bich64
2009-12-20, 21:18
:mh92:موضوع علم الاجتماع الديني وميادينه :
إما موضوعات علم الاجتماع الديني :يختص علم الاجتماع الديني بدراسة الظواهر الاجتماعية التي تبنت المؤسسات الدينية التي درسها الأستاذ *جورج ريمل * في كتابه علم الاجتماع الفقهي في ما يلي :
01*الرئاسة والمرؤوسة في المؤسسات الدينية .
02*المركزية واللامركزية لهذه المؤسسات .
03*الموضوعية والذاتية في المؤسسات الدينية .
04*الصراع والنفاق في المؤسسات الدينية
05*المنافسة والتعاون في المؤسسات الدينية .
أما ميادين علم الاجتماع الديني يمكن تحديد مبادئ دراسية ومنهجية فيما يلي :
-*تحديد علاقة علم الاجتماع الديني وعلم الاجتماع وعلم الدين
-* تحديد علاقة علو الاجتماع الديني وباقي العلو الأخرى
-* تحديد العلاقة بين الدين والمجتمع ...أي ما هو دور الدين ؟
-* تحديد العلاقة بين الدين والمادة والروح ويعالج هذا الأخير عدة قضايا أهمها :دعوة الدين للفرد والمجتمع والاهتمام بالأمور الالاهيه والدينية والمثالية والأخلاقية والاهتمام بالأمور الدنيوية الواقعية التي تؤدي إلى إصلاح المجتمع
كذلك الدين والمؤسسات (أي علاقته). والدين والتشريعات الاجتماعية كالعادات والتقاليد وهناك إيضاح مابين الدين والقيم الاجتماعية ( الأخلاق ...التسامح ...التكافل ..التكاتف .......الخ )
الحضارة عند مالك بن نبي
1/ التعريف بمالك بن نبي :
نشأته :هو مالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي ولد في الخامس من ذي القعدة عام 1323 ه الموافق أول جانفي 1905 في مدينة قسنطينة ، من أبوين مسلمين ، ثم نشأ في تبسة ، حيث استقر مقام عائلته فيها وحصل على شهادة الثانوية في الجزائر ، ثم سافر إلى فرنسا البلد المستعمر حيث دخل كلية الهندسة وتخرج منها مهندسا كهربائيا عام 1935 ، ثم سافر مالك بعد فرنسا إلى القاهرة وغادر فرنسا نهائيا عام 1956 واستقر بمصر وهناك تعرف على العالم العربي وتعرف العالم عليه ، وفي العام 1959 قام بزيارة لسوريا ولبنان ، وشارك في عدد من المؤتمرات التي عقدت في السعودية والكويت وليبيا ، وعين من قبل الحكومة المصرية مستشارا للمؤتمر الإسلامي ( الذي أصبح في ما بعد مجمع البحوث الإسلامية )
وفي عام 1963 عاد بن نبي إلى وطنه الجزائر وقد تحرر من الاستعمار الفرنسي بعد احتلال دام أكثر من 130 سنة
تفرغ مالك بن نبي للعمل الفكري بعد ما ستقال من منصبه المتمثل في مدير عام للتعليم العالي بوزارة الثقافة والإرشاد القومي الجزائري ، توفى يوم الأربعاء 4 شوال 1393 ه الموافق لـ 31 أكتوبر 1973م
آثاره : أصدر في فرنسا باللغة الفرنسية، و" الظاهرة القرآنية " ، " شروط النهضة ووجهة العالم الإسلامي " الفكرة الإسلامية وفي مصر عندما أتقن اللغة العربية أصدرت له الكتب التالية : "مشكلة الثقافة " ، " ميلاد مجتمع " ، " في مهب المعركة " ، فكرة كومنولث إسلامي " ، " الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ".
ومن مؤلفاته في الجزائر " آفاق جزائرية " ، " مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي " ، " المسلم في عالم الاقتصاد " ، " مذكرات شاهد القرن " .
2/ الحضارة ومشكلاتها :
إن الاهتمام الكبير الذي شغل مالك بن نبي هو الإنسان في صورته الفردية والاجتماعية ، وقد انتهى بعد تأمله في التاريخ الإنساني والإسلامي إلى آراء وأفكار في الحضارة ، وفي التاريخ وفي السلوك الاجتماعي .
