تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فرد مسلم ... مجتمع مسلم


اسماعيل 03
2021-03-11, 14:59
السلام عليكم ورحمة لله وبركاته
وبعد فهذا موضوع يتناول في كل مرة فائدة تتعلق بالفرد المسلم وما ينبغي عليه معرفته في سبيل بناء مجتمع مسلم ، أسأل الله أن ينفعنا جميعا ويهدينا سواء السبيل.

اسماعيل 03
2021-03-11, 15:02
وخير ما نبد أبه كلام الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) سورة النساء

اسماعيل 03
2021-03-11, 15:06
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم

اسماعيل 03
2021-03-11, 15:10
الأمّة الرشيدة تحرس شبّانها في طور الشباب
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في آثاره (3-294)
" إن الأمّة الرشيدة هي التي تحرس شبّانها في طور الشباب من الآفات التي تصاحب هذا الطور، فتحافظ على أفكارهم أن تزيغ، لأن هذا الطور طور له ما بعده من زيغ أو استقامة، وتحافظ على أهوائهم أن تتجه اتجاهًا غير محمود، وتحافظ على عقولهم أن تعلق بها الخيالات، فتنشأ عليها، ويعسر أو يتعذّر رجوعهم عنها، وتحافظ على ميولهم وعواطفهم أن تطغى عليها الغرائز الحيوانية، لأن هذا الطور هو طور تنبّهها ويقظتها."

اسماعيل 03
2021-03-12, 14:37
يشكو الشيوخ نزق الشباب ويشكو الشباب بطء الشيوخ
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في آثاره (4-120)
" كنا شبابًا فلما شبنا تلفّتنا إلى الماضي حنينًا إلى الشبيبة فرأينا أن الشباب هو الحياة التي لا يدرك قيمتها إلا من فارقها، ورأينا أخطاء الشباب من حيث لا يمكن تداركها، وسيصبح شباب اليوم شيوخ الغد، فيشعرون بما نشعر به نحن اليوم، وليت شعري إذا كان شيوخ اليوم هم شباب الأمس وشباب اليوم هم شيوخ الغد، فعلام هذه الشكوى المترددة بين الفريقين؟ ... وهذا التلاوم المتبادل بين الحبيبين؟ ... يشكو الشيوخ نزق الشباب وعقوقهم ونزواتهم الكافرة، ويشكو الشباب بطء الشيوخ وترددهم وتراجعهم إلى الوراء ونظرتهم إلى الحياة نظرة الارتياب.
مهلًا أيها المتقاربان المتباعدان، فليس التفاوت بينكما كسبيًا يعالج، وليس النزاع بينكما علميًا يحكم فيه الدليل، ولكنه سنّة وتطوّر. كنا حيث أنتم، وستصبحون حيث نحن بلا لوم ولا عتاب، هما مرحلتان في الحياة ثم لا ثالثة لهما طويناهما كرهًا، وستطوونهما كرهًا، والحياة قصيرة وهي أقصر من أن نقطعها في لوم أو نقطعها بنوم. ليحرص الشباب على أن يكونوا كمالًا في أمّتهم لا نقصًا، وأن يكونوا زينًا لها لا شينًا، وأن يضيفوا إلى تليد مكارمها طريفًا، وإلى قديم محاسنها جديدًا، وأن يمحوا كل سيئة لسلفهم بحسنة."

اسماعيل 03
2021-03-13, 15:51
إذا خرجت المرأة من حدود الأسرة وشريعتها
قال الرافعي رحمه الله :" إذا خرجت المرأة من حدود الأسرة وشريعتها، فهل بقي منها إلا الأنثى مجردة تجريدها الحيواني المتكشف، المتعرض للقوة التي تناله أو ترغب فيه؟ وهل تعمل هذه المرأة عند ذلك إلا أعمال هذه الأنثى؟
"وما الذي استرعاها الاجتماع حينئذ فترعاه منه وتحفظه له، إلا ما استرعى أهلُ المال أهلَ السرقة! إن الليل ينطوي على آفتين: أولئك اللصوص، وهؤلاء النساء".
وكيف ترى هذه المرأة نفسها إلا مشوهة ما دامت رذائلها دائمًا وراء عينيها، وما دام بإزاء عينيها دائمًا الأمهات والمحصنات من النساء، وليس شأنها، من شأنهن؟ إن خيالها يحرز في وعيه صورتها الماضية من قبل أن تزِلّ؛ فإذا خلت إلى نفسها كانت فيها اثنتان، إحداهما تلعن الأخرى، فترى نفسها من ذلك على ما ترى.
"وهي حين تطالع مرآتها لتتبرج وتحتفل في زينتها، تنظر إلى خيالها في المرآة بأهواء الرجال لا بعيني نفسها؛ ولهذا تبالغ أشد المبالغة؛ فلا تُعنَى بأن تظهر جميلة كالمرأة، بل مثمرة كالتاجر, وتكسُّبها بجمالها يكون أول ما تفكر فيه؛ ومن ذلك لا يكون سرورها بهذا الجمال إلا على قدر ما تكسب منه؛ بخلاف الطبع الذي في المرأة، فإن سرورها بمسحة الجمال عليها هو أول فكرها وآخره."
وحي القلم (1-248)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-03-15, 00:22
الزوجة الفاضلة الصناع، تَخيط ثوبها بيدها
قال الرافعي رحمه الله:
" وإني على ذلك لأتخوف الزواج وأتحاماه؛ إذ أرى الشارع قد فضح النساء وكشفهن؛ فما يُريني منهن إلا امرأة تُزهَى بثيابها وصنعة جمالها، أو امرأة كالهاربة من فضائلها؛ والبيت إنما يطلب الزوجة الفاضلة الصناع، تَخيط ثوبها بيدها فتباهي بصنعته قبل أن تباهي بلبسه، وتزهى بأثر وجهها فيَّ، لا بأثر المساحيق في وجهها. وإن مكابدة العفة، ومصارعة الشيطان، وتوهج القلب بناره الحامية، وإلمام الطَّيْرة الجنونية بالعقل, كل ذلك ومثله معه أهون من مكابدة زوجة فاسدة العلم أو فاسدة الجهل، أُبْتَلَى منها في صديق العمر بعدو العمر."
وحي القلم (1-183)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-03-16, 14:53
عزوبة الرجال جريمة بنفسها
قال الرافعي - رحمه الله -:
"وإذا أُطلقت الحرية للرجال فصاروا كلهم أو أكثرهم أعزابًا، فماذا يكون إلا أن تمحى الدولة، وتسقط الأمة، وتتلاشى الفضائل؟ فالعزوبة من هذا جريمة بنفسها، ولا ينبغي أن تتربص بها الحكومة حتى تعم، بل يجب اعتبارها باعتبار الجرائم من حيث هي، ويجب تفسير كلمة "العزب" في اللغة بمثل هذا المعنى. إنها شخصية مذكَّرة ساخطة متمردة على حقوق مختلفة للمرأة والنسل والأمة والوطن. وما ساء رأي العزاب في النساء والفتيات إلا من كونهم بطبيعة حياتهم المضطربة لا يعرفون المرأة إلا في أسوأ أحوالها وأقبح صفاتها، وهم وحدهم جعلوها كذلك. إن لهم وجودًا محزنًا يستمتعون فيه، ولكنهم يَهلكون ويُهلكون به. هم والله لأساتذة الدروس السافلة في كل أمة، وهم والله بغاة من الرجال في حكم البغايا من النساء، يجرون جميعًا مجرًى واحدًا. ومن هي البغيّ في الأكثر إلا امرأة فاجرة لا زوج لها؟ ومن هو العزب في الأكثر إلا رجل فاسق لا زوجة له؟ على أن مع المرأة عذر ضعفها أو حاجتها، ولكن ما عذر الرجل؟"
وحي القلم (1-185)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-03-18, 08:51
تحكيم العوائد والعجائز القواعد في الزواج
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في آثاره (3-295)
" ولو أننا وقفنا عند حدود الله، ويسّرنا ما عسرته العوائد من أمور الزواج، لما وقعنا في هذه المشكلة، ولكننا عسرنا اليسير، وحكمنا العوائد، والعجائز القواعد، في مسألة خطيرة كهذه، فأصبح الزواج الذي جعله الله سكنًا وألفة ورحمة- سبيلًا للقلق والبلاء والشقاء، وأصبح اللقاء الذي جعله الله عمارة بيت وبناء أسرة- خرابًا لبيتين بما فرضته العوائد من مغالاة في المهور، وتفنّن في النفقات والمغارم."

اسماعيل 03
2021-03-20, 23:32
تعاون الشباب والشيوخ
قال محمود شاكر رحمه الله :
" أو ليس من أكبر العار في هذا الزمن أن يكون الشرق الذي بلغ بفتيانه قديمًا ما بلغ، هو اليوم مبتلى بفتيانه أشد البلاء؟ أليس من الخزي أن يعرف أحدنا كيف تعاون شبابنا قديمًا وكهولنا وشيوخنا على فتح الدنيا، فإذا خَلَفهم يتعاونون جميعًا شيوخًا وشبانًا وكهولا على ترك بلادهم وأرضهم لقمة سائغة لكل طامع، ولحمًا ممزقًا بين يدي كل جزَّار وإن هان؟
إن علينا نحن الشباب أن نوقر شيوخنا ونجلَّهم ونستفيد من تجاربهم، وعلينا أن ننازلهم ونصارعهم، ونأخذ من أيديهم المرتعشة ما يستقرُّ في راحاتنا الثابتة التي لا تخافُ ولا تتهيب. علينا أن نأخذ حقنا أخْذ الكريم المقتدر، من أقران نصارعهم ليموتوا موت الكريم البذَّال. وعلى هذا الصراع بين جيلينا يتوقف أمر الخير الذي نبتغيه، والاستقلال الذي نجاهد في سبيله، والعزة التي نسعى إلى اقتحام أهوالها.
وعلى شيوخنا أن يعلموا أنه لابد لهم من شباب شديد الأسر يشد أزرهم إذا ضعفوا، ويخلفهم إذا هلكوا ولكنهم غفلوا زمانًا فتركوا النشء ينشأ بين أحضانهم، فلم يسدّدُوه ولم يعاونوه ولم يعدوه لغدهم، وقلبوا آية الحياة وبدَّلوا معناها، فكانوا هم الصبيان حين تخلقوا بأخلاق الصبيان، وأصرُّوا على حب التملك والتسلط والأثرة والعناد واللجاج في كبير الأمر وصغيره!
هذه الأيام تمضي بنا سِراعًا، فلنقدِّر لغدٍ، فإن مستقبل الشرق معقود بنواصي شبابه، فإذا نَفَضَ عن نفسه غبار الكسل والمجانة واللهو، كان إلى النصر أسرع ساع، وعلى الدنيا الجديدة أكرم وافدٍ."
جمهرة مقالاته (1-307)

اسماعيل 03
2021-03-22, 09:19
المجانسة بين طبعي الزوجين لاتشترى بالمال
جاء في وحي القلم للرافعي من كلام سعيد بن المسيب رحمه الله:
" وقد أيقنتُ حين زوجتها منه أنها ستعرف بفضيلة نفسها فضيلة نفسه، فيتجانس الطبع والطبع, ولا مَهْنَأ لرجل وامرأة إلا أن يجانس طبعه طبعها، وقد علمتُ وعلم الناس أن ليس في مال الدنيا ما يشتري هذه المجانسة، وأنها لا تكون إلا هدية قلب لقلب يأتلفان ويتحابَّان.
ثم قال الإمام: وأنا فقد دخلتُ على أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم1- ورأيتهن في دورهن يقاسين الحياة، ويعانين من الرزق ما شح دَرّه فلا يجيء إلا كالقطرة بعد القطرة، وهنّ على ذلك، ما واحدة منهن إلا هي ملكة من ملكات الآدمية كلها، وما فقرهن إلا كبرياء الجنة نظرتْ إلى الأرض فقالت: لا ... ! 2.
يجاهدْنَ مجاهدة كل شريف عظيم النفس، همه أن يكون الشرف أو لا يكون شيء؛ ويرى الغافل أن مثلهن هالكات في تعب الجهاد، ويعلمن من أنفسهن غير ما يري ذلك المسكين, يعلمن أن ذلك التعب هو لذة النصر بعينها.
كانت أنوثتهن أبدًا صاعدة متسامية فوق موضعها بهذه القناعة وبهذه التقوى، ولا تزال متسامية صاعدة، على حين تنزل المطامع بأنوثة المرأة دون موضعها، ولا تزال أنوثتها تنحدر ما بقيت المرأة تطمع؛ ورب ملكة جعلتها مطامع الحياة في الدَّرك الأسفل، وهي باسمها في الوهم الأعلى!"
--------------
1 توفي سعيد بن المسيب سنة إحدى وتسعين للهجرة أو حولها، وكان قد لقي جماعة من الصحابة وسمع منهم، ودخل على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ عنهن، وكان متزوجًا ابنة أبي هريرة الصحابي الجليل، وعنه أكثر روايته.
2 انظر مقالة: "درس من النبوة" في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
وحي القلم (1-119)
بترقيم الشاملة الحديثة

imen kasem
2021-03-22, 09:33
بوركت وبورك فيك وفيما نشرت نفعنا الله واياك به

اسماعيل 03
2021-03-24, 00:41
بوركت وبورك فيك وفيما نشرت نفعنا الله واياك به
وفيك بارك الله ... آمين أجمعين

