تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ارجووووووووووووووو الماعدة منكم بليييييييييييييز


لميس 28
2009-12-20, 18:17
اولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* أنا طالبة جامعية سنة اولى كلية العلوم الانسانية أريد بحث حول حضارة بلاد ما بين النهرين
*بلييييييييييييييييييز

لميس 28
2009-12-20, 18:47
ردووووووووووووووووو يا طلاب

لميس 28
2009-12-20, 18:51
وين راكم يا طلاب والله محتاجاتوضروري

لميس 28
2009-12-20, 19:16
بليييييييييييييييييييييييييييز

لميس 28
2009-12-21, 13:34
بليييييييييييييييييييييييييييز

لميس 28
2009-12-23, 11:23
بليييييييييييييييييييييييييييز

غنوة
2009-12-25, 21:46
تمهيد

بلاد ما بين النهرين هي تلك البلاد التي تقع ما بين نهري دجلة والفرات، والتي تعرف اليوم باسم العراق.

وحضارة بلاد ما بين النهرين هي حضارة قديمة أسوة بالحضارة المصرية، حيث تمتد جذورها التاريخية إلى العصر الحجري . على أنه بينما أتسمت الحضارة المصرية بالعزلة، فإن بلاد ما بين النهرين قد ارتبطت بالشعوب المجاورة بروابط متعددة خاصة في مجال التجارة.

كان سكان بلاد ما بين النهرين ينتمون أساسا إلى جنسين: السومريون، وهم سكان غير ساميين يتوطنون في جنوب البلاد، والأكاديون في الشمال وهم من الساميين. وكانت " أكاد " التي ينتمي إليها هؤلاء الأخيرين تقع في شمال " سومر ".

ولا يعرف العلماء على وجه التحديد الأصل التاريخي للسومريين أو الجنس الذي ينتمون إليه. وإن أعتقد البعض أن موطنهم الأصلي مرتفعات فارس أو المنطقة التي تقع وراء الخليج العربي1 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote1sym).


إذن، بلاد أكاد وسومر هي بلاد ما بين النهرين، وقد عُرفت أيضا باسم بابل، باب إيل أي باب الله.

كانت بلاد ما بين النهرين مقسمة إلى دويلات يحكم كل منها ملك أو أمير، مما أعاق حركة تقدمها، بل وكان سببا أساسيا في حروب متعددة بين هذه الدويلات حتى استطاع الملك "حمو رابي" (١٧٤٨- ١٦٨٦ ق. م.)2 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote2sym) توحيد البلاد وجعل من اللغة الأكادية اللغة الرسمية للدولة الموحدة، وبذلك توحدت البلاد سياسيا وتشريعيا في عهد البابليين، وهو ما استمر أيضا في عهد الآشوريين، وهم من الأقوام السامية التي تركت موطنها الأصلي في الجزيرة العربية وتوطنت في بلاد ما بين النهرين.

وقد وصل سلاطين وملوك آشور إلى كل منطقة الهلال الخصيب ودمشق وفلسطين حتى منطقة الدلتا بمصر السفلى. إلا أن بطش الحكام الآشوريين قد آلب عليهم أعداءهم فولّت دولتهم وانتقل السلطان مرة أخرى إلى الدولة البابلية الجديدة التي استمرت حتى استولى الفرس عليها عام ٥٤٩ ق. م. التي أصبحت بذلك جزءا من الإمبراطورية الفارسية حتى عام ٣٣١ ق. م.، حيث استولى الاسكندر الأكبر على بلاد ما بين النهرين التي غدت جزءا من إمبراطوريته.


وقبل أن نعرض النظم القانونية التي سادت في بلاد ما بين النهرين، فلعله من الضروري أن نتصدى أولا للأوضاع السياسية والاجتماعية التي كانت سائدة في هذه البلاد.


الأوضاع السياسية

نشأت بلاد ما بين النهرين ما بين النهرين في شكل دويلات متعددة تتكون كل منها من مدينة معينة وما يحيط بها من أراضي. وهكذا قامت دول المدن كما أسماها المؤرخون.

وعلى هذا النحو كانت المدينة هي الخلية الأساسية في التنظيم السياسي. وكان تأسيس المدينة عملا إلهيا يتم بناءها على أوامر الآلهة بوصفها مركزا للعبادة.


أما الملك فكان الوسيط بين الآلهة والبشر، أو نقطة التلاقي بين السماء والأرض. فلم يكن وضع ملوك بلاد ما بين النهرين مماثل لفراعنة مصر مثلا، حيث كان الملك نفسه هو الإله وليس مجرد وسيط بين الآلهة والناس.

ولما كان الملك هو الوسيط بين الآلهة والبشر، فهو إذن الذي يتلقى القوانين من الآلهة ليحكم بمقتضاها بين الناس. فهو القاضي الأعلى، وهو من تجب طاعته على الجميع.

ومن جهة أخرى فقد كان الملك هو الكاهن الأكبر للديانة، وهو الذي يدير أموال الآلهة. ولقد كان للملك أمواله الخاصة، فهو لم يدع في يوم من الأيام أنه المالك الوحيد لأراضي البلاد جميعها كما أدعى الفراعنة في مصر مثلا.

واعتبار الملك وسيطا بين الآلهة والبشر قد جعل مسؤوليته مباشرة أمام الآلهة إذا لم يحقق الخير للجماعة ولم يكفل العدالة بين الناس3 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote3sym).


وكانت الملكة، زوجة الملك، هي التي تساعده في إدارة البلاد، ويساعدها "النوباندا" أي المشرف العام، وهو أمين خزانة الملك والمشرف على المشاريع والشؤون الزراعية، وحاجب القصر ومسجل العقود.

وتشير الوثائق إلى وجود عدد من "النوباندا" يختص كل منهم بالإشراف على قطاع أو عمل معين. ويتبع كل منهم عدد من الموظفين.

كما تشير الوثائق التاريخية إلى أن ملوك بلاد ما بين النهرين قد استعانوا بالوزراء لمساعدتهم على إدارة البلاد، وعلى رأس هؤلاء الوزير الأول المسؤول مباشرة أمام الملك.

ولعبت المعابد دورا هاما في الحياة الاقتصادية للبلاد، حيث كان للآلهة أملاكهم الخاصة ومخازن غلالهم وعبيدهم، وهي أملاك تتبع المعابد التي تتصرف في ريعها. وقد تكونت هذه الأملاك مما كان يقطعه كبار الملاك للمعابد أو ما يقدمونه إليها من أملاك طلبا لرضاء الآلهة وتجنبا لغضبهم4 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote4sym).


وقد كان من المحظور التصرف في أموال المعابد على أي نحو ما عدا إيجار الأراضي الذي سمح به على أن تستعمل الأجرة لصالح المعبد.

ورغبة في حماية أموال المعابد، فقد كان أي اعتداء على هذه الأموال بالسرقة، أو غيرها يعرض مرتكبه لعقوبة الإعدام.

الأوضاع الاجتماعية

تميز مجتمع بلاد ما بين الرافدين بكونه مجتمعا طبقيا، فقد انقسم هذا المجتمع إلى ثلاث طبقات: طبقة الأحرار، وطبقة متوسطة تسمى طبقة الموشكينو أو طبقة المتواضعين، وطبقة العبيد في أسفل السلم.

على أن التقسيم السابق للمجتمع لا شأن له بطبقة الملوك ورجال الدين. فهؤلاء هم الطبقة الحاكمة التي تحتل القمة ولا تدخل في التدرج الطبقي سالف البيان.

وقد مضت الإشارة إلى أن مجموعة شرائع حمو رابي هي التي أشارت إلى وجود هذا التدرج الطبقي في بلاد ما بين النهرين.

وكانت طبقة الأحرار، وهي الطبقة المتميزة بعد الطبقة الحاكمة، تتكون من الملاك الزراعيين والتجار وأصحاب الحرف.

وكان أفراد هذه الطبقة يشتركون في المجالس البلدية للبلاد، وهي المجالس التي تنبعث منها كافة التنظيمات الإدارية والقضائية للدولة.

أما طبقة الموشكينو، والتي تحتل مكانا متوسطا بين طبقة الأحرار وطبقة العبيد، فقد أختلف في شأنها العلماء. فمنهم من ركز على الأصل اللغوي لكلمة موشكينو التي تقابلها في العربية "المساكين" مما يفيد أن أفراد هذه الطبقة كانوا من المتواضعين.

ومن العلماء من فضل عدم التورط في البحث اللغوي لأصل الكلمة مفضلا الأخذ ببساطة بالمعنى الوارد للكلمة بمدونة حمو رابي وكذلك القوانين السابقة واللاحقة عليه. فهي طبقة تتكون من أنصاف الأحرار من أرقاء الأرض والعتقاء والفقراء والمساكين وصغار الجنود.

ويرى البعض أن طبقة الموشكينو هي طبقة "العامة"، أي الأرقاء القدماء أو الأحرار الذين أُبعدوا عن طبقتهم الاجتماعية باعتبارهم من الأجانب5 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote5sym).


وأيا كان الأمر فقد اتفق الجميع على أن طبقة الموشكينو كانت في وضع أدنى من طبقة الأحرار، إلا أن أفرادها يتمتعون بالشخصية القانونية أسوة بغيرهم من غير الأرقاء.

وبهذه المثابة يستطيع كل فرد من أفراد هذه الطبقة أن يتعاقد ويتملك الأموال بكافة أنواعها بما في ذلك العبيد. كما كان له أن يتزوج مكونا أسرة شرعية.

وقد حرصت شرائع حمو رابي على وضع النصوص القانونية التي توفر الحماية القانونية المتطلبة لأموال الموشكينو. ويرى البعض أن "نصوص الحماية هذه لا تعني أن القانون قد تدخل بقصد حماية الموشكينو ولكنها تعني أن وضع الموشكينو الأدنى يحتاج إلى تدخل تشريعي لتحديد هذا المركز بمقارنته بحالة الأحرار التي تكون الحالة الطبيعية للأوضاع الاجتماعية والقانونية في صلب التشريع"6 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote6sym).


وقد أعطانا قانون حمو رابي عدة أمثلة توضح المركز المتوسط لطبقة الموشكينو فيما بين كل من طبقتي الأحرار من ناحية والعبيد من ناحية أخرى. فبينما لم يكن للعبد حق تطليق زوجته، فقد كان يحق للموشكينو على العكس أن يطلقها أسوة بالأحرار. على أنه بينما كان القانون يفرض على الزوج من الأحرار أن يدفع للزوجة في هذه الحالة مبلغا من النقود (مينة كاملة من الفضة)، فان الزوج من طبقة الموشكينو لم يكن ملزما إلا بأداء ثلث هذا المبلغ.

كذلك فإذا فقأ احد عين أحد العبيد أو كسر عضوا من أعضائه فعليه أن يدفع تعويضا هو نصف مينة فضية، بينما يجب على المعتدي أن يؤدي ضعف هذا القدر فيما لو تم الاعتداء على أحد الموشكينو. أما لو كان الاعتداء قد تم على أحد الأحرار فإن المعتدي يعامل طبقا لقانون القصاص العقوباتي، أي العين بالعين والسن بالسن.

وأخيرا، في قاع التدرج الطبقي لبلاد ما بين النهرين، توجد طبقة العبيد أو طبقة الأرقاء. وهي طبقة تمتعت بأهمية خاصة في بلاد ما بين النهرين تميزها عن طبقة العبيد في أغلب المجتمعات القديمة.

ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن طبقة العبيد في بلاد ما بين النهرين كانت تتكون من سكان البلاد الوطنيين بالإضافة إلى القليل من الأجانب. والجدير بالذكر إن الرقيق في بلاد ما بين النهرين كان يتبع أمه دون أبيه. فابن الحرة حر ولو كان أبوه رقيقا، وابن الرقيقة يكون رقيقا ولو كان أبوه حرا.

وقد أشار قانون حمو رابي إلى أن الأطفال الذين يولدون من جارية السيد يعتقون بقوة القانون هم وأمهم بعد وفاة أبيهم. أما الأطفال الذين يولدون من أبوين رقيقين فيصبحون مثلهم.

هذا عن الرق بالولادة، أما عن الرق لأسباب لاحقة على الولادة فإن قانون بلاد ما بين النهرين قد اعتبر الحرب أهم هذه الأسباب أسوة بغالبية الشرائع القديمة. فالأسير يصبح عبدا لمن أسره من الجيش المنتصر.

بل أن الأباء كثيرا ما كانوا يبيعون أولادهم في سوق الرقيق نتيجة للفقر وحاجتهم للمال. كذلك فقد كانت الأحكام الجنائية سببا في وقوع المحكوم عليهم رقيقا.

ومن جهة أخرى فقد أشارت وثائق الأشوريين إلى أن عدم الوفاء بالدين يعد سببا من أسباب الرق. فإذا حل موعد استحقاق الدَيْن ولم يقم المدين بالسداد يصبح عبدا لدائنه. بل وكان في قدر الدائن أن يبيع زوجة المدين وأولاده كعبيد لمدة معلومة حددها قانون حمو رابي بثلاث سنوات7 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote7sym).


وأيا ما كان الأمر فقد أُختلف المركز القانوني للعبد في بلاد ما بين النهرين عنه في الشرائع القديمة الأخرى. حقا أن العبد كان يعتبر في البداية على الأقل، في مركز الأشياء أو الحيوانات، إذ كان يعد في حكم الأشياء النفيسة، إلا أن تطور النظام القانوني لبلاد ما بين النهرين قد سمح للعبد بممارسة بعض الحقوق التي تجعل من مركزه القانوني مركزا يختلف عن وضع العبيد في القانون الروماني في مرحلة تاريخية لاحقة.

فقد خوّل قانون بلاد ما بين النهرين للعبد أن يعترض على ثمن بيعه أمام القضاء. كما كان بائع العبد ملتزما أمام المشتري بضمان العيوب الخفية بالنسبة للعبد. وقد حدد حمو رابي مدة الضمان بشهر واحد.

ومن جهة أخرى فقد حرص القانون على حماية السيد بتوقيع عقوبة الإعدام على كل من يأوي عبدا هاربا من سيده.

على أن المركز الأدنى للعبد لم يصل إلى حد إلغاء كافة مظاهر شخصيته القانونية. فقد كان في إمكان العبد في القانون البابلي أن يكوّن أسرة، وبالتالي أن يعقد زواجا شرعيا. وكان يمكن له أن يتزوج من حرة ويكون أولاده في هذه الحالة من الأحرار.

بل وكان يجوز للعبد أن يتملك الأموال التي تمثل بالنسبة له حوزة مالية خاصة، وهو ما سُمح له بالتقاضي أمام المحاكم. كذلك فقد كان للعبد أن يمارس الحرف التي تتفق مع قدراته وأن يضم إليه عددا من العبيد يعملون لحسابه.

وحرص القانون البابلي على إضفاء حماية خاصة على الرقيقة التي تنجب من سيدها، فحرم بيعها وإن كان قد سمح برهنها أسوة بالزوجة الشرعية. ومثل هذه الرقيقة كانت تعتق بقوة القانون فور وفاة سيدها.

ويشير قانون حمو رابي إلى حالة خاصة تتعلق بالجندي الذي يقع أسيرا في خارج البلاد، ومن ثم يصبح عبدا لسيد أجنبي. فإذا عاد هذا الجندي إلى وطنه بعد أن أفتداه أحد التجار، فإنه يعود حرا بشرط أن يقدم فدية إلى من افتداه. فإن لم يتمكن من أداء الفدية جاز للقصر أو للمعبد أداء الفدية المتطلبة.

أما بالنسبة لحالات عتق العبد، فقد كان يجوز للسيد بإرادته أن يعتق عبده وذلك بموجب عقد خاص أو أمام القضاء. ويشير قانون حمو رابي إلى أن حفلة دينية خاصة كانت تقام لإعلان عتق العبد حيث يقرر السيد أنه لم يعد له أو لأولاده من بعده أي حق على العبد.

ويشير البعض مع ذلك إلى أن المعتق يظل مرتبطا ببعض الالتزامات صوب سيده القديم أثناء حياته.

ومن جهة أخرى فقد كان يجوز للعبد أن يشتري حريته بماله، ما دمنا قد رأينا إن كان يتملك الأموال، كما كان يمكن له أن يستدين من الغير لشراء حريته، على أن يسدد دينه لدائنه بعد ذلك.