وله تفسير خاص يتعلق بالحركة التاريخية فهو يرى أن التاريخ نشاط مشترك مستمر مسجل على صفحة الزمن بتأثير من عالم الأشخاص و عالم الأفكار و عالم الأشياء مع الملاحظة بأن هناك علاقات في عالم الأشخاص يسميها مالك بن نبي شبكة العلاقات الاجتماعية و صورة النشاط المشترك في التاريخ تكون تابعة لعالم الأفكار فالسلوك يتبع الأفكار ينفذ ذلك عن طريق عالم الأشياء .
المجتمع الطبيعي و التاريخي :
1 – المجتمع الطبيعي :هو المجتمع البدائي
2- المجتمع التاريخي :هو الذي ولد في ظروف أولية معنية و لكنه عدل من بعد صفاته الجذرية ابتداء من هذه الحالة الأولية طبقا لقانون التغيير ، و المجتمع التاريخي ليس حدثا عرضيا بل هو نتيجة عملية تغيير مطردة
تفسير مالك بن نبي للحركة التاريخية :
أولا:حركة تاريخية مستمرة (استمرارية الحركة التاريخية)
ثانيا :إن هذه الحركة لها أسباب تنتجها (علية هذه الحركة )
ثالثا:إن لها غاية تريد الوصول إليها (غائية الحركة)
و هذه الحركة التاريخية ترجع في حقيقتها إلى مجموع من العوامل النفسية التي تعتبر ناتجا عن بعض القوى الروحية ، و هذه القوى الروحية هي التي تجعل من النفس المحرك الجوهري للتاريخ الإنساني .
و يستخلص " مالك بن نبي " أن التاريخ ليس سوى هذا التغيير الذي تتعرض له " الذات " و المجال الذي يحوطها على السواء و بتعبير أدق : أن صناعة التاريخ تتم تبعا لتأثير طوائف اجتماعية ثلاث :
تأثير "عالم الأشخاص "
تأثير " عالم الأفكار "
تأثير " عالم الأشياء ".
لكن هذه العوامل الثلاثة لا تعمل متفرقة بل تتوافق في عمل مشترك تأتي صورته طبقا لنماذج اديولوجية من عالم الأفكار يتم تنفيذها بوسائل من "عالم الأشياء " من أجل غاية يحددها عالم الأشخاص و بما أن وحدة هذا العمل التاريخي ضرورة فإن توافق هذه الوحدة مع الغاية منها هي التي تتجسم في صورة " حضارة " و بالتالي فإن هذا التوافق ضرورة ملحة لصناعة الحضارة و هو ما يستلزم - كنتيجة منطقية – وجود عالم رابع هو مجموع العلاقات الاجتماعية الضرورية أو ما يطلق عليه {شبكة العلاقات الاجتماعية}
و يرى " مالك بن نبي " إن تطور مجتمع ما على أية صورة هو دائما تطور مسجل كما و كيفا في شبكة علاقاته
وعندما يرتخي التوتر في خيوط الشبكة تصبح عاجزة عن القيام بالنشاط المشترك بصورة فعالة وفي ذلك دليل على أن المجتمع مريض وانه ماض إلى نهايته .
إن هذا الاهتمام الكبير من مالك بن نبي بموضوع الحضارة له ما يسوغه حسب تعريفه للحضارة ومضامينها الثقافية والعلمية ، فالأمة التي تقلع باتجاه حضارة ، وذلك بالفكرة التي غدت هذا الإقلاع ، تكون شبكة علاقاتها وحلل الزواج ، وحرم الربا وأحل التجارة ......الخ وأصبحت شخصية المسلم سوية ليس فيها عقد نفسية أو اجتماعية .
نقل الإسلام الفرد الذي يقتفي ضلال آبائه ولا يتبع إلا هواه إلى الفرد الذي يقرأ وينظر ويفكر ويتدبر ، وحين قال لهم القرآن (( ولا تمش في الأرض مرحا )) سورة الإسراء : الآية 38 ، كان يهدف إلى ترشيد النفس العربية بهذا الانضباط الحضاري ولقد صنعت الحضارة الإسلامية لأول عهدها ثقافة مشتركة جعلت العرب يقبلون على العلم بنهم عظيم ، وجعلت خليفة عبقريا مثل عمر بن الخطاب "" رضي الله عنه "" يأمر بتخطيط المدن في العراق والشام وافريقية ، وابتني ست مدن فهو أبو المدن كما يعبر المؤرخ شاكر مصطفى .
تعريف الحضارة :ليس سهلا تعريف مصطلح عميق الدلالة كالحضارة تعريفا جامعا مانعا كما يقال .
