مشاهدة النسخة كاملة : أصحاب التيار التنويري الجديد
*عبدالرحمن*
2020-05-29, 15:30
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخوة الاسلام
نحن ندرك أن أكثر أصحاب التيار " التنويري " الجديد
هم الذين تصدوا للحكم على السنة النبوية
من خلال آرائهم وتوجهاتهم
وهؤلاء ـ في واقع الأمر ـ لم يأتوا بجديد
وإنما هم امتداد لأهل البدع من قبلهم
الذين حكى أهل العمل شبهاتهم
وتولوا الردع عليها .
ولهؤلاء ، وأمثالهم نقول :
المنهجية العلمية تقتضي النظر في أمور مهمة
قبل رد الحديث وإنكار
أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
وهذه الشروط هي :
الشرط الأول :
المناقضة التامة بين ما ورد في الحديث
وما ورد في القرآن الكريم من نص واضح الدلالة غير منسوخ
ونحن نؤكد هنا على قيد " المناقضة التامة
وليس مجرد تعارض ظاهري يبدو في ذهن الناظر العجل
ولعل أولئك الذين يخوضون في إنكار الأحاديث
يوافقوننا على هذا التقييد
لأن غالب التعارض الظاهري الذي يعرض في أذهان كثير من الناس لا حقيقة له
وإنما هو ظنٌّ قائمٌ في ذهن المعترض
يمكن بالتأمل وتلمس أوجه اللغة والمعاني الجواب عليه
وبيان موافقته لأصول الشريعة ومقاصدها
ومن تأمل كتاب العلامة ابن قتيبة الدينوري
المسمى " مختلف الحديث "
عرف قدر المجازفة التي جازفها كثيرون في إنكارهم الأحاديث
بدعوى عدم موافقتها للقرآن
أو عدم تصديق العقل بما فيها
ثم إذا ذكر ابن قتيبة تفسير العلماء الصحيح لهذه الأحاديث
تبين أن لها أوجها صحيحة موافقة للشريعة
وأن توهم المعارضة للقرآن إنما هو ظنون فاسدة .
إننا نسأل هؤلاء وأمثالهم ممن يتجرأ على رد السنة
والطعن في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم
من غير منهجية علمية
أو أصول نقدية مقبولة
ومن غير أن يحكموا أصول العلم الذي يتحدثون فيه
هل ترون أن مِن الممكن أن يناقض الحديثُ القرآن الكريم مناقضة تامة
بحيث يجزم الناقد بأن هذا الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
ونرى مع ذلك جميع علماء الإسلام
من لدن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا
متوافقين على قبول هذا الحديث وشرحه وتفسيره والاستدلال به والعمل بما جاء فيه ؟!
ألا يقضي العقل السليم
الذي يزعمون التحاكم إليه
باحترام اتفاق أهل التخصص على أمر هو في صلب تخصصهم ؟!
هل يجرؤ أحد على تخطئة علماء الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات أو علوم التربية أو الاقتصاد
مثلا إذا اتفقوا وتواردوا على أمر معين
خاصة إذا لم يكن المعترض عليهم من أهل العلم بذلك التخصص
وإنما غاية أمره أن يكون قد قرأ بعض المقالات حوله
أو شيئا من كتب : تبسيط العلوم
أو : العلم لكل الناس ؟!
الشرط الثاني :
وجود حلقة من حلقات الضعف الإسنادي
التي تتحمل الخطأ الوارد في المتن :
ونظن – كذلك –
أن هذا الشرط منهجي قويم
لا ينبغي أن يخالف فيه من يفهم شيئا في أصول النقد العلمي
وذلك أن إنكار المتن أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
يعني وجود حلقة ضعيفة في السند هي التي أوهمتنا أن هذا الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
وهو ـ فعليا ـ ليس كذلك .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله
وهو من هو في منازل العلم والإيمان
وهو أول من صنف في علم أصول الفقه :
" الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذلك ثبوته "
"اختلاف الحديث ـ ضمن الأم ـ (10/107) " .
ويقول :
" لا يُستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه ، إلا بصدق المُخْبِر ، إلا في الخاص القليل من الحديث " .
"الرسالة" : فقرة (1099) .
ويقول أيضا :
" المسلمون العدولُ :
عدولٌ أصحاء الأمر فى أنفسهم ...
وقولُهم عن خبر أنفسهم ، وتسميتُهم :
على الصحة والسلامة
حتى نستدل من فعلهم بما يخالف ذلك
فنحترسَ منهم في الموضع الذي خالف فعلُهم فيه ما يجب عليهم " .
"الرسالة" : فـ (1029-1030)
وانظر : الأم (8/518-519) .
وبعد أن يحكي الإمام الشافعي رحمه الله بعض الأصول العلمية في هذا الباب
وهو أمر تعرض له كثيرا في كتبه المختلفة
يذكر لنا أن ما قرره
مما نلقلنا بعضه هنا
ليس اجتهادا فرديا
أو مذهبا شخصيا له
وإنما هي أصول أجمع عليها أهل العلم من قبله . يقول :
" فحكيت عامة معاني ما كتبت في صدر كتابي هذا ، لعدد من المتقدمين في العلم بالكتاب والسنة ، واختلاف الناس ، والقياس ، والمعقول ، فما خالف منهم واحدٌ واحدا
وقالوا: هذا مذهبُ أهل العلم من أصحاب رسول الله ، والتابعين ، وتابعي التابعين ، ومذهبُنا ؛ فمن فارق هذا المذهب : كان عندنا مفارقَ سبيلِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأهلِ العلم بعدَهم إلى اليوم ، وكان من أهل الجهالة
وقالوا معا : لا نرى إلا إجماع أهل العلم في البلدان على تجهيل من خالف هذا السبيل ، وجاوزوا ، أو أكثرهم ، فيمن يخالف هذا السبيل ، إلى ما لا أبالي أن لا أحكيه " !!
" اختلاف الحديث" ـ الأم ـ ( 10/21)
وانظر نحوا من ذلك في : الرسالة : فـ (1236-1249) .
إن أول ما يجب على من رد حديثا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أن يبحث ويفسر من هو الراوي الذي أخطأ في نقله هذا الحديث
فإذا لم يجد المُنكِرُ سببا إسناديا مقبولا لإنكاره الحديث فذلك علامة على خطأ منهجيٍّ
وهو علامة أيضا على ضرورة مراجعة فهم الحديث والقرآن والمقاصد الشرعية .
فكيف إذا كان الحديث واردا بأصح الأسانيد على وجه الأرض
بل كيف لو كان الحديث قد ورد بطرق كثيرة جدا
كما هو حال أكثر الأحاديث التي يردها " التنويريون " -
وعن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم ؟!