وأخيرا فقد كان العتق يتم أيضا كمنحة من المشرع، وذلك في الحالات الآتية:

١ - الأطفال يولدون من علاقة رجل حر بإحدى رفيقاته. إذ يعتق هؤلاء بقوة القانون فور وفاة الأب.

٢ - زوجة المدين وأولاده الذين يباعون أو يرهنون. إذ يعتق هؤلاء تلقائيا بعد ثلاث سنوات.

٣ - المواطن الذي يقع في الرق في بلد أجنبي ثم يتم افتداؤه بواسطة شخص آخر ويعوج إلى أرض بابل. إذ يصبح حرا بمجرد عودته.

غنوة
2009-12-25, 21:48
النظم القانونية

مقدمة

نعرض في هذا القسم كل نظام الأسرة، ونظام الأموال، ونظام العقود والالتزامات، وعلى ذلك نقسم الدراسة في هذا القسم إلى ثلاثة أقسام.

نظام الأسرة


الزواج

لم يكن النظام القانوني لبلاد ما بين النهرين يسمح للرجل إلا بزوجة شرعية واحدة، وإن كان له أن يتخذ أكثر من جارية إذا أراد. بل وكان يمكن للجارية أن ترقى إلى مرتبة الزوجة الشرعية إذا أعلن ذلك الزوج أمام شهود وفي وثيقة رسمية.

ومن جهة أخرى فقد انتشرت في ذلك الوقت فكرة الزوجة من الدرجة الثانية (الشقتوم). ويكون من حق الزوج أن يتخذ لنفسه زوجة ثانية على هذا النحو إذا أصاب زوجته مرضا جسيما دون أن يكون من حقه طلاق زوجته الأولى.

وتشير مجموعة حمو رابي إلى المركز الأدنى للزوجة الثانية التي يتعين عليها احترام الزوجة الرئيسة وغسل قدميها.

ويرى البعض أنه كان من حق الزوج أيضا أن يتخذ زوجة ثانية في حال عدم إنجابه من زوجته الأولى أو من إحدى جارياته.

ومع ذلك فلم يكن من حق الزوج الزواج ثانية في هذه الحالة إذا قدمت له زوجته الأولى حاظية قادرة على الإنجاب.

وقد حرص القانون البابلي على حث الأزواج على عدم الزواج بزوجة ثانية وذلك لصعوبة إقامة العدل بين الزوجات.

وهكذا فإن الأصل في القانون البابلي هو الزواج الفردي. أما تعدد الزوجات فهو وضع استثنائي في بلاد ما بين الرافدين.

وقد أكد قانون حمو رابي على حظر زواج الأب بابنته أو بين الابن وأمه أو زوجته أبيه الثانية. على أن القانون الآشوري قد أجاز للرجل الزواج من أخت زوجته التي عقد عليها وذلك إذا ماتت قبل أن يدخل بها8 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote8sym).


وأخيرا فلم يكن الاختلاف في المركز الاجتماعي أو في الطبقة الاجتماعية حائلا يمنع الزواج بين أفراد ينتمون إلى مراكز اجتماعية مختلفة، وذلك خلافا لما كان عليه الحال في مصر الفرعونية مثلا حيث كان الزواج محرما بين الطبقات المختلفة.

كيفية إبرام الزواج


كان قانون بلاد ما بين النهرين يشترط لصحة الزواج رضاء والدي العروسين. ويستشف ذلك مما جرت عليه العادة في ذلك الوقت من أن يقوم الأب والأم بتقديم الزوجة إلى زوجها.

وليس معنى ما تقدّم أن الزوج لم يكن له حق اختيار زوجة، وإنما كان رضاء الوالدين يؤخذ في الاعتبار.

بل وتشير مجموعة حمو رابي إلى أن المرأة المطلقة أو الأرملة كانت تختار زوجها بمحض إرادتها.


وتسبق الزواج عادة الخطبة. وكانت خطبة الزوجة تتم سواء من جانب الزوج أو أقاربه. ويتم ذلك باتفاق ذوي الشأن، حيث يقدم الخطيب الهدايا إلى عروسه ثم يعقب ذلك بأداء ما كان يسمى ب "التيرهاتو"، وهو مبلغ من المال يدفعه زوج المستقبل، ولم يكن أداء هذا المبلغ إجباريا، وإن جرت العادة على أدائه.

ويرى البعض أن هذا المبلغ هو ثمن شراء الزوج لزوجته، بينما يؤكد البعض الآخر أن الزواج لم يكن يتم في بلاد ما بين النهرين في صورة بيع المرأة.

وبجانب "التيرهاتو" فقد كان الزوج يقوم بدفع "النودوتو" لزوجته، وهو عبارة عن بعض الأغراض المنزلية أو بعض العقارات لتأمين حياة الزوجة وأولادها عند وفاة الزوج. ولم يكن للزوجة حق ملكية على "النودوتو"، والذي كان يثبت عادة في عقد مكتوب، وإنما كانت ملكيته للأولاد أصحاب المصلحة الحقيقية. أما الزوجة فلم تكن لها عليه إلا حق الانتفاع9 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote9sym).


وبالإضافة إلى ما تقدم فقد كان يشترط لصحة الزواج أن يتم في وثيقة مكتوبة يوقعها الزوج حتى يلتزم بكافة الالتزامات المنصوص عليها في العقد وأن يؤدي لزوجته حقوقها في حالة الطلاق. وكان يشترط على الزوجة عدم الخيانة ويحدد العقد العقوبات التي توقع عليها إذا أقدمت على خيانة زوجها.

مكانة المرأة في المجتمع

تمتعت المرأة في بلاد ما بين النهرين بمركز مرموق. فقد كانت أولا تتمتع بالشخصية القانونية الكاملة، فكانت لها أموالها الخاصة، كما كانت تتمتع بحق الشهادة الكاملة كالرجل تماما، كما كان يحق لها أن تتصرف في أموالها كيفما تشاء.

وقد ترتب على ذلك أنها كانت تتمتع بحق التقاضي، بل وكان يجوز لها أيضا أن تعمل بالتجارة وتمارس الوظائف الإدارية المختلفة.


على أنه، ومن ناحية أخرى، فقد كان للزوج بمقتضى سلطته الزوجية أن يرهن زوجته لدى دائنه حتى سداد الدين. ويشترط في هذه الحالة ألا تتجاوز فترة رهنها ثلاث سنوات. بل كان يجوز للزوج أن يبيع زوجته على سبيل العقاب في حالة خيانتها له.

الطلاق

فرق القانون البابلي بين الزوج والزوجة بالنسبة للحق في الطلاق.

فبالنسبة للزوج، فقد كان القانون البابلي يسمح له بطلاق زوجته بناء على أسباب متعددة أهمها:

١ - عند ارتكاب الزوجة خطأ جسيما، حيث يحق للزوج طلاقها دون أن يكون من حقها الحصول على أي تعويض، كما كان بحق الزوج في هذه الحالة أن يستبقي زوجته عنده كعبدة.

٢ - في حالة ما إذا كانت الزوجة عاقر، حيث يحق لزوجها طلاقها على أن يمنحها مبلغ من النقود لمواجهة حياتها الجديدة.

٣ - عند مرض الزوجة بمرض خطير فقد كان من حق الزوج أن يتزوج أخرى مع إبقاء زوجته الأولى التي تتمتع بامتياز خاص. أما إذا هجرت الزوجة المريضة منزل الزوجية وعادت إلى بيت أهلها بموافقة الزوج، اعتبر ذلك بمثابة إعلان لنيته في تطليقها بسبب المرض ووجب على الزوج أن يرد للزوجة أموالها وأن يتولى الإنفاق عليها.

أما بالنسبة للزوجة فقد كان من حقها الالتجاء إلى القضاء لتطالب بتطليق زوجها إذا ما ارتكب أخطاء جسيمة في حقها مثل الخيانة الزوجية.

أما إذا رغبت في ترك زوجها دون سبب مقبول فهي تعاقب بالموت، لان إقدامها على ذلك يعد بمثابة إثم لا يغتفر في القانون البابلي.

وأخيرا فقد أشارت النصوص إلى حالة خاصة هي حالة الزوج الذي أسره الأعداء. فإذا كان الأسير قد ترك لزوجته ما يكفي من الأموال لإعالتها فلا يحق لها أن تعاشر سواه وإلا اعتبرت زانية. أما إذا لم يترك لها ما يكفي لإعالتها فيكون من حقها الزواج في غيابه. ومتى عاد إليها تعود إليه تاركة زوجها الثاني وكذلك أولادها منه.

التبني

عرف قانون بلاد ما بين النهرين التبني. وكان الهدف الأساسي من التبني هو معالجة انعدام الذرية. ومع ذلك فقد لجأت بعض الأسر إلى التبني رغم وجود الأطفال.

ويتم التبني قانونا بمقتضى عقد مكتوب بين الأهل الجدد (الأب أو الأم) وبين ذوي الشأن بالنسبة للمتبني، أي أهله الأصليين، وهم عادة أب الطفل أو سيده إذا كان عبدا. بل كان من المتصور أن يتم عقد التبني مع المتبنى نفسه إذا لم يكن له أسرة ينتمي إليها.

وتشير مجموعة حمو رابي إلى أن عقد التبني كان يتم في الشكل المألوف لغيره من العقود حيث يشترط الرضاء وعدم الإكراه.


ويترتب على العقد أن يصبح المتبنى ابنا شرعيا للمتبني الذي تنتقل إليه السلطة الأبوية. كما يكون للابن المتبنى حق الإرث من والده المتبني، وهو ما يفيد انتهاء حقوقه الارثية صوب أسرته القديمة.

وقد رتب القانون ضمانا للمتبنى في حالة تخلت عنه أسرته الجديدة. فقد نصت المادة ۱۹۱من قانون حمو رابي على منح المتبنى إذا أُستبعد من أسرته الجديدة ثلث نصيب الولد الحقيقي من مال الأب، أي كما لو كان قد ظل موجودا في أسرة متبنية.

ومن جهة أخرى فإذا تنكر الولد المتبنى إلى أهله الجدد أو كان عاقا فقد كان عقابه أن يوثق بالأغلال ويباع كالعبيد، ويقطع لسانه، أو تفقأ عينه إذا كان أهله الأصليون ممن يمارسون الدعارة10 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote10sym).


وأيا ما كان الأمر فقد كان يلجأ أحيانا إلى التبني في بلاد ما بين النهرين لعتق الرقيق أو الإقرار ببنوة الأبناء غير الشرعيين.


الميراث

اتسمت القواعد الخاصة بالإرث في بلاد ما بين النهرين بالدقة والعدل إلى حد بعيد.

والقاعدة الأساسية التي أشار إليها قانون حمو رابي هي أن أموال المتوفي تؤول إلى أولاده الذكور بالتساوي دون أن يكون هناك أي امتياز للابن الأكبر في هذا الصدد وخلافا للكثير من الشرائع القديمة.

أما السبب في أيلولة التركة إلى الأولاد الذكور دون الإناث، فهو أن هؤلاء هم الذين يعتبرون امتدادا لشخصية والدهم المتوفي، وهم الذين يقيمون الشعائر الدينية في إطار عبادة الأسلاف.

ولم يكن من حق الأب أن يجرد أولاده خلال حياته من حقهم في الميراث. وإنما كان له ذلك فقط فيما لو ارتكبوا أخطاء جسيمة وبشرط خضوع هذه المسألة لرقابة القضاء الذي له وحده الرأي النهائي.

ومن جهة أخرى فلم يكن الابن بحاجة إلى إعلان قبول التركة بعد وفاة والده. وإنما كان للابن فقط أن يتقدم برغبته عند تزاحم الورثة من الأخوة وبهدف تحديد أنصبة كل منهم.

وقد سكت قانون حمو رابي عن التحدث عن الحقوق الارثية للبنات مما يفيد استبعادهن من الميراث لكون الأولاد من الذكور هم وحدهم بتعليل أن المهر الذي يدفع للبنت أثناء زواجها كان يعوضها عن حرمانها من الميراث من أموال أبيها، خاصة وان الزوجة تظل محتفظة بملكية المهر والأموال الأخرى التي كانت تقدم لها بمناسبة الزواج.

وليس معنى ما تقدم حرمان البنت كلية من الميراث وفي جميع الأحوال. إذ تشير الوثائق إلى أن البنت كانت ترث عند عدم وجود أبناء ذكور للمتوفي. وإن لم توجد أي ذرية للمتوفي انتقلت التركة إلى أخوته ثم لأقربائه المقربين من بعدهم.


ومن جهة أخرى لم يكن للأرملة نصيب في تركة زوجها المتوفي، إذ أن حقها يتمثل في البقاء في منزل الزوجية وتعيش بما تدره أموال المهر والنودوتو عليها من فوائد، إذ أن أموال الزوجة لم تكن قابلة إلى الانتقال بل تبقى ملكا خالصا للزوجة على نحو ما رأينا من قبل11 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote11sym).


وإذا رأينا أن الأصل هو تقسيم التركة بين أولاد المتوفي من الذكور بالتساوي، فإن قانون بلاد ما بين الرافدين لم يفرق في هذا الصدد بين الأبناء ولو انتسبوا إلى زوجات شرعيات متعددات.

ومع ذلك فان المساواة لا تنعقد بين أبناء العبده والأبناء الذين ولدوا من زوجة شرعية، اللهم إلا إذا قام الأب أثناء حياته بتبني الأولاد غير الشرعيين.

ونشير أخيرا إلى أن الأحفاد الذكور كانوا يرثون من تركة جدهم بدلا من أبائهم عن طريق الإنابة وذلك في حال وفاة الآباء قبل أبنائهم. إذ تنتقل هنا حصة الابن المتوفي قبل أبيه لأولاده.

والقواعد سالفة البيان تطبق أيضا بالنسبة لتركة الزوجة المتوفاة إذا كان لها أولاد، أما إذا لم يكن لها أولاد فتعود ثروتها إلى أهلها بعد أن يقوم الزوج بخصم "التيرهاتو" الذي سبق أن أداه عند الزواج.


نظام الأموال


الاهتمام الخاص بالملكية الزراعية

كانت الأرض في العصر السومري مملوكة لآله المدينة. ومع ذلك فقد أدى التطور الاقتصادي في بلاد ما بين النهرين، خاصة في مجال الزراعة والتجارة ،إلى الاعتراف بالملكية الفردية سواء بالنسبة للعقارات أو بالنسبة للمنقولات.

وعلى هذا النحو وجدت الملكية الخاصة مع ملكية المعابد وملكية القصر. بل ويشير بعض الفقهاء إلى أن القانون البابلي قد عرف أيضا ملكية الأسرة .

على أن انتشار الزراعة وأهميتها قد دفع المشرع إلى التركيز على ملكية الأراضي الزراعية ووضعها محل رعاية خاصة. إذ تشير الوثائق إلى نماذج متعددة لعقود بيع وإيجار ورهن الأراضي الزراعية المملوكة للأفراد، مع ملاحظة اختلاط فكرة الملكية بالحيازة في قانون بلاد ما بين النهرين أسوة بغالبية الشرائع القديمة. فإذا ما أراد الشخص أن ينقل شيء في إطار هذا المفهوم عن الملكية فإن الشيء ذاته وليس الحق المترتب عليه هو الذي ينتقل من شخص إلى آخر.

وقد جاء في مجموعة حمو رابي، كما ذكرنا من قبل، العديد من النصوص التي تنظم المسائل المتعلقة بالزراعة، مثل عقد المزارعة وعقد إيجار الأراضي الزراعية والعلاقة بين المالك والفلاحين أو الرعاة الذين يعملون في خدمته.


وكانت الملكية الفردية في هذا المجال تشمل الأراضي الزراعية والعقارات والحيوانات والعبيد والمواد الزراعية والمعادن. وكانت ملكية الأرض تشمل ما عليها من أدوات ومن عليها من عبيد، حيث كان هؤلاء ينتقلون مع الأرض بيعا ورهنا.