فالحضارة عند ابن خلدون هي :( التفنن في الترف ، واستجادة أحواله والكلف بالصنائع التي تؤنق من صنوفه والحضارة تكون عند انتهاء الدولة ، ومن مفاسد الحضارة الانهماك في الشهوات والاسترسال فيها لكثرة الترف ) .
الحضارة عند مالك بن نبي : يعرف مالك بن نبي الحضارة أنها " مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده المساعدة الضرورية " .
والحضارة عنده هي :" نتاج فكرة جوهرية تمنح المجتمع في مرحلة ما قبل التحضر القدرة عل "" الاندفاع "" يجعله يدخل التاريخ فيبني نظامه الفكري طبقا للنموذج المثالي الذي اختاره وعلى هذا النحو تتأصل جذوره في محيط ثقافي أصيل يتحكم بدوره في جميع خصائصه التي تميزه عن الثقافات والحضارات الأخرى ".
والحضارة " هي جوهر الوجود للمجتمع وعكسها هو الهمجية والعودة إلى البدائية الترحلة ".
إذا الحضارة عند مالك بن نبي هي الحاضنة للتقدم وهي المحيط المناسب لإشاعة ثقافة العلم .
العوامل التي تشكل الحضارة :
أما العوامل التي تشكل الحضارة فقد صاغها مالك بن نبي في المعادلة التالية :
ناتج الحضارة = إنسان + تراب+ وقت
ولكن هذه المعادلة لا تعطي ثمارها إلا بمفاعل أو مركب يدمج هذه العناصر ويعطيها غاية وهذا المفاعل هو الدين أو ما أسماه " الفكرة الدينية " أو " العنصر الأخلاقي " والذي رافق دائما تركيب الحضارة عبر التاريخ .
وفي حديثه عن دور الدين في الحضارة يخصص مالك بن نبي فصلين لذلك ويستنتج أن الحضارة لا تظهر في أمة من الأمم إلا في صورة وحي يهبط للناس شرعة ومنهاجا ، ففي هذه الفترة من نزول الوحي تسيطر الروح على حياة الأمة وتظل هي العامل الرئيسي في سيرها التاريخي .
فالحضارة القائمة على الدين تولد مرتين ، مرة عند نزول الوحي ومرة أخرى عندما تنطبع الفكرة الدينية في نفوس معتنقيها ( ودليله في ذلك ما حدث في المسيحية فقد ولدت أولا عندما تلقى عيسى "" عليه السلام "" الوحي وولدت ثانيا في عصر النهضة ، ولكن المولدين حدثا في وقت واحد في الإسلام ) .
الدورة الحضارية :
انطلاقا من المعادلة السابقة يعتقد مالك بن نبي بالدورة الحضارية ، فالحضارة تبدأ قوية مندفعة عندما تسيطر عليها الروح أو العاطفة الصادقة أو الشعور الجماعي القوي لتنفيذ فكرة وهذه الروح تضبط الغرائز الدنيوية وهي مرحلة النهضة .
ثم مرحلة العقل : وفيها تبدأ مرحلة قطف ثمار الحضارة من التمدن وازدهار العلوم والفنون وتبدأ في المقابل الغرائز في التفلت شيئا فشيئا .
وأخيرا مرحلة الانحطاط :وفيها تتفكك العلاقات الاجتماعية وتسود الفردية ، ويتحول العلم إلى علم انتفاعي يعيش أصحابه على الجهل المنتشر ويسميها مرحلة الغريزة ثم يدخل الإنسان بعدها مرحلة ما بعد الحضارة .
ويشير مالك إلى أن الوصول إلى المرحلة الأخيرة لا يعني أنها دورة حتمية المآل أو الزوال فالحضارة يمكن أن تستأنف مرة ثانية أو تستمر إذا استطاعت الفكرة الدينية أن تكون فاعلة وحاضرة في الأمة من جديد .
أهم آرائه وأفكاره في النهوض الحضاري :
لقد درس مالك بن نبي أسباب تخلف العالم الإسلامي ، ولم يدرس حالة بعينها ، درس العالم الإسلامي وهو يعيش في بؤرة الصراع مع الغرب خاصة في بلد مثل الجزائر وتنبه مالك إلى الأسباب عدم نهوض الأمة الإسلامية من عدم وجود منهج واضح للإصلاح ولا نظرية محددة للأهداف والوسائل ولا تخطيط للمراحل .