*عبدالرحمن*
2020-05-29, 15:30
الشرط الثالث :
نسبة الأمر كله إلى الاجتهاد المحتمل
ونبذ أساليب الجزم والحسم واتهام المخالف والطعن في عقول المسلمين
وهذا فيما إذا كان هناك وجه لهذا الاحتمال
وكان من يتكلم في هذا مؤهلا
بأدوات البحث اللازمة
لإدراك ذلك والبحث فيه .
فقد يبدو لأحد العلماء ضعف حديث معين لعلة معينة
ولكنه لا يستعمل لغة الاتهام لكل من قبل الحديث .
فمن خالف هذه الشروط الثلاثة
وأصر على إنكار الحديث وتكذيبه
فهذا على خطر عظيم
إذ لا يجوز للمسلم أن يتأول متهجما من غير شروط ولا ضوابط
وإلا أثم ووقع في الحرج .
يقول الإمام أحمد رحمه الله :
" من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة " انتهى.
ويقول الحسن بن علي البربهاري :
" وإذا سمعت الرجل يطعن على الأثر ، أو يرد الآثار ، أو يريد غير الآثار : فاتّهمه على الإسلام ، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع .
وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن ، فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة ، فقمْ من عنده وودّعه " انتهى.
"شرح السنة" (113-119) باختصار.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه ، فإنه يجب الإيمان به ، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف
لأنه الصادق المصدوق . فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به ، وإن لم يفهم معناه " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (3/41)
*عبدالرحمن*
2020-05-30, 16:14
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخوة الاسلام
السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع
فقد كان الوحي ينزل
على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة
كما ينزل عليه بالقرآن
ومصداق ذلك قول الله تعالى
( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/3-4
وقد أوجب الله تعالى على المؤمنين التسليم التام
لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه وحكمه
حتى لقد أقسم بنفسه سبحانه
أن من سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم
ثم رده ولم يقبل به :
أنه ليس من الإيمان في شيء
فقال عز وجل :
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65.
ولذلك وقع الاتفاق بين أهل العلم
على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام
أو كذَّبَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم -
وهو يعلم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم –
فهو كافر
لم يحقق أدنى درجات الإسلام والاستسلام لله ورسوله .
قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله :
" من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ يُقرُّ بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر" انتهى.
وقال السيوطي رحمه الله :
" اعلموا رحمكم الله أنَّ مَن أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم - قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول - حجة كفر
وخرج عن دائرة الإسلام ، وحشر مع اليهود والنصارى أو من شاء من فرق الكفرة " انتهى.
"مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" (ص/14)
وقال العلامة ابن الوزير رحمه الله
" التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه حديثه كفر صريح " انتهى.
"العواصم والقواصم" (2/274)
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
" الذي ينكر العمل بالسنة يكون كافرا ؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين " انتهى.
"المجموعة الثانية" (3/194)
ali1596321
2020-05-31, 14:08
موضوع قيم ، بارك الله فيك
*عبدالرحمن*
2020-05-31, 16:10
موضوع قيم ، بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
فالموضوع مازال له بقية
بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2020-05-31, 16:16
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخوة الاسلام
لا بد أن يستقر في عقل وقلب كل مسلم
أن السنة -
وهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم
من قول أو فعل أو تقرير
- هي أحد قسمي الوحي الإلهي
الذي أُنزِل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
والقسم الآخر من الوحي هو القرآن الكريم .
قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ ) النجم/3-4
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ ، فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ
أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ )
رواه الترمذي (2664)
وقال : حسن غريب من هذا الوجه
وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2870)
وهذا ما فهمه السلف الصالح
رضوان الله عليهم من ديننا الحنيف :
يقول حسان بن عطية "الكفاية" للخطيب (12) :
" كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن " انتهى .
رواه الدامي في سننه (588)
والخطيب في الكفاية (12)
وعزاه الحافظ في الفتح (13/291)
إلى البيهقي ، قال : " بسند صحيح "
وأهمية السنة في كونها مبيِّنةً لكتاب الله
وشارحةً له أوَّلًا
ثم من كونها تزيد على ما في كتاب الله
بعض الأحكام .
يقول الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44
يقول ابن عبد البر في
"جامع بيان العلم وفضله" (2/190) :
" البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين :
الأول : بيان المجمل في الكتاب العزيز
كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر الأحكام .
الثاني : زيادة حكم على حكم الكتاب
كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها " انتهى .
لما كانت السنة القسمَ الثانيَ
من أقسام الوحي
كان لا بد من حفظ الله تعالى لها
ليحفظَ بها الدين من التحريف أو النقص أو الضياع
يقول ابن حزم رحمه الله "الإحكام" (1/95) :
" قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) الأنبياء/45
فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي
والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ
والذكر محفوظ بنصِّ القرآن
فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم
كله محفوظ بحفظ الله عز وجل
مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء
إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين
لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء
فهو منقول إلينا كله
فلله الحجة علينا أبدا " انتهى
بـــيِسَة
2020-05-31, 17:57
موضوع مميز
بآرك الله فيك
*عبدالرحمن*
2020-06-01, 03:49
موضوع مميز
بآرك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات
اسعدني حضورك المميز مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما
فالموضوع مازال له بقية
بارك الله فيكِِ
و جزاكِِ الله عنا كل خير
*عبدالرحمن*
2020-06-01, 15:31
اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
فإن علماء هذه الأمة
على مدى القرون السالفة
قد قاموا بحفظ الشريعة والسنة
ونقلوا لنا ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها
وميزوا ما فيها من الصواب والخطأ
والحق والباطل
و مع ذلك تجد ما يشكك
في تعدد الروايات للحديث الواحد
قال العلماء
تعدد الروايات للحديث الواحد لا يعني أبدا التقصير
في حفظ السنة ونقلها
وإنما اختلفت الروايات لأسباب عديدة
إذا تبينت ظهر الجواب واضحا ، فيقال :
أسباب تعدد الروايات :
1- تعدد الحادثة :
يقول ابن حزم رحمه الله في "الإحكام" (1/134) :
" وليس اختلاف الروايات عيبا في الحديث
إذا كان المعنى واحدا
لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحَّ عنه أنه إذا كان يُحَدِّث بحديثٍ كَرَّرَه ثلاث مرات
فينقل كل إنسان بحسب ما سمع ، فليس هذا الاختلاف في الروايات مما يوهن الحديث إذا كان المعنى واحدا " انتهى
.
2- الرواية بالمعنى :
وهو أكثر ما يسبب تعدد الروايات للحديث الواحد ، فإن المهم في نقل الحديث أداء مضمونه ومحتواه ، أما ألفاظه فليست تعبديةً كالقرآن .
