المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جالِس الشباب تسمع العجب العاجب من الخلل في موازين الأشياء


اسماعيل 03
2020-11-04, 16:13
قال محمود شاكر رحمه الله في مقال " بلبلة" في خلال حديثه عن بعض أساتذة الجامعة وأثرهم على طلابهم :
"ويخرج هذا الأستاذ جيلا من مساكين الطلاب لا يحسنون شيئًا إلا التعصب له والتسمي باسمه والتشبه به في فساد الرأي وقلة العلم وضعف الملكة. ويجتمع منهم ومن شيخهم فئة تتهجم على العلم بغير علم، فإذا أراد أحد أن يقف في سبيلها تناعقت باسم حرية الرأي وحرمة الجامعة.
فكيف تكون العاقبة إذا خرج مثل هؤلاء على الشباب الناشئين بأمثال آرائهم المقيتة الجاهلة، وعلى رأس كل منهم تاج مكتوب عليه "دكتور في الآداب" أو "دكتور في الفلسفة" أو "دكتور في التاريخ"؟ وكيف يسلط هؤلاء على عقول ناشئة العرب، يفتنونهم بالألقاب والأسماء، وبتعاون هذه الفئة المضللة على نصرة بعضهم لبعض؟
فإذا بقى الأمر على ما ترى في أمر زعمائنا، وفي أمر سياستنا، وفي أمر اجتماعنا، وفي أمر أدبنا، وفي أمر صحافتنا، وفي أمر مدارسنا وجامعاتنا: فكيف نرجو أن نصل إلى غايتنا؟ وكيف يتاح لهذه الشعوب العربية الكريمة أن تتأهب للمعركة الفاصلة في تاريخ العرب؟ وكيف تجتمع كلمة العرب على بلوغ الهدف الأعظم، وهو هدف يرمي إلى إنقاذ الإنسانية كلها من ردغة الخبال (1) التي ألقت بها فيها حضارة ضخمة، ولكنها قد حشيت شرًّا كثيرًا وخبثًا؟
ولو شئنا أن نتقصى ظواهر هذه البلبلة في أشياء كثيرة مما يتعرض لها الشعب مرغمًا أو مريدًا أو مخدوعًا لأطلنا، فما من شيء إلا وقد اختلط فيه الأمر على غير هدى. وإذا شئت أن تقدر سوء ما جنينا من شرها، فجالس من شئت من طوائف الشباب وجاذبهم الحديث، واستدرجهم إلى المناقشة في رأي أو علم أو فن، تسمع العجب العاجب من الخلل في موازين الأشياء، والحيرة المطبقة في تقدير ما يقع تحت أبصارهم وأسماعهم، والعجز المضطرب عن ضبط الرأي، والضعف المطلق عن القيام بحق العقل والإدراك. وأكبر من ذلك كله أنهم أصبحوا لا يرون صاحب رأي إلا وهو دونهم، فلا يسلم من انتقاصهم ونقدهم، فإذا صححت لهم وأردت أن تقيمهم على الطريق استكبروا وأعرضوا، فكيف تأتي أنت فتعلم حامل شهادة الحقوق أو الطب أو الأدب أو الفلسفة شيئًا يستيقن هو في نفسه أنه قد فرغ منه وعلمه علمًا ليس بعده إلا العروج إلى سماء الخلود.
وكذلك الأمر في طبقات أخرى من العلماء إلى الأدباء إلى رجال القلم إلى أصحاب الصناعات إلى عامة الناس. وهذا شيء مخوف مدمر للجهود التي بذلتها طائفة من السلف القريب في تسديد خطى هذا الشعب وترقيته وتهذيبه وتطهيره من الجهل والبلادة والغفلة. وإذا طال ذلك ولم نعالجه في مدارسنا وجامعاتنا وصحافتنا، وفي دور التسلية، وفي أندية المجتمع، فالعاقبة الوخيمة بالمرصاد لمن أهمل وأضاع وترك الأشياء تمضي في غير عنان وعلى غير هدى."
--------------
(1) ردغة الخبال: مضى تفسيرها. وأصل الردغة: الطين.
جمهرة مقالاته ص467

الأيمان
2020-11-04, 18:32
سأعود للقراءة.

اسماعيل 03
2020-11-05, 10:16
سأعود للقراءة.
إن شاء الله
قراءة ماتعة ومفيدة

اسماعيل 03
2020-11-18, 09:35
وقال رحمه الله ص469:
" ونحن الآن أحوج ما نكون إلى صحافة جديدة حرة لا تخاف شيئًا ولا تخشى، تدل على مواضع العيب لا للطعن والتشهير وسب هذه الأمة، بل لعلاجها والدفاع عنها ونصرتها على نفسها. ونحن الآن أحوج ما نكون إلى شباب من الكُتاب وشيوخ من المحنكين يخلصون الرأي لهذه الأمة، فلا يدعون الفرصة تفوت ويحملون الشعلة الجديدة إلى الجيل الجديد الذي لم يلوثه العناد والكبرياء واللجاجة والمراء. ونحن الآن أحوج ما نكون إلى طائفة ممن خبروا الحياة وعرفوها ليكونوا شهداء على مدارسنا وجامعاتنا وصحافتنا، تستعين بهم الدولة على نهج جديد يمنع عن جماهير الشباب وطوائف الأمة كل ما نريد هذه البلبلة إيغالا وضراوة."

asmaelyas
2021-07-22, 22:44
الله يهدي شباب وبنات المسلمين

اسماعيل 03
2021-07-23, 16:20
آميـــن ..........