّعْسِير
1- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالتيسير.
2- لا يلجأ للتعسير وتعقيد الأمور
إلا من كان في خلقه التواء، وفي طبعه كزازة
[4811] الكزازة: اليبس والانقباض.
((لسان العرب)) لابن منظور (5/400).
، وفي تربيته نقص وخلل
[4812] ((شخصية المسلم
كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة))
لمحمد الهاشمي (ص 265).
3 – حب الدنيا، والتعلق بالمال
دون النظر إلى الغير أو مراعاتهم، أو تقدير ظروفهم.
4- الجهل بعواقبه الدنيوية والأخروية
والجهل بما يجنيه التيسير من مكاسب وفوائد.
5- ضعف الإيمان، وقلة الدين
والبعد عن مواطن الخير.
6 – مجالسة من يتخلقون به، فمن جالس جانس
وصاحب الأخلاق الرديئة يعدي كما يعدي الأجرب.
7- سوء التربية، فمن تربى في مجتمع يسوده التشديد
في الأمور، والتعسير
فسينشأ على هذا الخلق ويعتاده.
8- تزيين الشَّيطان له.
9- ضعف أواصر المحبَّة والألفة بين المسلمين.
10- قلَّة المربِّين والموجِّهين المخلصين.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
أقوال السَّلف والعلماء في التَّعْسِير (https://dorar.net/akhlaq/1873/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B3%D9%8A%D8%B1)
ذم التَّعْسِير في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/1885/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1:)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-12-08, 15:37
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُقِ التقليد
التقليد لغةً:
التقليد: وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به
ويسمى ذلك قلادة، ويأتي بمعنى الإلزام
والتناوب وأصل هذه المادة يدل على تعليق شيء وليه به
((المطلع على ألفاظ المقنع)) لمحمد بن أبي الفتح البعلي (87)
وانظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/19)
((لسان العرب)) لابن منظور (3/366)
((مختار الصحاح)) للرازي (259)
((الصحاح)) للجوهري (2/527)
((أساس البلاغة)) للزمخشري (2/96).
التقليد اصطلاحًا:
قال ابن تيمية: التقليد هو قبول القول بغير دليل
((المسودة)) (462).
وقال الجرجاني:
(عبارة عن اتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل
معتقدًا للحقيقة فيه
من غير نظر وتأمل في الدليل)
((التعريفات)) (64).
الفرق بين التقليد والاتباع:
كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك
قبوله لدليل يوجب ذلك- فأنت مقلده
والتقليد في دين الله غير صحيح.
وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه
والاتباع في الدين مسوغ
انظر: ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (2/992).
- الفرق بين العلم والتقليد:
أنَّ العلم هو اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثقة.
والتقليد قبول الأمر ممن لا يُؤمن عليه الغلط بلا حجة
((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (97).
- الفرق بين التقليد والتنحيت:
أن التنحيت هو الاعتقاد الذي يعتدُّ به الإنسان
من غير أن يرجحه على خلافه
أو يخطر بباله أنه بخلاف ما اعتقده
وهو مفارق للتقليد ما يُقلَّد فيه الغير
والتنحيت لا يُقلَّد فيه أحد
((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (97).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التقليد
*عبدالرحمن*
2021-12-09, 14:58
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذمُّ التقليد والتبعية والنهي عنهما في القرآن الكريم
- قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ
قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ
إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [البقرة: 170-171].
قال السعدي: (أخبر تعالى عن حال المشركين
إذا أُمِروا باتِّباع ما أنزل الله على رسوله -ممَّا تقدَّم وصفه-
رغبوا عن ذلك، وقالوا: بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا
فاكتفوا بتقليد الآباء، وزهدوا في الإيمان بالأنبياء
ومع هذا فآباؤهم أجهل النَّاس، وأشدُّهم ضلالًا
وهذه شبهة -لردِّ الحقِّ- واهيةٌ
فهذا دليلٌ على إعراضهم عن الحقِّ، ورغبتهم عنه
وعدم إنصافهم، فلو هُدُوا لرُشْدِهم، وحسن قصدهم
لكان الحقُّ هو القَصْد، ومن جعل الحقَّ قصده
ووازن بينه وبين غيره، تبيَّن له الحقُّ قطعًا
واتَّبعه إن كان مُنصفًا.
ثمَّ قال تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ
بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [البقرة: 171].
لـمَّا بيَّن تعالى عدم انقيادهم لِمَا جاءت به الرُّسل
وردَّهم لذلك بالتَّقليد، عُلِم مِن ذلك أنَّهم غير قابلين للحقِّ
ولا مستجيبين له، بل كان معلومًا لكلِّ أحدٍ أنَّهم
لن يزُولُوا عن عنادهم، أخبر تعالى أنَّ مَثَلَهم عند دعاء الدَّاعي
لهم إلى الإيمان، كمَثَل البهائم التي ينعِق لها راعيها
وليس لها علمٌ بما يقول راعيها ومناديها، فهم يسمعون
مجرَّد الصَّوت الذي تقوم به عليهم الحجَّة، ولكنَّهم لا يفقهونه
فقهًا ينفعهم، فلهذا كانوا صمًّا لا يسمعون الحقَّ سماع
فهمٍ وقبول، عُمْيًا لا ينظرون نظر اعتبار
بُكْمًا فلا ينطقون بما فيه خيرٌ لهم
((تيسير الكريم الرحمن)) (81).
وقال القرطبي: (قال علماؤنا:
وقوَّة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التَّقليد
ونظيرها: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ
وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا [المائدة: 104] الآية)
((الجامع لأحكام القرآن)) (2/211).
- وقال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى
الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ
آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ [المائدة: 104].
أي: إذا دُعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه
وترك ما حرَّمه، قالوا: يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد
مِن الطَّرائق والمسالك، قال الله تعالى:
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا أي: لا يفهمون حقًا
ولا يعرفونه، ولا يهتدون إليه، فكيف يتَّبعونهم والحالة هذه؟
! لا يتَّبعهم إلَّا مَن هو أجهل منهم، وأضلُّ سبيلًا
((تفسير القرآن العظيم)) (3/211).
- وقال -سبحانه-: قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا
عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ
وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ [يونس: 78].
أي: أجئتنا لتصدَّنا عمَّا وجدنا عليه آباءنا مِن الشِّرك
وعبادة غير الله، وتأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له؟!
فجعلوا قول آبائهم الضَّالين حُجَّةً
يردُّون بها الحقَّ الذي جاءهم به موسى -عليه السَّلام-
((التَّصوير النَّبوي للقيم الخلقية والتشريعيَّة)) لعلي صبح (ص 178).
- وقوله تعالى: قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ [الأنبياء: 53].
- وقال: قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [الشُّعراء: 74].
قال ابن كثير: (لم يكن لهم حُجَّة سوى صنيع آبائهم الضُّلَّال)
((تفسير القرآن العظيم)) (5/348).
وقال: (يعني: اعترفوا بأنَّ أصنامهم لا تفعل شيئًا
مِن ذلك، وإنَّما رأوا آباءهم كذلك يفعلون
فهم على آثارهم يُهرَعون)
((تفسير القرآن العظيم)) (6/146).
وقال ابن عبد البر بعدما سرد الآيات
التي فيها ذم التقليد كقوله تعالى:
- إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ
مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ [البقرة: 166-167]
- وقوله: إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا
عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ []الأنبياء: 52-53[. ]
وقوله: إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا [الأحزاب: 67].
قال: (وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد
ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها
لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر
وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد
كما لو قُلِّد رجل فكفر، وقُلِّد آخر فأذنب، وقُلِّد آخر
في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كلُّ واحد ملومًا
على التقليد بغير حجة؛ لأنَّ كلَّ ذلك تقليد يشبه
بعضه بعضًا، وإن اختلفت الآثام فيه)
((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (2/977).
ذمُّ التقليد والتبعية والنهي عنهما في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن عدي بن حاتم: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي عنقي صليب، فقال لي: يا عدي بن حاتم، ألق هذا الوثن
من عنقك. وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية
اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ [التوبة: 31].
قال: قلت: يا رسول الله، إنا لم نتخذهم أربابًا، قال: بلى
أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه
ويحرموه عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه؟
فقلت: بلى، قال: تلك عبادتهم ))
رواه الترمذي (3095)
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التقليد
*عبدالرحمن*
2021-12-10, 14:11
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور التقليد والتبعية
1- الذي يقلِّد غيره في أصل عقيدته
كما فعل قوم إبراهيم وغيرهم:
قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ
قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ [المائدة: 104].
2- الذي يقلِّد غيره في أخلاقه ولو ساءت
كما ذكر الله تعالى عن أهل الجاهلية في قوله:
وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا
بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ
مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 28].
3- الإمَّعة في فروع الدِّين، ومِن ذلك: التَّعصُّب المذهبي:
كالذي يقلِّد غيره في العبادات حتى لو أخطأ
وظهر له الدَّليل على خطئه، كما في التَّعصُّب المذهبي.
4- التَّشبُّه بالكفَّار في عاداتهم وتقاليدهم
وهذا واضح في تقليد كثير مِن المسلمين لغيرهم في كثير
مِن العادات والتَّقاليد، حتى حقَّقوا في ذلك وصف الإمَّعة:
إليك بعض الأمثلة
عيد الأمِّ، عيد شمِّ النَّسيم، عيد الحبِّ... وغيرها
. فكلُّ ذلك مِن العادات التي غالبًا ما يُسأل عنها فاعلوها
فيقولون: هكذا يفعل النَّاس!!
وقد سُئل محمَّد بن صالح العثيمين السُّؤال التَّالي:
(انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحبِّ
-خاصة بين الطَّالبات- وهو عيد مِن أعياد النَّصارى
ويكون الزيُّ كاملًا باللَّون الأحمر -الملْبَس والحذاء-
ويتبادلن الزُّهور الحمراء، نأمل مِن فضيلتكم
بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد
وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور
والله يحفظكم ويرعاكم؟.
فأجاب: الاحتفال بعيد الحبِّ لا يجوز؛ لوجوه:
الأوَّل: أنَّه عيدٌ بدعيٌّ لا أساس له في الشَّريعة.
الثَّاني: أنَّه يدعو إلى العشق والغرام.
الثَّالث: أنَّه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التَّافهة
المخالفة لهدي السَّلف الصَّالح -رضي الله عنهم-.
فلا يحلُّ أن يحدث في هذا اليوم شيء مِن شعائر العيد
سواءً كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس
أو التَّهادي، أو غير ذلك.
وعلى المسلم أن يكون عزيزًا بدينه
وأن لا يكون إمَّعة يتبع كلَّ ناعق)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (16/199-200).
5- التَّبعيَّة السِّياسية
مثل ما يطالب به الكثيرون اليوم مِن جعل الدَّولة مدنيَّةً
على غرار مدنيَّة الغرب التي تعني إقصاء الدِّين.
6- الإمَّعة في الصَّحافة والإعلام
بنشر كلِّ ما يقال بدون تثبُّت وتروٍّ، ويا ليتهم يعقلون
قوله تعالى: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً [النَّساء: 83].
7- ذو الوجهين نوع مِن الإمَّعة:
قال الغزالي: (وقد اتَّفقوا على أنَّ ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق
وللنِّفاق علامات كثيرة وهذه مِن جملتها)
((إحياء علوم الدين)) (4/272).
8- مُسَايرة الواقع:
ومِن صور الإمَّعة: فتنة مُسَايرة الواقع
فهي كثيرة ومتنوعة اليوم بين المسلمين
وهي تترواح بين الفتنة وارتكاب الكبائر أو الصَّغائر
أو التَّرخُّص في الدِّين، وتتبُّع زلَّات العلماء
لتسويغ المخالفات الشَّرعية النَّاجمة عن مسايرة الرَّكب
وصعوبة الخروج عن المألوف
واتِّباع النَّاس إن أحسنوا أو أساؤوا.
ومَن هذه حاله يَنطَبق عليه وصف الإمَّعة
((مجلة البيان)) العدد (147)
من مقال (فتنة مسايرة الواقع) لعبد العزيز الجليل.
من هو الإمعة؟
الإمَّعةُ والإِمَّعُ -بكسر الهمزة وتشديد الميم-:
الذي لا رأْي له ولا عَزْم، فهو يتابع كلَّ أَحدٍ على رأْيِه
ولا يثْبُت على شيء، والهاء فيه للمبالغة
ولا نظير له إِلَّا رجل إِمَّرٌ وهو: الأَحمق.
قال الأَزهري:
وكذلك الإِمَّرةُ وهو الذي يوافق كلَّ إنسان على ما يُريده
((لسان العرب)) لابن منظور (8/340)
وانظر: ((الصحاح)) للجوهري (3/1183)
((غريب الحديث)) للقاسم بن سلَّام (4/50).
وقال الزَّمخشري:
(الإمَّعة: الذي يَتْبَع كلَّ ناعقٍ
ويقول لكلِّ أحدٍ: أنا معك
لأنَّه لا رَأْي له يرجع إليه)
((الفائق)) للزَّمخشري (1/57).
وقال ابن الأثير: (الإمَّعة:
الذي لا رأي له، فهو يتابع كلَّ أحد على رأيه
وقيل: هو الذي يقول لكلِّ أحدٍ: أنا معك)
((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/67).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التقليد
*عبدالرحمن*
2021-12-10, 17:21
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقوال السَّلف والعلماء في التقليد والتبعية
- عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه كان يقول:
(اغْدُ عالما أو متعلِّمًا، ولا تَغْد إمَّعة فيما بين ذلك )
رواه الطَّحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (15/407)
وأبو خيثمة في ((كتاب العلم)) (116)
وصححه ابن القيم في ((إعلام الموقعين)) (2/160).
- وعنه -أيضًا- قال: (أَلَا لا يقلِّدنَّ أحدكم دينه رجلًا
إن آمن: آمن، وإن كفر: كفر
وإن كنتم لا بدَّ مقتدين، فاقتدوا بالميِّت
فإنَّ الحيَّ لا يُؤمن عليه الفتنة)
رواه الطَّبراني في (9/152) (8764)
قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/185):
رجاله رجال الصحيح.
- وعنه -أيضًا- قال: (لا يكون أحدكم إمَّعة
قالوا: وما الإمَّعة يا أبا عبد الرَّحمن؟
قال: يقول: إنَّما أنا مع النَّاس، إن اهتدوا اهتديت
وإن ضلُّوا ضللت، ألَا ليوطِّن أحدكم نفسه
على إن كفر النَّاس، أن لا يكفر )
رواه الطَّبراني في (9/152) (8765)
قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (1/185):
فيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.
- وعنه -أيضًا- قال: (لا يكوننَّ أحدكم إمَّعة
قالوا: وما الإمَّعة؟ قال: يجري مع كلِّ ريح)
ذكره الغزَّالي في ((إحياء علوم الدين)) (3/158).
- وقال الخلَّال: وأخبرني حرب بن إسماعيل الكِرْماني
قال: (قلت لإسحاق -يعني ابن راهوية-
ما معنى قوله: (لا يكون أحدكم إمَّعة)؟
قال: يقول: إن ضلَّ النَّاس ضللت، وإن اهتدوا اهتديت)
(شرح السُّنَّة)) (3/560) ح (944).
- قال عبد الله بن مسعود: (ليوطِّننَّ المرء نفسه
على أنَّه إن كفر مَن في الأرض جميعًا لم يكفر
ولا يكوننَّ أحدكم إمَّعة، قيل: وما الإمَّعة؟
قال: الذي يقول: أنا مع النَّاس؛ إنَّه لا أسوة في الشَّرِّ)
((المعجم الكبير)) للطبراني (9/152).
- وفي رواية: (إذا وقع النَّاس في الفتنة
فقل: لا أسوة لي بالشَّرِّ)
((المعجم الكبير)) للطبراني (9/128)
وقال الهيثمي في ((المجمع)) (7/584):
فيه خديج بن معاوية، وثَّقه أحمد وغيره وضعَّفه جماعةٌ.
- وعن الفضيل بن عياض قال: (اتَّبع طريق الهدى
ولا يضرُّك قلَّة السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضَّلالة
ولا تغتـرَّ بكثرة الهالكين)
((الاعتصام)) للشاطبي (1/112).
- و(عن كُمَيْل بن زياد أنَّ عليًّا رضي الله عنه قال:
يا كُمَيل: إنَّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير
والنَّاس ثلاثة: فعالم ربَّانيٌّ، ومتعلِّم على سبيل نجاة
وهمج رعاع أتباع كلِّ ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم
ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق.. إلى أن قال:
أُفٍّ لحامل حقٍّ لا بصيرة له، ينقدح الشَّكُّ في قلبه بأول
عارض مِن شبهة، لا يدري أين الحقُّ، إن قال أخطأ
وإن أخطأ لم يدر، مشغوفٌ بما لا يدري حقيقته
فهو فتنةٌ لمن فُتن به)
رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/79)
وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (50/255)
قال ابن عساكر: طريق غريب.
- وعن ابن مسعود أنه قال :
( كنا ندعو الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام
فيهذب معه بآخر، وهو فيكم المحقب دينه الرجال الذي
يمنح دينه غيره، فيما ينتفع به ذلك الغير
في دنياه، ويبقى إثمه عليه)
] ((شرح مشكل الآثار)) للطحاوي (15/407).
- وقال ابن القيم: (وكانوا يسمون –
أي: الصحابة والتابعون- المقلد الإمعة ومحقب دينه
كما قال ابن مسعود: الإمعة الذي يحقب دينه الرجال
وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له
ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق
يميلون مع كل صائح)
((إعلام الموقعين)) (2/184).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التقليد
*عبدالرحمن*
2021-12-11, 13:00
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
آثار التقليد والتبعية
1- التفرق والميل عن سبيل الله:
قال تعالى: وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].
2- الخذلان وفقدان النصير:
قال تعالى:وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ
قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ
مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة: 120].
قال تعالى: قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم
مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى
إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا
فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ
وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ
بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ [الأعراف: 38-39]
4- التبرؤ والحسرة:
قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ
ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ
بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا
تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ
وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: 165-167
5- العذاب المهين والاستقبال المشين في جهنم:
قال تعالى:هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ
الْمِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَذَا
فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبًا
بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ [ص: 55-60].