مثاله : حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) :
فقد روي بلفظ ( العمل بالنية )
ولفظ ( إنما الأعمال بالنية )
وآخر ( الأعمال بالنية )
وهذا التعدد سببه الرواية بالمعنى
فإن مخرج الحديث واحد
وهو يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر رضي الله عنه
والملاحظ أن المعنى الذي يفهم من هذه الجمل واحد
فأي ضرر في تعدد الروايات حينئذ ؟!
ولكي يطمئن العلماء أكثر إلى أن الراوي نقل المعنى الصحيح للحديث
كانوا لا يقبلون الرواية بالمعنى إلا من عالم باللغة العربية
ثم يقارنون رواية الراوي برواية غيره من الثقات
فيتبين لهم الخطأ في النقل إن وقع
والأمثلة على ذلك كثيرة
ليس هذا محلها .
3- اختصار الراوي للحديث :
أي أن يكون الراوي حافظا للحديث كله
ولكن يكتفي بذكر جزء منه في حال
ويذكره كاملا في حال أخرى .
مثاله : روايات حديث أبي هريرة في قصة نسيان النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين من صلاة الظهر
فكلها جاءت عن أبي هريرة ، وهي قصة واحدة ، وذلك يدل على أن اختلاف الروايات سببه اختصار بعض الرواة .
انظر صحيح البخاري (714) (715) (1229)
4- الخطأ :
فقد يقع من أحد الرواة الخطأ
فيروي الحديث على غير وجهه الذي يرويه الآخرون
ويمكن معرفة الخطأ بمقارنة الروايات بعضها ببعض
وهو ما قام به أهل العلم في كتب السنة والتخريج .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
في "الجواب الصحيح" (3/39) :
" ولكن هذه الأمة حفظ الله تعالى لها ما أنزله
قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9
فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط
فإن الله يقيم له من الأمة من يبيِّنُه
ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب
فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة
ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة
إذ كانوا آخر الأمم
فلا نبي بعد نبيهم
ولا كتاب بعد كتابهم
وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيَّروا بعث الله نبيا يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ، ولم يكن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي ، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر " انتهى .
والسنة ، على الوجه الذي ذكرناه أولا
من كونها وحيا من عند الله تعالى
: يبين للناس ما نُزِّل إليهم في كتاب الله تعالى
ويعلمهم من الأحكام ما يحتاجونه في دينهم ، ولو يأت تفصيله ، أو أصله في كتاب الله تعالى
نقول : السنة على هذا الوجه هي من خصائص النبوة
فهذه الوظيفة هي من أجل وظائف النبوة
وما زال الناس يرون السنة على هذا الوجه ، بما تحمله الكتب ، أو الروايات الشفهية من اختلاف في بعض الألفاظ ، أو تعدد لسياقات الحديث
ولم يكن في ذلك ما يدعو للتشكك في منزلتها ، أو القلق من حفظها ، أو التردد والخلاف في حجيتها وحاجة الناس إليها ، على كثرة ما اختلف الناس وتنازعوا في المسائل العلمية والعملية.
يقول العلامة الشيخ عبد الغني عبد الخالق ـ رحمه الله ـ :
" لا نجد في كتب الغزالي والآمدي والبزدوي ، وجميع من اتبع طرقهم في التأليف من الأصوليين
تصريحا ولا تلويحا بأن في هذه المسألة خلافا ، وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم ، وتتبعوا الاختلافات ، حتى الشاذة منها ، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء"
ثم نقل عن صاحب المُسَلَّم ، وشارحه : " أن حجية الكتاب والسنة والإجماع والقياس : من علم الكلام
لكن تعرض الأصولي لحجية الإجماع والقياس
لأنهما كثر التشغيب فيهما من الحمقى
من الخوارج والروافض ( خذلهم الله تعالى )
وأما حجية الكتاب والسنة :
فمتفق عليها عند الأمة
ممن يدعي التدين كافة
فلا حاجة إلى الذكر " انتهى .
انظر : حجية السنة ( 248-249) .
*عبدالرحمن*
2020-06-02, 16:32
اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إليكم بعض الآيات
التي لم يمكن فهمها فهماً صحيحاً
على مراد الله تعالى إلا من طريق السنة :
1. قوله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام /82
فقد فهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله
( بظلم )
على عمومه الذي يشمل كل ظلم ولو كان صغيراً
ولذلك استشكلوا الآية فقالوا
: يا رسول الله أيُّنا لم يلبس أيمانه بظلم ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس بذلك
إنما هو الشرك
ألا تسمعوا إلى قول لقمان
: ( إن الشرك لظلم عظيم ) لقمان/13 ؟ )
أخرجه الشيخان وغيرهما .
2. قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) النساء/101
فظاهر هذه الآية يقتضي أن قصر الصلاة في السفر مشروط له الخوف
ولذلك سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا : ما بالنا نقصر وقد أَمِنَّا ؟
قال : ( صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته )
- رواه مسلم - .
3. قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) المائدة/3
فبينت السنة القولية أن ميتة الجراد والسمك
والكبد والطحال
من الدم حلال
فقال صلى الله عليه وسلم :
( أحلت لنا ميتتان ودمان : الجراد والحوت - أي : السمك بجميع أنواعه - ، والكبد والطحال )
- أخرجه البيهقي وغيره مرفوعاً وموقوفاً
وإسناد الموقوف صحيح
وهو في حكم المرفوع
لأنه لا يقال من قِبَلِ الرأي -
.
4. قوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي مُحرَّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً، أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ) الأنعام/145
ثم جاءت السنَّة فحرمت أشياء لم تُذكر في هذه الآية
كقوله صلى الله عليه وسلم :
( كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير حرام )
وفي الباب أحاديث أخرى في النهي عن ذلك
كقوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر :
( إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الإنسية ؛ فإنها رجس ) -
أخرجه الشيخان -
.
5. قوله تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) الأعراف/32
فبينت السنة أيضاً أن من الزينة ما هو محرم
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه خرج يوماً على أصحابه وفي إحدى يديه حرير
وفي الأخرى ذهب ، فقال
: ( هذان حرام على ذكور أمتي ، حلٌّ لإناثهم )
- أخرجه الحاكم وصححه - .