وقد شخص أمراض المسلمين وهو في الغالب يركز على الفرد والمجتمع أكثر من تركيزه على الدولة والإصلاح السياسي
أولا : الأمراض الداخلية :
1/ الشلل الأخلاقي :تحتل الأخلاق حجر الزاوية في فكر مالك بن نبي ، فهي مرتبطة بالسياسة والحضارة والمجتمع ، وبفقدان الأخلاق يتحول المجتمع المتحضر إلى مجتمع منحط " إن أخطر مرض أصاب المسلمين وهو الانفصام بين النموذج القرآني والتطبيق العملي فقد انعدمت الدوافع التي حركت الرعيل الأول من الصحابة " .
وازداد هذا المرض انتشارا في القرون الأخيرة فأصبح المسلم نتيجة لغروره لا يقر بأخطائه وأصبحت المعادلة عنده : بما أن الإسلام دين كامل وبما أنني مسلم فأنا كامل وبذلك اختلت الحركة عنده فلا يزيد من جهوده للبناء والإصلاح ونتيجة لهذا الخلل ضعفت الروابط الاجتماعية .
ا2/ لخلل الفكري :
-يميل المسلم في تقويميه للأشياء إما للغلو فيها أو الحط من قيمتها ويتمثل هذا في نوعين من الأفراد
أ/ذهان السهولة/وهو أن يعتقد الشخص أن الأمور سهلة جدا ولا تحتاج إلى تعب و نصب وهي الحالة التي يسميها مالك بن نبي (ذهان السهولة )
ب/ذهان الاستحالة :وهو أن تحدث العكس فيصاب بذهان الاستحالة فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة ويقف أمامها عاجزا وهي في الحقيقة غير مستحيلة ولكن ربما يضخمها عمدا حتى لا يتعب نفسه في أيجاد الحلول لها أو أنه يشعر بضعف همته فيحكم عليها بالاستحالة
ج/طغيان عالم الأشياء :عندما يكون مجتمع في حالة نهوض لابد أن يحقق الانسجام بين هذه العوالم (الأشياء,الأشخاص الأفكار )ولكن في حلة التخلف تكون النزعة الكمية هي المسيطرة ( فلا يسأل المؤلف عن الموضوع الذي تناوله وإنما يسأل عن عدد صفحات الكتاب)
د/ طغيان عالم الأشخاص :عندما يتعلق الناس بالأشخاص أكثر من تعليقهم بالمبدأ فأنهم يرون الإنقاذ من الحالة التي هم فيها ب( البطل القديم ) دون أن يقدموا بجهد يذكر في حين أنه من واجب المسلمين جميعهم حمل الرسالة وقيادة الدعوة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم .يقول الله تعالى ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفاين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) سورة آل عمران الآية 144
هـ/ طغيان عالم الأفكار:عندما يكون المجتمع في حالة تخاف قد يصل الأمر ألي طغيان عالم الأفكار فعندما لا يستطيع المسلم القيام بعمل مثمر يلجأ إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذ طريقها إلي التطبيق
و/ العقلية الذرية : وهذا مرض من ينظر إلي الأحداث والوقائع مجزأة ومنصفة فردية .هذه العقلية موجودة في أوساط المسلمين بسب البعد عن الفعل الحضاري ومن مظاهرها أن الجهود المبذولة في المجتمعات الإسلامية لاتتسم بالتواصل بل بالمحاولات المنفصلة وهذا العجز عن التعميم يحدث للعقل الإنساني عامة عندما يقصر عن بلوغ درجة معنية من النضج . بينما في حالة الحضارة مثل ما هو الحال في الحضارة العربية فان التراث العلمي الذي خلفته هذه الأخيرة يظل شاهدا على ما اتسم به العقل الإسلامي من القدرة على التركيب و الإحساس بالقانون العام و البعد عن العقلية التجزيئية (علم أصول الفقه اكبر دليل على ذلك)
1- القابلية للاستعمار :هذا المصطلح من أهم المفاهيم التي أطلقها مالك بن نبي و هو يعني غالبا التخلف الحضاري الذي أصاالمسلمين في العصور الأخيرة لان كثيرا من المسلمين يحاولون تبرير تخلفهم و ضعفهم بالاستعمار فأراد مالك بن نبي إن يرجع المشكلة إلى سببها الأول و هو القابلية للاستعمار أي ملاحظة الخسائر التي ألحقها المسلمون بأنفسهم قبل التحدث عن الخسائر التي ألحقها الآخرون بهم
إما موضوعات علم الاجتماع الديني :يختص علم الاجتماع الديني بدراسة الظواهر الاجتماعية التي تبنت المؤسسات الدينية التي درسها الأستاذ *جورج ريمل * في كتابه علم الاجتماع الفقهي في ما يلي :
01*الرئاسة والمرؤوسة في المؤسسات الدينية .