6- التخاصم والتلاوم:
قال تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ
تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم
مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ
فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ [الصافات: 27-34].
7- التقليد يعمي عن إدراك الحقائق
((لوامع الأنوار البهية)) للسفاريني (1/48).
الوسائل المعينة على ترك التقليد والتبعية
1- الاعتبار بمصارع القرون الأولى:
قال تعالى: فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا
وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ
وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا [العنكبوت: 40].
2- اتباع القدوة الحسنة:
قال تعالى: أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90].
3- إظهار الصورة المنفرة للمقلدين:
قال سبحانه: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179].
4- الشعور بالمسؤولية الفردية:
فإن المقلد على غير هدى يتحمل تبعة تقليده
ولا يدفع المتبوعين عنه شيئًا، قال تعالى:
مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ
عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء: 15].
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
التقليد والتبعية في الأمثال (https://dorar.net/akhlaq/1911/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84)
ذم التقليد والتبعية في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/1913/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-12-13, 11:56
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُق الجَزَع
معنى الجَزَع لغةً:
الجَزَع، بالتَّحريك: نقيض الصَّبر.
وقد جَزِع يَجْزَع جَزَعًا فهو جازِع، فإذا كَثُر منه الجَزَع
فهو جَزُوع. والجَزُوع:
ضدُّ الصَّبور على الشَّرِّ. وأَجْزَعه غيره
((الصحاح)) للجوهري (3/1196)
((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/221).
معنى الجَزَع اصطلاحًا:
قال أبو هلال:
(الجَزَع: إظهار ما يلحق المصَاب مِن المضَض والغَمِّ)
((الفروق)) (ص 200).
وقال الرَّاغب:
(والجَزَع هو: حُزْن يَصْرِف الإنسان
عمَّا هو بصدده، ويَقْطَعه عنه)
((المفردات)) (194-195).
وقال ابن فارس:
(هو انقطاع المنَّة عن حَمْل ما نزل)
((مقاييس اللغة)) (1/453).
- الفرق بين الجَزَع والفَزَع:
قال الرَّاغب: (الفَزَع والجَزَع أخوان
لكن الفَزَع ما يعتري الإنسان مِن الشَّيء المخِيف
والجَزَع ممَّا يعتري مِن الشَّيء المؤلم
والفَزَع لفظ عام، سواء كان عارضًا
عن أمارة ودلالة، أو حاصلًا لا عن ذلك)
((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص 234).
- الفرق بين الجَزَع ورِقَّة القلب:
قال ابن القيِّم: (والفرق بين رِقَّة القلب والجَزَع:
أنَّ الجَزَع ضعفٌ في النَّفس، وخوفٌ في القلب
يمدُّه شدَّة الطَّمع والحرص
ويتولَّد مِن ضعف الإيمان بالقَدَر...
فمتى عَلِم أنَّ المقَدَّر كائنٌ- ولا بدَّ- كان الجَزَع
عناءً محضًا ومصيبة ثانية. أمَّا رِقَّة القلب فإنَّها مِن الرَّحمة
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرَقَّ النَّاس قلبًا
وأبعدهم مِن الجَزَع
فرِقَّة القلب رأفةٌ ورحمةٌ
وجَزَعُه مرضٌ وضعفٌ، فالجَزَع حال قلبٍ مريضٍ بالدُّنيا
قد غشيه دخان النَّفس الأمَّارة، فأخذ بأنفاسه
وضيَّق عليه مسالك الآخرة
وصار في سجن الهوى والنَّفس، وهو سجنٌ ضيِّق الأرجاء
مظلم المسلك، فانحصار القلب وضيقه يجعله يَجْزَع
مِن أدنى ما يصيبه ولا يحتمله
فإذا أشرق فيه نور الإيمان واليقين بالوعد
وامتلأ مِن محبَّة الله وإجلاله
رَقَّ وصارت فيه الرَّأفة والرَّحمة
فتراه رحيمًا رقيق القلب بكلِّ ذي قُرْبَى ومسلم
يرحم النَّملة في جحرها، والطَّير في وَكْرِه
فضلًا عن بني جنسه، فهذا أقرب القلوب مِن الله تعالى)
((الروح)) (ص 250).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-14, 13:18
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذَمُّ الجَزَع والنَّهي عنه في القرآن الكريم
قال تعالى: أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ [إبراهيم: 21.]
قال ابن عاشور: (وجملة أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا
مِن كلام الذين استكبروا. وهي مستأنفة تُبين عن سؤالٍ مِن الضُّعفاء
يستفتون المستكبرين: أيصبرون أم يجزعون
تطلُّبًا للخلاص مِن العذاب، فأرادوا تأييسهم مِن ذلك، يقولون
: لا يفيدنا جَزَعٌ ولا صَبْرٌ، فلا نجاة مِن العذاب.
فضمير المتكلِّم المشارك شامل للمتكلِّمين والمجابين
جمعوا أنفسهم إتمامًا للاعتذار عن توريطهم)
((التحرير والتنوير)) (13/217).
- وقال تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلاَّ الْمُصَلِّينَ [المعارج: 19-22].
قال السعدي: (فيَجْزَع إن أصابه فقرٌ أو مرضٌ
أو ذهابُ محبوبٍ له، مِن مالٍ أو أهلٍ أو ولد
ولا يستعمل في ذلك الصَّبر والرِّضا بما قضى الله)
((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 887).
- وقال تعالى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف: 18].
قال ابن القيِّم: (لا جَزَعَ فيه)
((بدائع الفوائد)) (4/175).
- وقال تعالى: وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ
أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا [يونس: 12].
قال ابن كثير عند هذه الآية:
(يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسَّه الضُرُّ
وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ [فصلت: 51]
أي: كثير، وهما في معنى واحد
وذلك لأنَّه إذا أصابته شدَّةٌ قَلِقَ لها، وجَزِع منها
وأكثرَ الدُّعاء عند ذلك
فدعا الله في كَشْفِها ورَفْعِها عنه ...)
((تفسير القرآن العظيم)) (4/252).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-16, 13:47
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثانيًا: ذَمُّ الجَزَع والنَّهي عنه في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهطٍ
الرهط من الرجال ما دون العشرة
وقيل: إلى أربعين، ولا يكون فيهم امرأة
ولا واحد له من لفظه.
((عمدة القاري)) للعيني (14/291).
سريَّة
السرية: طائفة من الجيش يبلغ أقصاها
أربعمائة تبعث إلى العدو.
((عمدة القاري)) للعيني (14/291).
عينًا
عينًا: أي: جاسوسًا ((عمدة القاري)) للعيني (14/291).
قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين. فتركوه، فركع ركعتين
ثمَّ قال: لولا أن تظنُّوا أنَّ ما بي جَزَعٌ لطوَّلتها
اللَّهمَّ أحصهم عددًا )
https://dorar.net/hadith/sharh/23240
رواه البخاري (3045).
- عن عمرو بن تغلب:
((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بمال أو سبي
فقسَّمه، فأعطى رجالًا وترك رجالًا
فبلغه أنَّ الذين ترك عَتَبُوا، فحمد الله ثمَّ أثنى عليه
ثمَّ قال: أما بعد، فوالله إنِّي لأعطي الرَّجل
وأدع الرَّجل، والذي أدع أحبُّ إليَّ مِن الذي أعطي
ولكن أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم مِن الجَزَع والهلع
وأَكِلُ أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم مِن الغنى والخير
فيهم عمرو بن تغلب. فوالله ما أحبُّ أنَّ لي بكلمة
رسول الله صلى الله عليه وسلم حُمْر النَّعم
حمر النعم: هي الإبل الحمر وهي أنفس أموال العرب.
((شرح النووي على مسلم)) (15/178).
https://dorar.net/hadith/sharh/8064
رواه البخاري (923).
(أي: من شدة الألم والضجر الذي يصيب نفوسهم
لو لم يعطوا من الغنيمة، فأعطيهم تأليفًا لقلوبهم
وتطييبًا لنفوسهم)
((منار القاري)) لحمزة محمد قاسم (2/254).
- عن جندب بن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كان فيمن كان قبلكم رجلٌ به جُرْح
فجَزِعَ، فأخذ سكِّينًا، فحَزَّ
فحزّ: قطع بها يده من غير إبانة.
((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/424).
بها يده، فمَا رَقَأ
فما رقأ: أي لم ينقطع.
((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/424).
الدَّم حتى مات، قال الله تعالى:
بَادَرَني عبدي بنفسه، حرَّمت عليه الجنَّة ))
https://dorar.net/hadith/sharh/150791
رواه البخاري (3463) ومسلم (113) واللَّفظ للبخاري.
قال العيني: (قوله: ((فجَزِع))
أي: لم يصبر على الألم)
((عمدة القاري)) (16/47).
- عن محمود بن لبيد
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا أحبَّ الله قومًا ابتلاهم، فمَن صبر فله الصَّبر
ومَن جَزِع فله الجَزَع
https://dorar.net/hadith/sharh/36159
رواه أحمد (5/427) (23672)
ومعنى الحديث: (من يرد الله به خيرا أوصل إليه مصيبة
ليطهره به من الذنوب، وليرفع درجته)
((إرشاد الساري)) للقسطلاني (8/342).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-18, 14:29
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقوال السَّلف والعلماء في الجَزَع
- (قال محمد بن كعب القرظي:
الجَزَع: القول السَّيِّئ، والظَّنُّ السَّيِّئ)
رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (1301).
- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للأشعث بن قيس:
(إنَّك إن صبرت؛ جرى عليك القلم وأنت مأجورٌ
وإن جَزِعت؛ جرى عليك القلم وأنت مأزورٌ)
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 288).
- وعن الحسن، قال: (لما حضرت سلمان الوفاة، بكى
فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الله
وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال: ما أبكي جَزَعًا على الدُّنيا
ولكن عهد إلينا عهدًا فتركنا عهده
عهد إلينا أن يكون بلغة
بلغة: كفاية. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/ 419).
أحدنا مِن الدُّنيا كزاد الرَّاكب. فلمَّا مات نظر فيما ترك
فإذا قيمته ثلاثون درهمًا)
رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (13/36) (9912).
- و(قال رجل مِن الحكماء:
إنَّما الجَزَع والإشفاق قبل وقوع الأمر
فإذا وقع فالرِّضا والتَّسليم)
((الكامل)) للمبرد (4/32).
- وقال عمرو بن دينار: قال عبيد بن عمير: (ليس الجَزَع
أن تدمع العين، ويحزن القلب
ولكن الجَزَع: القول السَّيِّئ والظَّنُّ السَّيِّئ)
((عدة الصابرين)) لابن القيِّم (ص 99).
- (وسئل القاسم بن محمد عن الجَزَع
فقال: القول السَّيِّئ والظَّنُّ السَّيِّئ)
((عدة الصابرين)) لابن القيِّم (ص 99).
- و(قال بعض الحكماء:
إن كنت تجزع على ما فات مِن يدك
فاجزع على ما لا يصل إليك)
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 289).
- و(قال ابن السَّماك: المصيبة واحدة
فإن جَزِع صاحبها فهما اثنتان.
يعني فقد المصاب، وفقد الثَّواب)
((ربيع الأبرار)) للزمخشري (3/98).
- و(قال منصور بن عمار: مَن جَزِع مِن مصائب الدُّنيا
تحوَّلت مصيبته في دينه)
((الرسالة القشيرية)) (1/74).
- وقال الماوردي:
(إنَّ مَن خاف الله عزَّ وجلَّ صبر على طاعته
ومَن جزع مِن عقابه وقف عند أوامره)
((أدب الدنيا والدين)) (ص 361).
- وقال الجاحظ:
(وهذا الخُلُق – أي الجَزَع - مُرَكَّب مِن الخُرْق
الخرق: الجهل والحمق. ((لسان العرب)) لابن منظور (10/ 75).
والجُبْن، وهو مستقبح إذا لم يكن مجديًا ولا مفيدًا)
((تهذيب الأخلاق)) المنسوب للجاحظ (ص 34).
- وقال ابن حزم:
إنَّ إظهار الجَزَع عند حلول المصائب مذمومٌ
لأنَّه عجَز مُظْهِرُه عن مِلك نفسه، فأظهر أمرًا لا فائدة فيه
بل هو مذموم في الشَّريعة
وقاطع عمَّا يلزم مِن الأعمال وعن التَّأهُّب
لما يتوقَّع حلوله ممَّا لعلَّه أشنع مِن الأمر الواقع
الذي عنه حدث الجَزَع .. فلمَّا كان إظهار الجَزَع مذمومًا
كان ضدُّه محمودًا، وهو إظهار الصَّبر
لأنَّه ملك النَّفس، واطِّراحٌ لما لا فائدة فيه
وإقبال على ما يَعُودُ ويُنْتَفَع به في الحال وفي المسْتَأنف.
وأمَّا استبطان الصَّبر فمذمومٌ
لأنَّه ضعفٌ في الحسِّ، وقسوةٌ في النَّفس وقلَّةُ رحمة.
وهذه أخلاق سوء، لا تكون إلَّا في أهل الشَّرِّ
وخبث الطَّبيعة، وفي النُّفوس السَّبُعيَّة الرَّديئة.
فلمَّا كان ذلك نتيجة ما ذكرنا، كان ضدُّه محمودًا
وهو استبطان الجَزَع؛ لما في ذلك مِن الرَّحمة والرِّقة
والشَّفقة والفهم لقَدْر الرزيَّة. فصحَّ بهذا أنَّ الاعتدال
هو أن يكون المرء جَزُوعَ النَّفس صَبُور الجسد
بمعنى أن لا يظهر في وجهه
ولا في جوارحه شيء مِن دلائل الجَزَع)
((رسائل ابن حزم)) (1/406).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-19, 13:45
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الجَزَع
الجَزَع على قسمين:
1 - الجَزَع في الخطايا.
2 - الجَزَع في المصائب.
وفي ذلك يقول سعيد بن جبير عندما سئل عن الجَزَع:
(الجَزَع على نحوين: أحدهما في الخطايا
أن يجزع الرَّجل إليها، والآخر في المصائب
فأمَّا جزع المصيبة: فهو ألَّا يحتسبها العبد عند الله
ولا يرجو ثوابها، ويرى أنَّه سوءٌ أصابه، فذلك الجَزَع
ويفعل ذلك وهو متجلِّدٌ
متجلد: من الجلد القوة والصبر.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 125).
لا يبين منه إلَّا الصَّبر)
رواه ابن أبي الدنيا في ((الصبر والثواب)) (ص 129).
آثار الجَزَع
1 - الدُّعاء على النَّفس
((فيض القدير)) للمناوي (1/330).
2 - يورث الحسرة، وبقاء النَّدامة:
(قيل للأحنف: إنَّك لصبورٌ على الجَزَع!
فقال: الجَزَع شرُّ الحالين؛ يباعد المطلوب
ويورث الحسرة، ويُبقي على صاحبه النَّدم)
((المجالسة وجواهر العلم)) لأبي بكر الدينوري (5/113).
3 - ليس مع الجَزَع فائدة:
(كان أبو بكر الصِّدِّيق إذا عزَّى عن ميت
قال لوليه: ليس مع العزاء مصيبة
ولا مع الجَزَع فائدة)
رواه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (19/325).
4 - فوات الأجر، وتضاعف المصيبة:
قال ابن القيِّم:
(الجَزَع لا يفيد إلَّا فوات الأَجر وتضاعف المصيبة)
((طريق الهجرتين)) (ص 218).
5 - الجَزَع يورث السَّقم:
قال الفضيل بن عياض:
(إنَّ الجَزَع يورث السَّقم، وبالسَّقم يكون الموت
وبالبُرْء تكون الحياة)
((التذكرة الحمدونيَّة)) لابن حمدون (1/183).
6 - زيادة البلاء.
7 - سوء الظن بالله، وعدم الثقة به سبحانه.
8- انتفاء كمال الإيمان.
9 -عدم الرضا بالمقدور، وعجزه عن فعل المأمور.
10- استحقاق العذاب في الآخرة.
11- قلق النفس واضطرابها.
12- الجَزِع يشقى به جلساؤه، ويمله أقرباؤه
((نضرة النعيم)) (9/4357).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-20, 16:32
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب الوقوع في الجَزَع
1- تذكُّر المصَاب حتى لا يتناساه
وتصوُّره حتى لا يَعْزُب عنه
يعزب: يغيب. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 597).
، ولا يجد مِن التِّذكار سَلْوَة، ولا يخلط مع التَّصور تعزية
وقد قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
لا تستفزُّوا الدُّموع بالتَّذكُّر
ذكره الجاحظ في ((البيان والتبيين)) (3/102)
2- الأسف وشدَّة الحسرة، فلا يرى مِن مصابه خلفًا
ولا يجد لمفقوده بدلًا؛ فيزداد بالأسف وَلَهًا، وبالحسرة هلعًا.
ولذلك قال الله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا
بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ الحديد: 23[.]
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 298).
3- كثرة الشَّكوى، وبثُّ الجَزَع
فقد قيل في قوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً [المعارج: 5].
إنَّه الصَّبر الذي لا شكوى فيه، ولا بثٌّ
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 298).
4- اليأس مِن جبر مصابه، وطلابه
فيقترن بحزن الحادثة قنوط الإياس، فلا يبقى معهما صبرٌ
ولا يتَّسع لهما صدرٌ.
وقد قيل: المصيبة بالصَّبر أعظم المصيبتين.
((لسان العرب)) لابن منظور (14/167).
5- أن يغرى بملاحظة مَن حِيطَت سلامته
وحرست نعمته، حتى الْتَحَف بالأمن والدَّعة
الدعة: السكون والراحة. ((لسان العرب)) لابن منظور (14/167).
، واستمتع بالثَّروة والسَّعة، ويرى أنَّه قد خُصَّ
مِن بينهم بالرَّزيَّة بعد أن كان مساويًا، وأفرد بالحادثة
بعد أن كان مكافيًا، فلا يستطيع صبرًا على بلوى
ولا يلزم شكرًا على نعمى. ولو قابل بهذه النَّظرة ملاحظة
مَن شاركه في الرَّزيَّة، وساواه في الحادثة لتكافأ الأمران
فهان عليه الصَّبر وحان منه الفرج
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 298).