والأحاديث في معناه كثيرة معروفة في " الصحيحين " وغيرهم
6 - قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة/38
فإن السارق فيه مطلقٌ كاليد
فبينتِ السنَّة القوليَّة الأول منهما
وقيدته بالسارق الذي يسرق ربع دينارٍ
بقوله صلى الله عليه وسلم :
( لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً ) -
أخرجه الشيخان -
كما بينتِ الآخَرَ بفعله صلى الله عليه وسلم أو فعل أصحابه وإقراره
فإنهم كانوا يقطعون يد السارق من عند المفصل
كما هو معروف في كتب الحديث
وبينت السنة القوليَّة اليد المذكورة في آية التيمم :
( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) النساء/43 و المائدة /6
بأنها الكف أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم :
( التيمم ضربة للوجه والكفين )
أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما .
إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المعروفة لدى أهل العلم بالحديث والفقه .
ومما تقدم يتبين لنا أيها الإخوة -
أهمية السنَّة في التشريع الإسلامي
فإننا إذا أعدنا النظر في الأمثلة المذكورة -
فضلا عن غيرها مما لم نذكر -
نتيقن أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم فهماً إلا مقروناً بالسنَّة .
" منزلة السنة في الإسلام " ( ص 4 – 12 ) .
*عبدالرحمن*
2020-06-03, 18:30
اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
قد ذكر العلماء
أوجهاً لبيان السنة للقرآن
ومنها :
أنها تأتي موافقة لما في القرآن
وتأتي مقيدة لمطلقه
ومخصصة لعمومه
ومفسرة لمجمله
وناسخة لحكمه
ومنشئة لحكم جديد
وبعض العلماء يجمع ذلك في ثلاث منازل .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
والذي يجب على كل مسلم اعتقاده :
أنه ليس في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة سنَّة واحدة تخالف كتاب الله
بل السنن مع كتاب الله على ثلاث منازل :
المنزلة الأولى :
سنَّة موافقة شاهدة بنفس ما شهد به الكتاب المنزل .
المنزلة الثانية :
سنَّة تفسر الكتاب
وتبين مراد الله منه
وتقيد مطلقه .
المنزلة الثالثة :
سنَّة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب ، فتبيِّنه بياناً مبتدأً .
ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة
وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة .
وقد أنكر الإمام أحمد على من قال
" السنة تقضي على الكتاب "
فقال : بل السنَّة تفسر الكتاب وتبينه .
والذي يشهد الله ورسوله به أنه لم تأت سنَّة صحيحة واحدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تناقض كتاب الله وتخالفه ألبتة
كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبين لكتاب الله
وعليه أنزل ، وبه هداه الله
وهو مأمور باتباعه
وهو أعلم الخلق بتأويله ومراده ؟! .
ولو ساغ رد سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فهمه الرجل من ظاهر الكتاب لردت بذلك أكثر السنن ، وبطلت بالكلية .
وما من أحد يُحتج عليه بسنَّة صحيحة تخالف مذهبه ونحلته إلا ويمكنه أن يتشبث بعموم آية
أو إطلاقها
ويقول : هذه السنة مخالفة لهذا العموم والإطلاق فلا تقبل .
حتى إن الرافضة قبحهم الله سلكوا
هذا المسلك بعينه في رد السنن الثابتة المتواترة
فردوا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا نُورث ما تركنا صدقة )
وقالوا : هذا حديث يخالف كتاب الله
قال تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
وردت الجهمية ما شاء الله من الأحاديث الصحيحة في إثبات الصفات بظاهر قوله ( ليس كمثله شيء ) .
وردت الخوارج من الأحاديث الدالة على الشفاعة
وخروج أهل الكبائر من الموحدين من النار بما فهموه من ظاهر القرآن .
وردت الجهمية أحاديث الرؤية مع كثرتها وصحتها بما فهموه من ظاهر القرآن
في قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .
وردت القدرية أحاديث القدر الثابتة بما فهموه من ظاهر القرآن .
وردت كل طائفة ما ردته من السنة بما فهموه من ظاهر القرآن .
فإما أن يطرد الباب في رد هذه السنن كلها
وإما أن يطرد الباب في قبولها
ولا يرد شيء منها لما يفهم من ظاهر القرآن
أما أن يرد بعضها ويقبل بعضها -
ونسبة المقبول إلى ظاهر القرآن كنسبة المردود -
: فتناقض ظاهر .
وما مِن أحد رد سنَّة بما فهمه من ظاهر القرآن إلا وقد قبل أضعافها مع كونها كذلك .
وقد أنكر الإمام أحمد والشافعي وغيرهما
على من ردَّ أحاديث تحريم كل ذي ناب من السباع
بظاهر قوله تعالى ( قل لا أجد في ما أوحى إليَّ محرماً ) الآية .
وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من رد سنَّته التي لم تذكر في القرآن
ولم يدَّعِ معارضة القرآن لها :
فكيف يكون إنكاره على من ادعى أن سنَّته تخالف القرآن وتعارضه ؟ .
" الطرق الحكمية " ( 65 – 67 ) .
*عبدالرحمن*
2020-09-13, 16:06
اخوة الاسلام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
و بناء علي ما تقدم
أنه لا يحل لأحدٍ أن يفصل القرآن عن السنَّة
في إثبات الأحكام ولزومها للمكلَّف
وأن من فعل ذلك فهو من أعظم المخالفين
لما في القرآن من أوامر
بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
والأخذ بسنَّته والانتهاء عن نهيه
وأن السنَّة النبوية جاءت مؤيدة لما في القرآن
وموضحة له ومقيدة لمطلقه ومخصصة لعمومه
وجاءت كذلك مستقلة في إنشاء الأحكام
وكل ذلك لازم للمسلم الأخذ به .
وأمر أخير :
هب أننا نعدُّ هذا تنازعاً بيننا وبين خصومنا
الذين يرون الاكتفاء بالقرآن :
فإننا نقول :
إننا أُمرنا في القرآن الكريم عند التنازع
أن نرجع إلى القرآن والسنَّة !
فقال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )
النساء/59
فماذا هو صانعٌ خصمنا بهذه الحجة القرآنية ؟
إن قبلها :
رجع إلى السنَّة فبطل قوله
وإن لم يرجع :
فقد خالف القرآن
الذي يزعم أنه كافٍ عن السنَّة .
والحمد لله رب العالمين
اخوة الاسلام
هذا الموضوع مازال مستمر بكم و لكم
فمن لاديه سؤال او استفسار يتقدم به
و سوف يجيب علي السؤال
علماء اهل السنه و الجماعة
brahimbel00
2020-10-20, 15:41
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ . في الرسالة
هل من آية تخبرنا ان الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الوحيين .
*عبدالرحمن*
2020-10-20, 16:00
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ . في الرسالة
هل من آية تخبرنا ان الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الوحيين .
