محمد محمد.
2020-06-22, 22:35
السؤال:
يرفض أبٌ تزويجَ ابنته مِنْ كُفْءٍ إلَّا بشرطِ إتمامِ دراستها المختلِطة في كُلِّيَّة الطبِّ، مع ممارَسةٍ فعليةٍ للوظيفة بعد التخرُّج وهي ترفض ذلك، فهل يصحُّ هذا الشرطُ مع تعنُّتِ أبيها؟ وهل يصحُّ قَبولُه ظاهرًا مع العزم على نَكْثِه باطنًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنِ اشترط الوليُّ على العاقد في النكاح ممارَسةَ مُوَلِّيَتِه للوظيفة أو الاستمرارَ في الدراسة المختلِطة مع وجودِ المخالَفات المنافِيةِ لأخلاقِ الإسلام وقِيَمِه؛ فشرطُه باطلٌ مُنافٍ لأصلِ القرار في البيت والمكوثِ فيه، وهذا لا يَحِلُّ اشتراطُه، فإنِ اشترطه فوجودُه كعدمه، وحكمُه كمَنِ اشترطوا على عائشةَ رضي الله عنها لَمَّا اشترَتْ منهم بريرةَ رضي الله عنها أَنْ يكون الولاءُ لهم، فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابْتَاعِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلَاءَ؛ فَإِنَّ الوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ»(١)، أي: اقْبَلي شَرْطَهم وابْتَاعِيها منهم؛ فإنه شرطٌ باطلٌ غيرُ مؤثِّرٍ في مقتضى العقدِ الذي منه: أنَّ الولاء لِمَنْ أَعْتَق، وقد عَلِمَ مُشْتَرِطوه ذلك بعد أَنْ قام النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ»(٢).
وعليه، فإنَّ مقتضى الأصولِ والنصوصِ: أنَّ الشرطَ لازمٌ إلَّا إذا خالَفَ كتابَ الله، فعندئذٍ يصحُّ العقدُ ويَبْطُلُ الشرطُ.
وهذا كُلُّه إذا كان العاقدُ أهلًا للزواج، أي: صاحِبَ دِينٍ وخُلُقٍ، وصادقًا في إقامةِ بيتِ الزوجية، ومُستعِدًّا له بالرعاية والنفقة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه البخاريُّ في مَواضِعَ كثيرةٍ مِنْ صحيحِه منها: في «الصلاة» بابُ ذِكْرِ البيعِ والشراء على المنبر في المسجد (٤٥٦)، و«الشروط» باب المكاتب وما لا يَحِلُّ مِنَ الشروط التي تُخالِفُ كتابَ الله (٢٧٣٥)، ومسلمٌ في «العتق» (١٥٠٤)، والنسائيُّ في «الطلاق» بابُ خيارِ الأَمَة تُعْتَقُ وزوجُها مملوكٌ (٣٤٥١) واللفظُ له، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب المكاتب وما لا يَحِلُّ مِنَ الشروط التي تُخالِفُ كتابَ الله (٢٧٣٥)، ومسلمٌ في «العتق» (١٥٠٤)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
يرفض أبٌ تزويجَ ابنته مِنْ كُفْءٍ إلَّا بشرطِ إتمامِ دراستها المختلِطة في كُلِّيَّة الطبِّ، مع ممارَسةٍ فعليةٍ للوظيفة بعد التخرُّج وهي ترفض ذلك، فهل يصحُّ هذا الشرطُ مع تعنُّتِ أبيها؟ وهل يصحُّ قَبولُه ظاهرًا مع العزم على نَكْثِه باطنًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنِ اشترط الوليُّ على العاقد في النكاح ممارَسةَ مُوَلِّيَتِه للوظيفة أو الاستمرارَ في الدراسة المختلِطة مع وجودِ المخالَفات المنافِيةِ لأخلاقِ الإسلام وقِيَمِه؛ فشرطُه باطلٌ مُنافٍ لأصلِ القرار في البيت والمكوثِ فيه، وهذا لا يَحِلُّ اشتراطُه، فإنِ اشترطه فوجودُه كعدمه، وحكمُه كمَنِ اشترطوا على عائشةَ رضي الله عنها لَمَّا اشترَتْ منهم بريرةَ رضي الله عنها أَنْ يكون الولاءُ لهم، فقال لها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابْتَاعِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الوَلَاءَ؛ فَإِنَّ الوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ»(١)، أي: اقْبَلي شَرْطَهم وابْتَاعِيها منهم؛ فإنه شرطٌ باطلٌ غيرُ مؤثِّرٍ في مقتضى العقدِ الذي منه: أنَّ الولاء لِمَنْ أَعْتَق، وقد عَلِمَ مُشْتَرِطوه ذلك بعد أَنْ قام النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ»(٢).
وعليه، فإنَّ مقتضى الأصولِ والنصوصِ: أنَّ الشرطَ لازمٌ إلَّا إذا خالَفَ كتابَ الله، فعندئذٍ يصحُّ العقدُ ويَبْطُلُ الشرطُ.
وهذا كُلُّه إذا كان العاقدُ أهلًا للزواج، أي: صاحِبَ دِينٍ وخُلُقٍ، وصادقًا في إقامةِ بيتِ الزوجية، ومُستعِدًّا له بالرعاية والنفقة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه البخاريُّ في مَواضِعَ كثيرةٍ مِنْ صحيحِه منها: في «الصلاة» بابُ ذِكْرِ البيعِ والشراء على المنبر في المسجد (٤٥٦)، و«الشروط» باب المكاتب وما لا يَحِلُّ مِنَ الشروط التي تُخالِفُ كتابَ الله (٢٧٣٥)، ومسلمٌ في «العتق» (١٥٠٤)، والنسائيُّ في «الطلاق» بابُ خيارِ الأَمَة تُعْتَقُ وزوجُها مملوكٌ (٣٤٥١) واللفظُ له، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب المكاتب وما لا يَحِلُّ مِنَ الشروط التي تُخالِفُ كتابَ الله (٢٧٣٥)، ومسلمٌ في «العتق» (١٥٠٤)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.