اسماعيل 03
2021-03-24, 01:11
ماقبل الزواج من نزوات الشباب
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" إن الطبائع الفردية في البشر تختلف وتتباين، وعوارض الحب والبغض تتغيّر وتزول، فمن الخطإ في التشريع أن تُجعل أساسًا لحكم عام، أو قاعدة اجتماعية، فالخلطة الطائرة القصيرة، المصحوبة بنزوات الشباب، التي يجعلها الأوروبيون شرطًا في الزواج، ويزعمون أنها ضامنة لدوام العشرة وسعادة البيت، قلما تصدُق، لأنها لا تكشف عن الجواهر الأخلاقية الأصلية، مع ما يصحبها من الغش والتصنع، وكثيرًا ما نرى الزوجين منهم بعد نُصول الصبغ الكاذب، وانكشاف الحقائق الطبيعية، يرجعان إلى حالة من المعاكسة والخلاف هي العذاب بعينه، والإسلام لا يبني على هذه الاعتبارات الزائلة، وإنما يبني على اعتبارات عُليا، إن لم تُلائم هوى طاغيًا في الفرد فإنها تلائم مصلحة المجموع. وإن كل ما قلناه ونقوله في هذا الموضوع إنما هو حال الإسلام، لا حال المسلمين."
آثاره (3-134)

اسماعيل 03
2021-03-25, 09:20
أول خروج النساء إلى الطرقات
قال الرافعي رحمه الله:
" فإذا لم تصب المرأة رجلها القوي -وهو الأعم الأغلب- لم تستطع أن تكون معه في حقيقة ضعفها الجميل، وعملت على أن يكون الرجل هو الضعيف، لتكون معه في تزوير القوة عليه وعلى حياته، وبهذا تخرج من حيزها؛ وما أول خروج النساء إلى الطرقات إلا هذا المعنى؛ فإن كثر خروجهن في الطريق، وتسكعْنَ ههنا وههنا، فإنما تلك صورة من فساد الطبيعة فيهن ومن إملاقها أيضًا."
وحي القلم (1-127)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-03-28, 09:33
الأعزب : كرسيه يقول أف و فراشه يقول تف
قال الرافعي رحمه الله:
" لقد رأيت بعيني أداة العزب وأثاثه في بيته، كأنما يقص عليه كل ذلك قصة شؤمه ووحدته، وكأنما يقول له الفرش والنجد والطراز: " بِعني يا رجل وردني إلى السوق؛ فإني هنالك أطمع أن يكون مصيري إلى أب وأم وأولاد، أجد بهم فرحة وجودي، وأصيب من معاشرتهم بعض ثوابي، وأبلى تحت أيديهم وأرجلهم فأكون قد عملت عملًا إنسانيًّا. أما عندك، فأنت خشبة مع الخشب، وأنت خرقة بين الخرق, واسمع الكرسي, إنه يقول: أف, وأصغ إلى فراشك, إنه يقول: تف".
وحي القلم (1-194)

اسماعيل 03
2021-03-30, 14:34
شبابنا الأعزاب المتأولون نوعان، من حيث الثقافة وعدمها.
قال محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله:
شبابنا الأعزاب المتأولون نوعان، من حيث الثقافة وعدمها:
فأما المثقّفون الذين يستغلّون ثقافتهم، ويعيشون بها، فيبالغون كلما ذُكر الزواج في الاحتياط للمستقبل، والاستعداد لتكاليف النسل، ومنهم من يعتذر للعزوبة بأنه لا يجمل به أن يتزوّج من الجاهلات الأميات، وعذرهم هذا يطوي أشياء يلوحون لها تارة، ويصرّحون بها أخرى؛ وقد يزيغ بعضهم الزيغة الكبرى فيتزوّج بأجنبية، يُنفق عليها ما ينشئ ابنة عمّه خلقًا جديدًا متعلّمًا مهذبًا مدبرًا منظّمًا، ولا نلوم أولئك ولا هؤلاء، لأن الحضارة الغربية أفسدت أذواقهم، وأزاغت نظرهم إلى الحياة، فجعلت البعض يحتاط للمستقبل احتياطًا مفرطًا، وجعلت البعض يأنف من الفضيلة إذا كانت أمية، ولا يأنف من الرذيلة إذا كانت متعلّمة، لا نلومهم وإنما نلوم أنفسنا، إذ لم نأخذ للأمر عدته، ولم نحتط لعواقبه البعيدة، فنعلم البنت تعليمًا إسلاميًا قويًا بروحه، قائمًا بفضيلته، واسعًا بمعانيه، ترغم به هذا الشباب الأخرق على الرجوع إلى أصله، ولا يفلّ الحديد إلا الحديد.
وأما غير المثقفين وهم الذين يعتمدون على العمل الجسماني، ولم يصلْ بهم فساد الذوق إلى احتقار الجنس، فهم يعتذرون عن تأخير التزوّج أعذارًا أخرى منها المقبول ومنها المردود؛ ولئن سألتهم ليقولن: كيف نتزوّج مع هذه الشروط المرهقة، وهذه العوائد التي تجلب الإفلاس على الأغنياء، فكيف بالفقراء أمثالنا، وإن كثيرًا منهم لصادق في كثير من هذه المعاذير، وإن عذرهم لبيّن ولا تلحقهم في هذا ملامة، وإنما اللوم على هذا المجتمع الفاسد الذي نبذ هداية الدين، وإرشاد العقل، وشهادة الواقع، وحكم العوائد، وتناول هذه المسائل الكبيرة بالنظر القصير.
آثاره (3-294)

اسماعيل 03
2021-04-01, 00:43
من كمال أدب الرجل ألا يصف امرأة بقبح الصورة
جاء في مقال قبح جميل للرافعي رحمه الله:
" كأنه -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن ذكر قبح المرأة هو في نفسه قبيح في الأدب، فإن المرأة أم أو في سبيل الأمومة؛ والجنة تحت أقدام الأمهات؛ فكيف تكون الجنة التي هي أحسن ما يُتخيل في الحسن تحت قدمي امرأة، ثم يجوز أدبًا أو عقلًا أن توصف هذه المرأة بالقبح. أَمَا إن الحديث كالنص على أن من كمال أدب الرجل إذا كان رجلًا ألا يصف امرأة بقبح الصورة البتة، وألا يجري في لسانه لفظ القبح وما في معناه، موصوفًا به هذا الجنس الذي منه أمه, أيود أحدكم أن يمزق وجه أمه بهذه الكلمة الجارحة؟
وقد كان العرب يفصلون لمعاني الدمامة في النساء ألفاظًا كثيرة؛ إذ كانوا لا يرفعون المرأة عن السائمة والماشية؛ أما أكمل الخلق -صلى الله عليه وسلم- فما زال يوصي بالنساء ويرفع شأنهن حتى كان آخر ما وصى به ثلاث كلمات، كان يتكلم بهن إلى أن تلجلج لسانه وخفي كلامه؛ جعل يقول: "الصلاة الصلاة, وما ملكت أيمانكم, لا تكلفوهم ما لا يطيقون؛ الله الله في النساء".
قال الشيخ: كأن المرأة من حيث هي إنما هي صلاة تتعبد بها الفضائل، فوجبت رعايتها وتلقيها بحقها؛ وقد ذكرها بعد الرقيق؛ لأن الزواج بطبيعته نوع رق؛ ولكنه ختم بها وقد بدأ بالصلاة؛ لأن الزواج في حقيقته نوع عبادة.
قال الشيخ: ولو أن أُمًّا كانت دميمة شوهاء في أعين الناس، لكانت مع ذلك في عين أطفالها أجمل من ملكة على عرشها؛ ففي الدنيا من يصفها بالجمال صادقًا في حسه ولفظه، لم يكذب في أحدهما؛ فقد انتفى القبح إذن، وصار وصفها به في رأي العين تكذيبًا لوصفها في رأي النفس، ولا أقل من أن يكون الوصفان قد تعارضًا فلا جمال ولا دمامة."
وحي القلم (1-140)

اسماعيل 03
2021-04-02, 00:45
القائل بالحق لا يحتاج إلى التنصل من إرادة الإساءة
قال محمود شاكر رحمه الله:
" لن تستقيم لنا حياة أدبية، ولن تصح، ولن يرجى لها صلاح حتى تقوم على قواعد راسخة ثابتة من طلب الحق صرفا، ثم الإبانة عن الحق بلا مداجاة، ثم الإفصاح عن حقيقة ما في النفس بلا مواربة، بلا تخوف، بلا ترقب. القائل بالحق لا يحتاج إلى التنصل من إرادة الإساءة. فإن المخطئ مخطئ وإن جل شأنه، والمصيب مصيب وإن خفي في الناس مكانه."
جمهرة مقالاته (2-1096)