وقد حرصت الدولة في ذلك الوقت على تثبيت ملكية الأفراد للأراضي الزراعية بمنحهم وثيقة على شكل لوحة فخارية يحدد بها اسم المالك وحدود الأرض المملوكة له. ويختص موظف عام عرف باسم "ناشي" بالتحقق من صحة ملكية الأفراد للأراضي ثلاث مرات شهريا، وذلك من خلال مثول الملاك أمامه ومعهم الألواح المثبتة ملكيتهم. ويختص "الناشي" وكذلك القضاة بالفصل في أي منازعة تتعلق بالأراضي الزراعية12 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote12sym).




نظام العقود والالتزامات

تنوع العقود مع غياب نظرية عامة للالتزام

رغم تعدد العقود في بلاد ما بين النهرين وممارسة الأفراد في معاملاتهم لنماذجها المختلفة، إلا أن النظام القانوني السائد في ذلك الوقت لم يصل إلى تحديد الفكرة المجردة للعقد، كما لم يستطع أن يقيم نظرية عامة متماسكة للالتزامات على نحو ما توصل إليه الرومان فيما بعد.

بل أن الباحثين لم يتوصلوا إلى مستقر نهائي في شأن مدى اعتناق النظام القانوني لبلاد ما بين النهرين لأي من مبدأي الرضائية من ناحية أو الشكلية من ناحية أخرى. هل يكفي أن تلتقي إرادة طرفي العقد حتى ينتج آثاره، أم يتعين صبه في قالب شكلي حتى يرتب الاتفاق آثاره القانونية؟ أن أحدا من المؤرخين لم يستطع حتى الآن أن يجيب على هذا التساؤل الهام إجابة ثانية.

ومع ذلك فان ما يعنينا في هذا المقام هو أن نؤكد أن الحياة العملية لبلاد ما بين النهرين قد عرفت شتى العقود المألوفة في العصر الحديث. ويرجع ذلك إلى الموقع الجغرافي المتميز لهذه البلاد وما أدى إليه من ازدهار التجارة والمعاملات نتيجة للانفتاح على العالم الخارجي.

وتشير الوثائق إلى قيام نظام مصرفي ومالي يشهد بالتقدم الذي وصلت إليه بلاد ما بين النهرين. فقد عرف القرض بالفائدة الذي كان يسري على المحاصيل الزراعية والنقود على السواء. وقد حدد القانون الفائدة بالنسبة للمحاصيل بمقدار ٪٣٣ وبالنسبة للنقود بمقدار ٪٢٠، وهي نسبة قد تتفاوت تبعا لظروف القرض وشروطه.

ومن جهة أخرى فقد عرف قانون بلاد ما بين النهرين عقد الإيجار والوديعة والرهن والشركة وغير ذلك من العقود المرتبطة بالتعامل التجاري.

وتيسيرا للتعامل فقد استعمل سكان البلاد العملة مثل "الشاقل" و "المينة" التي حلت محل الشعير الذي كان أساسا للتعامل في البداية ثم تلاه المعدن. وقد استعمل من المعادن كوحدة نقدية النحاس ثم الرصاص ثم الذهب لا سيما في المعاملات الخارجية13 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote13sym).


عقد البيع

رغم أهمية عقد البيع من الناحية العملية إلا انه لم يحظ باهتمام النصوص التشريعية إلا بالنسبة لبعض المسائل الجزئية أو التفصيلية التي كانت محلا للخلاف أو الغموض في التفسير.

أما ما تبقى من مسائل أساسية فقد ترك حكمها للأعراف السائدة في ذلك الوقت والتي يصعب على الباحثين التوصل إلى مضمونها الحقيقي.

ومع ذلك فقد توصل العلماء إلى آلاف التصرفات القانونية المسجلة باللوحات التي عثر عليها في بلاد ما بين النهرين في أزمنة وأماكن مختلفة.

وقد اتخذت اللوحات البابلية نمطا مشتركا تحدد فيه عناصر الاتفاق في تسلسل واضح. ففي أعلى اللوحة يتحدد مكان التصرف ثم أسماء أطراف العقد ثم نبذة عن مضمون التصرف (بيع مثلا) ووصف موضوعه، ثم يذكر الشهود وتاريخ العقد.

ويرى البعض إن هذا الشكل للوحة لا يعني على الإطلاق خضوع التصرف لمبدأ الشكلية. إذ لم يكن وجود اللوحة لازما لصحة التصرف المدون بها، وإنما الهدف من اللوحة هو مجرد إثبات التصرف الذي تتضمنه. ولا يختلف الأمر بالنسبة للشهود الذين يختلف عددهم من تصرف لآخر. فالشهود هم مجرد وسيلة للإثبات وعدم وجودهم لا يبطل التصرف. وحينما شاع استخدام الكتابة فلم يكن الهدف منها سوى اعتبارها وسيلة فعالة في الإثبات تفوق الاتفاقات الشفهية.

ويشير الفقهاء إلى أن أركان البيع في ذلك الوقت كانت ثلاثة: أولها الاتفاق بين البائع والمشتري، وثانيها الشيء المبيع ماديا كان أو معنويا منقولا أو عقارا، وثالثها الثمن، وهو يتخذ عادة صورة قدر من النقود محددا بالأوزان المتعارف عليها، وهو ما يميز البيع عن المقايضة.

أما عن آثار ونتائج عقد البيع فنرى:

١ - انتقال الملكية من البائع إلى المشتري مقابل أداء الثمن. وكان البيع في بلاد ما بين النهرين ناجز الثمن، ومن ثم فان أداء الثمن، وليس تسليم الشيء المبيع، هو الشرط الأساسي لانتقال الملكية.

٢ - ضمان الاستحقاق، وهو التزام أشارت إليه نصوص مجموعة حمو رابي.

٣ - ضمان العيوب الخفية، وقد جاء النص على هذا الالتزام في مجموعة حمو رابي أيضا وفي مناسبة بيع الرقيق، حيث خول القانون لمشتري العبد أن يعيده إلى بائعه إذا أصابه داء الصرع خلال الشهر التالي للبيع.

وتشير اللوحات المسجلة لوقائع البيع في ذلك الوقت إلى أن المتعاقدين يتوجهان عادة صوب معبد الإله بهدف إضفاء القدسية على تصرفهما حيث يقسمان باسم إله المدينة ثم باسم الملك على الالتزام بتصرفهما ويستنزلان اللعنات على من يخالف نصوص الاتفاق.

غنوة
2009-12-25, 21:49
مرحلة تدوين القانون




التدوين ليس مرحلة مستقلة من مراحل تكوين الشرائع

أن القاعدة القانونية قد اكتملت خصائصها منذ عصر التقاليد الدينية. كما أنها، أي القاعدة القانونية، قد انفصلت عن الدين واتسمت بكيانها المستقل منذ مرحلة التقاليد العرفية.

إن مرحلة التدوين في دراستنا هذه لا شأن لها بالتطور الذي مرت به القاعدة القانونية منذ نشأتها البدائية في عصر القوة إلى اكتمال خصائصها في عصر التقاليد الدينية، ثم إلى قيامها المستقل في مرحلة التقاليد العرفية. كل ما في الأمر إن الشعوب التي اهتدت إلى الكتابة قد سارعت بتدوين أوجه نشاطها الحضارية المختلفة ومن بينها القانون. واكتشاف الكتابة وإن كان حدثا هاما في حياة البشرية نقلها من عصر ما قبل التاريخ إلى العصور التاريخية إلا أن ظروف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية لم يجد فيها جديد يغير من طبيعة وخصائص القاعدة القانونية. فالظروف التي سادت قبل التدوين هي بعينها التي استمرت قائمة أثناء التدوين وبعده14 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote14sym).


وإذا كان تدوين القانون ظاهرة لم تقتصر على شعب دون آخر سواء في الشرق أو الغرب، فإن الملاحظ مع ذلك أن اكتشاف الكتابة قد اقترن بدرجة النمو الحضاري لكل شعب. وبعض الشعوب وصلت إلى هذه الدرجة من الحضارة في الوقت الذي استقرت فيها قوانينها في صورة تقاليد دينية، ومن ثم عبرت مدوناتها القانونية عن هذا الواقع فكانت تقنينا لتقاليدها الدينية. وهذا هو شأن الهنود واليهود.

أما الشعوب التي اكتشفت الكتابة بعد أن توصلت إلى مرحلة التقاليد العرفية، فقد جاءت مدوناتها القانونية معبرة عن الأعراف السائدة في مجتمعاتها. وهذا هو شأن المدونات القانونية الأولى التي صدرت في روما وبابل وآشور.

وأيا كان الأمر فان الملاحظ إن بعض الشعوب التي دونت قوانينها قد أصدرتها في صورة تشريعات. وهذه هي المدونات الرسمية التي صدرت في روما وبلاد اليونان وبابل.

أما شعوب أخرى فقد دونت قوانينها في سجلات من وضع الأفراد المهتمين بالقانون دون أن تصدر بها تشريعات من السلطة الحاكمة وهذه هي السجلات العرفية التي عرفها الآشوريين والحيثيين. وهي سجلات غير رسمية أطلق عليها الباحثون مع ذلك تعبير مدونة وإن وصفوها بالعرفية تمييزا لها عن المدونات الرسمية.

وهكذا ارتبط التدوين بالكتابة. وهو قد يحدث عن طريق التشريع أو عن غير طريقه. والتشريع وإن ارتبط في الأذهان بالكتابة، أي بصدوره من السلطة العامة في صورة قانون مكتوب، إلا أن هذا الارتباط غير حقيقي. إذ قد يتصور وجود التشريع، كمصدر للقانون، قبل ظهور الكتابة. وهذا ما حدث بالفعل في المجتمعات الأولى في صورة أوامر صادرة من رؤساء الجماعة. فالتشريع كمصدر للقانون يرتبط إذن بوجود التنظيم السياسي في المجتمع وليس الكتابة.

ونخلص بذلك إلى أن مرحلة التدوين ليست مرحلة مستقلة من مراحل تكوين الشرائع. والتدوين على هذا النحو يرتبط بظهور الكتابة. وهو قد يكون عن طريق التشريع أو عن غير طريقة، لأنه لا ارتباط بين الكتابة وبين التشريع بوصفه مصدرا للقاعدة القانونية.




أسباب التدوين

تعددت الأسباب التي دفعت الإنسان إلى تدوين قانونه. فهناك أولا سبب جغرافي هو اتساع رقعة الدولة وازدياد عدد السكان على نحو يتعذر معه انفراد شخص واحد بمهمة القضاء. وإذا تعدد القضاة فلا بد من تطبيقهم لقانون موحد. وأيسر سبل التوحيد هي التدوين. ولعل مدونة حمو رابي خير شاهد على سلامة هذا الطرح. فقد أصدر حمورابي مدونته لتوحيد القانون الواجب التطبيق بعد اندماج دويلات ما بين النهرين في دولة واحدة هي دولة بابل.

ومن ناحية أخرى فإن التدوين يحفظ القواعد القانونية من الضياع أو التحريف. فهو وسيلة أكثر فاعلية في هذا السبيل من مجرد الاعتماد على ذاكرة شيوخ الجماعة كما كان الحال قديما.

بل أن التدوين هو الذي ييسر على القاضي تطبيق القانون وتفسيره، بدلا من قيام الجدل حول وجود القاعدة العرفية وتفسيرها.

ضف إلى ذلك أن التدوين هو الوسيلة الطبيعية لنشر القانون بين الناس حتى لا يتأثر احدهم بالعلم وأحكامه، مما ييسر على طبقات معينة تفسيره وفقا لأهوائها. وقد كان هذا الاعتبار بصفة عامة هو الدافع لتدوين القانون لدى الرومان والإغريق.



أهمية المدونات القديمة وخصائصها

يتوقع من المدونات القانونية القديمة أن تُظهر صورة أمينة وصادقة للحياة السياسية والاجتماعية للمجتمع الذي ظهرت فيه. وتاريخ صدورها يكشف عن الزمن الذي وصل فيه هذا المجتمع إلى هذه الدرجة من الحضارة.

وقد تميزت المدونات القانونية القديمة بعدة خصائص سواء من حيث الصياغة، أو من حيث المضمون، أو من حيث مدى احترام الناس لها.

فمن حيث الصياغة تميزت المدونات القديمة بأسلوبها الموجز الذي يكاد أن يكون شعرا منثورا. كما تتميز هذه المدونات أيضا باهتمامها بالفروع والجزئيات أكثر من الأصول والعموميات. وأخيرا فقد اتبعت هذه المدونات ترتيبا وتبويبا يختلف كثيرا عن المألوف في وقتنا هذا.

ولعل السبب في ذلك يرجع إلى عدم إسهام الفقه في تدوينها، ولهذا صيغت بمقتضاها التقاليد الدينية أو العرفية بالحالة التي كانت عليها، أي في صورة أحكام قضائية فردية ذات أصل ديني أو عرفي أو في صورة أقوال مأثورة يرجع أصلها غالبا إلى رجال الدين.

أما من حيث المضمون فقد اختلفت المدونات القديمة تبعا لحالة المجتمع الذي ظهرت فيه. فمنها ما اقتصر على القواعد القانونية دون تعرض لقواعد الدين أو الأخلاق، لان المجتمع الذي نشأت في رحابه قد وصل عند التدوين إلى مرحلة انفصال القانون عن الدين، وهذا هو شأن المدونات الرومانية والإغريقية مثلا. ومنها ما ضم خليطا من قواعد القانون وقواعد الدين والأخلاق، لان التدوين تم في وقت كان المجتمع فيه يعيش في رحاب التقاليد الدينية. وهذا هو شأن المدونات الهندية واليهودية.


ومن جهة أخرى فإن بعض المدونات لم تتضمن تقنينا شاملا لكل القواعد القانونية السائدة وقت وضعها، بل اقتصرت على تدوين ما غمض من قواعد القانون تاركة قواعده المستقرة والواضحة التي لا خلاف حولها إلى العرف، مثل قانون الألواح الاثني عشر عند الرومان. بينما اشتملت بعض المدونات الأخرى على كافة قواعد السلوك في المجتمع منذ ميلاد الإنسان إلى وفاته. وهذا هو شأن قانون مانو الهندي.

وقد اهتمت المدونات القديمة بصفة عامة بإجراءات التقاضي ونظم القانون الجنائي.

وإذا كانت بعض المدونات القانونية تعد تسجيلا للتقاليد الدينية أو العرفية التي كانت سائدة وقت وضعها، فان بعضها قد تضمن أحكاما جديدة أو معدلة حرص المشرعون على إدراجها لتغيير الأوضاع القائمة.

وأخيرا فقد تميزت المدونات القديمة باكتسابها احترام الناس إلى حد بعيد، لا خوفا من الجزاء المقرر منذ مخالفة أحكامها فقط، وإنما بصفة خاصة نتيجة للظروف التي أحاطت بصدورها. فبعض هذه المدونات صدر عن الإله (قانون مانو الهندي)، وبعضها صدر عن مصلح اجتماعي مشهور (مدونة حمورابي) كما صدر بعضها نتيجة أحداث سياسية واجتماعية هامة، مما دفع الشعب إلى احترامها والحفاظ عليها (الألواح الاثني عشر).

وقد ترتب على الاحترام الشديد الذي حرص الناس على إبدائه لهذه المدونات القديمة أن حرص المشرعون اللاحقون على نسبة ما يصدرونه من تشريعات جديدة إلى تلك المدونات السابقة على وقتهم، حتى تكتسب تشريعاتهم ذات القدر من الاحترام.

بل إن الشُرّاح والفقهاء قد حرصوا على نسبة ما يجد من قواعد نتيجة لتطور العرف أو نتيجة لاجتهادات فقهية أو قضائية إلى هذه المدونات وذلك تحت ستار التفسير.

غنوة
2009-12-25, 21:50
مدونة حمورابي

تاريخ المدونة ومكان صدورها وأسباب شهرتها

وضع هذه المدونة الملك "حمورابي" أشهر ملوك بابل حوالي عام ألفين قبل الميلاد. ويبدو أن هذه المدونة تتضمن تجميعا لتقاليد قانونية ترجع إلى عهد أقدم بكثير من العهد الذي وضعت فيه.

وقد اكتشفت هذه المدونة عام ١٩٠٢ في حفائر مدينة "سوسة"، عاصمة عيلام، على يد بعثة أثرية برئاسة عالم الأثريات "جاك دي مورجان" Jacques De Morgan. وقد وجدت منقوشة على حجر أسود اللون يبلغ ارتفاعه مترين وربع متر وتبلغ قاعدته مترين تقريبا. وفي أعلى الحجر نقش بصور الملك حمورابي وهو يتلقى هذا القانون من آلهة الشمس15 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote15sym).