02*المركزية واللامركزية لهذه المؤسسات .
03*الموضوعية والذاتية في المؤسسات الدينية .
04*الصراع والنفاق في المؤسسات الدينية
05*المنافسة والتعاون في المؤسسات الدينية .
أما ميادين علم الاجتماع الديني يمكن تحديد مبادئ دراسية ومنهجية فيما يلي :
-*تحديد علاقة علم الاجتماع الديني وعلم الاجتماع وعلم الدين
-* تحديد علاقة علو الاجتماع الديني وباقي العلو الأخرى
-* تحديد العلاقة بين الدين والمجتمع ...أي ما هو دور الدين ؟
-* تحديد العلاقة بين الدين والمادة والروح ويعالج هذا الأخير عدة قضايا أهمها :دعوة الدين للفرد والمجتمع والاهتمام بالأمور الالاهيه والدينية والمثالية والأخلاقية والاهتمام بالأمور الدنيوية الواقعية التي تؤدي إلى إصلاح المجتمع
كذلك الدين والمؤسسات (أي علاقته). والدين والتشريعات الاجتماعية كالعادات والتقاليد وهناك إيضاح مابين الدين والقيم الاجتماعية ( الأخلاق ...التسامح ...التكافل ..التكاتف .......الخ )
الحضارة عند مالك بن نبي
1/ التعريف بمالك بن نبي :
نشأته :هو مالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي ولد في الخامس من ذي القعدة عام 1323 ه الموافق أول جانفي 1905 في مدينة قسنطينة ، من أبوين مسلمين ، ثم نشأ في تبسة ، حيث استقر مقام عائلته فيها وحصل على شهادة الثانوية في الجزائر ، ثم سافر إلى فرنسا البلد المستعمر حيث دخل كلية الهندسة وتخرج منها مهندسا كهربائيا عام 1935 ، ثم سافر مالك بعد فرنسا إلى القاهرة وغادر فرنسا نهائيا عام 1956 واستقر بمصر وهناك تعرف على العالم العربي وتعرف العالم عليه ، وفي العام 1959 قام بزيارة لسوريا ولبنان ، وشارك في عدد من المؤتمرات التي عقدت في السعودية والكويت وليبيا ، وعين من قبل الحكومة المصرية مستشارا للمؤتمر الإسلامي ( الذي أصبح في ما بعد مجمع البحوث الإسلامية )
وفي عام 1963 عاد بن نبي إلى وطنه الجزائر وقد تحرر من الاستعمار الفرنسي بعد احتلال دام أكثر من 130 سنة
تفرغ مالك بن نبي للعمل الفكري بعد ما ستقال من منصبه المتمثل في مدير عام للتعليم العالي بوزارة الثقافة والإرشاد القومي الجزائري ، توفى يوم الأربعاء 4 شوال 1393 ه الموافق لـ 31 أكتوبر 1973م
آثاره : أصدر في فرنسا باللغة الفرنسية، و" الظاهرة القرآنية " ، " شروط النهضة ووجهة العالم الإسلامي " الفكرة الإسلامية وفي مصر عندما أتقن اللغة العربية أصدرت له الكتب التالية : "مشكلة الثقافة " ، " ميلاد مجتمع " ، " في مهب المعركة " ، فكرة كومنولث إسلامي " ، " الصراع الفكري في البلاد المستعمرة ".
ومن مؤلفاته في الجزائر " آفاق جزائرية " ، " مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي " ، " المسلم في عالم الاقتصاد " ، " مذكرات شاهد القرن " .
2/ الحضارة ومشكلاتها :
إن الاهتمام الكبير الذي شغل مالك بن نبي هو الإنسان في صورته الفردية والاجتماعية ، وقد انتهى بعد تأمله في التاريخ الإنساني والإسلامي إلى آراء وأفكار في الحضارة ، وفي التاريخ وفي السلوك الاجتماعي .