اسماعيل 03
2021-04-03, 17:47
المرأة تقيمها صفاتها السلبية لا الإيجابية
قال الرافعي رحمه الله:
" وقد مُحق الدين والصبر، وتراخت قوة المدافعة في أكثر الفتيات المتعلمات، فابتُلين من ذلك بالضجر والملل، وتشويه النفس؛ ووقع فيهن معنى كمعنى العَفَن في الثمرة الناضجة؛ وجهلن بالعلم حتى طبيعتهن، فما منهن من عرفت أن طبيعتها
سلبية في ذاتها، وأنه لا يشدها ويقيمها إلا الصفات السلبية، وملاكها الصبر فروعه وأصوله، وجمالها الحياء والعفة، ورمزها وحارسها والمعين عليها هو الحجاب وحده. إنه إن لم يكن في المرأة هذا فليست المرأة إلا بهذا.
وما تخطئ المرأة في شيء خطأها في محاولة تبديل طبيعتها وجعلها إيجابية، وانتحالها صفات الإيجاب، وتمردها على صفات السلب، كما يقع لعهدنا؛ فإن هذا لن يتم للمرأة، ولن يكون منه إلا أن تعتبر هذه المرأة نقائض أخلاقها من أخلاقها، كما نرى في أوروبا، وفي الشرق من أثر أوروبا؛ فمن هذا تلقي الفتاة حياءها وتبذؤ وتفحش، إن لم يكن بالألفاظ والمعاني جميعًا فبالمعاني وحدها، وإن لم يكن بهذه ولا بتلك فبالفكر في هذه وتلك، وكانت الاستجابة لهذا ما فشا من الروايات الساقطة، والمجلات العارية؛ فإن هذه وهذه ليست شيئًا إلا أن تكون عِلْم الفكر الساقط."
وحي القلم (1-177)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-06, 17:05
أيتها الشرقية! احذري احذري! -1-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
" احذري تمدن أوروبا أن يجعل فضيلتك ثوبًا يوسع ويضيق؛ فلُبس الفضيلة على ذلك هو لبسها وخلعها.
احذري فنهم الاجتماعي الخبيث الذي يفرض على النساء في مجالس الرجال أن تؤدي أجسامهن ضريبة الفن.
احذري تلك الأنوثة الاجتماعية الظريفة؛ إنها انتهاء المرأة بغاية الظَّرف والرقة إلى ... إلى الفضيحة.
احذري تلك النسائية1 الغزلية؛ إنها في جملتها ترخيص اجتماعي للحرة أن ... أن تشارك البَغِيّ في نصف عملها.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
احذري التمدن الذي اخترع لقتل لقب الزوجة المقدس, لقب "المرأة الثانية".
واخترع لقتل لقب العذراء المقدس، لقب "نصف عذراء".
واخترع لقتل دينية معاني المرأة، كلمة "الأدب المكشوف".
وانتهى إلى اختراع السرعة في الحب, فاكتفى الرجل بزوجة ساعة.
وإلى اختراع استقلال المرأة، فجاء بالذي اسمه "الأب" من الشارع، لتلقي بالذي اسمه "الابن" إلى الشارع."
-----------
1 نحن نستعمل: النسائية والنسوية، وكلاهما عندنا صحيح، والاختيار في كل موضع للأفصح في موقعه.
وحي القلم (1-237)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-08, 17:36
أيتها الشرقية! احذري احذري! -2-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
" احذري, وأنتِ النجم الذي أضاء منذ النبوة، أن تقلدي هذه الشمعة التي أضاءت منذ قليل.
إن المرأة الشرقية هي استمرار متصل لآداب دينها الإنساني العظيم.
هي دائمًا شديدة الحفاظ, حارسة لحَوْزتها؛ فإن قانون حياتها دائمًا هو قانون الأمومة المقدس.
هي الطهر والعفة، هي الوفاء والأنفة، هي الصبر والعزيمة، وهي كل فضائل الأم.
فما هو طريقها الجديد في الحياة الفاضلة، إلا طريقها القديم بعينه.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
احذري "ويحك" تقليد الأوروبية التي تعيش في دنيا أعصابها, محكومة بقانون أحلامها.
لم تعد أنوثتها حالة طبيعية نفسية فقط، بل حالة عقلية أيضًا تشك وتجادل.
أنوثة تفلسفت فرأت الزوج نصف الكلمة فقط, والأم نصف المرأة فقط.
ويا ويل المرأة حين تنفجر أنوثتها بالمبالغة، فتنفجر بالدواهي على الفضيلة.
إنها بذلك حرة مساوية للرجل، ولكنها بذلك ليست الأنثى المحدودة بفضيلتها.
أيتها الشرقية! احذري احذري! "
وحي القلم (1-237)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-10, 19:26
أيتها الشرقية! احذري احذري! -3-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
" احذري خجل الأوروبية المترجِّلة من الإقرار بأنوثتها.
إن خجل الأنثى يجعل فضيلتها تخجل منها.
إنه يسقط حياءها ويكسو معانيها رجولة غير طبيعية.
إن هذه الأنثى المترجلة تنظر إلى الرجل نظرة رجل إلى أنثى.
والمرأة تعلو بالزواج درجة إنسانية، ولكن هذه المكذوبة تنحط درجة إنسانية بالزواج.
أيتها الشرقية! احذري احذري!"
وحي القلم (1-238)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-13, 16:03
أيتها الشرقية! احذري احذري! -4-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
" احذري تَهَوُّس الأوروبية في طلب المساواة بالرجل.
لقد ساوتْه في الذهاب إلى الحلَّاق، ولكن الحلَّاق لم يجد في وجهها اللحية.
إنها خُلقت لتحبيب الدنيا إلى الرجل، فكانت بمساواتها مادة تبغيض.
العجيب أن سر الحياة يأبى أبدًا أن تتساوى المرأة بالرجل إلا إذا خسرته.
والأعجب أنها حين تخضع، يرفعها هذا السر ذاته عن المساواة بالرجل إلى السيادة عليه.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
احذري أن تخسري الطباع التي هي الأليق بأم أنجبت الأنبياء في الشرق.
أم عليها طابع النفس الجميلة، تنشر في كل موضع جو نفسها العالية.
فلو صارت الحياة غيمًا ورعدًا وبرقًا، لكانت هي فيها الشمس الطالعة.
ولو صارت الحياة قَيْظًا وحَرُورًا واختناقًا، لكانت هي فيها النسيم يتخطَّر.
أم لا تبالي إلا أخلاق البطولة وعزائمها؛ لأن جداتها ولدن الأبطال.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
وحي القلم (1-238)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-15, 12:21
أيتها الشرقية! احذري احذري! 5-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
" احذري هؤلاء الشبان المتمدنين بأكثر من التمدن.
يبالغ الخبيث في زينته، وما يدري أن زينته معلنة أنه إنسان من الظاهر.
ويبالغ في عرض رجولته على الفتيات، يحاول إيقاظ المرأة الراقدة في العذراء المسكينة!
ليس لامرأة فاضلة إلا رجلها الواحد؛ فالرجال جميعًا مصائبها إلا واحدًا.
وإذ هي خالطت الرجال، فالطبيعي أنها تخالط شهوات، ويجب أن تحذر وتبالغ.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
احذري؛ فإن في كل امرأة طبائع شريفة متهورة؛ وفي الرجال طبائع خسيسة متهورة.
وحقيقة الحجاب أنه الفصل بين الشرف فيه الميل إلى النزول، وبين الخسة فيها الميل إلى الصعود.
فيكِ طبائع الحب، والحنان، والإيثار، والإخلاص، كلما كبرتِ كبرتْ.
طبائع خطرة، إن عملتْ في غير موضعها؛ جاءت بعكس ما تعمله في موضعها.
فيها كل الشرف ما لم تنخدع، فإذا انخدعت فليس فيها إلا كل العار.
أيتها الشرقية! احذري احذري"
وحي القلم (1-238)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-17, 15:32
أيتها الشرقية! احذري احذري!-6-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
احذري كلمة شيطانية تسمعينها: هي فنية الجمال أو فنية الأنوثة.
وافهميها أنت هكذا: واجبات الأنوثة وواجبات الجمال.
بكلمة يكون الإحساس فاسدًا، وبكلمة يكون شريفًا.
ولا يتسقّط الرجل امرأة إلا في كلمات مزينة مثلها.
يجب أن تتسلح المرأة مع نظرتها، بنظرة غضب ونظرة احتقار.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
احذري أن تُخدَعي عن نفسك؛ إن المرأة أشد افتقارًا إلى الشرف منها إلى الحياة.
إن الكلمة الخادعة إذ تقال لك، هي أخت الكلمة التي تقال ساعة إنفاذ الحكم للمحكوم عليه بالشنق.
يغترّونكِ بكلمات الحب والزواج والمال، كما يقال للصاعد إلى الشنَّاقة1: ماذا تشتهي؟ ماذا تريد؟
الحب؟ الزواج؟ المال؟ هذه صلاة الثعلب حين يتظاهر بالتقوى أمام الدجاجة.
الحب؟ الزواج؟ المال؟ يا لحم الدجاجة! بعض كلمات الثعلب هي أنياب الثعلب.
أيتها الشرقية! احذري احذري.
------------
1 كلمة "المشنقة" ليست عربية، ولكنّ لها وجهًا في الاشتقاق، غير أن كسرة ميمها تجعلها ثقيلة، وكان اسمها قديمًا "الشناقة"، ذكرها ياقوت في معجم الأدباء، وهي أفصح وأخف، فلعل الشناقة بعد هذا تشنق المشنقة.
وحي القلم (1-239)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-19, 17:15
أيتها الشرقية! احذري احذري!-7-
قال الرافعي رحمه الله محذرا المرأة عندنا من تمدن الغرب :
احذري السقوط؛ إن سقوط المرأة لهوله وشدته ثلاث مصائب في مصيبة: سقوطها هي, وسقوط من أوجدوها، وسقوط من تُوجدهم! نوائب الأسرة كلها قد يسترها البيت، إلا عار المرأة.
فيد العار تقلب الحيطان كما تقلب اليد الثوب, فتجعل ما لا يُرى هو ما يُرى.
والعار حكم ينفذه المجتمع كله، فهو نفي من الاحترام الإنساني.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
"لو كان العار في بئر عميقة لقلبها الشيطان مئذنة, ووقف يؤذن عليها.
يفرح اللعين بفضيحة المرأة خاصة، كما يفرح أب غني بمولود جديد في بيته.
واللص، والقاتل، والسكير، والفاسق، كل هؤلاء على ظاهر الإنسانية كالحر والبرد.
أما المرأة حين تسقط, فهذه من تحت الإنسانية هي الزلزلة.
ليس أفظع من الزلزلة المرتجة تشق الأرض، إلا عار المرأة حين يشق الأسرة.
أيتها الشرقية! احذري احذري! ".
وحي القلم (1-240)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-20, 14:48
القسوة على الطفل تحمله على الكذب
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" ليحذر المعلّمون الكرام من سلوك تلك الطريقة العتيقة التي كانت شائعة بين معلّمي القرآن، وهي أخذ الأطفال بالقسوة والترهيب في حفظ القرآن، فإن تلك الطريقة هي التي أفسدت هذا الجيل وغرست فيه رذائل مهلكة. إن القسوة والإرهاب والعنف تحمل الأطفال على الكذب والنفاق، وتغرس فيهم الجبن والخوف، وتُبغض إليهم القراءة والعلم. وكل ذلك معدود في جنايات المعلّمين الجاهلين بأصول التربية."
آثاره (2-113)

اسماعيل 03
2021-04-21, 14:33
المـال هو كل شيء، ثم هو ليس بشيء على الحقيقة
قال محمود شاكر رحمه الله:
" ألا إن هذا المال نعمة من نعم الله التي استخلف الإنسان عليها في الأرض، وفي الحياة الدنيا، ألا وإن المالَ عِصامُ هذا الكون الممتلئ بأسراره العجيبة التي لا يُقضى من أعاجيبها عجب، ألَا وإنه لَلنِّظَام الطبيعي الذي يجعل من قانونه سر الحياة الإنسانية التي لا تسمو إلا بالمنافسة والرغبة فيها والإصرار عليها، ألا وإنه لأعجب شيء في الحياة، إذ يكون هو كل شيء، ثم هو ليس بشيء على الحقيقة، وإذ يكون في وَهْم الفقير القلق سِرّ السعادة، ثم يكون عند الغني المسترخي فلا يعرف به ظاهر السعادة. ألا إنه العجب والفتنة، إذ يكون سر الحياة الإنسانية المدنية على الأرض، ومع ذلك فهو إذا مَلأَ الغَني أفرغه من إنسانيته، وإذا فرَغَ الفقير منه امتلأَ إنسانية ورحمة وحنانًا، ثم يكون بينهما أشياء في هذا وفي ذاك تختلط وتضطرب ويرمى بعضها في بعض حتى يصبح كل شيء فسادًا لا صلاح له."
جمهرة مقالاته (1-165)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-24, 00:11
المغالاة في المهور
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" من أمراضنا الاجتماعية التي تنشر في أوساطنا الفساد والفتنة، وتعجّل لها إلى الدمار والفناء - عادةً- المغالاة في المهور، وما يقابلها من المغالاة في الشورة (1)، وقد أفضت بنا العوائد السيّئة فيها إلى سلوك سبيل منحرف عمّا تقتضيه الحكمة، وعما تقتضيه المصلحة، وهو تنزّل الأغنياء للفقراء رفقًا بهم، وتيسيرًا عليهم، فأصبح الفقراء يتطاولون إلى مراتب الأغنياء ويقلدونهم، تشبّهًا بهم، ومجاراة لهم، والضعيف إذا جارى القوي انبتّ فهلك.
وقد كانت هذه القضية- وما زالت- أهمّ ما تضمنه منهاجنا في الإصلاح الاجتماعي، فعالجناها بالترغيب والترهيب، وبيان ما تقتضيه الحكمة الشرعية، وما يقتضيه الحكم الشرعي: تناولناها في الخطب الجمعية، وفي دروس التفسير والحديث، وفي المحاضرات العامة، وفي المقالات المكتوبة، وحملنا الحملات الصادقة على العوائد التي لابستها فأفسدتها، حتى صيّرت الزواج الذي هو ركن الحياة، أعسر شيء في الحياة، وبينّا بالشواهد الواقعية ما تجرّه هذه الحالة على الأمة- إذا تمادت- من وخامة العاقبة وسوء المصير، ولكن أعمالنا في هذه القضية لا تظهر نتائجها الكاملة إلا في جيل يكون أقوى إرادة من هذا الجيل الذي ملكت العوائد عليه أمره، فأعمته عن مصالحه، وأفسدت عليه دينه ودنياه، وإن المرأة لنعم العون في هذا الباب، وما دام عقل المرأة لم يرتق إلى معرفة الحقائق، وتبين وجوه المصالح، فإن أملنا في إصلاح هذه الحالة ضعيف والمرأة هي نصفنا "الضعيف القوي" شئنا أو أبينا"
-------------
1) الشُّورة: ما تُجَهَّز به العروس من ثياب وأثاث.
آثاره (3-323)

