محمد محمد.
2020-08-22, 18:04
السؤال:
ما حكمُ مَنْ يقوم بالموعظة في الليل عند أهلِ الميِّت مع العلم أنَّ هذا الإنسانَ يفعل هذا الأمرَ ـ دائمًا ـ عند كُلِّ ميِّتٍ بِنِيَّةِ الموعظة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا يُعْلَمُ في الاجتماعِ للعزاءِ أو لتوزيع الطعام وقراءةِ القرآن ونحوِ ذلك أصلٌ مشروعٌ عند السلف، بل كان معدودًا ـ عندهم ـ مِنَ النياحة؛ فقَدْ صحَّ مِنْ حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا نَعُدُّ ـ وفي روايةٍ: نَرَى ـ(١) الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ»(٢)، والنياحةُ مِنْ كبائِرِ المَعاصي؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»(٣)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ»(٤)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»(٥)، وإذا كان الاجتماعُ غيرَ مشروعٍ فإنَّ الخُطْبةَ أوِ الوعظَ يتبعه في الحكم؛ إذ الخُطْبةُ أو الوعظُ مُقْترِنٌ بالاجتماع، ولوازمُ الشيءِ منه.
هذا، وعلى المسلم تجنُّبُ المَناهي والبِدَع؛ إذ ليسَتْ سبيلًا للخير وإقامةِ دعوة الله بها؛ لأنَّ «كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٦).
علمًا أنَّ السنَّة فيمَنْ أُصيبَ بموتِ قريبٍ أو حبيبٍ أَنْ يصبر ويرضى بالقَدَرِ ويسترجعَ فيقولَ: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾؛ عملًا بمقتضى الآيةِ في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ ١٥٧﴾ [البقرة]، وله أَنْ يُضيفَ عليه قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللهمّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا»؛ لحديثِ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها(٧)، وليس له انتظارُ الناسِ للتعزية، أو جَلْبُهم للاجتماع للموعظة وقراءةِ القرآن، وصنيعةُ الطعام وإظهارُ بيتِ الميِّتِ مَظْهَرَ ليلة زِفافِ عرسٍ بإنارة الأضواء وجمعِ الكراسيِّ وتصفيفِها، ونحوها ممَّا يفعله عامَّةُ الناس؛ فإنَّ ذلك ليس مِنْ هَدْيِ الصحابة رضي الله عنهم؛ إذ ليس المرادُ بالتعزية التهنئةَ، وإنما المرادُ منها تقويةُ المُصابِ على تحمُّلِ المصيبة والصبرِ عليها؛ ولهذا وَرَدَ في بعض صِيَغِ التعزية: «إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»(٨).
أمَّا السنَّةُ في حقِّ الميِّت فأَنْ ندعوَ له بالمغفرة والرحمةِ على ما ثَبَتَ في الأحاديث الصحيحة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
ما حكمُ مَنْ يقوم بالموعظة في الليل عند أهلِ الميِّت مع العلم أنَّ هذا الإنسانَ يفعل هذا الأمرَ ـ دائمًا ـ عند كُلِّ ميِّتٍ بِنِيَّةِ الموعظة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا يُعْلَمُ في الاجتماعِ للعزاءِ أو لتوزيع الطعام وقراءةِ القرآن ونحوِ ذلك أصلٌ مشروعٌ عند السلف، بل كان معدودًا ـ عندهم ـ مِنَ النياحة؛ فقَدْ صحَّ مِنْ حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا نَعُدُّ ـ وفي روايةٍ: نَرَى ـ(١) الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ»(٢)، والنياحةُ مِنْ كبائِرِ المَعاصي؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ»(٣)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ»(٤)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ: مِزْمَارٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ»(٥)، وإذا كان الاجتماعُ غيرَ مشروعٍ فإنَّ الخُطْبةَ أوِ الوعظَ يتبعه في الحكم؛ إذ الخُطْبةُ أو الوعظُ مُقْترِنٌ بالاجتماع، ولوازمُ الشيءِ منه.
هذا، وعلى المسلم تجنُّبُ المَناهي والبِدَع؛ إذ ليسَتْ سبيلًا للخير وإقامةِ دعوة الله بها؛ لأنَّ «كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٦).
علمًا أنَّ السنَّة فيمَنْ أُصيبَ بموتِ قريبٍ أو حبيبٍ أَنْ يصبر ويرضى بالقَدَرِ ويسترجعَ فيقولَ: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾؛ عملًا بمقتضى الآيةِ في قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ ١٥٧﴾ [البقرة]، وله أَنْ يُضيفَ عليه قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللهمّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا»؛ لحديثِ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها(٧)، وليس له انتظارُ الناسِ للتعزية، أو جَلْبُهم للاجتماع للموعظة وقراءةِ القرآن، وصنيعةُ الطعام وإظهارُ بيتِ الميِّتِ مَظْهَرَ ليلة زِفافِ عرسٍ بإنارة الأضواء وجمعِ الكراسيِّ وتصفيفِها، ونحوها ممَّا يفعله عامَّةُ الناس؛ فإنَّ ذلك ليس مِنْ هَدْيِ الصحابة رضي الله عنهم؛ إذ ليس المرادُ بالتعزية التهنئةَ، وإنما المرادُ منها تقويةُ المُصابِ على تحمُّلِ المصيبة والصبرِ عليها؛ ولهذا وَرَدَ في بعض صِيَغِ التعزية: «إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»(٨).
أمَّا السنَّةُ في حقِّ الميِّت فأَنْ ندعوَ له بالمغفرة والرحمةِ على ما ثَبَتَ في الأحاديث الصحيحة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.