6- ضعف الإيمان: قال القاسمي:
الجَزَع واليأس مِن الفرج عند مسِّ شرٍّ قُضِى عليه ...
ممَّا ينافي عقد الإيمان)
((محاسن التأويل)) (6/499).
قال ابن القيِّم:
(وإذا اطمأنَّ إلى حكمه الكوني:
عَلِمَ أنَّه لن يصيبه إلَّا ما كتب الله له
وأنَّه ما يشاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
فلا وجه للجَزَع والقلق إلَّا ضعف اليقين والإيمان.
فإنَّ المحذور والمخوف:
إن لم يُقَدَّر فلا سبيل إلى وقوعه
وإن قُدِّر فلا سبيل إلى صرفه بعد أن أُبْرِم تقديره.
فلا جَزَع حينئذ لا ممَّا قُدِّر ولا ممَّا لم يُقَدَّر)
((مدارج السالكين)) (2/483).
7- عدم الاستعانة بالله في المصيبة.
8- عدم النَّظر إلى مَن هم أشدُّ منه مصيبة وغمًّا وألـمًا.
9– العَجْز: قال ابن القيِّم:
(الجَزَع قرين العَجْز وشقيقه...
فلو سُئِل الجَزَع: مَن أبوك؟ لقال: العَجْز)
((عدة الصابرين)) (ص 18).
10- ترك الرِّضا بما يوجب القضاء.
11- عدم توطين النَّفس على وقوع المكروه:
قال أبو حاتم: (السَّبب المؤدِّي إلى إظهار الجَزَع
عند فِرَاق المتواخين هو: ترك الرِّضا بما يوجب القضاء
ثمَّ ورود الشَّيء على مُضْمَر الحشا
المضمر من الضمير: وهو السر وداخل الخاطر.
والمضمر: الموضع والمفعول.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/492).
الحشا: ما اضطمت عليه الضلوع.
انظر: ((تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (4/492).
بعدما انطوى عليه قديمًا، فمَن وطَّن نفسه
في ابتداء المعاشرة على ورود ضدِّ الجميل عليها مِن صحبته
وتأمَّل ورود المكروه منه على غفلته
لا يُظْهِر الجَزَع عند الفراق، ولا يشكو الأسف
والاحتراق إلَّا بمقدار ما يوجب العِلْمُ إظهاره)
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (297-298).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الجَزَع
*عبدالرحمن*
2021-12-24, 12:55
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
النَّهي عن تمنِّي الموت جزعًا
حين يعلم المؤمن أنَّ صبره على المصائب
والآلام مكفِّرٌ لسيِّئاته، ورافعٌ لدرجاته
ويُسجَّل له مع كلِّ شعورٍ بألم أجرٌ عند الله تعالى
يناله ثواب عظيم وكرامة عنده في دار الجزاء
يرى أنَّه في خيرٍ عظيمٍ، وفضلٍ جسيمٍ مِن الله تعالى
ويرى أنَّ تمنِّيه الموت تخلُّصًا مِن المصائب هروبٌ مِن الحياة
وفرارٌ مِن مسؤوليَّة الابتلاء، وخروجٌ مِن سوق تجارة رابحة
أضعافًا مضاعفة، لذلك فهو لا يتمنَّى الموت ليتخلَّص
مِن مصائبه وآلامه، ويلاحظ المؤمن أنَّ طول أجله فرصةٌ له
ليزيد مِن حسناته إن كان مِن المحسنين
وليتوب ويصلح مِن حاله إن كان مِن المسيئين
لكلِّ ذلك نهى الرَّسول صلى الله عليه وسلم
الذين آمنوا عن تمنِّي الموت... روى البخاريُّ ومسلم
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يتمنَّى أحدكم الموت لضرٍّ أصابه
فإن كان لا بدَّ فاعلًا فليقل: اللَّهمَّ أحيني ما كانت الحياة
خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي
رواه البخاري (6351)، ومسلم (2680).
وهذا الحديث يدلُّ على أنَّ الأفضل للمؤمن
أن لا يتدخَّل في طلب الموت مِن ربِّه مطلقًا
وأن يترك أمر الأجل لمقادير الله في خلقه
ولحكمته في عباده.
ولذلك لم يَدْعُ خبَّاب بن الأرَتِّ على نفسه بالموت
مع أنَّه وصل إلى حالة رأى فيها
أنَّ الموت أحبُّ له مِن الحياة.
روى البخاريُّ عن قيس بن أبي حازم
قال: دخلنا على خباب بن الأرت رضي الله عنه نعوده
وقد اكتوى سبع كيَّات، فقال:
((إنَّ أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدُّنيا
وإنَّا أصبنا ما لا نجد له موضعًا إلَّا التُّراب.
ثمَّ قال: ولولا أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهانا
أن ندعو بالموت لدعوت به
https://dorar.net/hadith/sharh/151026
رواه البخاري (5672).
وإنَّا أصبنا ما لا نجد له موضعًا إلَّا التُّراب:
أي أصبنا مِن المال ما لا نجد له موضعًا نضعه فيه
أن نبني به ونعمِّر بيوتًا وبساتين.
وقد حدَّث خباب نفسه بالموت ولم يطلبه
مخافة أن تنقص الدُّنيا والأموال التي زادت عنده مِن منزلته
عن أصحابه الذين سبقوا إلى ربِّهم
قبل أن تُفْتَح الدُّنيا على المسلمين.
وهذه التَّربية الإسلاميَّة مِن شأنها أن ترفع معنويَّات المسلمين
في الحياة، وتشدُّ عزائمهم، وتنفي السَّأم والضَّجر عن نفوسهم
وقلوبهم، وتضع بينهم وبين الطَّريق التي تنحدر
بكثير مِن النَّاس إلى الانتحار سدًّا منيعًا.
أمَّا من ترك الإيمان بالله واليوم الآخر
وكفر بالمفاهيم الإسلاميَّة العظيمة
تولَّد في نفسه السَّأم والضَّجر مِن الحياة عند أوَّل ضرٍّ يمسُّه
ومع تتابع أحداث الضَّجر مرةً بعد مرةٍ، تتكثَّف في نفسه
ضغوطٌ قاتلةٌ، لا تجد لها منفذًا تتنفَّس منه؛ لأنَّ المتَنَفَّس الوحيد
لا يأتي إلَّا عن طريق الإيمان بالله، واليوم الآخر
والرِّضى عن الله فيما تجري به مقاديره
مراقبة الأجر العظيم الذي أعدَّه الله للصَّابرين.
وبعد تكثُّف ضغوط الضَّجر والسَّأم مِن الحياة دون أن تجد
متنفَّسًا سليمًا، تحَدْثُ حالة الانفجار النَّفسي
وهذا الانفجار ينتهي به إلى الانتحار أو إلى الجنون
أو إلى الجريمة البشعة، أو إلى إدمان المسكرات والمخدِّرات
وفي كلِّ ذلك شرٌّ مستطيرٌ، وبلاءٌ كبيرٌ.
أمَّا المؤمنون فهم مِن هذا البلاء بعافية والحمد لله
وبلاد المسلمين هي أسلم البلاد وأنقاها مِن جرثومة
هذا الوباء، وذلك بسرِّ الوقاية العجيبة التي يصنعها الإيمان
وتغذيها عناصر التَّربية الإسلاميَّة.
وقد أصيب بعض أبناء المسلمين في هذا العصر بأمراض
أهل الكفر، لـمَّا تسرَّب إليهم داء الكفر بالله
وبمقاديره وحكمته، والكفر باليوم الآخر وما فيه
مِن جزاء بالثَّواب أو بالعقاب.
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
الأمثال في الجَزَع (https://dorar.net/akhlaq/2001/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%B9)
ذم الجَزَع في واحة الشِّعر (https://dorar.net/akhlaq/2003/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-12-25, 13:08
اخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُق التَّنْفِير
معنى التَّنْفِير لغةً:
مادة (نفر) أصلها يدلُّ على تجافٍ وتباعدٍ
ومِن ذلك نَفَر الحيوان وغيره، بمعنى تجافيه وتباعده عن مكانه
ونَفَرَ يَنْفِر نُفُورًا ونِفارًا: إِذا فَرَّ وذهب
والنَّفْر: التَّفرُّق، ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره نَفْرًا ونَفَرانًا: شَرَدَ
((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/459)
((الصحاح)) للجوهري (2/833)
((لسان العرب)) لابن منظور (5/227).
معنى التَّنْفِير اصطلاحًا:
التَّنْفِير: هو أن تَلْقَى النَّاس أو تعاملهم
بالغِلْظَة والشِّدَّة ونحو ذلك
ممَّا يحمل على النُّفور مِن الإسلام والدِّين
((نضرة النعيم)) (9/ 4297).
صور التَّنْفِير
هناك صور عدَّة مِن صور التَّنْفِير
نذكر هنا طرفًا منها، وهي كالتَّالي:
1- تعامل الداعية مع الناس بأسلوب فيه نوع من الشدة
والغلظة والجفوة وافتقاد الرفق واللين.
وهذا السلوك يجعل الناس ينفرون مِن دعوته
ولا يستجيبون لتعاليمه، وهذا تصديقًا لقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ الدِّين يُسْرٌ، ولن يُشَادَّ الدِّين أحدٌ إلَّا غلبه
فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا
https://www.dorar.net/hadith/sharh/1474
رواه البخاري (39) واللَّفظ له، ومسلم (2816).
ولا شك (أنَّ الغلوَّ مخالفٌ للفطرة البشريَّة
لا يمكن تحمُّله والالتقاء معه، وسلوك الغُلَاة مِن الغلظة والجفوة
وأسلوبهم مِن التَّشدُّد والتَّعْسِير. كلُّ ذلك ينفِّر النَّاس
مِن الاستجابة للدَّعوة، ويصدُّهم عنها...)
((ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث))
لمحمد عبد الكريم حامد (ص 371).
2- الأخذ بالعزيمة والحمل على الأخذ بها
والإعراض عن الرخص التي شرع الله الأخذ بها
مما يوقع الناس في المشقة، مع أنَّ الله -تبارك وتعالى
- يحبُّ أن تُؤتى رُخَصه كما يحبُّ أن تُؤتى عزائمه.
3- تقنيط النَّاس مِن رحمة الله -تبارك وتعالى-
وتيئيسهم مِن التَّوبة، وازدراء المذنبين ونبذهم
وربَّما وصل الحال للاعتداء عليهم بالشَّتم والأذيَّة البدنيَّة
وكلُّ هذا مِن صور التَّنْفِير التي نهى عنها
المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رجلًا على
عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله
وكان يُلَقَّب حمارًا، وكان يُضْحِك
رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشَّراب
فأُتِي به يومًا، فأَمَر به فجُلِد
فقال رجل مِن القوم: اللَّهمَّ الْعَنْهُ، ما أكثر ما يُؤتى به؟
فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
((لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلَّا أنَّه يحبُّ الله ورسوله
https://www.dorar.net/hadith/sharh/148731
رواه البخاري (6780).
. وفي حديث آخر
((أُتِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بسكران
فأَمَر بضربه، فمنَّا مَن يضربه بيده
ومنَّا مَن يضربه بنعله، ومنَّا مَن يضربه بثوبه
فلمَّا انصرف، قال رجلٌ: ما له؟! أخزاه الله!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تكونوا عون الشَّيطان على أخيكم
https://www.dorar.net/hadith/sharh/11203
رواه البخاري (6781).
(فقد علَّل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نهيه
عن لعن شارب الخمر بأنَّ ذلك اللَّعن سيكون
عونًا للشَّيطان على المسلم، فربَّما ازداد نفورًا
فإنَّ العقوبة تُقَدَّر بقَدْرِ الجُرْم
فربَّما ازدادت فأدَّت إلى أثرٍ عكسيٍ)
((مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر))
لعبد الرحمن بن معلا اللويحق (2/698).
4- تغليب الترهيب على الترغيب في الدعوة إلى الله.
5- القسوة عند الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر
وعدم التَّروي والتَّمهُّل فيه.
6- تنفير الأئمَّة للنَّاس مِن الصَّلاة بإطالتها
مخالفين بذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتخفيف.
7- التَّنْفِير في التَّعليم
وذلك إمَّا بالزَّجر والسَّبِّ والضَّرب للمتعلم
بما يدفعه للعزوف عن تعلُّم العلم.
8- مخاطبة النَّاس بما لا يتحمَّلونه: كالاختلافات بين الفقهاء
وأقوال المتكلِّمين في المعتقدات
وغيرها مِن الأمور التي قد لا يستوعبها البعض
أو يفهمونها على غير فهمها الصَّحيح.
9- مخالفة العلم للعمل والقول للفعل:
قال حكيم: (أفسد الناس جاهل ناسك وعالم فاجر
هذا يدعو الناس إلى جهله بنسكه
وهذا يُنفِّر الناس عن علمه بفسقه)
((موارد الظمآن لدروس الزمان))
لعبد العزيز السلمان (2/17).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التَّنْفِير
*عبدالرحمن*
2021-12-26, 13:08
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ذَمُّ التَّنْفِير والنَّهي عنه في السنة النبوية
- عن أبي مسعود الأنصاري قال:
((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: يا رسول الله، إنِّي والله لأتأخَّر عن صلاة الغداة
مِن أجل فلان ممَّا يطيل بنا فيها، قال: فما رأيتُ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قطُّ أشدَّ غضبًا في موعظة منه يومئذ
ثمَّ قال: يا أيُّها النَّاس، إنَّ منكم مُنَفِّرِين؛
فأيُّكم ما صلَّى بالنَّاس فليوجز
فإنَّ فيهم الكبير والضَّعيف وذا الحاجة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/13458
رواه البخاري (702)، ومسلم (466).
(مُنَفِّرين: يعني يُنَفِّرُون النَّاس عن دين الله)
((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/ 617).
. فلقد (جاءت هذه الشَّريعة السَّمحة
باليُسر والسُّهولة، ونَفْي العَنَت والحَرَج. ولهذا فإنَّ الصَّلاة
-التي هي أجلُّ الطَّاعات- أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
الإمام التَّخفيف فيها، لتتيسَّر وتَسْهُل على المأمومين
فيخرجوا منها وهم لها راغبون.
ولأنَّ في المأمومين مَن لا يطيق التَّطويل، إمَّا لعجزه
أو مرضه أو حاجته، فإن كان المصلِّي منفردًا
فليطوِّل ما شاء؛ لأنَّه لا يضرُّ أحدًا بذلك.
ومِن كراهته صلى الله عليه وسلم للتَّطويل
الذي يضرُّ النَّاس أو يعوقهم عن أعمالهم، أنَّه لما جاءه
رجل وأخبره أنَّه يتأخَّر عن صلاة الصُّبح مع الجماعة
مِن أجل الإمام الذي يصلِّي بهم، فيطيل الصَّلاة
غضب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا
وقال: إنَّ منكم مَن يُنَفِّر النَّاس عن طاعة الله
ويكرِّه إليهم الصَّلاة ويثقِّلها عليهم
فأيُّكم أمَّ النَّاس فليوجز، فإنَّ منهم العاجزين وذوي الحاجات)
((تيسير العلام شرح عمدة الأحكام)) للبسام (ص 141).
- عن أبي موسى الأشعري
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذًا إلى اليمن
فقال: ((يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنَفِّرا،
وتطاوعا ولا تختلفا
https://www.dorar.net/hadith/sharh/148938
رواه البخاري (3038)، ومسلم (1733).
قال ابن حجر:
(قال الطِّيبيُّ: هو معنى الثَّاني، مِن باب المقابلة المعنويَّة
لأنَّ الحقيقيَّة أن يقال: بشِّرا ولا تنذرا وآنسا ولا تنفِّرا،
فجمع بينهما ليعمَّ البِشَارة والنِّذارة والتَّأنيس والتَّنْفِير.
قلت: ويظهر لي أنَّ النُّكتة في الإتيان بلفظ البِشَارة
-وهو الأصل- وبلفظ التَّنْفِير -وهو اللَّازم- وأتى بالذي بعده
-على العكس- للإشارة إلى أنَّ الإنذار لا يُنْفَى مطلقًا،
بخلاف التَّنْفِير: فاكتفى بما يلزم عنه الإنذار، وهو التَّنْفِير،
فكأنَّه قيل: إن أنذرتم فليكن بغير تنفير)
((فتح الباري)) (8/61).
- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا
رواه البخاري (69)، ومسلم (1734).
قال النَّووي:
(جمع في هذه الألفاظ بين الشَّيء وضدِّه
لأنَّه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتصر على ((يسِّروا))
لصدق ذلك على مَن يسَّر مرَّةً أو مرَّات وعسَّر في معظم الحالات،
فإذا قال: ((ولا تعسِّروا)) انتفى التَّعْسِير في جميع الأحوال
مِن جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب،
وكذا يقال في ((يسِّرا ولا تنفِّرا وتطاوعا ولا تختلفا))
لأنَّهما قد يتطاوعان في وقتٍ، ويختلفان في وقتٍ،
وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.
وفي هذا الحديث الأمر بالتَّبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه
وجزيل عطائه، وسعة رحمته، والنَّهي عن التَّنْفِير
بذكر التَّخويف، وأنواع الوعيد محضةً، مِن غير ضمِّها
إلى التَّبشير، وفيه تأليف مَن قَرُب إسلامه،
وترك التَّشديد عليهم، وكذلك مَن قارب البلوغ
مِن الصِّبيان ومَن بلغ، ومَن تاب مِن المعاصي،
كلُّهم يُتَلطَّف بهم، ويُدْرَجون في أنواع الطَّاعة
قليلًا قليلًا. وقد كانت أمور الإسلام في التَّكليف
على التَّدريج؛ فمتى يسَّر على الدَّاخل في الطَّاعة
-أو المريد للدُّخول فيها- سَهُلَت عليه، وكانت عاقبته -
غالبًا- التَّزايد منها، ومتى عَسُرَت عليه أوشك
أن لا يدخل فيها، وإن دخل أوشك
أن لا يدوم أو لا يَسْتَحْلِيَها)
((شرح النووي على مسلم)) (21/41).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق التَّنْفِير
*عبدالرحمن*
2021-12-28, 13:42
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك التَّنْفِير
1- التَّأسِّي بطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في دعوته، وتأليفه لقلوب النَّاس.