اسماعيل 03
2021-04-25, 14:26
إطلاق الحرية للفتاة
قال الرافعي رحمه الله:
" وإطلاق الحرية للفتاة أطلق ثلاث حريات: حرية الفتاة، وحرية الحب؛ والأخرى حرية الزواج، ولما انطلق ثلاثتهن معًا، تغير ثلاثتهن جميعًا إلى فساد واختلال.
أما الفتاة فكانت في الأكثر للزواج، فعادت للزواج في الأقل وفي الأكثر للهو والغزل؛ وكان لها في النفوس وقار الأم وحرمة الزوجة، فاجترأ عليها الشبان اجتراءهم على الخليعة والساقطة؛ وكانت مقصورة لا تُنال بعيب ولا يتوجه عليها ذم، فمشت إلى عيوبها بقدميها، ومشت إليها العيوب بأقدام كثيرة, وكانت بجملتها امرأة واحدة، فعادت مما ترى وتعرف وتكابد كأن جسمها امرأة، وقلبها امرأة أخرى، وأعصابها امرأة ثالثة.
وأما الحب، فكان حبًّا تتعرف به الرجولة إلى الأنوثة في قيود وشروط، فلما صار حرًّا بين الرجولة والأنوثة، انقلب حيلة تغترّ بها إحداهما الأخرى؛ ومتى صار الأمر إلى قانون الحيلة، فقد خرج من قانون الشرف، ويرجع هذا الشرف نفسه كما نراه، ليس إلا كلمة يحتال بها. "
وحي القلم (1-148)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-04-27, 17:22
شعار مزيف وغش فاضح : وحدة الثقافة الإنسانية
قال محمود شاكر رحمه الله:
" وقبل كل شيء ينبغي علينا، ولاسيما ناشئتنا، أن نعرف تمام المعرفة أن الشعار الذي ترفعه الحضارة الغربية، وتلح على إذاعته وبثه في العالم كله، بادعائها أنها "حضارة عالمية" إنما هو شعار مزيف وغش فاضح، تريد أن تفرضه فرضا على العقول حتى تستسلم، وتنفذه إلى غيب الضمائر حتى تتخدر. وحقيقة الشعار، كما هو واضح في دنيانا، أنها حضارة خاصة بأقوام بأعيانهم، يرون أن لها الحق كل الحق في السيطرة على العالم، وإذلاله وترويضه واستغلاله لتطيل بناءها على الأرض.
هذه هي الحقيقة المجردة من الزيف والغش. والحقيقة الأخرى أنها تريد أن تبيد (ثقافة) كل شعب من شعوب عالمنا هذا، لتحل محله قشورا مزيفة من ثقافتها هي، بشعار آخر يتولى إذاعته وبثه أصحاب دعوات خبيثة، بكثرة إلحاحهم على إقناع جماهير قرائنا وناشئتنا في عالمنا العربي الإسلامي وهو شعار (وحدة الثقافة الإنسانية)."
جمهرة مقالاته (1-165)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-05-01, 21:07
العاشق المهجور
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله :"أما الباحثون في أحوال المسلمين من المسلمين فهم ينقسمون إلى فريقين- بعد اتفاقهم على أن الجسم الإسلامي مريض وأن مرضه عضال"
قال عن الفريق الثاني الذي ضل في تشخيص الداء :
" ... وفريق ضلّ عن الحق في الدواء، لأنه ضلّ قبل ذلك في تشخيص الداء، وضلّ من قبل ذلك في طريقة البحث فتلقّاها من أعداء الإسلام زائغة ملتوية، وضلّ من قبل أولئك في أسلوب التفكير، فهو يفكّر بعقل ملتاث بلوثات هذه الحضارة الخاطئة الكاذبة المستمدّة من أصول الاستعمار الذي يسقي الأقربين ما يرويهم، ويغذي الأبعدين بما يرديهم، ثم يجتثهم من أصولهم ولا يلحقهم بأصوله، ويتركهم متعلقين بأسباب هذه الحضارة مفتونين بها، مهجورين منها، وقل ما شئت في العاشق المهجور، الذي لا يملك من أسباب الحب إلا القشور، ولا يملك من أسباب الوصل شيئًا. وقد علمنا من سنن الحب أن أعلاه ما كانت معه كبرياء تزع، واعتداد بالنفس يأخذ ويدع، وقوّتان إحداهما تدلل، والأخرى تذلل، أما هؤلاء العشاق المتيّمون بحضارة أوربا وعلومها وتهاويلها فقد فقدوا الشخصية التي تحفظ التوازن في ميدان العشق وتحفظ لصاحبها خط الرجوع."
آثاره (4-310)

اسماعيل 03
2021-05-04, 00:08
الحضارة المتبرجة
قال محمود شاكر رحمه الله في مقال الحضارة المتبرجة واصفا حال المجتمعات (الاجتماع) بعد الحرب العالمية الثانية:
" وستخرج المرأة من هذه الحرب أيضًا كثيرة فاتنة حائرة لا تجد أباها ولا زوجها ولا أخاها ولا حبيبها، وستكون في عينيها تلك النظرة الحزينة الضارعة التي تقول لك: أنقذني! أنقذني! ! أنا وحدي، لا أجد من يعولني! وسينظر العالم الجديد إلى هذه المرأة بالرحمة والعطف والحنان، كما نظر للّواتي كنَ بعد الحرب الماضية. وستعمل المرأة يومئذ لتكتسب الرجل في كل وجه، ثم لا تلبث أن تُوجِد من بقايا العالم المتحطم سحرًا جديدًا لمدنية ساحرة، وبذلك يرتد العالم إلى النظام الاقتصادي الفاجر المبني على اللذة وطلبها والبحث عنها، فتكون أنظمته كلها قائمة على الاستبداد والفجور في الاستبداد.
ويومئذ يبدأ تحقيق نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشراط الساعة وما يكون في أعقاب الدهر، إذ "يُرفَع العِلْمُ، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد"، وحتى "ترى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به". وما يكون ذلك إلا يوم يتحقق للحياة المعنى الفني المحض الذي لا يعرف قاعدة اجتماعية يحرص على تحقيقها للاجتماع، والذي يرى الحرية انطلاقًا من قيد الأخلاق التي تقسره على مصلحة الجماعة دون لذة الفرد، وتتبرج الحياة تبرجًا هائلًا يجعل العقل غريزة جديدة تشتهى، والروح خلقًا منبوذًا حائرًا يطوف على هذه الفتن كما يطوف الصعلوك على مائدة ملكية. ويومئذ يُرفَع العِلْمُ لأنه سيُستعبَدُ في إيجاد اللذات، وتفارقه الروح النبيلة التي لا يكون العلم إلا بها علمًا، ولا يبقى في الأرض إلا الجهل الأحمق الذي لا يعرف إلا السيطرة بحماقة، والأثرة بكَلب، وتكون المرأة هي علم الحياة الجديدة الذي يمزق الرجولة القليلة في جذب الشهوات العنيفة، ويغرق الفضيلة في طوفان المتعة الجميلة التي تبعث في الأعصاب المجهدة نشوة مسكرة."
جمهرة مقالاته (1-221)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-05-07, 00:06
توهم البقاء في الدنيا يجعل الموت كالعقوبة
[/]قال الرافعي -رحمه الله- في مقال بين خروفين على لسان كبش العيد ليلة ذبحه:
" كل حي فإنما هو شيء للحياة أُعطِيَها على شرطها، وشرطها أن تنتهي، فسعادته في أن يعرف هذا ويقرر نفسه عليه حتى يستيقنه، كما يستيقن أن المطر أول فصل الكلأ الأخضر. فإذا فعل ذلك وأيقن واطمأن، جاءت النهاية متممة له لا ناقصة إياه، وجرت مع العمر مجرى واحدًا وكان قد عرفها وأعد لها. أما إذا حسب الحي أنه شيء في الحياة، وقد أعطِيَها على شرطه هو، من توهُّم الطمع في البقاء والنعيم، فكل شقاء الحي في وهمه ذاك, وفي عمله على هذا الوهم, إذ لا تكون النهاية حينئذ في مجيئها إلا كالعقوبة أنزلت بالعمر كله، وتجيء هادمة منغّصة، ويبلغ من تنكيدها أن تسبقها آلامها؛ فتؤلم قبل أن تجيء، شرًّا مما تؤلم حين تجيء!
لقد كان جدي والله حكيمًا يوم قال لي: إن الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش معدًّا لها؛ فإن كان معدًّا لها عاش راضيًا بها، فإن عاش راضيًا بها كان عمره في حاضر مستمر، كأنه في ساعة واحدة يشهد أولها ويحس آخرها، فلا يستطيع الزمن أن ينغص عليه ما دام ينقاد معه وينسجم فيه، غير محاول في الليل أن يبعد الصبح، ولا في الصبح أن يبعد الليل. قال لي جدي: والإنسان وحده هو التعس الذي يحاول طرد نهايته, فيشقى شقاء الكبش الأخرق الذي يريد أن يطرد الليل, فيبيت ينطح الظلمة المتدجية على الأرض، وهو لحمقه يظن أنه ينطح الليل بقرنيه ويزحزحه!"
وحي القلم (1-61)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-05-17, 14:55
المجاملات لا تكون إلا حيث يكون الضعف
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" أيها الإخوان: لقد سمعت كلمات من بعض خطباء هذا الحفل وأنا غير راض بها ولا عنها، وأنا كنتُ- وما زلتُ- أحارب هذه الألقاب، وقد سمعنا من شوقي قوله: "إذا كثر الشعراء قلَّ الشعر"، وعلى هذا الوزن يصحّ أن نقول: إذا كثر المجاهدون قلَّ الجهاد.
إن المجاملات لا تكون إلا حيث يكون الضعف، وإن هذه الألقاب لا تتمكن إلا حيث تفقد المناعة الخلقية المتينة، ولذلك لا نجدها عند أسلافنا الذين قوي في نفوسهم سلطان الأخلاق، وما نبتت هذه المجاملات إلا في العصور الإسلامية المتأخرة حينما وقف تيار العلم والخلق، وضعفت دولة السيف والقلم، قادتهم هذه الحالة إلى التمَجُّد الأجوف بالكلمات الضخمة الجُوفِ، ولذلك كثرت الألقاب وصرنا نسمع هذه "الطغراء"(*): الكاتب الكبير، المجاهد العظيم، الزعيم الكبير ...
إنني لم أكن مجاهدًا، وإذا كنتُه ففي شيء واحد هو محاربة البدع والضلالات ومحو الأمية، وتعليم الأمة، وهذه الأمور عادية لا ترفع القائم بها إلى مستوى الجهاد. وحقًا إن الألقاب التي اعتدنا استعمالها إنما هي "طغراءات" جوف لا تحقق أمنية ولا تؤدي إلى غاية شريفة. إن عبد الحميد بن باديس كان إمامًا في العلم والتواضع ومع ذلك فما كان إخوانه يخاطبونه بشيء من ألقاب الزعامة الفضفاضة.
والذي أستحسنه هو أن يتخاطب المسلمون فيما بينهم بكلمة "الأخ"، أخْذًا من قوله تعالى: {إِنَّمَا ائمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}."
آثاره (4-123)

-------------
(*): طُغْرَاءُ الرِّسَالَةِ : الطُّرَّةُ ، تكتبُ في أَعلى الكُتُب والرسائل غالبًا، تتضمَّنُ نعوتَ الحاكم وألْقابَهُ، وأصلها طورغاي وهي كلمةٌ تَتَرِيَّةٌ استعملها الرومُ والفُرْسُ ثم أَخَذهَا العرَبُ عنهم (المعاني الجامع)

