أمينة87
2009-12-17, 22:12
مبدأ المعاملة بالمثل في تنفيذ الأحكام الأجنبية
التعريف بميدأ المعاملة بالمثل أو التبادل :
وهو ما يعرف بشرط المعاملة بالمثل أو التبادل ([1]) ،ومقتضى هذا المبدأ أن المحاكم الوطنية لدولة ما ، لا تقبل الأمربتنفيذ الحكم الأجنبي إلا إذا كانت المحاكم الأجنبية التي أصدرتهذا الحكم تقبل تنفيذ الأحكام الصادرة من قبل محاكم هذه الدولةبنفس القدر وفى نفس الحدود ([2]) .
وهذا يعني أن مبدأالمعاملة بالمثل ما هو إلا خطة تتبعها محاكم الدول إزاء بعضهاالبعض ، بمناسبة تنفيذ أحكام كل منها في بلاد الأخرى ، ويجب أننلاحظ أن مبدأ المعاملة بالمثل يجب أن يطبق في أضيق معانية ،فيجب النظر إلى معاملة المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم المرادتنفيذه في دولة ما ، لحكم هذه الدولة الصادر في نفس الظروف إذاما أريد تنفيذه في تلك الدولة الأجنبية ، فإذا كانت تلك الدولةالأجنبية لا تحترمه في ظل تلك الظروف وجب على محكمة الدولةالمطلوب إليها إصدار الأمر بتنفيذه ، ألا تحترم ذلك الحكمالأجنبي المراد تنفيذه ولا أهمية لكونها قد تحترم أحكاماً أخرىفي ظروف أخرى ([3]) ،([4]) .
ومثال ذلك المحاكمالإنجليزية فهي لا تراجع موضوع الأحكام الأجنبية كقاعدة عامةوإنما تراجعها ، إذا ادعى المحكوم عليه أن الحكم تم الحصول عليهبناء على غش المدعي أو المحكمة التي أصدرته ، لذلك يجب علىالمحكمة المطلوب منها إصدار الأمر بتنفيذ حكم أجنبي إنجليزي ، أنتراجعه إذا ادعى المحكوم عليه أمامها بحصول غش ، كذلك المحاكمالإيطالية فهي تعمل على مراجعة الأحكام الأجنبية المطلوب تنفيذهافي إيطاليا ، والصادرة في غيبة المدعى عليه إذا طلب ذلك المدعىعليه ، لذلك يجب على محاكم الدول التي يقدم إليها أحكاماًإيطالية لتنفيذها ، أن تراجعها إذا طلب المدعى عليه ذلك ، وأبدىأسباباً وجيهة تجعل من نقض الحكم الغيابي أمراً محتملاً ([5]) .
كذلك محاكم الدول الاسكندنافية ([6]) ، فإنها تشترط رفعدعوى جديدة لتقرير الحق المحكوم به من القضاء الأجنبي ، حيث يقدمالحكم الأجنبي كدليل قابل لإثبات العكس ، لذلك يتعين على محاكمالدول الأخرى ، إذا طلب منها تنفيذ حكم صادر من إحدى محاكم هذهالدول أن ترفض التنفيذ ، ويكون للمحكوم له أن يرفع دعوى جديدةأمام القضاء للمطالبة بحقه ، وإن كان بعضها نص على إجازة عقدمعاهدة دولية يتفق فيها على تنفيذ الحكم الأجنبي ([7]) .
ومما سبق يتضح لنا أن تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل علىالنحو المتقدم ، لا يكون على درجة واحدة ، لأن الأحكام الأجنبيةالمراد تنفيذها لا تعامل على درجة واحدة ، فتختلف باختلاف البلادالتي صدرت فيها ، وما تلقاه أحكام محاكم هذه البلاد من معاملةإذا ما أريد تنفيذها في بلاد أخرى .