وله تفسير خاص يتعلق بالحركة التاريخية فهو يرى أن التاريخ نشاط مشترك مستمر مسجل على صفحة الزمن بتأثير من عالم الأشخاص و عالم الأفكار و عالم الأشياء مع الملاحظة بأن هناك علاقات في عالم الأشخاص يسميها مالك بن نبي شبكة العلاقات الاجتماعية و صورة النشاط المشترك في التاريخ تكون تابعة لعالم الأفكار فالسلوك يتبع الأفكار ينفذ ذلك عن طريق عالم الأشياء .
المجتمع الطبيعي و التاريخي :
1 – المجتمع الطبيعي :هو المجتمع البدائي
2- المجتمع التاريخي :هو الذي ولد في ظروف أولية معنية و لكنه عدل من بعد صفاته الجذرية ابتداء من هذه الحالة الأولية طبقا لقانون التغيير ، و المجتمع التاريخي ليس حدثا عرضيا بل هو نتيجة عملية تغيير مطردة
تفسير مالك بن نبي للحركة التاريخية :
أولا:حركة تاريخية مستمرة (استمرارية الحركة التاريخية)
ثانيا :إن هذه الحركة لها أسباب تنتجها (علية هذه الحركة )
ثالثا:إن لها غاية تريد الوصول إليها (غائية الحركة)
و هذه الحركة التاريخية ترجع في حقيقتها إلى مجموع من العوامل النفسية التي تعتبر ناتجا عن بعض القوى الروحية ، و هذه القوى الروحية هي التي تجعل من النفس المحرك الجوهري للتاريخ الإنساني .
و يستخلص " مالك بن نبي " أن التاريخ ليس سوى هذا التغيير الذي تتعرض له " الذات " و المجال الذي يحوطها على السواء و بتعبير أدق : أن صناعة التاريخ تتم تبعا لتأثير طوائف اجتماعية ثلاث :
تأثير "عالم الأشخاص "
تأثير " عالم الأفكار "
تأثير " عالم الأشياء ".
لكن هذه العوامل الثلاثة لا تعمل متفرقة بل تتوافق في عمل مشترك تأتي صورته طبقا لنماذج اديولوجية من عالم الأفكار يتم تنفيذها بوسائل من "عالم الأشياء " من أجل غاية يحددها عالم الأشخاص و بما أن وحدة هذا العمل التاريخي ضرورة فإن توافق هذه الوحدة مع الغاية منها هي التي تتجسم في صورة " حضارة " و بالتالي فإن هذا التوافق ضرورة ملحة لصناعة الحضارة و هو ما يستلزم - كنتيجة منطقية – وجود عالم رابع هو مجموع العلاقات الاجتماعية الضرورية أو ما يطلق عليه {شبكة العلاقات الاجتماعية}
و يرى " مالك بن نبي " إن تطور مجتمع ما على أية صورة هو دائما تطور مسجل كما و كيفا في شبكة علاقاته
وعندما يرتخي التوتر في خيوط الشبكة تصبح عاجزة عن القيام بالنشاط المشترك بصورة فعالة وفي ذلك دليل على أن المجتمع مريض وانه ماض إلى نهايته .
إن هذا الاهتمام الكبير من مالك بن نبي بموضوع الحضارة له ما يسوغه حسب تعريفه للحضارة ومضامينها الثقافية والعلمية ، فالأمة التي تقلع باتجاه حضارة ، وذلك بالفكرة التي غدت هذا الإقلاع ، تكون شبكة علاقاتها وحلل الزواج ، وحرم الربا وأحل التجارة ......الخ وأصبحت شخصية المسلم سوية ليس فيها عقد نفسية أو اجتماعية .
نقل الإسلام الفرد الذي يقتفي ضلال آبائه ولا يتبع إلا هواه إلى الفرد الذي يقرأ وينظر ويفكر ويتدبر ، وحين قال لهم القرآن (( ولا تمش في الأرض مرحا )) سورة الإسراء : الآية 38 ، كان يهدف إلى ترشيد النفس العربية بهذا الانضباط الحضاري ولقد صنعت الحضارة الإسلامية لأول عهدها ثقافة مشتركة جعلت العرب يقبلون على العلم بنهم عظيم ، وجعلت خليفة عبقريا مثل عمر بن الخطاب "" رضي الله عنه "" يأمر بتخطيط المدن في العراق والشام وافريقية ، وابتني ست مدن فهو أبو المدن كما يعبر المؤرخ شاكر مصطفى .
تعريف الحضارة :ليس سهلا تعريف مصطلح عميق الدلالة كالحضارة تعريفا جامعا مانعا كما يقال .
