تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الإستدلال بالخلاف


محمد محمد.
2020-09-09, 19:31
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضو عليه بالنواجذ ، الحديث هكذا يأمرنا الله ورسوله أننا عند اختلاف العلماء في حكم مسألة من المسائل أننا نأخذ من أقوالهم ما له دليل من الكتاب والسنة ونترك ما خالف الدليل لأن هذا علامة الإيمان بالله واليوم الآخر ولأنه خير لنا وأحسن عاقبة. وأننا إذا أخذنا بما خالف الدليل من الأقوال فإنه يفترق بنا عن سبيل الله ويوقعنا في سبيل التيه والضلال كما أخبر عن اليهود والنصارى أنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، ولما استشكل عدي بن حاتم رضي الله عنه اتخاذهم أربابًا من دون الله بين له النبي صلى الله عليه وسلم أن اتخاذهم أربابًا معناه طاعتهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، وكثير من الناس اليوم إذا رأيته على مخالفة ونهيته عنها قال لك: المسألة فيها خلاف فيتخذ من الخلاف مبررًا له في ارتكاب ما هو عليه ولو كان مخالفًا للدليل فما الفرق بينه وبين ما كان عليه أهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، فالواجب على هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم ويعلموا أن وجود الاختلاف في المسألة لا يجيز لهم مخالفة الدليل، حتى صار كثير من الجهال يتتبع الأقوال المسجلة في الكمبيوتر نقلًا عن كتب الخلاف فيفتي بما يوافق هواه من تلك الأقوال من غير تمييز يبنى ما كان عليه دليل صحيح وما ليس عليه دليل إما لجهل منه أو عن هوى في نفسه والجاهل لا يجوز له أن يتكلم في شرع الله بناء على ما قرأه ورآه في عرض تسجيلي وهو لا يعرف ما مدى صحته وما مستنده من الكتاب والسنة، والله لم يأمرنا بالرجوع إلى مجرد ما في الكتاب الفقهي من غير فهم بل أمرنا بسؤال أهل العلم حيث قال سبحانه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43]، وصاحب الهوى لا يجوز له أن يتخذ هواه إلهًا من دون الله، فيأخذ من الأقوال ما يوافقه ويدع ما لا يوافقه.

قال الله تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ) [القصص: 50]، (أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) [الفرقان: 43]، ولا يجوز لمن كان عنده علم أن يلتمس للناس ما يوافق أهواءهم فيضلهم عن سبيل الله بحجة التيسير فالتيسير إنما هو بإتباع الدليل لئلا يكون من الذين قال الله فيهم: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [النحل: 25]، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

http://alfawzan.af.org.sa/ar/node/13194

محمد محمد.
2020-09-09, 19:39
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[ وقولهم مسائلُ الخلاف لا إنكارَ فيها، ليس بصحيحٍ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل.أمَّا الأول فإذا كان القولُ يخالف سنةً أو إجماعاً قديماً وجب إنكارهُ وفاقاً.وإن لم يكن كذلك،فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيبُ واحدٌ وهم عامة السلف والفقهاء.

وأما العمل فإذا كان على خلاف سنةٍ أو إجماعٍ وجب إنكارهُ أيضاً بحسب درجات الإنكار.

أما إذا لم يكن في المسألة سنةٌ ولا إجماعٌ وللاجتهاد فيها مساغٌ لم يُنكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً.

وإنما دخل هذا اللبسُ من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس. والصوابُ الذي عليه الأئمةُ أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليلٌ يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديثٍ صحيحٍ لا معارض له من جنسه، فيسوغ إذا عدم ذلك فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها ]بيان الدليل على بطلان التحليل 210-211.

وقد قرر العلماء أن التعليلَ بالخلافِ باطلٌ شرعاً،لأن الخلاف ليس دليلاً ولا علةً شرعيةً تردُّ بسببه الأحكام،قال الحافظ ابن عبد البر:[ الاختلافُ ليس بحجةٍ عند أحدٍ علمتهُ من فقهاء الأمة،إلا من لا بَصَرَ له،ولا معرفةَ عنده،ولا حجةَ في قوله]

جامع بيان العلم 2/89.

وقال الشاطبي محذراً من التعليلِ بالخلاف:[وقد زاد هذا الأمرُ على قَدْرِ الكفاية،حتى صار الخِلافُ في المسائل معدوداً في حُجج الإباحة، ووَقَع فيما تقدَّم وتأخَّر مِن الزمان،الاعتمادُ في جواز الفِعْلِ على كونه مختلفاً فيه بين أهل العلم،لا بمعنى مراعاةِ الخلاف؛فإنَّ له نظراً آخَرَ،بل في غير ذلك،فربَّما وقع الإفتاءُ في المسألة بالمنْع،فيقال:لِمَ تمنع،والمسألة مختلَفٌ فيها؟!فيجعل الخلافَ حُجَّةً في الجواز؛ لمجرَّد كونها مختلَفًا فيها،لا لدليلٍ يدلُّ على صحَّة مذهب الجواز، ولا لتقليد مَنْ هو أوْلى بالتقليد مِن القائل بالمنع،وهو عَيْنُ الخطأ على الشريعة؛حيث جعل ما ليس بمعتمدٍ معتمداً، وما ليس بحُجَّةٍ حُجَّةً] الموافقات 5/92-93.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[ إنَّ تَعْلِيلَ الْأَحْكَامِ بِالْخِلَافِ عِلَّةٌ بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ،فَإِنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعَلِّقُ الشَّارِعُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ،فَإِنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ حَادِثٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]مجموع الفتاوى 23/281.

وقال الشيخ العثيمين:[ التعليلُ بالخلاف ليس تعليلاً صحيحاً تثبتُ به الأحكام الشرعية ] الشرح الممتع 3/76.