وقد اختلفت الدول منحيث تقريرها لكيفية التحقق من وجود التبادل ، فمنها من يشترط أنيكون التبادل دبلوماسـياً ، ومنها من يشترط أن يكون التبادلتشريعياً ، ومنها من يشترط أن يكـون التبادل واقعياً .
والتبادل الدبلوماسي : هو التبادل المنصوص عليه فيمعاهدة معقودة بين دولتين أو أكثر ، بمعنى أنه إذا وجد نص فيالمعاهدة يقضي بضرورة تنفيذ محاكم كل دولة للأحكام الصادرة منمحاكم الدول الأخرى ، فإنه يتعين على القاضي الوطني في هذهالحالة أن ينفذ الحكم الأجنبي .
والتبادل التشريعي : هوالتبادل المنصوص عليه في قانون الدول ، بمعنى أنه لا تقوم محاكمالدول بتنفيذ الأحكام الأجنبية ، إلا إذا كان قانون هذه الدوليتضمن نصاً يسمح بتنفيذ تلك الأحكام الأجنبية ([8]) .
أماالتبادل الواقعي : فهو التبادل الذي يقوم على ما يجري عليه العملفعلاً في الواقع أمام القضاء الأجنبي ، أي عدم قبول تنفيذالأحكام الأجنبية في دولة ما إلا إذا كانت تلك الدولة الأجنبيةالمراد تنفيذ حكمها ، تسمح بتنفيذ الحكم الصادر عن محاكم الدولةالأولى المطلوب إليها إصدار الأمر بالتنفيذ ، فلا ينظر إلى وجودمعاهدة أو نص قانوني لإثبات توافر التبادل ، بل ينظر إلى ما يجريعليه العمل في الواقع ([9]) .
ويرى البعض أن التبادلالتشريعي أكثر ضماناً وأوضح معالماً من التبادل الواقعي ([10]) بينما يرى البعض الآخر أن التبادل التشريعي لا يكفي وحده لقيامالتبادل ، لأنه قد يحدث أن تكون نصوص القانون الخاص بتنفيذالأحكام الأجنبية معطلة عن التطبيق في البلد الأجنبي بعكسالتبادل الواقعي فهو يكفي وحدة لقيام التبادل ، ولو لم يكن قانونالبلد الأجنبي يكفل من خلال نصوصه تنفيذ الأحكام الأجنبية ([11]) .
ويجب أن نلاحظ أن العبرة في تقدير قيام التبادل لا يرجعإلى الدولة التابع لها الخصوم بل يرجع إلى الدولة التي صدر عنهاالحكم المراد تنفيذه.
نطاق مبدأ المعاملة بالمثلأو التبادل :
إذا أمعنا النظر في مفهوم شرط المعاملةبالمثل أو التبادل على النحو المتقدم نجد بأنه لا معاملة بالمثلولا تبادل فيما يتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها عند التقدم بطلبإصدار الأمر بالتنفيذ ، لأن تلك الإجراءات تدخل ضمن قواعدالمرافعات ، فتخضع لقانون القاضي الذي ينظر في طلب التنفيذ ([12]) ، كما أن شرط المعاملة بالمثل أو التبادل لا يتناول الجهةالقضائية المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ ([13]) ، فهي قد تكون فيدولة معينة قاضي الأمور الوقتية ، وقد تكون في دولة أخرى قاضيالتنفيذ ، وقد تكون في دولة ثالثة رئيس المحكمة الابتدائيةالتابع لها المحكوم عليه وهكذا … فاختلاف هذه الجهات والإجراءاتالواجب اتباعها أمامها لا يعني عدم قيام شرط المعاملة بالمثل أوالإخلال به .
فشرط المعاملة بالمثل لا يطبق فحسب في تنفيذالأحكام القضائية الأجنبية بل يطبق أيضاً في تنفيذ الأوامرالأجنبية ، وفى تنفيذ أحكام المحكمين ، وفى تنفيذ السنداتالأجنبية ويتعين على المحكمة المطلوب إليها إصدار الأمر بالتنفيذ، أن تتحقق من تلقاء نفسها من توافر شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل ([14]) .