فالحضارة عند ابن خلدون هي :( التفنن في الترف ، واستجادة أحواله والكلف بالصنائع التي تؤنق من صنوفه والحضارة تكون عند انتهاء الدولة ، ومن مفاسد الحضارة الانهماك في الشهوات والاسترسال فيها لكثرة الترف ) .
الحضارة عند مالك بن نبي : يعرف مالك بن نبي الحضارة أنها " مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده المساعدة الضرورية " .
والحضارة عنده هي :" نتاج فكرة جوهرية تمنح المجتمع في مرحلة ما قبل التحضر القدرة عل "" الاندفاع "" يجعله يدخل التاريخ فيبني نظامه الفكري طبقا للنموذج المثالي الذي اختاره وعلى هذا النحو تتأصل جذوره في محيط ثقافي أصيل يتحكم بدوره في جميع خصائصه التي تميزه عن الثقافات والحضارات الأخرى ".
والحضارة " هي جوهر الوجود للمجتمع وعكسها هو الهمجية والعودة إلى البدائية الترحلة ".
إذا الحضارة عند مالك بن نبي هي الحاضنة للتقدم وهي المحيط المناسب لإشاعة ثقافة العلم .
العوامل التي تشكل الحضارة :
أما العوامل التي تشكل الحضارة فقد صاغها مالك بن نبي في المعادلة التالية :
ناتج الحضارة = إنسان + تراب+ وقت
ولكن هذه المعادلة لا تعطي ثمارها إلا بمفاعل أو مركب يدمج هذه العناصر ويعطيها غاية وهذا المفاعل هو الدين أو ما أسماه " الفكرة الدينية " أو " العنصر الأخلاقي " والذي رافق دائما تركيب الحضارة عبر التاريخ .
وفي حديثه عن دور الدين في الحضارة يخصص مالك بن نبي فصلين لذلك ويستنتج أن الحضارة لا تظهر في أمة من الأمم إلا في صورة وحي يهبط للناس شرعة ومنهاجا ، ففي هذه الفترة من نزول الوحي تسيطر الروح على حياة الأمة وتظل هي العامل الرئيسي في سيرها التاريخي .
فالحضارة القائمة على الدين تولد مرتين ، مرة عند نزول الوحي ومرة أخرى عندما تنطبع الفكرة الدينية في نفوس معتنقيها ( ودليله في ذلك ما حدث في المسيحية فقد ولدت أولا عندما تلقى عيسى "" عليه السلام "" الوحي وولدت ثانيا في عصر النهضة ، ولكن المولدين حدثا في وقت واحد في الإسلام ) .
الدورة الحضارية :
انطلاقا من المعادلة السابقة يعتقد مالك بن نبي بالدورة الحضارية ، فالحضارة تبدأ قوية مندفعة عندما تسيطر عليها الروح أو العاطفة الصادقة أو الشعور الجماعي القوي لتنفيذ فكرة وهذه الروح تضبط الغرائز الدنيوية وهي مرحلة النهضة .
ثم مرحلة العقل : وفيها تبدأ مرحلة قطف ثمار الحضارة من التمدن وازدهار العلوم والفنون وتبدأ في المقابل الغرائز في التفلت شيئا فشيئا .
وأخيرا مرحلة الانحطاط :وفيها تتفكك العلاقات الاجتماعية وتسود الفردية ، ويتحول العلم إلى علم انتفاعي يعيش أصحابه على الجهل المنتشر ويسميها مرحلة الغريزة ثم يدخل الإنسان بعدها مرحلة ما بعد الحضارة .
ويشير مالك إلى أن الوصول إلى المرحلة الأخيرة لا يعني أنها دورة حتمية المآل أو الزوال فالحضارة يمكن أن تستأنف مرة ثانية أو تستمر إذا استطاعت الفكرة الدينية أن تكون فاعلة وحاضرة في الأمة من جديد .
أهم آرائه وأفكاره في النهوض الحضاري :
لقد درس مالك بن نبي أسباب تخلف العالم الإسلامي ، ولم يدرس حالة بعينها ، درس العالم الإسلامي وهو يعيش في بؤرة الصراع مع الغرب خاصة في بلد مثل الجزائر وتنبه مالك إلى الأسباب عدم نهوض الأمة الإسلامية من عدم وجود منهج واضح للإصلاح ولا نظرية محددة للأهداف والوسائل ولا تخطيط للمراحل .