لا بد أن يستقر في عقل وقلب كل مسلم أن السنة -
وهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم
من قول أو فعل أو تقرير -
هي أحد قسمي الوحي الإلهي الذي
أُنزِل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
والقسم الآخر من الوحي هو القرآن الكريم
قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ ) النجم/3-4
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ
أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ
فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ
أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ )
رواه الترمذي (2664)
وقال : حسن غريب من هذا الوجه
وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2870)
وهذا ما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم من ديننا الحنيف
:
يقول حسان بن عطية "الكفاية" للخطيب (12) :
" كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة
كما ينزل عليه بالقرآن " انتهى .
رواه الدامي في سننه (588)
والخطيب في الكفاية (12)
وعزاه الحافظ في الفتح (13/291)
إلى البيهقي ، قال : " بسند صحيح " .
وأهمية السنة في كونها مبيِّنةً لكتاب الله وشارحةً له أوَّلًا
ثم من كونها تزيد على ما في كتاب الله بعض الأحكام .
يقول الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44
يقول ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/190) :
" البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين :
الأول : بيان المجمل في الكتاب العزيز
كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر الأحكام .
الثاني : زيادة حكم على حكم الكتاب
كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها " انتهى .
لما كانت السنة القسمَ الثانيَ من أقسام الوحي
كان لا بد من حفظ الله تعالى لها
ليحفظَ بها الدين من التحريف أو النقص أو الضياع .
يقول ابن حزم رحمه الله "الإحكام" (1/95) :
" قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) الأنبياء/45
فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي
والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ ،
والذكر محفوظ بنصِّ القرآن
فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل
مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء
إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء
فهو منقول إلينا كله ، فلله الحجة علينا أبدا " انتهى .
*عبدالرحمن*
2020-10-21, 18:59
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ . في الرسالة
هل من آية تخبرنا ان الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الوحيين .
قال الله تعالى
: ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].
دلت الآية الكريمة على أن الله تعالى
أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم
شيئين: الكتاب، وهو القرآن، والحكمة: وهي السُّنة.
و قال الله تعالى
﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [آل عمران: 164].
دلت الآية الكريمة على أنه صلى الله عليه وسلم يُعلِّم
أمته شيئين: الكتاب، وهو القرآن، والحكمة وهي: السنة
وجاء الربط بينها وبين الكتاب العزيز
في مواطن عديدة من القرآن العظيم.
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -:
(فذَكَرَ اللهُ تعالى الكتابَ وهو القرآن، وذَكَرَ الحكمةَ
فسمعتُ مَنْ أرضى من أهل العلم بالقرآن
يقول: الحكمةُ: سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وهذا يُشبه ما قال، والله أعلم
لأنَّ القرآن ذُكِرَ وأُتْبِعَتْه الحكمة
وذَكَرَ الله مِنَّتَه على خلقِه بتعليمهم الكتاب والحكمة
فلم يجز - والله أعلم -
أنْ تُعَدَّ الحكمةُ هاهنا إلاَّ سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وذلك أنها مقرونةٌ مع كتاب الله)
أحكام القرآن، للشافعي (1 /28)؛ الرسالة، (ص45).
وقال الطبري - رحمه الله -
: (والصواب من القول -عندنا- في الحكمة:
أنها العلم بأحكام الله التي لا يُدْرَك علمُها
إلاَّ ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم
والمعرفة بها، وما دلَّ عليه ذلك من نظائره
وهو عندي مأخوذٌ من الحكم
الذي بمعنى: الفَصْل بين الحق والباطل
بمنزلة الجلسة والقعدة من الجلوس والقعود
يقال منه: إنَّ فلاناً لحكيمٌ بيِّن الحكمة
يعني به: أنه لبيِّن الإصابة في القول والفعل
وإذ كان ذلك كذلك فتأويل الآية
ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك
ويعلمهم كتابك الذي تنزله عليهم
وفصل قضائك، وأحكامك التي تعلِّمُه إياها)
تفسير الطبري، (1 /557، 558).
وقال - رحمه الله - في موضع آخر
: (والحكمة: السُّنة التي سنَّها الله - جلَّ ثناؤه
- للمؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيانه لهم
تفسير الطبري (4 /163)
وقال - رحمه الله - أيضاً:
(ويعني بالحكمة: ما أُوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أحكام دين الله، ولم ينزل به قرآن، وذلك السُّنة)
تفسير الطبري (22/9).
*عبدالرحمن*
2020-10-21, 19:06
الخلاصة:
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد بَلَّغ عن ربِّ العزَّة سبحانه وتعالى شيئين، وهما:
الأوَّل: القرآن الكريم، المُعجِزُ بلفظه
والمُتعبَّد بتلاوته، وهو النور المُبين
والصراط المستقيم للمسلمين الذي بيَّن لهم منهجَ حياتهم
وطريقَ نجاتهم في الدنيا والآخرة
وقد بلَّغ النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآنَ
كما أُوحيَ إليه من ربِّه دون نقصٍ أو زيادة.
الثاني: السُّنة
وهي الحِكمةُ المُشار إليها في الآيات السابقة
والتي فسَّرها العلماءُ وأهلُ الفضل بأنها السُّنة النبوية.
وهما - القرآن والسنة -
يشتركان في كونهما وحياً من عند الله تعالى
إذْ ما كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم
أنْ يُشَرِّعَ من عند نفسِه أو يحكم بهوىً أو غيرِه
فالحكم لله وحده، فهو صاحب الشرع
والرسولُ صلى الله عليه وسلم مُبلِّغٌ عنه
واللهُ تعالى قَرَنَ بين الكتاب والسنة في الإنزال وفي التعليم
ونحو ذلك
وهذا يقتضي كونهما من عند الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخوة الاسلام
السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع
فقد كان الوحي ينزل
على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة
كما ينزل عليه بالقرآن
ومصداق ذلك قول الله تعالى
( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/3-4
وقد أوجب الله تعالى على المؤمنين التسليم التام
لكلام النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه وحكمه
حتى لقد أقسم بنفسه سبحانه
أن من سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم
ثم رده ولم يقبل به :
أنه ليس من الإيمان في شيء
فقال عز وجل :
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65.
ولذلك وقع الاتفاق بين أهل العلم
على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام
أو كذَّبَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم -
وهو يعلم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم –
فهو كافر
لم يحقق أدنى درجات الإسلام والاستسلام لله ورسوله .
قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله :
" من بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ يُقرُّ بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر" انتهى.
وقال السيوطي رحمه الله :
" اعلموا رحمكم الله أنَّ مَن أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم - قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول - حجة كفر
وخرج عن دائرة الإسلام ، وحشر مع اليهود والنصارى أو من شاء من فرق الكفرة " انتهى.
"مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" (ص/14)
وقال العلامة ابن الوزير رحمه الله
" التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم أنه حديثه كفر صريح " انتهى.
"العواصم والقواصم" (2/274)
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" :
" الذي ينكر العمل بالسنة يكون كافرا ؛ لأنه مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين " انتهى.
"المجموعة الثانية" (3/194)
السلام عليكم .
لقد سألت من قبل عن الفرق بين القول والنطق في القران الجكيم , قال الله تعالى ( وما ينطق عن الهوى ) ويقول عز وجل ( قال انما العلم عند الله وابلغكم ما ارسلت به ) هل القول والنطق سيان ؟ ولماذا نجد في السنة النبوية الشريفة علم التنقيح ؟ الحديث الصحيح . الحسن , المعلق , المنقطع , المرسل الى غيره من هذه الاحاديث ,
*عبدالرحمن*
2021-02-10, 15:56
السلام عليكم .
لقد سألت من قبل عن الفرق بين القول والنطق في القران الجكيم , قال الله تعالى ( وما ينطق عن الهوى ) ويقول عز وجل ( قال انما العلم عند الله وابلغكم ما ارسلت به ) هل القول والنطق سيان ؟
عليكم السلام ورحمة الله و بركاته
تعريف و معنى القول في معجم المعاني
الذي ثبت بالحجَّة والبرهان في قلب صاحبه
قال تعالى
{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ''
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-a...2%D9%88%D9%84/
تعريف و معنى نطق في معجم المعاني
نطَق الشّخصُ/ نطَق الشّخصُ بكذا :
لفظ، تكلَّم بصوت وحروف تُعرف بها المعاني
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-a...6%D8%B7%D9%82
و بخصوص هذا السؤال
السلام عليكم .
ولماذا نجد في السنة النبوية الشريفة علم التنقيح ؟ ,
هو عبارة عن (مصطلحات فقهية)
سوف اقوم بتلخيصها مؤقتا لك الان
و ان اردت التفصيل ابلغني بذلك
لا شك أن نصوص الشرع محصورة
وأن الحوادث التي يحتاج المسلم لمعرفة حكم الله فيها غير منتهية
ولذلك اجتهد علماء أصول الفقه لوضع آليات وقواعد
يتوصل بها إلى حكم الله تعالى
خاصة في الحوادث المسكوت عنها.
ويعتبر من أهم تلك القواعد، وهو الدليل الرابع من أدلة الأحكام
ويأتي بعد القرآن والسنة والإجماع. والقياس
هو إلحاق المسكوت عنه بالمبين حكمه إذا وجد جامع بينهما
هذا الجامع هو العلة.
وللوصول إلى العلة مسالك كثيرة مثل:
النص والإيماء والمناسبة وتنقيح المناط.
وقد اختار الباحث أن يبحث في مسلك تنقيح المناط
وبدأ بقراءة ما كتب في الموضوع من دراسات سابقة
وتتمثل في كتب الأصول الحديثة والقديمة خاصة
ولم يجد الباحث في حدود اطلاعه مَن بحث الموضوع بشكل مستقل
اللهم إلا ما يذكر في كتب الأصول القديمة والحديثة
من ذكر له ضمن مسالك العلة
وقد استفاد الباحث منها في معرفة المفاهيم الأصولية المختلفة
التي لها تعلق بموضوع البحث
وكذا في الوقوف على الفرق بين تلك المصلطحات
لكن الباحث لم يقف على مصدر أو مرجع واحد
اهتم بذكر التطبيقات الفقهية لتنقيح المناط.
وتكمن أهمية هذا البحث في الجمع بين مسائل هذا المبحث الأصولي
ودراسته دراسة مستقلة
وكذلك في ذكر التطبيقات الفقهية له.
الحديث الصحيح . الحسن , المعلق , المنقطع , المرسل الى غيره من هذه الاحاديث ,
علم الحديث النبوي في المصطلح ينقسم إلى قسمين :
علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية .
قال السيوطي رحمه الله :
" قَالَ ابْنُ الْأَكْفَانِيِّ فِي كِتَابِ "إِرْشَادِ الْقَاصِدِ"
الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى أَنْوَاعِ الْعُلُومِ:
" عِلْمُ الْحَدِيثِ الْخَاصُّ بِالرِّوَايَةِ: عِلْمٌ يَشْتَمِلُ
عَلَى نَقْلِ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالِهِ
وَرِوَايَتِهَا، وَضَبْطِهَا، وَتَحْرِيرِ أَلْفَاظِهَا.
وَعِلْمُ الْحَدِيثِ الْخَاصُّ بِالدِّرَايَةِ:
عِلْمٌ يُعْرَفُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الرِّوَايَةِ ؛ وَشُرُوطُهَا، وَأَنْوَاعُهَا، وَأَحْكَامُهَا
وَحَالُ الرُّوَاةِ ، وَشُرُوطُهُمْ ، وَأَصْنَافُ الْمَرْوِيَّاتِ
وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا.
انْتَهَى " من "تدريب الراوي" (1/ 25) .
وعلم مصطلح الحديث
علم بأصول وقواعد يُعرف بها أحوال السند والمتن
من حيث القبول والرد ، ومباحثه وعلومه كثيرة متعددة
فمن ذلك معرفة المرفوع ، والموقوف ، والمقطوع والصحيح
والضعيف ، والشاذ ، والمنكر ، والموضوع ، والمسند
والمتصل ، والمعلق ، والمتفق ، والمفترق ، والمؤتلف
والمختلف ، والمتشابه ، والمهمل ، والمبهم ، والوفيات
وعلم الجرح ، والتعديل ، والعلل
وغير ذلك مما يمكن معرفته بمراجعة شيء
من الكتب المصنفة في هذا العلم
مثل اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير
https://foulabook.com/ar/book/%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB-pdf
وشرح النخبة للحافظ ابن حجر
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%86%D8%AE%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD-%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D8%B1-pdf
وغيرها من المصنفات المعروفة .