وأما عن تحديد الوقت الذي يعتد فيهبتوافر شرط المعاملة بالمثل أو التبادل من عدمه فقد تعرض القضاءالألماني لهذه المشكلة ، وقرر وجوب التفرقة بين ما إذا كان صاحبالمصلحة قد طلب تنفيذ الحكم الأجنبي في ألمانيا ، أو أنه قد تمسكفقط بحيازة هذا الحكم لحجية الشيء المقضي به ، ففي حالة طلبتنفيذ الحكم الأجنبي ، يتعين أن يكون شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل متوافراً عند التقدم بطلب التنفيذ ، أما إذا كان المحكومله قد تمسك بحجية الحكم الأجنبي ، فيكفي أن يكون شرط المعاملةبالمثل أو التبادل قد توافر عند تمتع الحكم الأجنبي بهذه الصفة ( حجية الشيء المحكوم به ) في الدولة الأجنبية ([15]) .
إلاأنه لا يمكن التسليم بما ذهب إليه القضاء الألماني ، لأن التفرقةالتي قال بها ستؤدي إلى نتائج غير مقبولة ، إذ أنه من المتصوروفقاً لهذا الاتجاه أن يتمتع الحكم الأجنبي بحجية الشيء المقضيبه ، إذا كان شرط المعاملة بالمثل أو التبادل متوافراً عند صدورالحكم أو صيرورته نهائياً ، بينما لا يصح تنفيذ هذا الحكم ما دامأن شرط المعاملة بالمثل أو التبادل لم يعد متوافراً عند طلبالتنفيذ ، ويؤدي ذلك إلى إنكار العدالة ، لأن المحكوم له لنيستطيع تنفيذ الحكم الأجنبي لتخلف شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل ، في الوقت الذي لن يتمكن فيه من رفع دعوى جديدة ، لوقوفحجية الحكم الأجنبي حائلاً يمنعه من تجديد النزاع مرة أخرى ([16]) لذلك فإن العبرة بتوافر شرط المعاملة بالمثل عند التمسكبحجية الحكم الأجنبي أو عند الأمر بتنفيذه ، لأن حجية الشيءالمقضي به والقوة التنفيذية هما مظهران لنفاذ الحكم ، وإن كانالأول مظهراً سلبياً ، والثاني مظهراً إيجابياً ([17]) .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يمتد شرط المعاملةبالمثل أو التبادل ليتناول الشروط الخارجية للحكم الأجنبي ؟
باعتبار أن هناك بعض القوانين تنص على شرط المعاملةبالمثل أو التبادل لتنفيذ الحكم الأجنبي ، وتنص في ذات الوقت علىضرورة توافر شروط أخرى لتنفيذ ذلك الحكم الأجنبي كما هو الحال فيالقانون المصري عندما نص في المادة 296 مرافعات على أنه " يجوزللقاضي المصري أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي بنفس الشروط التييقررها قانون الدولة الصادر منها هذا الحكم لتنفيذ الأحكامالمصرية فيه " ، وفى ذات الوقت نص في المادة 298 مرافعات على أنه " لا يجوز للقاضي المصري أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعدالتحقق من توافر شروط معينة تم تعدادها في صدر هذه المادة " .