2- أن يستشعر الدَّاعية حاجة النَّاس إلى الدَّاعية البصير
الهيِّن اللَّيِّن، الذي يقرِّبهم مِن الله ويحبِّبهم إليه.
3- خوف الدَّاعية مِن أن يكون سببًا في ضلال النَّاس
وإبعادهم عن الدِّين بسب تعامله الفظ الغَلِيظ
وأنَّ ذلك قد يعرِّضه لعقاب الله -تبارك وتعالى- وانتقامه.
4- أن يُلِمَّ الدُّعاة بفقه الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر
فيقوموا بهذا الواجب على بصيرة وعلم.
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2021-12-28, 17:28
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُق الظلم
معنى الظلم لغةً:
أصل الظلم: الجور ومجاوزة الحد
يقال: ظَلَمه، يَظْلِمُه ظَلْمًا، وظُلْمًا، ومَظْلمةً
فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ
والظُّلم الاسم، وهو ظالم وظَلوم.
وأصل الظلم، وضع الشيء في غير موضعه
((النهاية)) لابن الأثير (3/161)
((القاموس المحيط)) للفيروزآبادي (ص 1134)
((المصباح المنير)) للفيومي (ص 146).
معنى الظلم اصطلاحًا:
هو: (وضع الشيء في غير موضعه المختص به
إمَّا بنقصان أو بزيادة
وإما بعدول عن وقته أو مكانه)
((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب الأصفهاني (537).
وقيل: (هو عبارة عن التعدِّي
عن الحق إلى الباطل وهو الجور.
وقيل: هو التصرُّف في ملك الغير، ومجاوزة الحد)
((التعريفات)) للجرجاني (ص 186).
- الفرق بين الجور والظلم:
(الجور خلاف الاستقامة في الحكم
وفي السيرة السلطانية تقول: جار الحاكم في حكمه
والسلطان في سيرته، إذا فارق الاستقامة في ذلك.
والظلم ضرر لا يستحق ولا يعقب عوضًا
سواء كان من سلطان، أو حاكم، أو غيرهما
ألا ترى أنَّ خيانة الدانق والدرهم تسمَّى ظلمًا
ولا تسمى جورًا، فإن أخذ ذلك على وجه القهر
أو الميل سمِّي جورًا وهذا واضح
وأصل الظلم نقصان الحق، والجور العدول عن الحق
من قولنا: جار عن الطريق. إذا عدل عنه
وخلف بين النقيضين، فقيل في نقيض الظلم الإنصاف
وهو إعطاء الحق على التمام
وفي نقيض الجور العدل
وهو العدول بالفعل إلى الحق)
((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 385).
- الفرق بين الغشم والظلم:
(الغشم كره الظلم، وعمومه توصف به الولاة
لأنَّ ظلمهم يعمُّ، ولا يكاد يقال غشمني في المعاملة
كما يقال: ظلمني فيها
وفي المثل: وَالٍ غشوم خير من فتنة تدوم
وقال أبو بكر: الغشم اعتسافك الشيء
ثم قال: يقال: غشم السلطان الرعية يغشمهم
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله: الاعتساف خبط الطريق
على غير هداية، فكأنه جعل الغشم ظلما
يجري على غير طرائق الظلم المعهودة)
((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 172).
- الفرق بين الهضم والظلم:
(أن الهضم نقصان بعض الحق
ولا يقال لمن أخذ جميع حقه قد هضم.
والظلم يكون في البعض والكل
وفي القرآن فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112]
أي: لا يمنع حقه ولا بعض حقه
وأصل الهضم في العربية النقصان
ومنه قيل للمنخفض من الأرض: هضم. والجمع أهضام)
((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 557).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2021-12-29, 14:22
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أولًا: ذم الظلم والنهي عنه في القرآن الكريم
الآيات الواردة في ذم الظلم والظالمين كثيرة ومتنوعة فمنها:
- آيات وردت في تنزيه الله تعالى نفسه عن الظلم
قال تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ [غافر: 31]
وقال: وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت: 46 ]
وقال: وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران: 108]،
(أي: ليس بظالم لهم
بل هو الحَكَم العدل الذي لا يجور
لأنه القادر على كل شيء، العالم بكل شيء
فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدًا من خلقه
ولهذا قال: وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [آل عمران:109]
https://www.dorar.net/tafseer/3/34
[آل عمران:109] ، أي: الجميع ملْك له وعبيد له.
وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [آل عمران:109]
https://www.dorar.net/tafseer/3/34
[آل عمران:109] ، أي: هو المتصرف
في الدنيا والآخرة، الحاكم في الدنيا والآخرة)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/93).
- وقال سبحانه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 40]
وقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا
وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: 44]
https://www.dorar.net/tafseer/10/16
قال القرطبي: (أي لا يبخسهم ولا ينقصهم
من ثواب عملهم وزن ذرة، بل يجازيهم بها ويثيبهم
عليها. والمراد من الكلام
أنَّ الله تعالى لا يظلم قليلًا ولا كثيرًا)
((الجامع لأحكام القرآن)) (5/195).
- آيات تتحدث عن إهلاك الله تعالى للظالمين
وتوعدهم بعقوبات في الدنيا والآخرة
يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102]
(يقول تعالى: وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة
لرسلنا كذلك نفعل بنظائرهم وأشباههم
وأمثالهم، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/349).
- وقوله تعالى: وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ
النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ [سبأ: 42]
وقال الله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18].
(أي: ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله
من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم
بل قد تقطعت بهم الأسباب من كلِّ خير)
((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (7/137).
- وقال تعالى: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [الحج:71]
أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]
https://www.dorar.net/tafseer/11/6
[ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ [الزمر:24]
https://www.dorar.net/tafseer/39/8
إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام: 21]
https://www.dorar.net/tafseer/6/7
وقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51]
https://www.dorar.net/tafseer/5/18
- آيات جاء فيها وصف المعاصي بالظلم:
ومنها قوله تعالى: وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق: 1]
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا
يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10]
https://www.dorar.net/tafseer/4/3
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2021-12-31, 13:34
بارك الله فيك اخي الكريم 👍 👍 👍 👍 👍 👍 👍 👍
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار العطر دائما
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2021-12-31, 14:01
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثانيًا: ذم الظلم والنهي عنه في السنة النبوية
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي
إني حرمت الظلم على نفسي
وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا...
https://www.dorar.net/hadith/sharh/16716
رواه مسلم (2577).
قال ابن تيمية: (هذا الحديث قد تضمن
من قواعد الدين العظيمة في العلوم
والأعمال والأصول والفروع
فإن تلك الجملة الأولى وهي قوله: ((حرمت الظلم على نفسي)).
يتضمن جلَّ مسائل الصفات والقدر إذا أعطيت حقَّها من التفسير
وإنما ذكرنا فيها ما لا بدَّ من التنبيه عليه
من أوائل النكت الجامعة. وأما هذه الجملة الثانية
وهي قوله: ((وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)).
فإنها تجمع الدين كله
فإنَّ ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم
وكل ما أمر به راجع إلى العدل)
((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (18/157).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قِيد
قيد شبر: أي قدر شبر من الأرض.
((شرح النووي على مسلم)) (11/50).
شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين
https://www.dorar.net/hadith/sharh/11144
رواه البخاري (2453)، ومسلم (1612).
- وعن جابر رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ
فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم
حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم
https://www.dorar.net/hadith/sharh/17169
رواه مسلم (2578).
قال ابن القيم: (سبحان الله! كم بكت
في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم
وجرت دمعة مسكين كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ [المرسلات: 46]
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88]
https://www.dorar.net/tafseer/38/14
ما ابيضَّ لون رغيفهم حتى اسود لون ضعيفهم
وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام ما استأثروا عليه
لا تحتقر دعاء المظلوم، فشرر قلبه محمول بعجيج
صوته إلى سقف بيتك، ويحك نبال أدعيته مصيبة
وإن تأخر الوقت، قوسه قلبه المقروح
ووتره سواد الليل، وأستاذه صاحب
((لأنصرنك ولو بعد حين
https://www.dorar.net/hadith/sharh/42551
)) وقد رأيت ولكن لست تعتبر
احذر عداوة من ينام وطرفه باكٍ، يقلب وجهه في السماء
يرمي سهامًا ما لها غرض سوى الأحشاء منك
فربما ولعلها إذا كانت راحة اللذة تثمر ثمرة العقوبة
لم يحسن تناولها، ما تساوي لذة سنة غمَّ ساعة
فكيف والأمر بالعكس، كم في يمِّ الغرور من تمساح
فاحذر يا غائص، ستعلم أيها الغريم قصتك
عند علق الغرماء بك:
إذا التقى كل ذي دَين وماطله
ستعلم ليلى أي دين تداينت
من لم يتتبع بمنقاش العدل شوك الظلم
من أيدي التصرف أثر ما لا يؤمن تعديه إلى القلب)
((بدائع الفوائد)) (3/762).
- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ الله ليُملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته
https://www.dorar.net/hadith/sharh/151278
ثم قرأ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102]))
رواه البخاري (4686).
قال ابن عثيمين: (... ((يملي له))
يعني: يمهل له حتى يتمادى في ظلمه، والعياذ بالله
فلا يعجل له العقوبة، وهذا من البلاء نسأل الله أن يعيذنا
وإياكم، فمن الاستدراج أن يملي للإنسان في ظلمه
فلا يعاقب له سريعًا حتى تتكدس على الإنسان المظالم
فإذا أخذه الله لم يفلته، أخذه أخذ عزيز مقتدر
ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ
إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102]، فعلى الإنسان الظالم
أن لا يغترَّ بنفسه، ولا بإملاء الله له
فإنَّ ذلك مصيبة فوق مصيبته
لأنَّ الإنسان إذا عُوقِب بالظلم عاجلًا، فربما يتذكر ويتعظ
ويدع الظلم، لكن إذا أُملي له واكتسب آثامًا
أو ازداد ظلمًا ازدادت عقوبته، والعياذ بالله
فيُؤخذ على غرَّة حتى إذا أخذه الله لم يُفلته)
((شرح رياض الصالحين)) (2/498).
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة
أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة
فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة
ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/665
رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).
أقوال السلف والعلماء في الظلم:
- قال معاوية رضي الله عنه:
(إني لأستحي أن أظلم من لا يجد عليَّ ناصرًا إلا الله)
((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/30).
- وقال رجل عند أبي هريرة:
(إنَّ الظالم لا يظلم إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت
والذي نفس أبي هريرة بيده، إنَّ الحبارى
الحبارى: طائر معروف وهو على شكل الإوزة
برأسه وبطنه غبرة ولون ظهره وجناحيه كلون السمانى غالبًا.
((المصباح المنير في غريب الشرح الكبير)) للفيومي (1/118).
لتموت في وكرها من ظلم الظالم)
رواه ابن أبي الدنيا في ((العقوبات)) (ص 178)
والطبري في ((تفسيره)) (17/231).
- (وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله
بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه
: حصنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم)
((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/31).
- (ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبد الملك
فقال له: اتق يوم الأذان؛ قال هشام: وما يوم الأذان؟
قال: قوله تعالى:
فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [الأعراف:44]
فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذلُّ الصفة
فكيف المعاينة؟)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/124).
- (وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم
وهو والي أرض فارس: يا ربيع، آثر الحق، والزم القصد
وابسط العدل، وارفق بالرعية، واعلم أنَّ أعدل الناس
من أنصف من نفسه، وأظلمهم من ظلم الناس لغيره)
((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/31).
- (وقال ابن أبي الزناد: عن هشام بن عروة
قال: استعمل ابن عامر عمرو ابن أصبغ على الأهواز
فلما عزله، قال له: ما جئت به؟
قال له: ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال: كيف ذلك؟
قال: أرسلتني إلى بلد أهله رجلان: رجل مسلم له ما لي
وعليه ما عليَّ، ورجل له ذمة الله ورسوله
فوالله ما دريت أين أضع يدي. قال: فأعطاه عشرين ألفًا)
((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/31)
- وكان شريح القاضي يقول:
(سيعلم الظالمون حقَّ من انتقصوا، إنَّ الظالم لينتظر
العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/124).
- وقال جعفر بن يحيى: (الخراج عمود الملك، وما استغزر
استغزره: طلب غزارته وكثرته.
((تكملة المعاجم العربية)) (7/404).
بمثل العدل، وما استنزر
استنزر: طلب القليل التافه.
انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (14/204).
بمثل الظلم)
((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/31).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-01, 16:15
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقسام الظلم
(الظلم ثلاثة: الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى
وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق
ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
https://www.dorar.net/tafseer/31/4
وإياه قصد بقوله: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]
https://www.dorar.net/tafseer/11/6
وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 31]
في آي كثيرة
وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر: 32]
https://www.dorar.net/tafseer/39/10
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]
https://www.dorar.net/tafseer/6/24
والثاني: ظلم بينه وبين الناس
وإياه قصد بقوله: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا
إلى قوله: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية
وبقوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى: 42]
وبقوله: وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء: 33]
https://www.dorar.net/tafseer/17/8
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه
وإياه قصد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ [فاطر: 32]
https://www.dorar.net/tafseer/35/8
وقوله: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل: 44]
https://www.dorar.net/tafseer/27/6
إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ [النساء:64]
https://www.dorar.net/tafseer/4/19
فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة:35]
https://www.dorar.net/tafseer/2/7
أي: من الظالمين أنفسهم
وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231]
https://www.dorar.net/tafseer/2/39
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس
فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه
فإذا الظالم أبدًا مبتدئ في الظلم
ولهذا قال تعالى في غير موضع:
وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33]
https://www.dorar.net/tafseer/16/7
وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57]
https://www.dorar.net/tafseer/2/9
وقوله: وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82]
https://www.dorar.net/tafseer/6/21
((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب الأصفهاني (537-538).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
janakhaled
2022-01-05, 10:39
جزاك الله خيرا
*عبدالرحمن*
2022-01-05, 14:05
جزاك الله خيرا
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار العطر دائما
بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2022-01-05, 14:13
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
معاونة الظالم على ظلمه
من يعين الظالم فهو ظالم مثله، ومشارك له في الإثم:
الظلم من الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون
على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم
والعدوان فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]
https://www.dorar.net/tafseer/5/1
وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قال:
((لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا
وموكله وَكَاتِبَه وَشَاهِدَيْه وقال: هُم سَواء
https://www.dorar.net/hadith/sharh/17199
رواه مسلم (1598).
قال النووي:
(هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة
عليهما وفيه: تحريم الإعانة على الباطل)
((شرح صحيح مسلم)) للنووي (11/36).
وقال ميمون بن مهران:
(الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء)
((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص 220).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-08, 14:05
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور الظلم
لا شكَّ أنَّ الظلم له صور كثيرة
وسنقتصر على ذكر بعضها حتى نكون منها على حذر
وهذه الصور منها:
أولًا: ظلم العبد نفسه
1- أعظمه الشرك بالله:
قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
https://www.dorar.net/tafseer/31/4
https://www.dorar.net/hadith/sharh/2088
قال ابن تيمية:
(ومما ينبغي أن يُعلم أنَّ كثيرًا من الناس لا يعلمون
كون الشرك من الظلم، وأنَّه لا ظلم إلا ظلم الحكام
أو ظلم العبد نفسه، وإن علموا ذلك من جهة الاتباع
والتقليد للكتاب، والسنة، والإجماع، لم يفهموا وجه ذلك
ولذلك لم يسبق ذلك إلى فهم جماعة من الصحابة
لما سمعوا قوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82]
https://www.dorar.net/tafseer/6/21
كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود
أنهم قالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله:
((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح:
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
https://www.dorar.net/tafseer/31/4
https://www.dorar.net/hadith/sharh/2088
وذلك أنهم ظنُّوا أنَّ الظلم- كما حدَّه طائفة
من المتكلمين- هو إضرار غير مستحقٍّ
ولا يرون الظلم إلا ما فيه إضرار بالمظلوم
إن كان المراد أنهم لن يضروا دين الله وعباده المؤمنين
فإنَّ ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك
والمعاصي أبلغ وأبلغ)
((جامع المسائل)) (6/235).
2- التعدِّي على حدود الله:
تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229].
قال ابن جرير:
(تلك معالم فصوله، بين ما أحل لكم، وما حرم عليكم
أيها الناس، قلا تعتدوا ما أحل لكم من الأمور التي بينها
وفصلها لكم من الحلال، إلى ما حرم عليكم
فتجاوزوا طاعته إلى معصيته، وإنما عنى تعالى
ذكره بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا
هذه الأشياء التي بينت لكم في هذه الآيات التي مضت:
من نكاح المشركات الوثنيات
وإنكاح المشركين المسلمات، وإتيان النساء
في المحيض، وما قد بين في الآيات الماضية قبل قوله:
تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ، مما أحل لعباده
وحرم عليهم، وما أمر ونهى)
((جامع البيان)) للطبري (4/583).
3- الصدُّ عن مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا
اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا
إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ
وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة: 114].
قال ابن جرير:
(وأي امرئ أشد تعديًا وجراءة على الله وخلافًا لأمره
من امرئ منع مساجد الله أن يعبد الله فيها)
((جامع البيان)) للطبري (2/519).
4- كتم الشهادة:
قال تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى
قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ
مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 140].
قال السعدي:
(فهي شهادة عندهم، مودعة من الله، لا من الخلق
فيقتضي الاهتمام بإقامتها، فكتموها، وأظهروا ضدها
جمعوا بين كتم الحق، وعدم النطق به، وإظهار الباطل
والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟
بلى والله، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة)
((تيسير الكريم الرحمن)) (69).
5- الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا
وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ
وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى
فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 57].