اسماعيل 03
2021-05-20, 15:07
على النساء أن ينزلن عن بعض الحق الذي لهن إبقاء على نظام الأمة
جاء في مقال زوجة إمام لمصطفى صادق الرافعي رحمه الله:
" قال الشيح: وكأن في الحديث الشريف إيماء إلى أن بعض الحق على النساء أن ينزلن عن بعض الحق الذي لهن إبقاء على نظام الأمة، وتيسيرًا للحياة في مجراها؛ كما ينزل الرجل عن حقه في حياته كلها إذا حارب في سبيل أمته، إبقاء عليها وتيسيرًا لحياتها في مجراها. فصبر المرأة على مثل هذه الحالة هو نفسه جهادها وحربها في سبيل الأمة، ولها عليه من ثواب الله مثل ما للرجل يقتل أو يجرح في جهاده.
ألا وإن حياة بعض النساء مع بعض الرجال تكون أحيانًا مثل القتل، أو مثل الجرح، وقد تكون مثل الموت صبرًا على العذاب! ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمزوجة يسألها عن حالها وطاعتها وصبرها مع رجلها: "فأين أنت منه؟ " قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه! قال: "فكيف أنت له؟ فإنه جنتك ونارك".
آه! آه! حتى زواج المرأة بالرجل هو في معناه مرور المرأة المسكينة في دنيا أخرى إلى موت آخر، ستحاسب عنده بالجنة والنار، فحسابها عند الله نوعان: ماذا صنعت بدنياك ونعيمها وبؤسها عليك؟ ثم ماذا صنعت بزوجك ونعيمه وبؤسه فيك؟
وقد روينا أن امرأة جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني وافدة النساء إليك؛ ثم ذكرت ما للرجال في الجهاد من الأجر والغنيمة؛ ثم قالت: فما لنا من ذلك؟
فقال صلى الله عليه وسلم: "أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة للزوج، واعترافًا بحقه يعدل ذلك, وقليل منكن من يفعله! ".
وحي القلم (1-127)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-05, 18:54
أهمية تشدد الرجال في قانون العِرْض والشرف
قال الرافعي رحمه الله:
" والمرأة التي لا يحميها الشرف لا يحميها شيء، وكل شريفة تعرف أن لها حياتين إحداهما العفة، وكما تدافع عن حياتها الهلاك, تدافع السقوط عن عفتها؛ إذ هو هلاك حقيقتها الاجتماعية؛ وكل عاقلة تعرف أن لها عقلين تحتمي بأحدهما من نزوات الآخر، وما عقلها الثاني إلا شرف عرضها.
قال الأستاذ "ح": إن هذه هي الحقيقة، فما تسامح الرجال في شرف العرض إلا جعلوا المرأة كأنها بنصف عقل, فاندفعت إلى الطيش والفجور والخلاعة، أرادوا ذلك أم لم يريدوه.
قلت: وهذا هو معنى الحديث: "عفوا تعف نساؤكم" فإن عفاف المرأة لا تحفظه المرأة بنفسها، ما لم تتهيأ لها الوسائل والأحوال التي تعين نفسها على ذلك؛ وأهم وسائلها وأقواها وأعظمها، تشدد الرجال في قانون العِرْض والشرف.
فإذا تراخى الرجال ضعُفت الوسائل، ومن بين هذا التراخي وهذا الضعف تنبثق حرية المرأة متوجهة بالمرأة إلى الخير أو الشر، على ما تكون أحوالها وأسبابها في الحياة. وهذه الحرية في المدنية الأوروبية قد عودت الرجال أن يغضوا ويتسمحوا، فتهافت النساء عندهم، تنال كل منهن حكم قلبها ويخضع الرجل."
وحي القلم (1-263)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-08, 13:15
حرية المرأة
قال الرافعي رحمه الله:
على أن هذا الذي يسميه القوم حرية المرأة، ليس حرية إلا في التسمية، أما في المعنى فهو كما ترى:
إما شرود المرأة في التماس الرزق حين لم تجد الزوج الذي يعولها أو يكفيها ويقيم لها ما تحتاج إليه، فمثل هذه هي حرة حرية النكد في عيشها؛ وليس بها الحرية، بل هي مستعبَدة للعمل شر ما تستعبد امرأة.
وإما طلاق المرأة في عَبَثَاتها وشهواتها, مستجيبة بذلك إلى انطلاق حرية الاستمتاع في الرجال، بمقدار ما يشتريه المال، أو تعين عليه القوة، أو يسوغه الطيش، أو يجلبه التهتك، أو تدعو إليه الفنون؛ فمثل هذه هي حرة حرية سقوطها؛ وما بها الحرية، بل يستعبدها التمتع.
والثالثة حرية المرأة في انسلاخها من الدين وفضائله، فإن هذه المدنية قد نسخت حرام الأديان وحلالها بحرام قانوني وحلال قانوني، فلا مَسْقَطَة للمرأة ولا غَضَاضة عليها قانونًا ... فيما كان يُعدّ من قبلُ خزيًا أقبح الخزي وعارًا أشد العار؛ فمثل هذه هي حرة حرية فسادها، وليس بها الحرية، ولكن تستعبدها الفوضى.
والرابعة غَطْرَسة المرأة المتعلمة، وكبرياؤها على الأنوثة والذكورة معًا؛ فترى أن الرجل لم يبلغ بعد أن يكون الزوج الناعم كقفاز الحرير في يدها، ولا الزوج المؤنث الذي يقول لها: نحن امرأتان, فهي من أجل ذلك مطلقة مخلاة كيلا يكون عليها سلطان ولا إِمْرة؛ فمثل هذه حرة بانقلاب طبيعتها وزيغها، وهي مستعبدة لهوسها وشذوذها وضلالتها.
حرية المرأة في هذه المدنية أوّلها ما شئت من أوصاف وأسماء، ولكن آخرها دائمًا إما ضياع المرأة, وإما فساد المرأة.
وحي القلم (1-264)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-09, 10:32
النفس الصريحة و النفس الملتوية
قال الرافعي رحمه الله:
" لما ظهر كتابي "وحي القلم"1 حملت منه إلى فضلاء كتابنا في دور الصحف والمجلات أهديه إليهم؛ ليقرؤوه ويكتبوا عنه، وأنا رجل ليس في أكثر مما في، كالنجم يستحيل أن يكون فيه مستنقع؛ فما أعلم في طبيعتي موضعا للنفاق تتحول فيه البصلة إلى تفاحة، ولا مكانًا من الخوف تنقلب فيه التفاحة إلى بصلة، ولست أهدي من كتبي إلا إحدى هديتين: فإما التحية لمن أثق بأدبهم وكفايتهم وسلامة قلوبهم، وإما إنذار حرب لغير هؤلاء!
والقرآن نفسه قد أثبت اللهُ فيه أقوال من عابوه، ليدل بذلك على أن الحقيقة محتاجة إلى من ينكرها ويردها، كحاجتها إلى من يقربها ويقْبلها، فهي بأحدهما تثبت وجودها، وبالآخر تثبت قدرتها على الوجود والاستمرار.
والشعور بالحق لا يخرس أبدًا؛ فإذا كانت النفس قوية صريحة مر من باطنها إلى ظاهرها في الكلمة الخالصة، فإن قال: لا أو: نعم صدق فيهما؛ وإذا كانت النفس ملتوية اعترضته الأغراض والدخائل، فمر من باطن إلى باطن حتى يخلص إلى الظاهر في الكلمة المقلوبة؛ إذ يكون شعورًا بالحق يغطيه غرض آخر كالحسد ونحوه، فإن قال: لا أو نعم كذب فيهما جميعًا."
-------------
1 يعني الجزأين الأول والثاني في طبعتهما الأولى.
وحي القلم (3-164)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-22, 14:36
الفضيلة راس المال والعلم ربح
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" هناك أمم تقدّمتكم في العلم والمعرفة والنظام، فخذوا من مباديها العبرة، وخذوا من مصايرها العظة، وإن عبرة العبر لكم فيها أن العلم وإن تشعبّت عندها أغصانه، وتفرّعت أفنانه، وأسلس لها عَصِيُّهُ حتى فتحت به مغلقات الكون، لم يغن عنها فتيلًا مما تغني الأخلاق والفضائل.
إن العلم لم ينه مفسدًا عن الإفساد، ولم يزع مجرمًا عن الإجرام، ولم يمت في نفوس الأقوياء غرائز العدوان والبغي على الضعفاء، بل ما زاد المتجرّدين من الفضيلة إلا ضراوة بالشر، وتفنُنًا في الإثم. فاجعلوا الفضيلة رأس مال نفوس تلامذتكم واجعلوا العلم ربحًا."
آثاره (2-111)