ذهب شراح القانون الدولي الخاص المصرين في الإجابة علىهذا التساؤل لتبرير موقف واضعي القانون المصري إلى القول بأنه : يجب أن يفسر ذلك على أنه مزج بين مبدأ الرقابة ومبدأ المعاملةبالمثل ، ولهذا يمكن القول أن الشروط التي عددها القانون المصريفي المادة 298 مرافعات ، هي الشروط الخارجية أو الأساسية التيتمثل الحد الأدنى الذي يلتزم القاضي المصري بالتحقق من توافرهطبقاً لمبدأ المراقبة ، ولا يصح له النزول عنها ولو بمقتضى مبدأالمعاملة بالمثل بمعنى أنه لو كان قانون الدولة الأجنبية الصادرمنها الحكم المراد تنفيذه في مصر يضع شروطاً أقل لتنفيذ الأحكامالمصرية في تلك الدولة الأجنبية أو أنه لا يستلزم أي شرط في هذاالشأن ، فالقاضي المصري ملزم بالرغم من ذلك بمراقبة الحد الأدنىمن الشروط الواردة بالمادة 298 مرافعات ، أما في الحالة العكسيةحين يتطلب قانون الدولة الأجنبية شروطاً أخرى تزيد أو تختلف عنذلك الحد الأدنى فعلى القاضي المصري أن يضيف هذه الشروط الأخرىالتي يمليها مبدأ المعاملة بالمثل على الحد الأدنى ([18]) .
ومثل هذا التفسير تقضيه ضرورة مزج مبدأ المعاملة بالمثلبالشروط الأخرى التي تمثل حداً أدنى لما يلزم توافره في الحكمالأجنبي ، ولا يهم بعد ذلك وصف النظام القائم في الدولة الأخرىفي شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فيها ، لذلك فإن مبدأ المعاملةبالمثل يكون قائماً حين يطلب من القاضي المصري تنفيذ حكم إنجليزيلأن القانون الإنجليزي يجيز تنفيذ الحكم المصري من حيث المبدأ معأخذه بنظام الدعوى الجديدة ، فيعتبر الحكم المصري دليلاً قاطعاًعلى ثبوت الحق بمقتضاه بالرغم من أن القاضي المصري يتحقق من شروطالحد الأدنى الواجب توفرها في الحكم الإنجليزي ([19]) ، فبالرغممن اختلاف الوسيلة المتبعة فإنها توصل إلى نفس النتيجة ([20]) .
التعريف بميدأ المعاملة بالمثل أو التبادل :
وهو ما يعرف بشرط المعاملة بالمثل أو التبادل ([1]) ،ومقتضى هذا المبدأ أن المحاكم الوطنية لدولة ما ، لا تقبل الأمربتنفيذ الحكم الأجنبي إلا إذا كانت المحاكم الأجنبية التي أصدرتهذا الحكم تقبل تنفيذ الأحكام الصادرة من قبل محاكم هذه الدولةبنفس القدر وفى نفس الحدود ([2]) .
وهذا يعني أن مبدأالمعاملة بالمثل ما هو إلا خطة تتبعها محاكم الدول إزاء بعضهاالبعض ، بمناسبة تنفيذ أحكام كل منها في بلاد الأخرى ، ويجب أننلاحظ أن مبدأ المعاملة بالمثل يجب أن يطبق في أضيق معانية ،فيجب النظر إلى معاملة المحكمة الأجنبية التي أصدرت الحكم المرادتنفيذه في دولة ما ، لحكم هذه الدولة الصادر في نفس الظروف إذاما أريد تنفيذه في تلك الدولة الأجنبية ، فإذا كانت تلك الدولةالأجنبية لا تحترمه في ظل تلك الظروف وجب على محكمة الدولةالمطلوب إليها إصدار الأمر بتنفيذه ، ألا تحترم ذلك الحكمالأجنبي المراد تنفيذه ولا أهمية لكونها قد تحترم أحكاماً أخرىفي ظروف أخرى ([3]) ،([4]) .
