عزيف
2020-04-22, 19:09
قبل سنوات ،في ايام الصيف –حين كان هناك صيف يحترم حرارته –وفي زمن ندرت فيه المكيفات، كانت المراوح الاداة الوحيدة لتخفيف وطأة الحر وتلطيف الاجواء في معظم البيوت ، مراوح وكأنها صنعت لتجفيف الاجساد لا تبريدها بينما تعزف ذاك اللحن الرتيب الذي يجعلك تعتقد انك تقضي قيلولتك قرب محول جهد عالي وليس في منزلك .تلك هي المعاناة التي كنت اجدها وقت الظهيرة حين ادرك ان النوم قد طار ولن استطيع اليه سبيلا ،فانقلب على ظهري واحدق بالسقف والجدران المحيطة التي لا يضيئها الا بعض النور المتسرب من بين الستائر الثقيلة المرخاة.نور كاف لارى بوضوح وما كنت اراه كان عجيبا وجميلا في آن معا:ففي لحظة تتحول تلك الاشكال المبهمة في الجدران المصمتة الكئيبة الى عوالم حية تملؤها الحركة وتتماوج فيها المشاعر في مشاهد ملحمية تكاد تضاهي في جماليتها لوحات كبار الرسامين.
شخوص بشرية،وحوش اسطورية وكائنات خرافية تتجلى امامي بتفاصيل دقيقة تصل الى حد تجسيد الظلال والضوء (حتى اني تعلمت ذات مرة طرق الرسم منها )،كلها هناك تنتظر مني ان اشبكها معا في حكاية واحدة اسردها لاشعوريا قبل ان تسحبني فصولها الى عالم الاحلام فاغفو دون ان ادرك ذلك.
ليست تلك هي اللحظات الوحيدة التي كنت اضفي فيها على الجوامد شيئا من الحياة او" معنى ما " ففي كل فرصة ،كنت امارس الامر كهواية مسلية اختار فيها الصور الافضل من بين كل الخيالات التي امكنني صنعها ثم اعَلَّمها كأيقونة لذلك المكان،لعبة من ايام طفولتي اصبغتها بالسرية لاني كنت ارى حينها انها اسخف من ان اشاركها احدا غيري ،لكن مالم اعرفه في ذلك الوقت هو ان معظم البشر كانوا يشاركونني ذات المقدرة وانها ظاهرة انسانية معروفة وتملك اسما ايضا–اغريقي الاصل كالعادة– ببساطة كانت تلك مجرد " باريدوليا pareidolia"
الباريدوليا او الاستسقاط البصري (السمعي ايضا) هو ميل لتفسير حوافز او منبهات غامضة كأنها مألوفة للمشاهد ،تماما مثلما نفعل حين نرى وجها في الغمام او في القمر باعتبارهما اكثر مظاهر الباريدوليا شهرة وانتشارا ، شيء طبيعي يحدث دوريا للكثيرين مالم يصاحبه اعتقاد متطرف بان ذلك حقيقي وخلفه معنى خفي اما ان اصبح ذلك الاعتقاد جامحا ،فالمصحة تناديك !
لن اخوض في مايسبب الباريدوليا او ما يجعلها خاصية بشرية مفيدة او حالة تنذر بخطر ما ،بل سأكتفي بالقول انها شيء يظهر محدودية البشر في الادراك المطلق للحقائق بنفس القدر الذي يجعلهم مدهشين بذات هذا الادراك القاصر.
شاكرة لكل من سيشرف متصفحي +تقييم
شخوص بشرية،وحوش اسطورية وكائنات خرافية تتجلى امامي بتفاصيل دقيقة تصل الى حد تجسيد الظلال والضوء (حتى اني تعلمت ذات مرة طرق الرسم منها )،كلها هناك تنتظر مني ان اشبكها معا في حكاية واحدة اسردها لاشعوريا قبل ان تسحبني فصولها الى عالم الاحلام فاغفو دون ان ادرك ذلك.
ليست تلك هي اللحظات الوحيدة التي كنت اضفي فيها على الجوامد شيئا من الحياة او" معنى ما " ففي كل فرصة ،كنت امارس الامر كهواية مسلية اختار فيها الصور الافضل من بين كل الخيالات التي امكنني صنعها ثم اعَلَّمها كأيقونة لذلك المكان،لعبة من ايام طفولتي اصبغتها بالسرية لاني كنت ارى حينها انها اسخف من ان اشاركها احدا غيري ،لكن مالم اعرفه في ذلك الوقت هو ان معظم البشر كانوا يشاركونني ذات المقدرة وانها ظاهرة انسانية معروفة وتملك اسما ايضا–اغريقي الاصل كالعادة– ببساطة كانت تلك مجرد " باريدوليا pareidolia"
الباريدوليا او الاستسقاط البصري (السمعي ايضا) هو ميل لتفسير حوافز او منبهات غامضة كأنها مألوفة للمشاهد ،تماما مثلما نفعل حين نرى وجها في الغمام او في القمر باعتبارهما اكثر مظاهر الباريدوليا شهرة وانتشارا ، شيء طبيعي يحدث دوريا للكثيرين مالم يصاحبه اعتقاد متطرف بان ذلك حقيقي وخلفه معنى خفي اما ان اصبح ذلك الاعتقاد جامحا ،فالمصحة تناديك !
لن اخوض في مايسبب الباريدوليا او ما يجعلها خاصية بشرية مفيدة او حالة تنذر بخطر ما ،بل سأكتفي بالقول انها شيء يظهر محدودية البشر في الادراك المطلق للحقائق بنفس القدر الذي يجعلهم مدهشين بذات هذا الادراك القاصر.
شاكرة لكل من سيشرف متصفحي +تقييم