اسماعيل 03
2021-06-24, 11:50
اهتمام كل فرد بما يقول الناس عن أعماله
قال الرافعي رحمه الله
" ومن أثر الكذب الشعبي والمبالغة الشعبية، ما نراه من اهتمام كل فرد بما يقول الناس عن أعماله، فيديرها على ذلك وإن قَلَّت منفعتها، وإن فسدت حقيقتها، وإن جلبت عليه من الضرر في ماله ونفسه ما هي جالبة؛ فقاعدتهم هي هذه: ليس الشأن في الحياة للعمل في نفسه، ولكن فيما يقال عنه؛ فإن لم يقل شيء فلا تعمل شيئا ..."
وحي القلم (2-232)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-25, 15:03
أتراني أُضيف بمقالي فوضى إلى هذه الفوضى الفكرية
جاء في جمهرة مقالات محمود شاكر رحمه الله:
" فعلى كل منا عندما يهم بكتابة مقال أن يتساءل بصراحة: "إلى ماذا أرمي؟ أتراني أُضيف بمقالي فوضى إلى هذه الفوضى الفكرية التي يتخبط فيها عالمي، وأقذف بعنصر جديد إلى العناصر التي تتطاحن في محيطي، فأزيد في بلبلة أمّتي واضطرابها الفكري أم أنا أعمل لتوجيه قوى هذه الأمة العقلية نحو فكرة صائبة أو عقيدة واضحة؟
فإذا لم تكن غايته من هذا النوع الأخير، فخيرٌ له وللأمة أن تظل كلماته مدفونة في نفسه، وأن يبحث له عن طريق آخر يخدم بها أمته ولغته". اهـ
إن هذه الكلمات القلائل التي ختم بها الأستاذ زريق بحثه عن الأدب الذي يقود الأمة وشبابها إلى إنقاذ المدنية العربية والإسلامية والشرقية من رَدَغَة الخبال (1) التي تورط أهلها في أوحالها ومستنقعاتها -حقيقة بأن تكون من "محفوظات" كبار الأدباء الذين يرمون عن أقلامهم آراءَ وعقائد وأساليب لا يمكن أن تكون مما يحتملها مخلص لأمته، ينظر إلى المستقبل الذي هو ثمرة الماضي والحاضر، ونتاج اللّقاح الفكري الذي تتقبله عقول الشباب حين تبدأ تتفتح عن أكمامها لتعمل عملها في إنتاج الثمار إما غضًّا شهيًّا وإما فجًّا متعفنًا موبوءًا "
------------
(1) رَدَغَة الخبَال: جاء في الحديث: مَن قال في مؤمن ما ليس فيه حَبَسه الله في رَدَغَة الخبَال، فسَّرها أهل الحديث بأنها عصارة أهل النارِ، والأصل في هذا الحرف: الطِّين والوَحْل.
جمهرة مقالاته (1-94)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-06-30, 01:34
ضعف المرأة يُحب قسوة الرجل أحيانا
قال الرافعي رحمه الله:
" والمرأة لا تكون امرأة حتى تطلب في الرجل أشياء, منها: أن تحبه بأسباب كثيرة من أسباب الحب؛ ومنها: أن تخافه بأسباب يسيرة من أسباب الخوف، فإذا هي أحبته الحب كله، ولم تخف منه شيئًا، وطال سكونه وسكونها، نفرت طبيعتها نفرة كأنها تنخيه وتذمره، ليكون معها رجلًا فيخيفها الخوف الذي تستكمل به لذة حبها، إذ كان ضعفها يحب فيما يحبه من الرجل، أن يقسو عليه الرجل في الوقت بعد الوقت، لا ليؤذيه ولكن ليخضعه؛ والآمر الذي لا يخاف إذا عُصي أمره، هو الذي لا يعبأ به إذا أطيع أمره.
وكأن المرأة تحتاج طبيعتها أحيانًا إلى مصائب خفيفة، تؤذي برقة أو تمر بالأذى من غير أن تلمسها به؛ لتتحرك في طبيعتها معاني دموعها من غير دموعها؛ فإن طال ركود هذه الطبيعة، أوجدت هي لنفسها مصائبها الخفيفة، فكان الزوج إحداها.
وهذا كله غير الجرأة أو البَذَاء فيمن يبغضن أزواجهن، فإن المرأة إذا فركت زوجها لمنافرة الطبيعة بينها وبينه، مات ضعفها الأنثوي الذي يتم به جمالها واستمتاعها والاستمتاع بها، وتعقد بذلك لينها أو تصلب أو استحجر، فتكون مع الرجل بخلاف طبيعتها، فينقلب سكرها النسائي بأنوثتها الجميلة عربدة وخلافًا وشرًّا وصخبًا، ويخرج كلامها للرجل وهو من البغض كأنه في صوتين لا في صوت واحد."
وحي القلم (1-130)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-07-11, 00:31
ألطف أنواع حرية المرأة في ألطف أنواع استعبادها!
قال الرافعي رحمه الله على لسان الطائشة:
" إن المرأة تطلب الحرية وتَلِجّ في طلبها, ولكن الحياة تنتهي بها إلى يقين لا شك فيه هو أن ألطف أنواع حريتها في ألطف أنواع استعبادها!
حتى في خيالي أرى لكَ هيئة الآمر الناهي أيها القاسي. لا أحب منك هذا، ولكن لا يعجبني منك إلا هذا!
ويزيدك رفعة في عيني أنك تحاول قط أن تزيد رفعة في عيني.
فالمرأة لا تحب الرجل الذي يعمل على أن يلفتها دائمًا ليرفع من شأنه عندها.
إن الطبيعة قد جعلت الأنوثة "في الإنسان" هي التي تلفت إلى نفسها بالتصنع والتزيد، وعرض ما فيها وتكلف ما ليس فيها؛ فإن يصنع الرجل صنيعها فما هو في شيء إلا تزيين احتقاره!
التزيد في الأنوثة زيادة في الأنثى عند الرجل، ولكن التزيد في الرجولة نقص في الرجل عند الأنثى!"
وحي القلم (1-163)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-07-16, 01:03
الحجج المتكافئة والحجج الواهية
قال الرافعي رحمه الله:
" لا جَرم كان العنت كل العنت والبلاء كل البلاء أن نُفهم من لم يستجمع أداة الفهم لما تلقي إليه، وأن تناظر صاحب الرأي وليس له مما قِبَلك إلا أنه يرى وإلا أنك تدفع، فإن الحجة في مثل هذا وإن وضحت واستبانت بَيد أنها لا تصيب من غرض يستهدف لها، فلا تلزم ولا تُقنع، وإنما تستعرض كما يستعرض السهم من الهواء يمر فيه منطلقاً لا يلتوي؛ فمهما نلت من ذلك لا تنال سبباً إلى الإقناع وليس لك بعد إلا أن تطيب نفساً عن نتيجة أنت فرغت من مقدماتها، وترتد عن غاية كنت في ظل قصباتها، لأن الحجج لا تنتهي إلى الحق إلا إذا كانت متكافئة، فهي تختلف متدابرة ولكنها متى تواجهت وأخذت كل حجة برقبة الأخرى فاختصمت ثم ارتفعت إلى العقل قضى بينها وكشف عن وجه الحق فيها، أما الحجة الواهية التي لا يشد منها علم ولا ينهض بها يقين فهذه تظل مدبرة، وإنما قوتها في إدبارها ولياذها بكل مُنطلِق فأنت تجد في كل الناس إلا في صاحبها مقنعاً ومَعدَلاً وما إن تزال مقبلاً منه على مدبر عنك حتى تنكص عنه غالباً كمغلوب، وتنقلب طالباً كمطلوب"
تحت راية القرآن 36
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-07-26, 21:32
سياسة التربية و تربية السياسة
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" إن جمعية العلماء تعمل لسياسة التربية لأنها الأصل، وبعض ساستنا- مع الأسف- يعملون لتربية السياسة، ولا يعلمون أنها فرع لا يقوم إلا على أصله؛ وأيُّ عاقل لا يدرك أن الأصول مقدَّمةٌ على الفروع، وإن الاستعمار لأفقه وأقوى زكانة، وأصدقُ حدْسًا، من هؤلاء حين يسمي أعمالَ جمعية العلماء سياسة، وما هي بالسياسة في معناها المعروف ولا قريبة منه، ولكنه يسميها كذلك لأنه يعرف نتائجها وآثارها، وأنها اللُّباب وغيرها القشور؛ ويعرف أنها إيجاد لما أعدَم، وبناء لما هدَم، وزرعٌ لما قلع، وتجديد لما أتلف، وفي كلمة واحدة، هي تحد صارخ لأسلوبه، وما خدعناه في ذلك- والله- ولا ضلّلناه، وإنها لنقطة اصطدام على الحقيقة بين نظر الجمعية وبين نظر الاستعمار؛ فلا الإسلام يسمح لنا أن نعمل غير ما عملناه، ولا الاستعمار يرضى عن ذلك العمل، وقد أجبناه وانتهينا، ومضَينا وما انثنينا.
أَيُريد هؤلاء أن يبنوا الفروع على غير أصولها، فيبوءوا بضياع الأصل والفرع معًا؟ أم يريدون أن يجعلوا الفروع سلمًا للأصول، على طريقة أبي دلامة (1)، فيبوءوا باختلال المنطق وفساد القياس؟! "
----------------
1) حكايته مع بعض الخلفاء مشهورة حين حكمه في الجائزة فاقترح كلب صيد ثم ترقى منه إلى طلب خادم وزوجة تطبخ الصيد ودار تؤوي الجميع، إلخ.
آثاره (3-65)

اسماعيل 03
2021-07-27, 21:36
أصبح هذا الشرق في تعدّد أحزابه السياسية كعهده في الخلافة العباسية
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" ليت شعري: إذا كان من خصائص الاستعمار أنه يمحق المقوِّمات ويميتها، ثم يكون من خصائص أغلب الأحزاب أنها تهملها ولا تلتفت إليها، فهل يلام العقلاء إذا حكموا بأن هذه الأحزابَ شر على الشرق من الاستعمار، لأن الاستعمار يأتيه من حيث يحذَر، والحذر- دائمًا- يقظ، أما هذه الأحزاب فإنها تأتيه من حيث يأمن، والآمن أبدًا نائم، فإذا انضم إلى هذا الداء المستشري خلاف الأحزاب ومنازعاتها، كانت النتيجة الطبيعية ما نرى وما نسمع، وقد أصبح هذا الشرق في تعدّد أحزابه السياسية كعهده في الخلافة العباسية يوم كان كل خلاف جدليّ في لفظة يسفر عن فرقة أو فرق، وكل مجلس مناظرة بين فريفين ينفضّ عن ثالث ورابع، ونراهم يقولون: إن كثرة الأحزاب في أمة عنوان يقظتها وانتباهها، وضمانُ وصولها إلى حقها، ولكننا لم نرَ من تعدد الأحزاب إلا نقصًا في القوة، ونقضًا للوحدة، وتنفيسًا على الخصم، واشتغالًا من بعضهم ببعضهم؛ وتعالتْ كلمة القرآن، فإنه لا يكاد يذكر الأحزابَ بلفظ الجمع إلا في مقام الخلاف والهزيمة {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ}، ولا يكاد يذكر الحزب بلفظ المفرد إلا في مقام الخير والفلاح {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وإن حزبَ الله في الأمة الجزائرية هو جمعية العلماء، وانها لمفلحة لا محالة."
آثاره (3-66)

اسماعيل 03
2021-08-05, 09:12
الطلاق -1-
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" الطلاق حلّ عقدة، وبتّ حبال، وتمزيق شمل، وزيال خليط، وانفضاض سامر، فيه كلّ ما في هذه المركبات الإضافية التي استعملها شعراء العرب، وجرت في آدابهم العاطفية مجرى الأمثال، من التياع وحرارة، وحسرة ومرارة، ويزيد عليها جميعًا بمعنى آخر، وهو ما يصحبه من الحقد والبغض والتألّم والتظلّم.
لهذه الملابسات التي هي من مقتضيات الفطر السليمة، والطباع الرقيقة، شرعه الإسلام مقيدًا بقيود فطرية حكيمة، وقيود شرعية قويمة، اعتمد في تنفيذها بعد فهم المراد منها على إيمان المؤمن، وشرع له من المخففات ما يهون وقعه كالتمتيع ومدّ الأمل بالمراجعة، وتوسيع العصمة إلى الثلاث، حتى تمكن الفيئة إلى العشرة؛ وما وصْفه في القرآن بالسراح الجميل والتسريح بالإحسان، إلا تلطيف إلهي في أسلوب معجز يبعث في النفوس المؤمنة نفحات تلطف وما تزال تلطف من غلظ الإحساس وعرام الحيوانية حتى يصير الطلاق "عملية بلا ألم"."
آثاره (3-297)

اسماعيل 03
2021-08-15, 00:37
الطلاق -2-
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" والزواج عقد بين قلبين، ووصل بين نفسين، ومزج بين روحين- وفي الأخير- تقريب بين جسمين، فإذا تراخت عراه بين القلبين ضاعت حكمة الله في السكون والرحمة والعطف، وهنا يدخل العقل مصلحًا بلغة المصلحة والتعاون والإحسان، وشفاعة النسل (إن كان)، فإذا زاغت الفطرة من أحد الزوجين عن محورها، أو طغت الغرائز الحيوانية على الفضائل الإنسانية في أحدهما أو كليهما، ولم يقم العقل وحده أو مع الحكمين، بإصلاح ذات البين، فالله أرحم من أن يكلف عباده تحمّل هذا النوع من العذاب النفسي، وهو الجمع بين قلبين لم يأتلفا، وطبعين لم يتّحدا، وروحين لم يتعارفا؛ لذلك شرع لهما الطلاق ليستريح إليه من ضاق ذرعًا بصاحبه ضيقًا معقولًا بدواعيه وأسبابه؛ ولما كان من بعض أسباب الطلاق ما يزول فتتجاوب النفسان من جديد، وتتراجعان الحنين إلى العشرة، شرع الإسلام تلك الملطفات التي ذكرنا بعضها، والتي تُبقي على أصل الصلة، وتحفظ "خط الرجعة "
آثاره (3-297)

اسماعيل 03
2021-11-17, 20:35
الحُب
قال الرافعي رحمه الله:
" والحب -إن كان حبًّا- لم يكن إلا عذابًا؛ فما هو إلا تقديم البرهان من العاشق على قوة فعل الحقيقة التي في المعشوق، ليس حال منه في عذابه، إلا وهي دليل على شيء منها في جبروتها.
ولقد أيقنتُ أن الغرام إنما هو جنون شخصية المحب بشخصية محبوبه، فيسقط العالم وأحكامه ومذاهبه مما بين الشخصيتين؛ وينتفي الواقع الذي يجري الناس عليه، وتعود الحقائق لا تأتي من شيء في هذه الدنيا إلا بعد أن تمر على المحبوب لتجيء منه، ويصبح هذا الكون العظيم كأنه إطار في عين مجنون لا يحمل شيئًا إلا الصورة التي جُن بها!
وتالله لكأن قانون الطبيعة يقضي ألا تحب المرأة رجلًا يسمى رجلًا، وألا تكون جديرة بمحبها، إلا إذا جرت بينهما أهوال من الغرام تتركها معه كأنها مأخوذة في الحرب. تلك الأهوال يمثلها الحيوان المتوحش عملًا جسميًّا بالقتال على الأنثى، ثم ترق في الإنسان المتحضر فيمثلها عملًا قلبيًّا بالحب."
وحي القلم (1-90)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2021-11-25, 12:32
من لا يكون الشيء في طبعه لا يفهمه إلا فهم جدل
قال الرافعي رحمه الله:
"فإن الأخلاق كما هو مقرر يدعو بعضها إلى بعض، ويعين شيء منها على شيء يماثله، ويدفع قويها ضعيفها، ويأنف عاليها من سافلها؛ وقد قلنا إنه لا يجوز لمتكلم أن يتكلم في حكمة الدين الإسلامي إلا إذا كان قوي الخلق، فإن من لا يكون الشيء في طبعه لا يفهمه إلا فهم جدل لا فهم اقتناع."
وحي القلم (3-355)
بترقيم الشاملة الحديثة

اميرة الامواج
2021-11-25, 13:12
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا للموضوع القيم

وجعله الله في ميزان حسناتك

الف شكر

اسماعيل 03
2021-11-26, 18:29
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا للموضوع القيم