ومثال ذلك المحاكمالإنجليزية فهي لا تراجع موضوع الأحكام الأجنبية كقاعدة عامةوإنما تراجعها ، إذا ادعى المحكوم عليه أن الحكم تم الحصول عليهبناء على غش المدعي أو المحكمة التي أصدرته ، لذلك يجب علىالمحكمة المطلوب منها إصدار الأمر بتنفيذ حكم أجنبي إنجليزي ، أنتراجعه إذا ادعى المحكوم عليه أمامها بحصول غش ، كذلك المحاكمالإيطالية فهي تعمل على مراجعة الأحكام الأجنبية المطلوب تنفيذهافي إيطاليا ، والصادرة في غيبة المدعى عليه إذا طلب ذلك المدعىعليه ، لذلك يجب على محاكم الدول التي يقدم إليها أحكاماًإيطالية لتنفيذها ، أن تراجعها إذا طلب المدعى عليه ذلك ، وأبدىأسباباً وجيهة تجعل من نقض الحكم الغيابي أمراً محتملاً ([5]) .
كذلك محاكم الدول الاسكندنافية ([6]) ، فإنها تشترط رفعدعوى جديدة لتقرير الحق المحكوم به من القضاء الأجنبي ، حيث يقدمالحكم الأجنبي كدليل قابل لإثبات العكس ، لذلك يتعين على محاكمالدول الأخرى ، إذا طلب منها تنفيذ حكم صادر من إحدى محاكم هذهالدول أن ترفض التنفيذ ، ويكون للمحكوم له أن يرفع دعوى جديدةأمام القضاء للمطالبة بحقه ، وإن كان بعضها نص على إجازة عقدمعاهدة دولية يتفق فيها على تنفيذ الحكم الأجنبي ([7]) .
ومما سبق يتضح لنا أن تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل علىالنحو المتقدم ، لا يكون على درجة واحدة ، لأن الأحكام الأجنبيةالمراد تنفيذها لا تعامل على درجة واحدة ، فتختلف باختلاف البلادالتي صدرت فيها ، وما تلقاه أحكام محاكم هذه البلاد من معاملةإذا ما أريد تنفيذها في بلاد أخرى .
وقد اختلفت الدول منحيث تقريرها لكيفية التحقق من وجود التبادل ، فمنها من يشترط أنيكون التبادل دبلوماسـياً ، ومنها من يشترط أن يكون التبادلتشريعياً ، ومنها من يشترط أن يكـون التبادل واقعياً .
والتبادل الدبلوماسي : هو التبادل المنصوص عليه فيمعاهدة معقودة بين دولتين أو أكثر ، بمعنى أنه إذا وجد نص فيالمعاهدة يقضي بضرورة تنفيذ محاكم كل دولة للأحكام الصادرة منمحاكم الدول الأخرى ، فإنه يتعين على القاضي الوطني في هذهالحالة أن ينفذ الحكم الأجنبي .
والتبادل التشريعي : هوالتبادل المنصوص عليه في قانون الدول ، بمعنى أنه لا تقوم محاكمالدول بتنفيذ الأحكام الأجنبية ، إلا إذا كان قانون هذه الدوليتضمن نصاً يسمح بتنفيذ تلك الأحكام الأجنبية ([8]) .
أماالتبادل الواقعي : فهو التبادل الذي يقوم على ما يجري عليه العملفعلاً في الواقع أمام القضاء الأجنبي ، أي عدم قبول تنفيذالأحكام الأجنبية في دولة ما إلا إذا كانت تلك الدولة الأجنبيةالمراد تنفيذ حكمها ، تسمح بتنفيذ الحكم الصادر عن محاكم الدولةالأولى المطلوب إليها إصدار الأمر بالتنفيذ ، فلا ينظر إلى وجودمعاهدة أو نص قانوني لإثبات توافر التبادل ، بل ينظر إلى ما يجريعليه العمل في الواقع ([9]) .
ويرى البعض أن التبادلالتشريعي أكثر ضماناً وأوضح معالماً من التبادل الواقعي ([10]) بينما يرى البعض الآخر أن التبادل التشريعي لا يكفي وحده لقيامالتبادل ، لأنه قد يحدث أن تكون نصوص القانون الخاص بتنفيذالأحكام الأجنبية معطلة عن التطبيق في البلد الأجنبي بعكسالتبادل الواقعي فهو يكفي وحدة لقيام التبادل ، ولو لم يكن قانونالبلد الأجنبي يكفل من خلال نصوصه تنفيذ الأحكام الأجنبية ([11]) .