وما يزال هذا الحجر موجودا بمتحف اللوفر في باريس، فرنسا . وقد عثر حديثا على نسخة أخرى من هذه المدونة صدرت في تاريخ لاحق وفي عهد الملك حمورابي أيضا، وهي صادرة بعد النسخة الأولى بحوالي خمس سنوات. ووجود هذه النسخة الثانية يدل على أن الملك حمورابي قد أصدر أكثر من نسخة لنشرها في بلاد ما بين النهرين.


ومن الجدير ذكره، أن مدونة حمورابي ليست أول مدونة صدرت في بلاد ما بين النهرين. وإنما صدرت قبلها عدة مدونات أخرى. كل ما في الأمر أن مدونة حمورابي ظلت أهمها وأشهرها جميعا. بل هي تعد أشهر مدونات العالم كله.

وترجع شهرة هذه المدونة إلى كونها أهم مرجع قانوني في بلاد ما بين النهرين وما يجاورها ليس فقط في عهد الملك حمورابي بل في العصور التالية أيضا.

وهذا لا يعني أن قانون حمورابي لم يتطور. فالمدونات القانونية التي ظهرت تكشف هذا التطور. ولكنه كان تطورا جزئيا لم يؤثر في جوهر الأحكام التي استقرت منذ عهد حمورابي.

ظروف وضعها

إن الفهم الصحيح لظروف وضع مدونة حمورابي يقتضي التعرض للظروف السياسية التي كانت سائدة في ذلك العصر. فقد كان النظام السياسي السائد في بلاد ما بين النهرين يقوم على وجود عدة دويلات على رأس كل منها أمير أو ملك. وقد حدث كثيرا أن ساءت العلاقات بين هذه الدويلات مما سبب حروبا متعددة بينها.


وقد كان اختلاف الأجناس التي يتكون منها السكان أهم عائق يقف في وجه محاولات توحيد هذه الدويلات على يد بعض الملوك. فإلى جانب السومريين يوجد الساميون فضلا عن القبائل.

وبمرور الزمن بدأت عناصر السكان تذوب في الجنس السامي خاصة بعد أن سيطرت بابل على جميع دويلات ما بين النهرين. وقد بلغت هذه الحركة ذروتها في عهد الملك حمورابي. حيث ظهرت حكومة مركزية قوية قضت على حكومات الإمارات والدويلات وأصبحت اللغة الأكادية هي اللغة الرسمية الوحيدة وتحولت اللغة السومرية إلى لغة ميتة. كما ظهرت ديانة عامة واحدة هي ديانة بابل لتحل محل آلهة الدويلات.

وقد كان من الطبيعي أن يستكمل حمورابي الوحدة السياسية بوحدة قانونية بين كل أجزاء بلاد ما بين النهرين فأصدر مدونته المشهورة باللغة الأكادية كونها اللغة الرسمية.

ولم يكتف حمورابي بتجميع التقاليد العرفية التي كانت سائدة قبل عهده، وإنما قام أيضا بدور المصلح الاجتماعي بجانب دوره كمشروع16 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote16sym).


ولهذا فهو قد تصدى لوضع حلول جديدة تتفق مع التطور الاجتماعي والاقتصادي في عصره. ومن جهة أخرى فقد قام بتعميم بعض القواعد العرفية مفضلا فيما يبدو التقاليد السامية.

على أنه كان يضطر أحيانا لوضع حكمين مختلفين للمسألة الواحدة، احدهما من أصل سامي والآخر من أصل سومري مراعاة لمشاعر السومريين خاصة في مسائل الزواج.

ويشير بعض الشراح إلى أن هذا الازدواج التشريعي في الحلول لا يعني تطبيق مبدأ شخصية القوانين، بل يعني أن للأفراد الخيار بين احدهما حسب مشيئتهم.


وأخيرا فقد تعمد حمورابي أن يضع في مدونته أحكاما صريحة في خصوص بعض المسائل التي كان العرف غامضا بشأنها أو كانت أحكامها محل خلاف المفسرين.

وبذلك تمكن حمورابي في النهاية من أن يحقق الوحدة القانونية أسوة بتحقيقه للوحدة السياسية.

مضمون المدونة وأهم أحكامها

قسم الأب "شيل" المدونة بعد ترجمتها إلى ٢٨٢ مادة تسبقها ديباجة وتليها خاتمة. وقد استهلت المدونة بكلام إله الشمس الذي أملى على حمورابي مدونته حيث يقول "أنا حمورابي ملك القانون، وإياي وهبني إله الشمس القوانين".

وقد وضعت المدونة في أسلوب أقرب إلى القوانين ومختلفة تماما عن المدونات السابقة والتي كانت تكتب بأسلوب نثري قريب إلى الشعر منه إلى القوانين، وإن اتسمت صياغة المدونة بالإيجاز الشديد.


مع ذلك نقترح التقسيم على النحو الآتي للمدونة، حيث تُقسّم إلى ١٠ أقسام .


١ - جرائم ضد الإدارة القضائية (م ٥–١): الاتهام الكاذب، الشهادة الزور، تغيير القاضي لحكم أصدره.


٢ - جرائم ضد الملكية (م ٢٥–٦): السرقة، إخفاء الأموال المسروقة، سرقة (خطف) رجل من الأحرار، إيواء عبد هارب، السرقة مع الكسر والإضرار، سرقة دار مشتعلة.


٣ - أحكام الأراضي والبيوت (م ٦٥–٢٦): التزام الأراضي، واجبات المزارع، ديوان الزراعة، جرائم متعلقة بالري، الرعي في أرض الغير، قطع أشجار الغير، عقد الزراعة.


٤ - أحكام التجارة (م ١٢٦–٨٨): القرض بالفائدة، الوكالة التجارية، إدارة الحانات، مسؤولية ناقل البضائع، احتجاز الأشخاص والأشياء مقابل الدين، الجرائم المتعلقة بالبيوت.


٥ - أحكام الزواج وأموال الأسرة (م ٩٤–١٢٧ ): جريمة القذف والتشهير، جريمة الزنا، أحكام الزواج والطلاق، اتخاذ خليلة الرقيق، الإبقاء على الزوجة المريضة، هدايا الزواج، مسؤولية الزوج عن الديون، قتل الزوج، الاتصال الجنسي بالمحارم، الوعد بالزواج، مصير هدايا الزواج بعد وفاة الزوجة، هبة الأب إلى ولده في حالة ميراث الأبناء، الحرمان من الإرث، الإقرار بالبنوة والتبني، أموال الأرملة وزواجها، نساء العبيد، التبني والرضاع.


٦ - الجرائم ضد الأشخاص (م ٢١٤–١٩٥): ضرب الأب، إيذاء الآخر والغريب، الإجهاض.


٧ - أحكام ذوي المهن (٢٤٠–٢١٥): الجرّاح، البيطري، الوشّام، البنّاء، بناء السفن، الملاح.


٨ - أحكام الزراعة والري (م ٢٧٣–٢٤١): الثيران المستخدمة في الزراعة، الوكيل على الزراعة، أجر العامل الزراعي، أجر راعي الماشية، عقد المزارعة، التزامات الرعاة، أجرة الحيوانات والعبيد، أجور العمال الموسميين.


٩ - أحكام أجور العمل وبدل الإيجار (م ٢٧٧–٢٧٤): أجور الملاحين، إيجار القوارب.


١٠- أحكام الرقيق (م ٢٨٢–٢٧٨): التزام البائع بضمان سلامة المبيع، وضمان منازعة الغير في ملكيته، شراء العبد من بلد آخر.

غنوة
2009-12-25, 21:52
مميزاته



أهم ما يمتاز به هذا القانون ما يأتي:


١ - ديني حيث أوحى به الإله "شمش" إله الشمس إلى حمورابي حيث نلاحظ التمجيد في مقدمة المدونة وكذلك في الخاتمة "القاضي الأعظم للسماء...". ومع ذلك فإن نصوص القانون لم تحفل بالآلهة – رغم تمجيدها كما ذكرنا في مقدمة طويلة – فجاءت بقواعد "علمانية" بعيدة عن الصيغة الدينية. ولذلك يختلف قانون حمورابي من هذه الناحية عن القوانين الدينية مثل القانون اليهودي والقانون الهندي.


٢ - من الصعب اعتبار مدونة حمورابي " تقنينا " Code يتضمن قواعد عامة مجردة كما هو الشأن في التقنينات الحالية، وإنما تناول مسائل محددة للغاية لدرجة يتعذر كما هو استنباط حل المسائل الأخرى القريبة منها، مثال ذلك أنه يتحدث عن عقوبة خطف ابن رجل حر وهي الموت (المادة ١٤)، ولكنه لا يبين ما هو الحل بالنسبة لخطف عبد. كذلك يبين القانون جرائم استعمال قنوات الري (مادة ٥٦–٥٣) ولكنه لا يعالج سرقة المياه.


إذن، هذا ما دعا البعض للقول بأن عبارة "دينات ميشاريم" Dinat Misharim التي أطلقها حمورابي على مدونته – ومعناها الحرفي هو "أحكام القانون" – لا يعني التقنين بمعناه الدقيق، كما أن كلمة Dinatum التي تترجم بما معناه "التشريع" تعني "حكم القضاء" Judgment ولا تعني القوانين العامة17 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote17sym).


٣ - إذا طرحنا جانبا بعض العقوبات الجنائية التي كانت متسمة بالقسوة، فإنه يمكن القول أن أحكام هذا القانون كانت تتجه في جملتها تحقيق العدالة بين الناس، وكانت تفوق في عدالتها قانون الألواح الاثنا عشر رغم أنها كانت سابقة عليه بحوالي اثني عشر قرنا. كذلك يعتبر قانون حمورابي أكثر رقيا وتمدينا من القوانين الآشورية التي وضعت بعده بعدة قرون. نستطيع أن نقول بأن قانون حمورابي لا يقل رقيا عن شريعة أية دولة أوروبية حديثة. فهو يحمي الضعيف من القوي، فحدد أجور كثير من العمال، كذلك يستفاد من نصوص القانون أن بعض السلع كانت مسعرة في عهد حمورابي18 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote18sym).


٤ - أخذ قانون حمورابي بمبدأ المحنة Ordalie فنصت المادة الثانية على أنه "إذا أتهم رجل آخر بالسحر ولم يستطع إقامة الدليل اختبر بامتحان النهر فيرمي نفسه فيه فإن غلبه النهر على أمره ليستولي خصمه على ضيعته، وإن أظهر النهر أنه بريء وخرج سالما فإن المدعي يقتل ويأخذ المدعى عليه ضيعته". أما المادة الأولى فإنها تقرر في سذاجة: "إذا اتهم رجل آخر بجريمة قتل لم يستطع إقامة الدليل عليها قتل". أما المادة الثالثة فتقول: "إذا شهد شاهد بشهادة زور في قضية ولم يستطع إثبات قوله وكانت القضية تتصل بالحياة قتل19 (http://www.mafhoum.com/press9/270C31.htm#sdendnote19sym).


٥ - تتضمن مدونة حمورابي بعض القوانين التي بلغت درجة من التقدم قلما تتوافر في كثير من التشريعات الحديثة. مثال على ذلك المادة ٢٣ التي تقول: "إذا لم يضبط السارق فإن صاحب المتاع المسروق يقدم تفاصيل المسروقات في حضرة الإله، وعندئذ تعوضه المدينة وحاكمها التي وقعت السرقة في ناحيتها عن متاعه المسروق". وإذا أدت السرقة إلى خسارة في الأرواح دفعت المدينة وحاكمها إلى ورثة القتيل "مينا" من الفضة كتعويض (المادة ٢٤). هل ثمة في هذه الأيام مدينة أو دولة بلغ صلاح الحكم فيها درجة تجرؤ معها على أن تعرض على من تقع عليه جريمة بسبب إهمالها مثل التعويض؟!

لميس 28
2009-12-26, 10:53
شكراااااااااااااااااا اخت غنوة

لميس 28
2009-12-26, 11:00
شكراااااااااااااااااااا اختي غنوة ممكن تقوليلي منين جبتي هذي المعلومات * تهميش * من كتاب او موقع ؟

السامري
2010-01-05, 18:18
مشكورة الاخت غنوة على المساعدة للاخت لميس28 ونرجوا من الاخوة التكافل والتعاون

hakou_40
2010-01-07, 19:02
شكرااااااااااااااااا جزيلا

الطوفان
2010-01-08, 12:04
http://www.4shared.com/file/78352604/8f4d48f5/___online.html?s=1

الطوفان
2010-01-08, 12:07
المراجع :
1 ـ طه باقر ، مقدمة في أدب العراق القديم ، بغداد 1976 ص33
2ـ صمويل كريمر / من ألواح سومر ، ترجمة طه باقر /مكتبة المثنى /بلا تاريخ .. أندري يارو ، سومر ، فنونها وحضاراتها ، ترجمة وتعليق د سلمان عيسى سلمان وسليم طه التكريتي ، بغداد 1978
3ـ طه باقر ، ملحمة جلجامش ، بغداد 1980ص 9
4ـ د أحمد كمال زكي ، الأساطير ، دراسة حضارية مقارنة بيروت 1979 ص 9
5 ـ كريمر ، المصدر السابق ص 151

حضارة بلاد الرافدين

خارطة أرض الرافدين


"ارض ما بين النهرين" هي التسمية التي اطلقها اليونانيون القدماء على البلاد التي يحدها نهرا دجلة والفرات - عراق اليوم.
وقد ازدهرت على هذه الارض حضارات عظيمة منها الحضارات السومرية والاكدية والبابلية والآشورية وغيرها، وكلها حضارات انتشر نفوذها الى البلاد المجاورة ابتداء من الألف الخامس قبل الميلاد.
الا ان هذه الحضارات العظيمة بادت بعد سقوط الامبراطورية الآشورية سنة 612 قبل الميلاد.

تمثالان من أور
ظهرت التماثيل الصغيرة ومعظمها تماثيل نسائية في منطقة الشرق الأدنى منذ حوالي العام 7500 قبل الميلاد ، وتساعد ملامحها المميزة علماء الآثار على معرفة الثقافات والشعوب المتعددة في المنطقة.
ويعود التمثالان المصوران أعلاه إلى منطقة أور في جنوب العراق، ويرجع تاريخهما إلى العام 4500 قبل الميلاد، وهما نموذجان على الثقافة العبيدية التي تعود إلى ما قبل التاريخ.
ويظهر التمثال الأول في صورة إمرأة تضع يدها على بطنها ، بينما التمثال الثاني والذي ضاع منه رأسه يصور امرأة تمسك مولودا ذا رأس مستطيل.
ويعد هذان التمثالان إضافة إلى عدد آخر من التماثيل التي عثر عليها في المناطق المجاورة ما يسمى التماثيل "السحلية" وذلك نظرا لمظهرها المشابه للزواحف.والذي يعود أساسا إلى شكل عيونها المشابه لحبوب القهوة وشكل رؤوسها المستطيلة، الذي من المحتمل أن يكون راجعا إلى القماط في فترة الرضاعة.كما تم استعمال القار لإظهار الشعر ، و قد تشير الكريات الطينية أو العلامات المصبوغة على الكتف إلى الوشم أو إلى القرابين.
وطول التمثال الظاهر على اليمين يقارب 13.6 سنتيمترا

الالواح المسمارية
تم اختراع الكتابة التصويرية في بلاد ما بين النهرين قبل العام 3000 قبل الميلاد.
وهذا اللوح الطيني الذي يعود تاريخه إلى العام 3100 قبل الميلاد كتبت عليه قائمة فيها حصص الطعام المخصصة للجنود.
ويدل هذا اللوح على تطور الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير والتي تعرف بالكتابة المسمارية.
وأول كتابة تم التعرف عليها هي الكتابة السومرية والتي لا تمت بصلة إلى أي لغة معاصرة.
بحلول عام 2400 قبل الميلاد تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية، كما استعمل نفس الخط في كتابة اللغة الآشورية واللغة البابلية، وهي كلها لغات سامية مثل اللغتين المعاصرتين العربية والعبرية.
وتواصل استعمال الخط المسماري للكتابة في لغات البلاد المجاورة لبلاد ما بين النهرين مثل لغة الحطيين واللغة الفارسية القديمة، واستعملت إلى نهاية القرن الأول الميلادي.
وتم فك رموز الخط المسماري في العصر الحديث أي القرن التاسع عشر وبذلك تسنى لعلماء العصر قراءة النصوص الإدارية والرياضية والتاريخية والفلكية والمدرسية والطلاسم والملاحم والرسائل والقواميس.
ويوجد حوالي 130000 لوح طيني من بلاد الرافدين في المتحف البريطاني.