وجعله الله في ميزان حسناتك

الف شكر
وفيك بارك الله أختنا ونفع بك

اسماعيل 03
2021-12-05, 18:59
فساد العلم وفساد الإرادة
قال ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ:
«وأمَّا العلم فآفته عدمُ مطابقته لمراد الله الدينيِّ الذي يحبُّه الله ويرضاه وذلك يكون مِن فساد العلم تارةً، ومن فساد الإرادة تارةً:
ففسادُه من جهة العلم أن يعتقد أنَّ هذا مشروعٌ ومحبوبٌ لله وليس كذلك، أو يعتقد أنه يقرِّبه إلى الله وإن لم يكن مشروعًا، فيظنُّ أنه يتقرَّب إلى الله بهذا العمل وإن لم يعلم أنه مشروعٌ.
وأمَّا فساده من جهة القصد فأن لا يقصد به وجهَ الله والدارَ الآخرة، بل يقصد به الدنيا والخَلْق. وهاتان الآفتان في العلم والعمل لا سبيل إلى السلامة منهما إلَّا بمعرفة ما جاء به الرسول في باب العلم والمعرفة، وإرادة وجه الله والدار الآخرة في باب القصد والإرادة، فمتى خلا من هذه المعرفة وهذه الإرادة فسد علمُه وعمله».
[«الفوائد» لابن القيِّم (85)]

اسماعيل 03
2021-12-28, 19:00
لهم عقول عجيبة في اختراع الألفاظ
قال الرافعي - رحمه الله - متحدثا عن خبث المستعمرين في صياغة النصوص السياسية للبلدان التي يحتلونها:
" ... فإن السياسة الاستعمارية قائمة فيه على خداع الطريقة في حل مشاكله، فيحلونها ويعقدونها في نص واحد؛ ويثبت الكلام الذي يتفقون عليه أن المراد منه زوال الخلاف، ويثبت العمل بعد ذلك أن المراد كان زوال المقاومة.
وفي السياسة الأوروبية موافقات دميمة كالنساء المشوهات، فإذا عرضوا واحدة منها على من يريدون أن يزوجوه ... فأباها وفتح لها عينيه بكل ما فيهما من قوة الإبصار، أعفوه منها وقالوا له: سنأتيك بالجميلة، ثم يذهبون بها إلى معهد التجميل اللغوي، فيصقلونها ويصبغونها، ويضعون لها أحمر السياسة وأبيضها، ثم يعرضونها جديدة على صاحبهم ذاك، وما صنعوا ما به صارت الدميمة غير دميمة، ولكن ما به رجع غير الأعمى كالأعمى.
و لهم عقول عجيبة في اختراع الألفاظ، حتى لتكون شدة الوضوح في عبارة، هي بعينها الطريقة لإخفاء الغموض في عبارة أخرى. وكثيرًا ما يأتون بألفاظ منتفخة تحسب جزلة بادنة قد ملأها معناها، وهي في السياسة ألفاظ حبالى، تستكمل حملها مدة ثم تلد."
وحي القلم (2-260)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2022-01-04, 10:33
مرحبًا بالتطريد والتشريد إذا كان يذيب زيف الأخلاق الخادعة
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" أيها الاخوان: إن بُعْدَ المسلمين عن روح القرآن وهدي القرآن غَرَسَ فيهم خصالًا من الخَوَر والفسولة أدّتْ بهم إلى ما ترون وانتهتْ بهم إلى ما منه تشكون، وإن هذه الخصال التي تمكنتْ من النفوس لا تزول جراثيمها المميتة إلّا بصاخّة من الأحداث وقارعة من المصائب، تخرجها من حبس الخمول إخراجًا، وتزعجها إلى ميدان العمل إزعاجًا، فمرحبًا بالتطريد والتشريد، والإرهاق الشديد، والحبس ولو على الدوام والتأبيد، والنفي ولو إلى القرار البعيد، إذا كان كل ذلك يذيب زيف الأخلاق الخادعة، ويجتثّ غشّ النفوس الخامدة، ويشدّ وهن العزائم الراكدة، ويرحض عنا أوضار الضعف والخَوَر والانحلال، ويجمع القلوب بعد ذلك على الإيمان بالحق، والوفاء للحق، والتناصر بين أصحاب الحق."
آثاره (2-120)

اسماعيل 03
2022-01-07, 19:07
أكثر كُتَّابنا يقولون للشهوة المستبدة لا للرأي الحاكم
قال محمود شاكر رحمه الله:
" فإن طول تغلغلي في معاني الكُتاب والشعراء، أو في معاني أنفسهم، يدلني على أن أكثر من يكتب إنما يدفع بعض الكلام إلى قلمه ليعبر عنه، غيو محتفل بما يقول، فكذلك يخرج الكلام متخاذلًا مفككا كأنه ناقهٌ من وباء مرض، ويخيل ​إلي أن أكثر كتابنا إنما يتناولون المعاني والأغراض من عَيبةٍ (1) جامعة غير متخيَّرة ولا منتقاة ولا مصنفة، وأنهم إنما يعرض لهم اشتهاء القول فيقولون للشهوة المستبدة لا للرأي الحاكم، وأنهم إنما يكتبون ليبقوا كُتابًا في عقول الناس وعيونهم من طول ما تعرض عليهم المقالات متوجة بالأسماء مذيلة بها، وأن الكلام عندهم هو أهون عليهم من ضغطة النائم المتلفف زرَّ الكهرباء فإذا هو نور مستفيض.
لابد للعرب والعربية أن يبرأ هؤلاء من أمراضهم ثم يقولون، وأن يعتدوا بجمهرة القراء اعتداد من لا غنى له عنهم ولا فقر بهم إليه، فبذلك أيضًا يصلح ما فسد من القراء الذين يقرأون الأسماء دون معاني هذه الأسماء. ويومئذ لا يشكو الكُتاب من بوار أسواقهم، لأنهم يعرضون للناس الحَسَن الذي ينشئ في القلوب الإحساس بالحُسن والرغبة في اختيار الأحسن، ويتشوق الناس الجميل لأنه جميل يسمو بالروح في سُبحات المثل الأعلى من الجمال الروحاني. . . ثم لا يجيزون إلا الجميل. وكذلك يترافد الكاتب والقارئ ويمدُّ أحدهما الآخر بأسباب حياته وخلوده لكن خوافق الأدب السامي الرفيع. هذا هو بعض الرأي أدعو إليه كتابنا، والأدب على شفا جرف هار إلى البوار والبلى والفساد."

-------

(1) العَيبة: وعاء من أَدم يكون فيه المتاع.
الجمهرة (1-53)

اسماعيل 03
2022-01-10, 21:34
أمرُ المؤمن بالتنظف
قال ابن الجوزي رحمه الله وغفر له:
"تلمحت على خلق كثير من الناس إهمال أبدانهم، فمنهم من لا ينظف فمه بالخلال1 بعد الأكل، ومنهم من لا ينقي يديه في غسلهما من الزهم2، ومنهم من لا يكاد يستاك، وفيهم من لا يكتحل، وفيهم من لا يراعي الإبط ... إلى غير ذلك، فيعود هذا الإهمال بالخلل في الدين والدنيا.
أما الدين، فإنه قد أمر المؤمن بالتنظف، والاغتسال للجمعة، لأجل اجتماعه بالناس، ونهى عن دخول المسجد إذا أكل الثوم3، وأمر الشرع بتنقية البراجم4، وقص الأظفار، والسواك5، والاستحداد6 ... وغير ذلك من الآداب؛ فإذا أهمل ذلك، ترك مسنون الشرع، وربما تعدى بعض ذلك إلى فساد العبادة، مثل أن يهمل أظفاره، فيجمع تحته الوسخ المانع للماء في الوضوء أن يصل.
- وأما الدنيا، فإني رأيت جماعة من المهملين أنفسهم يتقدمون إلى السرار7، والغفلة التي أوجبت إهمالهم أنفسهم أوجبت جهلهم بالأذى الحادث عنهم، فإذا أخذوا في مناجاة السر، لم يمكن أن أصدف8 عنهم؛ لأنهم يقصدون السر، فألقى الشدائد من ريح أفواههم، ولعل أكثرهم من وقت انتباههم ما أمر إصبعه على أسنانه!!
ثم يوجب مثل هذا نفور المرأة، وقد لا تستحسن ذكر ذلك للرجل، فيثمر ذلك التفاتها عنه، وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي."
---------
1 الخلال: أعواد ينظف بها ما بين الأسنان.
2 الزهم: الدسم.
3 البخاري "852-855"، ومسلم "564" عن جابر رضي الله عنه.
4البراجم، جمع برجمة، وهي المفصل الظاهر أو الباطن من الأصابع.
5 رواه البخاري "878"، ومسلم "252" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
6 "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء"، رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون: "المضمضة والاستحداد وحلق العانة".
7 السرار: المناجاة.
8 صدف عن الشيء: أعرض عنه.
صيد الخاطر ص104
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2022-02-04, 23:21
لا إكراه على هذه الدعارة إكراهًا لا خيار فيه
قال الرافعي رحمه الله في مقال الجمال البائس 5 :
"قلت لها: إن كلمة الكفر لا تكون كافرة إذا أُكره عليها من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان، وكلمة الفجور أهون منها وأخف وزنًا وشأنا، ثم لا تكون إلا فاجرة أبدًا، إذ لا إكراه على هذه الدعارة إكراهًا لا خيار فيه. وما أول الدعارة إلا أن تمد المرأة طرفها من غير حياء، كما يمد اللص يده من غير أمانة.
ومن اضطُرّ إلى الكفر استطاع أن يخبأ محراب المسجد في أعماقه فيصلي ثمة، ولكن الفجور لا يترك في النفس موضعًا لدين ولا إيمان؛ إذ هو دائب في إثارة الغرائز الطبيعية الحيوانية المسترسلة بلا ضابط، فيجعل المرأة تحيا بعيدة عن ضميرها؛ فيُضعف منها أول ما يضعف آثار الآداب والأخلاق، فيهلك فيها أول ما يهلك إحساسها بمعنى المرأة الإنسانية وشعورها بمجد هذا المعنى.
فإذا انتهت المرأة إلى هذا، لم يكن لها مبدأ ولا عقيدة إلا أن على غيرها أن يتحمل عواقب أعمالها، وهذه بعينها هي حالة المجنون جنون عقله؛ أفلا تكون المرأة حينئذ مجنونة جنون جسمها؟"
وحي القلم (1-266)
بترقيم الشاملة الحديثة

〆 بٰٰاولو 乄
2022-02-10, 21:30
السلام عليكم
شكرا اخي اسماعيل على الموصوع المميز
جعله الله في ميزان حسنااتك ....^^

اسماعيل 03
2022-02-12, 23:38
السلام عليكم
شكرا اخي اسماعيل على الموصوع المميز
جعله الله في ميزان حسنااتك ....^^
و عليكم السلام ورحمة الله أخي باولو
العفو ... جزاك الله خيرا وبارك فيك ونفعك وجميع القراء

محمد علي 12
2022-02-16, 16:59
تبرز للعيان، وتتابعت التشريعات في شتى المجالات بخاصة تلك التي تنظم العلاقات والمعاملات بين أفراد المجتمع الواحد.
لقد تضمن القرآن الكريم ربطاً بين إقامة الأحكام الشرعية وبين التمكين في الأرض حين قال تعالى: ) الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور (ِ [سورة الحج آية :41].

فقد سيقت الآية الكريمة في مقام الشكر لبيان أن التمكين في الأرض يقتضي شكر الله تعالى بإقامة أحكامه التي أمر بها بسبب زوال كثير من العوائق .

إذا فهم هذا، تبينت العلة التي من أجلها شنَّع القرآن الكريم على أولئك الذين آثروا البقاء في أرض الكفر، ولم يهاجروا إلى أرض الإسلام للانضمام إلى المجتمع المسلم، وذلك في قوله تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيرا ً( [سورة النساء آية : 97 ].