و يمكنك الاطلاع علي المواضيع التالية لمزيد من التوضيح
الحديث وعلومه
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2148923
مصطلح الحديث
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149073
الأحاديث الصحيحة
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149229
شروح الأحاديث
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2149489
بالتوفيق
يا اخي إذا كانت السنة او ما تواتر على رسول الله صل الله عليه وسلم وحيا فلماذا كل هذا التنقيح وكل هذه الروايات المختلفة في علم الحديث واصله ؟ من قال بمصطلح (الوحيين )يا اخي ؟
*عبدالرحمن*
2021-02-11, 15:41
يا اخي إذا كانت السنة او ما تواتر على رسول الله صل الله عليه وسلم وحيا فلماذا كل هذا التنقيح وكل هذه الروايات المختلفة في علم الحديث واصله ؟ من قال بمصطلح (الوحيين )يا اخي ؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
صراحة انت تحتاج الي مزيد من الاطلاع اخي الفاضل
لمعرفه جوانب متعددة في الدين الاسلامي
و كيف تم تجميع القران وكذلك كيف تم تجميع الحديث
فهم لم يبقوا هكذا كما نراهم
بدون مجهود علماء كثيرين في القرون الاولي للدين الاسلامي
لذلك اعتمدت علي المصادر في كل شئ انقلة لك
من اجل الاطلاع عليها
و بعد الاطلاع يسهل علي امثالي شرح ما يتوقف
امامك فهمه و علي كلا سوف احضر لك ملخص جاري تحضيرة
لكن لن يغني عن اطلاعك اخي الفاضل
*عبدالرحمن*
2021-02-11, 17:18
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
علم أصول الحديث هو في الأصل والأساس
مبني على قواعد عقلية ، ومبادئ منهجية
وأصول تجريبية
توصَّل إليها المحدثون بحكم الخبرة المنهجية المتراكمة
في نقل الأخبار وتحري صدقها وثبوتها
واهتدوا إلى أسس هذا العلم بالممارسة الطويلة
ومعاناة السماع والأداء والنقد والتعليل
والبناء شيئا فشيئا لقواعد العلم وضوابطه
كما يقول الخطيب البغدادي:
"تمييز الحديث علم يخلقه الله تعالى في القلوب
بعد طول الممارسة له ، والاعتناء به"
كما في "الجامع" (2/ 255) .
ولكن هذه القواعد في الوقت نفسه –
في فلسفتها العامة وليس في ضوابطها الجزئية
- أصول شرعية مقررة في نصوص الكتاب والسنة
فقد وردت الأدلة الشرعية الإجمالية التي تخط لعلماء الحديث
المبادئ الأساسية لعلوم التاريخ
وأما التفاصيل فهي محالة إلى المنهج التجريبي ، السابق ذكره .
فمن تلك المبادئ الأساسية الشرعية العامة:
1. تغليظ تحريم الكذب في الحديث .
كما قال عليه الصلاة والسلام:
(إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا
فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ)
رواه البخاري (1295) ، ومسلم (4) في المقدمة.
2. عدم قبول خبر الفاسق.
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو
ا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات/6 .
3. اشتراط عدالة الراوي قياسا على عدالة الشاهد .
قال تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّه) الطلاق/ 2.
4. التثبت والتحري الدائمان.
قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/ 36.
5. الحذر من مناكير الأخبار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأْتُونَكُمْ
مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ
فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ)
رواه مسلم في مقدمة صحيحه (7) .
6. التوقي عن رواية المكذوب .
كما قال عليه الصلاة والسلام:
(مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ)
رواه مسلم في مقدمة صحيحه
7. الضبط والحفظ معيار الثقة :
قال عليه الصلاة والسلام:
( نَضَّرَ الله امرَأً سَمِعَ منَّا حديثاً فحفِظَه حتىِ يُبَلَّغَهُ
فَرُبَّ حامِلِ فقهٍ إلى مَن هو أفقَهُ منه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ)
رواه أبوداود في "السنن" (3660)
وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (230) .
8. الحذر من التهمة بكثرة الغرائب وعدم انتقاء الحديث.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا
أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) رواه مسلم في "مقدمة صحيحه".
9. طلب الدليل والبرهان.
قال تعالى: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة/ 111.
10. التفتيش عن العلم واليقين، بعيدا عن الظن والوهم.
قال تعالى: (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) النجم/ 28.
وقد استدل ببعض هذه الأدلة الإمام مسلم رحمه الله
في "مقدمة صحيحه" (ص7) فقال
"اعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز
بين صحيح الروايات وسقيمها
وثقات الناقلين لها من المتهمين :
ألا يروي منها إلا ما عُرف صحة مخارجه
والستارة في ناقليه
وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم
والمعاندين من أهل البدع.
والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه
قول الله جل ذكره: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا
أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) [الحجرات: 6]
وقال جل ثناؤه: (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة: 282]
وقال عز وجل: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) [الطلاق: 2
فدل بما ذكرنا من هذه الآيات
أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول
وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر
- وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه -
فقد يجتمعان في أعظم معانيهما
إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم
كما أن شهادته مردودة عند جميعهم
ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار
كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق" انتهى.
يقول الدكتور همام سعيد:
"وبذلك يتبين لنا أن منهج المحدثين هو منهج قرآني
مستمد من القرآن والسنة، وأنه منهج تاريخي نقدي
أي أنه منهج لا يسلِّم بالنص دون محاكمة ونقد
ولا يكفي أن يصدر النص عن عالم أو شخص
له احترامه حتى يقبل
بل لا بد أن تثبت نسبة النص إلى قائله
وأن ينظر فيه نظرة ثاقبة فاحصة لمعرفة اتفاقه
مع الأسس الثابتة والمبادئ العامة.
ولقد غاب هذا المنهج التاريخي النقدي عن التوراة والإنجيل
وغاب عن سائر التواريخ قبل الإسلام.
ثم جاء الإسلام ليمنح العالم أجمع هذا المنهج المسؤول القائم
على البحث والاستقصاء والتفكير السليم.
وقد جعل "شارل جنيبير" منهج النقد التاريخي
مقابلا للمنهج الإيماني النصراني الذي يأخذ الروايات
عن السابقين دون مناقشة ومحاكمة.
لقد أغفل كثير من الباحثين هذه العلاقة المنهجية
بين القرآن الكريم وعلوم الحديث
حتى تسرب إلى الأذهان أن منهجية المحدثين
نوع من العبقرية الفذة، وأنها نشأت من الحاجة وحدها
والحق الذي لا مرية فيه أن منهجية المحدثين منهجية قرآنية
وأنها مظهر من مظاهر إعجاز هذا الدين
وكما حفظ الله كتابه الكريم من كل تبديل أو تغيير
فقد حفظ السنة بمجموعها
وصانها من الاندثار والنسيان"
انتهى من "الفكر المنهجي عند المحدثين" (ص24) .
وما سبق كله – كما يبدو للقارئ الكريم –
أسس منهجية عامة بناها القرآن الكريم
وبناها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في نفوس أصحابه
لترسم لهم الأطر العامة لنظرية المعرفة التي يبحثون عنها
والتي سيؤسسون علوم العقل والنقل تبعا لها
فأثمرت هذه الأصول تحريا دقيقا جدا
وحسا نقديا عاليا ومنضبطا
سببه الخوف من مخالفة تلك الأصول والأوامر الإلهية
ولولا ذلك لخاض المسلمون في طرق الأوهام والتخرصات
ولرأينا الخرافات والأساطير والتناقضات
هي اللغة الطاغية على علوم المسلمين
ولكن الوازع الديني في المباني العشرة السابقة
كانت لها أعظم الأثر في منهج التحري
والتدقيق الذي سلكه المحدثون.