الحرب والسلام في أور
قام السير ليونارد وولي في العشرينيات من القرن الماضي بحفريات في منطقة أور بجنوب العراق، واكتشف مقبرة لم يتم تخريب قبورها ويرجع تاريخها إلى عام 2600 قبل الميلاد: وقد عثر على هذا الشئ الغامض في أحد القبور.
وتتكون جوانبه من جدولين مستطيلين طولهما 20.3 مترا، مزينين بلقطات مصورة من الفسيفساء المصنوع من الصدف البيضاء، والحجارة الحمراء والحجارة الزرقاء من نوع لابس لازولي (مستوردة من أفغانستان) موضوعة على القار.
ويظهر على جهة "الحرب" من الأعلى إلى الأسفل ، عربات تضرب أعداءا يتساقطون ، ورماة الرماح وهم لابسون خوذات وأردية يأسرون عددا من الأعداء ، وبعض الأسرى وهم يعرضون على قائد الجيش( الظاهر في أعلى الوسط).
عجلات العربات قوية ، تجرها حمير تقاد بحبال، تمر وسط قرط توضع في أنوف الحمير (واخترعت المكابح فيما بعد).
ويظهر على جهة "السلم" إحتفال بوليمة، ويبدو أيضا موسيقي وهو يعزف على قيثارة، ويجلب المدعوون الغنائم والحمير والثيران والإبل والماعز والسمك.

الأختام
تم استعمال الأختام المنقوشة بتصميم بسيط منذ العام 5000 قبل الميلاد، وكانت تطبع كدليل حيازة تجاري على أختام طينية على الأبواب المخصصة لحفظ السلع.
كما تم العثور عليها على الأكياس والسلال التي كانت تستعمل للنقل التجاري على نهري الدجلة والفرات.
وحوالي العام 3500 قبل الميلاد تم اختراع الختم الأسطواني وكانت توفر المجال للتصاميم المنقوشة المعقدة ومن الممكن لفها على الطين.

حمورابي وبابل
بدأ العموريون إبتداءا من حوالي العام 2100 قبل الميلاد بالزحف نحو العراق من الغرب ، وطفقوا يقيمون مستوطنات حول المدن.
وساهموا في عام 2000 قبل الميلاد في إسقاط السلالة الثالثة الحاكمة في أور ، وأقاموا سلسلة من الممالك الصغيرة في كافة أرجاء ما بين النهرين.
وتحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة.
ويعد الوصول الى بابل التي كان يحكمها حمورابي أمرا مستحيلا ، لأنها تقع تحت أطلال مدن أقيمت بعدها ومنها بابل نبوخذ نصر الثاني (562-504) قبل الميلاد.
ولكن السير ليونارد وولي وجد في مدينة أور هذا التمثال الطيني الملون الرائع والذي يعود إلى فترة حمورابي.
وتشير الخوذة ذات القرون إلى أنه يمثل إلاها جالسا على عرش عال أسود.
وعثر على البقايا العلوية فقط ،وطولها 18 سنتيمترا، ولكن آثار سلاح موجود في اليد اليسرى للتمثال قد تشير إلى أنه إله محارب.

المسلات
يعتقد أن المسلة السوداء المصنوعة من الحجر الجيري الظاهرة في الصورة، والتي يبلغ طولها 61 سنتيمترا، بنيت في احد المعابد كدليل على منحة ملكية لأرض.
ويظهر عليها صورة الملك البابلي مردوخ ناديناهي (1099-1082) وهو يحمل قوسا وسهمين كرمز على النصر،وكتب عليها بالخط المسماري "المنتقم لشعبه".
ويظهر أيضا وهو متعمم بتاج مزين بورود يعلوه ريش ،وتظهر أيضا ثيران مجنحة وشجرة .
أما ثوبه فهو مطوي من جهة الظهر وعليه شرائط من جهة الصدر،ويعد هذا النوع من اللباس كتصميم ملكي دام لعدة قرون.
ويتماشى مع هذا اللباس أشكال هندسية سداسية عليها حواش ثخينة تظهر عليها أشجار مصممة بطريقة رائعة، أما ما يلبسه الملك في القدم فهو خف مصنوع من اللحاف.
وتظهر رموز إلهية فوق الملك، ويفصل جزء من ثعبان الصورة الأمامية عن الكتابة المسمارية من الخلف.

الدولة الآشورية
كانت آشور- المدينة الواقعة على ضفاف نهر الدجلة - عاصمة للمملكة الآشورية في شمال وادي الرافدين، منذ حوالي العام 2500 قبل الميلاد.
وقام الملك آشور ناصربال الثاني (883-859 قبل الميلاد)، بنقل عاصمته شمالا إلى مدينة كله (المدعوة نمرود حاليا).
وتعاقب عدة ملوك على بناء هذه المدينة وقصورها ومعابدها، وقد قام البريطانيون بعمليات حفر في المنطقة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن التاسع عشر،إضافة إلى الخمسينيات من القرن العشرين.
واكتشف علماء الآثار العراقيون في التسعينيات من القرن الماضي ثلاثة قبور غنية جدا تحت أرضية الغرف في حرم آشورناصربال ، يرجع تاريخها إلى أعوام 750-700 قبل الميلاد.
وعثر في أحد القبور على هذا التاج الذهبي الرائع الذي تعلوه ورقة ثلاثية لفاكهة العنب ، تتأرجح منها عناقيد من الفاكهة نفسها، وتعتمد الورقة والعناقيد على غطاء تمثله مخلوقات ذات أجنحة رباعية ، تقف على صف من الرمان والورود.
حينما سقطت الإمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد ، دمرت مدنها الكبيرة كليا.
ويعد هذا التاج دليلا على البراعة الصناعية وعلى الكنوز الضائعة لهذه الإمبراطورية.

الثور المجنح
كان هذا التمثال الضخم الذي يبلغ طوله 4.42 أمتار والذي يزن 30 طنا، فردا من زوج يحرس بابا في دور شروكين التي شيدها الملك الآشوري سرجون الثاني (721-705 قبل الميلاد) ،وهي المدينة التي هجرها سنحاريب إبن سرجون ،ونقل العاصمة إلى منطقة قريبة من نينوى.
وقد إستعملت تماثيل مشابهة ولكنها أصغر في القصور الآشورية لمدة دامت قرنين.
وتجمع هذه التماثيل ما بين السلطة الإلهية (الخوذة ذات القرون) وبين الذكاء البشري ،وجناح نسر وقوة إما أسد – كما في الصورة- أو ثور ذي أربعة أفخذة (يظهر منها إثنان إذا شاهدته من الأمام، وأربعة إذا شاهدته من جنب ،مع كتابة مسمارية خطت بينها) ترمز إلى قوة الإمبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على منطقة الشرق الأدنى لمدة ثلاثة قرون.
وقد حفر بعض الحراس الآشوريين - الذين من المحتمل أن يكونوا قد تملكهم الضجر أثناء تأدية واجبهم - رقعة للعبة تشبه النرد على قاعدة التمثال الذي تظهر صورته على اليمين.
وكانت هذه اللعبة تلعب في أور بجنوب العراق في العام 2600 قبل الميلاد، ولايزال سكان جنوبي العراق يلعبونها حتى يوما الحالي.

آشور بانيبال
كانت جدران قصور الآشوريين مخططة بجداول حجرية منقوشة بوضوح خفيف تمثل لقطات من الحروب، والصيد و طقوس العبادة.
وربما يعد أحسنها تصميما القصر الشمالي للملك آشور بانيبال (668-631 قبل الميلاد) في نينوى.
وتظهر تفاصيل صيد الأسد –النقش المشهور- الملك آشور بانيبال وهو يستل قوسه.
ويوصف التصميم الفاخر لخوذته وكسوته بدقة عظيمة، كما أنه يرتدي قرطا رائعة الجمال تشبه تماما قرطا ذهبية أخرى وجدت في قبور الملكات الآشوريات في مدينة نمرود.
كما نشاهد خلف رأس الملك عقبي رمحين كان يحملهما خادمان بغية إبقاء الأسد في عرينه.
وفي نقوش أخرى نشاهد الملك وهو يطعن أسدا، ثم يناول قوسه خادما، ويأخذ رمحا ليضرب به أسدا آخر.
كان صيد الأسود رياضة ومهمة ملكية ،كما أنه كان علامة على التفوق والقوة

مكتبة آشور بانيبال
لم يكن آشور بانيبال صيادا فحسب بل كان أيضا محاربا غزا العديد من البلدان بما فيها مصر.
رغم كل هذا كان يفتخر كثيرا بقدرته على الكتابة والقراءة في عصر كان تعلم الكتابة المسمارية فيه حكرا على النساخ.
وكان يملك مكتبة كبيرة جدا من الألواح ، كان يجمعها له خدمه من جميع أنحاء البلاد، خاصة في بابل.
هذا اللوح (الى اليمين) هو النسخة البابلية لقصة الطوفان، الذي يقارب قصة طوفان نوح، كما تحكى في سفر التكوين في العهد القديم.
حينما احترق قصر آشور بانيبال في عصر سقوط الإمبراطورية عام 612 قبل الميلاد، انهارت المكتبة فوق الغرفة السفلية، وأدى هذا السقوط إلى تحطم هذا اللوح واحتراقه.
ولكن كمية هائلة من الالواح نجت من الحريق، وهي معروضة الآن في المتحف البريطاني

إيوان كسرى
ما لبث الطابوق المصنوع من الطين يستخدم في البناء في ارض الرافدين حتى وقت قريب جدا عندما دخل الاسمنت حيز الاستعمال.
ولم يستخدم الطابوق المفخور تاريخيا إلا في المشاريع الكبرى، كإيوان كسرى الواقع في سلمان باك جنوبي بغداد.
وإيوان كسرى (او طاق كسرى كما اعتاد العراقيون تسميته) هو الجزء المتبقي من القصر الذي ابتناه الاباطرة الفرس الساسانيون في القرن الثالث للميلاد.
فالساسانيين، رغم كونهم من الفرس، كانوا يستخدمون اساليب البناء التي كانت شائعة في بلاد الرافدين، حيث لم يتطلب تشييد الطاق (الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترا وطوله 43 مترا) اية سقالات بل استخدم اسلوب محلي يتم فيه ترتيب طبقات الطابوق بنسق خاص يمنح الهيكل قوة كبيرة.

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A8%D9%84%D8%A7% D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%AF%D9%8A%D 9%86

الطوفان
2010-01-08, 12:10
المراجع :
1 ـ طه باقر ، مقدمة في أدب العراق القديم ، بغداد 1976 ص33
2ـ صمويل كريمر / من ألواح سومر ، ترجمة طه باقر /مكتبة المثنى /بلا تاريخ .. أندري يارو ، سومر ، فنونها وحضاراتها ، ترجمة وتعليق د سلمان عيسى سلمان وسليم طه التكريتي ، بغداد 1978
3ـ طه باقر ، ملحمة جلجامش ، بغداد 1980ص 9
4ـ د أحمد كمال زكي ، الأساطير ، دراسة حضارية مقارنة بيروت 1979 ص 9
5 ـ كريمر ، المصدر السابق ص 151

حضارة بلاد الرافدين

خارطة أرض الرافدين


"ارض ما بين النهرين" هي التسمية التي اطلقها اليونانيون القدماء على البلاد التي يحدها نهرا دجلة والفرات - عراق اليوم.
وقد ازدهرت على هذه الارض حضارات عظيمة منها الحضارات السومرية والاكدية والبابلية والآشورية وغيرها، وكلها حضارات انتشر نفوذها الى البلاد المجاورة ابتداء من الألف الخامس قبل الميلاد.
الا ان هذه الحضارات العظيمة بادت بعد سقوط الامبراطورية الآشورية سنة 612 قبل الميلاد.

تمثالان من أور
ظهرت التماثيل الصغيرة ومعظمها تماثيل نسائية في منطقة الشرق الأدنى منذ حوالي العام 7500 قبل الميلاد ، وتساعد ملامحها المميزة علماء الآثار على معرفة الثقافات والشعوب المتعددة في المنطقة.
ويعود التمثالان المصوران أعلاه إلى منطقة أور في جنوب العراق، ويرجع تاريخهما إلى العام 4500 قبل الميلاد، وهما نموذجان على الثقافة العبيدية التي تعود إلى ما قبل التاريخ.
ويظهر التمثال الأول في صورة إمرأة تضع يدها على بطنها ، بينما التمثال الثاني والذي ضاع منه رأسه يصور امرأة تمسك مولودا ذا رأس مستطيل.
ويعد هذان التمثالان إضافة إلى عدد آخر من التماثيل التي عثر عليها في المناطق المجاورة ما يسمى التماثيل "السحلية" وذلك نظرا لمظهرها المشابه للزواحف.والذي يعود أساسا إلى شكل عيونها المشابه لحبوب القهوة وشكل رؤوسها المستطيلة، الذي من المحتمل أن يكون راجعا إلى القماط في فترة الرضاعة.كما تم استعمال القار لإظهار الشعر ، و قد تشير الكريات الطينية أو العلامات المصبوغة على الكتف إلى الوشم أو إلى القرابين.
وطول التمثال الظاهر على اليمين يقارب 13.6 سنتيمترا

الالواح المسمارية
تم اختراع الكتابة التصويرية في بلاد ما بين النهرين قبل العام 3000 قبل الميلاد.
وهذا اللوح الطيني الذي يعود تاريخه إلى العام 3100 قبل الميلاد كتبت عليه قائمة فيها حصص الطعام المخصصة للجنود.
ويدل هذا اللوح على تطور الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير والتي تعرف بالكتابة المسمارية.
وأول كتابة تم التعرف عليها هي الكتابة السومرية والتي لا تمت بصلة إلى أي لغة معاصرة.
بحلول عام 2400 قبل الميلاد تم اعتماد الخط المسماري لكتابة اللغة الأكدية، كما استعمل نفس الخط في كتابة اللغة الآشورية واللغة البابلية، وهي كلها لغات سامية مثل اللغتين المعاصرتين العربية والعبرية.
وتواصل استعمال الخط المسماري للكتابة في لغات البلاد المجاورة لبلاد ما بين النهرين مثل لغة الحطيين واللغة الفارسية القديمة، واستعملت إلى نهاية القرن الأول الميلادي.
وتم فك رموز الخط المسماري في العصر الحديث أي القرن التاسع عشر وبذلك تسنى لعلماء العصر قراءة النصوص الإدارية والرياضية والتاريخية والفلكية والمدرسية والطلاسم والملاحم والرسائل والقواميس.
ويوجد حوالي 130000 لوح طيني من بلاد الرافدين في المتحف البريطاني.


الحرب والسلام في أور
قام السير ليونارد وولي في العشرينيات من القرن الماضي بحفريات في منطقة أور بجنوب العراق، واكتشف مقبرة لم يتم تخريب قبورها ويرجع تاريخها إلى عام 2600 قبل الميلاد: وقد عثر على هذا الشئ الغامض في أحد القبور.
وتتكون جوانبه من جدولين مستطيلين طولهما 20.3 مترا، مزينين بلقطات مصورة من الفسيفساء المصنوع من الصدف البيضاء، والحجارة الحمراء والحجارة الزرقاء من نوع لابس لازولي (مستوردة من أفغانستان) موضوعة على القار.
ويظهر على جهة "الحرب" من الأعلى إلى الأسفل ، عربات تضرب أعداءا يتساقطون ، ورماة الرماح وهم لابسون خوذات وأردية يأسرون عددا من الأعداء ، وبعض الأسرى وهم يعرضون على قائد الجيش( الظاهر في أعلى الوسط).
عجلات العربات قوية ، تجرها حمير تقاد بحبال، تمر وسط قرط توضع في أنوف الحمير (واخترعت المكابح فيما بعد).
ويظهر على جهة "السلم" إحتفال بوليمة، ويبدو أيضا موسيقي وهو يعزف على قيثارة، ويجلب المدعوون الغنائم والحمير والثيران والإبل والماعز والسمك.

الأختام
تم استعمال الأختام المنقوشة بتصميم بسيط منذ العام 5000 قبل الميلاد، وكانت تطبع كدليل حيازة تجاري على أختام طينية على الأبواب المخصصة لحفظ السلع.
كما تم العثور عليها على الأكياس والسلال التي كانت تستعمل للنقل التجاري على نهري الدجلة والفرات.
وحوالي العام 3500 قبل الميلاد تم اختراع الختم الأسطواني وكانت توفر المجال للتصاميم المنقوشة المعقدة ومن الممكن لفها على الطين.

حمورابي وبابل
بدأ العموريون إبتداءا من حوالي العام 2100 قبل الميلاد بالزحف نحو العراق من الغرب ، وطفقوا يقيمون مستوطنات حول المدن.
وساهموا في عام 2000 قبل الميلاد في إسقاط السلالة الثالثة الحاكمة في أور ، وأقاموا سلسلة من الممالك الصغيرة في كافة أرجاء ما بين النهرين.
وتحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة.
ويعد الوصول الى بابل التي كان يحكمها حمورابي أمرا مستحيلا ، لأنها تقع تحت أطلال مدن أقيمت بعدها ومنها بابل نبوخذ نصر الثاني (562-504) قبل الميلاد.
ولكن السير ليونارد وولي وجد في مدينة أور هذا التمثال الطيني الملون الرائع والذي يعود إلى فترة حمورابي.
وتشير الخوذة ذات القرون إلى أنه يمثل إلاها جالسا على عرش عال أسود.
وعثر على البقايا العلوية فقط ،وطولها 18 سنتيمترا، ولكن آثار سلاح موجود في اليد اليسرى للتمثال قد تشير إلى أنه إله محارب.

المسلات
يعتقد أن المسلة السوداء المصنوعة من الحجر الجيري الظاهرة في الصورة، والتي يبلغ طولها 61 سنتيمترا، بنيت في احد المعابد كدليل على منحة ملكية لأرض.
ويظهر عليها صورة الملك البابلي مردوخ ناديناهي (1099-1082) وهو يحمل قوسا وسهمين كرمز على النصر،وكتب عليها بالخط المسماري "المنتقم لشعبه".
ويظهر أيضا وهو متعمم بتاج مزين بورود يعلوه ريش ،وتظهر أيضا ثيران مجنحة وشجرة .
أما ثوبه فهو مطوي من جهة الظهر وعليه شرائط من جهة الصدر،ويعد هذا النوع من اللباس كتصميم ملكي دام لعدة قرون.
ويتماشى مع هذا اللباس أشكال هندسية سداسية عليها حواش ثخينة تظهر عليها أشجار مصممة بطريقة رائعة، أما ما يلبسه الملك في القدم فهو خف مصنوع من اللحاف.
وتظهر رموز إلهية فوق الملك، ويفصل جزء من ثعبان الصورة الأمامية عن الكتابة المسمارية من الخلف.

الدولة الآشورية
كانت آشور- المدينة الواقعة على ضفاف نهر الدجلة - عاصمة للمملكة الآشورية في شمال وادي الرافدين، منذ حوالي العام 2500 قبل الميلاد.
وقام الملك آشور ناصربال الثاني (883-859 قبل الميلاد)، بنقل عاصمته شمالا إلى مدينة كله (المدعوة نمرود حاليا).
وتعاقب عدة ملوك على بناء هذه المدينة وقصورها ومعابدها، وقد قام البريطانيون بعمليات حفر في المنطقة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن التاسع عشر،إضافة إلى الخمسينيات من القرن العشرين.
واكتشف علماء الآثار العراقيون في التسعينيات من القرن الماضي ثلاثة قبور غنية جدا تحت أرضية الغرف في حرم آشورناصربال ، يرجع تاريخها إلى أعوام 750-700 قبل الميلاد.
وعثر في أحد القبور على هذا التاج الذهبي الرائع الذي تعلوه ورقة ثلاثية لفاكهة العنب ، تتأرجح منها عناقيد من الفاكهة نفسها، وتعتمد الورقة والعناقيد على غطاء تمثله مخلوقات ذات أجنحة رباعية ، تقف على صف من الرمان والورود.
حينما سقطت الإمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد ، دمرت مدنها الكبيرة كليا.
ويعد هذا التاج دليلا على البراعة الصناعية وعلى الكنوز الضائعة لهذه الإمبراطورية.

الثور المجنح
كان هذا التمثال الضخم الذي يبلغ طوله 4.42 أمتار والذي يزن 30 طنا، فردا من زوج يحرس بابا في دور شروكين التي شيدها الملك الآشوري سرجون الثاني (721-705 قبل الميلاد) ،وهي المدينة التي هجرها سنحاريب إبن سرجون ،ونقل العاصمة إلى منطقة قريبة من نينوى.
وقد إستعملت تماثيل مشابهة ولكنها أصغر في القصور الآشورية لمدة دامت قرنين.
وتجمع هذه التماثيل ما بين السلطة الإلهية (الخوذة ذات القرون) وبين الذكاء البشري ،وجناح نسر وقوة إما أسد – كما في الصورة- أو ثور ذي أربعة أفخذة (يظهر منها إثنان إذا شاهدته من الأمام، وأربعة إذا شاهدته من جنب ،مع كتابة مسمارية خطت بينها) ترمز إلى قوة الإمبراطورية الآشورية التي كانت تسيطر على منطقة الشرق الأدنى لمدة ثلاثة قرون.
وقد حفر بعض الحراس الآشوريين - الذين من المحتمل أن يكونوا قد تملكهم الضجر أثناء تأدية واجبهم - رقعة للعبة تشبه النرد على قاعدة التمثال الذي تظهر صورته على اليمين.
وكانت هذه اللعبة تلعب في أور بجنوب العراق في العام 2600 قبل الميلاد، ولايزال سكان جنوبي العراق يلعبونها حتى يوما الحالي.

آشور بانيبال
كانت جدران قصور الآشوريين مخططة بجداول حجرية منقوشة بوضوح خفيف تمثل لقطات من الحروب، والصيد و طقوس العبادة.
وربما يعد أحسنها تصميما القصر الشمالي للملك آشور بانيبال (668-631 قبل الميلاد) في نينوى.
وتظهر تفاصيل صيد الأسد –النقش المشهور- الملك آشور بانيبال وهو يستل قوسه.
ويوصف التصميم الفاخر لخوذته وكسوته بدقة عظيمة، كما أنه يرتدي قرطا رائعة الجمال تشبه تماما قرطا ذهبية أخرى وجدت في قبور الملكات الآشوريات في مدينة نمرود.
كما نشاهد خلف رأس الملك عقبي رمحين كان يحملهما خادمان بغية إبقاء الأسد في عرينه.
وفي نقوش أخرى نشاهد الملك وهو يطعن أسدا، ثم يناول قوسه خادما، ويأخذ رمحا ليضرب به أسدا آخر.
كان صيد الأسود رياضة ومهمة ملكية ،كما أنه كان علامة على التفوق والقوة

مكتبة آشور بانيبال
لم يكن آشور بانيبال صيادا فحسب بل كان أيضا محاربا غزا العديد من البلدان بما فيها مصر.
رغم كل هذا كان يفتخر كثيرا بقدرته على الكتابة والقراءة في عصر كان تعلم الكتابة المسمارية فيه حكرا على النساخ.
وكان يملك مكتبة كبيرة جدا من الألواح ، كان يجمعها له خدمه من جميع أنحاء البلاد، خاصة في بابل.
هذا اللوح (الى اليمين) هو النسخة البابلية لقصة الطوفان، الذي يقارب قصة طوفان نوح، كما تحكى في سفر التكوين في العهد القديم.
حينما احترق قصر آشور بانيبال في عصر سقوط الإمبراطورية عام 612 قبل الميلاد، انهارت المكتبة فوق الغرفة السفلية، وأدى هذا السقوط إلى تحطم هذا اللوح واحتراقه.
ولكن كمية هائلة من الالواح نجت من الحريق، وهي معروضة الآن في المتحف البريطاني

إيوان كسرى
ما لبث الطابوق المصنوع من الطين يستخدم في البناء في ارض الرافدين حتى وقت قريب جدا عندما دخل الاسمنت حيز الاستعمال.
ولم يستخدم الطابوق المفخور تاريخيا إلا في المشاريع الكبرى، كإيوان كسرى الواقع في سلمان باك جنوبي بغداد.
وإيوان كسرى (او طاق كسرى كما اعتاد العراقيون تسميته) هو الجزء المتبقي من القصر الذي ابتناه الاباطرة الفرس الساسانيون في القرن الثالث للميلاد.
فالساسانيين، رغم كونهم من الفرس، كانوا يستخدمون اساليب البناء التي كانت شائعة في بلاد الرافدين، حيث لم يتطلب تشييد الطاق (الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترا وطوله 43 مترا) اية سقالات بل استخدم اسلوب محلي يتم فيه ترتيب طبقات الطابوق بنسق خاص يمنح الهيكل قوة كبيرة.

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A8%D9%84%D8%A7% D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%AF%D9%8A%D 9%86
تاليف عزيز احي
تقديم نبيل ماروكي
كتاب الدليل الموسع لأعلام ما بين النهرين هو ثمرة جهود عشرة أعوام قضاها المؤلف في البحث والتحضير والتقصي لتقديم نموذج موسع من لدن كاتب اشوري عن اعلام حضارة ما بين النهرين . يتناول هذا العمل شرح وتفسير بعض اسماء الملوك والمدن والمعالم التاريخية .
كما يتضمن هذا الكتاب مقدمة يشرح فيها الكاتب اسباب الانشقاقات الدينية والطائفية والسياسية والاضهادات التي تعرض لها الاشوريين واشكالات التسمية في صفوف ابناء شعبنا منذ شقوط نينوى 612 ق.م وحتى اواخر القرن العشرين
يعتبر البحث في دراسة تاريخ بلاد الرافدين من الدراسات المعقدة وبالاخص عندما يغوص الباحث في التاريخ القديم جيدا عدا هذا بالرغم من الاكتشافات الاثرية الضخمة التي تمت في السنوات الاخيرة من هذا القرن ، فاننا نرى هناك تداخل وتنافر كبير احيانا بين اراء الكتاب والباحثين في منشأ واصل حضارة وسكان بلاد الرافدين ، وقد يعود السبب ان معظم الباحثين هم من المستشرقين ، فهم يتعاملون مع مدونات الالواح ومزجها مع بعضها لاستنساخ صفحات من تاريخ وحضارة الرافدين دون ان يستطيعوا ان يدركوا مدى علاقة اثار هذه الحضارة وهذا التاريخ واستمراريتها في الوقت الحاضر على ابناء الرافدين من عادات وتقاليد واعراف ولغة وسمة عامة مميزة ، فالكاتب والمؤرخ الذي يدون تاريخ بلاده يضيف اليه كثير من روحه ومشاعره وثقافته العامة التي تعتبر جزء واستمرار لما يكتب فتأتي الكتابة نابضة بالحياة معبرة عن المعنى المطلوب يتحسسها القارئ ويشعر بمتعة وبوضوح في استجلاء غوامض التاريخ وهكذا فعندما يشعر الكاتب بالانتماء التاريخي والحضاري والثقافي لما يكتب بصدق واخلاص ، والكتابة في تاريخ بلاد الرافدين تحتاج الى مثل هذه الروح ، فتاريخ بلاد الرافدين مملوء بالاساطير والقصص الخيالية الممزوجة بالواقع الحي او الاصح الواقع الحي تحول مع مرور الزمن الى اساطير وقصص تناقلتها الاجيال فاختلطت فيها الحقيقة بالخيال ، فمثلا لبداية التاريخ الاشوري البابلي قصة يذكرها الملوك السومريين والاكاديين حيث يقولون انه منذ بداية هذا التاريخ استلم اول انسان السلطة الزمنية من الآلهة التي كانت تحكم البشر بشكل مباشر قبل ذاك ، وسلسلوا الرواية بطريقتين في النتيجة تعطيان رقما واحدا تقريبا حتى التاريخ الميلادي وهو 4750 عام اي ان اول ملك حكم في بلاد الرافدين كان قبل الميلاد ب 4750 سنة ، بالرغم من الارقام الخيالية لفترات حكم ما قبل الطوفان .
التقدير الاول استخدم من قبل السومريين حيث قدروا سنوات حكم ثمانية ملوك لما قبل الطوفان وحتى سلالة اور الثالثة 263800 عام وقد تم حذف الصفرين الاخيرين فقدرت فترة الحكم 2638 عام وتبدأ سلالة اور الثالثة بعام 2112
ق.م ويضاف اليهم ايضا 1996 عام ميلادية فيكون المجموع 6746 عام ، بينما التقدير الاخر هو التقدير الاكادي ، لان الكهنة في معابد اكاد هم الذين ارخوه فقد قدروا فترة حكم ملوك ما قبل الطوفان وحتى السلالة الاكدية 241000 سنة ويحذف الصفرين الاخيرين فيكون المجموع 2410 عام وتبدأ السلالة الاكادية بعام 2340 عام ويضاف اليها 1996 ميلادية فيكون المجموع 6746 سنة وكلا التقويمين معتمد في اثبات الملوك الذي تعتبر اول وثيقة تاريخية في العالم
وبالرغم من ذلك فاننا نرى تسلسلا زمنيا واضحا في تاريخ وحضارة بلاد الرافدين منذ اقدم العصور وانسجاما متكاملا في التراث الثقافي الذي اكتمل عبر التطورات المتتالية التي مرت ببلاد الرافدين فبدءا من عصر ما قبل الطوفان الذي يسلسل الملوكية في خمس مدن رئيسية بشكل متتال وصولا الى بداية العصر السومري فالاكدي ثم البابلي القديم فالاشوري والبابلي الحديث ، ثم استمرار هذا التراث حتى بعد سقوط السلطة السياسية من ابناء بلاد الرافدين واستمرارهم تحت السيطرة الاجنبية بدء من كورش حيث بدأت تنحصر هذه الثقافة وهذا التراث لصالح السلطات المسيطرة ، وبالرغم من ان العالم الف سماع اسماء مختلفة لحضارة بلاد الرافدين ، حضارة بابلية وحضارة كلدانية وسومرية واكادية واشورية وارامية ….. ونحن في هذه المقدمة سنحاول اعطاء بعض التفصيلات عن حقيقة هذه الحضارة ونود ان ننوه هنا لناحية مهمة في فهم وتفسير استمرارية الحضارات فتوقف استمرار حضارة ما لا يعني انقراض الشعب مؤسس هذه الحضارة والقيم الحضارية لهذا الشعب ،بل ان الشعب كبشر وكمواهب يبقى موجودا ، الا ان استمرارية كسمة مميزة بذاتها هي التي تتوقف .
فقد يستعمر الشعب من قيبل غيره من الشعوب ويذوب في بوتقة شعوب مغيرة ، او يفقد سلطته السياسية غير انه كبشر وكمواهب يظل باقيا وممارسا لمواهبه الحضارية وان لم يكن بشكل كامل ، وقد ينطوي تحت اسم السلطة المسيطرة عليه في فترة زمنية ما
في الواقع ان تاريخ ما بين النهرين يحتاج الى تأريخه فلا يزال الى الان اكثر من ثمانين بالمائة من تراث وبقايا هذه الحضارة تحت الانقاض ، وفي كل يوم تكتشف البعثات العلمية معلومات جديدة عن هذه الحضارة، ونعتقد انه لو تم اكتشاف جميع الاثار الموجودة في بلاد ما بين النهرين لقلبت وجهة التاريخ رأسا على عقب .
قد يكون هناك كثيرون لا يهتمون بتراث واثار هده الحضارة لكونها بالسبة لهم اصبحت اشياء بائدة ومجرد ذكرايات عن الماضي لا اكثر وقد تناسى هؤلاء ان التاريخ سلسلة متصلة الحلقات كالعقد اذا انفرطت منه حبة فقد العقد خاصته ، فدراسة تاريخ الحضارات القديمة يجعلنا نستوعب بشكل اوسع حضارة هذا القرن والعلاقات الاجتماعية بين الماضي والحاضر ، فكلنا يقف اليوم مبهوتا امام التقدم الحضاري الذي وصلت اليه الهندسة المعمارية في ناطحات السحاب ويعجب بحضارة القرن العشرين ، ولكن ليسوا كثيرين اولئك الذين التفتوا الى التاريخ وشاهدوا القمة والروعة الهندسية والمعمارية التي احتوتها اهرامات الجيزة والامتداد الكبير الذي انبسط عليه سور الصين العظيم ، فقد نشأت في منطقة الشرق الاوسط عموما حضارات بلغت شأنا عاليا من الرقي والتقدم كالاشورية والبابلية والفرعونية والفارسية والصينية والهندية ومن المؤرخين والبحاثة من يجعل الاسبقية لهذه او لتك ، ولكن مهما يكن من امر هذه الحضارات فهي التي اعطت قوة الدفع الاكبر للأنسانية وهي بحق الاساس الذي قامت عليه حضارة العالم في القرن العشرين ، وبما اننا الان بصدد دراسة اعلام حضارة بلاد الرافدين ، فاننا نؤكد وبكل صدق ان اكثر من ثمانين بالمائة من معالم هذه الحضارة لا يزال تحت الانقاض ومنه ما ضاع بسبب الكوارث التي المت بالمنطقة وحتى ان ما طهر منها ايضا تناولته الايدي حسب الاهواء والغايات الخاصة
فمنها ما برز بوجهه الصحيح ومنها ما بقي بين نين ، فان دراسة دراسة التاريخ يجب ان تكون غاية بحد ذاتها ، وان تخدم الحقيقة مهما كانت نوعيتها ، ونحن في هذا الدليل هن كنا مقصرين في بعض النواحي سواء كان هذا التقصير من ناحية دقة المعلومات او لقلة المصادر ، فذلك عائد لصعوبة الحصول على المراجع المختصة وقلة المعلومات المتوفرة في هذه المراجع ، اذ ان معظم المراجع المتوفرة تحتوي نفس المعلومات تقريبا، لذا فقلما يوجد مرجع يحوي معلومات جديدة عن حضارة بلاد ما بين النهرين ،واذا كنا قد قدمنا هذه الجهود البسيطة سائرين على الطريق لكشف معالم جديدة عن حضارة بلادنا ونتمى ان يسعفنا الحظ لنتمكن وبمشاركة جهود المخلصين ان نعطي صورة مقبولة تليق حضارة بلاد الرافدين التي غذت العالم على مدى الاف السنين ثم شاء القدر ان تبقى تحت التلال تنتظر ايادي البعثات العلمية كي تفصح عن نفسها ن ، ونود هنا ان نعطي صورة مبسطة لتاريخ بلاد ما بين النهرين القديم منذ نشوء الحضارة المدونة فيه وحتى سقوط بابل على يد كورش الفارسي
قبل كل شئ علينا ان نبحث في البدايات الاولى لتاريخ المنطقة وهطه البدايات تأتي مع الرواد الاوائل الذين عاشوا في هذه البلاد. هناك معالم واثار حضارية تثبت وجود شعب بلاد الرافدين في هذه المناطق ، قبل التاريخ المدون ، وهناك افتراضات مختلفة ومتضاربة عن اصل ومكان قدوم هذا الشعب الى هذه المناطق ، ولكن مهما يكن فان هذا الشعب تواجد في هذه الارض قبل التاريخ المدون وهذا ما ايدته معظم الفرضيات التي تبحث في اصل سكان بلاد الرافدين واستطاع التفاعل والانسجام مع الارض وانشأ الحضارة التي نستطيع ان نفخر بها امام العالم .
وقد ورد في اثبات الملوك السومرية والاكدية المدون عام 2340 ق.م تقريبا ان السلطة نزلت من السماء لاول مرة على الارض في بلاد الرافدين فاستقرت الملوكية في خمسة مدن في بلاد الرافدين بالتعاقب وذلك ما قبل الطوفان وقد اعطوا لذلك ارقاما خيالية تجاوزت احيانا 241000 سنة تقريبا مما يؤكد حقيقة اصالة شعب بلاد الرافدين وعمقه التاريخي في هذه المنطقة بالاضافة الى المكتشفات الاثرية قبل هذه الفترة باىف السنيين . وقد سكنوا مناطق متعددة حسب متطلبات الحاجة المعيشية فمنهم من سكن في السهول واتخذ الزراعة مهنة له وعاش على اطراف الانهار وبنى المدن الاولى ، ومنهم من صعد الى الجبال طالبا الحماية في المناطق الوعرة وتخلصا من الغارات الغازية بين فترة واخرى فسكنوا في سومر وبابل واشور
ففي البداية تمكن سكان سومر قبل غيرهم من فرض سيطرتهم على بلاد ما بين النهرين فسميت الاماكن التي تمكنوا من فرض سيطرتهم عليها ببلاد سومر وسميت الفترة التي حكموا خلالها بالعهد السومري والحضارة التي خلفتها الشعوب الخاضعة لها في هذه الفترة بالحضارة والتراث السومري ، ثم افل نجم سومر السياسي وبرز نجم اكاد وتمكن ملوك اكد من السيطرة على بلاد سومر ومناطق ما بين النهرين بالكامل وذلك بسبب ضعف الملوك السومريين ونشوب الخلافات بينهم على السلطة فسميت البلاد عندئذ بالاكدية العهد الاكدي ثم تلى ذلك فترة تناوبت فيها السلطة بين سومر واكد وعرفت بالفترة السواكدية حتى جاء الامير المثقف حمورابي والعهد البابلي الذي دام فترة زمنية طويلة من عام 1792 1260 ق.م وذلك عندما انتقلت السلطة الى الاشوريين . بالطبع هناك تداخل في فترات الحكم لملوك ما بين النهرين اي انه خلال فترة الحكم السومري لبلاد الرافدين كان هناك ممالك اكدية وبابلية وارامية واشورية مستقلة نوعا ما لها كيانها الخاص وسلطتها المميزة اي اشبه ما تكون بالحكم الذاتي المحلي الا انه لم يكن لها دورا هام في توجيه مقدرات بلاد الرافدين اذ ان السلطة كانت بيد الدولة المركزية وهكذا خلال فترة الحكم الاكدي والبابلي والاشوري فبين فترة واخرى كانت تقوم هناك ممالك شبه مستقلة في بلاد الرافدين يقودها ملوك محليون مع وجود سلطة مركزية عامة .
مثلا شمشي اداد الاول الاشوري الذي حكم من اشور حتى الفرات تقريبا وحمورابي البابلي حكما خلال فترة متزامنة وهذا ما يؤدي الى تشويش المؤرخين احيانا في تقدير الفترات الزمنية والتاريخية لبلاد الرافدين ، لان كل ملك كان يؤرخ تواريخه حسب سنوات حكمه فاذا لم تفهم هذه الناحية سيحدث هناك فترات زمنية ضائعةوغير مفهومة مثلا حكم حمورابي اثنين واربعين سنة وحكم شمش 32 سنة فاذا فهم ان احدهم عقب الاخر تكون الفترة الزمنية ليكليهما 74 سنة بينما فترة حكم كيليهما كانت 64 سنة ، اي ان هناك زمنا مشتركا ومتداخلا بينهما في الحكم ، وقد كانت هذه الفترة فترة حضارية متقدمة ومن اشهر ما خلفته لنا هذه الفترة هي شريعة حمورابي المشهورة والتي تعد معجزة التاريخ مع انه قد سبقت شريعة حمورابي شرائع اخرى في بلاد الرافدين منها قوانين شولجي و شوشين واورنامو وغيره
وقد استنبط حمورابي شريعته من التراث الحضاري والثقافي الذي خلفه شعب بلاد الرافدين ، الا ان حمورابي هذب شريعته بحيث جائت الصورة كاملة تقريبا مبوبة ومنظمة بطريقة لم تعهدها الشرائع السابقة ولا حتى اللاحقة الا في العصر الحديث، ثم تلى ذلك العهد الاشوري والذي استمر اكبر حقبة تاريخية في بلاد الرافدين على مر الزمن ودامت حتى عام 612 ق. م ، وكما تمكن سكان الجبال الاراميين حيث اشتقت تسميتهم من الاستيلاء على بابل واسسوا فيها مملكة وسلطة لمدة عش سنوات بقيادة زعيمهم مردوخ بلادان ثم امتزجوا في بوتقة الحضارة الاشورية البابلية كالسومريين والاكدين حضاريا وثقافيا واصبحوا جزءا لا يتجزء من حضارة ما بين الرافدين .
وتأثروا واثروا في هذه الحضارة فاعطوا الكثير وزاد تأثيرهم الفني وبالاخص في القرن التاسع قبل الميلاد وقد هاجر قسم من الاراميين الى خارج بلاد ما بين النهرين الى سوريا الداخلية والساحل وانشأوا ممالك مستقلة كانت معظم الاحيان تابعة اما لاشور او للفراعنة ، وبحكم خروجهم من بلاد الرافدين حملوا معهم عقائد الهية مشابهة لما هو في بلاد الرافدين الا انهم طوروا هذه العقائد وهذا الفن بشكل مستقل عما كان عليه في بلاد ما بين النهرين اي انهم انفصلوا عن حضارة الرافدين بالرغم من ان البذرة الاولى كانت منهم ، وقد ذاب الارامييون المهاجرون خارج بلاد الرافدين في بوتقة الشعوب المجاورة والغازية لها وانتهوا كمجتمع قائم بذاته واعتنقوا ديانات اخرى واصبحوا ينتمون الى تلك المذاهب والديانات ، وانتهى الارامييون كاستمرار حضاري بالرغم من ان الشعب الارامي بقي مستمرا على قيد الحياة الا انه اتخذ اسماء والقاب اخرى كسكان حل وحماة ودمشق ، كما ان هناك مغالطات تاريخية كثيرة في هذا المجال ، فمن المؤرخين من يعتقد انه عندما كانت سومر العهد السومري لم يكن هناك ذكر او وجود للبابليين والاشوريين وغيرهم ، الا ان الحقيقة ليست كذلك ، فضمن الدولة الواحدة كانت هناك ولايات كأشور وبابل الا انها كانت مجرد ولايات ضمن تادولة السومرية ونرى هنا هذه الخارطة التي تعد بمثابة تأكيد اخر على هذا الكلام ، فهي تعود الى العهود الاكدية اي الى عام 2300 ق.م وهي من رسم بابلي وفها تظهر الفتوحات التي توصل اليها ملك اكد وموقع الجبال ومدينة اشور وبابل حيث يضعونها في المركز مركز العالم كما اعتبر الانكليز الان خط غرينيتش منتصف العالم ، وتظهر ايضا بقية المدن ومواقع البحار والبلاد الاخرى خارج سيطرة دولة اكد ، وهذا ما يؤكد تواجد هذه المدن في كل العهود وتفاعل هذه القبائل لبناء حضارة بلاد الرافدين وكذلك في بقية العهود .
ففي عهد السيطرة الاشورية كانت هناك بلاد سومر واكد وبابل والاراميين وكانوا يسمون بتسمياتهم ايضا ضمن دولة اشور وخلال فترة الحكم الاشوري كانت تقوم بين فترة واخرى ممالك شبه مستقلة ضمن السيادة الاشورية في بلاد الرافدين كمملكة بابل وممالك تابعة مثل اور وتل حلف وغيرها الا انهم كانوا يعرفون خارج الدولة بالاشوريين نسبة لتسمية الدولة التي سميت بأسم السلطة السياسية المسيطرة كالعادة المألوفة اي انه عندما كان يسافر شخص من مناطق الجبال الى اشور كانوا يسمونه بالارامي او السومري ، وكذلك عندما كان ينتقل احد افراد سومر او اشور الى خارج ولايته كان يعرف بالسومري والاشوري ، الا انه عندما كان يسافر هؤلاء جميعا الى خارج بلاد الرافدين كانوا يعرفون جميعا بالاشوريين نسبة لتسمية السلطة السياسية القائدة للدولة .
كما حدث ايضا حول لغة هذا الشعب مجادلات عقيمة اشورية ، ارامية ، سومرية ، اكدية وبابلية
ان من يدرس لغة بلاد ما بين النهرين قد يصطدم بجملة نقاط غير واضحة واحيانا متضاربة لكون هذه اللغة حوت التراث الثقافي والحضاري لبلاد الرافدين عبر مختلف العصور شماله وجنوبه وتناوبت في قيادة هذا التراث الحضاري عدة سلطات قبلية من بلاد الرافدين ، وعندما كانت تسيطر القبيلة كانت تسود لهجتها طبعا فكان التراث الرسمي يدون بتسمية اللهجة المسيطرة وتناوبت اللهجات المختلفة في بلاد الرافدين بتدوين هذا التراث واحيانا كان يدون بأكثر من لهجة سومرية واكدية مثلا ، بالاضافة الى البعد الزمني الفاصل بين كل سلطة واخرى ، عدة مئات من السنوات احيانا كانت تحصل خلال هذه الفترة تطورات حضارية وثقافية ولغوية جديدة تضاف الى هذه اللهجة او تلك فيبدو للناظر وكأن هناك لغة جديدة ظهرت للوجود لان المفردات اللغوية الجديدة التي كانت تستعمل لمسايرة التطور والتعبير عن الواقع الثقافي الجديد كانت تضاهي في الغالب ما كانت تملكه اللغة من مفردات سابقة، الا انه في الحقيقة لم يكن هناك لغات مختلفة بمعنى لغة [سومرية، بابلية، ارامية، واكدية
فاللغة كانت تتبع اسم الشعب الذي يتكلم بها ، بل كانت تسمى لغة ما بين النهرين بالسومرية نتيجة لسيطرة اللهجة السومرية وعندما سيطر البابليون سميت اللغة بابلية وذلك نتيجة لسيطرة اللهجة البابلية ، وكذلك عندما سيطر الاشوريون ، ففي الحقيقة لم يكن هناك لغات مختلفة بل كانت لغة النطق واحدة بين جميع القبائل بالرغم من اختلاف لهجات النطق بين منطقة واخرى ، وقد تمكن الاراميون من تطوير الكتابة وابتكار الحرف الذي كان اسهل من الخط المسماري المعقد المكون من مقاطع لا حروف ، بينما استعمل في الخط الارامي الحروف الابجدية ، الذي سهل الكتابة والمعاملات التجارية التي كان الاراميون روادها الاوائل ، فكان هذا الخط ثورة في تاريخ الثقافة والعلم والكتابة ، وكان ان اتخدت الدولة الاشورية بالكامل الحرف الارامي بدل الحرف المسماري المعقد ، ومن هنا نشا الالتباس ، لغة ارامية ام اشورية .
فكما قلنا سابقا ليس هناك ما يسمى لغة اشورية ولغة ارامية فلغة النطق كانت واحدة بين جميع قبائل بلاد الرافدين بالرغم من اختلاف بعض اللهجات المحلية ، كما ان تطور اللغة من عصر لاخر من اجل استيعاب الحضارة المتقدمة ودخول كلمات جديدة اليها ادى الى الاعتقاد بوجود لغات مختلفة ، فبين العهد السومري والاشوري هناك ما يقارب من 1500 عام وهذه السنين الطويلة كافية لتجديد 70 بالمائة من مفردات اية لغة حضارية كان ، وفي كل فترة زمنية يدخل عليها نسبة معينة من الالفاظ الجديدة حسب تطور مفاهيم العصر الجاهلي وحتى الان ، ومن يقرأ الشعر الجاهلي يحتاج الى تفسير كي يفهم معاني الكلمات والالفظ الواردة فيه .، فهل هذا يعني ان هناك لغتان للعرب
هناك حرف ارامي للكتابة وحرف مسماري ، وما حصل هو ان تم استبدال الحرف المسماري بالحرف الارامي دون تغيير شئ من النطق ، لان النطق بالاصل كان واحدا، ومن هنا جاءت تسمية اللغة بالارامية ثم تطورت وعرفت بالسريانية وهي لغة مستخدمة عند طوائف السريان والكلدان والطائفة الشرقية الاشورية وفي الطقوس الكنسية ايضا
وهذا ما حصل للغة التركية اليوم فقد كانت تنطق بالتركية وتكتب بالعربية فاستبدل حديثا الحرف العربي بالحرف اللاتيني الا انه لم يحصل اي تغيير على اللغة التركية من ناحية النطق فبقيت كما هي بدلا م ان تكتب بالعربية اصبحت تكتب بالحرف اللاتيني ، وقد دخلت عليها ايضا الفاظ ومصطلحات جديدة تعادل ما كان للغة التركية من مصطلحات قبل انتقالها الى الحف اللاتيني منذ ما يقارب نصف قرن تقريبا ، فهل نقول ان اللغة التركية تغيرت ، ام تطورت واصبحت اكثر حيوية لاستيعاب مفاهيم العصر ومتطلباته .
وقد احتضنت هذه القبائل جميعها سلطة سياسية واحدة، كما لاحظنا خلال فترات زمنية مختلفة وبأسر حاكمة ايضا ، وبالرغم من ان العاصمة السياسية كانت تتنقل احيانا من بين بابل ونينوى وذلك حسب نوعية الملك المسيطر ، فقد كانت تحدث بشكل دائم صراعات ضمن الاسرة الحاكمة على السلطة فالملك الذي كان يتخد نينوى عاصمة له كان يؤيد من قيبل زعماء نينوى ، ومن يدعم من قيبل زعماء بابل كان يتخذ بابل عاصمة له، وقد لاحظنا في التاريخ حدوث صراع حاد بين الشقيقين هما شمش شموكين زعيم بابل واخيه الاصغر اشور بانبيال زعيم نينوى اولاد اسرحدون حيث دمر على اثرها اشور بانيبال مدينة بابل تدميرا كاملا وذلك عندما رفض شقيقه الاستسلام .
وان مجموع التراث الذي خلفه سكان الرافدين عرف بحضارة بلاد ما بين النهرين الاشورية او الارامية ، بل هي تراث حضاري لشعب بلاد الرافدين بالكامل نشأ وترعرع في فترات زمنية مختلفة ومتلاحقة ومتطورة الواحدة عن الاخرى فليس هنا من يستطيع تمييز فن الشمال عن فن الجنوب خلال نفس الفترة التاريخية ضمن السلطة الوحدة ، اي انه في العهد الاكدي كان الفن واحدا شمالا وجنوبا ، ولكنه كان يسمى اكديا وكذلك في العهد السومري والاشوري والبابلي الا انه كان يتطور نحو الافضل على مر الزمن
ففن بلاد الرافدين في لعهد الاكدي متطور عن الفن السومري والبابلي متطور عن الفن الاكدي … وهكذا، وهذا شيء طبيعي لكل الشعوب في العالم . فالصين والهند وفارس واليونان ايضا مرورا بنفس المراحل ، فالفن الصيني الان هو غير الفن الصيني منذ ثلاثة الاف سنة وغيره منذ الفي سنة ، والفن والحضارة اليونانية اليوم هي غيرها منذ عهد افلاطون وغيرها منذ الفي سنة وغيرها منذ العصور الوسطى اي انه لم تكن هناك تقسيمات قبلية للحضارة التي نشأت في بلاد ما بين النهرين ،كما يصورها البحاثة في الوقت الحاضر بل تقسيمات حسب الحقب التاريخية والزمنية المتطورة بعضها عن بعض
فلم يكن هناك حضارة خاصة بالقبلية الاكدية او السومرية او الارامية او الاشورية ،بل كانت حضارة واحدة لكل هذه القبائل وكانت تعرف هذه الحضارة باسم السلطة المسيطرة سياسيا وعسكريا وقد زالت السلطة السياسية لسكان بلاد الرافدين بعد سقوط بابل على يد كورش الفارسي ، وذلك بعد اتفاق كهنة بابل مع كورش بواسطة زربابل الحاخام اليهودي في السبي البابلي على تسليم بابل دون حرب اذا ما وافق على ابقاء معابدهم بنفوذها الديني وثرواتها دون ان يمسها باذى
وخضع شعب بلاد الرافدين بعدئذ لسلطات متعددة وتعرض لتسميات مختلفة ،وعندما دخل اليونان الى هذه البلاد بقيادة الاسكندر المدوني عان 331 ق.م والذين اطلقوا عليه تسمية اسيريان حسب افظ لغتهم وذلك لعدم وجود حرف الشين في اللغة اليونانية اللاتينية فلفظة الشين في اللغات الاوربية الحديثة هي لفظة مركبة من حرفين ، واصبحت هذه اللفظة دارجة في الهيئات الادارية للسلطات الحاكمة فترجمت الى لغة هذا الشعب سوريويو باللهجة الغربية وسوريايا باللهجة الشرقية وذلك لعدم وجود ال التعريف في بداية اسماء الاعلام في اللغة السريانية بل ان ال التعريف في الاسماء السريانية تضاف الى نهاية الاسم وهناك امثلة كثيرة على ذلك مثل الفلسطينيين فلشتويه المصريين مصرويه وهكذا ، وترجمت اللفظة من اليونانية الى العربية بلفظة السريان حيث لم يتغيير شيء في اللفظ بين العربية واليونانية فتكتب السريان وتلفظ اسريان لكون اللام الشمسية وليست قمرية فاللام تكتب ولا تلفظ وخطا يشدد على ال التعريف .
وقد اعتنق فيما بعد قسم كبير من السريان الديانة المسيحية ولم يبقى لنا من ادب هذه الفترة كتابات كثيرة مدونة الا القليل جدا واغلبها كانت في الرها لكونها مملكة مستقلة اثر سقوط نينوى وفرار القادة العشرة وتاسيس مملكة عسرايا في الرها،وقد اعتنق معظم السريان الاشوريين في بلاد الرافدين الديانة المسيحية منذ قرنها الاول على يد مار ماري ومار اداي ويرد اسم مزرا اسقفا لبازبدي ازخ سنة 120 ميلادية وكان هذا الاعتناق الجماعي للديانة المسيحية كرد فعل على واقع الاضطهاد والظلم والتشتت الذي عانوه من الفرس والروم والفرثيين .
فالديانة المسيحية امنت لهم قيادة واحدة وان كانت باسم الدين ، يخضع لها الجميع دينيا ويطيعونها مدنيا فكانت هذه القيادة بمثابة ادارة دينية اجتماعية متكاملة ، وقد تخوف الرومان من الادارة الموحدة للسريان سكان بلاد ما بين النهرين فسعوا الى تقسيمهم دينيا مستغلين خلافات بعض رجال الدين الفكرية ففرقوهم الى مذاهب متناحرة ومتامرة بعضها ضد بعض ، فطرد الامبراطور الروماني زينون اتباع نسطور فلجاوا من الرها ونصيبين الى فارس حيث رحبت بهم واعتبرتهم عونا لها ضمن السلطة الرومانية ، وقد ابدع السريان خلال هذه الفترة ادبا لاهوتيا وفلسفيا رائعا فاثناء الانشقاقات الدينية قدم السريان ادبا رائعا في جميع نواحي الحياة وبالاخص خلال المجادلات الدينية التي جرت بين النساطرة واصحاب الطبيعة الواحدة ، فان كان الانشقاق الديني قد خلق هوة عميقة بين ابناء السريان عجز الزمن حتى الان عن محو اثاره السلبية وكانت سببا في شتاتهم وتمزيقهم ، فانها ابدعت اذهانهم بروائع الادب الفكري والاجتماعي وقد كان للصراع القائم بين الفرس والروم دور كبير في رغبة السريان بالتخلص من واقع الظلم والاستبداد فتعاونوا مع الجيوش العربية والاسلامية عام 637 م ، وقد انضم قسم من السريان المسيحيين الى الديانة الجديدة منذ بداية وصولها طمعا في الغنائم وبعضهم هروبا من دفع الجزية او تصرفات بعض رجال الدين، وبغضهم حافظ على معتقداته الدينية قبل المسيحية كالصابئة .
وقد اتصل السريان بالرسول العربي وحصلوا منه على عهود بالامان لقاء التعاون على طرد الروم والفرس من بلادهم بواسطة بطريركهم ايشو عيهيب الثاني الجذلاني ، كما تعاون السريان ايضا فيما بعد مع الخلفاء كعمر بن الخطاب وغيره لقاء اعطائهم حق ممارسة الشعائر الدينية والاحتفالات وترميم الكنائس والاديرة واعفائها من الجزية والتعهد بحماية ديارهم ، الا ان بعض الحكام المسلمين بداوا بمضايقة السريان بالضرائب والاكثار من الجزية وبالاخص في عهد ابي جعفر المنصور الخليفة العباسي حيث اصطدم معهم ديونوسيوس التلمحري مرات عديدة بسبب الظلم الذي كان يمارس بحق السريان من قيبل الخلفاء والاتباع المسلمين
وقد خعل السريان من الشرق منارة وضاءة كانت اساسا للمدنية الغربية الحالية وازدهر الشرق مدق ثلاثة قرون متواصلة من 650 الى 950 م بعلومهم وترجماتهم المختلفة من السريانية واليونانية والفارسية وكان لهم دور كبير في نشر الثقافات الادبية والفلسفية وعلوم الطب والرياضيات والهندسة وغيرها وكانت الرها وانطاكيا ونصيبين وقنشرين وجنديسابور ودير الزعفان وغيرها من الاديرة والمراكز تعتبر اكاديميات علمية ندر ان يضاهيها في العلوم مدارس اخرى سواء في علومها او في ادارتها ، ونشروا مختلف المقالات التي كان لها دور كبير في نمو العلم والادب عند السريان في الشرق بعد ان حل بدل لغتهم الادبية اللغة العربية لغة الفاتحين الجدد ولكونها لغة حكام الدولة ولغة الدين الجديد بعد ان بقيت لغتهم هي اللغة العلمية والادبية في الشرق لاكثر من الفي سنة متتالية تقريبا .
وتعتبر فترة الاحتلال العثماني وما تبعها ، مرحلة حرجة . فقد تميزت هذه الفترة بالاضطهاد والمضايقات الدينية العنيفة وتأليب الاقليات بعضها ضد بعض ونشر الفتن والقلائل فيما بينها ، ونمت في هذه الفترة الفكرة الاستعمارية الاوربية باتجاه الشرق ولكن بطرق واساليب جديدة وذلك عن طريق المرسلين التبشيريين عام 1550 م ليبشروا بمذاهبهم الدينية المختلفة ويحصلون على فرمانات من الحكومة العثمانية بذلك لتسيير مصالحهم الاقتصادية في الدولة العثمانية الضعيفة وايجاد موطئ قدم لهم لمنافسة اعدائهم من باقي الدول الاوربية في المنطقة وتحقيقا لمطامعهم السياسية في السيطرة على الشرق وكانوا يمارسون كافة وسائل الترغيب والترهيب ، فكان ان تحولت هذه المذاهب الدينية الى بسمار جحا ، فكلما شعرت احدى الدول بأن مصالحها في الشرق تتضرر في الشرق كانت تتدخل بحجة حماية المسيحيين التابعين لها، وهكذا تخلت الحكومة العثمانية المسلمة عن واجبها الوطني المتمثل بالدفاع عن رعاياها واعطت الحق للدول الاجنبية لقاء تحقيق مكاسب معينة كانت تحصل عليها من هذه الدول مما ادى الى وقوع السريان ابناء الامة الاشورية البابلية الارامية تحت رحمة السياسات الاجنبية والمصالح الانانية للسلاطين العثمانيين ولقمة سهلة للنهب والسلب من قيبل الشيوخ والبيكاوات الاكراد والاتراك .
وقد لجأ بعض المبشرين الى نشر الفتن وتأليب الاكراد ضد المسيحيين الذين لا يقبلون بمذهبهم الديني ، فأنقسم السريان الشرقيين وكذلك السريان الغربيون والسريان الملكيون وانقسمت الامة الى ملل ومنذ تلك الفترة حاولت كل ملة ان تنفرد بتسميتها الخاصة دينيا حتى ان هذه التسميات اخذت اتجاها قوميا خاصا .
واستمر السريان يعانون من الاضطهاد والمذابح عام 1885 م نهاية القرن التاسع عشر تقريبا وبالاخص خلال الحرب العالمية الاولى حيث عانى احفاد الاشوريين من سريان شرقيين وغربيين بشكل خاص الامرين وقد بلغ عدد القتلى والضحايا في طورعابدين وحيكاري اكثر من 100000 مائة الف هاموا على وجوههم خارج الوطن خوفا من الاضطهاد وهربا من الظلم فقد وصلت قوافل المهاجرين الى سنجار مشيا على الاقدام بالاضافة الى هجرات السريان الاشوريين الى فلسطين ولبنان والامريكيتين وروسيا ومصرواليونان وفرنسا والهند ونزوح فئة اخرى الى سوريا والعراق بعد رسم الحدود في الفترة الاخيرة ، تاركين ورائهم مناطق عيشهم وسكناهم باحثين عن لقمة الخبز بعد تشردهم ونهب ممتلكاتهم وارزاقهم
وبعد ان اوقفت الحرب العالمية الاولى اوزارها انتشى الحلفاء من خمرة النصر مقسمين تركة الرجل المريض فيما بينهم وجاءت معاهدة سيفر عام 1920 م وتلتها معاهدة لوزان عام 1924 م لتنص على حقوق الامة الاشورية والتاكيد على قضية الشعب الاشوري بكامله الا ان هذه الامور والمعاهدات بقيت حبرا على ورق بعد تشكيل اللجنة البلجيكية الهنغارية الاسوجية عام 1925 م التي وافقت على ضم الموصل الى العراق لقاء حكم ذاتي اشوري متعاون مع العراق وابقاء حيكاري ضمن السلطة التركية واعادة سكانها والمحافظة على ممتلكاتهم .
فمواطن الاشوريين تم تقسيمها بين عدة دول حديثة النشوء وفصلت بينها حدود سياسية ، وقد ساهم الحلفاء مساهمة كبيرة فيما بعد مع حكومة الملك العراق في تنفيذ مأسي عام 1932م التي ادت الى ارتكاب مجازر لا انسانية بحق الشعب الاشوري في العراق لتنعقد بعدئذ جلسة لعصبة الامم المتحدة في جنيف وتغرم العراق بغرامة مالية ولينزح قسم اخر من الاشوريين مرة اخرى ولكن هذه المرة الى الخابور في الجزيرة السورية ، وقد عانى الاشوريين السريان مرة اخرى من هجرة جديدة الى اوربا وامريكا والبرازيل واستراليا ولبنان وغيرها وما زالوا متشتتين في كل اصقاع المعمورة كما شتتهم المذاهب الدينية الى اشلاء متناثرة وان كانت قد بدأت تظهر الحركات القومية بين ابناء الامة بدء من اوائل النصف الثاني من القرن العشرين فقد ظهرت المنظمة الاثورية الديقراطية في الوطن عام 1957م ثم تلاها الاتحاد الاشوري العالمي عام 1969م في المهجر ثم بدأت تظهر مجموعة من الهيئات الاجتماعية والاحزاب السياسية في المهجر بعضها يقتصر على الجانب الاجتماعي والثقافي كالاندية الاثورية والسريانية ، وظهرت الحركة الاشورية الديمقراطية في شمال العراق بأوائل الثمانينات .
وهناك بعض الاحزاب التي نشأت في المهجر بنهاية السبعينات اخذت اقصى جانب التطرف وطرحت احيانا شعارات غير واقعية ، وجميع هذه الهيئات السياسية والاجتماعية تسعى الى لم الشتات وتوحيد الجهود للمحافظة على الوجود القومي للامة والاستمرار في هذا الجود الا ان بعضها يتلهى احيانا بالخلاافات الثانوية ويجعلها تطغى على الهدف العام الذي هو خدمة الوجود القومي لهذا الشعب بكرامة في ارض الوطن واستمرار بقائه محافظا على سماته القومية في المهجر .
وبعضهم الاخر يساير مصالحه الخاصة على حساب المجموع العام منطلقا من الانانية العصبية والقبلية التي تؤدي الى اضعاف العمل القومي واهمال الواجبات المطلوب منهم القيام بها ، مما ادى الى بعض الانتكاسات والى تشرد وضياع ابناء شعبنا في المهجر ، بين الطوحات المختلفة والمتناقضة احيانا التي تطرحها احزاب وهيئات اجتماعية وثقافية وبالاخص في الصراعات والاتهامات المزورة والتي لا مبرر لها سوى الحقد والانانية .

المؤلف : عزيز احي