ويجب أن نلاحظ أن العبرة في تقدير قيام التبادل لا يرجعإلى الدولة التابع لها الخصوم بل يرجع إلى الدولة التي صدر عنهاالحكم المراد تنفيذه.
نطاق مبدأ المعاملة بالمثلأو التبادل :
إذا أمعنا النظر في مفهوم شرط المعاملةبالمثل أو التبادل على النحو المتقدم نجد بأنه لا معاملة بالمثلولا تبادل فيما يتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها عند التقدم بطلبإصدار الأمر بالتنفيذ ، لأن تلك الإجراءات تدخل ضمن قواعدالمرافعات ، فتخضع لقانون القاضي الذي ينظر في طلب التنفيذ ([12]) ، كما أن شرط المعاملة بالمثل أو التبادل لا يتناول الجهةالقضائية المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ ([13]) ، فهي قد تكون فيدولة معينة قاضي الأمور الوقتية ، وقد تكون في دولة أخرى قاضيالتنفيذ ، وقد تكون في دولة ثالثة رئيس المحكمة الابتدائيةالتابع لها المحكوم عليه وهكذا … فاختلاف هذه الجهات والإجراءاتالواجب اتباعها أمامها لا يعني عدم قيام شرط المعاملة بالمثل أوالإخلال به .
فشرط المعاملة بالمثل لا يطبق فحسب في تنفيذالأحكام القضائية الأجنبية بل يطبق أيضاً في تنفيذ الأوامرالأجنبية ، وفى تنفيذ أحكام المحكمين ، وفى تنفيذ السنداتالأجنبية ويتعين على المحكمة المطلوب إليها إصدار الأمر بالتنفيذ، أن تتحقق من تلقاء نفسها من توافر شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل ([14]) .
وأما عن تحديد الوقت الذي يعتد فيهبتوافر شرط المعاملة بالمثل أو التبادل من عدمه فقد تعرض القضاءالألماني لهذه المشكلة ، وقرر وجوب التفرقة بين ما إذا كان صاحبالمصلحة قد طلب تنفيذ الحكم الأجنبي في ألمانيا ، أو أنه قد تمسكفقط بحيازة هذا الحكم لحجية الشيء المقضي به ، ففي حالة طلبتنفيذ الحكم الأجنبي ، يتعين أن يكون شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل متوافراً عند التقدم بطلب التنفيذ ، أما إذا كان المحكومله قد تمسك بحجية الحكم الأجنبي ، فيكفي أن يكون شرط المعاملةبالمثل أو التبادل قد توافر عند تمتع الحكم الأجنبي بهذه الصفة ( حجية الشيء المحكوم به ) في الدولة الأجنبية ([15]) .