قال ابن كثير:
(يقول تعالى: وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله
فأعرض عنها، أي: تناساها وأعرض عنها
ولم يصغ لها، ولا ألقى إليها بالًا)
((تفسير القرآن العظيم)) (5/172).
6- الكذب على الله:
قال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا
لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 144].
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية:
(يقول: فمن أشد ظلمًا لنفسه، وأبعد عن الحق
ممن تخرص على الله قيل الكذب
وأضاف إليه تحريم ما لم يحرم، وتحليل ما لم يحلل)
((جامع البيان)) (12/189).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-12, 18:03
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور الظلم
لا شكَّ أنَّ الظلم له صور كثيرة
وسنقتصر على ذكر بعضها حتى نكون منها على حذر
وهذه الصور منها:
ثانيًا: ظلم العباد بعضهم لبعض
وظلم العباد بعضهم لبعض أنواع
وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها.قال سفيان الثوري:
(إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنبًا فيما بينك وبين الله تعالى؛
أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد)
ويمكن تقسيمه إلى ظلم قولي، وظلم فعلي:
من صور الظلم القولي:
التعرض إلى الناس بالغيبة، والنَّمِيمَة، والسباب والشتم،
والاحتقار، والتنابز بالألقاب، والسخرية،
والاستهزاء، والقذف،...ونحو ذلك.
من صور الظلم الفعلي:
1- القتل بغير حق:
قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ
وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف
فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [الإسراء: 33].
قال السعدي في تفسير قوله تعالى
وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ. (وهي: النفس المسلمة
من ذكر وأنثى، صغير وكبير، بر وفاجر
والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق.
إِلاَّ بِالحَقِّ كالزاني المحصن
والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة..
. وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا أي: بغير حق فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
وهو أقرب عصباته وورثته إليه سُلْطَانًا
أي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل)
((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (69).
2- الظلم الواقع على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم.
3- أخذ أرض الغير أو شيء منها:
قال صلى الله عليه وسلم:
((من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا؛ فإنه يطوقه
يوم القيامة من سبع أرضين
رواه البخاري (3198)، ومسلم (1610)
من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه.
4- الظلم الواقع في الأُسَر:
ومنه:
- ظلم الأولاد لوالديهما بعقوقهما.
- ظلم الأزواج لزوجاتهم في حقهنَّ سواء كان صداقًا
أو نفقةً، أو كسوةً.
- ظلم الزوجات لأزواجهنَّ بـتقصيرهن
في حقهم، وتنكُّر فضلهم.
- ظلم البنات بعضلهنَّ عن الزواج.
قال تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: 19].
(العضل : التضييق، والمنع، والشدة ...
والمعنى: لا يحل لكم إرث النساء، ولا عضلهن
أي ولا التضييق عليهن، لأجل أن تذهبوا ببعض
ما آتيتموهن، أي أعطيتموهن من ميراث
أو صداق، أو غير ذلك.
والخطاب لمجموع المؤمنين لتكافلهم فيصدق بما أعطوه
للنساء من ميراث، ومهر زواج، وغير ذلك
وجعله بعضهم للأزواج، وبعضهم للورثة
وكل منهم كان يعضل النساء)
((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (4/372).
- الدعاء على الأولاد، والقسوة في التعامل معهم.
- تَفضيل بعض الأولاد على بعض:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال:
((سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله
ثم بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى
تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي
وأنا غلام، فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا
قال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم
قال: فأراه قال: لا تشهدني على جور ))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/14642
رواه البخاري (2650) واللفظ له، ومسلم (1689).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-14, 14:44
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
و مازلنا مع صور الظلم
5- ظلم أصحاب الولايات والمناصب:
ومنه:
- نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية.
- عدم إعطاء الرعية حقوقهم.
- تقديم شخص في وظيفة ما
وهناك من هو أكفأ منه وأقدر على العمل.
6- ظلم العمال:
ومنه:
- أن يعمل له عمل ولا يعطيه أجره:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر
ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر
أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/15879
رواه البخاري (2227).
- أن يبخسه حقوقَه أو أن يؤخرها عن وقتها.
- تكليفه بأمور غير ما اتفق عليها معه
أو بأمور لم تجرِ العادة تكليفه بها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((إخوانكم خولكم
جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده
فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس
ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/5976
رواه البخاري (30).
7- أكل مال الغير بغير حق:
وهو أنواع ومنه:
أ- أكل أموال الناس بالباطل:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ
إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا
فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا [النساء: 29-30]
(ينادي الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان
الإيمان فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ. وينهاهم عن أكل
أموالهم بينهم بالباطل بالسرقة أو الغش أو القمار
أو الربا وما إلى ذلك من وجوه التحريم العديدة فيقول
: لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ، أي: بغير عوض مباح
أو طيب نفس، ثم يستثني ما كان حاصلًا عن تجارة قائمة
على مبدأ التراضي بين البيعين
لحديث: ((إنما البيع عن تراض
https://www.dorar.net/hadith/sharh/42569
و((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/6884
فقال تعالى: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ.
فلا بأس بأكله فإنه حلال لكم. هذا ما تضمنته الآية
كما قد تضمنت حرمة قتل المؤمنين لبعضهم بعضًا
فقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ.
والنهي شامل لقتل الإنسان نفسه وقتله أخاه المسلم
لأن المسلمين كجسم واحد، فالذي يقتل مسلمًا منهم
كأنما قتل نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا
فقال: إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فلذا حرم عليكم قتل بعضكم بعضًا.
هذا ما تضمنته الآية الأولى
أما الآية الثانية فقد تضمنت وعيدًا شديدًا بالإصلاء
بالنار والإحراق فيها كل من يقتل مؤمنًا عدوانًا وظلمًا
أي: بالعمد والإصرار والظلم المحض
فقال تعالى: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ أي: القتل عُدْوَانًا
وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ أي: الإصلاء
والإحراق في النار عَلَى اللّهِ يَسِيرًا لكمال قدرته
بهذا العذاب إذا لا يستطيع أن يدفع ذلك
عن نفسه بحال من الأحوال)
((أيسر التفاسير)) للجزائري (1/466-467).
ب- أكل أموال الضعفاء كاليتامى:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا
إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10].
يقول الفخر الرازي: (اعلم أنه تعالى
أكد الوعيد في أكل مال اليتيم ظلمًا، وقد كثر الوعيد
في هذه الآيات مرة بعد أخرى على من يفعل ذلك
كقوله: وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ
إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [النساء: 2]
https://www.dorar.net/tafseer/4/2
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا [النساء: 9]
https://www.dorar.net/tafseer/4/3
ثم ذكر بعدها هذه الآية مفردة في وعيد
من يأكل أموالهم، وذلك كله رحمة من الله تعالى باليتامى
لأنهم لكمال ضعفهم وعجزهم استحقوا من الله مزيد العناية
والكرامة، وما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته
وكثرة عفوه وفضله؛ لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف
إلى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم
إلى الغاية القصوى)
((مفاتيح الغيب)) للرازي (9/506).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-17, 15:56
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
و مازلنا مع صور الظلم
7- أكل مال الغير بغير حق:
ج- الرِّبا:
قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ
وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ
أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء: 160-161].
(ما زال السياق في اليهود من أهل الكتاب يبين جرائمهم
ويكشف الستار عن عظائم ذنوبهم
ففي الآية الأولى سجل عليهم الظلم العظيم والذي به
استوجبوا عقاب الله تعالى حيث حرم عليهم طيبات كثيرة
كانت حلالًا لهم، كما سجل عليهم أقبح الجرائم
وهي صدهم أنفسهم وصد غيرهم عن سبيل الله تعالى
وذلك بجحودهم الحق وتحريفهم كلام الله
وقبولهم الرشوة في إبطال الأحكام الشرعية.
هذا ما تضمنته الآية الأولى
أما الثانية فقد تضمنت تسجيل جرائم أخرى على اليهود
وهي أولًا استباحتهم للربا وهو حرام، وقد نهوا عنه
وثانيًا أكلهم أموال الناس بالباطل؛ كالرشوة والفتاوى
الباطلة التي كانوا يأكلون بها.
وأما قوله تعالى في ختام الآية:
وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
فهو زيادة على عقابهم به في الدنيا أعد لمن كفر
منهم ومات على كفره عذابًا أليمًا موجعًا يعذبون به يوم القيامة)
((مفاتيح الغيب)) للرازي (1/573).
د- الرشوة:
قال صلى الله عليه وسلم:
((لعن الله الرَّاشي والمرتشي ))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/36447
رواه أحمد (2/387) (9019)
قال المناوي معلقًا على هذا الحديث:
(أي ليس على منهاجنا؛ لأن وصف المصطفى صلى الله عليه
وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها
وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش)
((فيض القدير)) (6/186).
ويقول ابن حجر الهيتمي:
(ليتأمل الغشاش بخصوصه قوله صلى الله عليه وسلم:
((من غشنا فليس منا)) يعلم أن أمر الغش عظيم
وأن عاقبته وخيمة جدًّا فإنه ربما أدت إلى الخروج
عن الإسلام والعياذ بالله تعالى
فإن الغالب أنه صلى الله عليه وسلم لا يقول ليس منا
إلا في شيء قبيح جدًّا يؤدي بصاحبه إلى أمر خطير
ويخشى منه الكفر، فإن لمن يعرض دينه إلى زوال
ويسمع قوله صلى الله عليه وسلم:
((من غش فليس منا))، ولا ينتهي عن الغش
إيثارًا لمحبة الدنيا على الدين ورضا بسلوك سبيل الضالين)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/401).
و- الميسر:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ
فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة:90-91].
ز- الغلول:
قال تعالى: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [آل عمران: 161]
https://www.dorar.net/tafseer/3/47
(الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، والخيانة
في كل مال يتولاه الإنسان وهو محرم إجماعا
بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها
من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي
أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب..
..ثم ذكر الوعيد على من غل
فقال: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا
أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ الغال وغيره
كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه
وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أي: لا يزاد في سيئاتهم
ولا يهضمون شيئا من حسناتهم.)
((تتيسير الكريم الرحمن)) السعدي (ص 155).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-18, 15:54
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
التحذير من دعوة المظلوم:
قال صلى الله عليه وسلم:
((واتق دعوة المظلوم
فإنه ليس بينها وبين الله حجاب
https://www.dorar.net/hadith/sharh/13126
رواه البخاري (1496)، ومسلم (19)
من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
(أي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى.
قال السيوطي: أي ليس لها ما يصرفها ولو كان المظلوم
فيه ما يقتضي أنه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه
حرامًا أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه
(وإن كان كافرًا) رواه أحمد من حديث أنس.
قال ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب
عن قدرته، وعلمه، وإرادته، وسمعه، وبصره
ولا يخفى عليه شيء، وإذا أخبر عن شيء
أنَّ بينه وبينه حجابًا، فإنما يريد منعه)
((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (3/260).
ولربما تأخرت إجابة الدعوة
ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون
قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي
رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:42-43].
وقال ميمون بن مهران:
في قوله تبارك وتعالى:
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.
قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم)
((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص 220).
(وقيل: لما حبس بعض البرامكة وولده قال
: يا أبت، بعد العزِّ صرنا في القيد والحبس.
فقال: يا بني، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها
ولم يغفل الله عزَّ وجلَّ عنها)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (2/122).
(وكان يزيد بن حكيم يقول:
ما هبت أحدًا قطُّ هيبتي
رجلًا ظلمته، وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله
يقول لي: حسبي الله، الله بيني وبينك)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر (2/122).
وقيل لإبراهيم بن نصر الكرماني:
(إنَّ القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل، وصنع
وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟
فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟
فقلت: وما هنَّ؟ قال: أوَّلهنَّ: أقرُّوا بالله وتركوا أمره
والثاني: قالوا: نحبُّ الرَّسول، ولم يتبعوا سنته
والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به
والرابع: قالوا: نحبُّ الجنَّة، وتركوا طريقها
والخامس: قالوا: نكره النَّار، وزاحموا طريقها
والسادس: قالوا: إنَّ إبليس عدُّونا، فوافقوه
والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا
والثَّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم
والتَّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب
والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور)
((مختصر تاريخ دمشق)) لابن منظور(4/169).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-19, 14:47
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
معاونة الظالم على ظلمه
من يعين الظالم فهو ظالم مثله، ومشارك له في الإثم:
الظلم من الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى
أمر بالتعاون على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون
على الإثم والعدوان فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]
https://www.dorar.net/tafseer/5/1
وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قال:
((لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم
آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَه وَشَاهِدَيْه وقال: هُم سَواء ))
https://www.dorar.net/hadith/sharh/17199
رواه مسلم (1598).
قال النووي:
(هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة
عليهما وفيه: تحريم الإعانة على الباطل)
((شرح صحيح مسلم)) للنووي (11/36).
وقال ميمون بن مهران:
(الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء)
((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص 220).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-21, 15:07
خوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
هل للظالم توبة؟
باب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها
قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ
يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:110]
https://www.dorar.net/tafseer/4/31
[ وقال تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ
فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:39]
https://www.dorar.net/tafseer/5/13
شروط التوبة كما ذكرها العلماء:
- أن يقلع عن الذنب.
- وأن يندم على ما قد مضى
- وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه.
- وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم
أو أعراضهم، أو أبدانهم، فعليه أن يطلب المسامحة
ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
قال ابن القيم:
(والظلم عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة:
ديوان لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشرك به
فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى
منه شيئًا، وهو ظلم العباد بعضهم بعضًا
فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ
الله به شيئًا، وهو ظلم العبد نفسه بينه
وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان
أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمحى بالتوبة
والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة
ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك
فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم
لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها)
((الوابل الصيب)) (1/24).
فمن ابتلي بشيء من الظلم
والتسلط على الناس سواء كان بأخذ مال، أو بغيره
من أنواع الظلم، فليتحلل منه في هذه الدنيا الفانية
فليس في الآخرة دينار ولا درهم، وإنما هي الحسنات
والسيئات يؤخذ من حسناته بقدر مظلمته ويعطى للمظلوم
فإن نفدت حسناته أُخذ من سيئات المظلوم
وحمله الظالم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه،
أو من شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون
دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه
بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات
أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه
https://www.dorar.net/hadith/sharh/16324
رواه البخاري (6534) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة،
حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء
https://www.dorar.net/hadith/sharh/21781
رواه مسلم (2582).
وعن عبد الله بن أنيس قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
((يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلًا بهمًا
البهم جمع بهيم، وهو في الأصل الذي
لا يخالط لونه لون سواه، يعني ليس فيهم شيء من العاهات
والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور
والعرج وغير ذلك.
انظر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/167).
فيناديهم مناد بصوت يسمعه
مَن بعُد كما يسمعه مَن قرُب: أنا الملك، أنا الديَّان
لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة
وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، حتى اللطمة
فما فوقها، ولا ينبغي لأحد من أهل النار
أن يدخل النار وعنده مظلمة
حتى اللطمة فما فوقها وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [[الكهف:49]
https://www.dorar.net/hadith/sharh/92514
قلنا: يا رسول الله، كيف وإنما نأتي
حفاة عراة غرلًا بهمًا؟ قال: بالحسنات
والسيئات جزاءً وفاقًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )
https://www.dorar.net/hadith/sharh/92514
رواه أحمد (3/495) (16085)
وقال أبو الزناد:
(كان عمرُ بنُ عبد العزيز يردُّ المظالم إلى أهلها بغير
البينة القاطعة، كان يكتفي باليسير، إذا عرف وجه
مَظْلِمةِ الرَّجُلِ ردَّها عليه، ولم يكلِّفْه تحقيق البيِّنة
لما يعرف من غشم الوُلاة قبله على الناس
ولقد أنفد بيت مال العراق في ردِّ المظالم
حتى حُمِلَ إليها من الشَّام)
((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (ص 241).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
*عبدالرحمن*
2022-01-23, 13:21
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
قصص في الظلم... عبر وعظات:
1- من القصص في الظلم التي حدثت في زمن الصحابة
قصة الرجل الذي ظلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
فدعا عليه سعد، وقد كان مستجاب الدعوة
فاستجاب الله دعاءه، والقصة
كما رواها البخاري في (صحيحه)
عن جابر بن سمرة، قال: (شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر،
رضي الله عنه، فعزله، واستعمل عليهم عمارًا،
فشكوا، حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه،
فقال: يا أبا إسحاق، إنَّ هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي؟
قال أبو إسحاق: أما أنا والله، فإني كنت أصلي
بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم
ما أخرم، أي ما ترك.
انظر ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/27).
عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركد
فأركد في الأوليين
أي أقيم طويلا أي أطول فيهما القراءة.
انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (2/238).
في الأوليين، وأخف في الأخريين
قال: ذاك الظنُّ بك يا أبا إسحاق. فأرسل معه، رجلًا
أو رجالًا، إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة
ولم يدع مسجدًا إلا سأل عنه، ويثنون معروفًا
حتى دخل مسجدًا لبني عبس، فقام رجل منهم
يقال له: أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة
قال: أما إذ نشدتنا، فإنَّ سعدًا كان لا يسير بالسرية
لا يسير بالسرية ظاهره أنه لا يخرج مع سراياه
وقيل معناه لا يسير بالسيرة السوية أي العادلة.
انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/136).
، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية.
قال سعد: أما والله لأدعونَّ بثلاث: اللهم إن كان عبدك
هذا كاذبًا، قام رياءً وسمعةً، فأطل عمره، وأطل فقره
وعرضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون
أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك:
فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر
وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهنَّ)
رواه البخاري (755).
2- ومنها أيضًا: قصة سعيد بن زيد رضي الله عنه
فقد روى مسلم في (صحيحه):
((أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد
أنَّه أخذ شيئًا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم.
فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقه إلى سبع أرضين.
فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا.