اسماعيل 03
2022-03-07, 10:57
نصيحة أمٍّ لابنتها
قالت أمامة بنت الحارث لابنتها حين أرادوا أن يحملوها إلى زوجها:
«أيْ بُنيَّةُ إنَّ الوصيَّة لو تُرِكت لِفَضل أدبٍ تُرِكتْ لذلك منكِ، ولكنَّها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل، ولو أنَّ امرأةً استغنت عن الزوج لغِنى أبويها وشدَّة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناسِ عنه، ولكنَّ النساء للرجال خُلِقْنَ، ولهنَّ خُلِق الرجال، أيْ بُنَيَّةُ إنكِ فارقتِ الجوَّ الذي منه خرجتِ، وخلَّفتِ العُشَّ الذي فيه درَجتِ، إلى وَكْرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبَحَ بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا، فكوني له أَمَةً يكنْ لكِ عبدًا وشيكًا، يا بُنَيَّةُ احْمِلي عنِّي عشرَ خِصالٍ يَكُنَّ لكِ ذخْرًا وذِكرًا: الصحبةَ بالقناعة، والمعاشرةَ بِحُسن السمع والطاعة، والتعهُّدَ لموقع عينيه، والتفقُّدَ لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منكِ على قبيحٍ، ولا يشُمَّ منكِ إلَّا أطيبَ ريحٍ، والكحلُ أحسن الحُسن، والماء أطيب الطيب المفقود، والتعهُّدَ لوقت طعامه، والهدوءَ عنه حين منامه، فإنَّ حرارة الجوع ملهبةٌ، وتنغيص النوم مبغضةٌ، والاحتفاظَ ببيته وماله، والإرعاءَ على نفسه وحَشَمه وعياله، فإنَّ الاحتفاظ بالمال حُسْنُ التقدير، والإرعاءَ (الإبقاء) على العيال والحَشَم حسنُ التدبير، ولا تفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا، فإنكِ إن أفشيتِ سرَّه لم تأمني غَدْرَه، وإن عصيتِ أَمْرَه أَوْغَرْتِ صدرَه، ثمَّ اتَّقي مع ذلك الفرح إن كان تَرِحًا، والاكتئابَ عنده إن كان فَرِحًا، فإنَّ الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشدَّ ما تكونين له إعظامًا، يكنْ أشدَّ ما يكون لكِ إكرامًا، وأشدَّ ما تكونين له موافقةً أطولَ ما تكونين له مرافقةً، واعلمي أنكِ لا تَصِلِين إلى ما تُحبِّين حتى تُؤْثِرِي رِضاه على رِضاكِ، وهواه على هواكِ، فيما أحببتِ وكرِهتِ واللهُ يَخِير لك...» فَحُمِلتْ إليه فَعَظُمَ موقعُها منه وولدتْ له الملوكَ السبعةَ الذين ملكوا بعده اليمنَ.

[«بلوغ الأرب» للألوسي (ظ¢/ ظ،ظ©)]
موقع الشيخ فركوس

اسماعيل 03
2022-03-13, 17:15
جُرّد كلامنا من القبول والتأثير
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" إنني- يا قوم- أعتقد أن أقسى عقوبة عاقبنا بها الله على خذلنا لدينه هي أنه جرّد كلامنا من القبول والتأثير، فأصبح كلامنا في اسماع الجيل القديم مستثقلًا وفي أسماع الجيل الجديد مسترذلًا، ومن ظن خلاف هذا فهو غِـرُّ(1) أو مغرور أو هما معًا.
أصبحنا في أمتنا غرباء تزدرينا العيون، وتتقاذفنا الظنون، لأننا أصبحنا كالدراهم الزيوف، فيها من الدراهم استدارتها ونقوشها، وليس فيها جوهرها ومعدنها. "

آثاره (4-119)
*********************
(1): غِر: لا تجربة له ولا خبرة

اسماعيل 03
2022-04-03, 12:01
رمـضــــــــان: مـسـتـشــفى زمـــانيّ
قال محمد البشير الابراهيمي رحمه الله:
" أما شهر رمضان عند الأيقاظ المتذكّرين، فهو شهر التجليات الرحمانية على القلوب المؤمنة، ينضحها بالرحمة، وينفح عليها بالرّوح، ويخزها بالمواعظ، فإذا هي كأعواد الربيع جدّةً ونضرة، وطراوة وخضرة، ولحكمة ما كان قمريًا لا شمسيًا، ليكون ربيعًا للنفوس متنقلًا على الفصول، فيروّض النفوس على الشدة في الاعتدال، وعلى الاعتدال في الشدة.
إن رمضان يحرّك النفوس إلى الخير، ويسكّنها عن الشر، فتكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وأبعد عن الشر من الطفولة البلهاء، ويطلقها من أسر العادات. ويحرّرها من رقّ الشهوات، ويجتثّ منها فساد الطباع، ورعونة الغرائز، ويطوف عليها في أيّامه بمحكمات الصبر، ومثبّتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله والقرب منه.
هو مستشفى زمانيّ، يستطبّ فيه المؤمن لروحه بتقوية المعاني الملكية في نفسه، ولبدنه بالتخفّف من المعاني الحيوانية."

آثاره (4-196)

اسماعيل 03
2022-04-05, 10:41
الشرقُ حين يدعو إليه الغربَ
قال مصطفى صادق الرافعي:
" إن هذا الشرق حين يدعو إليه الغرب؛ "يدعو لمن ضره أقرب من نفعه؛ لبئس المولى ولبئس العشير".
لبئس المولى إذا جاء بقوته وقوانينه، ولبئس العشير إذا جاء برذائله وأطماعه.
أيها الشرقي! إن الدينار الأجنبي فيه رصاصة مخبوءة، وحقوقنا مقتولة بهذه الدنانير.
أيها الشرقي! لا يقول لك الأجنبي إلا ما قال الشيطان: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22] .
يا شباب العرب! لم يكن العسير يعسر على أسلافكم الأولين، كأن في يدهم مفاتيح من العناصر يفتحون بها.
أتريدون معرفة السر؟ السر أنهم ارتفعوا فوق ضعف المخلوق، فصاروا عملا من أعمال الخالق.
غلبوا على الدنيا لما غلبوا في أنفسهم معنى الفقر، ومعنى الخوف، والمعنى الأرضي.
وعلمهم الدين كيف يعيشون باللذات السماوية التي وضعت في كل قلب عظمته وكبرياءه."
وحي القلم (2-202)
بترقيم الشاملة

اسماعيل 03
2022-07-12, 23:17
أكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء
قال ابن القيم رحمه الله:
" وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعدلوا بَين أَوْلَادكُم فوصية الله للآباء بأولادهم سَابِقَة على وَصِيَّة الْأَوْلَاد بآبائهم قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم خشيَة إملاق} الاسراء 31 فَمن أهمل تَعْلِيم وَلَده مَا يَنْفَعهُ وَتَركه سدى فقد أَسَاءَ إِلَيْهِ غَايَة الْإِسَاءَة وَأكْثر الْأَوْلَاد إِنَّمَا جَاءَ فسادهم من قبل الْآبَاء وإهمالهم لَهُم وَترك تعليمهم فَرَائض الدّين وسننه فأضاعوهم صغَارًا فَلم ينتفعوا بِأَنْفسِهِم وَلم ينفعوا آبَاءَهُم كبارًا كَمَا عَاتب بَعضهم وَلَده على العقوق فَقَالَ يَا أَبَت إِنَّك عققتني صَغِيرا فعققتك كَبِيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شَيخا."
كتاب تحفة المودود بأحكام المولود ص 229
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2022-08-09, 23:22
في كل زوجة امرأة، ولكن ليس في كل امرأة زوجة
قال الرافعي رحمه الله:
" إياكم إياكم أن تغتروا بمعاني المرأة، تحسبونها معاني الزوجة؛ وفرِّقوا بين الزوجة بخصائصها، وبين المرأة بمعانيها، فإن في كل زوجة امرأة، ولكن ليس في كل امرأة زوجة.
واعلموا أن المرأة في أنوثتها وفنونها النسائية الفردية، كهذا السحاب الملون في الشفق حين يبدو؛ له وقت محدود ثم يمسخ مسخًا؛ ولكن الزوجة في نسائيتها الاجتماعية كالشمس؛ قد يحجبها ذلك السحاب، بيد أن البقاء لها وحدها، والاعتبار لها وحدها، ولها وحدها الوقت كله."
وحي القلم (1-226)
بترقيم الشاملة

اسماعيل 03
2022-08-29, 09:18
ما ذلت لغة شعب إلا ذل
قال الرافعي رحمه الله:
" لا جرم كانت لغة الأمة هي الهدف الأول للمستعمرين؛ فلن يتحول الشعب أول ما يتحول إلا من لغته؛ إذ يكون منشأ التحول من أفكاره وعواطفه وآماله، وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضيه، ورجعت قوميته صورة محفوظة في التاريخ، لا صورة محققة في وجوده؛ فليس كاللغة نسب للعاطفة والكفرة حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على أخرى، والثالث على لغة ثالثة، لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء.
وما ذلت لغة شعب إلا ذل، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار؛ ومن هذا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضًا على الأمة المستعمرة، ويركبهم بها، ويشعرهم عظمته فيها، ويستلحقهم من ناحيتها؛ فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثة في عمل واحد: أما الأول فحبس لغتهم في لغته سجنًا مؤبدًا؛ وأما الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا؛ وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها؛ فأمرهم من بعدها لأمره تبع."
وحي القلم (3-27)
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2022-09-12, 09:34
تقليد الضعيف للقوي
قال محمود شاكر رحمه الله:
" ومن بلاء الأمم الضعيفة بنفسها أن انبعاثها إلى التقليد -تقليد القوي- أشد من انبعاثها لتجديد تاريخها بأسباب القوة التي تدفع في أعصابها عنفوان الحياة. والضعف يجعل محاكاة القوى أصلًا في كل أعماله. فلما فسدت قيادة أصحاب الرأي عند هذه الأمم الضعيفة، وكان لابد للمستيقظ من أن يعمل، كان عمل الأفراد متفرقين منسحبًا على أصلين: ضعفٌ أورثهم إياه ضياع كيان الدولة السياسي، وضعف كرثهم (1) به تفرُّق القيادة وشتات الأغراض، فلا جرم أن يكون كل عمل موسومًا بسمَةٍ من ضعفٍ مُظَاهر بضعف صاحبه، ولا جرم أن يكون أعظم أعمالنا هو تقليد أعمال الناس على الهوى والجهل والدهشة المتصرفة بغير عقل.
هذا كل شيء تحت أعيننا وبأيدينا: بيوتنا، مدارسنا، أبناؤها، رجالنا، نساؤنا، علمنا، أدبنا، فننا، أخلاقنا. . . كل ذلك على الجملة والتفصيل قد وُسم بميسم الضعف والتفرق وانعدام التشاكل بين أجزائه التي يتكون من مجموعها معنى الأمة، وكلها تقليد قد تفرقت في جمعه أهواء أصحابه من هنا وهنا. والتقليد بطبيعته لا يتناول من الأشياء إلا ظاهرها، فكل مآخذنا من أجل ذلك ليست إلا مظهرًا."
------------
(1) كل أمر أثقل الإنسان وشقّ عليه فقد كَرَثَه (من باب ضرب).
الجمهرة ص 66 -67
بترقيم الشاملة الحديثة

اسماعيل 03
2022-11-14, 09:59
رجوعنا إلى الأخلاق الإسلامية الكريمة أعظم ما يصلح لنا من التغير
" وإذا كان لا بد للأمة في نهضتها من أن تتغير، فإن رجوعنا إلى الأخلاق الإسلامية الكريمة أعظم ما يصلح لنا من التغير وما نصلح به منه، فلقد بعد ما بيننا وبين بعضها، وانقطع ما بيننا وبين البعض الآخر؛ وإذا نحن نبذنا لخمر، والفجور، والقمار، والكذب، والرياء؛ وإذا أنفنا من التخنث، والتبرج، والاستهتار بالمنكرات، والمبالغة في المجون، والسخف، والرقاعة، وإذا أخذنا في أسباب القوة، واصطنعنا الأخلاق المتينة: من الإرادة، والإقدام، والحمية، وإذا جعلنا لنا صبغة خاصة تميزنا من سوانا، وتدل على أننا أهل روح وخلق -إذا كان ذلك كله فلعمري أي ضير في ذلك كله، وهل تلك إلا الأخلاق الإسلامية الصحيحة، وهل في الأرض نهضة ثابتة تقوم على غيرها؟ "
وحي القلم للرافعي (3-153)
بترقيم الشاملة الحديثة