وقد شخص أمراض المسلمين وهو في الغالب يركز على الفرد والمجتمع أكثر من تركيزه على الدولة والإصلاح السياسي
أولا : الأمراض الداخلية :
1/ الشلل الأخلاقي :تحتل الأخلاق حجر الزاوية في فكر مالك بن نبي ، فهي مرتبطة بالسياسة والحضارة والمجتمع ، وبفقدان الأخلاق يتحول المجتمع المتحضر إلى مجتمع منحط " إن أخطر مرض أصاب المسلمين وهو الانفصام بين النموذج القرآني والتطبيق العملي فقد انعدمت الدوافع التي حركت الرعيل الأول من الصحابة " .
وازداد هذا المرض انتشارا في القرون الأخيرة فأصبح المسلم نتيجة لغروره لا يقر بأخطائه وأصبحت المعادلة عنده : بما أن الإسلام دين كامل وبما أنني مسلم فأنا كامل وبذلك اختلت الحركة عنده فلا يزيد من جهوده للبناء والإصلاح ونتيجة لهذا الخلل ضعفت الروابط الاجتماعية .
ا2/ لخلل الفكري :
-يميل المسلم في تقويميه للأشياء إما للغلو فيها أو الحط من قيمتها ويتمثل هذا في نوعين من الأفراد
أ/ذهان السهولة/وهو أن يعتقد الشخص أن الأمور سهلة جدا ولا تحتاج إلى تعب و نصب وهي الحالة التي يسميها مالك بن نبي (ذهان السهولة )
ب/ذهان الاستحالة :وهو أن تحدث العكس فيصاب بذهان الاستحالة فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة ويقف أمامها عاجزا وهي في الحقيقة غير مستحيلة ولكن ربما يضخمها عمدا حتى لا يتعب نفسه في أيجاد الحلول لها أو أنه يشعر بضعف همته فيحكم عليها بالاستحالة
ج/طغيان عالم الأشياء :عندما يكون مجتمع في حالة نهوض لابد أن يحقق الانسجام بين هذه العوالم (الأشياء,الأشخاص الأفكار )ولكن في حلة التخلف تكون النزعة الكمية هي المسيطرة ( فلا يسأل المؤلف عن الموضوع الذي تناوله وإنما يسأل عن عدد صفحات الكتاب)
د/ طغيان عالم الأشخاص :عندما يتعلق الناس بالأشخاص أكثر من تعليقهم بالمبدأ فأنهم يرون الإنقاذ من الحالة التي هم فيها ب( البطل القديم ) دون أن يقدموا بجهد يذكر في حين أنه من واجب المسلمين جميعهم حمل الرسالة وقيادة الدعوة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم .يقول الله تعالى ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفاين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) سورة آل عمران الآية 144
هـ/ طغيان عالم الأفكار:عندما يكون المجتمع في حالة تخاف قد يصل الأمر ألي طغيان عالم الأفكار فعندما لا يستطيع المسلم القيام بعمل مثمر يلجأ إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذ طريقها إلي التطبيق
و/ العقلية الذرية : وهذا مرض من ينظر إلي الأحداث والوقائع مجزأة ومنصفة فردية .هذه العقلية موجودة في أوساط المسلمين بسب البعد عن الفعل الحضاري ومن مظاهرها أن الجهود المبذولة في المجتمعات الإسلامية لاتتسم بالتواصل بل بالمحاولات المنفصلة وهذا العجز عن التعميم يحدث للعقل الإنساني عامة عندما يقصر عن بلوغ درجة معنية من النضج . بينما في حالة الحضارة مثل ما هو الحال في الحضارة العربية فان التراث العلمي الذي خلفته هذه الأخيرة يظل شاهدا على ما اتسم به العقل الإسلامي من القدرة على التركيب و الإحساس بالقانون العام و البعد عن العقلية التجزيئية (علم أصول الفقه اكبر دليل على ذلك)
1- القابلية للاستعمار :هذا المصطلح من أهم المفاهيم التي أطلقها مالك بن نبي و هو يعني غالبا التخلف الحضاري الذي أصاالمسلمين في العصور الأخيرة لان كثيرا من المسلمين يحاولون تبرير تخلفهم و ضعفهم بالاستعمار فأراد مالك بن نبي إن يرجع المشكلة إلى سببها الأول و هو القابلية للاستعمار أي ملاحظة الخسائر التي ألحقها المسلمون بأنفسهم قبل التحدث عن الخسائر التي ألحقها الآخرون بهم