أما التفاصيل الدقيقة في أصول الحديث
الذي هو "علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن
من حيث القبول والرد"
كمثل الحديث عن ضبط الصدر وضبط الكتاب
ومنهج التعامل مع أحاديث المدلسين
وترجيح خبر الأوثق على الثقة
وترتيب طبقات الرواة عن شيخ معين
والمقارنة بين الروايات وجمع الطرق
والتأني في الأفراد، والاستئناس بالقرائن
والتقوية بالكثرة وتعدد الأوجه
وغيرها من قوانين القبول والرد، هي - كما ترون -
نتاج عمل عقلي تفصيلي، يترجم تلك المبادئ العامة
إلى قوانين عملية منهجية، يصل المحدثون من خلالها
إلى حكمهم على الحديث صحة وضعفا.
يقول العلامة المعلمي رحمه الله:
"ولكن هل راعوا العقل في قبول الحديث وتصحيحه؟
أقول: نعم، راعوا ذلك في أربعة مواطن: عند السماع
وعند التحديث، وعند الحكم على الرواة
وعند الحكم على الأحاديث.
فالمتثبتون إذا سمعوا خبرا تمتنع صحته
أو تبعد لم يكتبوه ولم يحفظوه
فإن حفظوه لم يحدثوا به، فإن ظهرت مصلحة لذكره ذكروه
مع القدح فيه وفي الراوي الذي عليه تبعته
. قال الإمام الشافعي في الرسالة (ص399):
وذلك أن يستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث
ما لا يجوز أن يكون مثله أو ما يخالفه ما هو أثبت أو أكثر
دلالات بالصدق منه .
وقال الخطيب في الكفاية في علم الرواية (ص429):
باب وجوب إخراج المنكر والمستحيل من الأحاديث .
وفي الرواة جماعة يتسامحون عند السماع وعند التحديث
لكن الأئمة بالمرصاد للرواة
فلا تكاد تجد حديثاً بيِّنَ البطلان
إلا وجدت في سنده واحداً أو اثنين أو جماعة قد جرحهم الأئمة
والأئمة كثيراً ما يجرحون الراوي بخبر واحد منكر جاء به
فضلاً عن خبرين أو أكثر.
ويقولون للخبر الذين تمتنع صحته أو تبعد: منكر أو باطل
. وتجد ذلك كثيراً في تراجم الضعفاء، وكتب العلل والموضوعات .
والمتثبتون لا يوثقون الراوي حتى يستعرضوا
حديثه وينقدوه حديثا ًحديثاً.
فأما تصحيح الأحاديث فهم به أعنى وأشد احتياطا
نعم ليس كل من حكي عنه توثيق أو تصحيح متثبتاً
ولكن العارف الممارس يميز هؤلاء من أولئك.
هذا وقد عرف الأئمة الذين صححوا الأحاديث
أن منها أحاديث تثقل على بعض المتكلمين ونحوهم
ولكنهم وجدوها موافقة للعقل المعتد به في الدين
مستكملة شرائط الصحة الأخرى
وفوق ذلك وجدوا في القرآن آيات كثيرة توافقها أو تلاقيها
أو هي من قبيلها، قد ثقلت هي أيضاً على المتكلمين
وقد علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يدين بالقرآن ويقتدي به
فمن المعقول جداً أن يجيء في كلامه
نحو ما في القرآن من تلك الآيات" .
انتهى من "الأنوار الكاشفة" (ص: 6-7) .
ويقول الدكتور خلدون الأحدب:
"إن بناء (علم أصول الحديث)
كان بناءً عقلياً. ولولا هذه الصفة
لما كان له أبداً هذا الأثر البالغ
في بناء وتشكيل العقل المسلم.
وهذا البناء العقلي كان ابتداؤه من تلك الأصول
العقلية المنهجية التي قررها القرآن الكريم والسنة المطهرة
في شأن الراوي والمروي
والتي إليها يعود (علم أصول الحديث).
وتقرير حقيقة البناء العقلي
لهذا العلم يتجلى في كون المحدثين
قد رَاعَوْ العقل في قبول الحديث وتصحيحه في أربعة مواطن
كما يقول العلامة الناقد عبدالرحمن المعلِّمي اليماني" .
انتهى من "أثر علم أصول الحديث في تشكيل العقل المسلم" (ص19) .
ويقول الدكتور عبد الله ضيف الله الرحيلي:
" الضوابط العلمية للتّثبت في الرواية عندنا نحن المسلمين
-كما هي الحال في منهج المحدثين-
ليستْ مستندة للإيمان بالغيب
بحيث يكون ضابطاً من ضوابط تثبيت الرواية أو تزييفها
بل هي ضوابط عقلية تستند إلى العقل
وإلى القضايا التاريخية الثابتة
ومقارنةِ الروايات وعَرْضها على بعضها
أو على سواها مما رآه المحدثون ضابطاً
أو دليلاً على صحة الرواية.
وهذه الضوابط بهذا الوصف تُعَدُّ عقليةً فطرية يشترك البشر
-غالباً- في إدراكها وقبولها، بغض النظر عن أديانهم واتجاهاتهم
فالخبر بالسند المنقطع مثلاً تشترك العقول السليمة
في الشك فيه أو عدم التسليم به من هذا الوجه
وذلك لعدم وجود الناقِل المتصل بمصْدر الخبر
وإذا لم يتوفر هذا الناقل فكيف يتصور العلم بالخبر؟!
إن العقول البشرية تُفَرِّق بين الخبر من جهة
وبين التوقع والظن من جهة أخرى.
ومن هنا لا يَرِد التساؤل القائل
أي منهج علميّ يستند إليه منهج المحدثين
في التثبت من صحة الرواية؟
هل هو ذاك المنهج العلمانيّ المُنْطَلَق
أم الإيماني المُنْطَلَق؟
ذلك أن عنصر الإيمان بالغيب في منهجنا لم يتدخل
في مقاييس قبول الرواية وردها -من هذه الحيثية-
وإن كانت مقاييسنا لا تنافي الإيمان بالغيب بل تُثْبته
لكن هذا الجانب من منهج المحدثين متعلِّقٌ بجانب الرواية
وليس بالرأي والاعتقاد وعلْم الغيب"
انتهى من "حوار حول منهج المحدثين
في نقد الروايات سندا ومتنا" (ص12-13)
والله أعلم.
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir