المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *** حياة فلاح صغير (الجزء الأول) ***


المهذب
2020-11-26, 09:37
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أولا الصلاة على الحبيب المصطفى صلوات رب وسلامه عليه عدد ما نرى وعدد الحصى وعدد النجوم وعدد ما في الكون، وعدد ما يقول له المولى سبحانه كن فيكون.
اليوم أيها الأحبة سأبدأ بنسج خيوط حكاية أخرى لعلها تكون مفيدة أو نستنتج منها بعض المعاني والعبر أو لعل أحدنا كان يوما قد عاشها، وانقضى أجلها وكانت نفحة من حياته ذهبت مع نسمات الرياح ، وربما كان فيها البال زاه ومرتاح .
أحبتي :هذه حكاية عن فلاح صغير ليس له مال ولا جاه وضعه خطير وبين الناس مجتهد وبالشكر جدير يحبه الجميع ، قمة في الأخلاق وقمة في الكلام والأداء والتعبير، نقي النفس ، مسالم لا يظلم ، يحرث ويزرع ، يغرس ويخضر ، البذور على أيديه تنبت والأشجار الصغيرة تنمو وتزهر ، لا يختلف على حكمته أحد يكد ويجد، عاملا بالحقل والبستان وإذا ناده أحد لبى وكله عزم وإيمان ، يصلي صلاته ويدعو ربه لنفسه ولغيره ولأحبائه ، إذا غاب أفتقده الجميع وإذا حضر
تراقصت الطبيعة وزقزقت العصافير ، إذا رأيته من بعيد حسبته رجل شديد وإذا دنوت منه رحب بك وسمعت من أقواله ما يفيد، هذا بطلنا بهذه القصة
كان يتيم الأبوين سكن بجوار المدينة في بيت متواضع بناه جده وورثه أباه ثم هو من بعده ليس له إخوة أشقاء ، ورث عن أبيه قطعة أرض لها اتجاهين واحد نحو المدينةوالأخرنحوالغابة،له أقارب يحيطون به،والكل منهمك في شغله وأعماله.
ذات مرة، نهض زعيم قصتنا فجرا على الأذان ، قام بالفرض صلى ودعا ثم للقهوة احتسى ، نظر الى صورة أمه وأبيه تأمل فيهم جيدا ثم قال :
رحمة تغيثكم بالقبر يا أعزاء ، تركتماني بدنيا بها إلا العناء ، سأرضي رب وأكثر عليكم الدعاء،ثم بدأت الشمس تشرق وتتبدد الغيوم بأشعتها القوية أخذ فأسه
ومجرفته ثم انطلق إلى الحقل ، ووقف في وسطه ثم قال : رحماك يا الله أريد أن أغرس غرسا تكون به الناس سعداء ، وتنعم به كل الأحبة والأشقاء ، ثم نظر إلى جوانب حقله ثم قال هذه أشجار غرست من طرف أبي سأتركها ولن أقلعها بل
سأهذب أغصانها ومن الحشائش الضرة أنقيها ، وسأغرس بعض الحبوب ،هناك قمح وشعير وهناك بعض الخضروات وهناك أشجار زيتون وهناك خوخ ورمان وهناك تين وبرتقال وهنا بالوسط سأتركها فارغة حتى تكون كل الاتجاهات تؤدي الى نقطة الوسط وسأترك هذه القطعة الصغيرة فارغة حتى أجد البذرة المناسبة ، ثم بدا الحرث بداية بالقمح والشعير ، لأنه موسم حرث وبذر لهذا النوع من الحبوب .
زعيم قصتنا وهو منهمك في العمل بأرضه وإذا بسيارة ذات دفع رباعي تتقدم نحو حقله من جهة الغابة ولما سمع صوتها هز رأسه وقال في نفسه لمن هذه السيارة يا ترى ومن هم الراكبين فيها وما غاية وجودها هنا ، إنني لم أرى واحدة مثلها تدور بالجوار ولم يكن لها بهذا المكان مسار ، ومع تساؤلاته التي لم يجد لها تفسيرا حتى وصلت السيارة إلى الحقل وتوقفت وعندها لزعيم حكايتنا الحقيقة بينت.
وللحكاية تتمة أيها الأحبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم المهذب.