إلاأنه لا يمكن التسليم بما ذهب إليه القضاء الألماني ، لأن التفرقةالتي قال بها ستؤدي إلى نتائج غير مقبولة ، إذ أنه من المتصوروفقاً لهذا الاتجاه أن يتمتع الحكم الأجنبي بحجية الشيء المقضيبه ، إذا كان شرط المعاملة بالمثل أو التبادل متوافراً عند صدورالحكم أو صيرورته نهائياً ، بينما لا يصح تنفيذ هذا الحكم ما دامأن شرط المعاملة بالمثل أو التبادل لم يعد متوافراً عند طلبالتنفيذ ، ويؤدي ذلك إلى إنكار العدالة ، لأن المحكوم له لنيستطيع تنفيذ الحكم الأجنبي لتخلف شرط المعاملة بالمثل أوالتبادل ، في الوقت الذي لن يتمكن فيه من رفع دعوى جديدة ، لوقوفحجية الحكم الأجنبي حائلاً يمنعه من تجديد النزاع مرة أخرى ([16]) لذلك فإن العبرة بتوافر شرط المعاملة بالمثل عند التمسكبحجية الحكم الأجنبي أو عند الأمر بتنفيذه ، لأن حجية الشيءالمقضي به والقوة التنفيذية هما مظهران لنفاذ الحكم ، وإن كانالأول مظهراً سلبياً ، والثاني مظهراً إيجابياً ([17]) .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل يمتد شرط المعاملةبالمثل أو التبادل ليتناول الشروط الخارجية للحكم الأجنبي ؟
باعتبار أن هناك بعض القوانين تنص على شرط المعاملةبالمثل أو التبادل لتنفيذ الحكم الأجنبي ، وتنص في ذات الوقت علىضرورة توافر شروط أخرى لتنفيذ ذلك الحكم الأجنبي كما هو الحال فيالقانون المصري عندما نص في المادة 296 مرافعات على أنه " يجوزللقاضي المصري أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي بنفس الشروط التييقررها قانون الدولة الصادر منها هذا الحكم لتنفيذ الأحكامالمصرية فيه " ، وفى ذات الوقت نص في المادة 298 مرافعات على أنه " لا يجوز للقاضي المصري أن يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعدالتحقق من توافر شروط معينة تم تعدادها في صدر هذه المادة " .
ذهب شراح القانون الدولي الخاص المصرين في الإجابة علىهذا التساؤل لتبرير موقف واضعي القانون المصري إلى القول بأنه : يجب أن يفسر ذلك على أنه مزج بين مبدأ الرقابة ومبدأ المعاملةبالمثل ، ولهذا يمكن القول أن الشروط التي عددها القانون المصريفي المادة 298 مرافعات ، هي الشروط الخارجية أو الأساسية التيتمثل الحد الأدنى الذي يلتزم القاضي المصري بالتحقق من توافرهطبقاً لمبدأ المراقبة ، ولا يصح له النزول عنها ولو بمقتضى مبدأالمعاملة بالمثل بمعنى أنه لو كان قانون الدولة الأجنبية الصادرمنها الحكم المراد تنفيذه في مصر يضع شروطاً أقل لتنفيذ الأحكامالمصرية في تلك الدولة الأجنبية أو أنه لا يستلزم أي شرط في هذاالشأن ، فالقاضي المصري ملزم بالرغم من ذلك بمراقبة الحد الأدنىمن الشروط الواردة بالمادة 298 مرافعات ، أما في الحالة العكسيةحين يتطلب قانون الدولة الأجنبية شروطاً أخرى تزيد أو تختلف عنذلك الحد الأدنى فعلى القاضي المصري أن يضيف هذه الشروط الأخرىالتي يمليها مبدأ المعاملة بالمثل على الحد الأدنى ([18]) .
ومثل هذا التفسير تقضيه ضرورة مزج مبدأ المعاملة بالمثلبالشروط الأخرى التي تمثل حداً أدنى لما يلزم توافره في الحكمالأجنبي ، ولا يهم بعد ذلك وصف النظام القائم في الدولة الأخرىفي شأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فيها ، لذلك فإن مبدأ المعاملةبالمثل يكون قائماً حين يطلب من القاضي المصري تنفيذ حكم إنجليزيلأن القانون الإنجليزي يجيز تنفيذ الحكم المصري من حيث المبدأ معأخذه بنظام الدعوى الجديدة ، فيعتبر الحكم المصري دليلاً قاطعاًعلى ثبوت الحق بمقتضاه بالرغم من أن القاضي المصري يتحقق من شروطالحد الأدنى الواجب توفرها في الحكم الإنجليزي ([19]) ، فبالرغممن اختلاف الوسيلة المتبعة فإنها توصل إلى نفس النتيجة ([20]) .