فقال اللهم إن كانت كاذبة فعمِّ بصرها،
واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها،
ثم بينا هي تمشي في أرضها
إذ وقعت في حفرة فماتت))
رواه مسلم (1610).
3- قصة أوردها الهيثمي في كتابه
(الزواجر عن اقتراف الكبائر) قال:
(وقال بعضهم: رأيت رجلًا مقطوع اليد من الكتف
وهو ينادي من رآني فلا يظلمنَّ أحدًا، فتقدمت إليه وقلت له
: يا أخي ما قصتك؟ فقال: يا أخي قصتي عجيبة
وذلك أني كنت من أعوان الظلمة، فرأيت يومًا
صيادًا قد اصطاد سمكة كبيرة، فأعجبتني
فجئت إليه فقلت: أعطني هذه السمكة.
فقال: لا أعطيكها، أنا آخذ بثمنها قوتًا لعيالي.
فضربته وأخذتها منه قهرًا، ومضيت بها،
قال: فبينما أنا ماشٍ بها حاملها إذ عضت على إبهامي
عضة قوية، فلما جئت بها إلى بيتي،
وألقيتها من يدي ضربت علي إبهامي،
وآلمتني ألـمًا شديدًا، حتى لم أنم من شدة الوجع،
وورمت يدي، فلما أصبحت أتيت الطبيب، وشكوت
إليه الألم، فقال: هذه بدو أكلة
الأكلة: داء يقع في العضو فيأتكل منه.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/22).
، اقطعها وإلا تلفت يدك كلُّها،
فقطعت إبهامي ثم ضربت يدي، فلم أطق النوم ولا القرار
من شدة الألم، فقيل لي: اقطع كفك. فقطعتها،
وانتشر الألم إلى الساعد، وآلمني ألما شديدًا،
ولم أطق النوم ولا القرار، وجعلت أستغيث من شدة الألم،
فقيل لي: اقطعها من المرفق. فانتشر الألم إلى العضد،
وضربت علي عضدي أشد من الألم، فقيل لي: اقطع يدك
من كتفك، وإلا سرى إلى جسدك كلِّه. فقطعتها،
فقال لي بعض الناس: ما سبب ألمك؟
فذكرت له قصة السمكة، فقال لي: لو كنت
رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة
فاستحللت منه، واسترضيته ولا قطعت يدك
فاذهب الآن إليه، واطلب رضاه
قبل أن يصل الألم إلى بدنك.
قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته،
فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي، وقلت: يا سيدي،
سألتك بالله إلا ما عفوت عني. فقال لي: ومن أنت؟
فقلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصبًا. وذكرت
له ما جرى وأريته يدي، فبكى حين رآها،
ثم قال: يا أخي، قد حاللتك منها لما قد رأيت بك
من هذا البلاء. فقلت له: بالله يا سيدي،
هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك؟ قال: نعم.
قلت: اللهم، هذا تقوَّى عليَّ بقوته على ضعفي
وأخذ مني ما رزقتني ظلمًا، فأرني فيه قدرتك.
فقلت له: يا سيدي، قد أراك الله قدرته في
وأنا تائب إلى الله عزَّ وجلَّ عما كنت عليه)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (2/124).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الظلم
BERROUAG MADANI
2022-01-23, 21:58
لاحول ولاقوة إلا بالله العظيم
*عبدالرحمن*
2022-01-24, 14:40
اخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
قصص في الظلم... عبر وعظات:
4- قصة تبين نهاية الظالمين
وهي أنَّ أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبدالملك
بن الزيات، وهرثمة، كانوا ممن ظلموا الإمام أحمد
في محنة القول بخلق القرآن، فكانت نهايتهم
كما ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية)
قال: (دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني
صاحب كتاب الحيدة -
على المتوكل وكان من خيار الخلفاء
-لأنَّه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق
وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساؤوا
إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة
وغيرهم - فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل
وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل
إكرامًا زائدًا جدًّا.
والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال
للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي
أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر
وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن.
فوجل المتوكل من كلامه
وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير
محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل:
في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر.
فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار
إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرًا،
ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك
فقال: قطعني الله إربًا إربًا إن قتله إلا كافرًا
ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد
فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج
إن قتله الواثق إلا كافرًا
قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار.
وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة
فعرفه رجل من الحي، فقال: يا معشر خزاعة
هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه.
فقطعوه إربًا إربًا. وأما ابن أبي دؤاد
فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج -
ضربه الله قبل موته بأربع سنين
وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدًّا)
((البداية والنهاية)) (10/337).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
ذم الظلم في واحة الشعر (https://www.dorar.net/akhlaq/2365/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%84%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2022-01-26, 14:49
اخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُق العُجْب
معنى العُجْب لغةً:
العُجْب بالضم: الزَّهْوُ والكِبْـرُ
ورجلٌ مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بِمَا يكون منه حسنًا أَو قبيحًا.
وقيل: المعْجَبُ، الإِنسانُ المعْجَب بنفسه أَو بِالشَّيْءِ.
وقد أُعْجِبَ فلان بنفسه إذا ترفع وتكبر
فهو مُعْجَب برأْيه وبنفسه.
والاسم العُجْبُ وهذه المادة
مما تدلُّ عليه كبر واستكبار للشَّيء
انظر: ((لسان العرب)) (1/582)
((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/243)
((تاج العروس)) للزبيدي (3/318)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/393).
معنى العُجْب اصطلاحًا:
قال الجرجاني:
(العُجْب: هو عبارة عن تصور استحقاق الشخص
رتبة لا يكون مستحقًّا لها)
((التعريفات)) (ص 147).
وقال الغزالي:
(العُجْب: هو استعظام النعمة، والركون إليها،
مع نسيان إضافتها إلى المنعم)
((إحياء علوم الدين)) (3/371)
قال أبو العباس القرطبي:
(إعجاب الرجل بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال
والاستحسان، مع نسيان منة الله تعالى)
كما في ((طرح التثريب)) لأبي الفضل للعراقي (8/168).
وقال أحمد بن يحيى بن المرتضى:
(العُجْب: مسرة بحصول أمر، يصحبها تطاول به على
من لم يحصل له مثله، بقول أو ما في حكمه
من فعل، أو ترك، أو اعتقاد)
((البحر الزخار)) (6/490).
- الفرق بين العُجْب والكبر:
قال أبو هلال العسكري:
(إنَّ العُجْب بالشيء، شدة السرور به حتى لا يعادله
شيء عند صاحبه، تقول: هو معجب بفلانة.
إذا كان شديد السرور بها، وهو معجب بنفسه.
إذا كان مسرورًا بخصالها.
ولهذا يقال أعجبه كما يقال سر به فليس العُجْب
من الكبر في شيء، وقال علي بن عيسى: العُجْب عقد النفس
على فضيلة لها ينبغي أن يتعجب منها، وليست هي لها)
((الفروق اللغوية)) (ص 352).
وقال الغزالي:
(فإنَّ الكبر يستدعي متكبرًا عليه، ومتكبرًا به
وبه ينفصل الكبر عن العُجْب...
فإن العُجْب لا يستدعي غير المعجب
بل لو لم يخلق الإنسان إلا وحده تصور أن يكون معجبًا
ولا يتصور أن يكون متكبرًا إلا أن يكون مع غيره)
((إحياء علوم الدين)) (3/341).
- الفرق بين العُجْب والتيه:
قال مرتضى الزَّبيدي:
(ونقل شيخنا عن الرَّاغب في الفرق بين المعْجب والتائه
فقال: المعْجب يصدق نفسه فيما يظنُّ بها وهمًا
. والتَّائه يصدقها قطعًا)
((تاج العروس)) (3/318).
- الفرق بين العُجْب والإدلال:
يقول المحاسبي:
(إن الإدلال معنى زائد في العُجْب
وهو أن يعجب بعمله أو علمه،
فيرى أنَّ له عند الله قدرًا عظيمًا قد استحق
به الثواب على عمله،
فإنَّ رجاء المغفرة مع الخوف لم يكن إدلالًا،
وإن زايل الخوف ذلك فهو إدلال)
((الرعاية لحقوق الله)) (343-344).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-01-29, 15:30
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أولًا: ذم العُجْب والنهي عنه في القرآن الكريم
أما العُجْب في القرآن الكريم
فقد وردت فيه عدة آيات تبين خطره
وتنبه على أنه آفة تجرُّ وراءها آفات دنيوية
وعقوبات أخروية، فمن تلك الآيات:
- قال الله تبارك وتعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ
عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ [التوبة: 25]
https://www.dorar.net/tafseer/9/10
(قال جعفر: استجلاب النصر في شيء واحد
وهو الذلة والافتقار والعجز...
وحلول الخذلان بشيء واحد وهو العُجْب...)
((تفسير السلمي)) (1/272).
- وقال الله تبارك وتعالى:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ
وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ
آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ
مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ
قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً
وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا [الكهف: 32-36].
قال ابن عاشور:
(ضرب مثلًا للفريقين: للمشركين، وللمؤمنين
بمثل رجلين كان حال أحدهما معجبًا مؤنقًا
وحال الآخر بخلاف ذلك، فكانت عاقبة صاحب
الحال المونقة تبابًا وخسارةً، وكانت عاقبة
الآخر نجاحًا، ليظهر للفريقين ما يجرُّه الغرور
والإعجاب والجبروت إلى صاحبه من الإزراء،
وما يلقاه المؤمن المتواضع، العارف بسنن الله
في العالم، من التذكير، والتدبر في العواقب،
فيكون معرضًا للصلاح والنجاح)
((التحرير والتنوير)) (15/315).
- وقال الله تبارك وتعالى:
وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ
الْجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ
عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [الإسراء: 37-38].
يقول العزُّ بن عبد السلام:
(زجره عن التطاول الذي لا يدرك به غرضًا،
أو يريد: كما أنك لا تخرق الأرض ولا تبلغ الجبال طولًا،
فلذلك لا تبلغ ما تريده بكبرك وعجبك،
إياسًا له من بلوغ إرادته)
((تفسير العز بن عبد السلام)) (2/219).
- وقال الله تبارك وتعالى:
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [لقمان: 18].
قال ابن كثير:
(لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك،
احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم،
ولكن ألن جانبك وابسط وجهك إليهم...
وقوله تعالى: وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا.
أي: خيلاءً متكبرًا جبارًا عنيدًا،
لا تفعل ذلك يبغضك الله،
ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
أي: مختال معجب في نفسه فَخُورٍ. أي: على غيره)
((تفسير القرآن العظيم)) (6/339).
- وقال الله تعالى:
فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الزمر: 49].
قال ابن كثير:
(يقول تعالى مخبرًا عن الإنسان أنه في حال الضراء
يضرع إلى الله عز وجل، وينيب إليه ويدعوه
وإذا خوله منه نعمة بغى وطغى،
وقال: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ أي: لما يعلم الله
من استحقاقي له ولولا أني عند الله تعالى
خصيص لما خولني هذا)
((تفسير القرآن العظيم)) (7/105).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-01-30, 13:37
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثانيًا: ذم العُجْب والنهي عنه في السنة النبوية
- عن أَبي هريرة رضي الله عنه:
((بينا رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل
(مرجل) من الترجيل بالجيم وهو تسريح شعر الرأس.
((عمدة القاري)) (21/298).
جمته
(جمته) مجتمع شعر الرأس وهو أكبر من الوفرة
ويقال: هو الشعر الذي يتدلى من الرأس إلى المنكبين
وإلى أكثر من ذلك. ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) (21/298).
إذ خسف الله به فهو يتجلجل
يتجلجل: يتحرك فيها أي يغوص في الأرض
حين يخسف به. ((لسان العرب)) (11/121).
إلى يوم القيامة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/26829
رواه البخاري (5789)، ومسلم (2088).
قال أبو العباس القرطبي:
(يفيد هذا الحديث ترك الأمن من تعجيل المؤاخذة
على الذنوب، وأن عجب المرء بنفسه وثوبه
وهيئته حرام وكبيرة)
((طرح التثريب)) (8/169).
- وعن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لو لم تذنبوا، لخشيت عليكم ما هو أكبر منه العُجْب
https://www.dorar.net/hadith/sharh/89014
قال المناوي تعليقًا على هذا الحديث:
(لأن العاصي يعترف بنقصه، فترجى له التوبة
والمعجب مغرور بعمله فتوبته بعيدة)
((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) (5/422).
- وعن سلمان رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاثة لا يدخلون الجنة: الشيخ الزاني
والإمام الكذَّاب، والعائل المزهو
https://www.dorar.net/hadith/sharh/23635
واه البزار (6/493) (2529).
وجوَّد إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/189
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-02-01, 12:59
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
صور العُجْب
قد يحصل العُجْب بصفات اضطرارية
و قد يحصل بصفات اختيارية
والفرق بينهما أن الصفات الاضطرارية هي ما خلقت
في الإنسان ابتداء دون أن يكون له تدخل فيها
كالجمال والنسب وغيرها
أما الاختيارية فهي ما تحصل عليها ببذل مجهود واكتسبها
بعد أن لم يكن متصفًا بها
كالعلم والمال والجاه وغيرها.
وكلها العُجْب بها مذموم
(ولا فرق بين أن تكون تلك الخصلة
التي حصل بها الإعجاب اضطرارية، كجمال، أو فصاحة
أو كثرة عشيرة، أو مال، أو بنين، أم اختيارية
كإقدام، أو كثرة علم، أو طاعة، أو نحو ذلك
فإن العُجْب بذلك كله قبيح شرعًا
ولا أعرف فيه خلافًا)
ونذكر هنا الإعجاب ببعض الصفات الاضطرارية والاختيارية ومنها:
- الإعجاب بالعقل الراجح، والذكاء.
- الإعجاب بالرأي السديد.
- الإعجاب بالعلم وغزارته
والتفوق على الأقران فيه.
- الإعجاب بالشَّجَاعَة، والإقدام، والقوة والبأس.
- الإعجاب بجمال الصورة، وحسن المظهر.
- الإعجاب بالجاه، والمنصب، والرئاسة، والتصدر.
- الإعجاب بالعبادة، والطاعة.
- الإعجاب بما يقدمه من خير، ومنفعة للناس.
- الإعجاب بالنسب، والشرف، أو العشيرة، والقبيلة.
- الإعجاب بالمال، والغنى، والتجارة، وسعة الرزق.
- الإعجاب بكثرة الأتباع، والأنصار والمريدين.
- الإعجاب بكثرة الأبناء.
وغير ذلك من الخصال التي يحصل بها العُجْب.
((البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار))
لابن المرتضى (6/491).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
Ali Harmal
2022-02-02, 18:51
جزاك الله خيرا يا دكتور وجعلة في ميزان حسناتك ورضي عنك وارضاك...
*عبدالرحمن*
2022-02-04, 14:13
جزاك الله خيرا يا دكتور وجعلة في ميزان حسناتك ورضي عنك وارضاك...
اللهم امين
جزاك الله خيرا
و بارك الله فيك
و في انتظار مرورك العطر دائما
*عبدالرحمن*
2022-02-04, 14:28
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أقوال السلف والعلماء في العُجْب
- قال عمر رضي الله عنه:
(أخوف ما أخاف عليكم أن تهلكوا فيه ثلاث خلال:
شحٌّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)
رواه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/568) (960).
- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(الإعجاب ضدُّ الصواب، وآفة الألباب)
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (237).
- وقالت عائشة رضي الله عنها:
(لبست مرة درعًا جديدًا، فجعلت أنظر إليه
وأعجب به، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أما علمت
أنَّ العبد إذا دخله العجب بزينة الدنيا
مقته ربُّه حتى يفارق تلك الزينة؟
قالت: فنزعته فتصدقت به. فقال أبو بكر رضي الله عنه:
عسى ذلك أن يكفِّر عنك)
رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/37).
- وقالت أيضًا: (وإنَّ العُجْب لو كان رجلًا كان رجل سوء)
رواه ابن وهب في ((جامعه)) (570) (467)
من حديث عائشة رضي الله عنها، مرفوعًا.
- وعن كعب أنه قال لرجل رآه يتبع الأحاديث
: (اتق الله، وارض بالدون من المجلس، ولا تؤذ أحدًا
فإنَّه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العُجْب
ما زادك الله به إلا سفالًا ونقصانًا)
رواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/376)
وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/567) (959).
- وقال أبو الدرداء:
(علامة الجهل ثلاث: العُجْب، وكثرة المنطق
فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه)
رواه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (1/569) (962)
وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (47/175).
- وعن مسروق قال: (كفى بالمرء علمًا أن يخشى الله
وكفى بالمرء جهلًا أن يُعجب بعلمه)
((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (1/143).
- وقال أبو وهب المروزي:
(سألت ابن المبارك: ما الكبر؟
قال: أن تزدري الناس. فسألته عن العُجْب؟
قال: أن ترى أن عندك شيئًا ليس عند غيرك
لا أعلم في المصلين شيئًا شرًّا من العُجْب)
((سير أعلام النبلاء)) (8/407).
- وقال علي بن ثابت: (المال آفته التبذير
والنهب، والعلم آفته الإعجاب والغضب)
((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (1/143).
- وعن خالد بن يزيد بن معاوية قال:
(إذا رأيت الرجل لجوجًا، مماريًا، معجبًا بنفسه
فقد تمت خسارته)
((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص 567).
- وكان يحيى بن معاذ يقول:
(إِياكم والعُجْب، فإِنَّ العُجْب مهلكة لأهله
وإِنَّ العُجْب ليأكل الحسَنات كما تأكل النَّار الحطب)
((شعب الإيمان)) للبيهقي (9/396).
- وكان ذو النون يقول:
(أربع خلال لها ثمرة: العجلة، والعُجْب، واللجاجة
والشره، فثمرة العجلة الندامة، وثمرة العُجْب البغض
وثمرة اللجاجة الحيرة، وثمرة الشَّره الفاقة)
((شعب الإيمان)) للبيهقي (10/495).
- وقال عبد الله بن المبارك:
(اثنتان منجيتان، واثنتان مهلكتان
فالمنجيتان: النية، والنهي، فالنية
أن تنوي أن تطيع الله فيما يستقبل
والنهي؛ أن تنهى نفسك عما حرم الله عزَّ وجل
والمهلكتان: العُجْب، والقنوط)
((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/298).
- وقال الحارث بن نبهان: سمعت محمد بن واسع يقول:
(وا أصحاباه! ذهب أصحابي قال: قلت: يرحمك الله،
أليس قد نشأ شباب يقرؤون القرآن، ويقومون الليل،
ويصومون النهار، ويحجون ويقرؤون؟
قال: فبزق، وقال: أفسدهم العُجْب)
((الزهد)) لأحمد بن حنبل (ص 223).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-02-05, 14:53
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أسباب العُجْب
1- جهل المرء بحقيقة نفسه وغفلته عنها
و(أنَّ جهله بنفسه، وصفاتها، وآفاتها، وعيوب عمله
وجهله بربه، وحقوقه، وما ينبغي أن يعامل به
يتولد منهما رضاه بطاعته، وإحسان ظنه بها،
ويتولد من ذلك من العُجْب والكبر والآفات ما هو أكبر
من الكبائر الظاهرة، من الزنا، وشرب الخمر
والفرار من الزحف ونحوها)
((مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين)) (1/192).
2- المدح والثناء، والإطراء في الوجه
سبب قوي من أسباب العُجْب
قال الماوردي: (من أقوى أسبابه – أي العُجْب -
كثرة مديح المتقربين، وإطراء المتملقين
الذين جعلوا النفاق عادةً ومكسبًا
والتملق خديعةً وملعبًا، فإذا وجدوه مقبولًا
في العقول الضعيفة أغروا أربابها باعتقاد كذبهم
وجعلوا ذلك ذريعةً إلى الاستهزاء بهم)
((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص 239).
وقال ابن حجر:
(قال ابن بطال: من أفرط في مدح آخر بما ليس فيه
لم يأمن على الممدوح العُجْب؛ لظنه أنه بتلك المنزلة
فربما ضيَّع العمل والازدياد من الخير اتكالًا على ما وصف به)
((فتح الباري)) لابن حجر (10/477).
و((أثنى رجل على رجل عند
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ويلك قطعت
عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك
https://www.dorar.net/hadith/sharh/12716
رواه البخاري (2662)، ومسلم (3000).
. أي: أهلكته
انظر: ((شرح النووي على مسلم)) (18/127).
3- ومما يوصل الإنسان إلى العُجْب بنفسه
مقارنته لنفسه بمن هو دونه في العمل، والفضل
واعتقاده أنَّ الناس هلكى بالذنوب والمعاصي
وأنَّه على خير كبير إذا قورن بغيره.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:
((إذا قال الرجل هلك الناسُ، فهو أهلكهم
https://www.dorar.net/hadith/sharh/17585
فهو أهلكهم: يروى بفتح الكاف وضمها
فمن فتحها كانت فعلا ماضيا
ومعناه أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله
يقولون: هلك الناس: أي استوجبوا النار بسوء أعمالهم
فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى
أو هو الذي لما قال لهم ذلك وآيسهم حملهم على
ترك الطاعة والانهماك في المعاصي
فهو الذي أوقعهم في الهلاك.
وأما الضم فمعناه أنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكهم
: أي أكثرهم هلاكا. وهو الرجل يولع بعيب الناس
ويذهب بنفسه عجبا، ويرى له عليهم فضلا.
انظر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (5/270).
رواه مسلم (2623).
4- النشأة والتربية
فقد ينشأ الإنسان في بيئة غلب عليها طبع العُجْب
والكبر فيتأثر بها. فـ(قد ينشأ بين أبوين يلمس منهما
أو من أحدهما: حب المحمدة، ودوام تزكية النفس
إن بالحق وإن بالباطل، والاستعصاء على النصح
والإرشاد، ونحو ذلك من مظاهر الإعجاب بالنفس
فيحاكيهما، وبمرور الزمن يتأثر بهما
ويصبح الإعجاب بالنفس جزء من شخصيته إلا من رحم الله)
((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (1/118).
5- الرفقة والصحبة سبب من أسباب الإعجاب بالنفس
ذلك أن الإنسان شديد المحاكاة والتأثر بصاحبه
لا سيما إذا كان هذا الصاحب قويَّ الشخصية
ذا خبرة ودراية بالحياة، وكان المصحوب غافلًا على سجيته
يتأثر بكلِّ ما يلقى عليه، وعليه فإذا كان الصاحب
مصابًا بداء الإعجاب
فإنَّ عدواه تصل إلى قرينه فيصير مثله
((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (1/121).
6- الاغترار بالنعمة والركون إليها
مع نسيان ذكر المنعم تبارك وتعالى
(فإذا حباه الله نعمة من المال، أو علم، أو قوة
أو جاه، أو نحوه وقف عند نعمة ونسي المنعم
وتحت تأثير بريق المواهب وسلطانها تحدثه نفسه
أنه ما أصابته هذه النعمة إلا لما لديه من علم
على حدِّ قول قارون:
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص: 78]
ولا يزال هذا الحديث يُلِحُّ عليه حتى يرى
أنَّه بلغ الغاية أو المنتهى، ويُسرُّ ويفرح بنفسه
وبما يصدر عنها، ولو كان باطلًا
وذلك هو الإعجاب بالنفس)
((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (1/121).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-02-07, 14:15
أحسنت
وجزاكم الله خيرا
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا
و في انتظار مرورك العطر دائما
*عبدالرحمن*
2022-02-07, 14:45
اخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الوسائل المعينة على ترك العُجْب
يصف ابن حزم علاج العُجْب، ويجعل له علاجًا عامًّا
يتداوى به كلُّ من أصيب بهذا الداء العضال، والآفة القاتلة
وهذا العلاج يكمن في التفكر في عيوب النفس
والنظر إلى نقصها وضعفها فيقول: (من امتحن بالعُجْب
فليفكِّر في عيوبه، فإن أعجب بفضائله، فليفتش ما فيه
من الأخلاق الدنية، فإن خفيت عليه عيوبه جملة حتى يظن
أنَّه لا عيب فيه، فليعلم أنَّه مصيبة للأبد
وأنَّه أتمُّ الناس نقصًا، وأعظمهم عيوبًا
وأضعفهم تمييزًا... فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه
والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها، وعن عيوب
غيره التي لا تضره لا في الدنيا ولا في الآخرة...
ثم تقول للمعجب: ارجع إلى نفسك
فإذا ميَّزت عيوبها فقد داويت عجبك، ولا تميل
التمييل بين الشيئين: كالترجيح بينهما
((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (5/1823).
بين نفسك وبين من هو أكثر منها عيوبًا
فتستسهل الرذائل، وتكون مقلدًا لأهل الشرِّ)
((رسائل ابن حزم)) (1/387).
ثم يتكلم ابن حزم عن علاج لبعض الحالات
الخاصة من حالات العُجْب ننقلها هنا بتصرف يسير:
- علاج من أعجب بعقله:
(فإن أعجبت بعقلك، ففكر في كلِّ فكرة سوء
تمرُّ بخاطرك، وفي أضاليل الأماني الطائفة بك
فإنَّك تعلم نقص عقلك حينئذ.
- علاج من أعجب برأيه:
وإن أعجبت بآرائك، فتفكَّر في سقطاتك
واحفظها ولا تنسها، وفي كلِّ رأي قدرته صوابًا
فخرج بخلاف تقديرك، وأصاب غيرك وأخطأت أنت
فإنَّك إن فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط
رأيك صوابه، فتخرج لا لك ولا عليك
والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك.
وهكذا كلُّ أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم.
- علاج من أعجب بما يقدمه من الخير:
وإن أعجبت بخيرك، فتفكَّر في معاصيك
وتقصيرك، وفي معايبك ووجوهها
فوالله لتجدنَّ من ذلك ما يغلب على خيرك
ويعفي على حسناتك، فليطل همك حينئذ من ذلك
وأبدل من العُجْب تنقيصًا لنفسك.
- علاج من أعجب بعلمه:
وإن أعجبت بعلمك، فاعلم أنه لا خصلة لك فيه
وأنه موهبة من الله مجردة، وهبك إياها ربك تعالى
فلا تقابلها بما يسخطه، فلعله ينسيك ذلك بعلة
يمتحنك بها، تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت...
واعلم أنَّ كثيرًا من أهل الحرص على العلم
يجدون في القراءة، والإكباب على الدرس والطلب
ثم لا يرزقون منه حظًّا، فليعلم ذو العلم أنه لو كان
بالإكباب وحده لكان غيره فوقه، فصحَّ أنه موهبة
من الله تعالى، فأي مكان للعجب ها هنا!
ما هذا إلا موضع تواضع، وشكر لله تعالى
واستزادة من نعمه، واستعاذة من سلبها.
ثم تفكر أيضًا، في أنَّ ما خفي عليك وجهلته
من أنواع العلم الذي تختص به، والذي أعجبت
بنفاذك فيه، أكثر مما تعلم من ذلك
فاجعل مكان العُجْب استنقاصًا لنفسك واستقصارًا لها
فهو أولى، وتفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم
كثيرًا، فلتهن نفسك عندك حينئذ.
وتفكر في إخلالك بعلمك
فإنك لا تعمل بما علمت منه، فعلمك عليك
حجة حينئذ، لقد كان أسلم لك لو لم تكن عالـمًا
واعلم أنَّ الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن
حالًا وأعذر، فليسقط عجبك بالكلية.
ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه
من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها
كالشعر، وما جرى مجراه، فانظر حينئذ
إلى من علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا
والآخرة، فتهون نفسك عليك.
- علاج من أعجب بشجاعته:
وإن أعجبت بشجاعتك
فتفكر فيمن هو أشجع منك
ثم انظر في تلك النجدة التي منحك الله تعالى
فيما صرفتها، فإن كنت صرفتها في معصية
فأنت أحمق، لأنك بذلت نفسك فيما ليس بثمن لها
وإن كنت صرفتها في طاعة فقد أفسدتها بعجبك
ثم تفكر في زوالها عنك بالشيخ
وإنك إن عشت فستصير في عداد العيال وكالصبي ضعفًا...
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق العُجْب
*عبدالرحمن*
2022-02-08, 13:24
اخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
استكمال الوسائل المعينة على ترك العُجْب
ثم يتكلم ابن حزم عن علاج لبعض الحالات
الخاصة من حالات العُجْب ننقلها هنا بتصرف يسير:
- علاج من أعجب بجاهه:
وإن أعجبت بجاهك في دنياك
فتفكر في مخالفيك، وأندادك، ونظائرك، ولعلهم أخساء
وضعاء، سقاط، فاعلم أنهم أمثالك فيما أنت فيه
ولعلهم ممن يستحيي من التشبه بهم، لفرط رذالتهم
وخساستهم في أنفسهم، وفي أخلاقهم، ومنابتهم
فاستهن بكل منزلة شارك فيها من ذكرت لك.
إن كنت مالك الأرض كلها ولا خليفة عليك -
وهذا بعيد جدًّا في الإمكان- فما نعلم أحدًا ملك
معمور الأرض كلها على قلته وضيق مساحته بالإضافة
إلى غامرها، فكيف إذا أضيف إلى الفلك المحيط...
وإن كنت ملك المسلمين كلهم
فاعلم أنَّ ملك السودان وهو رجل أسود مكشوف
العورة جاهل، يملك أوسع من ملكك
فإن قلت أخذته بحقٍّ، فلعمري ما أخذته بحقٍّ
إذ استعملت فيه رذيلة العُجْب
وإذا لم تعدل فيه فاستحي من حالك
فهي حالة لا حالة يجب العُجْب فيها.
- علاج من أعجب بماله:
وإن أعجبت بمالك
فهذه أسوأ مراتب العُجْب
فانظر في كلِّ ساقط خسيس فهو أغنى منك
فلا تغتبط بحالة يفوقك فيها من ذكرت
واعلم أنَّ عجبك بالمال حمق
لأنَّه أحجار لا تنتفع بها إلا بأن تخرجها عن ملكك
بنفقتها في وجهها فقط، والمال أيضًا غاد ورائح
وربما زال عنك، ورأيته بعينه في يد غيرك
ولعل ذلك يكون في يد عدوك
فالعُجْب بمثل هذا سخف، والثقة به غرور وضعف.
- علاج من أعجب بجماله وحسن منظره:
وإن أعجبت بحسنك، ففكر فيما عليك
مما نستحيي نحن من إثباته، وتستحي أنت منه
إذا ذهب عنك بدخولك في السنِّ.
- علاج من أعجب بمدح الناس له:
وإن أعجبت بمدح إخوانك لك
ففكر في ذمِّ أعدائك إياك، فحينئذ ينجلي عنك العُجْب
فإن لم يكن لك عدو فلا خير فيكن ولا منزلة أسقط
من منزلة من لا عدو له، فليست إلا منزلة من ليس الله تعالى
عنده نعمة يحسد عليها، عافانا الله.
فإن استحقرت عيوبك
ففكر فيها لو ظهرت إلى الناس
وتمثل اطلاعهم عليها، فحينئذ تخجل وتعرف قدر نقصك
إن كانت لك مسكة من تمييز...
- علاج من أعجب بنسبه:
وإن أعجبت بنسبك
فهذه أسوأ من كلِّ ما ذكرنا
لأنَّ هذا الذي أعجبت به لا فائدة له أصلًا في دنيا ولا آخرة.
وانظر هل يدفع عنك جوعة
أو يستر لك عورة، أو ينفعك في آخرتك.
ثم انظر إلى من يساهمك في نسبك
وربما فيما هو أعلى منه ممن نالته ولادة الأنبياء عليهم السلام
ثم ولادة الخلفاء، ثم ولادة الفضلاء من الصحابة والعلماء
ثم ولادة ملوك العجم، من الأكاسرة والقياصرة
ثم ولادة التبابعة وسائر ملوك الإسلام
فتأمل غبراتهم وبقاياهم، ومن يدلي بمثل ما تدلي به من ذلك
تجد أكثرهم أمثال الكلاب خساسة
وتلقهم في غاية السقوط والرذالة
والتبذل والتحلي بالصفات المذمومة
فلا تغتبط بمنزلة هم نظراؤك أو فوقك.
- علاج من أعجب بفضل آبائه:
فإن أعجبت بولادة الفضلاء إياك
فما أخلى يدك من فضلهم إن لم تكن أنت فاضلًا
وما أقلَّ غناءهم عنك في الدنيا والآخرة
إن لم تكن محسنًا، والناس كلُّهم ولد آدم الذي خلقه
الله تعالى بيده، وأسكنه جنته وأسجد له ملائكته
ولكن ما أقلَّ نفعه لهم، وفيهم كلُّ عيب
وكلُّ فاسق، وكلُّ كافر.
وإذا فكر العاقل في أنَّ فضائل آبائه
لا تقربه من ربه تعالى، ولا تكسبه وجاهة
لم يحزها هو بسعده، أو بفضله في نفسه، ولا ماله
فأي معنى للإعجاب بما لا منفعة فيه...
- علاج من طلب المدح عجبًا بنفسه:
فإن تعدى بك العُجْب إلى الامتداح
فقد تضاعف سقوطك
لأنَّه قد عجز عقلك عن مفارقة ما فيك من العُجْب
هذا إن امتدحت بحق، فكيف إن امتدحت بكذب! وقد
كان ابن نوح وأبو إبراهيم وأبو لهب، عم
النبي صلى الله عليه وعلى نوح وإبراهيم وسلم
أقرب الناس من أفضل خلق الله تعالى من ولد آدم
وممن الشرف كله في اتباعهم، فما انتفعوا بذلك.
- علاج من أعجب بقوة جسمه أو خفته:
وإن أعجبت بقوة جسمك
فتفكر في أنَّ البغل، والحمار، والثور
أقوى منك وأحمل للأثقال، وإن أعجبت بخفتك
فاعلم أن الكلب والأرنب يفوقانك في هذا الباب.
فمن أعجب العجيب إعجاب ناطق بخصلة
يفوقه فيها غير الناطق...))
((رسائل ابن حزم)) (1/393).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
العُجْب عند الحكماء والأدباء (https://www.dorar.net/akhlaq/2391/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AC%D8%A8-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D8%A7%D8%A1)
ذم العُجْب في واحة الشعر (https://www.dorar.net/akhlaq/2393/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AC%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
*عبدالرحمن*
2022-02-11, 13:23
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
خُلُق الغش
معنى الغش لغةً:
الغِشُّ: نقيض النُّصح
وهو مأخوذ من الغشش: المشرب الكدِر
وغشَّه يغشَّه غشًّا من باب قتل:لم يمحضه النُّصح
وأظهر له خلاف ما أضمره، وزين له غير المصلحة.
والغشُّ: الغلُّ والحقد، ولبن مغشوش مخلوط بالماء
وغَشَّشَه تغشيشًا، مبالغة في الغِشِّ
((لسان العرب)) لابن منظور (6/323)
((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (3/369)
((تاج العروس)) للزبيدي (17/289-290)
((المصباح المنير)) للفيومي (2/447).
معنى الغش اصطلاحًا:
قال صاحب التنبيهات:
(الغِشُّ: كتم كل ما لو علمه المبتاع كرهه)
((الذخيرة)) للقرافي (5/172).
قال المناوي:
(الغشُّ ما يخلط من الرَّديء بالجيِّد)
((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص 252).
مترادفات الغش
من مترادفات الغش: الغُلُول، والخيانة
والمداهنة، والدغل، والتمويه، والمخرقة، والإدهان
((الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة))
لابن مالك الطائي (ص 184).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
*عبدالرحمن*
2022-02-12, 15:59
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أولًا: ذم الغش والنهي عنه في القرآن الكريم
- وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر: 10]
قال الماوردي: (في الغلِّ وجهان: أحدهما: الغش
قاله مقاتل. الثاني: العداوة، قاله الأعمش)
((النكت والعيون)) (5/507).
وقال الواحدي
((التفسير الوسيط)) (4/275).
وذكره البغوي أيضًا
((معالم التنزيل)) للبغوي (8/79).
: (أي: غشًّا وحسدًا وبغضًا).
- قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]
من الأمانة (أمانة العبد مع الناس
ومن ذلك رد الودائع إلى أربابها
وعدم الغش وحفظ السر ونحو ذلك)
((تفسير المراغي)) (5/70).
(والأمانة حقٌّ عند المكلف، يتعلَّق به حقُّ غيره
ويُودِعه لأجل أن يوصله إلى ذلك الغير؛ كالمال والعلم
سواء كان المودَع عنده ذلك الحق، قد تَعاقَد
مع المودِع على ذلك بعقد قولي خاص صرَّح فيه...
أم لم يكن كذلك، فإنَّ ما جرى عليه التعامُل بين الناس
في الأمور العامَّة هو بمثابة ما يَتعاقَد
عليه الأفراد في الأمور الخاصة)
((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (5/138).
- وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ [المائدة: 13]
قال الواحدي:
(أي: على خيانة، قال مقاتل: يعني بالخيانة:
الغش للنبي صلى الله عليه وسلم)
((التفسير الوسيط)) (2/167).
- وقال تعالى: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ [النحل: 92]
قال الواحدي: (الدخل والدغل:
الغش والخيانة، قال الزجاج: غشًّا ودغلًا)
((التفسير الوسيط)) (3/80).
وقال الماوردي: (الدخل: الغل والغش)
((النكت والعيون)) (3/211).
- وقال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ
تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ [الأعراف:43]
قال السمعاني: (الغل: الغِشُّ والحقد)
((تفسير القرآن)) (2/183).
قال مقاتل: (يعني ما كان فِي الدُّنْيَا
فِي قلوبهم من غش، يعني بعضهم لبعض)
((تفسير مقاتل)) (2/27).
وقال البغوي:
(من غشِّ وعداوةٍ كانت بينهم في الدنيا)
((معالم التنزيل في تفسير القرآن)) (3/229).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
meriemkay
2022-02-13, 12:27
جزاكم الله خيرا
MISSOUM1960
2022-02-15, 17:09
بارك الله فيكم
*عبدالرحمن*
2022-02-16, 15:50
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا
*عبدالرحمن*
2022-02-16, 15:51
بارك الله فيكم
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا
*عبدالرحمن*
2022-02-16, 16:07
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثانيًا: ذم الغش والنهي عنه في السنة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صبرة
الصبرة: ما جمع من الطعام بلا كيل
ولا وزن بعضه فوق بعض.
انظر ((لسان العرب)) لابن منظور (4/441).
طعام، فأدخل يده فيها
فنالت أصابعه بللًا. فقال: ((ما هذا يا صاحب الطَّعام؟
قال: أصابته السَّماء يا رسول الله.
قال: أفلا جعلته فوق الطَّعام كي يراه النَّاس؟
من غشَّ فليس منِّي
https://www.dorar.net/hadith/sharh/23575
رواه مسلم (102).
قال الخطَّابي: (معناه ليس على سيرتنا ومذهبنا
يريد أنَّ من غشَّ أخاه وترك مناصحته
فإنَّه قد ترك اتباعي والتمسك بسنَّتي)
((معالم السنن)) (3/118).
وقال القاضي عياض:
(معناه بيِّن في التحذير من غشِّ المسلمين
لمن قلده الله تعالى شيئًا من أمرهم
واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم)
((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (2/166).
وقال العظيم آبادي: (والحديث دليلٌ
على تحريم الغشِّ، وهو مُجمَع عليه)
((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) (9/231).
وقال الغزالي: (يدلُّ على تحريم الغش...)
((إحياء علوم الدين)) (2/75).
- وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم من حديث معقل
بن يسار رضِي الله عنه: ((ما من عبدٍ يستَرعِيه الله رعيَّة
يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيَّته
إلا حرَّم الله عليه الجنة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/13369
رواه مسلم (142).
قال النووي: (معناه: بَيِّن في التحذير
من غشِّ المسلِمين لِمَن قلَّده الله تعالى شيئًا من أمرهم
واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم
فإذا خانَ فيما اؤتُمِن عليه فلم ينصح فيما قلَّده
إمَّا بتضييعه تعريفَهم ما يلزمهم من دينهم، وأخذهم به
وإمَّا بالقِيام بما يتعيَّن عليه
من حفظ شرائعهم، والذبِّ عنها...
وقد نبَّه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على أنَّ ذلك
من الكبائر الموبقة المبعدة من الجنَّة)
((شرح النووي على مسلم )) (2/166).
وقال المناوي: (وأفاد التحذير من غش
الرعية لمن قلد شيئًا من أمرهم
فإذا لم ينصح فيما قلد، أو أهمل فلم يقم بإقامة الحدود
واستخلاص الحقوق، وحماية البيضة، ومجاهدة العدو
وحفظ الشريعة، ورد المبتدعة والخوارج
فهو داخل في هذا الوعيد الشديد المفيد: لكون ذلك
من أكبر الكبائر المبعدة عن الجنة
وأفاد بقوله يوم يموت
أن التوبة قبل حالة الموت مفيدة)
((فيض القدير)) (5/488).
وقال ابن عثيمين:
(فيه التحذير من غش الرعيَّة،
وأنَّه ما من عبد يسترعيه الله على رعيته
ثم يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته
إلا حرم الله عليه الجنة، وأنَّه إذا لم يحطهم
بنصيحته فإنه لا يدخل معهم الجنَّة)
((شرح رياض الصالحين)) (3/631).
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من اشترى شاة مصراة
المصراة: الناقة أو البقرة أو الشاة يصرى
اللبن في ضرعها: أي يجمع ويحبس.
((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (3/27).
فهو بالخيار ثلاثة أيام
فإن ردها رد معها صاعًا من طعام، لا سمراء
https://www.dorar.net/hadith/sharh/92208
رواه مسلم (1524).
قال ابن عبد البر:
(وهذا الحديث أصل في النهي عن الغش،
وأصل فيمن دلَّس عليه بعيب،
أو وجد عيبًا بما ابتاعه،
أنه بالخيار في الاستمساك أو الرد)
((التمهيد)) (18/205).
وقال الأمير الصنعاني:
(الحديث أصل في النَّهي عن الغش،
وفي ثبوت الخيار لمن دلَّس عليه)
((سبل السلام)) (2/38).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
*عبدالرحمن*
2022-02-22, 13:58
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أنواع الغش وصوره
1- الغش في البيع والشراء وغيرها من المعاملات المالية:
كأن يَحصُل الشخص على المال بطرق محرمة
إمَّا عن طريق الكذب، أو كتمان عيب السلعة
أو البخس في ثمنها، أو التطفيف في وزنها
أو خلط الجيِّد بالرديء، وغيرها من الطرق المحرمة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صبرة
طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا فقال:
((ما هذا يا صاحب الطعام؟
قال أصابته السماء يا رسول الله
قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس
من غش فليس مني
https://www.dorar.net/hadith/sharh/23575
قال ابن حجر الهيتمي مبينًا هذا النوع من الغش
في البيع والشراء: (الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة
من نحو بائع، أو مشتر فيها شيئًا
لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذها بذلك المقابل)
((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (1/396).
وما أكثر (ضروب الغشِّ والاحتيال
كما يقع من السماسرة من التَّلبيس والتَّدليس
فيزيِّنون للناس السلع الرديئة، والبضائع المزجاة
ويورطونهم في شرائها، ويوهمونهم ما لا حقيقة له
بحيث لو عرفوا الخفايا ما باعوا وما اشتروا)
((تفسير المراغي)) (2/82).
وقال ابن تيمية: (والغش يدخل
في البيوع بكتمان العيوب، وتدليس السلع
مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرًا من باطنه، كالذي
مرَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليه
. ويدخل في الصناعات مثل الذين يصنعون
المطعومات من الخبز، والطبخ، والعدس
والشواء وغير ذلك، أو يصنعون الملبوسات كالنسَّاجين
والخيَّاطين، ونحوهم، أو يصنعون غير ذلك
من الصناعات، فيجب نهيهم عن الغش
والخيانة والكتمان)
((الحسبة في الإسلام)) (ص 18).
2- غش الرَّاعي للرَّعيَّة، وغش الرَّعيَّة للرَّاعي:
فغش الرعية للراعي يكون بمدحه وإطرائه
بما ليس فيه؛ كأن يذكروا له أعمالًا
وإنجازات لم يعملها، أو بعدم نصحه
إذا رأوا منه منكرًا، وغير ذلك.
وأما غش الراعي للرعية:
ويقصد بالراعي: الرؤساء، والحكام
والمدراء، والرجل في أهله، وغيرهم ممن لهم الرعاية
على الناس، ويكون الغش بظلمهم، وعدم النصح لهم.
فعن معقل بن يسار المزني رضي الله عنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت
وهو غاش لرعيته، إلا حرَّم الله عليه الجنة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/13369
قال ابن القيم: (وكم ممن أشقى
ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله
وترك تأديبه، وإعانته على شهواته
ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه
ففاته انتفاعه بولده وفوَّت عليه حظه
في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد
في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء)
((تحفة المودود)) (ص 142).
وقال ابن عثيمين:
(السبب التاسع من الأسباب التي يستحق فاعلها
دخول النار دون الخلود فيها: الغش للرعية
وعدم النصح لهم، بحيث يتصرف تصرفًا ليس في مصلحتهم
ولا مصلحة العمل، لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه
قال: سمعت النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
((ما من عبد يسترعيه الله على رعية يموت يوم يموت
وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة
https://www.dorar.net/hadith/sharh/13369
وهذا يعم رعاية الرجل في أهله
والسلطان في سلطانه، وغيرهم لحديث ابن عمر رضي الله
عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
((كلكم راع ومسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول
عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها
والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته
وكلكم راع ومسؤول عن رعيته
https://www.dorar.net/hadith/sharh/6184
رواه البخاري (893)، ومسلم (1829).
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (20/387).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
*عبدالرحمن*
2022-02-25, 17:44
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أنواع الغش وصوره
3- الغش في القول:
وذلك عند إدلاء الشاهد بالشهادة، فيشهد
بشهادة فيها زور وبهتان وكذب، ونحو ذلك.
4- الغش في النصيحة:
ويكون الغش في النصيحة، بعدم الصدق
والإخلاص فيها، وهذا من علامات المنافقين.
فعن جرير بن عبد الله، قال:
((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة
وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم
https://www.dorar.net/hadith/sharh/7778
رواه البخاري (57)، ومسلم (56).
وعن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: ((الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه
ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم
https://www.dorar.net/hadith/sharh/23574
رواه مسلم (55).
5- الغش في تعلُّم العلم:
كأن يغش في الامتحانات ويحصل على شهادة
لا يستحقها، وقد يتبوأ بها منصبًا
وهو ليس أهلًا لذلك المنصب
وبهذا الغش يخرج جيل جاهل، غير مؤهل لقيادة الأمة.
وقد تكلم بعض العلماء عن هذا الجانب
من الغش؛ نذكر من ذلك:
سؤال قدم للجنة الدائمة للإفتاء؛ مفاده
: ما حكم من يغش في امتحانات الدراسة
كمواد الكيمياء والطبيعة؟
فكان رد اللجنة ما يلي: الغش حرام في امتحانات
الدراسة أو غيرها، وفاعله مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب
لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ((من غشنا فليس منا
https://www.dorar.net/hadith/sharh/92033
)) ولا فرق في ذلك بين كون المواد
الدراسية دينية أو غير دينية
((فتاوى اللجنة الدائمة - 1)) (12/199).
وقال ابن باز: (الغش محرَّم في الاختِبارات
كما أنَّه محرَّم في المعاملات، فليس لأحدٍ أن يغشَّ
في الاختِبارات في أيَّة مادَّة، وإذا رضي الأستاذ
بذلك فهو شريكُه في الإثم والخيانة)
((مجموع فتاوى ومقالات ابن باز)) (6/397).
وقُدم له سؤال مفاده: ما قولُكم فيمَن يقول
: إنَّ الغشَّ حرام فقط إذا كان في المواد والعلوم الشرعيَّة
ويكون مباحًا إذا كان في غيرها؛ كاللغة الإنجليزية
أو التاريخ، أو الرياضيات، أو الهندسة، أو نحوها؟
فقال: (الغش في جميع المواد حرام ومنكر؛ لعموم
قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن غشنا فليس مِنَّا
https://www.dorar.net/hadith/sharh/92033
))، وهذا لفظ عام، يعمُّ الغش في المعاملات
وفي النصيحة والمشورة، وفي العلم بجميع مواده
الدينية والدنيوية، ولا يجوز للطالب ولا للمدرِّس فعل ذلك
ولا التساهُل فيه، ولا التغاضِي عنه؛ لعموم الحديث
المذكور وما جاء في معناه، ولما يترتَّب على الغشِّ
من المفاسِد والأضرار والعَواقِب الوخيمة)
((مجموع فتاوى ومقالات ابن باز)) (24/61).
وقال ابن عثيمين: (وإنَّ مما يؤسف له
أن بعض الطلاب يستأجرون من يعد لهم بحوثًا
أو رسائل يحصلون على شهادات علمية
أو من يحقق بعض الكتب، فيقول لشخص حضِّر لي تراجم
هؤلاء، وراجع البحث الفلاني، ثم يقدمه رسالة
ينال بها درجة يستوجب بها أن يكون في عداد المعلمين
أو ما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة مخالف لمقصود الجامعة
ومخالف للواقع، وأرى أنَّه نوع من الخيانة
لأنه لابد أن يكون المقصود من الرسالة هو الدراسة
والعلم قبل كل شيء، فإذا كان المقصود من ذلك الشهادة
فقط، فإنه لو سئل بعد أيام عن الموضوع الذي حصل
على الشهادة فيه لم يجب؛ لهذا أحذر إخواني الذي ي
حققون الكتب، أو الذين يحضِّرون رسائل
على هذا النحو، من العاقبة الوخيمة...)
((فتاوى يسألونك)) لحسان عفانة (11/204).
وسئل فضيلته أيضًا: ما نصائحكم للطلبة
في أيام الامتحانات والإجازات؟
فأجاب بقوله: (نصيحتي للطلبة في أيام الامتحانات
وفي غير أيام الامتحانات وفي الإجازة:
أن يتقوا الله عزَّ وجلَّ، وأن يخلصوا له النية
في طلب العلم، وأن يؤدوا الأمانة في الامتحانات
بحيث لا يحاول أحد منهم الغش، لا لنفسه ولا لغيره
لأنه مؤتمن، ولأن من نجح بالغش فليس بناجح
في الحقيقة، ثم إنه يترتب على غشه أنه سينال
بشهادته مرتبة لا تحل إلا بالشهادة الحقيقة المبنيَّة
على الصدق، والإنسان إذا لم ينجح إلا بالغش
فإنه لم ينجح في الحقيقة، ثم إنَّه سوف يكون
فاشلًا ليتولى منصبًا يتولاه من حصل على الشهادة
التي غش فيها، إذ أنَّه ليس عنده علم، فيبقي
فاشلًا في أداء مهمته، ولا فرق في ذلك
بين مادَّة وأخرى، فجميع المواد لا يجوز فيها الغش
وما اشتهر عند بعضهم بأنَّه يجوز الغش
في بعض المواد فإنه لا وجه له)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (26/459).
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
*عبدالرحمن*
2022-02-26, 12:46
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
أنواع الغش وصوره
6- عدم الوفاء بالعقود:
كالعقود التي تعمل في الإنشاءات والمقاولات
وغيرها من المعاملات التي أبرمت فيها العقود،
فعدم الوفاء بها يعتبر من الغش المحرم، والله سبحانه
يأمر بالوفاء وعدم الغش حيث يقول
: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]
7- ومن صور الغش أيضًا:
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وعدم الإنكار على الأصحاب والأقارب محاباة لهم ومداهنة.
فحق هؤلاء على المسلم أن ينصحهم ويأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر، فإن لم يفعل فقد غشهم.
آثار الغش
1- براءة النبي صلى الله عليه وسلم من مرتكب جريمة الغش.
2- الغاش بعيد عن الناس بعيد عن الله.
3- الغاش قليل التحصيل، دنيء الهمة.
4- الغاش متهاون بنظر الله إليه
5- الغاش مرتكب كبيرة من الكبائر المحرمة.
6- الغاش ممحوق البركة.
7- الغش خيانة للأمانة التي كلف الإنسان بحملها
8- الغش دليل ضعف الإيمان.
9- الغش سبب من أسباب الفرقة بين المسلمين.
10- الغش طريق موصل للنار.
11- الغش فيه أكل أموال الناس بالباطل.
12- الغش من أسباب عدم إجابة الدعاء
لأن صاحبه يأكل المال الحرام.
13- الغش يخرج أجيال فاشلة غير قادرة على تحمل المسئولية.
14- الغش يولد ضعف الثقة بين أفراد المجتمع. .
و لنا عودة من اجل استكمال شرح
خُلُق الغش
*عبدالرحمن*
2022-03-01, 12:47
أخوة الإسلام
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
موقف تربوي يعين على ترك الغش
عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده أسلم
قال: بينا أنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعس
عس يعس عسسا وعسا أي طاف بالليل.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/441).
المدينة إذ عيي
عي بالأمر عيا وعيي: عجز عنه ولم يطق إحكامه.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (15/111).
فاتكأ إلى جانب جدار في جوف الليل
فإذا امرأة تقول لابنتها: يا ابنتاه،
قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه
مذق اللبن يمذقه مذقا: خلطه.
انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (10/339).
بالماء. فقالت لها: يا أمَّاه! أو ما علمت
ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟
قالت: وما كان من عزمته يا بنية؟
قالت: إنه أمر مناديه فنادى أن لا يشاب اللبن بالماء.
فقالت لها: يا بنية! قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء
فإنَّك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر.
فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه! والله ما كنت
لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء
رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (70/253).
اخوة الاسلام
و لمن يريد الاطلاع علي المزيد
يمكنه من خلال الروابط التالية
الأسباب المعينة على ترك الغش (https://www.dorar.net/akhlaq/2475/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B4)
ذم الغش في واحة الشعر (https://www.dorar.net/akhlaq/2481/%D8%B0%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B4-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1)
و لنا عودة ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء
من اجل الاستفادة من خلق اخر
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir